لقد تم تعميم النموذج الذي أنا عليه، وحين خرجت من الغرفة رأيتُ نسخاً كثيرة تتحدث عن العزلة، وعن الهلع من كثافة حضور الآخرين، بشر كثيرون يوجعهم انعكاس ظلهم على أرضية الطريق، بشر كثيرون توجعهم بقايا القهوة في الكوب، بشر يلتفتون لأي شيء عابر في المشهد الأساسي.
لقد تم تعميم النموذج، وحين خرجتُ من الغرفة رأيتُ نسخاً كثيرة تتحدث عن الكتابة كما لو كانت جرحاً، بشر يتحدثون عن ذاكرتهم أكثر مما يتحدثون عن ذكرياتهم، بشر لا يمكنهم أن يكونوا في الآن بشكل كامل.
لقد تم تعميم النموذج، خريطة الكآبة التي ثبتتني في كتاب الوجود بإحكام، المرض الذي أخذني للحبُّ أحياناً وللشِعر دائماً، لكني غير قادرة على الدخول إلى المصنع لاكتساب السمات الجديدة التي تم إضافتها للنموذج السابق سنةً بعد سنة، والتي ستتيح لي التقاط صوراً للكتب التي أقرأ، إقامة حفل تدشين لروحي المتآكلة من قلق مزمن، إخبار العالم عن مكاني في الأمس والآن وغدا.
أنا النموذج المطوّر عن نموذجٍ آخر كان متصدراً لمشهد الحياة قبل عشرين سنة من الآن، والنموذج السابق الذي كان متصدراً لمشهد الحياة قبل عشر سنوات من الآن، النموذج الذي يحاولون اليوم صنع نسخاً مطوّرة عنه..يلزمني أن أتوقف عن سماع عبدالحليم، ألتقط صوراً للكتب التي أقرأ، صوراً لأنا وأنا الأخرى في بيت اليابانيين الذي أزوره باستمرار، صوراً للنبتة الأنيقة على مكتبي، يلزمني أن أتحدث عن المحبة بمنطق المستهلك، وعن الأصدقاء كعدد في السوشيال ميديا، تلزمني مقولات في مديح القهوة، واقتباسات عن هواجس الكتابة والقلق الوجودي، يلزمني أن أعيش الفرح بطريقة ممسرحة، حتى أتحوّل مرةً أخرى لنموذج مطوّر عن نموذجٍ سابق يظن نفسه الأصل.