مرة سيسقط العطر
يسقط
على الأرض
على الزمن
في المكان الفاصل بين اللحظة واللحظة
ستغدو الجاذبية آخر حدث
..
في الغرفةِ التي أردتُ لها أن تكون شجرة
قرب السرير الذي حولته للوحة مونليزا
يتضح أن خرافاتي كثيرة
أشذبها كل يوم
نصفه أضعه في مزهرية
ونصف أُعلقه بفمي.
الآن
في ساعة مفتوحة الذراعين
في يوم مكرر كغلطة فيلم سينمائي
لا رغبة لديّ في تلوين أي شيء
لا فمي المُمزق
ولا ورد أبيض يذبل في مزهرتي
العام الثلاثون
كل شيء على حاله
خفيفياً وغامضاً
واضحاً وجارح
أفتح عيني على التفاصيل
العينان الواسعتان كفراغ
الضمير المرتبك
والعلبة المعدنية التي أسميها قلبي
بقع كثيرة
وشوشة
و ملاءات بيضاء
في المكان الذي أُسمّيه
خلف الكواليس تماماً
أهربُ بعيداً
أسقط في الفراغ
أمد يدي
فتتلقفني يدي
أغمض فأرى كل شيء
الملاءات البيضاء كنهر جارف
لا يخطأني شيء
كل شيء ينال مني
ولا أبدي أي مقاومة
ولا أتألم مجرد ألم
ولا أقلق مجرد قلق
هادئة
ومستسلمة
لايزال بإمكاني أن أبتسم
أقصد أن أُزيل الطحالب عن وجهي
وأرفع عينيّ للضوء الأصفر في بداية كل صباح غريب ومبتور
العام الثلاثون
لا أفكر أن أصرخ
ليُنقذني أحد!
أن ألوّح بغصن مُبتل ألمحه يغور معي في عمق النهر
ليبصرني أحد.
العام الثلاثون
أكتفي فقط بتذكر لحظة الغُربة
في البيت الذي ولِدتُ فيه ذات ظهيرة باردة من شهر ديسمبر
عندما كانت أظافري مُزْرقة
شَعري مُنسدلا كريش
وأمي لاتعرف ما إذا كانت ستحبني
اللحظة الأولى التي كتبتُ فيها
كلاماً صغيراً تتدلى منه زهور بريّة
أتذكر اليوم القديم
قبل 1215 يوماً
حين أفقتُ من نومي ومشيت
نحو مكان غريب لا أعرفه
من أجل أشياء بسيطة
مثل وردة بيضاء
كلام مُرتبك
أو حُبّ
فجأة
وأمي تغني أغنيتها القديمة..
اكتشفتُ
إني غرقتُ تماماً
كمن يسحب الهواء لصدره في لحظة موت
فشلتُ في فهم نفسي
في إيجاد مبررات لأخطائي
لكن كل شيء كان قد انتهى
عرفتُ
أو لم أعرف.
العام الثلاثون
و كما أفيق من قيلولتي القديمة أيام المراهقة
فأبصر كل شيء أخضر وضبابي
أفقتُ اليوم
من البداية بدأتُ
من منتصفها
من طرفها الهادىء
من الهوس
والخوف
والتردد
من كل هذه البدايات.
في الواقع وضعت علامات لكل شيء
ريشة طاووس في صفحة الكتاب الذي لم أكمل قراءته حين كنت في العشرين
ظل بيتنا على جدران بيوتٍ أخرى
اسمي بألوانه المختلفة ومعناه الوحيد
علامات أخرى لأتذكر بها
الصباح
الحنين
الأشياء الرمادية.
لكني اليوم
لم أتمكن من معرفة شيء
كل الأشياء أسميتها مرتين
لم أفكر ما الذي سأفعله
ما الذي ينقصني
...
الأحداث منتهية تقريباً
وانا أستبدل كل فعل متوقف عن الحدوث بفعل آخر.
هذا آخر حدث
في عامي الثلاثين
وماكنتُ عليه ليس هو ما كنتُ عليه
حيثُ الصباح بقايا أيام قديمة
أفردها واحدا واحد
لأتبين اليوم الجديد.
فبراير 2011 22