حركة نحو الضوء
فرجينيا وولف، الكاتبة الإنجليزية الشهيرة، أنجزت روايتها الرابعة "مسز دالاوي" في ريشموند، البلدة التي انتقلت إليها مع زوجها في بداية الحرب العالمية الأولى بعد أن تعرضت لحالات من الاضطراب الذهني في لندن. غير أن الحياة الرتيبة والفاترة التي عاشتها في البلدة أدت بها إلى حالة من الاختلال النفسي حيث سيطر عليها جو خانق من الكآبة والأسى والوجع الذهني.
في 1925، السنة التي نشرت فيها الرواية، عادت فرجينيا وولف مع زوجها إلى العاصمة، وهناك أنتجت عددا من الأعمال الأدبية الهامة مثل: إلى المنارة، أورلاندو، حجرة خاصة، الأمواج، بين الأفعال. وفي العام 1941، نتيجة اضطراب عقلي حاد، رمت نفسها في النهر لتنتحر غرقاً وهي في التاسعة والخمسين من العمر.
السينما أبدت اهتماماً بعوالم فرجينيا وولف (التي كانت ترى بأن المرأة لن تجد الصوت الخاص بها إلا بعد أن تحرز الاستقلال الاقتصادي) وحوّلت عددا من رواياتها إلى الشاشة: المخرجة سالي بوتر حققت " أورلاندو" في 1992، والمخرجة مارلين جوريس قدمت "جولفن" في 1982 و"مسز دالاوي" في 1997، والمخرجة الدنمركية آنيت بون حققت "الأمواج".
تجدر الإشارة هنا إلى أن "الساعات" كان العنوان السابق والمؤقت لرواية "مسز دالاوي".. هذه الرواية التي تستغرق أو تمتد زمنياً يوماً واحداً في حياة الشخصية الرئيسية "كلاريسا" التي هي إحدى سيدات المجتمع في لندن، والمتزوجة من رجل دبلوماسي محافظ. وفيما هي تشرف على إعداد حفلة خاصة، تجتاحها ذكريات مؤلمة عن علاقات عاطفية سابقة اختبرتها مع رجل ومع امرأة.
انطلاقاً من هذه الرواية ومن التجربة النفسية التي عاشتها فرجينيا وولف أثناء كتابة هذا العمل، قام الكاتب الأمريكي مايكل كننجهام بتأليف روايته "الساعات" – الحائزة على جائزة بوليتزر في العام 1999- مشبّها ذلك بما يحدث في مجال الموسيقى من ارتجال، قائلا:
"مثلما يفعل مؤلف موسيقى الجاز عندما يرتجل انطلاقاً من قطعة موسيقية قديمة وعظيمة، فإنني في هذه الرواية فعلت الشيء ذاته من أجل توجيه تحية تقدير وإجلال إلى العمل الأصلي، ومن أجل أن أتحرك بحرية معه، أن أفهمه على نحو أفضل، وأن أخلق شيئا جديدا من تلك القطعة الفنية التي سبق أن حققت وجودها".
مايكل كننجهام (هو الآن في الخمسين من عمره) لم يعرف النجاح إلا في وقت متأخر، فقد أنهى روايته الأولى "حالات ذهبية" وهو في الثلاثين من عمره، ورغم أنها لفتت أنظار بعض النقاد إلا أنها لم تلق رواجا. بعد ذلك أصدر ثلاث روايات أخرى قبل أن ينجز هذه الرواية التي حققت له النجاح، والتي تعد من نتاجات ما بعد الحداثة، مثلما كانت رواية فرجينيا وولف الأصلية "مسز دالاوي" – التي استوحى منها كننجهام الشخصيات وعددا من الأحداث - تعتبر في زمنها حدثاً.
ويعبّر كننجهام عن افتتانه برواية فرجينيا وولف في قوله:
"رواية مسز دالاوي جعلتني أفهم ما يستطيع الكتاب أن يفعله. كنت أعتقد أن الكتب أشياء صغيرة، حزينة ومغبرّة، والتي تسكن هناك.. على أرفف المكتبة المعتمة. لكن هذه الرواية انبعثت إلى الحياة من أجلي وبطريقة غيّرت كياني إلى الأبد".
* *
لقد قيل عن رواية "الساعات" أنها من الأعمال التي يصعب تحويلها إلى الشاشة (حسب تقدير المؤلف نفسه أيضا) وذلك بسبب تعددية وجهات النظر التي تحتويها الرواية، والاستخدام الموسّع لتيار الوعي، والبناء المركـّب، والانتقالات الزمنية السريعة، والثيمات الدرامية ذات الطابع المأساوي.
لكن لكاتب السيناريو، ديفيد هير، وهو كاتب مسرحي بريطاني ومخرج سينمائي، رأي مخالف تماما، إذ يقول:
"إن أكثر ما سبّب لي قلقاً واضطراباً هو أنني كنت الشخص الوحيد الذي لم ير أية صعوبة أو مشقة في مسألة تحويل هذه الرواية إلى الشاشة. فالرواية بدت لي سينمائية إلى حد بعيد، إذ لديك هنا ثلاث قصص ولا تعرف كيف سوف تتزاوج وتتصل ببعضها، لكن على مهل وفيما العمل يتقدم ويأخذ سبيله إلى الإنجاز، تبدأ في فهم الكيفية التي بها سوف تترابط هذه القصص".
أما عن البناء الثلاثي المركـّب، فيقول كاتب السيناريو:
"ما هو رائع بشأن البناء الثلاثي أنك لا تعرف أبداً إلى أين تمضي في المرّة التالية. الصعوبة تكمن في أنك لا ترغب، في أية حالة، أن تخبر الجمهور بالأحداث. من جهةٍ، لا ينبغي أن تربك الجمهور وتشوّشه. من جهة أخرى، لا يجب أن تدع الجمهور يسبقك".
لهذا السبب نحن لا ندرك العلاقة التي تربط بين شخصية الأم (لورا) والشاعر المصاب بالإيدز إلا في النهاية عندما يتضح أنه ابنها.
والكاتب مايكل كننجهام كان واعياً لاختلاف الوسطين – الرواية والفيلم - بالتالي لم يعلن عن احتجاجه أو تذمره من عملية التحويل وما يستدعيه من تغييرات واختزالات وإضافات..يقول كننجهام:
"أنا لا أنظر إلى النص الأدبي بوصفه نصاً مقدساً.. كما يفعل العديد من كتّاب الأدب. إذا أنت راغب في التعاون مع أولئك الذين يريدون تحويل نصك إلى الشاشة، فعليك عندئذ أن تسلـّمهم النص وتقول لهم: هيا، أدهشوني".
* *
ثلاث نساء منفصلات عن بعضهن البعض زمنياً ومكانياً، لكن ملتحمات في التجربة وعذاب البحث عن هوية خاصة، حيث تجتاز كل منهن يوماً واحداً من الأزمة الذاتية ومن التحوّل.. فاليوم الذي تعيشه الكاتبة فرجينيا وولف ، التي تنتابها الهواجس والاضطرابات الذهنية، يتداخل – هذا اليوم - أو يتناسج مع يوم في حياة امرأتين (لورا و كلاريسا) تعيشان واقعين آخرين وزمنين مختلفين.
1941..فرجينيا وولف (نيكول كيدمان) تخرج من بيتها وتتجه إلى النهر. عند الضفة تملأ جيوب معطفها بالحجارة ثم تخوض في المياه.
1923.. فلاش باك. فرجينيا وولف تقيم في ريشموند مع زوجها. وهي في غمرة المعاناة من الوحدة والكآبة، تباشر في كتابة رواية جديدة سوف تحمل عنوان "مسز دالاوي".
1951.. لوس أنجلس. لورا براون (جوليان مور) ربة منزل، حبلى ومغمورة بالكآبة. منطوية على نفسها ولا تفصح عن مشاعرها ورغباتها. هي تهرب من محيطها، العائلي والاجتماعي، الخانق بالانغماس في عالم رواية فرجينيا وولف "مسز دالاوي". وفي آخر النهار تقرر الانتحار في غرفة فندق، غير أنها تتراجع عن الفكرة وتعود إلى زوجها وابنها ريتشي.. لكن نعلم في ما بعد أن عودتها كانت مؤقتة، إذ تهجرهما وترحل إلى منطقة أخرى.
2001.. نيويورك. كلاريسا فوجن (ميريل ستريب) ناشرة كتب. تشرف على ترتيب حفلة سوف تقام على شرف صديقها ريتشارد الذي حاز لتوه على جائزة هامة في الشعر، والذي يحب أن يسميها "مسز دالاوي". أما هو، الشاعر المصاب بالإيدز، فإنه ينتحر برمي نفسه من نافذة شقته لنكتشف بأنه ابن لورا (ريتشي) التي تأتي لزيارة كلاريسا وتتحدث إليها عن السبب الذي جعلها تهجر أسرتها: لم يكن أمامها خيار آخر.. "كان ذلك الموت، وقد اخترت الحياة".
1941.. عودة إلى فرجينيا وولف، كما في بداية الفيلم، حيث نراها تنتحر غرقا.
* *
كل من الشخصيات الرئيسية الثلاث تتصل بواقعها ومحيطها ضمن علاقة هشّة وواهية تقريبا، وبالكاد هي قادرة على التكيّف مع المتطلبات الزوجية والحياتية، والامتثال لما يمليه الواقع. إنها تجد لدى الآخرين الحب والشغف والعناية، لكن يبدو أن ذلك وحده لا يكفي.
ثمة حاجة إلى اتصال أعمق بالذات وبالآخر، إلى نوع من الحرية الداخلية والخارجية قد يصعب تحديدها.. ربما لهذا السبب تشعر الشخصيات بتعاسة عميقة، بعدم رضا، بالوحدة والضجر، برغبة يصعب كبحها للانعتاق والانطلاق.. وربما هناك أسباب أخرى، فالفيلم يترك مثل هذه الأمور في حالة غامضة، ملغزة، كما لو على نحو متعمد. فالفيلم لا يشرح كثيراً، لا يفسر كثيراً. بمعنى آخر، لا يتعامل الفيلم مع متفرج يحتاج أن يفهم في كل مشهد، بل أنه يخترق حواس المتفرج ومشاعره بفطنة واحترام.
المخرج ستيفن دالدري يتجنب استخدام الراوي في توضيح الانتقالات في الأمكنة والأزمنة والمشاعر. عوضاً عن ذلك، يعتمد كتابة التواريخ، وعلى نحو أعمق، يعتمد على وسائل بصرية في توصيل الطريقة التي بها هذه الحيوات الثلاث تتناغم في ما بينها وتصدّي بعضها البعض.. فمع تنقلات السرد من خلال الومضات (الفلاش) الارتجاعية أو الأمامية عبر الأزمنة وتداخلها، نجد لقطات متماثلة، أو بالأحرى متناغمة، حيث كل امرأة – بالتناوب - تقوم بالحركة ذاتها: الاعتناء بالشَعر، الرقاد وحيدة على السرير، تقبيل امرأة أخرى، الحديث عن الزهور.
المخرج ستيفن يمتلك خبرة مسرحية لكنه في مجال السينما لم يحقق غير فيلم "بيلي إيليوت" سنة 2000. في حديثه عن تجربته مع "الساعات" يقول:
"هذا ليس فيلما يتخلـّق في غرفة المونتاج. كنا – أنا وكاتب السيناريو ديفيد هير - نعرف سلفاً كيف ستبدو القصص الثلاث مترابطة فكرياً وعاطفياً قبل المباشرة بتصويرها. أحيانا كنا نعرف كيف سوف ننتقل من قصة إلى أخرى".
قد تبدو مادة الفيلم، بالنسبة للبعض، مأساوية وكئيبة ومثيرة للشجن نظراً لهيمنة ثيمة الموت، ولما تكابده الشخصيات من حزن وإحباط وخيبة أمل، وما تختبره من معاناة حادة.. غير أن المخرج يبدي ملاحظة مغايرة في قوله:
"هذا ليس فيلماً عن الكآبة والإحباط. إنه عن أفراد يناضلون من أجل إيجاد فرصة مناسبة للسعادة. ذلك ليس خياراً سهلاً، لكنهم ينجحون في التحرك نحو الضوء، نحو التغيير. آمل في النهاية ألا يكون الفيلم وجدانياً ومفرطاً في العاطفية، بل أن يخرج المتفرج وقد تطـّهرت مشاعره".
ويضيف المخرج قائلا:
" هذه القصص تتحدث إليّ مباشرة. ثيمات الوقوع في الشَرَك، والأسى المتراكم، وتلك الحاجة الحقيقية – في مرحلة معينة من حياتك- إلى إعادة اكتشاف ذاتك.. مثل هذه الثيمات تخاطب الجمهور من الرجال والنساء على حد سواء".
"الساعات" فيلم مؤثر، غني، قوي في أدائه وإخراجه وتأليفه.
ترجمة: أمين صالح
أصوات من.. "الساعات"
(في ما يلي منتخبات من كلمات وحوارات بين شخصيات فيلم "الساعات"، تضيء جوانب من طبيعة وأعماق الشخصيات):
فرجينيا وولف
- أيها الحبيب، أنا على يقين بأنني سوف أجنّ ثانية. أشعر أننا سوف لن نكون قادرين على اجتياز تلك الأوقات الرهيبة مرّة أخرى، وأشعر أنني، هذه المرّة، سوف لن أستعيد عافيتي. صرت أسمع أصواتاً، ولم أعد قادرة على التركيز. لذا سوف أقوم بما يتوجّب عليّ فعله وما يبدو لي أنه الأفضل لكلينا. لقد وهبتني الكثير من السعادة، وكنتَ لي كل ما تتمناه المرأة من زوجها. أعرف أني أفسد حياتك، وبدوني تقدر أن تعمل على نحو أفضل. أعلم هذا. كما ترى، لا أستطيع حتى أن أكتب هذه الرسالة على نحو لائق وسليم. ما أريد أن أقوله هو أني مدينة لك بكل السعادة التي شعرتها في حياتي. لقد كنتَ معي حليماً جداً وطيباً للغاية. الآن لا أملك شيئا غير اليقين بطيبتك. لذلك لم أعد قادرة على الاستمرار في إفساد حياتك. لا أظن أن أحداً كان أسعد منا.
- ليونارد، أعتقد أنني عثرت على الجملة الأولى..
- مسز دالاوي قالت بأنها سوف تشتري الزهور بنفسها.
- حياة امرأة بأسرها في يوم واحد. يوم واحد فقط. وفي ذلك اليوم.. حياتها كلها.
- إنه في هذا اليوم. هذا اليوم من كل الأيام. قَدَرها يصبح جلياً ورائقاً أمامها.
- أقول، يا فانيسا، حتى المجانين يودون لو يُؤخذ رأيهم، لو يطلب أحدٌ رأيهم.
- هل كان يهم، آنذاك؟.. سألت نفسها، فيما كانت تسير نحو بوند ستريت. هل كان يهم أحداً أن تكفّ على نحو محتوم، تماماً. كل هذا يجب أن يستمر بدونها. هل كانت تستاء من ذلك؟ أ وَ لَمْ يصبح معزيّاً الاعتقاد بأن الموت ينتهي تماماً وعلى نحو قاطع؟.. أمر ممكن أن يموت الموت.. ممكن أن يموت.
- أنا جاحدة؟ تعتبرني جاحدة؟.. حياتي سُـلبت مني. أنا أعيش في بلدةٍ لا أرغب أن أعيش فيها. أعيش حياةً لا أرغب أن أعيشها.. كيف حدث هذا؟
- إذا كنت أتأمل بصفاء، يا ليونارد، فسوف أخبرك بأنني أتصارع بمفردي في الظلام، في الظلام العميق. ووحدي فقط أقدر أن أعرف، وحدي أقدر أن أفهم حالتي. أنت تعيش مع التهديد. تقول لي أنك تعيش مع التهديد بانطفائي. يا ليونارد، أنا أيضا أعيش معه. هذا هو حقي. إنه حق كل كائن بشري. أنا لم أختر المخدّر الخانق الذي توفره الضواحي بل اخترت ما تخلقه العاصمة من رجّة عنيفة. ذلك هو اختياري. أكثر المرضى اعتلالاً، نعم، حتى الأكثر وهناً، مسموح لهم إبداء رأيهم في الوصفة الطبية التي تُصرف لهم. هكذا تتحدد الطبيعة البشرية. أنا أتمنى، إكراماً لك يا ليونارد، أن أكون سعيدة في هذا السكون. لكن إذا كان الخيار بين بلدة ريشموند والموت، فسوف أختار الموت.
- لن تستطيع، يا ليونارد، أن تجد الأمن والطمأنينة بتجنب الحياة.
- شخص ما ينبغي أن يموت لكي يتسنى للبقية منا أن يقدّروا ويثمّنوا الحياة أكثر. إنه التباين.
- عزيزي ليونارد. أن تنظر وجهاً لوجه. أن تنظر دائماً إلى الحياة وجهاً لوجه، ولتعرفها على حقيقتها. أن تعرفها أخيراً. أن تحبها لما تكونه، كما هي، وبعد ذلك، تبعدها عنك. يا ليونارد، دوما السنوات بيننا، دوماً السنوات. دوماً الحب. دوماً الساعات.
لورا براون
- آه، سوف أعد كعكة. ذلك ما سوف أفعله. سوف أعد كعكة من أجل عيد ميلاد أبيك.
- هذا واضح، إنك تشعرين بالتفاهة. يعطيك هذا الإحساس بأنك غير جديرة. وأنت تبقين على قيد الحياة بينما هم لا يبقون.
- هذا الكتاب عن امرأة استثنائية.. حسناً، هي مضيفة، وهي واثقة من نفسها على نحو لا يصدّق. وهي تعتزم إقامة حفلة في بيتها. ربما لأنها واثقة من نفسها، يظن الآخرون أنها في حالة ممتازة.. لكنها ليست كذلك.
- هناك أوقات تشعرين فيها بعدم الانتماء، وتعتقدين أنك سوف تقتلين نفسك. ذات مرّة استأجرت غرفة فندق. لاحقاً، تلك الليلة، رسمت لنفسي هدفاً. الهدف هو أن أهجر أسرتي بعد أن ألد طفلي الثاني. وهذا ما فعلته. استيقظت ذات صباح، أعددت الفطور، ذهبت إلى موقف للباصات، وصعدت إلى الباص.
كنت قد تركت رسالة قصيرة. لقد حصلت على وظيفة في مكتبة عامة في كندا.
سيكون رائعاً الاعتراف بالأسف والندم على فعل ذلك. سيكون سهلاً ومريحاً. لكن ما الذي يعنيه ذلك؟ ما معنى أن تعتذري وتندمي، عندما لا يكون لديك أي خيار؟
إنه يتصل بما تستطيعين احتماله. تلك هي المسألة. لا أحد سوف يصفح عني.
ذاك كان الموت. أنا اخترت الحياة.
كلاريسا فون
- سالي، أعتقد أنني سوف أشتري الزهور بنفسي.
- ذلك هو ما نفعله. ذلك هو ما يفعله الناس. إنهم يبقون على قيد الحياة من أجل بعضهم البعض.
- لم كل شيء يسير على نحو خاطئ؟
- عندما أكون معه أشعر... نعم، أشعر إني حيّة. وعندما لا أكون معه.. نعم، كل شيء يبدو ضرباً من السخف.
- أذكر أني ذات نهار، صحوت فجراً. كان ثمة إحساس بأنه أمر ممكن. وأذكر أني قلت لنفسي، هذه هي بداية السعادة. من هنا هي تبدأ. وبالطبع سيكون هناك دوماً المزيد. وأبداً لم يخطر لي أنها لم تكن البداية.. كانت السعادة، هناك، في تلك اللحظة.. فحسب.
رتشارد براون
- أوه، مسز دالاوي.. دائماً تقيمين الحفلات لحجب الصمت.
- أردت أن أكون كاتباً. ذلك كل شيء. أردت أن أكتب عن كل شيء. كل ما يحدث في لحظة معينة. الطريقة التي بها تبدو الزهور عندما تحملينها بين ذراعيك. هذه المنشفة، رائحتها، ملمسها. هذا الخيط. كل مشاعرنا.. أنا وأنت. تاريخ كل شيء.. كل شيء في العالم. كل ما هو مختلط، كما الحال الآن. لكنني أخفقت. أخفقت. أياً كان هذا الذي تبدأين به، سوف ينتهي وهو أقل بكثير مما توقعت. محض غرور وحماقة.
- هل ستغضبين لو متُ؟..
- انتظري فقط حتى أموت. عندئذ، يتعيّن عليك أن تفكري في نفسك. كيف سيكون الأمر؟
- لا يزال يتعيّن عليّ أن أواجه الساعات، أليس كذلك؟.. أعني، الساعات بعد الحفلة، والساعات التي بعدها.
- لقد بقيت حياً لأجلك. لكن الآن يجب أن تدعيني أرحل.
آخرون
- كيتي: "طوال حياتي كان بإمكاني أن أفعل كل شيء. بإمكاني أن أفعل أي شيء.. حقاً.. باستثناء الشيء الذي أردته."
- فانيسا: "خالتك امرأة محظوظة جداً يا أنجليكا. إنها تعيش حياتين.. تلك التي تحياها، وتلك التي تكتبها."
- جوليا: "هم هنا جميعا، أليس كذلك؟ كل الأشباح.. كل الأشباح مجتمعة لأجل الحفلة."
الساعات..
الكتابة والموسيقى
الروائي الأمريكي مايكل كننجهام، مؤلف "الساعات"، يتحدث هنا عن الكتابة والموسيقى، عن فرجينيا وولف وفيليب جلاس الذي ألّف الموسيقى لفيلم "الساعات":
أقصر وأبسط إجابة أقدر أن أقدمها عندما يسألونني عن سبب اختياري لكتابة الرواية هي أنني لا أستطيع أن أغني أو أعزف على آلة موسيقية أو أؤلف سوناتا.
أنا لا أقصد توجيه أية إهانة إلى الأدب، لكن لو ظهر أمامي فجأة كائن فضائي وطلب أن يعرف شيئاً أساسياً وجوهرياً عن سكان الأرض من خلال فن مميّز يعبّر عن البشر أكثر من أي شيء آخر، لقمت أنا بإرشاده إلى باخ وليس إلى تولستوي.
الكتابة، حتى الكتابة العظيمة، هي على نحو محتوم تكون محكومة، إلى مدى معين، باهتمام محلي وذات شأن خاص، بينما الموسيقى لا تكون كذلك.. إنها أكثر كونية. رواياتنا قد لا تكون مقروءة في كل أقطار العالم لكن ليس الموسيقى، لا أحد يشك في تغلغل الموسيقى داخل كل نفس بشرية واختراقها لكل التخوم.
نظراً لكوني عاشقاً للموسيقى لكن دون امتلاك أية موهبة في إنتاجها، فإنني أحاول التعويض عن ذلك بالاستماع إلى الموسيقى كل صباح تقريباً قبل الشروع في الكتابة، لكي أستمر في تذكير نفسي بأن اللغة على الصفحة يمكن أن تكون إيقاعية، نافذة ومخترقة، مثلما هي أعمال شوبيرت أو فان موريسون أو فيليب جلاس.
كل رواية كتبتها كانت قد طورت مدرجاً صوتياً من نوع ما. وثمة متن من الموسيقى ساعد، ببراعة وإن كان على نحو ملموس وصريح، في تشكيل الرواية التي نحن بصددها. لا أقدر أن أتخيّل بأن أغلب الذين قرأوا أياً من رواياتي بوسعهم أن يروا، بيسر وسهولة، صلاتها بمقطوعات معينة من الموسيقى. لكنني كنت مدركاً لفترة طويلة بأن روايتي "منزل في نهاية العالم" قد نشأت وتطورت، إلى حدٍ ما، من مقطوعة لوري أندرسون "المعرفة الكبيرة"، ومقطوعة جوني ميتشل "أزرق"، وقدّاس الموتى لموزارت.
روايتي "لحم ودم" كانت مستوحاة من أوبرات فيردي ومقطوعة نيل يونج "بعد هجمة الذهب" ومختارات موسيقية من آل سميث ومعالجة جيف باكلي لمقطوعة ليونارد كوهن "هللويا".
روايتي "الساعات" مستمدة من شوبيرت (خصوصاً "الموت والعذراء") ومقطوعة بريان إينو "موسيقى من أجل المطارات" ومقطوعة بيتر غابرييل "شارع الرحمة".. لكن الشيء الثابت منذ أن بدأت في محاولة كتابة الرواية، هو التزامي – الذي لا أحيد عنه - بالإصغاء إلى موسيقى فيليب جلاس.
أعشق موسيقى فيليب جلاس، تقريباً، بقدر عشقي لرواية فرجينيا وولف "مسز دالاوي".. ولنفس الأسباب. فيليب جلاس، مثل فرجينيا وولف، أكثر اهتماماً بالشيء الذي يستمر ويمتد، من اهتمامه بذلك الذي يبدأ ويبلغ ذروته ثم ينتهي.
فيليب جلاس يصر، مثلما فعلت فرجينيا وولف، على أن الجمال غالباً ما يكمن في الحاضر على نحو أكثر ثباتاً وأمانة مما هو في علاقة الحاضر بالماضي أو المستقبل. إن فيليب جلاس وفرجينيا وولف كلاهما تحررا من قيد الحقل التقليدي للقصة، سواء أكانت أدبية أم موسيقية لصالح شيء أكثر تأملية، أقل دقة في التخطيط، وأكثر أمانة للحياة.
بالنسبة لي، فيليب جلاس قادر أن يجد في ثلاث نغمات موسيقية متكررة شيئاً من التدفق الغريب في الرتابة والذي يماثل التدفق الذي اكتشفته فرجينيا وولف في امرأة تدعى كلاريسا دالاوي وهي تؤدي مهمات رتيبة في صباح صيفي اعتيادي.
نحن البشر مخلوقات تكرّر نفسها. وإذا كنا نرفض تقبـّل التكرار – ونصد الفن الذي ينشد الإطراء لتراكيبه وإيقاعاته وتنويعاته الدقيقة اللانهائية - فذلك لأننا نتجاهل الكثير مما نعنيه بالحياة نفسها.
استمعت إلى موسيقى فيليب جلاس، للمرّة الأولى، عندما كنت أدرس في الكلية، بداية السبعينيات. آنذاك اشتريت نسخة من مقطوعته "آينشتاين على الشاطئ"، بعد أن كنت قد استمعت إلى مقتطفات منها عبر الإذاعة. كنت أستمع إليها المرة تلو الأخرى حتى هدّد رفيقي في السكن باستخدام العنف لإخراس هذه الموسيقى المتكررة. عندئذ تدبرت أمر الحصول على مجموعة من تلك السماعات التي تثبّت على الأذن بعصابة مشدودة إلى الرأس، وكنت أعطي واحدة لكل شخص أتمكن من إقناعه بضرورة الإصغاء إلى هذه الموسيقى.. وبفعل هذا بدأت أفهم أنني المخلوق الغريب، ضمن جموع الطلبة، الذي، مثل أغلب المخلوقات الغريبة، يظن نفسه الكائن السوي والنموذج السليم.
العديد من أولئك الذين نجحت في إغوائهم واستدراجهم إلى غرفتي بسكن الطلبة، للاستماع إلى "آينشتاين على الشاطئ" أظهروا ضيقهم وتململهم بعد عشر أو خمسة عشر دقيقة، أما القلة الذين لم يشعروا بالضجر والاستياء، أولئك الذين أحبوها مثلي، فقد تبيّن في ما بعد أنهم سيكونون من النماذج المحلية الأكثر شذوذاً وغرابة أطوار وميلاً إلى الوحدة ونزوعاً إلى الهواجس.
هذه التجربة سوف أجدها تتكرر مع رواية "مسز دالاوي" حيث أقوم بفرض نسخ منها على الآخرين كي يشغفوا بقراءتها مثلي. في أحوال كثيرة، كنت أشعر بحيرتهم وارتباكهم إزاء هذا العمل، مثلما شعرت آنذاك، ومثلما شعرت وأنا أرقب حيرتهم وارتباكهم.
عبر السنوات الثلاثين الأخيرة شهدنا انتقال فيليب جلاس من الهامش، من الظل، حيث كان يبدع دون أن يكون معروفاً إلا في نطاق ضيق، إلى المركز، إلى الضوء، حيث الاهتمام بإبداعاته.. تماماً مثلما حدث مع فرجينيا وولف في عالم الأدب، حيث تولى الزمن تحريكها ونقلها من الظل إلى الضوء.. لتكون دعامة أساسية في عالم الأدب.
كنت أقرأ كتب فرجينيا وولف، وأستمع إلى موسيقى فيليب جلاس معظم أوقات حياتي منذ أن بلغت سن الرشد. وأبداً ما شعرت بالضجر من أي منهما.
ما زلت استمع أحيانا إلى موسيقى جلاس، غالبا في الصباح الباكر، قبل الشروع في الكتابة. موسيقاه، إلى مدى معيّن، هي جزء من كل ما كتبته.
لذا، عندما علمت أنه أبدى موافقته على تأليف الموسيقى لفيلم "الساعات"، بدا لي ذلك أمراً محتوماً وإن كان خارقاً ولا يصدق. شعرت بالغبطة تغمرني وأنا أشاهد الفيلم بالموسيقى، وآلياً فكرت في إمكانية أن تساعدني هذه الموسيقى في إنهاء كتابي التالي.
الساعات..
مثل القبلة الأولى
ولد الكاتب مايكل كننجهام، مؤلف رواية "الساعات"، في سنسناتي بأوهايو. درس الأدب الإنجليزي في جامعة ستانفورد، حيث نال شهادة البكالوريا في الفنون. ومن جامعة أيوا حصل عل شهادة الماجستير في الفنون الجميلة. أثناء دراسته في الجامعة نشر عدداً من قصصه القصيرة.
من أشهر أعماله الروائية: حالات ذهبية (1984)، منزل في نهاية العالم (1990)، جسد ودم (1995)، الساعات (1998).
من حوارات معه حول روايته "الساعات"، الحائزة على جائزتي بوليتزر وقلم فولكنر، وتحولت إلى فيلم سينمائي رائع، نقتطف الإجابات التالية:
- "الساعات" قائمة على رواية الكاتبة البريطانية فرجينيا وولف "مسز دالاوي" التي توظف لغة شعرية، مكثفة جداً، للوصول إلى لب التجربة الإنسانية.
- "مسز دالاوي" هي أول رواية عظيمة قرأتها في حياتي. عثرت عليها بالصدفة عندما كنت في المرحلة الثانوية، وأنا في الخامسة عشرة من عمري.
أعتقد أن علاقة أي قارئ جاد بالكتاب العظيم الأول تشبه تماما علاقة المرء بالقبلة الأولى. بالنسبة لي، هذه الرواية كانت قبلتي الأولى التي لا يمكن نسيانها أبدا. لقد مكثت معي بطريقة لم أختبرها مع أي رواية أخرى. كان ذلك يبدو أشبه بشيء يتعيّن عليّ الكتابة عنه بالطريقة ذاتها التي تكتب بها رواية مبنية على المرة الأولى التي أحببت فيها، على تجربتك الجنسية الأولى. تلك الرواية تبدو لي أشبه بـ.. لا أدري، شيء ما كان قد حدث لي. - إصرار فرجينيا وولف على قدسية الاعتيادي والمألوف هو جزء مما أحبه بشأن كتاباتها. فرجينيا وولف جاءت من الطرف المبكر من القرن العشرين، وجوهرياً قالت من خلال مؤلفاتها أن الكتب الهامة العظيمة يمكن كتابتها عن الموضوعات الكبيرة التقليدية. هناك الحرب. هناك البحث عن الله. هذه كلها أمور هامة جدا. لكن كل ما تحتاج إلى معرفته عن الحياة الإنسانية، عن التجربة الإنسانية، يمكن أيضا إيجادها عند امرأتين كبيرتين في السن تحتسيان الشاي في زاوية من مقهى قديم وصغير في مكان ما. لو تمعنت مليّاً وعن كثب، لو نظرت إلى كل ما يحدث لأي كائن بشري، فبإمكانك أن تعثر على القصة الكاملة هناك.
- هذه هي فرجينيا وولف في اليوم الذي تخيلته في 1923 عندما بدأت في كتابة روايتها التي ستحمل عنوان "مسز دالاوي". في هذه اللحظة، ثمة احتمالات لا متناهية، ساعات كاملة تتقدمنا. عقلها يطنّ. هذا الصباح ربما تخترق التشوّش للوصول إلى الذهب. هي تستطيع أن تشعرها بداخلها، ذات ثانية لكن تفوق الوصف، بالأحرى ذات أكثر نقاوة وطهارة، وموازية. لو كانت متديّنة، لسمّتها الروح أو النفس. إنها أكثر من خلاصة فكرها وعواطفها، أكثر من خلاصة تجاربها، مع أن ذلك يجري مثل الوريد اللامع عبر الشخصيات الثلاث الرئيسية.
إنها القدرة الداخلية، تلك التي تدرك ألغاز العالم المنعشة. لكنها، فوق ذلك، مصنوعة من المادة نفسها، وعندما تكون محظوظة جدا، تكون قادرة على الكتابة عبر تلك القدرة. الكتابة في تلك المرحلة هي الإشباع الأكثر عمقاً الذي تعرفه، لكن مدخلها إلى ذلك غير محدّد سلفاً، إنه يحدث دونما إشعار. قد تلتقط قلمها وتلاحقه بيدها فيما هو يتحرك عبر الورقة. قد تلتقط قلمها وتكتشف أنها مجرد نفسها، امرأة مرتدية ثوباً منزلياً طويلاً، ممسكة بالقلم، خائفة وغير واثقة، بلا أية فكرة عما تريد أن تكتبه ومن أين تبدأ. هي تلتقط قلمها وتكتب: "مسز دالاوي قالت بأنها سوف تشتري الزهور بنفسها"، والتي ستكون الجملة الأولى في روايتها الخالدة. - في هذا الكتاب أردت أن أنظر إلى ارتفاعات وانخفاضات النبض الإبداعي، وأرى – من نواح عديدة - أن أي فعل إبداعي يكون جوهريا الفعل نفسه. هكذا لديّ من جهة، فرجينيا وولف وهي تبدأ في كتابة الرواية التي سوف تعمّر أكثر منا وتعيش إلى ما بعد زوالنا جميعاً. ومن جهة أخرى هناك ثلاث قصص متناسجة تتضمن ربّة منزل تعيش في لوس أنجلس، في نهاية الحرب العالمية الثانية، وهي تعدّ كعكة. لقد اكتشفت بأنني غير قادر أن أكتب، على نحو مقنع، عن ربّة المنزل تلك، امرأة اسمها لورا براون، إلا إذا تعاملت معها بوصفها فنانة جادة، امرأة في مطبخ بيتها تفعل شيئاً ضئيلاً لكن بجديّة تامة، محاولة إعداد الكعكة المثالية، مثلما كانت فرجينيا وولف تحاول كتابة الرواية المثالية وهي جالسة نهار ذلك اليوم من العام 1923.
لقد كنت أنظر إلى كل واحدة من هذه الشخصيات بوصفها فنانة.. بطريقتها الخاصة. وعن نفسي، أعرف أنني مهما بلغت قدرتي على فعل الكتابة، مهما أنتجت من كتب وسوّدت من أوراق، فإنني أشعر دائما بأن هناك ما هو أكبر وأعظم، مما أنجزته، يكمن في ذهني.
كنت دائما أقول لنفسي: هذه المرّة سوف أكتب كتاب الحب. هذه المرّة سوف أكتب الكتاب الذي سوف يشكـّل نهايةً لكل الكتب. بدون أوهام العظمة، لا أظن أنك تستطيع أن تفعل هذا على الإطلاق. مع ذلك، مع أوهام العظمة، هناك اللحظة المحتومة، عندما تنظر إلى ما فعلت وترى أنه مجرد كتاب.. مثل غيره من الكتب. - روايتي تسبر ضروباً مختلفة من الحب. إنها تقدم منظوراً واسعاً ورحباً عن العلاقات الإنسانية، عن الأفراد الذين يحبون بعضهم بعضاً بمختلف الطرق والنواحي.
- أشعر أننا نحتاج إلى الفن من أجل منحنا شيئاً من العزاء، شيئاً من الصحبة، في محاولة التعامل مع الجانب المعتم. في الوقت نفسه، لن أكتب أبداً رواية تشاؤمية. أعتقد أن الكتابة هي، تحديداً، فعل تفاؤلي.
- كل شخصية من الشخصيات الثلاث تجد، في آخر الأمر، طريقها إلى نوع ما من التخطي والتسامي، نوع من النهاية السعيدة، ولو أنها ربما ليست النهاية السعيدة التي حلمت بها الشخصية أو تمنتها.
- الفوز بجائزة أمر رائع. لقد شكـّلت لي رجّة. من الرائع أن تفوز بجائزة. في الوقت ذاته، أشعر أن من الغرابة وجود جائزة لأفضل كتاب بينما الكتب الأخرى لا تنال هذا الامتياز. أنظروا إلى كل الكتب الرائعة التي صدرت في العام نفسه. حقاً شعرت بالإثارة لفوز كتابي، خصوصاً هذا الكتاب، هذا الكتاب الصغير الغريب الذي لم أتخيّل، حتى في أكثر أحلامي جموحاً، أنني سوف أبيع منه أكثر من مئتي نسخة. لكن الجوائز هي إشكالية، تحتمل الجدل ويصعب البتّ فيها.