لينا شدود
(سوريا)
خرافة
محْض خرافة تدقّ إسفينها حيثما تشاء
مشرّعة أيدٍ متغضّنة في وجه
أرواحنا المتأهّبة على الفعل.
وفي الأفق جبال جليد تؤطّر الزمن.
على الأرجح هي بانتظار ما سيُخرجه لنا الكون من مجرّاته،
حينها لن تُرهبنا أنوف الساحرات، ولن
يمنعنا شيء من الفعل.
طيور هاربة على الأغلب ليست مهاجرة،
تترك وراءها فراغات تبثّ الوحشة في النفس، وتستولي
عليكَ برائحة صمغها النفّاذة،
فتلتصق الكلمات بسقف حلقكَ قبل أن يتسنّى لكَ
أن تشير إلى لمعة الأمل المتنائية.
محْض خرافة
تُربككَ بينما تمرّ بأحياء
علاقتهم مع الزمن شائكة.
ماؤهم هو ما تنضحُ به عروق ذلك الجبل الأجرد،
وزادهم حلازين تهشّمت قواقعها على المنحدرات.
كلّ المفاتيح التي كنّا نملكها قد
كُسِرَت أسنانها ونحن نعاند تعويذة ..
الأمل ..
محْض خرافة تزيد من عَداء الريح لريح أعتى،
ومن ضنك الأمل.
@
يدٌ حاذقة
أشجار معمّرة في نهاية الممشى ترمقُ
أشجار العليق المشذّبة وهي تصدر حفيفاً رهيفاً،
بينما أشجار الحور تتسامق لترى
إن كانت المحطة القريبة قد أقفرت أم بعد.
ويدكَ الحاذقة ما فتئت تحوكُ من الفروع الفتية غدائر
تتوسّد الأسيجة الواطئة كي يهنأ الضباب الزغبي
بالسخرية من ريح خاملة لا تقوى على
حمل غبار الطلع من البساتين المجاورة.
@
وهج
وفرة النور هنا تكافئ
المكان بزهور سحرية
تتفتّح وتتداعى كما اتفق من بين
عرائش اتقدت ذوائبها،
فتنسلّ متململة وقد تهشّمت تويجاتها.
الهواء مُتخم بعبقها،
هي لا ترأف بشغفنا
بل تنتظر برهاناً على أننا نحن
قبل أن تملأ صدورنا برذاذها المقدس.
ـــ حينما بوغتنا بمطر حازم
لم يكن أمامنا سوى سلال المناطيد، بعد أن كتمنا ضحكنا وتوهجنا في العتمة،
حتى لا نجلب سخط السماء وزوابع أرضنا الآهلة بالخوف.
@
وأفكّر
من فتحات الزمن أُطيل النظر إلى حصون وقلاع تبعثرت هنا وهناك، وأفكّر
أهي دلالة على الخوف أم الجبروت؟
أمطرت اليوم بشدة ، وعلى غير عادتها في مثل هذا الفصل من السنة.
أفكّر ..
هل باغت الحنين كل هذه الزهور على جانبي الطريق فانهمرت من تلقاء ذاتها!
أتلهّى عنها لألتقط فتنة عينيكَ وأنتَ تجرّب أن تدوّن شهقات النجوم.
أنبهك أن علينا أن نسرع قبل أن تنطلق صافرة النهاية.
رحلتنا قد أزفت إلى أرض لم تُكتشَف بعد.
معاً نفكّر ..
ربما تجزئة الواقع إلى صور تسهّل مهمتنا.
وأفكّر
أن كل هواجسنا قد شُذّبت بأناة لتكمن للحقيقة ؛ حقيقة وجودنا.
ثمّ، من بمقدوره أن يوقف سعار أجراس الإنذار، والنبوءات التي تحققت قسراً؟
أمسك بيدكَ لنعبر معاً رمالا متحرّكة قيل لنا أنها لا تظهر إلا بين بداية كسوف ونهايته.
فنحسب أننا لن نرى السماء من هنا إلا لمحاً وأرضا متروكة خلف ركام من الأسى، وخواء يتقصّف داخلنا، هل نحن حقاً من جهد في صنعه؟
بين متوالية خلق وهدم نخمّن أن أحدهم سيأخذ يوماً على عاتقه إفشاء أسرار كل طواطم هذا العالم.
@