صدر العدد 48 من مجلة "الغاوون" الأدبية في بيروت وقد حفل هذا العديد بمختلف المواضيع النقدية والقصائد والنصوص: "كيف تعثر على قصيدة جاهزة في كتاب نثري عادي؟" لعبد القادر الجنابي، "شعراء شاكيرا المغمورون" لمحمد الحجيري، "تشبه ورداً رجيماً" لفرج بيرقدار، "عراق السيّاب" لحيدر سعيد، "علي الجارم نموذج الشاعر القومي" لفراس الدليمي، "أقنعة الأساتذة" لشاكر لعيبي، "خمريات الشاعر الصيني لي بُو" لعبد الهادي سعدون، "محمد علاء الدين عبد المولى: اسم سوريا تُعاد كتابته بحبر نقي" حوار: يزن العبيد، "النجس" لعبود سعيد، "كتابة شخصيّة جداً في مارلين" لسليم البيك، "ذاكرة مهرَّبة بحقيبة Louis Vuitton" لراجي بطحيش، "ارتكاباتٌ مصوَّفة" لوفاء شيب الدين، "الرجل البخّاخ" لتمام التلاوي، "ثلاث قصائد للشاعر الأميركي جين تومر" ترجمة: أماني لازار، "حمّالة الصدر" لسوزان علي، "حمص... قبور تُباعد أضلاعها لنا" لميلاد ديب، "آزادينامة... إلى شهداء الثورة السورية" لهوشنك أوسي، "لا نَقدُّكَ من تراب رخيص" لحازم عبيدو، "تلفون بيت الشعر الفلسطيني" لنادر غانم، "ماذا فعلتَ يا غونتر غراس بالقصيدة" لسعيد الشيخ، "القبلةُ فاكهة العزلة" لعماد الدين موسى، "IHG ثاني أوكسيد الحنين" لبلال المصري، "أهكذا تردُّون ديونكم؟" لزينة الحلفي، "مكاشفة المعنى" لواثق غازي، "ملاك على حبل غسيل مازن معروف" لروجيه عوطة، "صحراء مليئة بالمرايا" لجان عبدالله، "صحراء لقوافل المبتدأ" لشوقي عبد الأمير، "غيابكَ الصامت والعميق كمياه خطرة" لزينب عساف، "لحظة وفاة الدكتاتور (حلقة تاسعة)" لماهر شرف الدين...
وحمل العدد خبرَ الاتفاق بين مجلتَي «Poèsie» الفرنسية الشهيرة و«الغاوون» العربية على إنجاز مشروع مشترك هو عدد خاص من مجلة «Poèsie» يتناول الربيع العربي.
موقف الغاوون
حمل موقف "الغاوون" الشهري عنوان "مثقفو المنسف"، وقد انتقدت فيه المجلة أولئك المثقفين الذين كانوا طبّالين للطاغية بالأمس وهم اليوم طبالون للثورة. وهذا نص الموقف:
«لقد حظي الأسد بحصّة الأسد من التاريخ، وأثبتت الإحصائيات والاستبيانات أنه أكثر الزعماء شعبيةً في الوطن العربي، ومن أكثرهم عالمياً»!!! هذا الكلام لم يكتبه عضو في مجلس الشعب السوري، أو رئيس أحد الفروع البعثية... بل كتبه أحد «نجوم» الثورة السورية الصحافي إياد شربجي في مجلته «شبابلك» قبل بدء الثورة السورية بأيام في مقال عنوانه «قوّة أي رئيس... شعبه»!! بالطبع ما كنّا لنفكّر بنقل مثل هذا الاقتباس التافه لولا ظهور حالة استفزازية شكَّلها تحديداً أولئك «المثقفون» و«الصحافيون» الذين كانوا حتى البارحة خدماً ومنافقين في مركب السلطة قبل أن يقفزوا إلى مركب الثورة... حيث بلمح البصر شكَّل هؤلاء - تماماً كعهدهم السابق - شبكةً إعلامية في المعارضة لتظهير «بطولاتهم»، وأسَّسوا أيضاً صفحات على «فيس بوك» خاصة بدعمهم! وأخرى عن «لوائح الشرف» وأسماؤهم في مقدّمة تلك اللوائح طبعاً! ومثلما كانوا حلقةً مقفلة في الإعلام الرسمي الذي استخدموه كرافعة لأسمائهم ولنفي الأسماء الأخرى، ها هم اليوم يُشكِّلون الحلقة المقفلة نفسها في المعارضة، فيمتدحون بعضهم، ويُروِّجون لبعضهم، ليس لتبييض صفحاتهم فقط - فهذا أمر يمكن التغاضي عنه – لكن للمزايدة على من سبقهم بسنوات طويلة إلى معارضة النظام الاستبدادي... بل واتهامه بالتخاذل!! والسبب طبعاً أن مثل هذا المثقف يُدينهم ويُحرجهم، لذلك لا بدّ من إبعاده وتحقيره بأي وسيلة كانت. تقريباً، هم ينظرون إلى الثورة كوليمة أو كمَنْسَف مثلما كانوا ينظرون إلى السلطة بالضبط. وعلى ذكر المنسف، ثمة قصة طريفة وحقيقية تُمثِّل حال هؤلاء سنرويها لكم: فقد اجتمع ذات يوم أربعة من كبار البطون على منسف عامر بلحم الضأن، فأكل كلٌّ منهم اللحم الذي أمامه، لكن الحياء وطول قطْر المنسف منعاهم من مدّ أجسامهم بشكل ظاهر لتناول اللحم الموجود في المنتصف. فما كان من أحدهم إلا أن ابتكر حيلة مضحكة وذكية لفعل ذلك. فقد مدَّ هذا الشخص نفسه بشكل فاضح وتناول اللحم من منتصف المنسف، لكنه بدل أن يأكله، أعطاه للذي بجانبه حالفاً عليه أن يأكله! فما كان من هذا الأخير إلا أن ردّ «المعروف» بأحسن منه، فمدّ يده هو الآخر إلى منتصف المنسف وتناول قطعة لحم أخرى وحلف على صاحبه بأن يأكلها! وهكذا فعل الأربعة حتى أتوا على اللحم كلّه!! أمثال هؤلاء نحبُّهم في الحياة والقرية، ثم إنهم أصحاب طرفة وخفّة دم، وحتى في السياسة لا يُثقلون على نفوسنا كثيراً لأن السياسة - للأسف - ديدنها الانتهازية والشطارة. لكن في الثقافة الأمر مختلف. فإذا كنّا على استعداد للتصفيق لأي سياسي أو مسؤول ينشقّ عن النظام الاستبدادي الآن، رغم علمنا بدوافعه الحقيقية، وعلى استعداد أن لا ننتقد مزايداته و«بطولاته» الكرتونية وكل ذلك في سبيل إنجاح الثورة... فإننا غير مستعدّين لفعل ذلك مع المثقف الذي كان ماسح أحذية لرموز النظام، أو على الأقل المثقف الذي لم تجف قشوة الحليب على فمه جرّاء مصّ ضرع النظام، فمن حقنا أن نطالبه ببعض التواضع والقليل من النقد الذاتي (حتى ولو بينه وبين نفسه)... لأن المثقف ضمير، لأن المثقف موقف، لأن المثقف حالة أخلاقية (بالمعنى الرفيع للكلمة بعيداً عن ابتذالاتها الدينية). الأرشيف الذي بين يدينا لبعض هؤلاء مخجل. بل ومخجل للغاية. وبالطبع لن نبدأ بنشره إلا بعد انتصار الثورة تماماً كي لا يقوم النظام باستثماره. أما الآن فسنُشيح بوجهنا عنه، تماماً كما ستُشيح سوريا الغد بوجهها عن كل مثقف صاحب ضميرٍ نؤوم الضحى.
لقراءة العدد الجديد
www.alghawoon.com/mag/