(كتاب يطرح تساؤلات حيوية حول الواقع المعلوماتي الراهن والمستقبلي)

ممدوح سالم
(مصر)

صدر كتاب جديد ضمن سلسلة كتاب العربي الكويتية بعنوان «مستقبل الثورة الرقمية. العرب والتحدي القادم» تأليف نخبة من الكتاب من مفكري العالم العربي وخبرائه في مجال المعلوماتية والنشر الالكتروني، منهم سعود راشد العنزي والدكتور عماد بشير وسامي خشبة وجيهان الشناوي ودكتور حنا جريس والدكتور احمد محمد صالح ونبيل غزلان وأنطوان بطرس وغيرهم.
قدم للكتاب د. سليمان ابراهيم العسكري مشيرا الى أن السنوات الراهنة ستشهد تطورا متسارعا تكون إحدى ثماره المباشرة اتساع رقعة النشر الالكتروني على حساب حجم النشر الورقي على مستوى الدول المتقدمة في السنوات العشر القادمة، اما في الدول التي يطلق عليها العالم الثالث، فتحتاج من عشرين إلى ثلاثين عاما حتى يصبح لها نصيب يعتد به في هذا المجال.
واوضح العسكري الى أنه مع حلول العقد الثاني من هذا القرن، سوف تفقد وسائل الاعلام المطبوعة والاصدارات الورقية بوجه عام جانبا كبيرا من أهميتها ودورها نتيجة لتلك التطورات الهائلة، الامر الذي يعني التحول الى وسيلة جديدة هي الاشتراك في خدمات متخصصة تقدمها شركات على شبكة الانترنت الآن وعلى طريق المعلومات السريع مستقبلا بدلا من شراء الصحف والمجلات والكتب.
ويشير الى أنه على الرغم من أوجه الاسترسال في ذكر ما يشهده العالم الاتصالي المعلوماتي من مستجدات ثورية، متتابعة ومتنوعه الاصعدة لاتزال كثيرة على مختلف ساحات هذا العالم ومجالاته، وعليه فإنه قد يكون أجدر بنا التوقف قليلا هنا امام انعكاسات وآثار تلك المستجدات التطورية في راهن ثقافتنا العربية وقادمها، وبخاصة فيما يتعلق بآليات نشر وتوزيع المنتج الابداعي والفكري والجمالي والعلمي لهذه الثقافة، فبعض الناشرين في أميركا والغرب وعددهم مطرد قد تركوا ـ بالفعل ـ التعامل مع الورقة كوسيط لنقل الافكار والمعلومات وألوان الابداع واستخدموا بدلا من ذلك النشر الالكتروني، ليوفروا بذلك أموالا طائلة تصرف في شراء الورق، وما يصرف أو يخصم من نسب البيع في توزيع المطبوعات المختلفة في البلدان والمدن، وفي الوقت ذاته ستنخفض تكلفة الكتاب أو المجلة بالنسبة لمستخدم الحاسب الآلي (الكومبيوتر) في القراءة، وتزداد كمية التوزيع باتساع فرص الوصول الى الشبكة من جانب مئات الألوف من القراء المحتملين. وعلى ضوء ذلك يحمل الكتاب عدة تساؤلات حيوية يفرضها الواقع المعلوماتي الراهن المستقبلي حول الحال في عالمنا العربي ازاء هذا النشر الالكتروني، وتؤكد الإجابة عن هذا التساؤل نفي وجود ناشر عربي واحد قد انتقل بشكل كامل من استخدام الورق والطباعة وسيارات التوزيع في نشر الكتاب والصحيفة والمجلة الى النشر الالكتروني متعدد الوسائط، وإن كان العديد من هؤلاء الناشرين قد بدأ يدخل فعلا حلبة النشر الالكتروني، ومن هؤلاء يمكن الإشارة الى الناشر العربي الذي اشترى حقوق النشر الالكتروني لكل أعمال الروائي العربي نجيب محفوظ مقابل مليون جنيه مصري أي ما يساوي ثلاثمائة ألف دولار اميركي تقريبا. كذلك هناك مؤسسات نشر عربية تصدر أو تنشر الآن اعمالا ثقافية وفنية في اسطوانات مدمجة، وفي مقدمتها المشروع الكبير الذي بدأه المجمع الثقافي في (أبو ظبي) بدولة الامارات المتحدة.
ومن بين الاسئلة التي يطرحها الكتاب ايضا سؤال حول: هل يتخلى الناس مستقبلا عن تفضيلهم للكتب الورقية (ملمسا وشكلا) على الاقل بداية من أناس الجيل القادم؟ وهل ستتوافر بالفعل اعداد كافية من أجهزة الحاسب الآلي الشخصي ذات القدرات متعددة الوسائط لتلبية حاجات القطاع الواسع من طالبي الانتاج الثقافي العربي في اوطان نراها تزداد فقرا وسكانا؟
ثم يطرح الكتاب تساؤلا حول دور اجهزة الرقابة على المطبوعات الورقية وماذا ستفعل في هذا السيل المنهمر من عل؟
ويتلمس الكتاب الإجابة عن هذه الاسئلة عبر محاور ثلاثة الاول بعنوان « العرب وقضايا النشر الالكتروني» والثاني بعنوان «العرب ومستقبل الانترنت. ملامح عالم جديد» والثالث بعنوان «العرب وتكنولوجيا المعلومات. قضايا وتحديات».
وقد ضم المحور الأول مجموعة من الابحاث والآراء حملت عناوين كيف يستخدم العرب الانترنت؟ للباحث الكويتي سعود راشد العنزي يشير فيه الى مزايا النشر الالكتروني والتي تتمثل في سهولة البحث دون الحاجة الى قراءة النص بكامله فضلا عن سهولة الحذف والاضافة والتعديل والتغيير في أي وقت يشاء المؤلف دونما جهد يذكر أو تكلفة مرهقة. وايضا اشار الى أهم مشكلات النشر الالكتروني مثل مشكلة حقوق الملكية الفكرية وحاجز اللغة الذي اعاق الكثيرين من الاستفادة من الثورة المعلوماتية، اما الدكتور عماد بشير فيتحدث عن موقف (الصحافة العربية في العصر الرقمي) ويستند الى دراسة تسعى إلى تأريخ استخدام تقنين النشر المكتبي والنشر الالكتروني في الصحف العربية، اضافة الى تقديم شروحات خاصة بما يجمع بين هاتين التقنينين وما يفرق بينهما، وتنتهي الدراسة الى تقديم ملاحظات حول التوافر الالكتروني للصحف العربية اليومية على الانترنت وعلى الاقراص المدمجة من وجهة نظر استخدامية اضافة الى اقتراحات تتعلق بالتطور المطلوب في هذا المجال والدعوة إلى فهم افضل لمصطلح الصحيفة الاليكترونية ووظائفها.
بينما يحمل المحور الثاني في الكتاب مناقشات بحثية حول الهيبرتكست عصر الكلمة الالكترونية للدكتور حنا جرجس، والهيبرتكست هو التعبير الوصفي لاحدث اشكال الكتابة الالكترونية وهو يشكل نصا اليكترونيا يرتبط بنصوص اخرى عن طريق روابط داخل النص. وهو أمر له مزاياه كما ان له مخاطر عديدة اهمها التقليل من عمل الذاكرة وتشتيتها الى حد بعيد.
اما المحور الثالث الاخير فيرتكز على مناقشة موضوعية لأهم المشاكل التي تنجم عن تكنولوجيا المعلومات مثل: «عنف المعلومات» وارهابها ويرصده د. نبيل علي حيث يشير الى الآثار المباشرة وغير المباشرة لتكنولوجيا المعلومات من ذلك ما يزخر به القاموس من مصطلحات العنف المعلوماتي منها: العنف الرمزي، الاستغلال المعلوماتي، الفجوة الرقمية، التجويع المعرفي، العصف بالعقول.
بينما يشير الباحث الليبي د. حسن عبد العزيز الى القرصنة الفكرية وبالاخص قرصنة البرمجيات وهو تعبير عن سرقة البرمجيات من خلال النسخ غير المشروع والذي يأخذ ضجة كبرى خاصة عند فسخ عمل فني كشريط للاغاني، بينما يمر الامر بسلام لو كان نسخا لكتاب أو عمل أدبي.
وفي اطار التزاوج بين التقدم في تصنيع الشرائح الالكترونية وثورة الهندسة الوراثية يشير الباحث انطوان بطرس الى ما يحمله المستقبل من توقعات بايجاد وسيلة مباشرة للتعامل مع المخ من اجل استثمار امكاناته الهائلة بما يتعين معه فك شفرة ملايين الخلايا العصبية، وتدور المحاور الاساسية لدراسة مستقبل الكومبيوتر في القرن الحالي حول عدد من الاتجاهات بدأت تباشيرها في الظهور سريعة مقتحمة في بعض الجوانب يمكن حصرها في اربعة محاور اساسية الاول: التطورات التقنية في صناعة الكمبيوتر والثاني: دمج الكمبيوتر بالانسان، والثالث: الانترنت وتعاظم ثورة الاتصال بين البشر، والرابع: الآثار ومخاطر المستقبل.

* الكتاب: مستقبل الثورة الرقمية.. العرب والتحدي القادم
* المؤلف: مجموعة من الخبراء
* الناشر: سلسلة كتاب العرب ـ الكويت