إبراهيم الحسين
المملكة العربية السعودية

( فانهض الآن..
و اجلس تحت شجرة تعلّمك الصمت الكامل..
لأنك ستكون في كل شيء )
خزعل الماجدي

إيه يا خزعل، ها نحن نمد كفينا فوق نار واحدة، ها أصابعي تحتك بأسلاك أصابعك، نكهة أوساخنا الذائبة تخالط قماشة هذه العتمة، هاهي انتفاضاتي لأنني الآن أجاورك وأصغي الى هزيم حروفك، فيما مراوحي تذري عناصري التي تسّاقط فوقك، إنني أنظر أليك كيف تتلوى أيها الغارق في سوائلي و كيف ترفع أضلاعك واحداً واحداً لتكشف لي عن مدنك المضاءة بنوبات نزفك، كيف كنت تصرخ و أنت تحصي أقواس موتك الذي هو موتي، تلك التي كانت تزيّن شوارعك، ها أنت تردم أسوارها بطين الحواريين و شهقات الليل.
إنني أرفع قطعاً من خزائيلك في محاولات مميتة لأستر عورتي.. أخطو خطى واسعة أمام موتي.
ليتك و أنت تصغي الى خطى حروفك فوق خرائبنا التي هي خرائبك انتبهت الى هويِّ جدران دمائنا قرب وهج معادنك، حيث البريق وحده يلتهم أعشاب النعاس..

هل غير نحاسك من ينهر الآن بوابات الجسد ليرتفع رنين أثدائها..
هل غير ذئاب ماسك من يعوي و يعوي بهذا الهزيع الدموي.
حين كانت لهفتك يا خزعل.. تمسح جدران مناجمك، وتقيم دعامات خلودك، لم تلتفت الى روحي المرتجفة يوم انفرطت آلاتها أمام هول عروقك، و أين كنت حين تهتكت أغشيتها بصوت يشبه النواح تحت وطأة تعرجاتك..
قل لي يا خزعل.. بحق قميصك الذي ألقيته عليّ.. كيف كان لي أن أعرف عندما تصاعد صخب تفتح محاراتي أني كنت أتبعك.. أعلق حول بطني أنهاراً غسقية و أتمدد في مصبّات أناشيدي.. أيها المتوّج بالبريق، قل لي.. أمن أجل رغوة تباغت ريش أوراقنا. كنا نرفع اضطراب المياه، نتشبث بأعوادنا.. نحرك قلق الراحات الراكدة ؟
هذا زجاجي يلمع تحت وابل تويجاتك، لكنك لابد تلمح نار دفوفي.. اسدلتها فوق أغانيك التي تخرج مبللة تملأ أقاليمي..
فأي شامات بقّعت صوتي، و أيّ ياقوت جارح سقط عن أغصاني، حين بلغت مياهك الحلقوم...

الأحساء/ 1412--4-11 هـ

في المقهى

1-مشهد

تواجهُ الآن أشجارا واطئةً
تواجه كثافتها، أخلاط أصواتٍ
قدحينِ منكسينِ تتشبث بظليهما.
ألم تختر مكانا، هو حنجرة الممرِّ
ألم يشتد خشب مقعد فارغ،
يتمسح بالمارةِ
يهشونه فيضرسُ
ألم تدفع إليه بكتابكَ
داخل حافظته الجريدية
كي تستريحَ
أو لنقل تتعذَّبَ
أو حتّى لتعب فرادة أرجيلتك
ليثب المشهدُ بغتةً
نحو رقبتك.


2-ثُمَّ

منتصف الليل ينتصبُ
جذعا مفاجئاً
يعض الجدار.
شجرةُ تتدلّى
زبائنُ يفدونَ
ثُمَّ يروحونَ…
أكثر رماداً.


3-عمّا قليل

سقوط اللحظةِ
يكسر زجاجة الفجر.
الآن يهوي
رتاج العالم.
عمّا قليل…. يهدر النّهار
جارفا المُلاءات.


4-خراف معاندة

هكذا مع كتبكَ
تتدلى يدك إلى جانبكَ
تروح وتجيءُ يحملها
كحبلٍ ينتهي…
بالتماع لؤلؤة.
ها أنت تمضي
كمن يقرقع أصدافاً
كمن يجرجرُ عنوةً
خرافا معاندة.


5-سحابة الجسد

الليلة حيث التقيتُ
آخر يرزح مثلي
تحت غضون الوجه.
ضحكت كثيراً
ارتفعت يداي
وخطت خطوطاً في الهواء
هوت كثيراً.
غيرت نبرة صوتي مراتٍ
وتنحنحت أيضاً
حتى أدع لهذا السَّحاب…
أن يسري بسلام
أن يتجمعَ عالياً…
أبيض في مواضعَ
أسود أو رماديا
في أخرى؛
كان قد تعفنَ
في غرفات الجَسد.


6- تبسُّم

دكتانِ أو ثلاثٌ وممرٌ
هو ما يفصلني عن نادلِ
منكبٍّ على نقود.
حين ثقلت عينايَ على صًدغه؛
رَفَعَ رأسه
كانت يدي قد ارتفعت
بسَبّابةٍ وإبهام ملتصقتينِ
تفرُكان!
هل يَفصلُني الآن………
عن أسنانه الواضحةِ
دكتان أو ثلاث أو ألف مَمرٍّ
أكاد ألمسها فوق دكتهِ
حتى بعد أن غادر.


7- الصديق

إلى جعفر عمران

تندلع الأيام مذعورةً
تحت بريق المصافحةِ
مجلَّةُ متضخمةٌ ترضعُ
من يده الأخرى
فيما مجلتك المنتفخةُ……
ببورخيس
تعذب أصابعك.
سماءان تمخران الممرات
بين المقاعدِ
تتخيَّران اكثر الزوايا موتاً.
ثالث بفمه العميق
يقضقض حتى عظامَ الطاولات.
لهاثه الثقيل يطفئ
شعلنا تباعاً.
الفتاتةٌ من أحدكما
إلى مَجَلَّته
كمن يتحسسُ جِسراً
ها أنت ترغو بالمغادرة
حيث يغني لانهيارِه
آخر الجسور.


8- نادل هنديّ

من مكانيَ المعتاد
حيث أُسدل ثوبي على قدميَّ
كواق ضد البعوض.
نُتف أحاديث من مقاعدَ أخرى
تحك فراءها برأسي.
أخوة تنشق من يد نادلٍ
تمتد إلى مجلتي؛
يخبرني قدرته على قراءةِ…
بعض الكلمات العربية.
"أرى إلى هذا في وجه صبحٍ
يمتطي فرسا مجبولةً…
برائحة جلد ليل يحترق"
اليد التي ستكنس عما قليل
زجاجا تحت طاولتي.;

- مواليد " 1960 - الأحساء

- له:
خرجت من الأرض الضيقة
خشب يتمسح بالمارة

- عنوانه :
ص . ب : 1018
الهفوف - الأحساء 41982
المملكة العربية السعودية
هاتف : 5872499

من كتابه: خشب يتمسح بالمارة