عبدالله الرِّيامي
(عمان)
aalryami@yahoo.com

1

شعْبٌ بالأبيض والأسود

عبدالله الرياميالأفقُ الثدْيُ الذي يحلبُهُ الجميع
هؤلاء البدُون ثِدِيٍّ
أيّ أفق سيدرُّون
الأطفالُ زنازين المستقبل
المساجد غربان بيض
وهذا القتلُ عميقٌ في كأس كلّ يوم
نسكرُ في الشمس
ونمُز الظلّ
عُراة كدُود أبيض
ببزات مُوحَّدةٍ
وطيورٍ مختلفة الأعناق
عبيدٌ لعبيدٍ
الرّصاصُ في دمنا نائمٌ
الرصاصُ فيه صريعٌ
ككلِّ النجوم التي هَوت في مصيري.

خطوات الظلامِ في مسقطْ
قلبُها أظلمُ من مسقطٍ
ظلُّها مصباحٌ
إلى الخلف مرّةً
مرّةً إلى الأمام

خطوات الألمِ الأخرَسَ كلَّ عين
عَلِق بشاحنةٍ سَحَلتهُ
رماداً في قارورة
سيّان إن وضعْتها على الرّف
أو ذروْتها كالأيام
سيّان إن كنتَ في مسقطٍ
أو كنت في مسقطْ.

قليلٌ من التراب يصنعُ جَرّةً
وقليلٌ منهُ يُضيِّعُ بلاداً
بلادٌ واسعة
فقحَة مُنطرّةٌ
إن أعطتْ شاعراً
أطلقتْ خلفهُ ألفَ واشٍ
إن أنارت شارعاً
استولى الظلامُ على العراق

بلادي جدارٌ أبيضُ
أم طائرٌ ينتظرُ الرسّامَ ليُطلِقه.

أدوات

اختبأتُ في النبيذ
حتى لا تعلمَ الأيامُ
أين مكاني

اختبأتُ في الحشيشِ
حتى لا يقربَ أحدٌ آلامي

المِمْحاةُ
المِبْراةُ
قلَمُ الرّصاص
من ظنها أدوات التلميذ
جافاهُ صَوابُ الحَيوات.

العرض المُستمر

أفكُّ أزرارَ الجدار
أمسح عن صدرهِ
رغوة الهواء

وحدَنا نعرفُ أن الصمت
يكذبُ الآن
وأننا رائحة ذكَرٍ
تاهت أنثاه

الليلة
كلّ ليلة
على ذات الكرسي
كمن يقبض على شيء
لا يراه.

جبهة الشاشات

من جبهتي
انطلق رمحُ الصّداع
فما انفتحت
مظلة في قفزاتي
وما أدْلت هليكوبتر حبلاً

نفختْ جَبهتي الليلَ
فما عاد خادمي؛
انعكست عليه صورتي
فانتظرتهُ
كمن عَلقَ إعلاناً
في مقبرة.

ماذا ينتظر مثلي

بعد أن أطلقت ثلاثين مُرقطاً
في صحراء العالم
لم تعد هناك طريقٌ سالكةٌ
توسَّدَ الليل صخرة رأسي
وأذناي تبثان
ما تبقى من صمت
لم تكن تلك حياة
لا سباقاً ولا مِضماراً
فقط سائسٌ
أكلَتْ الأحصنة عضديه

بعد ثلاثين مُرقطاً
يتقدم صوتكَ يا طفلي
فتّتَ الفحمَ والطباشيرَ
قلوباً
على حيطان أزقةٍ
يقفز غبارُها الآن
كما تقفز أنت
بين ضلوعي
وتنزلق على زجاج روحي

يا من داسَ الخرائط بلا قدمين
ومحا على سبورة الظل:
                      تلميذاً فاضت عيناهُ بالذنب
                      تلميذة يقطرُ الضوءُ بين ساقيها

اهدموا
اهدموا هذه المدارس
شيِّدوا حدائق بمراحيض عامة
وشيِّدوا
شيِّدوا خراباً جديداً

بعد أن أطلقت ثلاثين مُرقطاً
لم تعد هناك طريق سالكة
بين ليلٍ وليلٍ
يتهتكُ صمتي
يعلو دمي
العالمُ جثة
والشاعرُ.. ما الشاعرُ؟
ما أكثر هذا الموت
أصابعي تعبُّ من نبعِ الظلام
ذراعاي ساقية
انحرفت فجأةً
فضاعَ ماء الحقول
في منتصف المسافة

الموت
و
الحياة
محض تذكُّرٍ

وأنا صوتي
وحيداً أنامُ
مهزوماً يستيقظ باكراً

ليتمرّنَ
على القادمَة

بعد أن أطلقتُ ثلاثين مُرقطاً
طوّحَت أمواجُ الصرخة
محارة أذني
إلى ساحلٍ بين السحاب
فالتقطها زنوجُ روحي

بعد ثلاثين مُرقطاً
ماذا ينتظرُ مثلي
ظِلٌ عائدٌ إلى الشجرة
أصِلُ
فلا أجدُ جذعاً

بعد الثلاثين
هل يتعلَّمُ الشاعرُ شيئاً؟

[الرباط، 1995]

2

فطرة


كضلعٍ مُلوَّنٍ
سريعٍ كحشرات المساء
كصرير الأبواب
أغمرُ ظهرَكِ بالأيام
فترمينني بثمار السّهو
تدفعينني من حافة حلْمتيكِ
واحداً واحداً
غائبة، تهيلين كُتلَ الأنفاس
كأنني لا أحد
يا كمين الرغبات المَجيدة
حتى لو لم تمْطري
سأبقى غائماً إلى الأبد

***

صوتكِ يتدفأ بفرْكِ رعشاتي
وشَعرُكِ القاني يسيلُ
على سيرة خدَّيكِ
فلماذا تبتسمين كخسارة
نبتت في الشتاء
أركض معتوهاً في أميال عينيكِ
المغمضتين
وأجمَعُ قطعَ الأرض المُتساقطة
من انحناءة رُكبتيكِ كل صباح

في الصيف تجرّين ضلوعكِ
كقاربي المثقوب
وكلما أصمّتني أصوات غرقاي
يُبحرُ القارب المشطورُ
بين فخذيكِ
إلاّ أن اليومَ عادةً ما ينأى
كعنق الديك
كما أن رغباتكِ
بلون النوم في مَهد نسر

***

حين ترتفعين في متاهة لُهاثكِ
ويغشاكِ صمغ أكتافي
أهوي كمرساةٍ تسبق منطادها
على أرض رعشتك الأخيرة
بينما الطيورُ المطرودة
من غابة التفاتك
تخلعُ أجنحتها في رأسي
كنحّاتٍ يستدرج خصراً
ليراقص الأبدية.

***

الهواءُ يُمرِّغُ شفتيهِ
في يدكِ ترفعينها كرمشٍ
يظلِّلُ الهواءَ آن يلتفت ظهرُكِ
وتلوِّحين:
                      موعدنا الأربعاء
                      للذهاب للمسرح، أليس كذلك؟

كذلك لولا هذه اليد المنسيّة
زئبقاً في مُختبر
كذلك لولا الدّم يتدفق
من رؤوس قدميّ
فأرتفعُ ممثلاً على المسرح
يصفعُ البشرية
كذلك لولا الطائرُ الذي غادرَ
عُش الرسائلِ
فارتطمَ بأشرعةٍ طُويتْ
لمراوغة العاصفة

كذلك،
أريدُ أن أقف أكثر
في قبر حضنكِ
لأقيس عُلوّ الحنين
فوق الساعات
أريدكِ دون سياج الحليبِ
على مشارف حلْمتيكِ
أريدكِ لافحةً كضلوع الزوايا
أريدكِ طعنة لم تولد بباب أحد.

أريدكِ كالسياط حائرة الأعصاب
أريدكِ واسعة بين الحواس
بين قاع اللمسِ
وخُطّة اللسان
أريدكِ أنظرُ إليك لأنتظر
أيتها الحياةُ
لم أتبعكِ
لن تتبعينني إلاّ عارية
أذابت شمس رأسي
ملابسَكِ
أيتها الحياة
أنا السؤالُ مُلحدٌ بالفطرة.

عن مجلة (كيكا).

قصائد في سحر
العابرين

عبدالله الريامي
(عمان)

ذخيرة

لقد كنت اجمع أخبار القتلى وامشي
تحت المطر دون عناء
لم يحد ثنى احد عن وباء النسيان
كان الوقت غائرا في القلب
والقلب ومضة ينتهزها محارب عنيد
كانت الأرصفة تعرف قدمي
وهى تستجلي طالع الجهات الأكثر احتمالا
من شمس حاقدة
ومن ذيول الغد المتدلية من الأحداق
لاشىء في جيبي
وفى جيبي كل الروائح العالقة بذيل حصان
كل طلقة تجهل اليد التي تسدد

أيها الأخرق
عد الى الأرض
أو عُـد الى السماء
كل حفلة هباء
كل مزلاج خائن.

شارات البرصى

في غمرة ليلة مترعة
بالصمت وضجر الفئران والموسيقا
انهار جدار كان قد بُـنيَ سهواً
لذلك استهوتني فكرة البقاء بعيدا
وكما يحدث أحيانا
ان يتهاوى حصان في ظهيرة قائظة
أو شلال يتناسخ في صحاري تحسب
الماء أكثر هولا من الكتب،
سمعت البرصى وهم يجرجرون
قارات تتحشرج كما لو إنها امرأة
قد باعدت ساقيها عمرا كاملا
وسمعت صوراً منسية منذ مليون عام
وصوراً اخرى لأسلاف لم يسبق
لهم ان عاشوا
وفى طقس أشبه بابتكارات الأطفال
سمعت بزات أنيقة
يعلقون عليها شارات اليوم التالي.

عين الرحيل

عندما أفقت كان الجميع قد رحل
تنبهت الشمس الى دوران الأرض
وكذلك امرأة خلاسية الى تصريحات الصحف
والى حياة أشبه بالاعتراف
والمغامرة الى رجلها صنيع الجنون
وغمرت الأودية صرخات الرعاة
و الألم في أقصى حالاته اللغات.
عندما أفقت كانت البشرية معلقة
من رجلها على باب المفاجأة.

بلاد تتنزه ، عجوز يهذى

تمدد كظل شجرة
أدحرج المساء الى خارج الغرفة
وأفند كل المزاعم الذاهبة الى أحشائي
ثمة دهشة العالم كأعضاء مريض
وثمة أنا وأشياء بلا قيمة وطاعون البقاء
بالأمس مرت بالقرب مني بلاد
رفعت رأسي قليلا ثم اندلقت فصلا تائها
يزنر السنوات بلعاب من هباء
أصدقاء معدودون يعبرون جسر الرغبة إليَّ
أو الى هاوية أليفة
قد نلتقي في منعطف لكن تنقصنا المعرفة
قد نسقط كالأنبياء في قاع بئر معدة منذ البدء
لكن ينقصنا الغرق
ابتلعت نيزكا واسما، ماء وحقدا
حتى خلتني كونا أو شرفة تناطحني الخلاص
في لحظة قفزت الى قلبي
وفى اللحظة التالية لم اسع نفسي
وحتى تتوالى اللحظات باطمئنان اكبر
عليكم ان تتيحوا الطريق
لرجل مغمض العينين، حافي القدمين
يخبئ أسراراً غامضة منتقاة
يساوم بها الهواء الطلق
القبر
وأحيانا بعقلانية شديدة
امرأة بلا مستقبل، ومستقبلا بلا نحن
إنها فكرة بامتياز، هبة غير مشروطة
من معدم رائق وثري
مني أنا، عندما اهذي كعجوز ثمل.

قاسم حداد

تشبه ذهاب الصدفة الى سهول
مليئة بالذهب والنعاس
ودوما تبدو معتما في كوخ النزوات
ذلك عندما يكون الموت
فكرة مرتجلة
أو يكون الرقص في حلبة التوقعات سلاحك الأخير
لا تفكر كثيرا
فأنت تشبه الطريق.

شرفات خرساء

كلما عنت لك فكرة
أو كلما تغوط الموت في مصحة
تتعثر خطواتك بالضباب المكدس في الطريق
أو على حافة فراشك.
هل رأيت ساعي البريد وهو يتشاجر لأجل
عنوان خاطىء
هل سمعت صفارات الإنذار وقد
انطلقت اثر بلاغ كاذب
لعلها حيلة لنسف مؤخرة رأسك
أو ربما كانت مظلة
لتهرّب أنت آخر الصفعات المحكمة.

برج السرطان

قبل ان تنام
لا تجزم بشيء
فقط تذكر ثدي المرأة التي تحب
ارْتَـدِ باباً ووشاحًا أسود لتراوغ به الليل وضع تحت وسادتك حجرا كثيرا
لترجم من كان في النهار
قل لنفسك ان الحنين هو جرأة
التحديق في عيني امرأة
وان ضجر الفئران
خير من عناد الأرامل في ليل الشتاء
وان عظمة الدهشة أكثر هشاشة من الذهب الأصفر
أعط الابتسامة ذعرا كفاية
و إذا كنت من مواليد برج السرطان
فلا ترقص إلا في متحف.
تبدو المدينة كقعر مهجور
والفجر جيش من المطاردين
يذكرني بأنني تعاملت مع الليل
كآلة حادة
أشم الآن لوني العالق بأرصفة الغياب
ابصق الغد كاملا
وأتنزه كما الموت في روح شاعر.

لست للنسيان

ماذا تفعل وحدك في مقصورة العمتين ؟
الى متى تظل تسوس
الكهنة
والهواء
والحنين الوفي الذي يتمرغ
في الإسطبل المجاور لسريرك.
لك عيون المحفات
وقلب نهشته صقور ومدن
تتداعى في مرآتك الآن قصصا وهمية
وحدنا نعرف ان ليل طنجة
مصير معلق
في بنطال زاهر الغافري..
مهماز شاعر من حتفٍ
أنيقٍ يلقاه
بعده على الأرض ان تنسحب كثور مطعون.

مهماز

لالة المشهد على عين مدربة
لم يجد هذا الصباح بدا من غيابي
لأنني استحواذ حرٌّ على الحنين
استنفاذ حيّ للضجر
ولان النافذة عندما ترغب في مجاراتي
تلمحني كالحواس التي تذرع الحياة
بعيون لا تثق إلا في سحر العابرين
وبجبين مرصع بالنوايا لخطيئة طي الكتمان
أنا فكرة جديدة يطرحها الأرق
لقد فهمت الظل على أني تنكيل به
آه تمثال الرتابة
لم تعد الأيام مراوغة بما فيه الكفاية
لم تعد الإذن تطرب للصدى
ولم اعد طيعا سوى على نهر
يفتش عن ضفة هاربة
ولم تعد الجهات تنصت إلي كطفل مدلل
لم اعد المس الأرض
كأنما أسافر كي لا اصل.

عُمان / 89

أخطر الألعاب

أربع قصائد

الساعة الناطقة

هنا
صورتكِ
ترفرفُ كقميصٍ مسروق
وأنا بين يديكِ
لوحةٌ لم تكتمل
مات الرسامُ في الطريق إليّ
وراء كل هذه السنوات
أنبتُ كما العشب بعد عاصفة
أنا عناقيدُ أخطاء
وأنتِ شجرةُ العنب
لم نعصُر لليالي كفايةً
نسيتْ جفونَـها الليالي
تدلّت المصابيح مشانق للظلام
والرِّبـاط بيننا شجرةٌ مُسـنّـة
نتدفـأ بخشبها الذي لا يكفي
جسدين
أنا عناقيد أخطاء
وأنتِ تملئـينـني كما يملأ الدمُ
الجرح الجديد
المرآةُ خلفكِ
وأنتِ تمشطين شعركِ
في بياض عينـيّ
فأرى على ظهركِ نَمَـش نداءاتي
والظلامُ حولنا نسرٌ أبيض
نسي بيضهُ على إفريز نافذتي
مثل ساعةٍ معلقةٍ في الأفق
حين نظرتُ إليكِ
عرفتُ كم تأخرت
وحين ابتلّ أصبعي أول مرةٍ
في سُـرَّتك
دارَ رأسـي دورةً كاملة
فلم ينفصل
كنتِ عُنـقي
شكّلـتُ أصابعي طائراتٍ ورقية
نفختُ في يدي
فهبت ريحٌ
أنا صائد الفلين
في بحر الليالي
شربتُ طويلاً
فلم يرجع أحدٌ بعدي
إلا طافياً
اختاري الشتاء
وعليّ المطر
صُـبّـي لي كـأساً
وضُمي شفتيكِ
كِـدنا نسكر
أمامنا ليلٌ
وكثيرون يرسمون الصباح
على ظهورنا.

فكرة السفينة

لن يحتاج خزانُ الفصول
قطرةً مبللة
فلا تعودي بجسدي من شتائك
لا تعودي بالماضي حارساً
فلن يتكحل غيري بظلالك
في مرآة ذراعيك
حبيبتي
الحليبُ قَـوّادُ الحياة الأول
فلا تحرقي نملةً تضيء لك
رائحة الإنسان
الدرسُ أول من ينام
والمساء آخر من يعلّقُ منشفته
على شجرة
حبيبتي لم يكن الشِّعرُ خراباً
لأنك تجلسين
تحت الأنقاض
تمُدين لي نَفَساً
أشعل به أعواداً لأحرق
بيوت من لم يروكِ
سيذهب الجميع إلى الموت
في سيارة إسعاف
دون زرٍّ واحد من خصرك
سيسقطون من جسر رأسي
سُكارى كشاحنات ثقيلة
حبيبتي لم أر من قبلُ
ضمادةً تلحسُ جرحين
ولا كلمةً تتدلى من آخرها
مرساة
رأيتُ كل ما تكتبينه
تزوره الغابات
ورقةً ورقة
وكل مصباح في الأنفاق
عَمّر لأجل أن يلمحك
ذات قطار
رأيت السهر
أرجوحة شلال مقلوب
تحت جفنيكِ
يا للسهر أطاعك
فازرقّ
أطاعك لأن ما من أعمى
يلوحُ بعد كل لقاء
ظاناً أنك تغادرين
حبيبتي
لن ترسلينني على كتفيك
لأقلِّب دفاتر ظَهرك
فأنا ببساطة لن أُسمم حياتي
بين ضفتين
كنهر في الجغرافيا
لم يكن هناك شراعٌ
قبل أن يسمع الهواءُ
رَفَرفةَ عُنقك
لم يكن غيركِ
نجوتِ على ألواح ظهري
فابتدأتْ فكرة السفينة
سأمسك بين أسناني دبوساً
حتى لا
تشربَ عصابةُ دمي
من دم شفتيكِ
حبيبتي كنتُ أحسب أني
أعتِّقُ دمي
لكن السماء تفوح من ركبتيك
كالشمس أنتِ
لا تكبرين ولا تكتملين
فقط تَطلُعين.

فِراشُنا القديم

أنتظركِ في ظلِّ أبيض
مضـاء بكبريت أعواد الشجرة
التـحتـها افترقنا
حين تأتين
ينبتُ الماءُ في عروقي
كما السحاب من البحر
وأسير بين فخذيكِ مُترنحاً
نحو ضمادة جرحي النازف دائماً
فراشُـنا الرملُ ساكنُ الأعماق القديم
غير مُحدد كإشـاعة
معاً على هذا الحرير
تملأ الرغبةُ أصواتنا طيوراً
كما تملأ اللياليَ صداقةٌ جديدة
أنتِ وأنا حوارُ ساعةٍ متأخرة
تحت ثدي الأفق
في حانةٍ بحرية
نرضعُ الإنتظار
نأتي إلى هذا الشاطئ
لنعلّـمَ الفـجرَ الوقوف على قدم واحدة
ونذهبَ إلى الغابة
لنحتطبَ أشجار الإحتمال
الحجرُ يلد الحجر
وأنا دائماً أنتظركِ
خلف لا شيء
يوقف كُرة الأرض
المتدحرجة من جبل الكون.

عِطرٌ وحيد

ذراعاكِ الممدودتان نحوي
ضفتانِ
والنهرُ حضنكِ
هذه أراضيّ فاحرثيها بعطركِ
لن أشُم بعد الآن شيئاً
غير كُفرك
هذه أراضيّ
اغرسيها أشجاراً بعدد النسيان
واتركيني جَوّالاً
أجوبُ ظِلالكِ بين الأيام
وكلما شردني الحنينُ إلى سقفٍ
أكتبُ لك رسالةً
وأسكن.
بعدكِ لن يعُضني ظلامٌ
ولن يصيب أحدٌ قلبي بالدوار
مذ متى
وأنا هابطٌ
من أعالي الطفولة
إلى أعالي الضجر
مذ متى
ضيعتُ عمري
ضيعتُ فيكِ مقتلي
...........
...........
مذ متى
...........
مذ ولدتُ لاعباً
اخترتُ أخطر الألعاب:
أنتِ.