قصائد من أفغانستان

ترجمة: محمد عيد ابراهيم
(مصر)

زلماي هرمان
(أفغانستان)

مثل عين تخاطب بدموعها
أبكي
كامرأة تتشح بالسواد علي قبر
حبيبها
في حداد أنا
مثل حب كبير، لا ينقسم
أحس بالوحدة
كظل نور علي بادية
أعطش
مثل شاعر ينظف كلماته
أصرّ
كامرأة دون أدني أمل،
كنساء كابول
خلف الحوائط،
كصغار مع ذويهم ـ فوق
الجليد الأحمر
أحس بالإحباط والخزي لأني
عاجز عن فعل شيء...

غرفة الخياطة
زهيرة سيد

يجلسن وراء
ماكينة سنجر
بطراز قديم،
لفافات النسيج
علي الجدار.

البنت الصغرى،
تضرب سياطها، وهي تطلب
لباسا مثل كعكة.
يقصصن يشكلن
حتي ينتهي بمشد
وصدرية وشرائط
ناعمة من المخمل
في أزرق لامع.
في غرفة الخياطة،
يهمهمن كأنهن
لا زلن في الرحم،
بينما يغني والدهن
من خلف الجدار.

عطش
نوزار الياس

عطش بداخلنا
عطش لتلك البوادي الحارقة، الوقحة
عطش لأيام قرمزية
عطش لعواصف برية.

فروعنا ـ برد.
جذورنا ـ جفت.
حدائقنا ـ ولت.
شجيراتنا ـ ذبلت.

عطش بداخلنا
عطش سنين طويلة
ـ سنين طويلة، ساكنة ـ
عطش بداخلنا ـ يتقد.

جمال خالد
أمين عزيمي

في وجهك الخالد وجدت
جمالك الخالد
سمعت صوت الفتنة داخلي
من بين أصوات صامتة.
سافرت بي صور مفتتة
تعود الى زمن
في ركن ذاكرتي.
برقصتك المجيدة
هتافات داخلي بصدي
همس أصوات لا نهائية.

لم تعرفي أبدا
لكنك تعمرين أحلامي.
كنت أسير بك عبر الزمن.
لحظات كاملة تطفو
بالصور الصافية
ولحنك كان هدية أصوات من الماضي.
اللحظات الثمينة
تعانق غير المرئي منك.

لمحة طلّت من السماء
حينما فتحت نافذة الخيال
بوابتها
المزروعة داخلي برسالة
أصوات مرغوبة.

مرت سنين منذ ان رأيتك
آخر مرة في قطار الذاكرة،
تظلين ضيفة، ويرحل معي
رفيق صامت.
في حديقة المتعة عشتُ
مع أصوات وفية.
الليلة الماضية،
في ظل نور الشمعة
حدقت في تلك العيون الماكرة
همس الذاكرة ينبهني
علي حلم أصوات لا تنتهي.

تنفجر كاللهيب عائدة لحياتي.
في دائرة العمر
عاطفتي إليك، سر
أصواتك الحميمة.

في صندوق أسود صغير
زاهدة غاني

كان في الركن وأنا
أرقب الثلج
يهطل،
كل جسر عبرته،
خلّف ندبة للذكري،
فلا أري الطريق،
عيناي مغلقتان.

شاهدت أسرارك،
طائرة في الرياح،
وهفهف سجاد
غرفتي الأبيض،
تحول لأجنحة ملائكة،
نبتة الخيال
توفيت البارحة،
حين كذبت عليك،
لا أنسي
إيقاع تلك الليلة
علي الشط،
حين اغتسل
عقلي بماء مالح،
هل كان دموعك
التي شربتها؟
أو الحر يلمسني؟
لا أدري.
أذكر أني أردت
هناك الموت،
وأذكر أنت أردت الحياة.

تحرر
ماكيز سلطان

جرب التحرر أن ينتحر حين
كانت في السابعة عشرة.
تصبح الأشياء أسوأ، قبل ان تصير أفضل.
اقترنت بالخوف، مدة عشر سنوات.
ويوما، كانت تهيم جائعة ونصف
معتوهة في الجبال،
ضربتها النشوة. بكت النشوة مع
صديقها القديم وعلّمت
التحرر صلاة بسيطة.
بعد ذلك تحرر التحرر وانطلق الخوف.

ذكريات مخملية
ماري ناصر

حين نبعد عن ذكرياتنا، نرى
أحلامنا
يحيط بها الضحك، الحزن، الحب،
والصمت.
أريد ان نبقي في مكان هاديء مسالم،
قرب القمر، فوق النجوم
بعيدا عن الكل
يسعدنا كبرياء.
عندي حلم: سنكون
معا علي الدوام،
حتي نهاية الزمان لأنه مصيرنا،
وسنجعل حلمنا يتحقق
بالأمل.
آه لو تعرف،
الحياة في فراغ لوحدك شاقة
ولو بقينا بعيدين
فقد تحس قلوبنا، لكنها لن
تجنّ.
في عزلتي، ذكرياتك المخملية،
نهر ساكن،
أفكار سعيدة فقط أحلم بها.
قريب أنت من قلبي
لكن بعيد،
أود من هذا لا يدوم
أتذكر دموعي في أسي ناعم هلّت،
واستحال الماء الى لؤلؤ.
أريد ألا تقول وداعا لي
من جديد.
حبي لك يكبر مع الأيام،
يتساءل ألا تزال شغوفا مثلي؟

***

زقاق موصد

للشاعرة:
ليلا صراحت روشني

(ولدت في مدينة جايكار عام 1975،
صدر لها: البزوغ الأخضر، استمرار الصراخ، الحجر والمرايا.)

في ربيع مرجاني كهذا
كيف يمكنني ان أتحدث عن الربيع
وقد ارتدت ورود الجوري
لونا آخر؟

كيف يمكنني أن أتحدث عن أزاهير التفاح البيض
وقد رصفت شقائق النعمان
بساطاً آخر؟

.. عن أثداء الحقول
إزاء عشبة الغضب السامقة
عن شدو النوارس
وأزيز الرصاص يغرس صدى آخر في القلب؟

يا حبيبي
يا حبيبي الرائع
في ربيع كهذا،
عن أي حب..
وكيف؟

صورة من حياتنا

للشاعرة:
فاطمة أختر

(ولدت في مدينة هرات عام 1953،
تخرجت في كلية الحقوق والعلوم السياسية،
جامعة كابول 1984، صدر لها: الشفق يبزغ من الموجة، الجهة الأخرى للمرآة.)

ورود الأماني الضحلة
الطلع الدائم لربيع خامل
شجرة الصبر الشائخة المهترئة
لبلاب الظلم الأخضر
آثار السوط على الأجساد المرتجفة
روافد الدمع
في صحاري الوجوه.

أخوة الماء والتراب

للشاعرة:
بروين بزواك

(ولدت في كابول عام 1975، تخرجت من كلية الطب،
قسم الأطفال، عام 1996،
نشرت نصوصها ونتاجها في معظم الدوريات الأدبية الصادرة باللغة الفارسية، تقيم حاليا في كندا)

أمهاتنا
ـ جليسات السجادة والصمت ـ
وارينَ رؤوسهن في تراب الاستغاثة
بأمل ان يسمعن عطر أبنائهن:
ماتوا
وهم
في ريعان
الشباب
آباؤنا طووا طرق الماضي المهجورة
بأحصنة القصص، الورقية
وها هم يرددون تحت سقف العزلة المحدودب
حديث الصمت.
أخواتنا
بإبر رفيعة
طرزنَ الآهات على منديل الذكريات.
نحن هنا
وحيدون،
أخوة ماءٍ ومرآة
نتلو آية اللوعة
لشتلات الدم التي في صدورنا
فالموت هو التفسير الوحيد للحياة
هذا ما نقله لنا
رواة الدمعة والريح.

عُزلة مع القمر

حداداً على الحب
ألجأ الى سطيحة العزلة
صاقلاً أجنحة نظراتي بمحك السماء
القمر يتباهى' على العتمة بنوره الخافت
أريد ان أسطره
ان انفث فيه روح الحادثة
ـ مأتم الحب ـ
ايها القمر
هلاّ تحسرت على هذا الدمار؟
جوابه البرد والصمت.
ألوذ ُ بأمي
الملجأ العظيم،
الأرض
أضع رأسي في حضنها وابكي

لقصائد منشورة في مجلة ليمار آفتاب فصلية أدبية أفغانية، عامي 0002 ـ 2001.
إبداع.

http://www.alarweqa.net/eb/stories.php