أنسي الحاج
(لبنان)

أنسي الحاجقولوا هذا موعدي وامنحوني الوقت
سوف يكون للجميع وقت , فاصبروا
اصبروا علي لأجمع نثري.
زيارتكم عاجلة و سفري طويل
نظركم خاطف و ورقي مبعثر
محبتكم صيف و حبي الأرض

من أخبر فيلدني ناسيا
إلى من أصرخ فيعطيني المحيط ؟
صار جسدي كالخزف و نزلت أوديتي
صارت لغتي كالشمع و أشعلت لغتي,
وكنت بالحب.
لامرأة أنهضت الأسوار فيخلو طريقي إليها.
جميلة كمعصية و جميلة
كجميلة غارية في مرآة
و كأميرة شاردة و مخمرة في الكرم
و من بسببها أجليت و انتظرتها على وجوه المياه
جميلة كمركب وحيد يقدم نفسه
كسرير أجده فيذكرني سريرا نسيته
جميلة كنبوءة ترسل إلى الماضي
كقمر الأغنية
جميلة كأزهار تحت ندى العينين
كسهولة كل شيء حين نغمض العينين
كالشمس تدوس العنب
كعنب الثدي
كعنب ترجع النار عليه
كعروس مختبئة وراء الأسوار و قد ألقت الشهوة علي
جميلة كجوزة في الماء
كعاصفة في عطلة
جميلة أتتني
أتت إلي لا أعرف أين و السماء صحو
و البحر غريق.
من كفاح الأحلام أقبلت
من يناع الأيام
وفاء للنذور و مكافأة للورد
و لمعت منها كالجوهرة.

سوف يكون ما سوف يكون
سوف هناك يكون حبنا
أصابعه ملتصقة بحجار الأرض
ويداه محفورتان على العالم.
أنقلوني إلى جميع لغات العالم لتسمعني حبيبتي
أنقلوني إلى جميع الأماكن لأحصر حبيبتي
لترى أنني قديم و جديد
لتسمع غنائي و تطفىء خوفي.
لقد وقعتها و تهتها
لقد غرتها
أعيروني حياتكم لأنتظر حبيبتي
أعيروني حياتكم لأحب حبيبتي
لألاقيها الآن و إلى الأبد.
لكم أنتم لتدق الساعات
من سراجكم ليأخذ نور الصباح
فأنا بريء و حبيبتي جاهلة
آه ليغدق علينا
لنوفر لنجتنب
وليغدق علينا
فحبي لا تكفيه أوراقي و أوراقي لا تكفيها أغصاني
و أغصاني لا تكفيها ثماري و ثماري هائلة لشجرة.

أنا شعوب من العشاق
حنان لأجيال يقطر مني
فهل أخنق حبيبتي بالحنان و حبيبتي صغيرة
و هل أجرفها كطوفان و أرميها؟
آه من يسعفني بالوقت من يؤلف لي الظلال من يوسع الأماكن
فإني وجدت حبيبتي فلم أتركها...

ما صنعت بي امرأة ما صنعت
رأيت شمسك في كآبة الروح
و ماؤك في الحمى
و فمك في الإغماء.
و كنت في ثياب لونها أبيض
لأنها كانت حمراء
و أثلجت
و الثلج الذي أثلجت كان أحمر
لأنك كنت بيضاء
و رددت علي الحب حتى
لا أجد إعصارا يطردك
و لا سيفا
و لا مدينة تستقبلني بدونك.
هذا كله
جعلته في ندمي
هذا كاه جعلته في أخباري
هذا كله جعلته في فضاء بارد
هذا كله جعلته في المنفى
لأنني خسرتك
إذ ملأت قلبي بالجنون و أفكاري بالخبث
فكتمت و انفصلت
و كنت أظنك ستصرخين و تبكين و تعاودين الرضى
و لكن كتمت و انفصلت
و كنت أظنك ستعرفين أن نفسي بيضاء برغم الشر
و أني لعبا لعبت و حماقتي طاهرة
و كنت أظنك وديعة لتغفري لي
أنك وديعة لتقبلي آثامي
أنك وديعة لأفعل بك كالعبيد
و كنت أظن أنني بفرح أظلمك و بفرح تتنفسين ظلمي
و كنت أظن أنني ألدغك فتتسع طمأنينتي و أنقضك كالجدار فتعلقين كالغبار بأطرافي
لكنني ختمت الكلام وما بدأته
و أتفجع عليك لأني لم أعرف أن أكون لك حرا
و لا عرفت أن أكون كما تكون اليد للزهرة
فكنت مغنيا و لك ما غنيت
و ملكا و أنت و أنت لم أملك
و أحبك
و ما أحببتك إلا بدمار القلب و ضلال المنظر
و أحبك
و طاردتك حتى أشاهد حبك و هو نائم
لأعرف ماذا يقول و هو نائم
فحمله الخوف و روعه الغضب
و هرب إلى البرج عاليا
كاتما قد انفصل
و أنا في جهلي أطوف و في حكمتي أغرق
على موضع أدور على موضع أهدأ
و حبك يقظان و جريح وراء الأسوار
و حبي بار بعد الأوان
نار البر تأكله بعد الأوان.

أحفظ مظالمي و أعطي مبراتي
أحفظ مظالمي فمن يعطيني مظالمه
و من يأخذ مبراتي و يعطيني الرجاء
لأني لم أعد ألمح نورا في الغابة.
تذهب الريح بالثلج و بالثلج تعود.
جسدي كالخزف و لغتي كالشمع.
اتخذت آفاقا عظيمة و جعلتها حفرا
اتخذت الليل فأطفأته و النهار فأسلمته
اتخذت الأكاليل فاحتقرتها
اتخذت الحب فكسرته
اتخذت الجمال و كرجل أفقرته
اتخذت الحب
اتخذت الحب الشبيه ببر لا يحده ماء
الشبيه بمياه لا تحدها برية
اتخذت الحب عوض كل شيء مكان كل مكان بدل الجوهر و محل الشر و الخير
أخذته أخذت الحب و شكاني
الذين صاروا في فاقة
وتعالت جفونهم الذين حسدوني
و نهش ضحكهم الهواء الذين تهكموني
فماذا صنعت بالحب
وأخذت ذهب النساء وردة الذهب فماذا صنعت بالذهب و ماذا فعلت بالوردة؟
انقلوني إلى جميع اللغات لتسمعني حبيبتي
ثبتوها على كرسي وجهوا وجهها إلي
أمسكوا رأسها نحوي فتركض إلي
لأني طويلا و بخت نفسي و يأسي قد صار ماردا.
أطيعي دمعك يا حبيبتي فيطري الحصى
أطيعي قلبك فيزيل السياج
ها هو العالم ينتهي و المدن مفتوحة المدن خالية جائعة أنت و ندمي وليمة
أنت عطشانة و غيومي سود و الرياح تلطمني.
المطر أبيض
الأصوات بيضاء
جسدك أبيض و أسنانك بيضاء
الحبر أبيض
و الأوراق بيضاء
اسمعيني اسمعيني
أناديك من الجبال من الأودية
أناديك من أعباب الشجر من شفاه السحاب
أناديك من الصخر و الينابيع
أناديك من الربيع إلى الربيع
أناديك من فوق كل شيء من تحت كل شيء ومن جميع الضواحي
اسمعيني آتيا و محجوبا و غامضا
اسمعيني اسمعيني مطرودا و غاربا
قلبي أسود بالوحشة و نفسي حمراء
لكن لوح العالم أبيض
و الكلمات بيضاء