أزحتُ الكتلة البرتقالية من اليمين إلى اليسار
رجعتُ خطوتين وألقيتُ نظرةً لم ألحظ فرقاً
مضيتُ إلى الطاولة رفعتُ فكرة القبو مترين إلى الأعلى
وقفتُ على الكرسي وألقيتُ نظرة لم ألحظ فرقاً
أغمضتُ عينيّ وتخيّلتُني مع بيسوا في مقهى بحري
نتحدث عن الله والأشجار عن المراوح المعطّلة
ثمّ مدفوعين بمللٍ خفيف كالمطر في الخارج
يمضي هو بمعطفه الأسود الطويل
وقبّعة تشبه حبة بنّ عملاقة
كأنه جاسوس يعمل لصالح الأبدية
وأنا بيأسٍ أفتح عينيّ
وأعود لأزيح تلك الكتلة البرتقالية من اليسار إلى اليمين
كأني منذ عشرين عاماً لم أتعلّم شيئاً
أكرّر السؤال ذاته: ما الجدوى من ذلك كله؟
* * *
جيش أخرق
في بلاد بعيدة أعيش
بلاد ليس لها علم ولا نشيد وطني
شعبها مصنوع من نسائم وظلال
شعب بلا دور عبادة ولا مؤسسات
شعب بكسلٍ شفيف يسوّي مزاج الفصول
أعيش في بلاد آمنة جميلة وبعيدة من دون حاجة لأخوة وأصدقاء وعمل
كل شيء رائع
عدا ذاكرتي التي بين وقت وآخر تقتحم عليّ كجيش عدوٍّ أخرق.
* * *
مثل ذئب
لن أستطيع أن أكون واضحاً مثلكَ
مبتهجاً مضيئاً مثلكَ
تعمل عندما تلعب
أنتَ الأعمى الذي تحرق الأرض
لترينا البُقع المفحّمةَ على جلد حكاياتكَ إيقوناتٍ لاذعةً
لا تكترث بأحد ولا تصغي إلى نداء
تضحك مثل ذئب بعد وليمة
وتغضب مثل ذئب لن يجوع
لن أستطيع أن أكون مثلكَ
عدمياً وعملياً
تروي التاريخ كأنكَ آتٍ منه للتوّ
مطمئناً من دون دليل إلى الذي سيأتي
بثقةٍ وخفّة تكذب/ تصدق
تسخر من كل شيء
من دون أن تفكّر ولو لمرة
أن تضع يدكَ على كتف صديق
أو امرأة
لن أستطيع أن أكون مثلكَ
بريّاً ونظيفاً من الحبّ
أليفاً وغريباً مثل خردوات قديمة
في فناء مهجور.
شاعر سوري يقيم في نيويورك
النهار- يناير 2014