بوجههِ المُثلثي الصغير
بخطوطِ جبينهِ الأربعة المُتعرجةِ
كأنها أمواجُ بحرٍ هاربٍ من تعاليمِ أب
بالنقطةِ الحمراء تحتَ عينهِ اليُسرى
بالشفاهِ التي بللها السُكوت
بأيقونةٍ مسكونةٍ في عنقهِ البوذي
بأنفهِ الذي لمْ يعرف كيفَ يُفسِّر مرورَ رائحةٍ آسيوية أمامَ سهولهِ الأفريقية
بطولهِ السامري وهو ينحني أمامَ جلبةِ الأسماء
بعُتمةٍ مبهمةٍ تعلو وجهَ النهرِ الذي لمْ يغرق فيهِ
بأذنيهِ اللتين أربكتا أباه
ولماذا ابتسامتهُ تشبهُ موتَ جارِهم القديم
بصهيلِ حيواناتهِ المتقافزة على عتبة مذبحٍ أو حوضِ تعميد
باسمهِ الذي أورثهُ سُخطَ جداتهِ الريفيات
وولهَ بناتِ القبيلة
وبخطواتهِ المُتهالكة نحو رشفِ خديعةٍ ما،
حضرَ متأخراً هذا العبدُ
كانَ الربُّ قد انتهى مِنْ عدِّ إمائهِ واختيار محظية العام
وأنا كنتُ حرةً بما فيهِ الكفاية
لأحدثهُ عن حروبِ بلادي
لكنهُ ارتضى الوقوف هناك
وفي يدهِ قصعةٌ مُغطاة بجوعِ نظرة
يطاردُ ضحكة امرأةٍ مرتْ بكتمان قديسة
مثل غبار كوني يلتفُ حول سرِّ إله
لتستقرَ نجمةً آفلة
على كتفِ آخرِ الجنرالات
V.I.P
أنا منال الشيخ
ابنةُ المُهاجر الذي آوى قطّاع الطُرق في بيتِنا الطيني المُسقوف
ولم يطعمهم ما تبقى منْ أحلامِنا على مائدةِ احتضار
ابنةُ المرأةِ التي أحرقت آخرَ رغيفٍ كنَّا سنوكِل إليهِ أيامنا المعدودة
واتكأت على رهانٍ عتيق
ابنةُ الأسلاف، قاطعي الألقاب وسارقي رقاب البطولة
معتمري برق السماء
دونَ أن تطالهم لفحةُ موت واحدة
يطولُ عمرهم بعددِ الأئمةِ على جسرِ الخلود
ابنةُ الحارةِ المدورةِ المنكوبة بهجرانِ زواياها
التي كلَّما ركضتُ بعيداً عنها لأقبضَ على الأفق
وجدتُني ثانيةً على عتبةِ مسجدٍ مخمور
فيهِ الأدعيةُ تدور وتدور
كي يتزنَ قدري
بعدَ ستة وثلاثين حرباً خُضتها
ضدَّ أنيميا الوجود ووهمِ الأوتاد
بعدَ مئةَ أسرٍ أُطلقت منهُ نحو ممارسةِ دور ضحية الثيران
وما زالت القيودُ تدمي خطواتي النائحة
ولا شقَّ للجيوب هذه المرة
حيث أزرعُ الماءَ، تُرفع الآذان نكايةً بصمت الغابة،
وأحصد رفيف الملائكة
بكلتا يديَّ أعمِّر الغيمةَ من جديد
لي سماءٌ واحدة وأرضٌ واحدة وقِبلةٌ تترصدُني حيثُ أتوجه
ولا أؤمنُ بخيانة الله
حتى لو لمْ أكن أنا مَنْ وضعَ شعار الثقة على عُملةٍ زيَّنت مؤخراً نهودنا
وقضمت قشةَ الحياءِ الأخيرة
........
.......
أنا منال الشيخ
ابنة الحروب والبلد الطيوب
أختصرُ قبيلتي بأربعِ أصابع تعرفُ كيفَ تدكُّ وكْرَ النملِ الهائجِ
وتُشْعِلُ أُمنيتي على فتيلِ دمعة
دونَ أنْ أُحسس غُزاتي بالذنب
دونَ أنْ أغتربَ مع غُفرانٍ لنْ يتم
دونَ أنْ أمسحَ مؤخرةَ أبنائي بِحجارةٍ من أوهامٍ عربية
أخلعُ عُمري كلَّ مساء
أفترشُ غربةً أكَلَتها دودُ الغواية
أعدُّ ما تبقى من أيامٍ في جيبِ الشتاء
أرهفُ سمعي لرنينِ الحكايات
وهي تتساقطُ فوقَ بلاطِ السنين من فم ليل
رويداً رويداَ
أتسللُ إلى هذيانهِ المُلقى في زاوية عطشي
مجعداً
قذراً
تفوح منه رائحة سلام غريب
وصوت استلقاء أخير على مضاجع الريح
........
فهلْ عرفَ رحمُ أمي قبل أن يحبل بي
لأي مصيبة كان يعدُّ ؟؟!!
السفير
1/9/2007