***

محمد سالم ولد محمدو

  • من مواليد عام 1983.
  • حاصل على متريز أدب عربي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في موريتانيا.
  • محرر بيومية: السراج الموريتانية.
  • مسؤول الثقافة في جمعية شبيبة بناء الوطن.

لم يطبع ديوانا حتى الآن.

ويسقط الإرهاب

لك يا حبيبة في الفؤاد كتاب
ومآذن مرفوعة وقباب
وجداول ينساب في أرجائها
ماء الحياة وحبك الغلاب
ويسافر العشاق في جنباتها
وتزم للشوق القديم ركاب
أنا في هواك قصيدة قد صاغها
ألق الدماء وومضها الخلاب
أحي مع الزيتون أحمل جرحه
ويلفني من حزنه جلباب
ويمضني الطيف الرؤوم فأنتشي
طربا وتبسط للهوة أهداب
وتواشجُ الأهواء ينشد بيننا
ما للحبيب عن الحبيب حجاب.

قدري الحياة على هواك وإن سطا
سيف البعاد وأوصدت أبواب
وتغولت أيدي الشتات وغالني
في الليل خلف حصونك السرداب
عذري غليك وقصتي موصولة
فأنا سؤال حائر وجواب
أنا ما رحلت عن الربوع ولا خبا
نجم الهوى.. لكنه الإرهاب
قد كنت طفلا يوم مر بحينا
جيش الظلام وجنده الأغراب
الحارة الغناء كان أريجها
بالحب في أرجائها ينساب
زجلا بها يشدو الحمام كأنه
في روض يانعة ينساب
لكنه الإرهاب ليل قاتل
أو خنجر أو مخلب أو ناب
ورحلت أحمل في الجوانب لوعتي
وتدفقت بدموعي الأكواب
طفلا تقاذفه الدروب ورقصة
في عمقها تتولد الأحقاب
أحيى على الأمل المضرج بالدما
ويلوح لي خلف التلال سراب
لكنه الأمل الذي أحيى به
ينمو ويشدو طيره الوثاب
فأراك في الصوان تخسأ فوقه
للمعتدين معاول وحراب
في عنفوان الموج في الفجر الذي
ببهائه عسف الدجى ينجاب
وعلى جباه الساجدين لربهم
يكسوك من نور الجلال إهاب
لك في النفوس الطاهرات قداسة
وبكل قلب مؤمن محراب
ويظل يخفق في الجوانح صادحا
أمل الإياب وصوته الجذاب
قسما سترجع للربى رايتنا
وتضمنا بعد الشتات رحاب
ويقلم الفجر البهيج أظافر الـ
ليل البغيض وتكسر الأنياب
وأعود للارض التي أنا طفلها
أنا شيخها ويسقط الإرهاب.

إلى من وراء القضبان

يا رافعين بناء الدين حين عفا من بعد ما أنشد الناعون فيه فقا
والماسكين بحبل لم يكن خلقا حبل النبي وحبل السادة الخلفا
أكسبتم العلم في عرنينه شمما قلدتموه على آذانه شنفا
تقفون في المهيع الهادي وشيعته والسابقين أولي الإحسان والسلفا
تأتي أحاديثكم بالعلم حافلة كالوابل الجائد المهطال إذ وكفا
كأن سجنكم والله يكلؤكم منابر الذكر أو هو مسجد الشرفا
فالله يحفظكم من كل غائلة والله يعصمكم من صولة الضعفا.

العراق

كفكف الدمع أيهـا المشتـاق
              لا يرد العـراق دمـع مـراق
لا يرد العراق شعـر رقيـق
              أو مقـال منـمـق بــراق

لا يعيد العراق آيـات سـوء
              قـد براهـا تملـق ونفـاق
لا يعيد العراق جيران سـوء
              همها الدهر فرقـة وشقـاق
لا يعيد العراق غيـر لهيـب
              تلتظي مـن لهيبهـا الآفـاق
ومسـح مـن القنابـل هـام
              يغسل العار سيلـه المغـداق
صفقة الله والشهـادة ربـح
             والمياديـن للعـلا أسـواق
أطربتني الرماح لما تـراءت
              فأنـا اليـوم هائـم مشتـاق
كلمـا لاح بالرمـادي بـرق
              هاج للقلب شجـوه الإبـراق
كل شبر من العـراق لهيـب
              ومياه الفـرات سـم زعـاق
تعزف النار في المدائن لحنا
              تتهـادى أنغامـه العـشـاق
هكذا الفن أو يكـون هـراء
              هكذا الحب رقصـة وعنـاق
حمحمات الفرات أنشرن سعدا
              ومن الموج صافنات عتـاق
فلسفات السلام أفلسن حتـى
              ماتواتـي مـدادهـا الأوراق
إنما السلـم مانـراه عيانـا
              منطق العـدل أو دم مهـراق.

***

صلاح الدين ولد أحمد

  • من مواليد نواكشوط، 1983.
  • حاصل على بكالوريا آداب عربية.
  • عضو نادي الشعراء الشباب.

لم يطبع ديوانا حتى الآن.

عودة السامري

لقد عاود السامريّ الحمى
وأخرج للناس ربا جديدا
قوادمه متراعات الروى
في سيول الدماء.

زبانية العجل جاسوا خلال الديار
وما زال هارون يرقب قولك
مدرعا صمته
وهل كان أفصح منك لسانا ؟
ليصرخ في الناس:
لم يخلق الدهر ليلا مديدا
ولم تغرب الشمس بالأمس
إلا لتشرق فجرا جديدا
ولم تك يوما دروب التحرر
إلا نعوشا يزف عليها الشهيد الشهيدا.

زبانية العجل جاسوا خلال الديار
لكي يكملوا صنع رأس الإله
فقد سلبوا أمنا حليها
وقد سرقوا الكيز من قبر جدي
أقاموا على الشمس أستارها دوننا
فجفت على مضض ما استهلت دموع السماء
لما تحمل الأزض من ذكريات الدماء.

زبانية العجل جاسوا خلال الديار
يطوفون بالسحر من حولها
فساقو ا به كل يوم عبيدا
أأصبح من خشية السحر عبدا ؟
أم أأبق من ذكريات العصى يوم كانت تلقف ما يأفكون ؟
أم تراني إذا تخلقت ذيلا كذيل الإله، أكون جديدا ؟
أم تراني لو أنسف في اليم نفسي نسفا أكون شهيدا ؟
أم آخذ من نسخة اللوح هديا
وأعبد في العجل حصة أمي
وأنتظر الموت حتى يعود إلى الذات موسى
فأني يخامرني حدس موسى
يلامس في عتمة التيه طيفا من الشمس نكابد منه الزمان الجليدا.

هوس

رحماك لا تتشبثي بردائي
هوسا ولا تتأملي أرجائي
نظراتك العطشى تحز مقاتلي
إذ ترمقيني نظرة استسقاء
ويداك تكتنزان مرقص أعيني
ونقوشها الحمراء عزف دمائي
وجمالك المسفوح يخنق حسرتي
متوشحا بمطامح الضعفاء
وسواد صمتك لا يزال يلوكني
ويمجني بعبارة خرساء
أيكون حبا ما أعتراك فإنها
مزجت لحبك آهتي بغناء
وتناسخت عبر الهوى في حيرتي
زفرات لحن ميت الأصداء
وبدا لنفسي أن أحب غباوتي
كي لا أبرر غلطتي بذكاء
فلبست من حلك الشعور براءتي
فعلا غبار الضوء من جرائي
فإذا الحياة جديرة أن تطردي
شبح العنوسة عن خجول عنائي
لا تعفني فقد أعترتني تهمتي
حتى عشقت عقوبتي وجزائي
لا تخطبيني بالولاء لأنني
قد لا أجيد تمثل الأمراء
ثوري علي وكذبيني مرة
فلقد سئمت رتابة الإصغاء
ثوري علي وأشعلي في غرفتي
لحن الحياة وبعثري أشيائي
كونيكِ أنت ولا تكونيني أنا
إني أهاجرني من الإرضاء
هاجرت فيّ فلا تكوني نسخة
مني ولا تتقمصي أعبائي.

***

ابن رازكه

ابن رازكه هو عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الطالب بن حبيب بن أبيج ينتهي نسبه إلى يحي العلوي الجد الجامع لأكثرية عائلات قبيلة إدوعل في موريتانيا.
ولد في بداية النصف الثاني من القرن 11 هـ، عاش فترة من حياته في مدينة شنقيط وأنتقل إلى أرض الكبلة إبان انتقال جده العلامة عبد الله بن الطالب إليها.
مكث فيها فترة ثم رجع إلى شنقيط مسقط رأسه.
وقد كان جوالا في البلاد من الجنوب إلى الشمال إلى الشرق لم يزل هذا دأبه إلى أن أستقر به المقام في مسقط رأسه شنقيط، حيث توفي عام 1144 هـ.
وقد بلغت مكانته العلمية والأدبية شأوا عظيما، وعايش رجالات علم وأدب وسياسة ومشائخ عدة تلميذا أو قرينا أو رفيقا أو خلا صديقا أو معاصرا بواسطة اللقيا والأخذ المتبادل.
يقول عنه صاحب الوسيط "وكان عبد الله المذكور متفننا في فنون شتى. منها: النحو والعربية والبيان والمنطق والفقه والهندسة والرياضة. والتربيع وغير ذلك."

أغرام سقى

أغرام سقى قلبي مدامته صرفا
ولما يقم العدل عدلا ولا صرفا
قضى فيه قاض الحب بالهجر مذ غدت
مريضا بداء لا يطب ولا يشفى
نهاري نهر بين جفني والكرا
وليلي بحر مرسل دونه سجفا
جريح سهام الحب عاث به الهوى
فابدى الذي أبدى وأخفى الذي أخفى
توطنت الأشواق سوداء قلبه
فترفعه ظرفا وتخفضه ظرفا
يحاول سلوان الأحبة عذلي
وهل السلوان من يفقد الإلفا
سهرنا فناموا ثم عابوا جفوننا
لقد صدقونا المره لا تشبه الوطفا
فحسب المحب الصادق الود قلبه
جفاء بشكواه مرارة ما يجفى
وما ضر أوصال المحب مقوتا
رجاء وصال الحب أسنانها عجفاء
لئن فاتنا عين الحبيب فإنما
بآثاره الحسنا إكتفاء من أستكفى
فإن لم تر النعل الشريفة فأنخفض
لتمثالها وأعكف على لثمها عطفا
ولا ترض في تقبيل إلف تحبه
إذا أمكن التقبيل ألفا ولا ضعفا
بدت روضة نشرية المسك أوشكت
لطيب شذاها العين أن تحسد الأنفا
أيمكن رأس ضمه الفم دونها
أيملك جفن غضه دونها الطرفا
ترد الردى المخشي وشك بلائه
ولولا قضاء سابق ردت الحتفا
وتجلب في السوق التكسب طرفة
وتجنب في مضمار نيل العلا طرفا
ورمحا أدينيا وسهما مفوفا
وسيفا سريجيا وسابغة زعفا

فشمر وأظهر كل سر تضمهم
وإياك والإضمار في الشرح والحذفا
وحكم لها من هن للفضل حكم
ثلاثتهن الشرع والعقل والعرفا
مضى سلف في خدمة النعل صالح
فكن خلفا فيما تعاطوه لا حلْفا
رأوا تلك في الدنيا الدنية قربة
إلى الله في الأخرى مقربة زلفا
أرى الشعراء الهائمين تشببوا
بذكر المحاكي من يحبونه وصفا
يذيعون ذكر البان والحقف ذي النقا
ويطرون ذات الخشف بالقول والخشفا
فها أنا في تمثال نعلك سيدي
مضيت على التحقيق في الوصف كالاشفا
وإني وتوصافي بديع حلاهما
كمن هم بالبحرين يفنيهما غرفا
موازي تراب النعل بالتبر سائم
جبال شرورى الشم إن تزن الزفا
أيا من سقت الفا ظماء بنانه
كما وهبت ألفا كما هزمت ألفا
يد سميت في فادح الفقر راحة
كما سميت في كفها للعدى كفا
ومن قام في الإسراء والحشر خلفه
نبيئوا إله الحق كلهم صفا
نبي وقانا صرفي الدهر يمنه
فها نحن لا أزلا نخاف ولا عنفا
له مكنة في علم كل خبيئة
يقينا ولم يخطط على مهرق حرفا
تناهى إليه علم ما كان أودعت
بنات لبيد بئر ذروان والجفا
وما في ذراع الشاة مما تعمدت
يهود ولكن ما أعف وما أعفى
وما ملكوت العرش عنه مغيبا
يعاينه والعين نائمة كشفا
يجوز عليه النوم شرعا وما سها
له قلبه اليقظان قط وما أغفى
وما أرضة البيت الحرام تعقبت
كتاب قريش إذ نفت كل ما ينفى
لمولدك الميمون آي شهيرة
شفت غلة الراوين من قولها الشفا
وفيما رأت عينا حليمة مذ رأت
تبنيك هو الأحظى شفاء من أستشفى
ولو لم يجبك البدر لما دعوته
لما شئت لم ينفك نصفين أو نصفا
ولم تك أم المؤمنين وإن سخت
لتفنى لولا كيلها ما على الركفا
إلى معجزات أنجم الجو دونها
نموا وحسنا وارتفاعا ومصطفى
فلا الدهر يحصيهن عدا ولو غدت
مدادا لياليه وأيامه صحفا
بك الله نادى عالم العقل باليا
فأرواهم عدلا ووفقهم لطفا
تأثل منك النجم كيفية الهدى
وشمس الضحى الإشراق والعنبر العرفا
ورشدك ما أبداه فأنكشف العمى
ووجهك ما أبهى وقلبك من أصفا
ونورت أضغان العدو مواليا
عليهم هدى الآيات يشرقن والزحفا
ولي فيك عين ما إن العين ثرة
حكتها ولا هامي الحيا مثلها وكفا
وخد كما تحت المحيط من الثرى
فأليته لا جف إلا إذا جفا
وفكرة حيران الحجا قذفت به
نوى شطر من حيث لم يحتسب قذفا
وقلب تولى الحب تصوير شكله
صنوبرة ثم أستبد به حلفا
فكان سواء عذبه وعذابه
عليه فما أستعفاه قط ولا أعفا
وشعر بديع لو حوى الفتح شينه
تمنت عذارى الحي وارده الوحفا
فإن لم يكن حق النبي فزخرف
إذا زلزلت للحشر ألفيته كهفا
قفوت بها الشامي في الفاء موقنا
بأني وإن دون إدراكه ضعفا
أنا التابع النعات فيك مؤكدا
بيانهم أرجو به عندك العطفا
أتخذتك كهفا دونما أنا خائف
فلم أخش في أعقاب حادثة لهفا
فرشني ومن راشت يداك جناحه
يكن آمنا ما عاش في دهره النتفا
وأطلق سراحي من ذنوب عظيمة
تعاظمني اينافها ليتني أكفا
عليك صلاة الله جمعاء كلها
وتسلمه ما طاش عقل وما ألفا
وآلك وصحبك الذين علاهم
أقلتهم أرضا وظلتهم سقفا.

دع العيس
دع العيس والبيداء تذرعما شطحا
وسمها بحور الآل تسبحها سبحا
ولا ترعها إلا الذميل فطالما
رعت ناضر القيصوم والشيح والطلحا
ولا تصغ للناهين فيما نويته
وخف حيث يخف الغش من يظهر النصحا
فكن قمرا يفري الدجى كل ليلة
ولا تكن كالقمري يستعذب الصدحا
وقارض هموم النفس بالسير والسرى
على ثقة بالله في ذيلك الربحا
وأم بساط أم الشريف محمد
مبيد العدا ذكرا ومبدي الهدى صبحا
فتى يسع الدنيا كما هي صدره
فأمسى به صدر الديانة مندحا
ومن هديه ساوى النهار وليله
فأمسى يذيب الخافقين كما أضحى
ومن هو غيث أخضل الأرض روضه
فلا يظمأ الآوي إليه ولا يضحى
وليث بحق الله لم يبق رعبه
عواء لكلب الترهات ولا نبحا
هزبر عدا في شرعة الرمح والعدا
عدوا بقرا يستعمل النحر والذبحا
أمير ملوك الكفر أضحوا لسيفه
كما تتبغى الذبح في عيد الأضحى

تزيد على الفاقات فيضات كفه
فيغرق في التيار من يأمل النضحا
فأي منى لم نرو منها فإن تكن
فمحرومة أن تبرد الظمأ البرحا
فلا ترم التشبيه فيه فقد جرى
مع الظاهر المدني مع السكر الملحا
سعى وسعوا للمكرمات فأقصروا
ولم يرض حتى أستكمل الكرم القحا
وفلق فيهم بيضة المجد قاسم
فناولهم فيضا وناوله المخا
فتى يستقل البحر جود بنانه
على حالة استكثار حاتم الرشحا
مساعيه في الخبط الجليل يرومه
كآمال من يرجوه تستصحب النجحا
صفات كدر البحر صفوا ولجه
حساب فمن يأتي على مائه نزحا
وآيات علم أغمد الجهل نورها
وغايات جد ليس تطلابها مزحا
ورأي يريه اليوم ما في حشا غد
ويكشف عنه من دجى ليله جنحا
وحزم يهز الراسيات ثباته
وعزم يحاكي الزند ماضيه قدحا
وكف تري كف الحيا كيف ينهم
إلى خلق يري نسيم الصبا النفحا
وبشر محيا علم الصبحا مسنا
وقبض أرى النار التأجج واللفحا
وتأليفه أشتات كل فضيلة
ومكرمة غراء تعجزنا شرحا
كفانا اتخاذ الفال في القصد يمنه
فلسنا نخط الرمل أو نضرب القدحا
نهيب مخوف بطشه تحت حلمه
عفو يرى إلا عن الباطل الصفحا
فهل كان معزوا إلى الحلم قبله
نعم أو كريم يدعي غيره سمحا
فأقدم حتى فارق الجبن صافر
وجاد إلى أن عاف مادر الشحا
ولم تذعن الأعداء محض مودة
إليه ولكن إنما كرهوا القرحا
رأوا ضيغما يعطي الحروب حقوقها
وأن تضع الأوزار يبرم لها صلحا
ويستغرق الأوقات في الجد كلها
ولا يهاب التلعاب ما يسع للمحا
مواصلة حبل الجهاد جياده
ووقفا على غزو العدا عدوها ضبحا
معاديه معطى بالحياة منية
وبالجنة الأخرى وبالسندس المسحا
أيا بن أمين المؤمنين وسيفه
وصمصامه أن يرفع الضرب والنطحا
تشابهه خلقا وخلقا فسامه
إلى الفلك الأعلى فإنك لا تلحى
تهندست العليا فأحرزت جسمها
بإحرازك النقطات والخط والسطحا
فكم من حديث كان يسند للندى
ولكنه لولا نوالك ما صحا
فاعطيتني الأعيان والعين والكسا
وبيض الظبا والخيل والطلحا
فلا زلت للإسلام عيدا منغصا
تنغص حسناه السعانين والفصحى
أبوك لحكم الشرع ولاك عهده
فلم تلق كدا في السؤال ولا كدحا
وأعطاك إذ ليس غيرك أهله
وللعقل نور ميز الحسن والقبحا
كفى دره فخرا تحليك سمطه
ومنعكه تلك المعرة والقدحا
فأهدى إليك الدهر بلقيس ملكه
وأبدى لك الكرى والعرش والصرحا
وولاك رب العرش ملك بقاعها
وأصحبك التمكين والنصر والفتحا
إليك بها يا كعبة المجد كاعبا
من الشعر لا تسطاع أركانها مسحا
أكلفها فرض المحال آداءها
لشكر ندى لا ينتهي مزنه سحا
فخذها ابنة الحاء التي الحمد مبتدى
لها وبها خلاقها كمل المدحا.

***

سيدي محمد ولد الشيخ سيديا

ولد عام 1832، ونشأ في أحضان والده الذي أشرف على تربيته وتكوينه تكوينا عليما وأدبيا مكثفا، مما أسهم في شحذ وتهذيب موهبته، فتفتقت باكرا بالشعر والأدب.
هو من أعلام بلاد شنقيط، أديب ولغوي له يد طولى في النحو وعلومه، تميز شعره بالرقة وسلاسة العبارة، وهو من الشعراء الملتزمين بقضايا الوطن والأمة، فقد كان شعره مثالا للشعر السياسي الثائر.
له ديوان شعر.

وكتب أخرى منها: كتاب الأجوبة، ومجموعة وصايا.

رويدك إنني شبهت دارا

رويدك إنني شبهت دارا على أمثالها تقف المهارى
تأمل صاح هاتيك الروابي وذاك التل أحسبه أنارا
وتان الرملتان هما ذواتا عليان وذا خط الشقارى
وإن تنجد رأيت بلا مثال جاهير الكناوين الكبارى
هنالك لا تدع منهن رسما بدا إلا مررت به مرارا
ولا تقبل لعين في رباها تصون دموعها إلا إنهمارا
ودر بين الميامين العوالي فإن على معاهدها المدارا
إذا كنت الوفي فعلت هذا فراعيت الذمامة والجوارا
وإلا خلني وخلاك ذم فإن لديّ أحداقا غزارا
وقَدني من إعانتك إنتظاري أنياً ريثما أبكي الديارا
وإن كنت الخلي ولا وفاء لديك فتستطيع لي إنتظارا
فبله اللوم ثم إليك عني فلا ضررا أريد وضرارا
ولا عار عليك فأنت مرؤ ترديت السكينة والوقارا
ولكنا رجال الحب قوم تهيج ربا الديار لنا إدكارا
سقانا الحب ساقي الحب صرفا فنحن كما ترى قوم سكارى
نرى كل الهوى حسنا علينا إذا ما الجاهلون رأوه عارا
وأحرار النفوس تذوب شوقا فتأتي كل ما تأتي إضطرارا
ومن يأتي الأمور على إضطرار فليس كمثل آتيها إختيارا
ترانا عاكفين على المغاني لفرط الشوق نندبها حيارى
أسارى لوعة وأسى ننادي وما يغني النداء عن الأسارى
ولو في المسلمين اليوم حر يفك الأسر أو يحمي الذمارا
لفكو دينهم وحموه لما أراد الكافرون به الصَّغارى
حماة الدين إن الدين صارا أسيرا للصوص وللنصارى
فإن بادرتموه تداركوه وإلا يسبق السيف البدارا
بأن تستنصروا مولى نصيرا لمن وإلى ومن طلب إنتصارا
مجيبا دعوة الداعي مجيرا من الأسواء كل من إستجارا
وأن تستنفروا جمعا لهاما تغص به السباسب والصحارى
تمرعلى الأماعز والثنايا قنابله فتتركها غبارا
ثنى ربد النعام بحافتيه وتعيى دون معظمه الحبارى
يلوح زهاؤه لك من بعيد كما رفع العساقيل الحِرارا
تخال سلاحه شهبا تهاوى وتحسب ليلها النقع المثارا
ولولا النقع إن يلمع بليل لصيّر ضوئه الليل النهارا
بكل طليعة شهباء تبدي إذا طلعت من الصدإ إخضرارا
وتخفق فوقها بالنصر راي فتحسبها بها روضا أنارا
وفتيانا يرون الضيم صابا وطعم الموت خرطوما عقارا
أحبوا ملة البيضا فكانوا عليها من مُراودها غَيارا
سُطاة فوق متني كل ساط قليل من ينال له عذارا
بما يحويه من وصف حميد على أحزان فارسه أغارا
وسلهبة مفاصلها ظماء قوائمها رِواء لا تجارا
عليها من محاسنها شهود على أن لا تباع ولا تعارا
بأيديهم مذ ربة طوال ترى الأقران أعمارا قصارا
وبيض مرهفات جردوها وردوها من العلق إحمرارا
تفري الأهب قبل الضرب عنها ولا عظم يفل لها غرارا
وكل أخي فمين أبى إعتدالا وتقويما عن الغرض إزورارا
مسل شطبيه في المتن منه إلى تسديد شارته أشارا.

أدمعا تبقيان

أدمعا تبقيان بغرب عين وقدعاينتما دار الكنين
أليس من الوفاء لقاطنيها إذالة ما يصان بكل عين
بلى إن البكاء على المغاني بمنهاج الصبابة فرض عين
وإن لم يبق منها غير رسم كوشم في نواشر معصمين
فإن لها يدا دينا علينا وحتم أن يؤدى كل دين
أفاويق الصفاء بها ارتضعنا مدى حولين كانا كاملين
ولم يسحر فؤادي قط طرف سوى طرفين فيها ساحرين
فذانك تاركا قلبي وروحي لنيران المحبة صاليين
فعوجا يا خليلي الذين هما مني بمنزلة اليدين
عليها باكيين وحيياها معي حييتما من صاحبين
قفا ثم إرجعا الأبصار فيها وعودا فأرجعاها كرتين
بها مترسمين لها وكونا إذا لم تبكيا متباكيين
وإن جمدت عيونكما كلاني إلى عينين لى نضاختين
وكونا عاذرين ولا تكونا إذا لم تسعداني عاذلين
فما لكما سوى الذكرى سبيل علي فلستما بمسيطرين
وقد حوت الميامن منزلات وريع بني المبارك منزلين
ومغنى حول ذات القرم عاف وآخر دارس بالتيرسين
ودار حول حقف النصف أقوت وأخرى أقفرت بالتوأمين
سقاها كل منهمر العزالي من الأزمات يغسل كل رين
فتصبح غبة الأجراز تحكي مصانعها تعاويذ اللجين
وتشبه في غلائله هدايا برزن إلى الزفاف بكل زين
معاهد عندنا في الحب فاقت معاهد منعج والرقمتين
ليالي لا أحاذر أن ألاقي صدودا من سعاد ولا بثين
ولم تقل العذاري أنت عم نعدك عندنا أحد الأبين
تحن إلى الشباب ولست منه على حظ سوى خفي حنين
فقلت لهن إن يك وخط فودي يسوء الفاليات إذا فليني
فكم يوم يعز على الفوالي به مني فراق المفرقين
وكم يوم وترت به العذاري كيوم مهلهل بالشعثمين
يجبن إذا دعا الداعون باسمي كأني عندهن إبن الحسين
تلاحظني العبور مع الغميصا فآنف عنهما للمرزمين
وإن أبدت لي الجوزا وشاحا سلكت بها سبيل الشعريين
وإن تشر الثريا لي بكف خضيب قلت عنى للبطين
وحيث بنات نعش درن حولي تركت وصالها للفرقدين
وكم شمس بهالتها تحلت ولاحت بالزوال خلال غين
وغار البدر إذ ولته منها نوارا فأزدريت النيرين
ولا عجب إذا خنتن عهدي وآثرتن إقصائي وبيني
فقد خنتن في القدماء عبديــ ــــن قبلي للمهيمن صالحين
ومن شرخ الشباب أعتضت حلما وحال الحلم إحدى الحسنيين
وكنت إذاعزمت على ارعواء وجدت عزيمتي إسراء قين
وكم سامرت سمارا فتوا إلى المجد أنتموا من محتدين
حووا أدبا على حسب فداسوا أديم الفرقدين بأخمصين
أذاكر جمعهم ويذاكروني بكل تخالف في مذهبين
كخلف الليث والنعمان طورا وخلف الأشعري مع الجويني
وأوراد الجنيد وفرقتيه إذا وردوا شراب المشربين
وأقوال الخليل وسيبويه وأهلي كوفة والأخفشين
نوضح حيث تلتبس المعاني دقيق الفرق بين المعنيين
وأطوارا نميل لذكر دارا وكسرى الفارسي وذي رعين
ونحو الستة الشعراء ننحوا ونحو مهلهل ومرقشين
وشعر الأعميين إذا أردنا وإن شئنا فشعر الأعشيين
ونذهب تارة لأبي نواس ونهب تارة لإبن الحسين
وإني والنهى تنهى وتجلو خفايا اللبس في المتشابهين
عدتني أن أصافي كل خل مخايل من مداهنة ومين
كلا أخوي يظهر لي ودادا فأعرف ما يُسر كلا الأخين
فمن يك راغبا في القرب مني يجدني دون ماء المقلتين
ومن يوثر قلاي فليس شيء يواصل بينه أبدا وبيني
ألاحظ من خليطي كل زين كما أُغضي له عن كل شين
ولا أصغي إلى العوراء حتى يرى أني أصم المسمعين
وما جهل الجهول بمستفِزي ومالي بالدنية من يدين
وأحمل كل ما يأتي خليلي له إلا عبوس الحاجبين
وليس يهولني من مستشيط تهدده بنفض المذروين
وعندي جانب في الهزل لين وآخر عند جدي غير لين
وقد يلفى إذا الجلى إدلهمت أسامة من يظن أبا الحصين
ومهما يعرني للهم ضيف يجر من البلابل ضيفنين
جعلت قراه أكوم قيسريا هجان اللون جون الذفريين
كأن صنانه المنباع نقس تحدر من جوانب قمقمين
على ليتين كالترسين مُدا إلى كالقصر رحب القصريين
يزم عن الكلال وكل نعت يعاب سوى إنفتال المرفقين
رعى روض الحمى غضا نضيرا فلم يحتج لماء الدحرضين
وعن صدَّا له السعدان أغنى إلى أمد إنسلاخ جماديين
له أفتر الكمام بكل ثغر وبكّاه الغمام بكل عين
فملكه الرعاة الأمر حتى كساه الني نسج المشفرين
تثبطه أداهم من حديد ينوء بها مداني الساعدين
إلى أن كاد وهو بلا جناح يطير بقوة في المنكبين
هناك علونه بقتود رحل حماه الكتر مس المتنيين
فحاول أن يبارى في البراري هجفي سابق بالدونكين
يسير الخيطفى حينا وحينا يراوح بين كلتا الخيزلين
يولي المعز اخفافا خفافا تغادر كل صخر فلقتين
تقاذف بينها الظران شتى تقاذف أيمنيين أعسرين
به أحيي التداني كل حين وأدنو للتنائي كل حين
أغادره وقبلي مستحيل عليه الأين ذا ظلع وأين
وأرحله سليما منسماه وأرجعه رثيم المنسمين
ولو لم ألفه أصلا لطارت بي العزمات بين الخافقين
فللعزمات أجنحة تداني كلمح الطرف بين الشاحطين
فشطر المشرقين تام آنا وآونة تام المغربين
وليس كمثلها وزر للاق من الدهر إزورار الجانبين
فما حر يقر بدار هون ولو كانت مقر الوالدين
وأهل المرء نيل غنى وجاه وهل يسعى الرجال لغير دين
ومسقط رأسه ضر ونفع وإلا فإتباع القارظين
فمال المنذرين يعد فقرا بلا عز ومال الحارثين
وعز الحارثين يُعد ذلا بلا مال وعز المنذرين
فعش حرا فإن لم تستطعه فضربا في عراض الجحفليين
وهون في أقاص الناس هين وهون في العشيرة غير هين
فما المنكور من أصل وعين بكالمعروف من أصل وعين
ولما صاح من فؤادي نذير وصرح ثانيا بالعارضين
وقبل الشيب إيجادي نعاني فليس الشيب أول ناعيين
وداعي القلب بالتجريب نادى وداعي الله أندى الدعيين
سلا قلبي عن الدنيا لكوني وما أهواه منها فانيين
وإني إن ظفرت به فلسنا على حال تدوم بباقيين
ولكنا إذا طبق تولى على طبق ترانا راكبيين
وعن عهد الشبيبة والملاهي وأيام الميامن والكنيين
سوى أني أستباح حريم صبري هوى الحرميين أشرف موطنيين
وسوف تفي العزائم والمهارى بوعد منجز من وافيين
فقد منينني قبل المنايا مرور ركائبي بالدهنوين
ينازعن الأعنة سالكات ممر الجيش بين العدوتين
تبادر بالحجيج ورود بدر ويحدوها الحنين إلى حنين
قواصد رابغا تبغي اغتسالا وإحراما لديه وركعتين
تمر بذي طوى متناسيات لفرط الشوق كل طوى وغين
من التنعيم يدعوها كداء إلى البطحاء بين الأخشبين
على باب السلام مسلمات بتطواف وسعي عاجليين
تناخ لحاجتي دنيا وأخرى هناك فتنثني بالحاجتين
ببيت الله ملمس كل حاج تعالى الله عن كيف وأين
حمى إن أمه لاج وراج يكونا آمنيين وغانميين
فمن يجهل حمايته يسائل أمير الجيش عنه وذا اليدين
إلى خيف المحصب رائحات بكل أشم ضاحي الوجنتين
وتغدو بالشروق مبادرات بنا إجلي نعام جافلين
من التعريف مسيا صادرات يخدن منكبات المأزمين
ومن جمع يسرن مغلسات لوقفة ساعة بالمشعرين
ببطن محسر متراميات لأولى الجمر دون الأخرين
وترجع إن أفاضت لابثات ثلاث ليائل أو ليلتين
وللبيت العتيق مودعات قد إرتاحت لإحدى الراحتين
وأخرى لم تكن لتنال إلا مرور محل إحدى الهجرتين
إليها من كدى يهبطن صبحا هبوط السيل بين القنتين
توخى مسجد التقوى تحرى مناخ محمد والصاحبين
تمر بذي الحليفة حالفات على الألباب بين اللابتين
فتستقصى بها الركبات منها من القصوى مكان الركبتين
ولا تلقي عصي السير إلا إذا وصلت لثاني المسجدين
ضريح المصطفى صلى عليه مع التسليم رب المشرقين
يحف خليفتاه به فأكرم بهم من مصطفى وخليفتين
وأصحاب البقيع ومن حوته من الأبرار كلتا البقعتين
جزوا عنا بريحان وروح عليهم لن يزالا دائمين
وأوتوا جنتين دنت عليهم بخير جنى ظلال الجنتين
أولاك الناس أهل الله حقا حماة الدين بالأسل الرديني
بهم يا رب عاملنا جميعا بلطفك دائما في الحالتين
وبالمأمول جد فضلا علينا وقِ الأسواء في الدارين تين
وبالحسنى لنا فأختم إلهي كتاب الحافظين الكاتبين.

يا معشر البلغاء

يا معشر البلغاء هل من لوذعي يهدي حجاه لمقصد لم يبدع
إني هممت بأن أقول قصيدة بكرا فأعياني وجود المطلع
لكم اليد الطولى علي إن أنتم ألفيتموه ببقعة أو موضع
فأستعملو النظر السديد ومن يجد لي ما أحاول منكم فليصدع
وحذار من خلع العذار على الديا ر ووقفة الزوار بين الأربع
وإفاضة العبرات في عرصاتها وتردد الزفرات بين الأضلع
وتذاكر السمار بالأخبارمن أعصار دولة قيصر أو تبع
والقينة الشنبا تجاذب مزهرا والقهوة الصهبا بكأس مترع
وتداعي الأبطال في رهج القتا ل إلى النزال بكل لدن مشرع
فجميع هذا قد تداوله الورى حتى غدا ما فيه موضع إصبع
والشعر ليس كما يقول المدع صعب المقادة مستدق المهيع
كم عز من قح بليغ قبلنا أو من أديب حافظ كالأصمعى
هل غادرت هل غادر الشعراء في بحر القصيد لطامع من مطمع
والحول يمكثه زهير حجة أن القوافي لسن طوع الإمعي
إنا لقريض مزلة من رامها فهو المكلف جمع ما لم يجمع
إن يتبع القدما أعاد حديثهم بعد الفشوّ وضل إن لم يتبع
والشعر للتطريب أول وضعه فلغير ذلك قبلنا لم يوضع
وإليه ترتاح النفوس غلبة فيميلها طبعا بغير تطبع
ينساغ للأذهان أول مرة ويزيد حسنا ثانيا في المرجع
فيخال سبق السمع من لم يستمع ويعود سامعه كأن لم يسمع
كالروض يغدو السرح فيه وتنثني عند الرواح كأنه لم يرتع
من كان مسطاعا له فليأته وليقن راحته إمرؤ لم يسطع
والجل من شعراء أهل زماننا ما إن أرى في ذا له من مطمع
واليوم إما سارق مستوجب قطع اليمين وحسمها فليقطع
أوغاصب متجاسر لم يثنه عن همه حد العوالي الشرع
مهما رأى يوما سواما رتعا شن المغار على السوام الرتع
فكأنه في عدوه وعدائه فعل السليك وسلمة بن الأكوع.

***

محمد ولد ابن أحميده

  • من مواليد عام 1897.
  • توفي عام 1943.
  • من أبرز الشعراء الموريتانيين خلال القرن الماضي.
  • عرف بشعر المساجلات، حيث دخل في مساجلات هجائية مع أغلب معاصريه.

تخطى ركبه الطلل القواء

تخطى ركبه الطلل القواء ولم يحبس بساحته النواء
ولم يسعده في التعريج حتى كسته يد الهوى العذري داء
فعاج على الطلول جوى وحيا وناداها فلم تجب النداء
فأذكى النوى منثلما وأغلى لظى زفراته فبكى بكاء
فصار مصون أدمعه مذالا كأن الجفن قد جفن الصراء
ومدته شؤون حفل ما ترى لأتي ثرتها انتهاء
كأن هتونها تهتان وطفا تؤم بها الجنوب الجرباء
فقال الركب صاحبكم مصاب تقطع قلبه فجرى دماء
تذكر صفو أزمنه فبكى أيحجو في البكاء له الشفاء
فقلت نعم إخال به شفائي أأنتم خلتم الغدر الوفاء
فقالوا ما الوفاء فقلت ألا تكونوا طالبين لي العزاء
ذكرت وقد توانى الركب "لبنى" ولبناها المقتر والبكاء
وأحورها الغضيض الطرف الأحوى وسهم لحاظ أجورها المضاء
وألمها الدوسي الأقاحي وقرقف ريقها المشجوج ماء
وأليلها المضلات المداري غدائره ومؤتزرا طواء
فما لبنى على العلات إلا غزال بين ربربه تراءى
وإني والليالي لاعبات بمن فيهن أحسن أو أساء
تقضت أزمن العفلات عني وما خرقت عن بصري الغطاء
فهل لي من يد الأهوا تفض فأختلب المشقة والعناء
وأقتني ارعواء ليت شعري أمقدور أن أقتني ارعواء
محضت مودتي لبنى فكانت إذا ما خلتها تدنو تناءى
وتجعل وهو شيمتها إذا ما أتيت أزورها دوني الدناء
فقد ظلمتك بالإقصاء لبنى وأولتك القطيعة والجفاء
وبت من ممرات التصابي حبالك وأنتأت عنك انتناء
فصرمها ولاتك كسكينا وأم الأتقياء الأذكياء
بني المفضال "سيد آمين" تامن من الإقصا وتستطب الثواء
فهم ما بين فياض عباب تولى في صبوته القضاء
تعلى الشيخة العلماء طفلا فحاز على معاصره العلاء
تطلب وجه خالقه فما إن به طلب الجدال ولا المراء
حبى الأكوان يصرفها فأمسى بإذن الله يفعل كيف شاء
وشيخ مك من شيخ ثديا من العرفان مترعة رواء
يدير من الحقيقة كأس راح بناديه تنسيه النساء
فما الدنيا تضيع له صباحا بزينتها البتول ولا مساء
وندب حائز قصب التباري شآ سباق حلبته عداء
له الأسرار قاذفة جناها أسر بحسوه منه ارتغاء
ندي الكف صير دار الأخرى أمام وصير الدنيا وراء
وحبر ماجد شهم ذكي كأن إياس قلده الذكاء
بما أبدى من اللبك المعمى عن العلما ابتداء وانتهاء
وقطب داس أخمصه الثريا فجاوز في سموته السماء
إذا ما راء مكرمة توخى أواخيها أم أم ً لها إخاء
وإن راء الهوينا نار عنها نوار الدلو صرمت رشاء
وخمري الطباع عليه سيما بهن لداته أرتقت ارتقاء
فهذا من مناقبهم قليل فلم يسع الثناء لها احتواء
ألاك الناس بالقرب أستبدوا وقد جفوا الضلالة والهواء
ولما يعجبوا بصلاتهم ما يرون صلاتهم إلا مكاء
وليسوا مثل أقوام توخوا بها العجب المضلل والرياء
رئاء الناس يأتون المصلى ولا يأتونه إلا رئاء
ثنائي ما حييت لهم فإني أراهم للثناء أبدا حجاء
فبارك ربنا فيهم وأولى لشانئي قد رشأنهم التواء
وأبقاهم نجوم هدى لسار بليل لم يرج به إهتداء
بجاه المصطفى طه المصفى من الأكوان من علا الأنبياء
عليه الدهر ما سجعت وغنت مطوقة بأيكتها غناء
صلاة الله والشم الطهارى صحابته الألى نالوا السناء.

ما للشجي على برح الغرام يد

ما للشجي على برح الغرام يد ولا تقو ولا صبر ولا جلد
تذكي تباريحه الذكرى فتوقدها دور الأحبة بالألوى فتتقد
وإن تسلى بنأى أو بتذكرة أو اتئاد شجاه النوى والوتد
من يعذل الصب في إجراء أدمعه يوم النوى لم يجد بعض الذي يجد
تحجو العواذل ما يلقي العميد ددا منه وما في الذي يلقي العميد دد
في صدره نار أشجان مؤججة إن ليم حرقه من لذعها الوقد
أنفاسه الصعدا تغلو وزفرته تغلى فتسفل أحيانا وتصطعد
والدمع جار إذا ما كف وأكفه جادت بما صان منه عينه الحتد
وإن تألق برق بات في أرق فالصب إن لاح برق ساهره سهد.
أتعبت نفسك هل تندى الصفاة إذا عض الصفاة أمرؤ أودى به الدرد
قد رام ضري وضيري كل منتصر للزيغ وهو على الشحناء منعقد
فلم يساعده ما قد كان يطلبه ولم يساعفه فيما رامه الأبد
لا ينزح البحر غرف باليدي ولا يرقى السماء على علاته الخضد
إني لثابت جأش لا تزعزعني هوج الوعيد ولا يقتادني المسد
ولا ينهنهني استسئاد سيد فلا غرثان أعياه في موماته السبد
لا أستظل بجثمان الرفيق إذا ما جاء يوما من الأيام محتمد
لا أحسب السيد في بيدائه أسدا ولا أفر إذا ما جاءني الأسد
إني الهزبر الذي إن رئى في بلد وأجتازه خيف دهرا ذلك البلد
تناذرني ليوث الغاب وأحتجبت عني الحوارد منها وهي ترتعد
إن غاص بحر القوافي من يغوص به في موسم الشعر والأنداء قد شهدوا
وأستخرج الزبد المرمي من نعب من بعد ما بث في أعضائه النجد
أخرجت من قعره مكنون لؤلئه هل يستوي اللؤلؤ المكنون والزبد
جربت في كل ميدان جريت به فكان لي في الرهان السبق والأمد
وبان أني الفتى المرجو نائله إن أرقص القرم ينحو دفئه الصرد
وأنني إن أبوا عن بذل طرفهم أو تلدهم هان عندي الطرف والتلد
قل لمرء رام في شأو مسابقتي لا يغررنك داء الجهل والحسد
لا تستوي البغلة العرجاء إن جهدت في شدها والجواد السابح العتد
ولا الفصيل الذي أودى الهزال به والمقسئن عليه التامك القرد
ولا يساوي كميا طالما عرفت منه الشجاعة في الهيجاء مزدبد
إن القوافي طوعي من يسابقني في شأوها عاقه عن شأوي الحرد
إن لكتها أنبعثت مقبولة وغلت في كل ناد ولم ينبس بها أحد
مشدودة الفتل ما خانت قريحتها قوى وما شردت عن أخذها الشرد
ما في بطون معانيها إذا أمتحنت ولا أساليبها ميل ولا أود
ولا التفات ولا تشويش مستمع ولا تنافر ألفاظ بها يرد
لم أكْد فيها ولم أجبل ورونقها بادي الطلاوة منزاح به الكمد
لم آت لفظا غريبا غير مطرد فاللفظ أحسن عندي وهو مطرد
ولم أكن قاصدا في حوكها عددا أبأى بكثرته إن يقصد العدد
لكن قصدي استعارات مرشحة فيها جناس للف النشر معتضد
إن وجهت قبلت في القلب تورية فيها اكتفاء ولفظ الكل متحد
أبدي طرائق من معناتها قددا فيها طرائف من أضدادها قدد
إني لمصدرها غرا منمقة قد ثقفتها من الفكر الصحيح يد
يهتز سامعها من حسن رقتها رقصا فتطرب منه الروح ولا جسد
ينزاح عن عين رائيها منشرة في رقها من مبادي ذوقها الرمد.