علي الشرقاوي
- من مواليد المنامة،عام 1984 عضو أسرة الأدباء والكتاب.
- عضو مسرح أوال.
- دبلوم في المختبر من جامعة بغداد 1971 وهو الآن متقاعد.
صدر له:
- الرعد في مواسم القحط – شعر بالفصحى، البحرين 1975.
- نخلة القلب – شعر بالفصحى، بغداد 1981.
- تقاسيم ضاحي بن وليد الجديدة – شعر بالفصحى، البحرين 1982.
- مشاغل النورس الصغير – شعر بالفصحى، البحرين 1987.
- ذاكرة المواقد – شعر بالفصحى، البحرين 1988.
- مخطوطات غيث بن اليراعة – شعر بالفحصى، البحرين 1990.
- كتاب الشين – شعر بالفصحى، البحرين 1998.
- من أوراق ابن الحوبة – شعر بالفصحى، بيروت / البحرين2001.
- زرقة الأشهل – شعر بالفصحى، البحرين 2003.
- أحجار الماء، شعر، وزارة الثقافة والإعلام، المنامة، 2010م.
- البحر لا يعتذر للسفن ( شيء من تداعيات بحار صغير) ، شعر، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2011م.
- أفا يا فلان – شعر بالعامية (بالإشتراك مع الشاعرة فتحية عجلان) – البحرين 1983.
- أصداف – شعر بالعامية، البحرين 1994.
- سواحل صيف – شعر بالعامية، البحرين 2000 .
- برايح عشق – شعر بالعامية، البحرين 2001.
- حوار شمس الروح – شعر بالعامية، البحرين 2001.
- أغاني العصافير – شعر للأطفال، البحرين 1983.
- قصائد الربيع – شعر للأطفال، البحرين 1989.
- العائلة – شعر للأطفال، البحرين 2000.
- مفتاح الخير- مسرحية للأطفال، البحرين 1984.
- الفخ - مسرحية شعرية للأطفال، مصر 1989.
- الأرانب الطيبة - مسرحية للأطفال، البحرين 1990.
- بطوط - مسرحية للأطفال، البحرين 1990.
- السمؤال - مسرحية شعرية، مصر 1991.
- ثلاثية عذاري - مسرحية شعرية، البحرين 1994.
- خور المدعي - مسرحية شعرية عامية، البحرين 1995.
- البرهامة - مسرحية شعرية، بيروت 2000.
البحر لا يعتذر للسفن
ربما موجةٌ من كلام القناديل ترمي جدائلها فوق زنديك
مثل الحدائق في الصحو تسقيك خمر قراءة ثلج الضلوع
وتشرب من شفتيك براءة لحنٍ يشكّل غصن الفضاء
ربما
من عذوبتها تصطفي جملةً كقميص المواويل
ترحل في ذبذبات الشهقات الفريدة، جامحةٌ بأنوثتها بين عاصفةٍ
في العيون
وعاصفةٍ في بريد فصوص الجنون
وعاصفةٍ في تفاصيل شمس الدماء
ربما
يتكلم في كفيك ما ليس للقول
تفتض شهقتها المستحمة بالحلم صمت ربيعك
تفتح في تعتعات شعورك صبح المدن
أنت بحرٌ
فلا تعتذر للسفن
عن جنوحك بالموج
أو عن جنونك في لحظة الإنتشاء
أنت بحرٌ
وخارطة الماء لا تنحني
للكواكب أو غيرها
أنت بحرٌ
غريب الملامح
مشتعلٌ بالحروف التي
تتوهّج
أو
تتأجج
أو
تتموّج مثل المدى بالندى المستعر
كن خيالك في خيله
كن سؤالك حيث كل الإجابات باردةٌ
لا سرّ ولا تستر
ربما
تتوجع في شفتيك الموانئ
تبحث فيك العناوين عن إسمها
ومفاصلها تتجوّل بين يديك ولا تستقر
أنت في الريح ريحٌ
وفي الماء ماءٌ
وفي الحلم حلمٌ
لهم تثني كالصباح ولا تنكسر
أنت بحرٌ بدون ضفاف
فلا تعتذر.
دعاء الموجة / صلاة البحر
أغفر لهم سيدي
إنهم جاهلون
يرون الحدائق مشنقة للعصافير
والنغم المتأجج في جسد الشهقة الأنثوية
خارطةً لمدى الإغتراب
أغفر لهم سيدي
إنهم كصباح الهشاشة قبل التشكّل
مرتبطون بفتوى الهزيمة
ينفجرون إذا حرّك الحلم بسمة باب
أغفر لهم سيدي
إنهم يأكلون قميص الرحابة في كوة القول
ينقسمون على الضلع
يستديرون للنص قبل قراءة آي الكتاب
أغفر لهم سيدي
إنهم يتعاطون في الليل وهما طريا شهيا
وقبل افتضاح النهار
يسمون فحم الشوارع بيتا
وماء البراءة لحم الذئاب
أغفر لهم سيدي
إنهم
عاطلون عن الحب
أو
عاطلون عن الحب
أو
عاطلون عن الحب
لا يتقنون سوى قتل طاقة شمسٍ
تطل كلحن هطول السفينة نحو رشاقة حلم الشباب
أغفر لهم سيدي
إنهم في الخراب الطويل مراقون بالإكتئاب
وإذا ما تكلّم نعشٌ سمعنا عواء الذئاب
سيدي سيدي
أغفر لهم
إنهم يكرهون الذي كان في رئة الجب
ينسج رؤياه في شكل جيلٍ يطير
على هيئة الغيم
ينشر ماء شقاوته فوق رأس خريف الغراب.
هامش (1)
جاهلون
يخوضون لحن الصراع
ولا يسمعون صدى الإنسجام
أغفر لمن قال:
إن السفينة لن تشرب البحر
والريح سوف تنام
أغفر لمن صار يعلن مائدة الحرب ضد ربيع السلام
أغفر لكل الكلام الذي يتعفف عنه الكلام
للصقور التي ترتدي في الشوارع ضحك الحمام
لي قبيل صلاة الولادة
للعاطلين عن الحلم
أو....
هامش (2)
خلعوا رئة الشجره
زينوا المقبره
وبعد أن نطقت بالهوى قبّره
عذبوها
إنهم قادمون
هؤلاء الذي يحترفون بهار الأكاذيب مثل التنفّس
ينزلقون ككل الصراعات بين كان وإن.
هامش (3)
لا يملكون صباح الفراشة
أو حدقات السؤال
هم العاطلون عن الحلم
إنهم قادون
من الشارع الدائري
كلما أخرجوا جثةً
طافوا بها في ضباب البخور
يقتلون الغزال الذي قال:
إن السماء ملبدة بدماء العصافير
إن هدايا الحمام ثياب الصقور.
النوراني
إنه
قطرة النور
نور أيامه بنسيم الكواكب
دحرجها في خيال التراب
إنه
جسدٌ لشعاع اللغة
في أصابعه ينبت الضوء لحنا طريا
فيطعمه بحليب الغيوم
وغصن ثقافة حلمٍ يطلّ على المستحيل
وفاكهة الإغتراب
إنه
بلدٌ لكلام النبيين المرتدين سنا الأبدية
ما بين عشبٍ ونهرٍ
يغطي نهاراته بالحجاب
له تتفتّح كالزهرة القمرية روح الهضاب
وتفتح أوراقها
للمصلين
بين ختان السنابل
والقبلات التي تتسامق مثل المجرة في هذيان السحاب
كائن النور كالضوء في الضوء
يخفي علاقاته برحيق الزمان
ويمتدّ
يمتدّ
يمتد
مثل الحديقة في قامة الروح
قد نلتقي بعلاماته في فضاء الإشارة
أو صهوة الاستعارة
أو في مجاز الشوارع
قد نلتقي . . .
ثم قد . . .
ثم . .
ها هو الآن في دمنا
يتجوّل كالريح بين ربيع عناصرنا
راهبٌ كسؤال البحيرة عن سرّها
راهبٌ في كهوف الفضاء
له لحية الماء
ينتمي لزهور مشاعره
له كل شيئ هنا وهناك
وليس له انتماء.
ابتسم للحياة
ابتسم
ابتسم
ابتسم
ابتسم لهديل الصباح
ينط على شهقة الأرض
مثل حنان الكناغر قبل صياح السحر
ابتسم للهواء المتاح
كأن المجرة في الكف
تقرأ تاريخها الإستوائي بين مسار الحروف
وهسهسة البذرة المستفزة كل خلايا الشجر
ابتسم لصلاة اللقاح
الذي في زوايا الفضاء
يمد كواكبه في مشاعرنا
ومراكبه لا تمل دخول فضول السفر
ابتسم لاحتقان الجراح
مهيأة للتمفصل
تكسر في رمانة القلب عزف الوتر
ابتسم لبريد النواح
ابتسم
ابتسم
ابتسم
ليدٍ في الظلام
تهز سرير الإضاءة بالهدهدات
و تملؤه بسنا صلوات النبيين
ما بين بكة والقدس وطور سينين
تشق عناوين ليل الحجر
ابتسم
ابتسم
ابتسم
للهواء المكعب
يدخل في القصبات المحاطة بالعسكريين
وعزف نزاهة سورة ياسين
في شقشقات الوتر
سترى وردة الإنسجام
تعيد صياغة شكل الخلايا
وتحذفها في احتفال السلام
ابتسم
ابتسم
ابتسم
ابتسم لكأن حياتك ترعى
على ضفة الابتسام.
***
علي عبد الله خليفة
- من مواليد البحرين- المحرق ، عام 1944م.
- تخرج من الثانوية العامة.
- رئيس مجلس إدارة الملتقى الثقافي الأهلي.
- الممثل الإقليمي المقيم بمنطقة الخليج والجزيرة العربية للمنظمة الدولية للفن الشعبي التابعة لليونسكو.
- عضو مجلس كلية الآداب بجامعة البحرين منذ عام 1998
- أسس في البحرين دار الغد للنشر والتوزيع، 1976
- أسس في البحرين المجلة الأدبية الفصلية (كتابات) وتولى رئاسة تحريرها، 1974
- تولى وضع وثائق تأسيس مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية وأشرف على تأسيسه وتولى إدارته لخمس سنوات، 1982
- أسس في البحرين لإصدار مجلة (البحرين الثقافية) التي تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وتولى إدارة التحرير بها حتى 2000.
صدر له:
- أنين الصواري – مجموعة شعرية بالفصحى عن دار العلم للملايين بيروت، 1969.
- عطش النخيل – مجموعة شعرية بالعامية عن دار العلم للملايين بيروت، 1970.
- إضاءة لذاكرة الوطن، مجموعة شعرية بالفصحى عن دار الآداب بيروت، 1973.
- في وداع السيدة الخضراء، مجموعة شعرية بالفصحى عن دار الغد البحرين 1992.
- يعشب الورق - مختارات شعرية، عن أسرة الأدباء والكتاب البحرين 2005.
- على قلب واحد – مجموعة شعرية بالعامية، (ألبوم يحوي الديوان برفقة قرص مدمج CD بصوت الشاعر وموسيقى من تأليف محمد حداد).
- قمر وحيد ( Lune Solitaitre ) مختارات شعرية ترجمها إلى الفرنسية المعطي قبال – دار باريس ميدي ترانيه – باريس 2006.
- صانع المجد - أوبريت غنائي ممسرح من ألحان الفنان جاسم الحربان وزارة التربية والتعليم، البحرين 1996.
- انتظرناك طويلا - أوبريت غنائي ممسرح من ألحان الفنان خالد الشيخ المؤسسة العامة للشباب والرياضة، مملكة البحرين 2001
- شمالي الروح - أوبريت غنائي ممسرح من ألحان الفنان خالد الشيخ محافظة مدينة المحرق، مملكة البحرين 2002.
- فنون الموال - بحث ميداني لجمع وتحقيق وتوثيق نصوص الموال في الخليج العربي 1971.
- خليج الأغاني - بحث ميداني لتوثيق الأغاني والرقصات الشعبية في الخليج العربي، 1979.
الحضور و الغياب في تصاريس جبل الدخان
تنامينَ فوق العُباب حقولاً
وأطياف ذكرى حميمهْ..
تواريخ ألفٍ من السنوات لُهاثًا
تنامين، يسكنُ فيك انفجار الزوابعِ هذي
قطاةٌ تحطُّ على وجنتيك، لأن الرياح عسيره
وأنتِ بدرب النزوح مناره
تلُوحين، يقطر منك التوجس ومضًا، ويلقاك في
العرض والطول هجسُ البلاد العظيمهْ
****
تغيبين، طال انتظاري، فزعتُ، وكانتْ
جميعُ الجهات صديئه
وكلمة نجواك، كانت صديئه
تغير لونُ الدراري ببحر تدنس، ضاعتْ نجومٌ
ثلاثٌ، ومازال يطمعُ حوتُ البحار العميقه
جميع القوافل مرَّت بصمت، وسرب اليمام
الحزين تدلّهَ يشكُو
أرى كل شيء تساقط .. هشًا، بدون عناء
الرياح.. سريعًا ، ولكنْ شفار النتوء المكينه
تلم شرار ارتطام الرياح وتقدحُ في الليل
برق الرعودْ
تمادى وحفَّر فينا الغيابُ فقدنا التوازن،
هبَّ يُعري، وكنتِ حضورًا ملأنا به الذاكرهْ
مسكنا بكلتا يديك، رأينا القشور تباعًا،
ذهلنا، وزدنا التصاقًا.. ركبنا الرياح، وكنا نريد
التغير ... هاتي املئينا
****
تغيبين، طال انتظاري.. وكاد الوقوفُ ينالُ،
وكدْتُ...
وأعلمُ أنك حبْلى، وهذا زمان نطاردُ فيه،
يصادرُ حتى ابتسام الطفولة. يرقب.. يسمعُ
كل جدارٍ، لأن صغيرًا أبى أن ينام. مواويلُ
ضيمٍ تهدهده بالتياعٍ.. تدق على وجع ورثوهُ
أبى أن ينامْ
عصاة النواطير مُدَّت، تطالُ عظام الذي
في الضمير يبرعمُ لحنًا ، ويهمس إن الصباح قريبْ،
ويطمحُ أفقًا جديدًا لكل صغار الطيور!
فأين الأمان؟!
تموتين، لا إنها في لحاء الجذور حضورٌ كمينٌ
يعمِّق مدَّ الفجاءةِ. تسكنُ فينا ونسكنُ فيها
****
تفرُّ المسافاتُ نحوي، يراشقُ كلَّ النوافذ غيثُ الرفاق، هنالك عطشى رمالُ الخصوبهْ
على وَهَج الشمس عند الظَّهيره.....
تنوء، تئن، وتنشقُّ نصفينِ بذرهْ..
فتبتسمين قليلاً، أراك، وأحيا التوهج، أفرح،
لا أستطيع، فأبكي
لعل النخيل رأتكِ انبثاقًا خطيرًا، وأنتِ
هنا في الخليج.. تحلّين شعرك عند الشواطئ
.. تغتسلين بماء الخليج، وعطر الجباه الوضيئه
وتقتسمين الهموم رغيفًا مع الكثرة الجائعه.
لا أحدْ !
عاصِفٌ ليْلي
ومِنْ قلْبي أرى
فيما يَرى النائمُ
أنّي
شَجَرٌ في بَلَدٍ
وجُذوري في بَلَدْ
وبأني حَجُر الياقوتِ في مَكمَنهِ
وبأني الدُّرُ في خافي الصَّدَفْ
وبأني موجَة خَجلى تُنَمِّي سُحُبا ً
تَتَسَقّاها تضاريسُ الأبَدْ
وبأني قَادحُ البَرق
وذوْبٌ من بَردْ
وشُعاعٌ عَبْقريّ، في احْتمالاتِ النُّطَفْ
وبأني رجْفة الظبي، طَريدا ً
وأسى قلبٍ صَريع، قْد هَمَدْ.
***
وأرى فيما يَرى النائمُ
أنِّي
أبْجَديّاتٌ
وأعيادُ ميلادٍ لِحَرفْ
وبأني ذلكَ المَعْنى الخُرافيُّ الذي أوْمَضَ
في أبْهى خَلَدْ
فإذا بي نَقَراتٌ عَذبَة ُ الإيقاع ِ
في أطْرافِ ُدفْ
وأراني زَهْرةً
وأراني نَحْلَةً
وفَراشا ًيَتَلظّاهُ الصَّهَدْ
وإذا حَولي رجالٌ منْ رُخام ٍ
يَتَسَلونَ بنقش ٍ
كانَ يوما ًفي حَجَرْ
وأناسٌ في صُفُوفٍ
ونشيدٌ يُسكِرُ الروحَ: "مَدَدْ"
ونسَاءٌ منْ خَزفْ
غارقاتٌ في بحار المِسْكِ
لكنْ
ليسَ للمِسْكِ أريجٌ
وعلى الشُّاطئ ِ
سَيْفٌ لشهيدٍ
وحَمَامٌ يَذرفُ الدَّمَ بَدَدْ.
***
وأرى فيما يَرى النائِمُ
أنِّي بُلبُلٌ غَنّى . . وغَنّى
واعْتَكَفْ
وبأنّي غارقٌ في ابتهالاتِ مُحيّاكِ
وأحْزاني الصَّحارى دونَ حَدْ
وبأنِّي طَرفُكِ الناعِسُ عندَ الصُّبْح ِ
صَلىّ
وارتَجَفْ
وبأنِّي صِرتُ عَبْداً
ومَلاكاً
وأسيرا ًلغَواياتِ الجَسَدْ
ثُمَّ أنِّي في عَذابٍ لمَخاضٍ
كُلُّهُ كانَ جَوابا ً
لسُؤال ٍمنْ زَبَدْ
وبأنِّي كُلَّما فَاضَ بيَ الشَّوقُ
تَوزّعْتُ على البُعْدِ نُتَفْ
ذاهِلا ً أجْري
وأجْري
ناكِرا ًكُلَّ تَواريخي
كأنِّي
في زحَام الكَوْن ِهَذا
لا أحَدْ !.
قمر وحيد لزنابق الماء
سَقيْتُ وُرودَ الرَّماد
وعالَجْتُ فيها الحروق
وأَسْكْنتَها مُهْجَة َالفَجْر قبلَ الطُّلُوع
كنَسْتُ الفنَاءَ الفَسيحَ
وذَرَّيْتُ ما خَالَجَ النفْسَ
قُلْتُ لأسْمال تلكَ الرُّعُود:
هَنيئا ًلمنْ يَرتجي مُطْفآت البُروق
هَنيئا ًلهُ الوُجْهَة ُالخُاسرة ْ
أيُّ ماءٍ تَسِحُّ بهِ غَيْمَة ٌماطِرَة ْ
يَضيعُ هَبَاءً
إذا جاءَ يوما ًبأرض ٍيباب
كأنَّ رياحَ التَّشفِّي
على مَوْعدٍ في الشّمال
تحيكُ لهُ فكرة ًماكرة ْ
تُعَرِّي جُنُُونَ الفَراش
وَتَمْتَد
تكْشفُ ما قدْ يَبوحُ بهِ
غَبَشُ الذاكرة ْ
هلْ تُرى كانَ كلُّ الجُحودِ الذي
طالَ قاع َالرَّحيل ِ
دعا جُزُرا ً للتلاقي
وأَنْشَأ َفي البَحْر يَابسَة ًلاحْتشادِ الطُيور
ونافِلَة ًلاحْتراق الفُصُول ؟.
***
تَمادَيْتُ
أَهْجسُ بالشَّجْو للطَّيْر ِ
لكنَّها غَادَرَتْني خِفَافًا
وأَلْفَيْتُ نَفْسي على حَجَر ٍفي خِضمِّ الحُطام
أقَلِّبُ فيما تَبَقىّ
وَأبْحَثُ في داخلي عَنْ ضفَافْ
وأُقْسِمُ ألا َّأَخاف إِذا مادتِ الأَرْضُ تَحْتي
ومَزَّقَ رُوحي عَذابُ الفراقْ.
أمُدُّ يَدي فَوقَ هاماتِ أَشْجار سَرْو ٍ
وَأتْلُو على الظَّاعنينَ زَبُورَ الغيَابْ
فلا ثَمَرٌ عنْدَهُمْ للحنان
ولا شَجَرٌ عنْدنا للحنين
فأَيُّ الجواهر ِيوما ًسَتُغْني
بَديلا ًلحنْجَرَة ٍصادحة ْ؟
أَيّ خَفْق سَيَجْنيهِ طَيْرٌ
بأَجْنحةٍ منْ ذهَبْ ؟
وَأَيُّ البَدائلِ نُعْطي الزُّهورَ
لفُقْدانها الرَّائحة ْ ؟.
***
لماذا على النَّهر دَوْما ً تَراءى
فتىً منْ رُخام ؟
لماذا لدى البَحْر، عندَ ضَياع النُجوِم
سؤالٌ وأَشْرعة ٌمنْ زَبَدْ ؟
وهذا السَّحابًُ
لماذا يُؤَجِّجُ فينا الترَّجِّي
وَيمْسَحُ أكتافهُ بالمدى
يَقُودُ الأَعنَّة َ
يشْربُ
َيشْربُ
في الصَّمْت نَخْبَ انْتحابِ الأَبَدْ ؟
لماذا يُؤجِّلُ هذا الغَمامُ
بَوْح َما حَمَّلتْهُ الرّياحُ، ويُفْضي
بمكْنُونها الُمسْتَبد ؟
لَيْسَ لي في خَبايا الرّياح وُعُودٌ
لَيْسَ لي عندَ هذا الزَّمان السَّريع العَطَبْ
غَير سورةِ جُرْح ٍوملح يَذُوب
وأَشْداقُ هَم تَفَاقمَ
في وحْشَةِ اًللَّيلة البَارحَة ْ
لَيْس لي غير ما خَلّفَتهُ ظنونُ
النَوارس ِعنْدَ المغيبِ
وما أَلْهَمَتْهُ الزنابقُ في مَجْدِها
لَيْسَ لي فَوقَ هذا اليَباس ِ
الذي عَلَّمْتني يَداه
سوى قطْرةٍ منْ جبين ٍتَفَصَّدَ نَادرا ً
وأَذكى لَهُ النَّارَ لَفْحُ السَّموم
لَيْسَ لي عنْد هذا الحصى
غير لون النَّجيع
وما خَلَّفَتْهُ الدُّهورُ على صَخْرةٍ قابعة ْ
لَيْسَ لي
عنْدَ تلكَ الفتاةِ التي َأحْرقَتْ خِدْرَها أَمْتعَة ْ
لَيْسَ لي
عنْدَها غَير ذاكَ الشَّذا السَّرمَديّ
الذي يباغِتُ نُحْلا ً
ويَسْمُو بأُلْفة رُوحين
يُعطي صغَار الطُّيور ِجَراءَة َ خَفْق ِالجناح
وتَهْويمة َاللحظةِ البِكْر
يُعطي الزَّوارقَ عنْد انْجذابِ
القُلوبِ إِلى بَعْضِها أَجْنحة ْ
لَيْسَ لي
عنْدَها سوى قَمَر ٍآفل ٍ
وَأَشْتَات ذكرى تَذوبُ وتَخْبُو
وما منْ يَدٍ تُسْندُ اللَّحْظَة َالفَاجعَة ْ.
***
كانَ لي عنْدَ شَط ِّالبُحيرةِ
نافذة ٌ في البلادِ البَعيدَة ْ
كأَنَّ طُيُورَ البُحيرةِ عنْد اشْتفاف الغَسَقْ
لم تنادِ ولَمْ تَرتَجفْ
وأَنَّ الذي أَوْقَدَ الشَّمعَ في حضْرَة (اللّوتس) الخَاشِعَة ْ
أَحْرَقَ الأُمْنيات
وماتَ لهُ عندَ باب السّماءِ إبْتهال
أَيا لَيْتَ أشْجارَ باريسَ عنْدَ الخَريف
مُجرَّد رَسْم ٍعلى لافتاتِ الطَّريق
أَيا ليتَ عمَّانَ
لَيْتَ البَياضَ الذي
شَدَّ مرأى بُيوتِ الجبَال
ُينادي وَميضا ًخَفُوت
وذاكرة ًلا تَعي ذاتَها
وارتجافا ًأَخيرا ًلقلبٍ مَريض ٍيَمُوت.
***
كما عَوَّدتْني النَّيازكُ عنْدَ التشَظِّي
دعَوْتُ الحمامَ إِلى وَصْلَةٍ منْ هَدِيل
هَجَعْتُ، وما منْ هَديل ٍ
يُلَمْلمُ ما قَدْ سَفَحْتُ
ويَجْمعُ ما بَاعَدَتهُ الشَّتَات
وراحَتْ بهِ الطَّيْرُ تَلْعَبُ عَبْرَ الجِهات.
هَجَعْتُ وَحيْدا ً
إِلى شَجَر ٍفي الضُّحى
تَوالَدَ، وامْتَدَّ غاباً، وَأَفْضى
إِلى سِدْرَةٍ في بَهاءِ اليقين
فَأَشْعُرُ أَنَّ هوى الرَّعْدِ مُرتَهنٌ
بمزاج ِالرّياح
وسِرَّ حُتُوفِ الظِّبا
ظَبْيَة ٌنَافِرَة ْ.
إزدواج
تكوَّرا
واكْتَنَزا بالدِّفْءِ
والعَسِل المُصَفّى
والمكابَرَة ْ
وأجْهَشَتْ زبيبة ٌكادتْ تُمَسُّ
غَيْرَ أَنَّها تماسِكَتْ
واسْتنْفَرَتْ
كلَّ الحَلا المعْقودِ في مكْنُونها
فحدثتْ عنْ موسم النَّبيذِ حينَ فاتَ
عَبَّرَتْ عنْ شَوقِها المنْهُوم ِ
عنْ أَحْلاِمها المصَادَرة ْ
فَامْتَلأَتْ كُلُّ العُروق
وأشْرَأبَّ
الزَّهْرُ في الرُّمان للمُخاصَرَة.
كيفَ اسْتَفزَّ وَجْدَها
عَزفٌ تسلَّلتْ لَمْسَاتُهُ
وانْدَسَّ حاضنا لهاثَ طير ٍأَشْقر ٍ
يكادُ أنْ يَفرَّ منْ سَجَّانهِ
يكادُ أَنْ يَثُورْ ؟
وكانَ ليلُ حَبْسهِ بَخُورْ
وقَيْدُهُ غُلالة ٌتهزُّهُ
على أُرْجُوحةٍ منَ الحريرْ
هَديل مَوْج ٍفي الحُنوِّ
بَردِ يَوم ٍلمْ يكنْ كالبَردِ
كانَ رجْفَ قطر ٍللنَّدى
على الزُّهورْ.
***
أيُّ الثّمارِ، يا تُرى، أَشْهى
لعازفٍ يُديرُ في التَّشَهِّي خَمرة َ الحَواس ؟
أيُّ رشْفةٍ كالرَّشْفَةِ الأولى
تُعينُ في بكارَة التَّغذي
قادماً، وتسْتَحثُهُ على انْتشاءَةِ الحياة ْ
يا رُضابا ًدارَ في فمي
برَغوةِ الباذخ ِمن خمْر ِالجِنان ؟.
***
تكوَّرا، وارتعشا رغائباً، وأضمَرا
بَوْحا ًيهزُّ ألفَة َالكلام جاريا ًعلى اللِّسان
يَستفزُّ ظامئا
جرى فِطامُهُ قبلَ الأَوانْ
أيُّ شَرابٍ كوثَري ٍقبلَ هذا يُحتَلَبْ ؟
أيُّ حياةٍ دونَ هذا تُحْتَسَبْ ؟.
***
علي الفردان
- من مواليد البحرين - كرزكان، عام 1956
- ماجستير تربية - جامعة القديس يوسف - عام 200
- بكالوريوس تجارة- محاسبة - جامعة القاهرة - عام 199
- يعمل مدير مدرسة في وزارة التربية والتعليم.
- عضو الملتقى الأهلي الثقافي.
صدر له:
- قبلة العشاق - شعر - دار فراديس - البحرين،200
شهرزاد
(1)
لا تذكري عندي الرحيلَ
فإنَّني..
منْ ذِكرِهِ أهوى الجُنون..
كُلُّ اللِّقاءاتِ التي هيَ بَيْنَنَا
لحظاتُ عمرٍ..
لا تدوم..
ما أن تمرُّ وتَنْتَهي..
حتى تُحاصِرُ خاطِري
كُلُّ الوساوسِ والظنون
(2)
إنْ كنتِ لا ئِمَتي
على فرطِ الهوى
قولي وداعاً..
واتركي وجعَ السنين
عفواً..
صلاتي..
قبلتي..
لا ترحلي..
إنْ تَرحَلي
فإلى متى أبقى
تُمَزِّقُني الظُّنون..
(3)
قدْ طُفْتُ في فلذاتِ أكبادِ الهوى
وتَمَرَغَت روحي
على بوابةِ الزَّهْرِ العتيقِ..
فقطفتُ منْ بُسْتانِها
خوخاً ..
ورماناً..
وعنها راودتني في حياء...
فيها اغتسلتُ بعطْرِها
واسْتَنْشَقَتْني كالرَّحيق
(4)
ما أجملَ الزهرِ المُعَتَّقِ بِالجُنون
في قلبِها همسُ حنون
ونُهودُها..
ملأى بِرائحةِ العِناق..
في نَهْرِها العَذْبُ الزُّلال
قلبي..
تَعَرَّى..
فارتوى ثملاً..
وخاصَمَني النِّفاق..
(5)
يا ليلةَ البُعْدِ السَّحيقِ..
فيها تدكدكتِ القلاعُ...
وزمْجَرتْ أصواتُ رعدي...
فاستبحتُ حياءَكِ..
وسطَ الزِّقاق..
فلقمتِنيها خوختين..
خُذْ شهريار؟؟
اشربْ
وبالِغْ في الشرابِ..
وعليهِما..
شَدِّدْ عذابَكَ والحِصار..
شَدِّدْ..
وَمُصَّ الشَّهْدَ حتى تَرْتَوي..
واخْلَعْ عَلَيَّ
جُنونَ وجْدِكَ شَهْرَيار؟؟
أَمْطِرْ عليَّ حَنانَ غَيْثِكَ
تَرْتَوي أَرْضِي..
فَتَغْمُرُها السُّيولُ..
تَبْتَلُ مِنْ حَولي البَرارِي والقِفار..
(6)
لَمَّا بَدَأْنا ..
لَمْ تَكُنْ هِيَ غَيْرُ لَيْلَة..
كانَ الحياءُ يَروضُها ..
يَجْلو القَرَار..
كُنَّا نَطيرُ مَعَ الغُيومِ..
أَوْ قَدْ نُحَلِّقُ في السَّحابِ..
اشتاقُ لَثْمَكِ في الثَّنايا
تَلْثُميني في بِقاعِي ..
كالشَّرارِ..
هاتي يديكِ شَهْرَزاد؟؟
خُذْها وقبِّل صَفْحَتي
واكْتُبْ عليها
كَمْ أُحِبُّكِ ..
إِنَّهُ مَكْتوبُ حُبٍ
مُرْسَلٍ مِنْ شَهْرَيار...
(7)
في ليلةٍ طارتْ بِنا
سِنةَُُ المَنامِ..
كُنَّا نُصَلِّي كَيْ نَحُطُّ رِحَالَنا
فَوْقَ الثُّرَيَّا
فاستوى حُضْني لَكِ
عرشٌ مقيمٌ ..
ونازَعْتْ نَفسي الفَرار..
فيها نزعتِ عنكِ ثوباً
لمْ تَكُنْ مِنْ مَلْبَسِ الواشينَ
أوْ خُلَعِ المَحارمِ والجَوار..
فتمددتْ أحلامُنا وتكاثرتْ ...
طافتْ على الكونِ الفسيحِ
وغَرَّدَتْ أطيارُنا عَذْبَ النشيدِ
تَرَقْرَقَتْ منهُ الجداولُ
كَيْ أضُمُكِ ضَمَّ مُشْتاقٍ
تَمَلَكَهُ شُعورُ الانْتِصار..
(8)
ها قَدْ بَلَغْنا ألفَ ليلة..
كُلَّمَا جَنَّ الظلامُ..
تَجَرَدَتْ أرواحُنا
وتَسَارَعَتْ أنفاسُنا..
وتَقارَبَتْ كلُّ المَقاساتِ
الصَّغيرةِ والكبيرةِ..
والمَشاعرُ في كِلَينا
تَسْتَعِرْ ناراً...
وتَكْويْنا كَنارِ الإنْتِظار..
(9)
هي ليلةٌ لمَّا تَجَنَّى شَهْرَيارُ
ومَضَى يُقَبِّلُنِي
يُعانِقُنِي..
يَضُمُ جَوانِحِي
ويَصيحُ ..
يَهْتِفُ..
شَهْرَزَاد؟؟
زيدي عَليْها لَيْلَةً؟؟
كَيْ احْتَسي..
مِنْ عَذْبِ مَا في فيكِ
مِنْ خَمْرٍ مُدار..
أَيْ شَهْرَزاد؟؟
هَلْ أنْتِ إلا ..
مِنْ بِحَارِ السِّندِ ..
جئتِ كَيْ أتوبُ...
وأقيمُ فيكِ مَراكِبي
وتَحُُطُ فيكِ سارياتي
بالجِوار..
أصْطادُ مِنْكِ كُلَّ بارقةٍ
وتَصْطادينَ مني
عَصْفَ خاطِرَتي
وتُحْسيني شَراباُ
لَمْ يخالطهُ اصْفِرار
(10)
عفواً..
"احبكِ شهرزادُ"
ما قُلتُها قبلاً..
لأيِ عفيفةٍ..
بلْ قُلتُها ..
لكِ يا ملاكي..
"أحبكِ .. "
حبَّ النخيلِ لأرضِنا..
ولمائِنا..
لما تأذَّنِ بالرحيلِ..
وجَمْعُنا..
قَدْ آلَ مِنا للفرار..
بدون كلام
(1)
عشقتُ الكلامَ
ونهرَ الغرامِ
ولكنَّ دُونكِ جزرٌ ومدٌ
وفي الفمِ وماءٌ
فَحَرْفي وسَطْرِي وأوزانَ شِعْري
قَوافي القَصيدةِ مَحْضُ التِزامٍ..
(2)
أرَى في المنامِ
زهوراً وبحراً
ونهراً وجمراً
ووجْهاً مُريباً بِأفقِ السَّماءِ
سجوداً.. صلاةَ.. بِدونِ قيامٍ..
(3)
تَعالَي أضُّمُكِ
وهاتِي أشُمُّكِ
وأنْثُرُ فوقَ نُهودَكِ حَرْفِي
تَشُمْينَ عُرْفِي
بِفَجْرِ التَجَمُّعِ والانْقِسامِ..
(4)
أنِسْتُ بِقُرْبِكِ
وَحَشْتُ لبُعدكِ
عَجِبْتُ لأمْرِكِ!!
وأنْتِ تَصُبينَ وجْدَكِ في فَمِ غَيْري!!
فَأجْثُو وقد حارَ فيَّ سؤالٌ!!
أليسَ صُدودٌكِ هذا حَرام؟
(5)
أخافُ التَعَرِّي
وفِعْلِ التَحَِِِِري
فَلِلَّهِ ذَرِّي!!
وأعظم صبري..
لَماذا اسْتَبَحْتينَ أحلامَ سِرِّي؟
وصَفَّ المعاذير قبل المنام..
(6)
لماذا الكلامُ؟
وعَيني تراكِ
تراقبُ كلَّ اخْتِلاجاتِ رُوحِكِ
وتَمْسَحُ بالصَّمْتِ نَزْفَ جُرُوحِكِ
تُعرِّي وساوسَكِ باحتِرام..
(7)
لماذا شِفاهُكِ ذابلةٌ؟
لماذا نُهودُكِ شارِدَةٌ؟
لماذا القوالِبُ لا تَحْتَويكِ؟
تَعالَي أُُعانِقُ كلَّ خُطوطِ المُثَلَّثِ فِيكِ
أفكُّ قُيوداً تُعيقُ التَّحَرْكَ وسْطَ الزُّحام..
(8)
عَشِقْتُ كَلامَكِ
منْ غيرِ صَوتٍ
كَلامُ رموشُكِ أبلغُ منْ شاعرٍ
يجيدُ التغَزُّلَ
يَقْنُصُ كلَّ الشواردِ
يَرْمِي العَذارَى بِسَهْمِِ الهيامِ..
(9)
لماذا تَخَافينَ أنْ تَصْرُخِي؟
حرامٌ عليكِ اصْرُخِي..
اصْرُخِي واصْرُخِي..
فليسَ السُكوتُ وقاراً
كَما ظنَّ قَوْمِي
وليسَ الصراخُ حَراما..
(10)
أأنتِ خجولةٌ ؟ وأنتِ ضحيةٌ !
الستِ غبيَّة؟؟
لماذا تهيمين عشقا؟؟؟
بمَنْ ألبسوكِ القيودَ
ومَنْ وقَعُوكِ العُهُودَ
ومَنْ عَلَّمُوكِ الجُحُودَ
وقالوا: اسْتَفِيقِي عليكِ السلامُ..
(11)
هُراءٌ .. غُرورٌ
ومحضُ افتراءٍ وزورٌ
فقدْ حانَ وقتُ النهايةِ
فقولي كِفاية..
فليسَ لإبليسَ حقُّ الوصايةِ
وليسَ لابنِكِ دونَكِ حقُّ الكلامِ..
(12)
إذا شئتِ جودي
وإن شئتِ عودي
فلستُ المليكُ لمَصْدَرِ عِطْرِكِ
ولكنَّ قلبي يَهيمُ بِطَعْمِ شِفاهِكِ
بليلَ التمنيْ.. وصُبْحِ المَلامِ..
(13)
كَفيتُكِ لا تَذْكُرينَ عُيوبي
فَقَدْ كُنْتُ أَعْمَى
الستُ رجُلٌ؟
يرى فيك أنثى؟
فَفَتَّحْتِ عَيني على وجْنَتَيْكِ
وغَذَيْتِنِي الرُّشْدَ مِنْ شَفَتَيْكِ
فَصِرْتُ حَكيماً بِمَكْرِ الوحُوشِ
وصِرْتُ خَبيراً بِفَنِ الغَرامِ..
(14)
مَنارَةِ قُدْسِي
سَئِمِتُ الكلامَ..
سَأبْقَى أَحِنُّ إلى مُقْلَتَيكِ
وكَسْرِ قيودٍ تَعَُضُُّ على مِعْصَمَيْكِ
ولثم ثنايا نطقنَ الصلاةَ
لأَبْقَى أُرَدِّدُ فِي كُلِّ صُبْحِ
أحِبُّكِ باقة زهري
وقُبْلَةَ عِطْري
بِدونِ كَلام...
مسخ الأمنيات
(1)
تسيلُ المشاعرُ
من جنباتِكِ نُطََفاً..
تُلَقِحُهَا نَسَمَاتُ الشُّحُوبِ
فَتُتْنِجُ مَسْخَاُ
مِنَ الأمْنِِياتِ الثَّكَالَى..
تَوارَتْ هُنَاكَ
بِقُضْبَانِ زِنْزَانَةِ الشَّرْقِ
لا تَسْتَفيقَ ..
فَجَلاَّدَهَا أتْقَنَ المَسْخَرَة..
(2)
تَنَحْنَحَ كِسْرَى
فَهَبَّ الجَمِيعُ يُحَيُّونَهُ
يَرْقُصُون
يَهُزُّونَ وَسْطاً بِأكْفَانِهِمْ
ويَسْقُونَهُ خَمْرَ أحْزانِهِمْ
ويَسْتَغْفِرونَ لَهُ
يَمْسَحُونَ بَراطِمَهُ
بِألْسِنَةٍ لا تَمَلَ المَديحَ
فَقَدْ فَسَقُوا دَاخِلَ المَقْبَرَة..
(3)
مَسَاكِينُ يا حَسْرَةً فالعِبَادُ
أطالوا الرُّكُوعَ
وَهُمْ يَرْقُصُونَ جِِِيَاعاً
وَلَمْ يَشْعُروا
بِأنَّ الصَّلاةَ بِأبْوابِ كِسْرَى
مَجُوسَّيةَ العَصْرِ
تَباً لِكِسْرَِى
وَتَعْسَاً لَهُمْ..
فَقَدْ لَطَّخُوا الشِّعْرَ
واغْتَصَبُوا المَحْبَرَة..
(4)
تّمَطَّيْتَ ..
مَارِدَ شَعْبِ المَسَاكِينِ
فَاعْتَرَضُوكَ
وقالُوا : عَلامَ التَّمَطِّي؟
وشَقُّوا رِدَاءَكَ
سَقَوكَ المُخَدِّرِ قَهْرَاً
وَقالوا : أفِقْ؟
فَصَفََّقْتَ خِدْراً..
وسَلَّمْتَ كُلَّ المَفاتِيحِ
طَوْعاً ..
فَقَالوا: عَمِيلٌ حَقيرُ
يُجِيدُ التَّمَلُقَ
كَيْ يَسْتَبِدَّ بِأسْيَادِهِ
فَهَلْ صََدَقوا ؟؟
أمْ عَياناً أباحُوا المَدِينَةَ صُبْحاً ..
وفي الَّليلِ هُمْ دَشَنُوا المَخْمَرَة !!
خلاخيل مغربية
قرأتكِ كشفاً
وبعداً جديداً
مسافاتكِ
وتضاريسَ كلَّ المشاعِر
تجلببتِ بالصبرِ
لمْ تَتَعَرَيْ
برغمِ هبوبِ العواصفِ
وفوضِ البحارِ
وتيهِ المراكبِ
فَمُلْهِمَتِيْ تَمْتَمَاتِ القَدَاسَةِ
كَطُهْرِاليَسُوع
وصَبْرِ الرَّسُولِ
تَرُومُ مِنَ المُعْتَدِينَ كَيَاسَة؟؟
أمامَ فواصِلِكِ والنقاط
وعصفِ مَرَايَا الغَضَب
وجدتُكِ في مَوْطِنِ الوَعْيِّ
خَلْفَ خُصَيْلاتِ شَعْرِكِ
تَلُمِّينَ مِنْ مَفْرَقِ الشَّمْسِ
مَعْنَى الشَهَادَةِ
وتَبْنِينَ فَوْقَ الثُّرَيَا.. قِلاَدَة
تُزَيِّنُ خَافِقَ كُُلِّ العَرَبْ..
ولجتُ إلى شرفةِ القصرِ خِلْسَةً
روائحُ زَيْتُونَكِ في انْتِشارٍ
تَعَطَّرَ مِنْها جَميعُ المَخادِعِ
وفي الأرضِ آثارُ ذاكَ البلح
يُذَكِّرُنِي بِجُنُونِ الصَّحارِي
فَلا الريحُ تَفْنَى ولا تَتَبَدَّدْ ..
وبَعْدَ طَويلِ انْتِظارِ
وفي اللحْظَةِ الحَاسِمَة
وقَفْتُ بِبَابِكِ
على بَحْرِكِ المُتَوَسِط
فَلَمْ تَسْألي مَنْ أنا..
فقدْ كنتُ منْ دَمِكِ أتَسَرَّبْ..
شممتُ عطورَكِ فاس
عروسَ بلادي..
وكانت تصفُّ على جيدِها
باقةً من لآليء..
وقد أخجلتني ابتسامتها العابثة
أشارت وقد أدركت ما أريد
: هدية عرسي
(لآليء صحراءنا الأطلسية..)
تغنتْ عزيزة..
فغنتْ جميعُ الصبايا
وردَّ صداها جميعُ الزوايا
عليها من الحلةِ المغربيةِ
شموخُ القبيلةِ
ملامحُ أختي الأبيَّة
تراقصُ زهواً
فمال فؤادي
وغنى خفوتا..
فقد سرقتهُ خلاخيلُها الذهبية
ومن فضةٍ كالزلالِ
خلاخيلُ كلَّ فتىً عربية..
***
فاطمة التيتون
- من مواليدالبحرين، المنامة، عام 1962
- تخرجت من جامعة الكويت ، بكالوريوس في الأدب العربي.
- تعمل في مجال الصحافة.
- عضوة في أسرة الأدباء والكتاب البحرينية.
صدر لها:
- أرسم قلبي – شعر، البحرين، 1991.
- لأوقات المهجورة – شعر، البحرين، 1994.
- رجل أبيض – شعر، البحرين، 1996.
- طقوس في العشق – شعر، البحرين، 1996.
- حبيبي الذي – شعر، دار طلاس – دمشق، 1998.
- أقرب من العطر وأبعد – شعر، إيران، 1998.
- كتاب الجسد الأخير – شعر، عن دار طلاس – دمشق، 2000.
- كتاب الإحتضار – شعر، عن دار طلاس – دمشق، 2002.
- كتاب الشمس – شعر، الأردن، 2004.
- الطيور – شعر، البحرين، 2005 .
- إلى الوردة – شعر، البحرين، 2006.
- حديث الحنان – شعر، البحرين، 2007.
- مجموعة الأسرار، شعر، 2009.
الـذات
(1)
ولو تبين لي أن الفجر لا يكون
يتبين الشروق والشرفة تغرقُ في اللمعان
هذا النخيل الظليل يعترفُ بالأنهار والأغاني
والصبايا
ويتبين لي أن الأقبية كذبة واضحة
وأن الخيول ترتوي ولا تبالي إن كان الفجرُ
لا يكون....
تبدأ الأصقاعُ في الانتباه تبدأ في الرؤية
ما هاج منها يفرحُ وما مات منها يطمئن
وما الزرع إلا منها وللخيول
وإن الفجر يكون.
(2)
والذات صادفتني في الأيام الآتية
وفي الزهرة
في شقوق الوقت
هل تستوي كما يشاء الطالعُ وكما تقدّرُ القابلة ؟
في بقية الأيام مقعدٌ نباتات وظلال أكبر
وما يشبه الماس والحنين لا يتهاوى
وكانت الأقصوصة تشبه الملامح الطيبة
والبيوت الملونة على طريق الصفصاف
في نهاية الأيام تتلون الغصون وتكون
في وصية من العشق والفرح والأرض تكون.
(3)
لم أكن أرتدي غير صمتي وغير الشقائق
وأمشي مثل الموج لا أهتدي
ولا أضيع
وكأن العناقيدَ تنضجُ
كأنها لليقين مع مطلع الفجر
وأتيتُ صار العنب محترقاً
والقناديلُ نائمة
والعصافير صائمة
لكن القبعة الوحيدة في خشوع في لهفة,
لعل الوقت يصيبُ يحملُ الوردَ كله وأرتوي.
(4)
الملامحُ تمضي
الصَفصَافُ في زاوية
اللهفة في النسغ
وللبكاءِ الغصون
يضجُّ الغبارُ
والملامحُ في شك.
الطيور
الطائرُ الأول
له الشقائقُ
ومن الماءِ أعذبُهُ وحضنُ الشمس
في مروج الروح يغفو
وإليه الصَفصَافُ يجوع
وتجودُ الزنابقُ بعبيرها وينحني النخيل
والعنوانُ له في أول المساءِ
وأول القيلولةِ
وفي مطلع الفجر
وتراهُ العيونُ في بسمةٍ
يصيرُ قديساً
بين أصابع الأمِّ حين تشتاقُ
يروي الضياءَ حين يأتي وحين الغياب .
الطائرُ الثاني
أجَلْ
كان لعينيه الزنبقُ والقرنفلُ
وكانت أصابعُهُ من الياسمين
أرادَ روعة الشجر
وأستفاقَ بين الغصون وغفا
وكان منتبهاً لأول العشق
لا يجوعُ إلا لأريج الروح
بين يديه أغاني الصمتِ
وابتسامة العنب
إلى حضن الشمس صارَ
وصارَ المرايا
لا يكبرُ العمرُ إلا حين ترفرفُ الروحُ
حين تستوي وردة
لأجل حبيبٍ لا يغيبُ في حضور
وفي غياب.
الطائرُ الثالث
تغيبُ الشمسُ بعد ثلاثةِ أيام وهي تعلمُ
إن كان عائداً مع ذيل فستانها أم مع الأزهار
وهي تعلمُ إن كان لا يعود.
ولا ندري ألهذا الصديق الكلماتُ
والطريقُ
والأقاح
أم له الغيابُ
والجوعُ
والفاكهة الهزيلة ؟
لا يرتوي
وعيناه رحيل
وأصابع الليل باردة
لا تمسحُ عن جبينه الهوى
ولا تمسحُ القنديلَ
واللومُ ليس على القدح
وليس على هشاشةِ الغصن
وليس على الصدى.
الليل لا يدري
مَنْ يدري ؟
الليل في الهجير في غفلة وصمت
من يقوى أن يحملَ الضباب ويجمع الماءَ ؟
من يستطيع النحيب ويشتري الصدى ؟
يلبس الصوم وينام
وهذه الأرائك من أزاح الراحة عنها ؟
وصال في التعب
في الشرود
والحضور ؟
الليل لا يدري
لا يعرف العشب
لا يشتهي الفراشات
لا يأبه للصَفصَاف للعناقيد.
***
البحر لا يدري
ينتشي الوحش هائماً بالأشرعة
بالصفير الذي لا يلين
يهتف دون وعد
دون أصداء,
السفينة في مُرِّ البحر
لها الغياب
لها اللجة
وفي عنوانها الأبد.
الملاح أعمى
والليل يصغي لكل الكلام
لكل النحيب
لكل الهوى.
القتيل الأخير في الموج لا يتذكر طعم البحر
ولا طعم الأسماك
ولا تكتمل السيرة في البحر
ولا تبدأ
يتحول المحار لماء
والماء لمحار
البحر عروس لا تتنفس إلا الزبد.
***
الصحراء لا تدري
على غفلةٍ ضلت الشمسُ مسارها
تلاشى البدرُ والرمل للوجع
لجوع لدمٍ لا يترددُ في اللوعة
السراب إلى زرقة لوعدٍ مهلهل
لإمرأةٍ
لا تعرفُ الطيرَ
ولا الأعناب
لا تشتري إلا الدهرَ فارغاً
لها سحرُ العصا الأعمى
تغمرُ في الرمّل أطرافها
ولا تزول
تطول مخالبها يغطيها الصمم
تنتهي في بدءٍ تعجن الدم بالدمع بالدهر
السحب لا تنهمرُ ولو مرة في الدهر
ولو لحظة في القلب.
***
فاطمة محسن
- مواليد البحرين - المنامة.
- ليسانس آداب لغة عربية جامعة بيروت العربية 1993
- دبلوم تربية جامعة البحرين. 1996 دبلوم الدراسات العليا ( جامعة القديس يوسف 1998).
- مدرسة لغة عربية بوزارة التربية والتعليم.
- عضو بـأسرة الأدباء والكتاب.
- عضو بالملتقى الثقافي الأهلي.
- حصلت على المركز الأول في الإبداع الشعري ضمن مسابقات وزارة التربية والتعليم لثلاثة أعوام متتالية-( 2003- 2005).
صدر لها:
- أسقط منكَ واقفة، شعر، وزارة الإعلام بالبحرين، المنامة، 2007م.
- يرقصان على جنوني، شعر، دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، دمشق، 2010
اختناق
دعوني ألملمُ روحي
وأركض.
قليلٌ من الملحِ يكفي
لأغسلَ هذا الجسدْ.
دعوني..
أكابدُ نزفَ الحكاياتِ
حين المخاضِ
وألعنُ صمتَ الورقْ.
دعوني...
فتحتَ السماواتِ أخفي لهيبي،
قليلٌ من الماءِ يكفي المنافي
المنافي التي وطأتْ غثيانَ العبورِ
مزيدٌ من الضحكِ قد لا يُفسرُ معنى الفرح.
ألملمُ روحي
ويمتدُ..
يمتدُ حبُّكَ حدَّ اختناقيَ
حدَّ ائتلافِ الحروفِ
وحدَّ اختلافِ المعاني
أحبّكَ، إني أحبّك
مثلَ اشتعالِ الحقائبِ حينَ أغادرُ نفسي
وأصلبُ صوتي.
على مضضٍ أجهضُ
كل المسافاتِ/ كل النهاياتِ
لتكتملَ اليومَ خارطتي؛
كي تنامَ على غيرِ قصدْ.
خذوني
على نصلِ هذا الكلامِ
دعوني هناكَ
دعوني أُناجي المحطاتِ
أزرعُ في حانةِ القلبِ
خمرةَ سكري
فتمطر في روحِكَ الغيمُ.
أُمسكُ حبّكَ مثل يمامٍ
يطيرُ على شرفةِ الروحِ
يُلهب في غابةِ العشقِ لحنَ الشجيراتِ
حين يُلوّن موتي.
دعوني، أُلملمُ روحي
وأركضُ نحوي
ونحوَ جنوني
دعوني، دعوني.
سيدةُ الخساراتِ
أحدّقُ في الصمتِ
كيفَ استطعتُ أجرُّ الخساراتِ
أصرخُ في الهذيان
وقدْ كانَ لي وجهتانِ
أيا جَسَدي
أسرعتُ
أُسرجُ مِن وحْدَتي فشلي
وأُشعِلُ من نبضِ كفي جنوناً
وأنشرُ في الشمسِ ذاكَ الصدى.
وفي الرّوحِ لي مُهجتانِ
وتقتلُني مهجتِي الثّالثة
وإن أخطأتْ لُغتي حرفَها
لا أُبالي.
الموتُ يَسْألُني
وأنا أُفرِغُ الكأسَ عَنْ جَسَدِي
مِنْ خسارتي الغافيةِ.
وللّيلِ في داخلي رغبةٌ
حين يُطْرَقُ بابي الّذي لا يجيء
وانتظرُ اللهَ
أنتظرُ اللهَ في آخرِ النّصِ
أغْفُو قليلاً..
قليلاً.. قليلا
أعدُّ الخساراتِ لا أستطِيعُ التّوَقُفَ
فوقَ رصيفِ الجُروحِ أصفُّ
الخــ
س
ا
ر
ا
ت
أصرخُ للبيعِ ياصاحبي
وفي غَبشِ الجرحِ
ألعنُ ذاكَ الذي في الطّريقِ
يُلَوِّحُ: أسرفتِ
يبقى النخيلُ وأرضُ بتول
ومنجلُ حبرِك في داخِلي
يلوّنُ غصناً وطيشَ اشتهاءْ.
وحدُّ السماءِ أجرُّ قواربَ حُبِّكَ فيَّ
وألمحُ في الرّوحِ شبهَ انطِفاءْ
فيُوقِظُنِي صوتُك الليلكيُ
وأنشرُ أشرعتي
حدَّ هذا الجنونِ أعتقُ أدعيتي
في قميصِ الغناءْ.
وكالريحِ عاريةٌ شهوتي
وقاحلةٌ في الهزيعِ الرتيب
وفي الصّمتِ لِي لُغَةٌ يائسةْ
ألِفُّ الحُروفَ على ناهديَّ
وأُخرجُ صندوقَ جمري الأثير
على ضفتي الخامسةْ.
تلك المواويلُ في داخلي
المواويلُ.. معسولةٌ بالنّحِيبِ
وقَبْلَ انكساري أَفِيْقُ
على ضَمّةٍ من يديكَ
وطعمُ شفاهِكَ
يُوْمِضُ فيّ بماءِ الحياة.
حافةُ الشّوق
كأني أراكَ
من الشّوقِ تغمزُ تفاحتينِ
وتُسْكرُني
وتَغْزِلُ سَجادتينِ من القَلْبِ
تَرْفَعُ قامتَنا نخلتين.
كأني على حافةِ الشّوقِ أهوي
يُطوّقُني ساعدان
وأغفُو..
فتنبض في وردِ روحي سماء.
كأن جدارَ هواكَ تعانقُه نجمتان
ويغفلُ
يغمرُني الضوءُ
تدخلني شفّتان
تَعَللتُ بالبَوْْحِ
وانسلَ من جسدي شُرفتان
وكانَ الجلِيْدُ وشيكا
وفي غرفتي سكَنَ الخَوْفُ
عَرْبَدَ في نَفَقٍ من دخان
رأيتكَ تبعثُ قلبي رسولا
وتبحثُ عن آيةٍ
قِبْلَتين.
تُصَادِرُ رائحةَ الشّوقِ مني
وتَذْبَلُ في داخلي ورْدتان
رأيتكَ تسقى السماءَ يماما
تعللُ أحزانَها
حين يشهقُ ماءُ السماءِ حزينا
فأندسُّ فيكَ
وألثمُ عِطرَكَ لحنا يتيما.
أسافرُ فيكَ
قطاراً من الرّملِ يملأُ عيني
حملتُ الجنينَ
ورحتُ أجرُ الهواجِسَ نحْوَكَ
رحتُ أزفُ الأغاني
قرأتكَ فنجانَ قلبي
فكانَ لَهِيْباً
وكنت الصّقِيْعَ.
تبعتُ هواكَ كمنذورةٍ بالجنون
يُفَاجِئُني البَرْدُ
فاجأني البَرْدُ
واحتارَ فيّ اللهيبِ.
صليبُ أفكاري
أجلسُ على طاولةِ الوقتِ
أقرفِصُ أفكاري
أهجرُ مخدتَك
وأنامُ مع البياض.
أبدأُ التوغلَ داخلي
أشمكَ
فيندلقُ رحيقُ مائكَ
أنكركَ، أتنكركَ
أنساكَ، أتناساكَ
أُخاصِمُ غابتي وأنزوي.
تركُلنُي توابيتُ اللونِ الأحمرِ
تمرُّ خضرةُ نارِكَ على أصابعي
فينزلقُ وجعي
مَنْ أنتَ؟
فوقَكَ يسكنُ هوائي
وتحتَ سمائِكَ تسكنُ خلاخِلي
صادقٌ في كذبكَ
أحاورُ سِرَكَ
أتوقُ إلى غيابكَ
لكنّكَ الحضور.
أطردُ مساماتِكَ
هل تذكرُ عطرَكَ؟.
ارحلْ
كما رحلتْ مسبحتي في الصلاة.
غفوتُ على يديكَ
فاندسَّ كتفُكَ غريباً
يسألنُي عن نوارسَ أجهلُها.
قبل أن أعقدَ تعويذتي
وأغتالَ قلبي
دعني../ وحلِّق حولَ خاصرتي
كن هنا دائماً
الغيابُ يكتبُ أسرارَه
ويوسوسُ للنخلِ في داخلي.
انقلْ البعدَ أملاً
لصوتيَ المُخضبِ بحناءِ عينيكَ.
شموعُكَ لم تزلْ
غيرَ أني عبرتُ مسافاتِ الضوء
كي أُشِعلَ الروح.
إنه الهذيانُ
وهسيسُ الألم
يُقبلُ أضرحَة القلب
فاقبلَهُ وضُمَه للعتْمة !.
***
فتحية عجلان
- من مواليد المحرق، عام 1954
- خريجة الثانوية العامة.
صدر لها:
- شمس الظهاري ( مجموعة عامية مشتركة مع الشاعر علي الشرقاوي ) عام 198
- أشرعة العشق - البحرين - عام 198
- جئت فغادرت دمي - البحرين - عام 198
- خطاوي الريح ( عامي ) - البحرين - 199
- هوامش امرأة في الهامش - البحرين - 199
هوامش امرأة
(1)
أبدأ يومي
أتحرك
أوقظ أطفالي
هيا قوموا فالحلم جميل
يا أحلى من أحلامي
يا وردة أنغامي
قومي
فالفصل يناديك
وأحاديث الكرسي تناديك
ودفاتر رسمك والألوان
قومي
طابور الصبح تهيأ بالألحان
قومي الآن
صباحك حب يا أمي
وصباحك حلم يا وطني
وصباحك ورد
يا زمني الأجمل
من كل الأزمان.
(2)
و دخلت المطبخ
لا أعرف كيف دخلت ؟
وأمسكت الدفتر
لم أغسل كأساً
لم أقرأ خلطة كعك
بل آهة امرأة
في الهامش
كالهامش تقهر
حادثت الإبريق
سكبت الشاي
شربت لكي أنسى
كل أواني الطبخ
وتاريخ القهر
ولا أترك شيئاً
غير معاناتي المزحومة في الدفتر.
(3)
فيض الحب تناديني
أين قميصي ؟
أوراقي تتناثر
قلبي سفن ضائعة في
البحر بلا بوصلة
وأنا أبحث عن شيئ لا أتذكره
أين قميصي ؟
أيامي تتناثر ما بين الغرفة
والغرفة
وأنا أهرع راكضة بالإفطار
تتطاير من بين يدي الأفكار
وتجف الأنهار
هل يمضي الوقت
ويكبرن سريعا
قد أقرأ نفسي
أو أتصفحها في الصمت.
(4)
التاسعة الآن
فهيا قومي
أيتها المهرة
لا وقت لديك
لغسل الضحكة
أو
تسريح الفرحة
أو
أرجوك دعيني أحلم
فالحلم جميل
أهجر أوراقي
أرمي قلمي في الأرض
وثانية
- الدرب طويل
- لا بأس
جميع دروب الأرض
سيهزمها الحلم
وقلبي بالريح على الكون
سيصعد.
قومي
من وهمك قومي
- حل الوقت
- لماذا ؟
لم يوقظني أحد
أين حذائي
كتبي
أوراقي
أين حزام الفستان ؟!.
(5)
لو تنكسر كل أواني الطبخ
أو
تتعب عين الفرن
أو
ينضب أنبوب الغاز
أو
ينقفل الباب
سأضحك
يا للفرحة
لن أطبخ شيئاً
تحتج عيون الصغرى
أين الأكل ؟
أرمي تعبي
فوق بكاء الكرسي
وأصرخ
أين الوقت ؟
تحولات شهرزاد
أنا شهرزاد
وأنت ليل
همسه مثل الجنون
أنا شهرزاد ودمعتي عيناك تحتل الجفون
أصمت
ففي دقات قلبي قصة قبل الشروق
أصمت وحديثي بصمتك
قد يكون الصمت مفتاح العبور
أنا شهرزاد وقصتي حلم النجوم.
مـرة
مرة
سقيت التراب عيوني
فأنبت سنبلة زهرة
مرة
رفعت فمي للسماء
فطارت عيوني عصافير ماء
مرة
قلت لا
فكان العذاب.
تحـدي
لن يمنعني من حبك
سور
او نهر
او قرصان
لن يمنعني من حبك حتى قلبي
لن يمنعني من حبك
الا حبك
فاحلم مثلي بالبركان.
***
فوزية السندي
- من مواليد البحرين - المحرق، عام 1957
- بكالوريوس تجارة، جامعة القاهرة.
- ساهمت في هيئة تحرير مجلة (كلمات) ومجلة (البحرين الثقافية).
صدر لها:
- إستفاقات – شعر، عن المكتبة الشرقية، البحرين 1982.
- هل أرى ما حولي، هل أصف ما حدث – شعر، عن المكتبة الشرقية البحرين 1986.
- حنجرة الغائب - شعر، عن أسرة الأدباء والكتاب / كتاب كلمات 1996.
- آخر المهب – شعر، عن دار الكنوز الأدبية، بيروت 1998.
- ملاذ الروح – شعر، عن دار الكنوز الأدبية، بيروت 1999.
- رهينة الألم – شعر، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت 2005.
- أسمى الأحوال، شعر، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، 2009.
صبا لم أعهده
ينوع لا أتذكره
في عينيك أراني
أرى قدميَّ المتعبتين تنتشلان الوحل البارد
ثيابي المكنوزة نحو قلق ساري
ظلالي الذهيلة
وهي تقتفى ضلالي
دموعي المشتكاة
المجارة من وجنة لا تهتديني
أشفق على مسراتي الكئيبة دونك
أساور دياجير الكسير من تعبي
أناور غاية النكران
لذا أحبك.
أحبك
كمن تهوى غديراً أبكم
شلالاً أخرس
أسرفَ في شرخ قلبي نحوك
لأشهد إحداث العصف النادر
ما أهدرته تلك القبلات القليلة
وهي ترتشف شفاعة أرواح كانت لنا
في حضنك أتعلم كيف أموت بتؤدة الخنق ؟
في عسل دمعك أحترف هتون لسع الشمع
مع غالي يديك أحاول نشيش إحتراقي.
إطلاقاً
لا أتقن تهجي معالم حبك ولا تقصي نواياه الخفية
حينما أتنفس رواحك الهاذي ومجيئك الصعب
لا أكترث بمجون هذا العالم وهو يتعالى بفخر هكذا
بل أركن لزوايا قلبك المشرئبة بي
وأحبك كساقية لا تتعب من دوار شهيق يتلو زفيراً
يتهالك نحو هواء آخر بخيل على رئتين تنعدمان.
حينما أراك
أبحث
مجتلة من حدوثك عن حبر غائم
أنقب به عن غيم عليم بماء قلب يتماوه بك
لأرسم زوالك المبكر
أدون رائحتك الجليلة
أنحت إنشغالك الحثيث بي
أوتر آلات عمري كلها
لأنتحبك
أو
أغنيك
أو
أمتثل بمرآك
يا جرأة قدري
جرم وقتي
قديس صمتي.
لي بيت مزحوم بعرائش خضراء تنشر أردية الليل
بتلات ورد محاصرة ببكاء الماء
عشب يتيم يتعاضد ضد مشكل جفاف يرسو
صبار يكتم ظمأ نواحيه
ويغدق صخب أشواكه الخجولة
طوب أحمر يرتصف تيه دروبي
زهيرات تصطبغ بدم يكفي لأنتحر صوب مرواها
عباد شمس أعمى
نهر من حصى
وآجر كاسر يكتم زواياه
حديقة ترعى آلهة لا يصطبرون على صيت ينوعها
لذا تغويهم بقداستها
وهي ترتكب جنوح المذبح تلو الآخر.
أمامها
أنحنى ببالغ صداي
أركع بمنتهى إغتفاري
أنثني على ركبتي
وأرتقب إندلاعك نحوي.
مساء وآخر
ليل وآخر
نهار وآخر
بعد جور هذا العصي على صمتي كله
أخلع خطوي من منتهاك
وأتزود بي.
قبل أن أحبك
كنت أضيع روحي في صرة مستقبل كسيح لا يرحم
أساوم مواضي الغائمة بعرفان وقت كاهن لا يهتم
وأغلق صبر حواضري على قدر ممل
و..
ما إن صدحت نحوي بعينيك النافذتين كقطتين لاسعتين
وأنا أدوام نحر أنفال فوزي الخاسر نحوك كشريان مهدور
تدميت
حتى أجتلت خواطري بنوايا بواقيك
حتى أرتحلت شواغفي نحو شفتين عاجيتين تبرقان بمطر داو
لأشتهي زوالك المبكر كيلا أموت بلاك
كيلا يتعطف قبري القليل علي ويقترب سراعاً دونك.
ما إن تراخيت بخطوك الغريب صوب ملاذ صمتي
حتى استحل قلبي كل شيء لم يمض.
حينما أحببتك
كسوت بي كل المرايا التي تراك
أتحفت الوجد الذي تناجز بي
عاندت ذخير البنفسج الذي استرقاني للشفاية منك.
قل لي:
من أنت ؟
لأمزق ما تبقى من وقت كسيح راح يلهو بلذيذ سم يسترسل
لأواسي وجيد ُسكر بات يوافي خلايا جسدي
لأغاوي لهفة جن تعالت بغتة من قلب قديم
لتكتويني وحدي بهالات سحرك.
مزدانة بك
بنحول خطو الغريب
والطريق يتشاسع
بغرق المبحر نحو سماء تشتعل
بكفيف القبر ملتثماً كفناً متعباً
يستهل تراب المجازات لئلا يضمحل
منتهاة بك
ولاشيء دونك يمتثلك دوني.
لرائحتك هول ياسمين عتيد يخلب بتلات المدى
لهمسك خرير المدار وهو يرتب الكواكب لتغزوه
لجبينك حس تعاريج النبات المغالي بهسيس البراعم
ليديك راحة السنابل المثقلة بفجورها المذهب
لعينيك قدرة السناجب المعتورة بخفايا الخفاء
لقميصك لعنة الأشرعة قبل الغرق بندرة الهواء
لخطوك غيلة المعاول وهي تناوش خطايا الروح
أحبك وأعجز عن صفات عطرك
عن غفو لهجك الغريب على جناية ساعدي.
حين أراك تبتهل لموتك المؤجل
أهرع نحوك
َكيمامة مبتلة بوفير أجنحة تحرس ذهابك
أُزز الهواء كنحلة راوغتها رحى الرياحين
غادرتها خدور الأكمة وما فيها
داوتها أسافين الورود بلقاحها الشهي
حتى نالها الإغماء المبكر
دون قطرة عسل واحدة
تعتريها منك.
أحبك
بت أعض أصابعي كلما تذكرت إسماً يصطبغ بميقات حلولك
كلما تذكرت قدومك نحوي
بصبا لم أعهده
بينوع لا أتذكره
ببرودة قبر قاس علي
بغصة شاهد هاذ نحوك
أحب فيك هواك المغالي باهتيال هواي
ديمومة تجليك نحو غمام يحتذي هطولي
تهجيك لواحة جسدي على الدوام
وتجنيك لراحة روحي على الدوام.
أشتهي
حدوثك ملتحماً بأنفاسك المشاعة قربي
نفاذك العميق في غيبوبة راوحي
أحب رجفة عينيك
كلما زلت جفونك المستباة بحدقتين شهوانيتين
ومضت في رجفة لا تراعي أحد
كفارس قدير على لجم ذبيحة لا تنتهر الذبح.
وحده الليل
غفيرنا الخجول
حامي عزلتنا البهية
بهي وقتنا القتيل
رمح قلبينا المحاربين
راعى غزوتنا الجريئة
وحده
القادرعلى نبش حبرنا المؤكد.
أحبك كما لم أحب
أحياك كما لم أحيا
كما قلبي- الآن- يكاد يعتني بي
لا يحرض قبري قبل حلولك
لا ينتزع شظايا روحي من قساوة العظم قبل أن يهتديك
مسمراً مرآك خلف عتمة جفوني الرائية منحاك
كل هذا
لئلا أموت دون أن أحياك.
لذا
لذ بي
وأحتلَّ ما تبقى
من سكناي.
للغرفة، لبابها الموارى أبداً
ممن تخافين
مسرعة تقذفين العتبات بقدمين أصغر من خطاها
تدحرجين السلالم نحوك حتى تدنو رائحة النوم
و..
تستلّ جسداً راعفاً كغصن عصفور.
لمن يقرأ المساء ضباب النوافذ
ليراك منزوية
ترتقين الفراغ بأصابع كسولة
تنحتين الهواء بصعب الشهيق
ليشفي من سأم انحسارك الوحيد.
لمن ترسمين ملطخة بحريق الكلمات
أمام ورقة تعلو وتهبط
كفراشة يتيمة تنحاز
لوردة تحتار لتفشي رحيق النار.
لمن ترفعين الغطاء قليلاً
حين تكبو ممرات النعاس على يأس بابك
حين يخيل إليك أن همساً بشراهة الحب يغترفك
حين يثابر الخدر اللعين على رهن جفنيك
حينك تنهضين وتغلقين الليل.
لمن ينهدل غافٍ شعرك
حول كتفين ساهمين
كأنه العاشق
وهما رئتيه.
لمن تمشين
وتهلعين
وتضحكين
وتحلمين
وتبكين
وتنحدرين
وتنكسرين
وتنهدرين
لمن كل هذه الشراك
التي لا تهاب سواك.
لمن أزرق الثوب الدائخ كسرير البحر
على عجل تقعين فيه
ودونما تريث
ترتدين ما يشبه الدم لو مات
ما تعرفين إنه الحبر لو تاه
هل جسدك قارب منذور للبوح
أو قبر مأواه الموج.
لمن تدفعين النبض عالياً
كلما شارفت بعينيك ملامح تقذف القلب
ببهجة السهم من قوس لا يهجع
لتُقتلين برهة ثم تعاودي النظر
ليكون القتل الأخير نصيبك الأبكم.
لمن كل هذا الخنق
والهواء يصب الزفير
لتحتالين بوداعة الدوار
أنتِ ومسراهُ المباغت
ونفضةٌ تخلع الوريد
لمن ما يعتريك ؟
لغيابك حضور العنادل
وهي تسكب اللحن على هدير العواصف
مشحونة بوتيرة عصب أقل القول عنه
صريع الوتر.
لغرفتك وميض جائر يعرف أنك:
لن تضيئي إن لم يصمت
لن تتدلّهي إن لم يكف عن مشاغبة حنوك
لن تسكني عقاب الطاولة
لن تمتحني جرأة الوريقات القليلة
ما تبقى لك منذ جريمة البارحة
لن تقطفي ظلال القلم
ولن تعلني الألم
سوف يصدأ قلبك
إن لم يكفّ هديل الهواء قليلاً عنك
أعرفك منذ امرأة تلتاع بتجوال زمان يشبهك
حيناً تغلقين حنين النافذة
وأخرى تكسرين مراوغة المرآة
كذلك كنت تفاجئين ثراء السجادة
بخطوٍ مريبٍ لحزن لا أفهم من رعبه شيئاً
تختارين كرسياً شرساً لتبلغيه ما يخطف صوتك
وعندما تبلغك فراسة النوم
تسترسلين لحكمة السرير
لمهبٍ لا ينتهي
ريشه الوحيد بوحٌ لا شريك له.
أسألك
أيتها المرأة يا صاهرتي
لم أنتِ بارقة هكذا كشمعةٍ تستسيغ غمر الدمع
لم أنتِ هالة صغيرة ترافق نعيم الظلام
لترمق الآخرين كأفاعٍ تنسرح بعيداً
عن جمر غدرها الذاهب نحوك
أفاعٍ تندفع كحبات مسبحة سلّ منها النسغ
وتحدق في نومك
هل كثير عليك غفلة تطول أم قليل غفو يجور
لست أدري
أشعر بحاجة لمنادمة صمت يشيخ
دهر فاض به الصدر ولم يخسر نرداً يغريه
قدرٌ محتمل:
بشفتين مزموتين كقبضة تبالغ في قسوتها
وجه هائم يغالي بغناء الوحشة
وأنتِ
مضمومة كحبل يتهادى وظمأ بئر يتقدم.
موارب
ومثقل
هذا الخشب المحفور بنعش الباب
تدخلين فينزع الحائط المكبل به
تخرجين فيذيب عطرك لفقد ألم به
موارى ومفتول في آن
باب ليس أكثر
ويعرفك أكثر مما يُخفي عنك
حارس نومك المصان بهلع الطفلة
جابي عداء الكتابة حين تستعصي
مؤله انسيابك الحذر ونهيك المبجل
خائف عليك من صعقة انغلاقه الأليم
كل غضبٍ يهُم بحنو العدو
هو الباب ومن سواه
خفير حمايتك والمفتاح يصافح قفلاً يسخر
واهب غرفتك البتول طيوف العائلة
تابوت يومك الهرِم
عريف عزلتك.
ووحدك شأن الفقيدة
لا تلتفتين لشجرٍ يحيا على مداخل عمرك
لا تنتبهين لرعدٍ يزيح الهواء عنك
لا تغفرين لورقٍ يطيل ارتعاد موتك
لا تعرفين أينك.
هل أعرف ؟
امرأة تحذف غفلة الحياة بحصى كلماتٍ لا تصغ
لترى نهر الروح يتسع
في مهل مياه لا تخطيء ما تراه.
ممن تخافين
هل أنتِ ؟
لهــا
لإمرأةٍ تناهت عنها
مثقلة بحجرٍ ميت
ارتمى بين ضلوع تخسرها
مكتواة من صدِّ تاريخ رماها
تجرأت على برودةِ سرها
لتغمد ذاتَها نحو مغاليق عمياء
انتهبت موتَها
نحو عذوبةٍ ترتقي نحولَها الأبدي
لم يسألها العشبُ إذ رآها تتعثر بنضارةِ جرأتِه
لم تثنها الوردةُ النادرةُ، الملتهبةُ من ضراوةِ صمتها
لم ينتبه الغيمُ اللاهي بممراتِهِ الكئيبة، لخطى تتوسلُ الحصى
لم يهتم البابُ الأصمُّ، بصدى نحر، أرداها من وفيرِ زفيرها
لم يجتنب ثوبُها الزهريُّ الخامدُ، معطفها الكئيب المتهالك
أظافرها الحنونة المحبرة، خنق لهاث أدمى رئتيها
لم يصغ الهواءُ لصبرٍ أضناها
لم يتحاشَ الممرُّ الضيقُّ شيوعَ ظلالِها المريرة
لم يعبأ أحد
بلهجةِ دمٍ ضريرٍ تخثّرَ حتى أغرقَ آخرَ الورق.
أحيانا تحيا
كلما أذابت عماءَ حبرِها الخجول
ليلتئم بهدوء بياضٌ جائر
كلما تداهت برعونةِ وقتِها العجول
لتنجو من غيبوبة طافت مداها
كلما أختبرت نفضةَ الحب
لتترمد فيما بعدها
بشللٍ آذاها
كلما استضافت هيامَ الدخان
لنهجِ سيرةٍ استلت صحوةَ رئتيها
كلما غامت بعناقِ أحبةٍ يجتاحون
بجزعٍ طاغٍ فراغ المقابر منها
كلما أضرمت ريشَها كله
لئلا يخسر الهواءُ خفقَ أجنحةٍ يجهلها
كلما اكتوت كثيراً بارتدادِها الخاسر
نحو عطفِ رحمٍ ينعطفُ بعيداً عن حياةٍ تتهجاها
كلما تهاوت من لهيبِ شمعةٍ تحتضر
لتغوي بهديرِ الرعب يديها
كلما تصاغت لبيتٍ أبكم
لا يتصدع ليكفَّ عنها
كفيلا به
كلما استدامت لغفلةٍ سكري
ساهرة في تقصى الخسارات
كلما خارت قواها
إعتالت على صرامة يأسها
كلما غادرت غورَ عزلتِها الفتية
تنادت لعنف مهواها
كلما تمرأت بوجوهٍ تكسو مراياها
تناست كيف تديمُ ملامحَها
كلما تعادت مع مواضٍ باطشة
تهودت وهي تقتحمُ نعومةَ دمعها
كلما تفشت لها ذواتها
انهارت كقتيلة مؤجلة على الدوام.
لذا
ابتعدت كثيرا عنها
هاهي
تحذف خطاها
تقذف شرودَ عينيها نحو طريق غائم لا يراها
تمرر ساعديها المنهكين على عظام هيكل لا يمل عنادَها
تتوافد بمشيئتها
لا تنسى قبل نحر يديها
أن تنتزع حجرًا مثقلاً بكثيف السأم
تخفيه في مخبأِ معطفٍ منحازٍ لشتاءِ مواضيها
واثقةً من حصولها على مرساة حجرية
تكفي لإغراق ما تبقى من أشرعة لا تضمدُ روحَها.
مدحورة
من رائحةِ حبرٍ لا يجاري يتم حروفها
من بيتٍ متروكٍ لذيوعِ هشيمِ الصدى وهتمِ الكتمان
تتأهل
ضدَّ حب أضحى كسرابٍ لا يرتوي من مسيل البكاء
أصدقاءُ لن يكفوا عن تفقدِ تذكارات تنساها
طاولةٌ مدانةٌ بالندم
ريشةُ حبرٍ تتهدم
أوراقٌ تتعثر بظلامِ غرفةٍ لن تسهو عنها
لإعلاءِ وميضِ رعشةٍ تخلو منها.
إمرأةٌ سادرةٌ نحوها
دون رسالتين منحوتتين بشفقة جريئة
مصانتين بحروف تتأهب
ترتميان على حافةِ مدفأةٍ مهملة
ترتقبان شهقة ترتجي توأم موتها
جزع عتيق
ترنم منذ وقت طويل على نهلِ رواج المآتم.
لنراها
مشرئبةً بوصايا انتحارها المبجل
مؤتمرة لحلول غاياتها المنزهة
تحتال بيديها الضامرتين على ورق
يصفر سريعاً من وطأةِ مخيلة تصهر راحتيها
تحتدم
لتحتملَ حمولةَ حياتها
طفولة تجرعت عنفَ مراميها
إنتهاك عسيرعلى عذرية لم ترحم ذاكرةَ تنحت نقاوتها
يتم مثخن بقبر مبجل عن تراب يتقدم
انهيارات الصبا
احتمالات المشافي
مواقيت الألم الحاقن غلاوة النبض
تكديس الكهرباء نحو صدوغ تتحجر
ارتجاج يحتدُّ بجسد وحيد حد الخلع
خبرة الحجرة البيضاء بحلول جفوة لا تطاق
انسراح هزائمَ تثقل القلبَ وترجم خلجةَ الأنفاس
أوجاع بهيمة تعصف بنوايا العقل
غثيان غدر يأزز الفراغات
إنتزاع أوردة تتفجر كل صراخ آت
كيل حياة لا تهتم بمآلاتِ شلل تام.
هكذا أخضعوها
ضدها
دون أدنى شك.
امرأةٌ
محتلةٌ بموهبةٍ تتشظى أمام عينيها الدامعتين حدَّ المحو
تتقدم بقدمين يتخلعان بتأرجح مخيف
تترنح بأنفاس مؤلمة
تتواتر خوفا منها.. عليها
تتأرجح.. بظلال تتقصف خلف ظلام عينيها
حتى تصلَ لعتبةِ بحيرة باردة
ملغومةً بقيعانٍ هادئةٍ وعاديةٍ جدا
ما أن تشعرَ بمدى سكونها الازلي
حتى تترامى نحو سيرة غموضها
تنسرح بجسدِها المعطوب نحو عمق حصواتها الرطبة
أعشابها الغفيرة تنهمر بروحها المثقلة بعبء حياة تجهلها
تنغمر بجسد يغرق على مهل ريشة تتناغم
ولهو هبوب أسماك لاهية بقدرتها الباذخة على إحتمال كل ما يجف هناك
من أجساد تكتوي بقسوة يابسة لا تسهو عنها.
لها
لمحارة لم تتأخر كثيرا
عن إندلاع لؤلؤة التمعت بعزلة مخبأها
مثلما اعتنت بغيابه
تمادت بحصولها
كما خطت الحبرَ تخطت البحيرة.
لها
لبكائها الضليع
المتكسر على ياقات قمصان ٍ ترتويها
لمهارة حزن قدير يأتلق كلَّ ورقة
ترتقيها في خضمِّ ليلٍ قتيل
لقيودٍ تراصفت بتهاويلِ مثاقيلها
لجفل حروف تلكز جموحَ رسغيها
لعمر مشغول بهستريا الجنوح
مأمور بحمم النوازع
لوعة الغثيان المكرس لأواخر مراراته المنذورة لها
لكمائن تختبر بطواعية جريحة
قدرة مخالبها الخفية على الكتمان
لعينيها المتقدتين بمطر داو
لكتفيها الكسيحتين المتهتكتين كل مرام
لبياضها الرائق كحليب قطف للتو
لبسمة تستوقد مهابة الغواية من نضارة موتها
لشعرها المنشغل المنهدر نحو جبهة ترفع عناء مغبته عالياً
لصدرها المضمحل المنزوي، الباهت، الملغي عنها
لقدميها الصغيرتين اللتين تودان حثيثاً
مغادرةَ حذائين لا يقلان صرامة عنها
لقلبها المزنر بأسيجة تسند إنحيازَها الشقي لدم يغتال خلاياها
لغبار ماكن يؤثث كلَّ زاوياها
لوقت مكتنز بأزمنة تتعدد ولا تشفق على مهاوٍ تنتضيها
لحياة
تعمدت أن تغدر بها
قبل أن تضاهيها بعنف غدرها.
لها
لوردة النهر
كبرياء الكتابة
موهبة أضاءت وميض إحتضارها
و
أتقنت
إيلام إمراة إعتادت صمت إنتحارها
إلى حد
يخجل الموت منه
تعجز الحياة عنه
وينحني له الحبر.
***
قاسم حداد
- ولد الشاعرفي البحرين عام 1948
- شارك في تأسيس ( أسرة الأدباء والكتاب في البحرين ) عام 1969
- شغل عدداً من المراكز القيادية في إدارتها.
- تولى رئاسة تحرير مجلة كلمات التي صدرت عام 1987
- عضو مؤسس في فرقة (مسرح أوال) العام 1970.
- كتبت عن تجربته الشعرية عدد من الأطروحات في الجامعات العربية والأجنبية، والدراسات النقدية بالصحف والدوريات العربية والأجنبية.
- ترجمت أشعاره إلى عدد من اللغات الأجنبية .
- أطلق (منذ العام 1994) موقعاً في شبكة الإنترنت
- عن الشعر العربي باسم (جهة الشعر) : www.jehat.com
صدر له:
- البشارة - البحرين - أبريل1970
- خروج رأس الحسين من المدن الخائنة - بيروت - أبريل 1972
- الدم الثاني - البحرين - سبتمبر 1975
- قلب الحب - بيروت - فبراير 1980
- القيامة - بيروت - 1980
- شظايا - بيروت - 1981
- انتماءات - بيروت - 1982
- النهروان - البحرين - 1988
- الجواشن (نص مشترك مع أمين صالح) - المغرب - 1989
- يمشي مخفوراً بالوعول - لندن - 1990
- عزلة الملكات - البحرين - 1992
- نقد الأمل - بيروت - 1995
- أخبار مجنون ليلى ( بالاشتراك مع الفنان ضياء العزاوي )
- لندن / البحرين - 1996
- ليس بهذا الشكل ، ولا بشكل آخر - دار قرطاس - الكويت -1997
- الأعمال الشعرية - المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت - 2000
- علاج المسافة - دار تبر الزمان - تونس - 2000-10-29
- له حصة في الولع - دار الانتشار - بيروت - 2000
- المستحيل الأزرق (كتاب مشترك مع المصور الفوتغرافي صالح العزاز) ترجمت النصوص إلى الفرنسية / عبد اللطيف اللعبي، والإنجليزية / نعيم عاشور- طبع في روما – 2001
- ورشة الأمل ( سيرة شخصية لمدينة المحرق)، بيروت،2004 – القاهرة، 2007.
- أيقظتني الساحرة ( مع ترجمة ‘نجليزية – د. محمد الخزاعي)، بيبروت ن 2004.
- ما أجملك أيها الذئب، بيروت ،2006.
- لست ضيفا على أحد ، بيروت ،2007.
- فتنة السؤال، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2008.
- دع الملاك، شعر، دار كنعان للدراسات والنشر والخدمات الإعلامية، دمشق، 2009.
ولا يزال
أذكر جيداَ ذلك الشارع الذي مشينا
وخلف خطواتنا
كان ينبت ريف من الزهر الأحمر
وحيث تلتقي كفانا في لهفة
يولد عصفور أزرق
ونعطف على الأرصفة
التي كانت تبكي كالأطفال
ننحني
ونمسح بكاءها
أذكر أيضاً
مقاعد كثيرة انتظرت جلوسنا
فتحت أحضانها لنا
لكن الشارع كان شارعاً
وكانت لنا أقدام جائعة
أذكر جيداً
أن الشارع كان طويلاً وجميلاً
ولا يزال.
(ديوان قلب الحب)
القنديل
أنا الغامض الذي لا يتوضّح
ولا يقبل التفسيرْ
الغيم يقرأ المطر
الشجرة تحاور الريح
الرمل يحزم البحر ويزنّر السواحل
الجرح يصادق النصل بغتتة
لكنه يفهمْ
وأنا الغامض الذي ليس للوضوح
أغوي النجوم أسويها أحذية
لكلماتي
وأهيئ الجبل لدخول البيتْ
الصوت لي
والسيف لي
لكم الجرح والحنجرة
ولا أقبل الوضيحْ.
( ديوان شظايا)
حجر قديم
تخوضون في الدم
في العقيق القديم
في زجاج يكسر الحنجرة
في طفلة منثورة في الحاشية
فيستيقظ الضوء في الباقي من الروح
في بريد النيازك
يبدأ فينا
يقرأ الدفتر
ويتجرع الحياة.
تخطّون في حجر الدم،
ينسى ويمحو.
( من ديوان لست ضيفاً على أحد)
رعاية الآلهة
عصيّ على إدراكي،
ألهة يسوطوننا بها
في مواقيت محسوبة
ويطرحون صوتها الخفيض على أرواحنا
في هيئة رعود، وفي بروق،
آلهة صامتة هناك
في أعاليها
لا تلوي على الطفيف من الأمر
أمرٌ قديم
لا نحتاج أكثر منه،
أن تشرح لنا صدورنا المكدورة
بكلمة ترقى على تفاسيرهم
وتبرأ من تآويلنا،
كلمة تضعنا في المكان الآمن من الصلاة
لئلا يتملكنا شك
بأن الحب ممكن وجميل
برعاية آلهة
بلا سدنة ولا سطوة.
( من ديوان دع الملاك)
***
***
كريم رضي
- من مواليد البحرين، عام 1960
- تخرج من الثانوية الصناعية قسم كهرباء عام 1979
- عضو أسرة الأدباء والكتاب.
- عضو هيئة تحرير مجلتها (كلمات) حتى توقفها عن الصدور.
عضو تحرير مجلة (كرز) حتى توقفها عن الصدور. صدر له:
- نص قي غابة التأويل - كتاب نقدي مشترك مع نقاد آخرين حول عدة نصوص شعرية وسردية بحرينية، عن أسرة الأدباء والكتاب - البحرين، المنامة عام2000م.
- أحاديث صفية - شعر، صادر ضمن مشروع النشر المشترك من إدارة الثقافة عام 2004
في سبيل خصلة شعر
متى كنتِ بيضاء
أيتها الورقة الخالية
وفيكِ تنسكب صلوات المستوحشين
وأنين الظلمات
جيوشٌ تعبر
وعواصم تولد
والماء يفيض عميما من حوافكِ المشمسة
أيتها الورقة المليئة بالفراغ.
***
الأرض مجزوزة الضفائر
الأرض تركض حتى آخر الأرض
نخلا ًلا وجه له
وفي صباحات الكريستال
أبحث عن بصمة الكيمياء الوحيدة
لشعبٍ قرضته فئران الكتب
عن أنهار ٍعظيمةٍ ونشطة
جرتْ قرب نافذتي الصغيرة
في الليلة الفائتة
تطفح بالجفاف
بعظام ومومياوات تقهقه
في صحراء من الكواكب المهشمة.
***
هيهات ما النار بالضوء
لا ليست الضوء
وهذا ما تبقى منكِ
وهو يكفيني
خصلة ٌمن جبينكِ الناحل
أعود بها عبر الأبحر السبعة
أقرأها في عتمة المختبر
على أكسيد لهب شحيح
أسمع النشيج .. النشيج
خ ص ل ة ش ع ر
لا
لا أريد أن أرى
لا أريد أن أرى.
***
معا نستلقي على ورقة فقيرة
نتقلب في سطحها العميق
نتبادل أسرارنا الشائعة
تتذكرين فجأة أن لك موعدا خفيا
مع وجهك الزائل
وأتذكر أن خصلة شعر بيضاء
لا تزال في جيبي.
قيامة الشاعر
لما قامت القيامة
جاء الشاعر لحسابه خائفا
أفرده الرب في زاوية من المحشر
حتى يفرغ من حساب الخلق
ثم استدعاه وقال له باسما:
لقد خلقتُ الطير في السماء
والحيتان في أعماق البحار
وسبحتْ باسمي ذرات الرمل ونسمات الهواء وقطرات الماء
ومزجتُ ألوان الطيف حتى أخرجتُ منها دنيا الألوان البهيجة والبغيضة
وأطلقتُ ألسنة البشر والكائنات بلغات شتى
وما زال يشغلني سؤال عتيد
بحق ربوبيتي عليك
قل لي كيف تخلق القصيدة؟
يقظة الشاعر
استيقظ الشاعر ذات يوم
وفي ذاكرته مشروع قصيدة جاءت بها الأحلام
فضل أن يرجئ الكتابة حتى يشرب قهوة الصباح
بعد القهوة جلس إلى المنضدة وأمسك بالقلم
حاول عبثا أن يتذكر الفكرة فلم يفلح
ندم كثيرا
نام في الليلة التالية على أمل أن يستعيد الحلم
استيقظ خاويا إلا من كوابيس فارغة
حاول التذكر مرة أخرى
استذكر كيف كانت نومته في الليلة الأولى
أعاد نفس السيناريو
شكل المخدة
قرفصة الركبتين
طريقة الزفير والشهيق
مساحة الجزء المغطى من الجسم
درجة حرارة الغرفة
وضع النافذة
استيقظ في الصباح التالي فارغا
أمسك بورقة كتب عليها
لا تلوموا أحدا
لقد ذهبت سريعا بحثا علن حلم مفقود
سأعود إذا وجدته
وأطلق الرصاصة على صدغه.
أبي الفلاح
كان أبي فلاحا عريقا
لكنه عاش في زمن يقطع الناس فيه الأشجار ليبنوا الغرف
كان من الخجل بحيث لم يستطع إلا مسايرة الناس وإلحاح أمي
في قطع الأشجار من أجل البناء
لكني وجدته ذات ليلة يرتعش محموما
كمن ارتكب جريمة قتل بريء
أمسكني من يدي الصغيرة وقال
بني لقد كانت حياتي مليئة بخطايا لا تغـفـر
كل نخلة قطعتها تأتي في حلمي مثل وحش أخضر
تغرس أشواكها في جسدي
لم أسمع وصية جدي وأبي الذي قال لي
من يقطع شجرة تقطعه شجرة
أوصيك إذا قضيتُ من هذه الحمى
ادفن معي سعفة خضراء
اقرأ على قبري آية النخل والرمان
وكتب على شاهدي أسماء الأشجار
ومات.
***
ليلى السيد
- من مواليدالبحرين، عام 1967
- بكلوريوس لغة عربية من جامعة البحرين. دبلوم الدراسات العليا من جامعة الفديس يوسف ، لبنان. تعمل في مجال التدريس.
- عضو نادي البحرين للسينما.
صدر لها:
- مررنا هناك - شعر، ضمن سلسة إصدارات إدارة الثقافة والفنون البحرين، بالتعاون مع دار المؤسسة العربية للطباعة والنشر عمان، عام 2003 م.
- من يرث ابتسامتي (Who Inherits The Smile Of Mine)، وهو ترجمة إلى اللغة الإنجليزية لديوانها الأول (مررنا هناك)، عن أخبار الخليج للصحافة والنشر، البحرين، عام 2005
- مذاق العزلة - شعر، عن دار فراديس للنشر والتوزيع، البحرين 2006
- مليان كفي حبر - شعر محكي، عن دار نفرو للنشر والتوزيع، القاهرة 2007
الحلمُ
بالأمسِ
جزأتُ حلمي
وأنا أسيرُ عليهِ
أشدبُ منهُ ما لا ينبغي لهُ أن يبقى
وأنا أسيرُ
تركتُ ورائي ضحكاتي العاليةَ
وعبرتُ الجانبَ الآخرَ
بعد أن نزعتُ الابتسامة عني
ومشيتُ دون القصيدةِ
دون الحبِ
ثم رأيتُ أن جسدي
مازال مكتنزاً بالشهوةِ
فألقيتها عند عتبات البابِ
ودخلتُ
دون جسد
وحلمتُ:
أن الضحايا سيأتون في المساء
ويحصون عليّ خطاياي.
وبشّرِ الشاعراتِ
وبشّرِ الشاعراتِ
بتفّاحةٍ
سَحَرَها الهوى
أدارَ
وجهها
خيّطَ فمها
ثم قال:
فيضي دمعا
وطنٌ يحرسهُ الجيران
يعجّل بالتنهّدات
فرح بهيئة
امتداد ذراعيك !!
وحيدةً
تتعجّلين
خطايا نهاركِ
دون فضيلةِ ليلك.
احتمالاتُ بحيرةِ بطّ
قاربتهُ ببحيرةِ بطّ
وقاربني بمقعدينِ في طائرة
ماذا تضيف الاحتمالات
للمقاربة من البقاء
غير منفى لنارٍ حيّة ؟!
قاربتهُ ببحيرةِ بطّ
بانعكاسات الأشجار
قاربني بمقعدين في طائرة
يا إلهي مَنْ منّا يسبح في الفضاء
بحيرة بطّ
أم مقعدان في طائرة ؟
من ذا الذي
طارحَ الغرامَ لحظة ؟
هالة العاشقين
ثمة احتمال مغادرة البحيرة
من رفقة البطّ
لمقعدينِ في طائرةٍ
تروقني مغادرة المقعدين
برفقةِ بحيرة بطّ
الطرقاتُ تتوحّشُ جوّاً
والبطّ يهاجرُ
وأنا لا أحتمل سيري دون رفقة مقعدين
وبحيرة بطّ
أو
مقعدين متصلين
ببحيرةِ بطّ.
شهوة اللهب
ذاكَ جسدي
شهوةٌ
تنداحُ في مرايا النارِ
وتلكَ روحي
تتكسرُ في زوايا الحريقِ
رماديةٌ
تفترشُ الليلَ الإقحوانيَّ،
واللهبَ الشجيَّ
حرفيةٌ تتشابكُ بينهما
جذوةُ عشقٍ،
ورغبةُ الحرائقِ
تنفتحُ الشهوةُ
أدخلُ فيها
ألتصقُ بجانِبِها
تعصفُ الريحُ
بدقاتِ قلبٍ
فقدَ الطريقَ
السريرَ يشتعلُ ببرد الإنتظارِ
قهقهةُ طفلينْ
فوقَ سريرِ نومِهما
صورُ الجلوةِ
لتي تخرجُ بها
الذاكرةُ لم تكن كافيةً..
كان اللهبُ هناكَ
يشحذُ جذوةَ
الذاكرةِ
بعد أن أفرغَها من صورها
وراهن أن لا حبَّ بعدَه
ولا اشتياقَ
إلاَّ لشهوتهِ
وهي تمشي
في كينونةِ الجسدِ
تستعيضُ عن الريحِ
بوهن الإشارةِ
التي تُبقي لها نصفَ قدرها
مذوباً باتبسامة.....
يلتحفُ الأخضرَ
يَكسو جسدَ القادِم.
***
منى غزال
- مواليد دمشق عام 1949
- تلقت تعليمها في دمشق وتابعته في البحرين، ليسانس لغة عربية، جامعة بيروت العربية، دكتوراة في الفلسفة والدراسات الإسلامية، عضو جمعية الشعر.
- عملت في وزارة الإعلام كمعدة برامج تلفزيونية وإذاعية، وكذلك في الصحافة.
صدر لها:
- تمرد الشوق،شعر، البحرين ، 1974
- المجنونة التي اسمها زهرة عباد الشمس، شعر، منشورات تهامة، جدة، 1983
- رماد السنبلة، شعر( مع شريط كاسيت)، القاهرة ، 1984
- لغة التساؤلات الضبابية، شعر، بيروت،1988
- مزامير الملائكة، شعر.
أغنية للاصدقاء القادمين من يديه
يكفي أن ألغي المسافات بيننا
وأعزف إيقاعك في حسّي
نغماً لحياتي
ويبقى آخر ما في ذاكرتي
تضاريس وجهك
ألمحك...
تعبر حقول النشوة
تغزو دمي...
حتى يشحب لون حروفي
ويصهل فرسي
وترتعد شراييني
وتتفتح أصدافي
وينشف آخر بحر في شعري
وحينما تحتل خلاياي
يرتعش الوهج من دمي
ويحتار شوقي
ويجن فمي
أبكي فرحي
وأواصل السهر...
مزمور الافتتاح في
بسم الله الرحمن الرحيم
الله الله الله الله الله
الله الله الله
سبحتُ الواحدَ في الأحدِ
والظمأُ بروحي يتَّقدِ
ويبيح بسرِّي للوجدِ
ويغني الروحَ في تُؤَدِ
أنتَ القدَّوسُ للأبدِ
الله الله الله الله
الله الله الله
الله الله الله الله
الله الله الله
وأنا الشجرةُ المباركة
والمُمْتحَنَةُ في ضعفي
والمتلهفة للودِّ
و المحلِّقة بالنور
و المنورةٌ بالوصلِ
الله الله الله الله
الله الله الله
الله الله الله الله الله
الله الله الله
أ تنثر أنوار الوجد
أيا سلطانَ القلبِ
أيا مالكَ الروحِ ومن
سلبني لبي
وأنا بصهوة الحبِّ
ألبي
الله الله الله الله الله
الله الله الله
الله الله الله الله
الله الله الله
فسبحانكَ يانصير
وأنا الحافظة القانتةُ
أُشهدُكَ يا خبير
وأنا العابدة الزاهدةُ
أنتَ علامُ قدير
إني لحماك ألتجيُ
فأجرني يا مجير
الله الله الله الله الله
الله الله الله
الله الله الله الله وحين تشدني لسماء الألوان
الله الله الله الله فأطير بما يهبني الحنَّان
الله الله الله الله وأتوهجُ ببُردِ الأمان
الله الله الله الله ويشعُ بأمر الرحمن
الله الله الله الله فأسبحُ ببحر الأكوان
الله الله الله الله والزمن يعزف أنغام
الله الله الله الله والكون يرقص سكران
الله الله الله الله والقلبُ ينبض نشوان
ما أروع هذا الحنان
الله الله الله الله
مزمور 1
الله الله الله الله يامجيد ....... الله يادايم
لهذا العشق أسفك دمي ....... الله يادايم
أمزق الجلد لنور اللبِّ ....... الله يادايم
أصبر صبراً جميلا ....... الله يادايم
وأهجر جسداً عليلا ....... الله يادايم
وأنا المريدة في الإرادة ....... الله يادايم
وأنا العارية في المقامة ....... الله يادايم
وأنا الطاهرة روحاً وعقلا ....... الله يادايم
أمانيَّ في كرمه أمينة....... الله يادايم
وفي كشفِ سريرتي.باهرة...... الله يادايم
الله الله الله يامجيد ....... الله يادايم
الله الله الله يامجيد ....... الله يادايم
الهي من عطرك تطهرت ....... الله يادايم
وفي رضاك قرآنك تعلمت....... الله يادايم
سبحانك يا سميع والقلوب صماء .....الله يادايم
سبحانك يا متكلم والعقول خرساء .....الله يادايم
سبحانك يا كريم والعبيد بخلاء .....الله يادايم
سبحانك يا منتقم من غدر الأقرباء.....الله يادايم
سبحانك يا زارع الحب والأوفياء.....الله يادايم
سبحانك يامن أعدت لجرحي الشفاء.....الله يادايم
ويا من أشهدتني صغر عالم الفناء .....الله يادايم
الله الله الله الله يامجيد ....... الله يادايم
المزمور 2
الله حي .. الله حي.. الله حي .. الله حي
الله حي... في حالة الشوق أطير في فلَكِ ... الله حي
الله حي... روحاً تغيب في السلم والحلم ... الله حي
الله حي... والناموس حكمه تدبرٌ وإلهامِ ... الله حي
الله حي... في كحلي ساكن يلقاني... الله حي
الله حي... وأجنحة نجومٍ كساني ... الله حي
الله حي... وحولي الأرواح والبيان ... الله حي
الله حي... .... وأنا منها أتظلل بحنان....... الله حي
الله حي... لا أرض تحملني ولا سماءَ تلقاني... الله حي
الله حي... الله حي ..... حبيبة والأحباب في
عالم الجبروت غزلان ......الله حي ... الله حي
الله حي .. الله حي.. الله حي .. الله حي
الله حي .. الله حي.. الله حي .. الله حي
الله حي... تغوي مراسيلك دهشتي ... الله حي
الله حي... فيذوب الكلم في شفتي ... الله حي
الله حي... والفرحة في قلبي تنبض ... الله حي
الله حي... و الكون الخمري سكران ... الله حي
الله حي... والزمن يعزف لي خطَّطَا ... الله حي
الله حي... ومزمار الظلِّ ألحاني ... الله حي
الله حي ... والروح تروي من عطش .. .. الله حي
الله حي ... تتغنى باسمك يا حاني... الله حي
الله حي .. الله حي.. الله حي .. الله حي
-من ديوان مزامير الملائكة
***
مهدي سلمان
- من مواليد البحرين - بوري- عام 1975
- تخرج من الثانوية العامة 1993م، يعمل صحفي في القسم الثقافي بجريدة الأيام البحرينية.
- عضو مؤسس في مسرح الريف.
- عضو الملتقى الثقافي الأهلي.
صدر له:
- هاهنا جمرةٌ.. وطنٌ.. أرخبيل، شعر، مؤسسة أخبار الخليخ للصحافة والنشر، البحرين، 2007
- السكك الصارة، شعر، دار الانتشار العربي، بيروت، 2008
- السماء تنظف منديلها البرتقالي، مسعى، الدار العربية للعلوم ناشرونن الكويت، بيروتن 2010
صمتُكَ الـ .. في الإطار
أجل
وأجل
لا أزال
وما زلتُ أمسكُ فوضاي بالقلبِ
أعكسُ ظلَّي لأشبهه
ما تزال المرايا تديرُ إذا جئتها ظهرها لي
مازلتُ
لا تبتسم هكذا
لا تربِّ السواحلَ في غرقي
لا تضع دفء يأسي بفنجانِ قهوتِكَ
أتركْ قليلاً من العشبِ
ينموعلى لهفتي
لا تُضئ وجنتيكَ
هنا ليلةٌ بعدُ لم تكتمل فيَّ
دعها تحاولُ في صمتِها الإكتمال
لا تحكّ جبينكَ ثانيةً في شرودٍ أمامي
أخافُ إذا نطحَ الماعزُ الجبليُّ
بقرنيهِ صخرَ جبينكَ
أن يتفتّتَ شيئاً فشيئاً
بصدري
هذا الغزال.
سؤالٌ يعبر الآن
أوكلما آويتُ قلبي
بين عينيكِ اعتراني طائرٌ
ومضى بهِ للغيب
يمشي حافياً قلبي
على قلبي
ويفتحُ صدرهُ كي يهتدي
لو أستطيعُ سرقتُ من غيمِ البلاغةِ
كنزةَ التأويل
علَّ الدفءَ يرفعني إليكِ
مضلّلٌ قلبي كعشبةِ غابةٍ
يهذي
فتسمعُ نجمةٌ عيناهُ
تبكي
ثم تحني كفّها كي ترفعَ الأسمالَ عنهُ
تقولُ :
إهذِ كما تشاءُ
أنا أغني ,
والسماءُ بصدرِ غيمتها ستكتبُ ما تقولُ
فهل رأيتِ الغيمةَ البيضاءَ ؟
...
تاهت مثل قلبي
كلما آوت إلى عينيكِ " غيمتيَ "
اعتراها طائرٌ
ومضى بها للغيبِ.
على ربوةٍ.. عن يمين القصيدة
يا سيد الأبواب
أفرغتَ الممالكَ
وانتظرتَ صفيرَ بيتٍ من قصيدتِكَ الحزينةَ
يسقطُ الضجرُ البهيُّ عليكَ
تسقطُ من يديكَ مخالبُ الذئبِ الجريحِ
ولا تُريحُ فتستريحْ
وقالت:
(الشعراءُ لا يرِثون).. حكّت أذنها بجناحها
-يا سيد الأبواب, مغلقةٌ جبينكَ والأفقْ..
يمضي أماماً
تعبث الدنيا بلحيتهِ ويمضي..
قالت:
(الشعراءُ لا يحيون)
كيفَ صنعتَ من عكّازةِ الملكوت أفعاكَ الغريرةَ
يا فتى..
ووقفتَ ترقبُ موجة الموتِ الأخيرةَ..
فاغفري يا أنتِ
هذا الموت لا يأتي خفيفاً
كانتصاب الروحِ في الرؤيا
ولا يأتي كلسعةِ فكرةٍ
ويظلُّ أصغرَ من حقيقتهِ
-ذرفنا فوق نعشِكَ أيها البدويُّ "موسيقى"
وقلنا:
يعرفُ الشعراءُ كيفَ يُسارُ خلفَ الموت في حذرٍ
وكيف يسيرُ خلفَ غزالةٍ موتٌ خفيفٌ
قالت:
(الشعراءُ لا يبكون)
بين جذوعِ أشجارٍ معذبّةٍ بكيتُ,
غمستُ وجهي في الترابِ
حثوتُ أعينَ صبيةٍ متخثراتٍ فوقَ رأسي
دُختُ من مرضي..
سقطتُ على إلهي عارياً
قبّلتُ عينيهِ
انتصبتُ أمامهُ.. وحنيتُ رأسي
قلتُ: (يا ربّاه.. هذا شاعرٌ يبكي أمامكَ)
أنت من علّمتَهُ بالحدسِ كيف يرى
وطفلاً كانَ يغزو الماءَ بالحمّى..
ويغرقُ في رجولتِهِ..
وأنتَ منحتَهُ مطراً ليسكبهَ على مهلٍ
بأحلامِ الصبايا..
ثمَ أسرَفَ في الخطيئةِ
أنتَ من علّمتَهُ
أن يخطئ التصويبَ.. ثم يتوبَ للمعنى
إلهي..
شاعرٌ يبكي أمامَكَ..
قالت: (الشعراءُ لا ينجونَ)
قلتُ: بلى نجوتُ..
وسرتُ وحدي في المكانِ
وكانَ يذهبُ خاملاً نحو الجنونِ
وكنتُ أمشي فيهِ منكسراً, وحيداً
باحثاً عن نظرةٍ أخرى تُشاطرني الذهولَ
وممسكاً بيديّ في حذرٍ..
"نجوتُ.. نجوتُ"
كنتُ أقولُ..
كنتُ أصدّقُ اسمي حينَ من زنزانةِ أخرى يناديني
"نجوتَ.. نجوتَ"
لكني التفتُّ
وكنتُ وحدي, ممسكاً بيدّي
أعصرُ غيمةَ القلب.. التفتُّ إليهِ..
قالَ:
نجوتَ منهم..
قلتُ: ممّن؟
قال: منهم..
قلتُ: لكني وحيدٌ في المكانِ
فقالَ: بئساً.. كيفَ لم تفهم
بأنكَ والمكانِ ضحيّتانِ
فقلتُ: لكني نجوتُ
فقال: أفرغتُ الممالكَ
والقصيدةُ أرغمتكَ على البكاءِ أمامَ نعشِكَ
قالت:
(الشعراءُ لا يُرْثَون..) حكّت أذنها بجناحِها
ومضيتَ فيها...
وجعُ أَرعَن
زي
تُخاطُ اللغة
في حساسيةٍ بالغة
بينما يتفتّقُ قلبي
وحيداً كغربةِ هذا الزبد .
***
فضول
أشركوني بدفني
أحب اختلاط الأصابعِ في جسدي
ورائحتي
حين تذبل مشمومةٌ قتلتني .
***
وصية
أيقظوني
إذا قامتِ الآخرة
ولا تتركوني وحيداً أنامْ
فإنيَّ من همهمات الملائكةِ الساخرة
أخافُ ..
وأخشى
هسيس الظلامْ.
***
أثر بعد عين
ركضت ..
ركضت
تاركةً شعرها في شقوق الأبد .
***
وصيّة
لا تتركوني مع الله وحدي
فإني أحبه .. وأخاف.
***
وصية
أكتبوا فوق هذا الجسد ..
حين تأخذه الشمس في حضنها
لا أحد
لا أحد.
***
نبيلـة زُباري
- من مواليد البحرين، المنامة، يونيو 1957
- أستاذة جامعية، دكتوراه في التربية تخصص تكنولوجيا التعليم والإبداع، من جامعة ليدز Leeds / بريطانيا.
- عضو مجلس كلية التربية بجامعة البحرين.
- عضو أسرة أدباء وكتاب البحرين، وعضو سابق بمجلس إدارة الأسرة.
- عضو مؤسس بالملتقى الثقافي الأهلي بمملكة البحرين.
- عضو جمعية الموهبــة والإبداع البحرينية.
- لها العديد من المشاركات في الملتقيات و المهرجانات و الأمسيات داخل و خارج مملكة البحرين.
صدر لها:
- حواجز رمادية - شعر، 1994،عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
- عسى أن يرجع البحر - شعر، 1998،عن مؤسسة الأيام للنشر البحرين.
- همس أزرق - شعر، 2006 ، إدارة الثقافة بوزارة الإعلام بمملكة البحرين ضمن مشروع النشر المشترك مع المؤسسة العربية للدراسات والنشر بعمّان وبيروت.
- نبضٌ.. على أوراقي - شعر، 2006 ،عن مؤسسة الأيام للنشر، مملكة البحرين.
انتمـاء*
في باحةِ البيت
شجرةُ اللوزِ
تحرسُ الليلَ
وتُعطي ظلّها الكبير للنهار
وإذا جاءت العصافير
وجلبَت معها حفنةً
من سيمفونياتٍ أزليّـة
فرِحَت الشجرة
احتضنتها
وجَعَلت عبقَ اللوزِ
وسائدَ لرؤوسِها الصغيرة !!
(*مقطع من قصيدة: أحاسيس..و طبيعة)
خواطرُ مساءٍ بارد
أتكوّر بجانبٍ مدفأة
هواءٌ ساخنٌ يترنّح في الغرفةِ
كالمسجون
وحبّاتُ الكستناءِ جاثمــةٌ
فوق طبقٍ أخرس
ترقبُ الأفــواه
أتكوّر
لماذا يصرخ الصمت هكذا
ويذرع النفس إنتظار؟؟
قطعُ ثيابٍ متراصّة
جوارب متنــاثرة
ألـــوانٌ
بلا ألــوان
أوه..
لا..
لا شئ...
هذه النافذةُ الصامدة في وجهِ الريح
وقرقعةُ الأسقفِ بين يديّ هذا الدامس
تكبر بالسؤال
فهل يرجع المدى من أقصى المدى ؟؟
هل لأسفار السحاب قيود ؟
خاويةٌ أيتها الغرفة الباردة
يخرج العمر منك
ألا تبالين ؟
الضحكةُ هناك
لا تقدر أن تعبر فضاءً شاســعاً
الضحكةُ هنــاك
تتمزّق
لا تصل مع أوراق الحنّاء اليابسة
لا تصل
وقطعان التجّهم تربض هنا
لماذا يصرخ الصمت هكذا ؟؟!!
أتكوّر
الهواءُ الساخنُ يلسعُ قدَري
سأتناول حبّات الكستناء
أعرِف
لن تجعل هذا الصمت.. يصمت !!
الانصهـار
لستُ امرأةً
تصهْرُ الليل في عيونك
تُنبت وسط قلبك
سنبلــة
وتُضرم وهجاً في جذورك
لست امرأة
تُفتّت بك الحريق والجنون
توزّع أوقاتك على وقتها
أو تشبك خيوط خفقك
إلى حيث تكون!.
***
لا
لست امرأة
ذرفْتَ من أجلها ألف لؤلؤة
وصلّيتَ في ذكراها ألف مرة
وأيقظت لها قرنفلة
وأحرقت لها ناياً
وملأت لها بحيرات
وصنعت أنهارا
لا
لست المرأة
التي استحقت منك يوما كل ذاك
فلماذا
لماذا تطرق أبوابي
في أسفارِ زمنٍ هادر؟
لماذا تُحيطني بهالاتٍ من أوهام
وتمنحني حفنةَ شوقٍ
يشربها سراب..؟
لماذا تدقّ أوتارَ حزني
وتجعل البدر محاقا ساهراً
في جفني ...؟
ســاهر
يُطل على قلعةٍ أبَنوسيّة
من نوافذٍ تكتنف إطراقــةَ النخيل
تُوصد المزلاجَ في دمي
وتتحول
إلى سنونواتٍ هاربة
مثل خفقٍ يتراجع
يتراجع
ويسقط مُضرّجــاً قتيلْ..!!.
***
فهل تتصور.. وهل أتصور ؟
لأني
لست امرأة
استطاعت أن تصهر الليل
في عيونك
ولأني لست أُتقن
مراوغات بعض النساء
فقد احتجَزْتَني على خرائط ذاكرتك
احتجزتني
في هامشٍ صغير
فقط
هامشٍ صغيرٍ... صغير!!.
***
دعني إذن
دعني
أصلُب الدمعَ
في أحداقي
ولسوف أسحق النبضَ
الذي كبّلني إليك
أوقاتً كثيرة
ولسوف أرجع إمرأةً
تصهر الليل
قنديـــلاً
و طريقـــاً
ولازورداً..
وأكاليلََ كرامـة...!!.
ياسمينة
تعاليْ...إلى تعاليكِ الأبيض..
وانقُشي العطرَ
فوق صحوي...
وفوق نعاس الخمائل...
قلبكِ...والشمس...
هامةً ترسم اخضرار المدى
فمدّي إليّ تسابيحاً
للأواني...للمحار...
واملئي القوارير التي
تصُبّ الوقت...أسطورةً
للحدائق...
للنوافذ المصطلية بالحنين
وسط سياط المسافة...
تعاليْ...
بالغداةِ والعشي...
كي نذهب كلانا...
إلى..... هناك!
***
نعيمة السماك
مواليد البحرين، المنامة، 1961م .
دبلوم عالي في الدراسات العليا قسم اللغة العربية من جامعة القديس يوسف.
دبلوم الدراسات العليا في العلاقات العامة - كلية الإعلام -جامعة القاهرة.
اختصاصية أنشطة ثقافية - وزارة التربية والتعليم.
عضو أسرة الأدباء والكتاب.
صدر لها:
- طقوس إمرأة - شعر، دار فراديس، البحرين، 2005
- أيام خديجة، مجموعة قصص، مترجمة للغة الإنجليزية، فراديس، 2008
مساء تفرد الوطن
مرة أخرى
تحزمهُ
تجوب به المطارات
أتهرب
إلى حيث لا غياب لا لقاء
مازلت به متشظيا.ً
(2)
تحزمُ وطنُ لا يغادرك
تحط به على الثغور
في طرف المقهى تلعق كريما الكابتشنو
يرنو بعيداً طرفك المتعب
تتذكر:
نسيت أن تودع أصدقاؤك الحميمين
بصمت غادرتهم
خبئت ضحكاتهم وعتابهم
في طيات سفرك
تحسبه غياب لا يطول
قريبا تلتقي وجوههم
وتعود لعتاب لا يمل
لصحبة لا تنسى.
(3)
تتذكر:
وصايا أمك اللآهثة
تلعق معك القهوة الآن
تتذكر:
أولادُ ينتظرون
كل يوم يخبؤن حكاياتهم
ليرووها إليك
مساء تفرد الوطن.
آبــاء
طفولةّ خاسرة لم تؤهلهم لأي حضور.
في العوسج الوحشي نموا
تلقفتهم أزقةّ القفر/الفقر
ما خطر ببالهم أن يوماً سيكبرون
آباءً أضحْوا
دون معرفةٍ / دون رغبةٍ
لم يأبهوا لدمعة إستيقظت تحت جنح العتمةِ
لحكاية انتظرتْ طويلا من يصغي لها
غائبون كانوا / ظلوا
مذ قذفوا ماءهم ذات نشوة
اقتفى أثرهم
تغيرت ملامحُهم
لهم ما يتباهون به الآن
غائبون عنه /عنهم
يكبر/ ثم يكبر /لا يكبر شيءُ فيهم
غير الضياعْ
بعيدٌ هو
مركون للعتمة / والضجر / والنسيان
قصاصةٍ كآلاف غيرها ألحقت أسمهُ بأسمهم/ فيها اختصرت وشائج كثيرة
في سريرته تمنى لو أتلفها إرباً إربا
غائب عنهم /غائبون عنه
يحمل أسمهم /صفاتهم / شبههم
سؤال أرقه مديد عمر / ولغز مستعصىً
أيّ حضور له
في قلوبهم يدعوّون؟؟
بـراء
سبعةّ كنا
لم نأخذ كفايتنا من الحب
سبعةّّ
تدثرنا جدران القفر والفقر،
نلتحف سقوف البرد والجحود.
***
سبعة نبحث كل يوم عن كلمة ترشدنا أن ثمة حب / خبز ينتظر
نرتقب لمسة دفء تعرج لو مصادفة فوق رؤوسنا
أفقنا لنسمع كلامهم الآمر/الغاضب أبد / الراضي فيما ندر
دأبهم ، كونوا مؤدبين
هادئين كونوا
إياكم والأسئلة/ إياكم والضجيج
تحت وطأة الخوف آمنا،، أيقنا
أن دورنا في الحياة
يتلخص في تنفيذ أوامر الكبار
في الصباح إذ تستقبلنا الفراشات، لبرهة ننسى خوفنا
نهم بالركض خلفها، تتعثر أرجلنا الصغيرة، بعد زعيق غاضب
كفوا عن الركض ،، كفوا عن اللعب!
لماذا خلق الله الأرجل؟
اصمتوا قليلا ! كثيرا
وماذا نفعل باللسان والشفتين؟
نريد أن نقرأ، نريد أن ننام، نريد أن نتحدث،نررررريد ،،،
مرة لم يكلفوا أنفسهم عناء السؤال!
ماذا يريد الصغار؟
كبرنا؟
أكبرنا حقا؟
بشتى الطرق حاولوا كبح نمونا الذي افلت من أيديهم
لو قدروا لأبقونا صغاراً كل العمر كي لا نتمرد/ كي لا نعصى أوامرهم ونبقى مطعين أبدا
كبرنا! لم نكبر بعد
نمت أجسادنا!ّ
بقينا كما كنا، مسجونين في طفولتنا المرعبة،، مكبلين ،،،خائفين، فقدنا قدرتنا على النطق والتحليق!
لسنا كباراً.
أطفالُ نحن بدون براءة.
مفتاحه
رعشةُ تعتريني
كلما كورته بين قبضتي
في وحدتي
لكم حدثته وأصغى
عن أحلامي المقبلات.
صباح غابر/ شهي وطازج بطعم الخبز
كإن نيف وعقدين لم تمرا من هنا / لم تفصلاني عنه
صباحُ
تتوارد فيه الخفقات بعمق وعنف،
في ذاك الغبش الجميل
لا تحملني قدماياي فأطير
أهفو إليه/ أقطع عليه حلمه ونعاسه
أوصله بنهار ينتظر على الناصية.
كلما إحتضنته
أمتلكت الكون
أقبله
كإني به سينطق
صديقي هو كل ليلة
تحت وسادتي أبقيه
يوقظ روحي
قبل أن أوقظه.
***
وضحى المسجّن
- من مواليد البحرين، بوري، عام 1979
- تخرجت من جامعة البحرين، ليسانس لغة عربية وتربية، وتعمل في مجال التدريس بوزارة التربية والتعليم
- عضو أسرة الأدباء والكتاب - البحرين.
صدر لها:
- أُشيرُ فيغرقُ، شعر، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2005
- كف الجنة،شعر، فراديس، البحرين، 2008
- بيكيا عشاق، شعر، دار مسعى، الدار العربية للعلوم ناشرون، الكويت، بيروت، 2010
التدحرجُ مما سوى السرّ
أجسُّ طفولته
أتماثلُ للسرِّ.
كَمْ فاتني أن أكونَ على جدولِ العشبِ رقراقةً
لا أُقايضُ قلبي لو اشتعل البردُ باللمسة الـ أخطأتني
وفي عتمةِ الصمتِ صاخبةً لتعثرِ أحزانه
لا أكون على قدرِ قامة قلبي
أدرّبُ بين يديه مواسمَ أجنحتي.
حظه أن يجيءَ بريئاً.. بريئا
نحو أكثرنا رأفةً حين يبرأُ من زغبهِ.
شاخصَ الحزنِ
ظِلُّ أصابعِه في مهبِّ التَّفتُّح
تلويحةٌ بين غرفةِ غيرتنا وممرِ الكلام.
تترامى على صدرِ زفرتهِ
أوجهٌ نسجتها ملائكةُ الحُبِّ
عمّدها اللعبُ الطفلُ
أوراده حضنُ مجمَرةٍ
شارداتٌ لجفنِ قيامته.
حظه أن يجيءَ حفيفَ شبابيك مشدودةً
قمرٌ مائلٌ يتعثّرُ بالبوح
أو
بالمواعيدِ
أمتحنَ اللهَ
أم أنه لم يكن شاهداً
أو رقيباً على جسدٍ فائضٍ ؟
رّد عليه مواجعَ أوتاره
و.. مضى.
حظه أن يجيءَ رذاذ قميصين
يقطفني من سواي
كلما كَبُرَت تحته الأرضُ
أتلفها بالجنون.
حُوْر المعنى
حاولتُ أن أبدو بشكلٍ آخرٍ
شكلٍ خفيفٍ
غائر المعنى
حنينٍ
أو مفاجأةٍ
..
أكون حمامةً بيضاء
تسكرُ حين تكتبني
وتندى بالحقيقة إذ تُقبّلُني
و تستثني جنوني
..
حاولتُ ..لكني أفــقتُ رصيف موتى
أنزوي في لحن أغنيةٍ
تُغرِّبُني إلتماع الفكرة العمياء
أمشي مثلُ مأخوذٌ
وقلبي لايقلّبني
ولايحثو تفاصيلَ الكلام الرخو
في الذكرى
و أنت منحتَ للتـفاح معنىً آخراً
حُرُّاً..فقرّبه إلى فهمي الفقير.
أنا من منحتُ الشِعر رائحةً
تُغير كذبة المعنى ..وتفضح في لسان الطعم لون (المريمية).
مَنْ لانثلام الحرف في جرحي الخفيّ؟
مَنْ لانكسار (القول) في ماء التواصل
بين كاتبة الأغاني والمريض على سرير الأبجدية؟
مَنْ قرر الكلمات
واقتصر النبيذ على النبوءة؟
مَنْ سيسكر حين يكتبني
ويندى بالحقيقة إذ يُقَبِّلُني
و يستثني جنوني؟
..
كانت تقولُ
و لا تقول لظلها
تلك الصبيّة..
أضوءُ من حُلم
1
لوكنتُ طائرةُ ورقيةً
هل تتلقفني؟
...
وأنا اسقط!
2
امعنُ في مصافحةِ الأشباح المحتشدة على يباس قلبي
كما إبرةٍ في قش
وحدي
المتأكده من
وجودي !
3
حتى الله انتهز غيابك
أغفو فيوقظني لهاثُ الريحِ !
4
أُلطّخُ روحي بإيقاعِ صوتكَ.
5
هل يعلم أحد ؟
إنكَ حين تأتيني
...
تتنهدّ بأسى
و تتوزع في فضاء الكون!
6
خارج
المكان
كفلينة في شجرة أعياد
مزهوة...ولا أحد يلتفت
كلٌ مشغولاً بهديته.
يُسَر
أشياؤنا المشبوهة..
أطفئتْ عُتمةَ ضحكاتنا
تسلّقت الفـرحَ الذي
ظلَّ يُرّبيهِ اللـيـلُ فينا.
***
يوسف حسن
- من مواليد البحرين، الديه، عام 1942م.
- تخرج من جامعة بيروت العربية، ليسانس لغة عربية وآداب، يعمل في المجال الصحفي.
- أحد مؤسسي أسرة أدباء وكتاب البحرين، ورئيسا لها في الأعوام 1996 199 .
صدر له:
- من أغاني القرية، شعر، مطبعة دلمون ، المنامة 1988
- البحرين في شعر أبي البحر جعفر بن محمد الخطي / من شعراء القرن السادس عشر ميلادي - بحث أدبي، اتحاد كتاب وأدباء الإمارات العربية المتحدة، الشارقة، 1990.
- في لغة الكتابة، نقد، أسرة الأدباء والكتاب، فراديس للنشر والتوزيع، وزارة الإعلام ، المنامة، 2008
من كتاب النخيل
عن أبي حيث يقولْ
أَسْندوا عمّتكم، قال الرسولْ
أَسْندوا أمَكم النخلةَ إنْ مالتْ وإنْ مال الزمانْ
فهي إن أمحلتِ الدنيا من الجوع.. أمانْ
وهي للملهوف مأواهُ وللمقطوع دفءٌ وحنانْ
هي صدر الأم عن بردٍ
وفي الأصياف ضَرع وسلامْ
عن أبي عن جدّهِ
عن ثُقاةٍ من ذوي الحُظوةِ
من أكّارة النخل الدواخلْ
عن رواة سمعوا صبيانهم يحكون أشواق الفسيلْ
حفظوا تاريخها جيلاً فجيلْ
جمعوا أعمارهم رفعوها سُلّماً تعلو على راحته في مطلع الشمس
كم فتىً في هيكل الفُحّال مفتول الذراعْ
أنفق العمر تباريحاً مجيئاً ورواحْ
بين تحدير وسقي بين شذب ولقاحْ
وخَراف وصرام بعد جمع وشتاتْ
وهو مشدود بحبل فوق أكتاف الرياحْ
بيد شدّتْ على السبّاكِ
والأخرى على المنجل أدمتها الجراحْ
وهو ينفي عن جذوع النخل ما شذّ بحزم وانشراحْ
وهو في غمرته بين اشتغال واشتعالْ
ربما لاحتْ له فاطمةٌ جاءتْ بها ريح الشمالْ
فله أحلامه كالآخرينْ
وله ما لهمُ قلبٌ وشوق وحنينْ
ربما أوغل في الحُلمِ
تمنّى رقعة يزرع في تربتها نخلاتِهِ
بعض شجيرات من البابايِ
بعض الموز في المجرى
وفي الركن شُتيلات من الرازقيّ الثمين
ربّما خضّرها
شكّل بوابتها في مثل عِقد الياسمينْ
إنه الحُلمُ
تمنّى أن يرى في جانب منها بهيمْ
ويرى فاطمةً زوجاً وحباً تملأ البيت بناتاً وبنينْ
أيها الراحل في الحلم ترفّقْ.. أين منك الأُمنياتْ؟
لا تكن أضحوكةَ الأفواه في المضعن أو سخرية في العتماتْ
يا ابنَ من شجّر بالنخل البطاحْ
وانبرى يفرش للناس ظلالاً من جناحْ
لكَ ما للوارثينْ
لك حُبُّ الأرض والنخل وحُبّ الآخرينْ.
تجليات طرفة بن الورد
رأيتك في هيئة السكران
تغمغم مستنكرا استنواق الجمل
(ويل لهذا من هذا)
تحاصركَ القبيلة
تستنبحُ الكلاب عليك المضارب
يختلسك القريبُ الطعنة
يطلونك بالقار بعيرا موبوءا
تنطلق جحيشا
تستجيرُ من الهروب إلى الهروب
رأيتك عند اكتئاب الماء
تلملم إنكسارات الروح
وتعبىء في جرة الحزن
عورات الزمن الأعمى
وتدفنها في صدر امرأة لعوب
تعربدُ منتشيا كرب الخورنق
تهذي كالمجنون
تستدرج بداية لقصيدة لا تأتي.
صباحات الوردة
ما للصباحات تأتي خفافا، كما النورس الغض
فترتدُ متعبة
وقبل الظهيرة تقعي على الأرصفة
ما للصباحات حين تحط على شجر الروح
كي تستريح قليلا
تسائلنا
لماذا نقايضُ مثلُ العصافير
حبا - بحب
وماء - بيابسة
وصوتا مريبا بأغنية
لماذا تحوم على رأسنا الطير
نسرع في الخطو
والصبح في أوله
وما للقوافل تأتي تباعا
وليس لنا بينها قافلة.
شهادة
ورأيتُ
كان البحرُ مخمورا وكالأعمى يدب به الدوار
ورأيتها
خرجت إلى النوتي، بالمقهى، وأرصفة المساءات الجميلة
والنضار
وسمعتها
ما لي وما لهموا ـ للبيت من يحميه ـ
لي مالي
ومال الآخرين
إلى الدمار.
إسفافْ
أسففتُ عفوا أيها الشعراء
إذ سفتْ غزية
وحللتُ من ثوبي وقد حلت
لا شيء يسترني
طفقت يسومني أهلي
وتصلبني العشيرة في جذوع النخل
مكسورا
ومحلولَ الإزارْ
أسففت
بل غنيت
بل أعني بكيتَ
تملكتني شهوةُُ في الرقص
والفرح الموارب
كانت معي
قالت:
لنا نبكي
وقلت:
لنا نغني
ولنا لنا في الحلم ما للآخرينَ من التمني
تمتمت ما لم تفقده الفصحى
ظللتُ متمتما ـ وخرجت من سمعتي
هززت السدرة الحبلى
وكان الصدر مكتظا
أحببتها تهذي لأسمع ما تبوح به الجميلة
ألقيتُ ذاكرتي إلى النسيان
ضج الصمتُ في روحي
صاحت بي جموع النخل
هزتني الرياح المستحيلة
أسففت
عفواً أيها الشعراء
من يقوى
يطففُوردة
هتفت بصبح الطالعين من السنابل
هتفت فصفق في كمائه القرنفل
قامت قيامتها حشودُالورد
يسبقها البنفسجُ
والمتوجةُ اليمام.
يمن هـذا
يمنّ هنا
صنعاء في عدن
وفي عدن صنعاء
بينهما
أنا
رائع ما أرى
رائع ما هنا
فلقتا قمر
تاهتا.. تاهتا.. تاهتا
ظلتا تبحثان
ظلتا تسألان
هل رأيتم أختا لصنعاء مرت ؟!
سأل الكوكبان
تمتمت نجمة
وأستدارت
هي ذي
وأشارت إلى عدن
هو هذا
بلهفة
وترامت
على اليمن.
***
يعقوب المحرقي
- من مواليد البحرين، المحرق، عام1950م.
- خريج المعهد الحر للسينما الفرنسية / تخصص إخراج سينمائي، باريس.
- رئيس سابق لأسرة أدباء وكتاب البحرين.
- مدير تحرير موقع جهة الشعر على شبكة الإنترنت.
- يعمل حاليا مديرا لإدارة الثقافة والفنون قطاع الثقافة والتراث الوطني وزارة الإعلام.
صدر له:
- عذابات أحمد بن ماجد - شعر، عن دار الآداب ـ بيروت 1973
- أبواب مشرعة / شعر إدوين مدريد - ترجمة، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 2003
أنت الفجأة... هل تكونين شارة للعبور؟
فجأة في هدوء اللقاء الصديق
وقفت بيننا الكلمات
كسؤال تغرّب فوق الرصيف
تحول صمت المكان إلى سلمٍ
صاعدٌ
والخطى تتمدد في آخر العتبات
فتح الليل نافذة في خيال المحبين
فانتشروا فرحاً
واستضافوا عشيقاتهم
عادةَ يتبادل كل حبيبين أسماءهم
وأعينهم في ثقب الباب خوفاً
عادة في قرارة عينيكِ أغرس حزني بنفجسةً
وأسرح.. أسرح
لكن عينيك مرهقتان انتظاراً
ها دمعة تتألق
ليس بكاءً
إنها شارة للعبور
إلى لحظة في الزمان المتوج حباً
تواصلت والجسد الأم
تآلفت
هذه الفراشة تمنحني لونها ورقاً قزحياً
يتناثر بيني وبينك
آية سوف ترسم فينا السمات الغريبة
والدهشة الغاضبة
راية تتقدم قافلة الجوع:
هذا دمي
فأشهدوا
الجوع يحجز تذكرة للعبور
إلى لحظة في الزمان المتوج حباً
أيها الجوع أنت غريب هنا ومطارد
والحدود محاصرةٌ
مثقل بأوساخ هذي المدينة
بأوجاعها
يريدون تحويل رأسي إلى سلة للقمامة
محشوة بالغبار الذي يتطاير في ذبذبات الأثير
أنفض رأسي
ها نجمة تستقر على جبهتي
نجمتي هذي الخجولة تزرق.. تزرق
حدثتها عنك
عن صمتنا في المساء
ولماذا يطول ؟
عن الموت
أيها النجم كنت دليلي
هل يقتلون النجوم ؟
أني أشتهي مماتي
أقول: الممات وليس الفناء
لم يبق بيني وبين الجذور ستار
عاشق لي بكل الجهات
وردة عاشقة
مدن عاشقات
الجنوب:
السكون الذي يسبق العاصفة
الشمال:
ترج العواصف جذع الزمان
الشرق:
تنهض شمس الحضور
الغرب:
سالت دماء النخيل التي قطّعوها
أهذي دمائي تسيل ؟!
مرثية طرفة بن العبد
وعند قبر جدي العزيزْ
خلعتُ ثوبي المهترئ القديمْ
ثم جلستُ للرثاء ساعَة الرحيلِ
راعش اليدين في سلاسل الحديدْ
وكاشفًا عني رداء وحدتي
مرتقبًا قوافل الجمال في الأصيلْ
تمر، خطوها الوئيدْ
يوقظ في رأسيَ ما استخفى من الفِكَرْ
معلقًا على مشارف الضجر
محمرة عيناي في مجامر الجليد
ملصقًا كطابع الرسالة الوحيد
تُدَسّ في حقيبة السفر
أواه يا معذبي وقاتلي
على طريق الموت لو رأيتكْ
لكنتَ في المقهى معي
لكنت ساعة الرحيل مارثيتكْ
لكان حادي عيسنا الضرير
منشّرًا شراعه
يرود بي موانئ الخليجْ
- الخمر عتقوه في الدنانْ
والعطش القاتل والفرسانْ
تنزح قبل موسم المبارزة
- تموت كالجرذان في الرمالْ
يا واحدي تموتْ
تنخر في هيكلك النمالْ
وتبتني بيوتها
تحت ستار الليل عنكبوتْ
- «وإن مت فانعيني بما أنا أهله
وشقِّي عليَّ الجيب يا ابنة معبد»
- الليل لوث المياه بالكدرْ
فانغرستْ في جنبنا أظافر الفجيعه
حزينة خطى الجِمال نحو فجرنا الجديد.
تقاسيم على قيثارة مايكوفسكي
إحدى الساحات العامة -
مايكوفسكي «لا أعرف ما يحدث لحنجرتي لعلي سأتوقف
عن إلقاء قصائدي بين الجمهور ربما كانت هذه الليلة احدى
لياليّ الأخيرة»
إلى جسد الوحشة
أسْرت بي الثورة سربًا من ألوان الدهشة
كنتُ المنفيّ وأحمل في قلبي قبّرة الغضب
المسجونه
ناديت رفاقي المنفيين
رقصنا .. كان مذاق البيرة يلتف على العينين
دوائر زرقاء
جهتي مدن تصحو في عنف البرق
وتنام على ايقاعات الماء
مرآة شرخها الحزن
وسواحل تلقي جثث الأسماك
جهتي غابات صقيع
- هل تأخذك الطرقات إليها؟
«أطوي فراسخ الشارع بخطوتي إلى أين أذهب أنا النار الذائبة»
هل أجلس في ذاكرة الجزر المسبيه
تفصلني عن فرح الأرض مفاتيح السجان
توصلني بالأرض مفاتيح السجان
أجسُّ الغربة في عين السمك الميت وهو يهاجر صوب النهر الواسع
(ثمة امرأة في القاعْ
مذ وُلِدتْ في يونيو
وهي تكاتب أطفال النهر الواسع
وإذ يحملها التيار تغني:
«في هذه الحياة ليس صعبًا أن يموت
الانسان ولكن صنع الحياة أصعب بكثير»)
في المقهى نزف الرأس
وحيدًا تنهض في جيبك أشعار الحبْ
في المقهى سقط الكأسْ
(ثمة عاشقة تنهض من قاع الكأسْ
ثمة لغم في خارطة الوقت
يتنفس أسماء الشهداء)
يا قبرة الغضب المسجونة في الصدر
انفلتي قبرة حمراء
بين الرعدة والخوف
وخلف ضمير النخل
احدى الساحات العامة -
احتجاجًا على خطأ يسود العالم
مايكوفسكي يصعد إلى المشنقة وفي يديه القيثار.
امرؤ القيس يلتقي بأبيه
غرفتُ من البحر حزني
حين لوّحتِ للظاعنينْ
ومنحتهمو قبلةً.. قبلةً
وحين شددتُ على قامتي
أخجلتْني حرقةُ البحر في داخلي..
أنا شاهدٌ ما اعترفتُ برؤياكِ يوماً
طفلكِ المنتظرْ
طائر ذبحوه..
شربوا دمه، واقتسموا الريشْ،
حاملين الرماحَ أتوا
خُوَذاً من حديدْ
وفي غفلة ذبحوا الطير في عشّهِ
كانت الدور نائمةً
وكانت بنادقنا فارغاتْ
سجّادة الليل أسحبها عن سماء البلاد التي قتلتنيَ حباً
أستظلّ بها وأُظلّل أكتافك العاريه
أنتِ يا طفلةً كنتُ اكتب أسماءها في دفاتر حلمي
أُعلّق سيفي، وأخرج في النوم علّي أُلاقيكِ
أُرسل أُذنيَّ..
علّيَ أسمع هسهسة القدمين على النخلْ،
نما زغب فوق صدريَ واخشوشن الصوتْ،
مُصادرةٌ أنتِ في الحلمْ
امنحيني طلوعاً جديدا
في نزهة كنتَ وعدتَ بها في المضيقْ،
بغتةً أظلم البحرُ
أشعلتُ أشرعتي، اشتعل البحر برقاً،
فانتفضتْ في عيوني الطيور التي ذبحوها..
واحدة إثر أخرى تطيرْ
حاملةً عنقها الدمويّ، راعشةً تتلوّى وتمسح أرجلها في ثيابي
- إلى أين أيتها الطيرْ؟!
شغفٌ بالتنقّل في أول العمرِ؟!
ينشقّ جسمكَ نصفين، أهربُ، أنشر عطر التوهّج فيكَ
فيحملني فرحي المتأصّل في القلب أن أترجّلْ
لسِفر جديد فتحناه.. أو فتحوه لنا
(أبي.. هنا أيقنتُ أنك ضيّعتَني صغيرا
وحمّلتني دمك كبيرا...)
واقفون بباب يُطلّ على ساحة ثقبتْها البنادقْ
وذابتْ عليها الكتاباتُ
مذعورةً تشرد الغيمةُ حين تمرّ على رأسنا
وتموت الغزالات في السهل جوعاً،
ونحن على البابْ،
هل الماءُ في الأرض أم في السماءْ؟
نبعث الطيرَ
تعود مُجلّلة بالدماءْ
ونحن على البابِ
نبعث من؟
( أبي.. كنت أتمنّى أن يبعثوني فألتقيك).