سعدي يوسف

'كتابُ الدامابادا يضمّ مجموع ما قاله بوذا (563- 483 ق.م). والمرجّح أن هذه الأقوال جُمِعتْ في شماليّ الهند، في القرن الثالث قبل الميلاد، ودُوِّنَتْ أساساً في سيلان ( سري لانكا ) في القرن الأول قبل ميلاد المسيح. الداما، تعني في ما تعني، الشرع. العدل. العدالة. الطاعة. الحقيقة.
بادا، تعني: السبيل.الخطوة. القَدَم. الأساس.
نصوصُ الدامابادا، انتشرتْ وسُجِّلَتْ بلغة بالي، اللغة الفقهية للبوذية الجنوبية، وصارت الكتاب الرئيس للبوذيين في سري لانكا وجنوبيّ شرقيّ آسيا'.

*

كم سهلٌ أن تقتلعَ الريحُ الشجرَ الواهنَ.
إنْ أنتَ رأيتَ سعادتَكَ القصوى في الشهواتِ
وفي المأكلِ والنومِ
فإنّكَ مقتلَعٌ أيضاً.

*

لن تقتلعَ الريحُ، الجبلَ.
والإغواءُ
لن يلمُسَ مَن كان قوياً،
يَقِظاً، وحَيِيّاً
لن يلمُسَ مَنْ يتحكّمُ بالنفسِ، ويَتَّبِعُ الدرب.

*

إنْ كان المرءُ بأفكارٍ موحِلةٍ
أخرقَ
محتالاً
فكيفَ له أن يرتديَ الثوبَ الأصفر؟

*

ما نَفْعُ قراءتِكَ الآيات؟
ما نفْعُ تلاوتِكَ الآيات
إنْ لم تأخذْ أنتَ بها؟

*

أتراكَ كذاك الراعي
يحسِبُ أغنامَ سواه،
فلا يسلكُ ذاتَ الدرب؟

*

انفضْ عنكَ عوائدَكَ الأولى -
البغضاءَ، الشهوة، والحُمْقَ
لتعرفْ ما هوَ حَقٌّ
وسلام.
ولْتَسْلكْ ذاتَ الدرب.

*

اليقظةُ دربٌ لحياةٍ.
أمّا الأحمقُ فهو ينامُ
كمن هو مَيْتٌ فِعلاً.
لكنّ السيّدَ يقظانُ
ويعيشُ إلى الأبدِ.

*

يا لَسعادتِهِ، وهو يرى اليقظةَ دربَ حياة.
يا لَسعادتِهِ
إذْ يسلكُ دربَ اليَقِظين.

*

إستيقِظْ، فَكِّرْ، وانظُرْ
واعمَلْ، منتبهاً، بأناة.
كُنْ في الدربِ ليُشرِقَ فيكَ النور.

*

السيّدُ ينظرُ، يعملُ
كي يبني بيدَيهِ جزيرتَهُ
أعلى من أن يجرفَها السيل.

*

مَن سيكونُ له هذا العالَم؟
وعالَمُ الموتِ والآلهة؟
مَن سيجد طريقَ الحقّ،
كما يجدُ امرؤٌ عارفٌ، الزهرةَ؟

*

الطالبُ الحكيمُ سيكونُ له هذا العالَمُ
وعالَمُ الموتِ والآلهة.
الطالبُ الحكيمُ سوف يجد طريقَ الحقّ
كما يجدُ امرؤٌ عارفٌ، الزهرة.

*

كما تجمعُ النحلةُ، الرحيقَ، وتمضي
بدونِ أن تؤذيَ الزهرةَ، لوناً، وأريجاً
هكذا، دعوا الحكيمَ يقيمُ في قريةٍ.

*

مثلَ زهرةٍ جميلةِ المرأى، واللونِ، لكنْ بلا أريجٍ
هي الكلماتُ اللطيفةُ غيرُ المثمرةِ
لأولئك الذينَ لا يعملونَ بها.
لكنْ، مثلَ زهرةٍ جميلةِ المرأى، واللونِ، ومتضوِّعةٍ بالأريجِ
هي الكلماتُ اللطيفةُ المثمرةُ
لأولئك الذين يعملون بها.

*

كما تنتظمُ عقودُ زهرٍ أفوافاً
من أضغاثِ أزهارٍ،
يمكنُ للمرءِ أن يحقِّقَ أفعالَ خيرٍ كثيرةً بعد مولدِهِ.
عطرُ الزهرةِ لا يستمرُّ ضد الريحِ
حتى الصندلُ والغارُ والياسمين.
لكنّ طِيْبَ الأخيارِ
يستمرُّ حتى ضدّ الريحِ.
المرءُ الطيِّبُ يتغلغلُ في كل مكان.

*

الصندلُ والغارُ واللوتس والياسمين
بين هذه الروائحِ، رائحةُ الفضيلةِ هي الأزكى.
محدودةٌ هي رائحةُ الغارِ أو الصندل
لكنَّ طِيْبَ الأخيارِ
يَصّاعَدُ، أعلى، فأعلى، إلى الآلهة.

*

لا خوفَ على المُطْمَئِنِّ
نفْساً
وذِهناً.
لا خوفَ على مَن لم يَعُدْ يفكِّرُ بالحسَنِ والرديء
لا خوفَ على مَنْ وعَى.

*

لِنَعِشْ فرِحينَ، لا نكرهُ مَنْ يكرهوننا.
وبينَ مَن يكرهوننا، نعيشُ أحراراً من الكُرْهِ.

13/01/2010