النفري
توفى 354 هجري

موقف العز

النفريأوقفني في العز وقال لي لا يستقل به من دوني شيء، ولا يصلح من دوني لشيء، وأنا العزيز الذي لا يستطاع مجاورته، ولا ترام مداومته، أظهرت الظاهر وأنا أظهر منه فما يدركني قربه ولا يهتدي إلي وجوده، وأخفيت الباطن وأنا أخفي منه فما يقوم علي دليله ولا يصح إلي سبيله.

وقال لي أنا أقرب إلى كل شيء من معرفته بنفسه فما تجاوزه إلي معرفته، ولا يعرفني أين تعرفت إليه نفسه.

وقال لي لولاي ما أبصرت العيون مناظرها، ولا رجعت الأسماع بمسامعها.
وقال لي لو أبديت لغة العز لخطفت الأفهام خطف المناجل، ودرست المعارف درس الرمال عصفت عليها الرياح العواصف.

وقال لي لو نطق ناطق العز لصمتت نواطق كل وصف، ورجعت إلى العدم مبالغ كل حرف.
وقال لي أين من أعد معارفه للقائي لو أبديت له لسان الجبروت لأنكر ما عرف، ولمار مور السماء يوم تمور موراً.
وقال لي إن لم أشهدك عزي فيما أشهد أقررتك على الذل فيه، وقال لي طائفة أهل السموات وأهل الأرض في ذل الحصر، ولي عبيد لا تسعهم طبقات السماء ولا تقل أفئدتهم جوانب الأرض.
أشهدت مناظر قلوبهم أنوار عزتي فما أتت على شيء إلا أحرقته، فلا لها منظر في السماء فتثبته، ولا مرجع إلى الأرض فتقر فيه.
وقال لي خذ حاجتك التي تجمعك علي وإلا رددتك إليها وفرقتك عني.
وقال لي مع معرفتي لا تحتاج، وما أتت معرفتي فخذ حاجتك.
وقال لي تعرفي الذي أبديته لا يحتمل تعرفي الذي لم أبده.
وقال لي لا أنا التعرف ولا أنا العلم، ولا أنا كالتعرف ولا أنا كالعلم.

موقف القرب

أوقفني في القرب وقال لي ما مني شيء أبعد من شيء ولا مني شيء أقرب من شيء إلا حكم إثباتي له في القرب والبعد.
وقال لي البعد تعرفه بالقرب، والقرب تعرفه في بالوجود.
وأنا الذي لا يرومه القرب، ولا ينتهي إليه الوجود.
وقال لي أدنى علوم القرب أن ترى أثار نظري في كل شيء فيكون أغلب عليك من معرفتك به.
وقال لي القرب الذي تعرفه في القرب الذي أعرفه كمعرفتك في معرفتي.
وقال لي لا بعدي عرفت ولا قربي عرفت ولا وصفي كما وصفي عرفت.
وقال لي أنا القريب لا كقرب الشيء وأنا البعيد لا كبعد الشيء من الشيء.
وقال لي قربك لا هو بعدك وبعدك لا هو قربك، وأنا القريب البعيد قرباً هو البعد وبعدا هو القرب.
وقال لي القرب الذي تعرفه مسافة، والبعد الذي تعرفه مسافة، وأنا القريب البعيد بلا مسافة.
وقال لي أنا أقرب اللسان من نطقه إذا نطق، فمن شهدني لم يذكر ومن ذكرني لم يشهد.
وقال لي الشاهد الذاكر إن لم يكن حقيقة ما شهده حجبه ما ذكر.
وقال لي ما كل ذاكر شاهد وكل شاهد ذاكر.
وقال لي تعرفت إليك وما عرفتني ذلك هو البعد، رآني قلبك وما رآني ذلك هو البعد.
وقال لي لن تجدني ولا تجدني ذلك هو البعد، تصفني ولا تدركني ذلك هو البعد، تسمع خطابي لك من قلبك وهو مني ذلك هو البعد، تراك وأنا أقرب إليك من رؤيتك ذلك هو البعد.

موقف الكبرياء

أوقفني في كبريائه وقال لي أنا الظاهر الذي لا يكشفه ظهوره، وأنا الباطن الذي لا تراجع البواطن بدرك من علمه.
وقال لي بدأت فخلقت الفرق فلا شيء مني ولا أنا منه، وعدت فخلقت الجمع فيه اجتمعت المتفرقات وتألفت المتباينات.
وقال لي ما كل عبد يعرف لغتي فتخاطبه، ولا كل عبد يفهم ترجمتي فتحادثه.
وقال لي لو جمعت قدرة كل شيء لشيء، وحزت معرفة كل شيء لشيء، وأثبت قوة كل شيء لشيء.
ما حمل تعرفي بمحوه، ولا صبر على مداومتي بفقد وجده لنفسه.
وقال لي الأنوار من نور ظهوري بادية والى نور ظهوري آفلة، والظلم من فوت مرامي بادية والى فوت مرامي آئبة.
وقال لي الكبرياء هو العز والعز هو القرب والقرب فوت عن علم العالمين.
وقال لي أرواح العارفين لا كالأرواح وأجسامهم لا كالأجسام.
وقال لي أوليائي الواقفون بين يدي ثلاثة فواقف بعبادة أتعرف إليه بالكرم، واقف بعلم أتعرف إليه بالعزة، وواقف بمعرفة إليه بالغلبة.
وقال لي نطق الكرم بالوعد الجميل، ونطقت العزة بإثبات القدرة، ونطقت الغلبة بلسان القرب.
وقال لي الواقفون بي واقفون في كل موقف خارجون عن كل موقف.

موقف أنت معنى الكون

أوقفني وقال لي أنت ثابت ومثبت فلا تنظر إلى ثبتك فمن نظرك إليك أتيت وقال لي أنظر إلى مثبتي ومثبتك تسلم لأنك تراني وتراك وإذا كنت في شيء غلبت.
وقال لي متى رأيت نفسك ثبتاً أو ثابتاً ولم ترني في الرؤية مثبتاً حجبت وجهي وأسفر لك وجهك فانظر إلى ماذا بدا لك وماذا توارى عنك.
وقال لي لا تنظر إلى الإبداء ولا إلى البادي فتضحك وتبكي وإذا ضحكت وبكيت فأنت منك لا مني.
وقال لي إن لم تجعل كل ما أبديت وأبديه وراء ظهرك لم تفلح فإن لم تفلح لم تجتمع علي.
وقال لي كن بيني وبين ما بدا ويبدو ولا تجعل بيني وبينك بدواً ولا إبداء.
وقال لي الأخبار التي أنت في عموم.
وقال لي أنت معنى الكون كله.
وقال لي أريد أن أخبرك عني بلا أثر سواي.
وقال لي ليس لي من رآني ورآه بأرائه إنما لي من رآني ورآه بأرائي.
وقال لي ليس من رآني ورآه حكم رفق به، أليس فيه شرك لا يحس به.
وقال لي لا يحس به كشف فيما رآني ورآه، حجاب في الحقيقة.
وقال لي الحقيقة وصف الحق، والحق أنا.
وقال لي هذه عبارتي وأنت تكتب، فكيف وأنت لا تكتب.

موقف قد جاء وقتي

أوقفني وقال إن لم ترني لم تكن بي.
وقال لي أن رأيت غيري لم ترني.
وقال لي إشارتي في الشيء تمحو معنى المعنى فيه وتثبته منه لا به.
وقال لي فيك ما لا ينصرف ولا يصرف.
وقال لي أصمت لي الصامت منك ينطق الناطق ضرورة.
وقال لي أثر نظري في كل شيء فأن خاطبته على لسانك قلبته.
وقال لي أجعل ذكري وراء ظهرك وإلا رجعت إلى سواي لا حائل بينك وبينه.
وقال لي قد جاء وقتي وأن لي أن أكشف عن وجهي وأظهر سبحاني ويتصل نوري بالأفنية وما وراءها وتطلع على العيون والقلوب، وترى عدوي يحبني وترى أوليائي يحكمون، فأرفع لهم العروش ويرسلون النار قلا ترجع، وأعمر بيوت الخراب وتتزين بالزينة الحق، وترى قسطي كيف ينفى ما سواه، وأجمع الناس على اليسر فلا يفترقون ولا يذلون، فأستخرج كنزي وتحقق ما أحققتك به من خبري وعدتي وقرب طلوعي، فأني سوف أطلع وتجتمع حولي النجوم، وأجمع بين الشمس والقمر، وأدخل في كل بيت ويسلمون علي وأسلم عليهم، بذلك بأن لي المشيئة وبأذني تقوم الساعة، وأنا العزيز الرحيم.

موقف البحر

أوقفني في البحر فرأيت المراكب تغرق والألواح تسلم، ثم غرقت الألواح، وقال لي لا يسلم من ركب.
وقال لي خاطر من ألقى نفسه ولم يركب.
وقال لي هلك من ركب وما خاطر.
وقال لي في المخاطرة جزء من النجاة، وجاء الموج ورفع ما تحته وساح على الساحل.
وقال لي ظاهر البحر ضوء لا يبلغ، وقعره ظلمه لا تمكن، وبينهما حيتان لا تستأمن.
وقال لي لا تركب البحر فأحجبك بالآلة، ولا تلق نفسك فيه فأحجبك به.
وقال لي في البحر حدود أيها يقلك.
وقال لي إذا وهبت نفسك للبحر فغرقت فيه كنت كدابة من دوابه.
وقال لي غششتك إن دللتك على سواي.
وقال لي إن هلكت في سواي كنت لما هلكت فيه.
وقال لي الدنيا لمن صرفته عنها وصرفتها عنه، والآخرة لمن أقبلت بها إليه وأقبلت به علي.

موقف الرحمانية

أوقفني في الرحمانية وقال لي هي وصفي وحدي. وقال لي هي ما رفع حكم الذنب والعلم والوجد.
وقال لي ما بقي للخلاف أثر فرحمة، وما لم يبق له أثر فرحمانية.
وقال لي قف في خلافية التعرف، فوقفت فرأيته جهلاً، ثم عرفت فرأيت الجهل في معرفته ولم أر المعرفة في الجهل به.
وقال لي من أستخلفه لم أسوه على رؤيتي بشرط يجدني إن وجده ويفقدني إن فقده.
وقال لي إن استخلفتك شققت لك شقاً من الرحمانية، فكنت أرحم بالمرء من نفسه، وأشهدتك مبلغ كل قائل فسبقه إلى غايته، فرآك كل أحد عنده ولم تر أحداً عندك.
وقال لي إن استخلفتك جعلت غضبك من غضبي فم ترأف بذي البشرية، ولم نتعطف على الجنسية.
وقال لي إذا رأيتني فاتبعني، ولو صرفت وجوه الكل عنك فاني أقبل بهم خاضعين إليك.
وقال لي إذا رأيتني فأعرض عمن أعرض عنك وأقبل إليك.
وقال لي إن استخلفتك أقمتك بين يدي وجعلت قيوميتي وراء ظهرك وأنا من وراء القيومية، وسلطاني عن يمينك وأنا من وراء السلطان.
واختياري عن شمالك وأنا من وراء الاختيار، ونوري في عينيك وأنا من وراء النور، ولساني على لسانك وأنا من وراء اللسان، وأشهدتك أني نصبت ما نصبت وأني من وراء ما نصبت، ولم أنصب تجاهك منصباً هو سواي، فرأيتني بلا غيبة، وجرت في أحكامي بلا حجبة.
وقال لي إذا أشهدتك حجتي على ما أحببت كما أشهدتك حجتي على ما كرهت فقد أذنتك بخلافتي، واصطفيتك لمقام الأمانة علي.
وقال لي إذا رأيتني فانصرني، فلن يستطيع نصرتي من لم يرني.
وقال لي إذا لم تقو على الحجاب عني فقد آذنتك بخلافتي.
وقال لي ألبس خاتمي الذي أتيتك تختم به على كل قلب راغب بالرغبة، وكل راهب بالرهبة، فتحوز ولا تحاز، وتحصر ولا تحصر.
وقال لي من غاب عني ورأى علمي فقد استخلفه على علمه، ومن رآني وعاب عن علمي فقد استخلفه على رؤيته.
وقال لي من رآني ورأى علمي فهو خليفتي الذي أتيته من كل شيء سبباً.

موقف الوقفة

أوقفني في الوقفة وقال لي إن لم تظفر بي أليس يظفر بك سواي.
وقال لي من وقف بي ألبسته الزينة، فلم ير لشيء زينة.
وقال لي تطهر للوقفة وإلا نفضتك.
وقال لي إن بقي عليك جاذب من السوى لم تقف.
وقال لي في الوقفة ترى السوى بمبلغ السوى فإذا رأيته خرجت عنه.
وقال لي الوقفة ينبوع العلم فمن وقف كان علمه تلقاء نفسه، ومن لم يقف كان علمه عند غيره.
وقال لي الوقف ينطق يصمت على حكم واحد.
وقال لي الوقفة نورية تعرف القيم وتطمس الخواطر.
وقال لي الوقفة وراء الليل والنهار ووراء ما فيهما من الأقدار.
وقال لي الوقفة نار السوى فأن أحرقته بها وإلا أحرقتك به.
وقال لي دخل الواقف كل بيت فما وسعه، وشرب من كل مشرب فما روي، فأفضى إلي وأنا قراره وعندي موقفه.
وقال لي إذا عرفت الوقفة لم تقبلك المعرفة، ولم يتألف بك الحدثان.
وقال لي من فوض إلي في علوم الوقفة فإلى ظهره أستند، وعلى عصاه أعتمد.
وقال لي إن دعوتني في الوقفة خرجت من الوقفة، وان وقفت في الوقفة خرجت من الوقفة.
وقال لي ليس في الوقفة ثبت ولا محو ولا قول ولا فعل ولا علم ولا وجهل.
وقال لي الوقفة من الصمدية فمن كان بها ظاهره باطنه وباطنه ظاهره.
وقال لي لا ديمومية إلا لواقف، ولا وقفة إلا لدائم.
وقال لي للوقفة مطلع على كل علم وليس عليها مطلع لعلم.
وقال لي من لم يقف بي أوقفه كل شيء دوني.
وقال لي الواقف يرى الأواخر فلا تحكم عليه الأوائل.
وقال لي الوقفة تعتق من رق الدنيا والآخرة.
وقال لي الصلوة تفتخر بالواقف كما يفتخر بها السائر.
وقال لي ما عرفني شيء، فأن كاد أن يعرفني فالواقف.
وقال لي كاد الواقف يفارق حكم البشرية.
وقال لي سقط قدر كل شيء في الوقفة فما هو منها ولا هي منه.
وقال لي في الوقفة عزاء مما وقفت عنه وأنس مما فارقته.
وقال لي الوقفة باب الرؤية، فمن كان بها رآني ومن رآني بها وقف، ومن لم يرني لم يقف.
وقال لي الواقف يأكل النعيم ولا يأكله، ولا يشرب الابتلاء ولا يشربه.
وقال لي مزجت حس الواقف بجبروت عصمتي، فنبأ عن كل شيء، فما يلائمه شيء.
وقال لي لو كان قلب الواقف في السوى ما وقف، ولو كان السوى فيه ما ثبت.
وقال لي الواقف علم كله حكم كله ولن بجمعها معاً إلا الواقف.
وقال لي الواقف لا يصلح على العلماء ولا تصلح العلماء عليه.
وقال لي الواقف يبعد بقرب العالمين، ويحتجب بعلوم العالمين.
وقال لي إن وقفت بي فالسوى حرمي فلا تخرج إليه فتنحل مني.
وقال لي الواقف هو المؤتمن والمؤتمن هو المختزن.
وقال لي قف بي ولا تلقني بالوقفة، فلو أبديت لك ثنائي علي وعلمي الذي لا ينبغي إلا لي عادت الكونية إلى الأولية، ورجعت الأولية إلى الديمومية، فلا علمها فارقها ولا معلومها غاب عن عملها، ورأيتني فرأيت الحق لا فيه وقوف فتعرفه، ولا سير فتعبره.
وقال لي الواقف يرى العلم كيف يضيع المعلوم، فلا ينقسم بموجود، ولا ينعطف بمشهود.
وقال لي من لم يقف رأى المعلوم ولم ير العلم، فاحتجب باليقظة كما يحتجب بالغفلة.
وقال لي الواقف لا يروقه الحسن، ولا يروعه الروع، وأنا حسبه والوقفة حده.
وقال لي إن تواريت عنه في المشهود شاهد شكي ضر فقدي لا ضر الشاهد.
وقال لي حار كل شيء في الواقف، وحار الواقف في الصمود.
وقال لي الوقفة روح المعرفة والمعرفة روح العلم والعلم روح الحيوة.
وقال لي كل واقف عارف، وما كل عارف واقف.
وقال لي الواقفون أهلي، والعارفون أهل معرفتي.
وقال لي أهلي الأمراء، وأهل المعارف الوزراء.
وقال لي للوقفة علم ما هو الوقفة، وللمعرفة علم ما هو المعرفة.
وقال لي يموت جسم الواقف ولا يموت قلبه.
وقال لي دخل المدعي كل شيء فخرج عنه بالدعوى وأخبر عنه بالدخول إلا الوقفة، فما دخلها ولا أخبر عنها ولا يخبر عنها.
وقال لي إن كنت في الوقفة على عمد فأحذر مكري من ذلك العمد.
وقال لي الوقفة تنفى ما سواها كما ينفي العلم الجهل.
وقال لي أطلب كل شيء عند الواقف تجده، وأطلب الواقف عند كل شيء لا تجده.
وقال لي ترتب الصبر على كل شيء إلا على الوقفة، فأنها ترتبت عليه.
وقال لي إذا نزل البلاء تخطى الواقف، ونزل على معرفة العارف وعلم العالم.
وقال لي يخرج الواقف بالإئتلاف كما يخرج بالاختلاف.
وقال لي الوقفة يدي الطامسة ما أتت على شيء إلا طمسته، ولا أرادها شيء إلا أحرقته.
وقال لي من علم علم شيء كان علمه إيذاناً بالتعرض له.
وقال لي الوقفة جواري وأنا غير الجوار.
وقال لي لا يقدر العارف قدر الواقف.
وقال لي الوقفة عمود المعرفة والمعرفة عمود العلم.
وقال لي الوقفة لا تتعلق بسبب ولا يتعلق بها سبب.
وقال لي لو صلح لي شيء صلحت الوقفة، ولو أخبر عني شيء أخبرت الوقفة.
وقال لي معرفة لا وقفة فيها مرجوعها إلى الجهل.
وقال لي الوقفة ريحي التي من حملته بلغ إلي، ومن لم تحمله بلغ إليه.
وقال لي إنما أقول قف يا واقف أعرف يا عارف.
وقال لي العلم لا يهدي إلى المعرفة والمعرفة لا تهدي إلى الوقفة والوقفة لا تهدي إلي.
وقال لي العالم في الرق والعارف مكاتب والواقف حر.
وقال لي الواقف فرد والعارف مزدوج.
وقال لي العارف يعرف ويعرف الواقف يعرف ولا يعرف.
وقال لي الواقف يرث العلم والعمل والمعرفة ولا يرثه إلا الله.
وقال لي أحترق العلم في المعرفة واحترقت المعرفة في الوقفة.
وقال لي كل أحد له عدة إلا الواقف وكل ذي عدة مهزوم.
وقال لي الوقفة تعين سرمدي لا ظن فيه.
وقال لي العارف يشك في الواقف والواقف لا يشك في العارف.
وقال لي ليس في الوقفة واقف وإلا فلا وقفة، وليس في المعرفة عارف وإلا فلا معرفة.
وقال لي ما بلغت المعرفة من لا يقف، ولا نفع علم من لم يعرف.
وقال لي العالم يرى علمه ولا يرى المعرفة، والعارف يرى المعرفة ولا يراني، والواقف يراني ولا يرى سواي.
وقال لي الوقفة علمي الذي يجير ولا يجار عليه.
وقال لي الوقفة ميثاقي على كل عارف عرفه أو جهله، فأن عرفه خرج من المعرفة إلى الوقفة، وان لم يعرفه امتزجت معرفته بحده.
وقال لي الوقفة نوري الذي لا يجاوزه الظلم.
وقال لي الوقفة صمود والصمود ديمومة والديمومة لا يقوم لها الحدثان.
وقال لي لا يرى الحقيقة إلا الواقف.
وقال لي الوقفة وراء البعد والقرب، والمعرفة في القرب، والقرب من وراء، والعلم في البعد هو حده.
وقال لي العارف يرى مبلغ علمه والواقف من وراء كل مبلغ.
وقال لي الواقف ينفي المعارف كما ينفي الخواطر.
وقال لي لو أنفصل عن الحد شيء أنفصل الواقف.
وقال لي العلم لا يحمل المعرفة أو تبدو عليه، والمعرفة لا تحمل الوقفة أو تبدو عليها.
وقال لي العالم يخبر عن العلم، والعارف يخبر عن المعرفة، والواقف يخبر عني.
وقال لي العالم يخبر عن الأمر والنهي وفيهما علمه، والعارف يخبر عن حقي وفيه معرفته، والواقف يخبر عني وفي وقفته.
وقال لي أنا أقرب إلى كل شيء من نفسه والواقف أقرب إلي من كل شيء.
وقال لي إن خرج العالم من رؤية بعدي أحترق، وان خرج العارف من رؤية قربي أحترق، وان خرج الواقف من رؤيتي أحترق.
وقال لي الواقف يرى ما يرى العارف وما هو به، والعارف يرى ما يرى العالم وما هو به.
وقال لي العلم حجابي والمعرفة خطابي والوقفة حضرتي.
وقال لي الواقف لا يقبله الغيار ولا تزحزحه المآرب.
وقال لي حكومة الواقف صمته وحكومة العارف نطقه وحكومة العالم علمه.
وقال لي الوقفة وراء ما يقال، والمعرفة منتهى ما يقال.
وقال لي في الوقفة تعرف كل فرق.
وقال لي قلب الواقف على يدي وقلب العارف على يد المعرفة.
وقال لي العارف ذو قلب والواقف ذو رب.
وقال لي عبر الواقف صفة الكون فما يحكم عليه.
وقال لي لا يقر الواقف على شيء ولا يقر العارف على فقد شيء.
وقال لي لا يقر الواقف على الكون ولا يقر عنده كون.
وقال لي كل شيء لي والذي لي مما لي الوقفة.
وقال لي الوقفة نار الكون والمعرفة نور الكون.
وقال لي الوقفة تراني وحدي والمعرفة تراني وتراها.
وقال لي الوقفة وقفة الوقفة معرفة المعرفة علم المعرفة معرفة العلم لا معرفة ولا وقفة.
وقال لي أخباري للعارفين ووجهي للواقفين.

موقف الأدب

أوقفني في الأدب وقال لي طلبك مني وأنت لا تراني عبادة، وطلبك مني وأنت تراني استهزاء.
وقال لي إذا بلوتك فانظر بما علقتك فإن كان بالسوى فأشك إلي وان كان بي أنا فقد قرت بك الدار.
وقال لي إذا رأيتني في بلاتي فاعرف حدك الذي أنت به ولا تغب فيه عن رؤيتي فأن كان نعيماً فأنعم وأن رأيته بؤساً فلا تنعم.
وقال لي رأس المعرفة حفظ حالك التي لا تقسمك.
وقال لي إن راعيت شيئاً من أجله أو من أجلك فما هو المعرفة ولا أنت من المعرفة.
وقال لي كل ما جمعك على المعرفة فهو من المعرفة.
وقال لي إن انتسبت فأنت لما انتسبت إليه لا لي، وان كنت لسبب فأنت للسبب لا لي.
وقال لي خل المعرفة وراء ظهرك تخرج من النسب، ودم لي في الوقفة تخرج من السبب.
وقال لي إن طلبت من سواي فأدفن معرفتك في قبر أنكر المنكرين.
وقال لي إن جمعت بين السوى والمعرفة محوت المعرفة وأثبت السوى وطالبتك بمفارقته ولن تفارق ما أثبته أبداً.
وقال لي المعرفة لسان الفردانية إذا نطق محا ما سواه وإذا صمت محا ما تعرف.
وقال لي أنت ابن الحال التي تأكل فيها طعامك وتشرب فيها شرابك.
وقال لي أليت لا أقبلك وأنت ذو سبب أو نسب.

موقف العزاء

أوقفني في العزاء وقال لي وقت نعمة الدوام في الجزاء بأيام الفناء في العمل.
وقال لي لو كشفت لك عن وصف النعيم أذهبتك بالكشف عن الوصف وبالوصف عن النعيم، وإنما ألبستك لطفي فتحمل به لطفي، وأتوجك بعطفي فتجري به من عطفي.
وقال لي اذكرني مرةً أمح بها ذكرك كل مرة.
وقال لي يا من صبر على أبسط الكون لعطائي لا يسع، أبسط أمانيك لعطائي لا تبلغ.
وقال لي إذا غبت فأجمع عليك المصائب، وسيأتي كل كون لتعزيتك في غيبتي فأن سمعت أجبت وان أجبت لم ترني.
وقال لي لا في غيبتي عزاء، ولا في رؤيتي قضاء.
وقال لي أنا اللطيف في جبارية العز، وأنا العطوف في كبرياء القهر.
وقال لي إن قلت لك أنا فانتظر أخباري فلست من أهلي.
وقال لي أنا الحليم وان عظمت الذنوب، وأنا القريب وان خفيت الهموم.
وقال لي من رآني صمد لي ومن صمد لي لم يصلح على المواقيت.
وقال لي قد تعلم علم المعرفة وحقيقتك العلم فلست من المعرفة، وقد تعلم علم الوقفة وحقيقتك المعرفة فلست من الوقفة.
وقال لي حقيقتك ما لا تفارقه لا كل علم أنت مفارقه.

موقف معرفة المعارف

أوقفني في المعارف وقال لي هي الجهل الحقيقي من كل شيء بي.
وقال صفة ذلك في رؤية قلبك وعقلك هو أن تشهد بسرك كل ملك وملكوت وكل سماء وأرض وبر وبحر وليل ونهار ونبي وملك وعلم ومعرفة وكلمات وأسماء وكل ما في ذلك وكل ما في ذلك وكل ما بين ذلك يقول ليس كمثله شيء، وترى قوله ليس كمثله شيء هو أقصى علمه ومنتهى معرفته.
وقال لي إذا عرفت معرفة المعارف جعلت العلم دابة من دوابك وجعلت الكون كله طريقاً من طرقاتك.
وقال لي إذا جعلت الكون طريقاً من طرقاتك لم أزد ودك منه، هل رأيت زاداً من طريق.
وقال لي الزاد من المقر فإذا عرفة معرفة المعارف فمقرك عندي وزادك من مقرك لو استضفت إليك الكون لوسعهم.
وقال لي لا يعبر عني إلا لسانان لسان معرفة آيته إثبات ما جاء به بلا حجة، ولسان علم آيته إثبات ما جاء به بحجة.

وقال لي لمعرفة المعارف عينان تجريان عين العلم وعين الحكم، فعين العلم تنبع من الجهل الحقيقي وعين الحكم تنبع من عين ذلك العلم.

فمن أغترف العلم من عين العلم أغترف العلم والحكم، ومن أغترف العلم من جريان العلم لا من عين العلم نقلته ألسنة العلوم وميلته تراجم العبارات فلم يظفر بعلم مستقر ومن لم يظفر بعلم مستقر لم يظفر بحكم.

وقال لي قف في معرفة المعارف وأقم في معرفة المعارف تشهد ما أعلمته فإذا شهدته أبصرته وإذا أبصرته فرقت بين الحجة الواجبة وبين المعترضات الخاطرة فإذا فرقت ثبت وما لم تفرق لم تثبت.

وقال لي من لم يغترف العلم من عين العلم لم يعلم الحقيقة ولم يكن لما علمه حكم، فحلت علومه في قوله لا في قلبه، كذلك تحل فيمن علم.

وقال لي إذا ثبت فأنطق فهو فرضك.

وقال لي كل معنوية ممعناة إنما معنيت لتصرف، وكل ما هية ممهاة إنما أمهيت لتخترع.

وقال لي كل محلول فيه وعاء وإنما حل فيه لخلو جوفه، وكل خال موعى وإنما خلا لعجزه وإنما أوعى لفقره.

وقال لي كل مشار إليه ذو جهة وكل ذي جهة مكتنف وكل مكتنف مفطون وكل مفطون متخيل وكل متخيل متجزئ وكل متجزئ وكل هواء ماس وكل ماس محسوس وكل فضاء مصادف.

وقال لي أعرف سطوتي تحذر مني ومن سطوتي، وأنا الذي يجير منه ما تعرف وأنا الذي لا يحكم عليه ما بدا من علمه، كيف يجير مني تعرفي وأنا المتعرف به إن أشاء تنكرت به كما تعرفت به، وكيف يحكم علي علمي وأنا الحاكم به إن أشاء أجهلت به كما أعلمت به.

وقال لي اسمع إلى معرفة المعارف كيف تقول لك سبحان من لا تعرفه المعارف وتبارك من لا تعلمه العلوم، إنما المعارف نور من أنواره وإنما العلوم كلمات من كلماته.

وقال لي أسمع إلى لسان من ألسنة سطوتي، إذا تعرفت إلى عبد فدفعني عدت كأني ذو حاجة إليه يفعل ذلك مني كرم سبقى فيما أنعمت ويفعل ذلك بخل نفسه بنفسه التي أملكها عليه ولا يملكها علي، فأن دفعني عدت إليه ولا أزال أعود ولا يزال يدفعني عنه فيدفعني وهو يراني أكرم الأكرمين وأعود إليه وأنا أراه أبخل الأبخلين أصنع له عذراً إذا حضر وأبتدئه بالعفو قبل العذر حتى أقول في سره أنا ابتليتك، كل ذلك ليذهب عن رؤية ما يوحشه مني فأن أقام فيما تعرفت به إليه كنت صاحبه وكان صاحبي وأن دفعني لم أفارقه لدفعه الممتزج بجهله لكن أقول له أتدفعني وأنا ربك أما تريدني ولا تريد معرفتي فأن قال لا أدفعك قبلت منه، ولا يزال كلما يدفعني أقرره على دفعه فكلما قال لا أدفعك قبلت منه حتى إذا دفعني فقررته على دفعه فقال نعم أنا أدفعك وكذب وأصر نزعت معارفي من صدره، فعرجت إلي وارتجعت ما كان من معرفتي في قلبه حتى إذا جاء يومه جعلت المعارف التي كانت بيني وبينه ناراً أوقدها عليه بيدي فذلك الذي لا تستطيع ناره النار لأني أنتقم منه بنفسي لنفسي وذلك الذي لا تستطيع خزنتها أن تسمع بصفة من صفات عذابه ولا بنعت من نعوت نكالى به أجعل جسمه كسعة الأرض القفرة وأجعل له ألف جلد بين كل جلدين مثل سعة الأرض ثم آمر كل عذاب كان في الدنيا فيأتيه كله لعينه فيجتمع في كل جارحة منه كل عذاب كان في الدنيا بأسره لعين ذلك العذاب وعلى اختلافه في حال واحدة لسعة ما بين أقطاره وعظم ما وسعت من خلقه لنكالة ثم أمر كل عذاب كان يتوهمه أهل الدنيا أن يقع فيأتيه كله لعينه التي كانت تتوهم فيحل به العذاب المعلوم في الجلدة الأولة ويحل به العذاب الموهوم في الجلدة الثانية ثم آمر بعد ذلك طبقات النار السبعة فيحل عذاب كل طبقة في جلده من جلدة فإذا لم يبق عذاب دنيا ولا أخرة إلا حل بين كل جلدين من جلوده أبديت له عذابه الذي أتولاه بنفسي فيمن تعرفت إليه بنفسي، فدفعني حتى إذا رآه فرق لرؤيته العذاب المعلوم وفرق منه العذاب الموهوم وفرق له عذاب الطبقات السبعة فلا يزال عذاب الدنيا والآخرة يفرق أن أعذبه بالعذاب الذي أبديته فأعهد إلى العذاب أني لا أعذبه فيسكن إلى عهدي ويمضي في تعذيبه على أمري ويسألني هو أن أضعف عليه عذاب الدنيا والآخرة وأصرف عنه ما أبديته فأقول له أنا الذي قلت لك أتدفعني فقلت نعم أدفعك فذاك أخر عهده بي، ثم أخذه بالعذاب مدى علمي في مدى علمي فلا يثبت علم العالمين ولا معرفة العارفين لسماع صفته بالكلام، ولا أكون كذلك لمن تمسك بي في تعرفي وأقام عندي إلى أن أجيء بيومه إليه فذلك الذي أوتيه نعيم الدنيا كلها معلوماً وموهوماً ونعيم الآخرة كلها بجميع ما يتنعم به أهل الجنان ونعيمي الذي أتولاه بنفسي من تنعيم من أشاء ممن عرفني فتمسك بي.

وقال لي سلني وقل يا رب كيف أتمسك بك حتى إذا جاء يومي لم تعذبني بعذابك ولم تصرف عني إقبالك بوجهك فأقول لك تمسك بالسنة في علمك وعملك وتمسك بتعرفي إليك في وجد قلبك وأعلم أني إذا تعرفت إليك لم أقبل منك من السنة إلا ما جاء به تعرفي لأنك من أهل مخاطبتي تسمع مني وتعلم أنك تسمع وترى الأشياء كلها مني.
وقال لي عهد عهدته إليك أن تعرفي لا يطالب بفراق سنتي لكن يطالب بسنة دون سنة وبعزيمة دون عزيمة فأن كنت ممن قد رآني فاتبعني وأعمل ما أشاء بالآلة التي أشاء لا بالآلة التي تشاء أليس كذلك تقول لعبدك فالآلة هي سنتي فأعمل منها بما أشاء منك لا بما تشاء لي وتشاء مني فأن عجزت في آلة دون آلة فعذري لا يكتبك غادرا وان ضعفت في عزيمة دون عزيمة فرخصتي لا تكتبك عاثراً إنما أنظر إلى أقصى علمك أن كان عندي فأنا عندك.

موقف الأعمال

أوقفني في الأعمال وقال لي إنما ظهرتك لتثبت بصفتي لصفتك فأنت لا تثبت لصفتي إنما تثبت بصفتي وأنت تثبت لصفاتك ولا تثبت بصفاتك.
وقال لي إنما صفتك الحد وصفة الحد الجهة وصفة الجهة المكان وصفة المكان التجزيء وصفة التجزيء التغاير وصفة التغاير الفناء.
وقال لي إن أردت أن تثبت فقف بين يدي في مقامك ولا تسألني عن المخرج.
وقال لي أتدري أين محجة الصادقين هي من وراء الدنيا ومن وراء ما في الدنيا ومن وراء ما في الآخرة.

وقال لي إذا سلكت إلي من وراء الدنيا أتتك رسلي متلقين تعرف في عيونهم الشوق وترى في وجوههم الإقبال والبشرى، أرأيت غائباً غاب عن أهله فأذنهم بقدومه أليس إذا قطع المسافة القاصدين وسلك في محجة الداخلين تلقوه أمام منزله ضاحكين وأسرعوا إليه فرحين مستبشرين.

وقال لي من لم يسلك محجة الصادقين فهو كيف ما كان في الدنيا مقيم ومما فيها آخذ أتته رسلي مخرجين، وتلقته مرحلين مزعجين، فسابق سبق له العفو فرأى في عيونهم أثار هيبة الإخراج، ونظر في وجوههم آثار هيبة الإزعاج، وآخر سبق له الحجاب فما هو من خير ولا الخير خاتمة ما عنده.

وقال لي احذر وبعدد ما خلقت فأحذر، إن أنت سكنت على رؤيتي طرفة عين فقد جوزتك كلما أظهرته وآتيتك سلطاناً عليه.

وقال لي كما تدخل إلي في الصلوة تدخل إلي في قبرك.

وقال لي آليت لا بد أن تمشي مع كل واحد أعماله، فأن فارقها في حيوته دخل إلي وحده فلم يضق به قبره، وان لم يفارقها في حيوته دخلت معه إلى قبره فضاق به لأن أعماله لا تدخل معه علوماً إنما تتمثل له شخصاً فتدخل معه.

وقال لي أنظر إلى صفة ما كان من أعمالك كيف تمشي معك وكيف تنظر إليها تمشي منك بحيث تكون بينك وبين ما سواها من الأعمال والاتباع فتدافع عنك والملائكة يلونها وما سواها الأعمال وراء ذلك كله فأبدى ما كان لي من عملك في خلال تلك الفرج تدافع عنك كما كنت تدافع عنها وتنظر أنت إليها كما تنظر إلى المتكفل بنصرك والى الباذل نفسه من دونك وتنظر إليك كما كنت تنظر إليها وتقول إلي فأنا المتكفل بنصرك أنا الباذل نفسه دونك، حتى إذا جئتما إلى البيت المنتظر فيه ما ينتظر، وماذا ينتظر، ودعتك وداع العائد إليك، وودعتك الملائكة وداع المثبت لك ودخلت إلي وجدك لا عملك معك وان كان حسناً لأنك لا تراه أهلاً لنظري ولا الملائكة معك وان كانوا أوليائك، لأنك لا تتخذ ولياً غيري فتنصرف الملائكة إلى مقاماتهم بين يدي وينصرف ما كان لي عملك إلي.

وقال لي تعلم ولا تسمع من العلم وأعمل ولا تنظر إلى العمل.
وقال لي عمل الليل عماد لعمل النهار.
وقال لي تخفيف عمل النهار أدوم فيه، وتطويل عمل الليل أدوم فيه.

وقال لي أن أردت أن تثبت بين يدي في عملك فقف بين يدي لا طالباً مني ولا هارباً إلي، انك إن طلبت مني فمنعتك رجعت إلى الطلب لا إلي أو رجعت إلى اليأس لا إلى الطلب، وأنك إن طلبت مني فأعطيتك رجعت عني إلى مطلبك، وان هربت إلي فأجرتك رجعت عني إلى الأمن من مهربك من خوفك وأنا أريد أن أرفع الحجاب بيني وبينك فقف بين يدي لأني ربك ولا تقف بين يدي لأنك عبدي.

وقال لي إن وقفت بين يدي لأنك عبدي ملت ميل العبيد، وان وقفت بين يدي لأني ربك جاءك حكمي القيوم فحال بين نفسك وبينك.
وقال لي إن أنحصر علمك لم تعلم، وان لم ينحصر عملك لم تعمل.
وقال لي العمل عملان راتب وزائر، فالراتب لا يتسع العلم ولا يثبت العمل إلا به، والزائر لا يتسع العلم به.
وقال لي إن عملت الراتب ولم تعمل الزائر ثبت علمك ولم يتسع، وان عملت الزائر والراتب ثبت علمك واتسع.
وقال لي أعرف صفتك التي لا يغيب فيها عنك ثم أعرف صفتك التي لا تعجز فيها عن عملك فتعلم ولا تجهل وتعمل ولا تفتر.
وقال لي إن لم تعرف صفتك علمت وجهلت وعملت وفترت، فبحسب ما بقي عندك من العلم تعمل وبحسب ما عارضك من الجهل تترك.
وقال لي زن العلم بميزان النية، وزن العمل بميزان الإخلاص.

موقف التذكرة

أوقفني في التذكرة وقال لي لا تثبت إلا بطاعة الآمر، ولا تستقيم إلا بطاعة النهي.
وقال لي إن لم تأتمر ملت، وان لم تنته زغت.
وقال لي لا تخرج من بيتك إلا إلي تكن في ذمتي وأكن دليلك، ولا تدخل إلا إلي إذا دخلت تكن في ذمتي وأكن معينك.
وقال لي أنا الله لا يدخل إلي بالأجسام، ولا تدرك معرفتي بالأوهام.
وقال لي إن وليتني من علمك ما جهلت فأنت ولي فيه.

وقال لي كلما رأيته بعينك وقلبك من ملكوتي الظاهر والخفي فأشهدتك تواضعه لي وخضوعه لبهاء عظمتي لمعرفة أثبتها لك فتعرفها بالأشهاد لا بالعبارة فقد جوزتك عنها وعما لا ينفذ من علوم غيرها وألسنة نواطقها وفتحت لك فيها أبوابي التي لا يلجها إلي من قويت معرفته بحمل معرفتها فحملتها ولم تحملك لما أشهدتك منها ولما لم أشهدها منك فوصلت إلى حد الحضرة وقبل بين يدي فلان بن فلان فأنظر عندها من أنت ومن أين دخلت وماذا عرفت حتى دخلت ولماذا وسعت حتى حملت.

وقال لي إذا أشهدتك كل كون إشهاداً واحداً في رؤية واحدة فلي في هذا المقام اسم إن علمته فادعني به وان لم تعلمه فادعني بوجد هذه الرؤية في شدائدك.

وقال لي صفة هذه الرؤية أن ترى العلو والسفل والطول والعرض وما في كل ذلك وما كل ذلك به فيما ظهر فقام، وفيما سخر فدام، فتشهد وجوه ذلك راجعة بأبصارها إلى أنفسها إذا لا يستطيع أن يقبل كل جزيئة منها إلا إلى أجزائها، وتشهد منها مواقع النظر المثبت فيها الوجود تسبيحها منعرجة إلي بتماجيد ثنائها شاخصة إلي بالتعظيم المذهل لها عن كل شيء إلا عن دؤوبها في أذكارها، فإذا شهدتها راجعة الوجوه فقل يا قهار كل شيء بظهور سلطانه، ويا مستأثر كل شيء بجبروت عزه، وأنت العظيم الذي لا يستطاع ولا تستطاع صفته، وإذا شهدتها شاخصة للتعظيم فقل يا رحمن يا رحيم أسألك برحمتك التي أثبت بها في معرفتك، وقويت بها على ذكرك، وأسميت بها الأذهان إلى الحنين إليك، وشرفت بها مقام من تشاء من الخلق بين يديك.

وقال لي إذا سلمت إلي ما لا تعلم فأنت من أهل القوة عليه إذا أبديت لك علمه، وإذا سلمت إلي ما علمت كتبتك فيمن أستحي منه.
وقال لي المعرفة ما وجدته، والتحقق بالمعرفة ما شهدته.
وقال لي العالم يستدل علي فكل دليل يدله إنما له يدله على نفسه لا علي، والعارف يستدل بي.
وقال لي العلم حجتي على كل عقل فهي فيه ثابتة لا يذهل العقل عنها وأن تذاهل، ولا يرحل عن علمه وان أعرض.
وقال لي لكل شيء شجر، وشجر الحروف الأسماء، فاذهب عن الأسماء تذهب عن المعاني.
وقال لي إذا ذهبت عن المعاني صلحت لمعرفتي.

موقف الأمر

أوقفني في الأمر وقال لي إذا أمرتك فامض لما أمرتك ولا تنتظر به علمك إنك إن تنتظر بأمري علم أمري تعص أمري وقال لي إذا لم تمض لأمري أو يبدو لك علمه فلعلم الآمر أطعت لا للأمر.

وقال لي أتدري ما يقف بك عن المضي في أمري وتنتظر علم أمري هي نفسك تبتغي العلم لتنفصل به عن عزيمتي بهواها في طرقاته، إن العلم ذو طرقات وان الطرقات ذوات فجاج وان الفجاج ذوات مخارج ومحاج وان المحاج ذوات الاختلاف.

وقال لي امض لأمري وإذا أمرتك ولا تسألني عن علمه كذلك أهل حضرتي من ملائكة العزائم يمضون لما أمروا به ولا يعقبون، فامض ولا تعقب، فامض ولا تعقب تكن مني وأنا منك.

وقال لي ما ضنة عليك أطوى علم الأمر إنما العلم موقف لحكمه الذي جعلته له فإذا أذنتك بعلم فقد أذنتك بوقوف به إن لم تقف به عصيتني لأني أنا جعلت للعلم حكماً فإذا أبديت لك العلم فرضت عليك حكمة.

وقال لي إذا أردتك بحكمي لا بحكم العلم أمرتك فمضيت للأمر لا تسألني عنه ولا تنتظر مني علمه.

وقال لي إذا أمرتك فجاء عقلك يجول فيه فانفة وإذا جاء قلبك يجول فيه فاصرفه حتى تمضي لأمري ولا يصحبك سواه فحينئذ تتقدم فيه، وان صحبك غيره أوقفك دونه فعقلك يوقفك حتى يدري فإذا درى رجح، وقلبك يوقفك حتى يدري فإذا درى ميل.

وقال لي إذا أشهدتك كيف تنفذ أوليائي في أمري لا ينتظرون به علمه ولا يرتقبون به عاقبته رضوا به بدلاً من كل علم وان جمع علي ورضوا بي بدلاً من كل عاقبة وان كانت دارى ومحل الكرامة بين يدي فأنا منظرهم لا يسكنون أو يروني ولا يستقرون أو يروني فقد أذنتك بولايتي لأنك أشهدتك كيف تأتمر لي إذا أمرتك في تعرفي وكيف تنفد عني وكيف ترجع إلي، عبدي لا تنتظر بأمري علمه ولا تنتظر به عاقبته انك إن انتظرتهما بلوتك فحجبك البلاء عن أمري وعن علم أمري الذي انتظرته ثم أعطف عليك فتنيب ثم أعود عليك فأتوب ثم تقف في مقامك ثم أتعرف إليك ثم آمرك في تعرفي فامض له ولا تعقب أكن أنا صاحبك، عبدي أجمع أول نهارك وإلا لهوته كله واجمع أول ليلك وإلا ضيعته كله فأنك إذا جمعت أوله جمعت لك أخره.

وقال لي أكتب من أنت لتعرف من أنت فان لم تعرف من أنت فما أنت من أهل معرفتي.
وقال لي أليس إرسالي إليك العلوم من جهة قلبك إخراجاً لك من العموم إلى الخصوص أو ليس تخصصي لك بما تعرفت به إليك من طرح قلبك وطرح ما بدا لك من العلوم من جهة قلبك إخراجاً لك إلى الكشف أو ليس الكشف أن تنفى عنك كل شيء وعلم كل شيء وتشهدني بما أشهدتك فلا يوحشك الموحش حين ذلك ولا يؤنسك المؤنس حين أشهدك وحين أتعرف إليك ولو مرة في عمرك إيذاناً لك بولايتي لأنك تنفي كل شيء بما أشهدتك فأكون المستولي عليك وتكون أنت بيني وبين كل شيء فتليني لا كل شيء ويليك كل شيء لا يليني، فهذه صفة أوليائي فاعلم أنك ولي وأن علمك علم ولايتي فاودعني اسمك حتى ألفاك أنا به ولا تجعل بيني وبينك إسماً ولا علماً واطرح كل شيء أبديه لك من الأسماء والعلوم لعزة نظري ولئلا تحتجب به عني فلحضرتي بنيتك لا للحجاب عني ولا لشيء هو من دوني جامعاً كان لك أو مفرقاً فالمفرق زجرتك عنه بتعريفي والجامع زجرتك عنه بغيرة ودي فاعرف مقامك في ولايتي فهو حدك الذي إن قمت فيه لم تستطعك الأشياء وان خرجت منه تخطفك كل شيء.

وقال لي أتدري ما صفتك الحافظة لك بإذني هي مادتك في جسدك وذلك هو رفق بصفتك وحفظ لقلبك، احفظ قلبك من كل داخل يدخل عليه يميل به عني ولا يحمله إلي، بصفتك في عبادتي تجمع همك علي.

وقال لي مقامك مني هو الذي أشهدتك تراني أبدي كل شيء وترى النار تقول ليس كمثله شيء وترى الجنة تقول ليس كمثله شيء وترى كل شيء يقول ليس كمثله شيء فمقامك مني هو ما بيني وبين الإبداء.

وقال لي إذا كنت في مقامك لم يستطعك الإبداء لأنك تلبني فسلطاني معك وقوتي وتعرفي.

وقال لي أنا ناظرك وأحب أن تنظر إلى الإبداء كله يحجبك عني، نفسك حجابك وعلمك حجابك ومعرفتك حجابك وأسماؤك حجابك وتعرفي إليك حجابك فأخرج من قلبك كل شيء وأخرج من قلبك العلم بكل شيء وذكر كل شيء وكلما أبديت لقلبك بادياً فألفه إلى بدوه وفرغ قلبك لي لتنظر إلي ولا تغلب علي.

موقف المطلع

أوقفني في المطلع وقال لي أين اطلعت رأيت الحد جهرة ورأيتني بظهر الغيب.
وقال لي إذا كنت عندي رأيت الضدين والذي أشهدتهما فلم يأخذك الباطل ولم يفتك الحق.
وقال لي الباطل يستعير الألسنة ولا يوردها موردها كالسهم تستعيره ولا تصيب به.
وقال لي الحق لا يستعير لساناً من غيره.
وقال لي إذا بدت أعلام الغيرة ظهرت أعلام التحقيق.
وقال لي إذا ظهرت الغيرة لم تستتر.
وقال لي أطلع في العلم فأن رأيت المعرفة فهي نوريته، واطلع في المعرفة فأن رأيت العلم فهو العلم فهو نوريتها.
وقال لي أطلع في العلم فأن لم تر المعرفة فاحذره، واطلع إلى المعرفة فان لم تر العلم فاحذرها.
وقال لي المطلع مشكاتي التي من رأها لم ينم.
وقال لي المطلع رؤية الموجب والمطلع في الموجب رؤية المراد.
وقال لي يا عالم اجعل بينك وبين الجهل فرقاً من العلم وإلا غلبك، واجعل بينك وبين العلم فرقاً من المعرفة وإلا اجتذبك.
وقال لي أوحيت إلى التقوى أثبتي وثبتي، وأوحيت إلى المعصية تزلزلي وزلزلي.
وقال لي العلم بابي والمعرفة بوابي.
وقال لي اليقين طريقي الذي لا يصل سالك إلا منه.
وقال لي من علامات اليقين الثبات، ومن علامات الثبات الآمن في الروع.
وقال لي إن أردت لي كل شيء علمتك علماً لا يستطيعه الكون وتعرفت إليك معرفة لا يستطيعها الكون.
وقال لي إن أردتني أردت بي بكل شيء وأردت بي كل شيء علمتك علماً لا يستطيعه الكون.
وقال لي عارف علم عاقبته فلا يصلح إلا على علمها، وعارف جهل عاقبته فلا يصلح إلا على جهلها.
وقال لي من صلح على علم عاقبته لم تعمل فيه مضلات الفتن، ومن صلح على جهل عاقبته مال واستقام.
وقال لي من يعلم عاقبته ويعمل يزدد خوفاً.
وقال لي الخوف علامة من علم عاقبته، والرجاء علامة من جهل عاقبته.
وقال لي من علم عاقبته وألقاها وعلمها إلي أحكم فيها بعلمي الذي لا مطلع عليه لقيته بأحسن مما علم وجئته بأفضل مما فوض.
وقال لي يا عارف إن ساويت العالم إلا في الضرورة حرمتك العلم والمعرفة.
وقال لي يا عارف أين الجهالة منك إنما ذنبك على المعرفة.
وقال لي يا عارف اطلع في قلبك فما رأيته يطلبه فهو معرفته وما رأيته يحذر فهو مطلعه.
وقال لي يا عارف دم وإلا أنكرت، يا عالم أفتر وإلا جهلت.
وقال لي يا عارف أرى عندك قوتي ولا أرى عندك نصرتي أفتتخذ إلهاً غيري.
وقال لي يا عارف أرى عندك دلالتي ولا أراك في محجتي.
وقال لي يا عارف أرى عندك حكمتي ولا أرى عندك خشيتي أفهزئت بي.
وقال لي من لم يفر إلي ولم يصل إلي، ومن لم أتعرف إليه لم يفر إلي.
وقال لي إن ذهب قلبك عني لم أنظر إلى عملك.
وقال لي إن لم أنظر إلى عملك طالبتك بعلمك وان طالبتك بعلمك لم توفني بعملك.
وقال لي إن لم تعرض عما أعرضت عنه لم تقبل على ما أقبلت عليه.
وقال لي إن أخذتك في المخالفة ألحقت التوبة بالمخالفة، وان أخذتك في التوبة ألحقت المخالفة بالتوبة.
وقال لي حدث عني وعن حقوقي وعن نعمتي فمن فهم عني فأتخذه عالماً، ومن فهم عن حقي فأتخذه نصيحاً، ومن فهم عن نعمتي فاتخذه أخاً.
وقال لي من لم يفهم عني ولا عن حقي ولا عن نعمتي فأتخذه عدواً فان جاءك بحكمتي فخذها منه كما تأخذ ضالتك من الأرض المسبعة.
وقال لي الذي يفهم عني يريد بعبادته وجهي، والذي يفهم عن حقي يعبدني من أجل خوفي، والذي يفهم عن نعمتي يعبدني رغبة فيما عندي.
وقال لي من عبدني وهو يريد وجهي دام، ومن عبدني من أجل خوفي فتر، ومن عبدني من أجل رغبته أنقطع.
وقال لي العلماء ثلاثة فعالم هداه في قلبه، وعالم هداه في سمعه، وعالم هداه في تعلمه.
وقال لي القراء ثلاثة فقارئ عرف الكل، وقارئ عرف النصف، وقارئ عرف الدرس.
وقال لي الكل الظاهر والباطن، والنصف الظاهر، والدرس التلاوة.
وقال لي إذا تكلم العارف والجاهل بحكمة واحدة فاتبع إشارة العارف وليس لك من الجاهل إلا لفظه.

موقف الموت

أوقفني في الموت فرأيت الأعمال سيئات ورأيت الخوف يتحكم على الرجاء ورأيت الغنى قد صار ناراً ولحق بالنار ورأيت الفقر خصماً يحتج ورأيت كل شيء لا يقدر على شيء ورأيت الملك غروراً ورأيت الملكوت خداعاً، وناديت يا علم فلم يجبني وناديت يا معرفة فلم تجبني، ورأيت كل شيء قد أسلمني ورأيت كل خليقة قد هرب مني وبقيت وحدي، وجاءني العمل فرأيت فيه الوهم الخفي والخفي الغابر فما نفعني إلا رحمة ربي، وقال لي أين علمك فرأيت النار.

وقال لي أين عملك، فرأيت النار.
وقال لي أين معرفتك، فرأيت النار.
وكشف لي عن معارفه الفردانية فخمدت النار.
وقال لي أنا وليك، فثبت.
وقال لي أنا معرفتك، فنطقت.
وقال لي أنا طالبك، فخرجت.

موقف العزة

أوقفني في العزة وقال لي لا يجاورني وجد بسواى ولا بسوى الآني ولا بسوى ذكراي ولا بسوى نعماي.
وقال لي أذهب عنك وجد السوى وما من السوى بالمجاهدة.
وقال لي إن لم تذهبه بالمجاهدة أذهبته النار السطوة.
وقال لي كما تنقل المجاهدة عن وجد السوى إلى الوجد بي وبما مني كذلك النار تنقل عن وجد السوى إلى الوجد بي وبما منى.
وقال لي آليت لا يجاورني إلا من وجد بي أو بما منى.
وقال لي وجدك بالسوى من السوى والنار سوى ولها على الأفئدة مطلع فإذا أطلعت على الأفئدة فرأت فيها السوى رأت ما منها فاتصلت به، وإذا لم تر هي منه لم تتصل به.
وقال لي ما أدرك الكون تكوينه ولا يدركه.
وقال لي كل خلقة هي مكان لنفسها وهي حد لنفسها.
وقال لي رجعت العلوم إلى مبالغها من الجزاء، ورجعت المعارف إلى مبالغها من الرضا.
وقال لي أنا أظهرت القولية بمحتمل الأسماع والأفكار وما لا يحمل أكثر مما يحمل، وأنا أظهرت الفعلية بمحتمل العقول والأبصار وما لا يحتمل أكثر مما يحمل.
وقال لي أنظر إلى الإظهار تنعطف بعضيته على بعضيته وتتصل أسباب جزئيتة بأسباب جزئيته فما له عنه مدار وأن جال، ولا له مستند إذا مال.
وقال لي أنظر إلي فأني لا يعود علي عائدة منك ولكن تثبت بثباتي الدائم فلا تستطيعك الاغيار.
وقال لي لو اجتمعت القلوب بكنه بصائرها المضيئة ما بلغت حمل نعمتي.
وقال لي العقل آلة تحمل حدها من معرفة، والمعرفة بصيرة تحمل حدها من أشهادي، والإشهاد قوة تحمل حدها من مرادي.
وقال لي إذا بدت العظمة رأى العارف معرفته نكره وأبصر المحسن حسنته سيئة.
وقال لي لا تحمل الصفة ما يحمله العلم فأحفظ العلم منك وقف صفة على حدها منه ولا تقفها على حدها منها.

موقف التقرير

أوقفني في التقرير وقال لي تريدني أو تريد الوقفة أو تريد هيئة الوقفة، فأن أردتني كنت في الوقفة لا في إرادة الوقفة وان أردت الوقفة كنت في إرادتك لا في الوقفة وان أردت هيئة الوقفة عبدت نفسك وفاتتك الوقفة.

وقال لي الوقفة وصف من أوصافي الوقار والوقار وصف من أوصاف البهاء والبهاء وصف من أوصاف الغنى والغنى وصف من أوصاف الكبرياء والكبرياء وصف من أوصاف الصمود والصمود وصف من أوصاف العزة والعزة وصف من أوصاف الوحدانية والوحدانية وصف من أوصاف الذاتية.

وقال لي خروج الهم عن الحرف وعما ائتلف منه وانفرق.

وقال لي إذا خرجت عن الحرف خرجت عن الأسماء، وإذا خرجت عن الأسماء خرجت عن المسميات، وإذا خرجت عن المسميات خرجت عن كل ما بدا وإذا خرجت عن كل ما بدا قلت فسمعت ودعوت فأجبت.

وقال لي إن لم تجز ذكرى وأوصاف محامدي وأسمائي رجعت من ذكرى إلى أذكارك ومن وصفي إلى أوصافك.
وقال لي الواقف لا يعرف المجاز، وإذا لم يكن بيني وبينك مجاز لم يكن بيني وبينك حجاب.
وقال لي إن ترددت بيني وبين شيء فقد عدلت بي ذلك الشيء.

وقال لي إن دعوتك فلا تنظر بإتباعي طرح الحجاب فلن تحصر عده ولن تستطيع أبداً طرحه.
وقال لي إن استطعت طرحه فإلي أين تطرحه والطرح حجاب والأين المطروح فيه حجاب، فاتبعني أطرح حجابك فلا يعود ما طرحته وأهدي سبيلك فلا يضل ما هديت.

وقال لي إذا رأيتني فإن أقبلت على الدنيا فمن غضبي وان أقبلت على الآخرة فمن حجابي وان أقبلت على العلوم فمن حبسي وان أقبلت على المعارف فمن عتبي.

وقال لي إن سكنت على عتبي أخرجتك إلى حبسي، إن وصفي الحياء فأستحي أن يكون معاتبي بحضرتي، فأن سكنت على حبسي أخرجتك إلى حجابي وان سكنت على حجابي أخرجتك إلى غضبي.

وقال لي إذا أردت لي كل شيء لم تفتن، وإذا أردت مني كل شيء لم تنخدع.
وقال لي معارف كل شيء توجد به أسماؤه من معارفه، وإذا سقطت معالم الشيء سقط الوجد به.
وقال لي لكل شيء اسم لازم ولكل اسم أسماء، فالأسماء تفرق عن الاسم والاسم يفرق عن المعنى.

موقف الرفق

أوقفني في الرفق وقال لي إلزم اليقين تقف في مقامي، والزم حسن الظن تسلك محجتي ومن سلك في محجتي وصل إلي.
وقال لي اجتمع باسم اليقين على اليقين.
وقال لي إذا اضطربت فقل بقلبك اليقين تجتمع وتوقن، وقل بقلبك حسن الظن تحسن الظن.
وقال لي من أشهدته أشهدت به ومن عرفته عرفت به ومن هديته هديت به ومن دللته دللت به.
وقال لي وقال اليقين يهديك إلى الحق والحق المنتهى، وحسن الظن يهديك إلى التصديق والتصديق يهديك إلى اليقين.
وقال لي حسن الظن طريق من طرق اليقين.
وقال لي إن لم ترني من وراء الضدين رؤية واحدة لم تعرفني.

موقف بيته المعمور

أوقفني في بيته المعمور فرأيته وملائكته ومن فيه يصلون له ورأيته وحده ولا بيت مواصلاً في صلوته إلى الدوام ورأيتهم لا يواصلون يحيط بصلواتهم علماً ولا يحيطون، وقال لي أسررت الحكومة بيتي في كل بيت فحكمت بها لبيتي على كل بيت.

وقال لي أخل بيتك من السوى واذكرني بما أيسر لك ترني في كل جزيئة منه.
وقال لي أما تراه إذا ما عمرته بسواي ترى في كل جزيئة منه خاطفاً كاد أن يخطفك.
وقال لي خذ فقه بيتك بنعمي تتنعم به.

وقال لي إذا رأيتني في بيتك وحدي فلا تخرج منه وإذا رأيتني والسوى فغط وجهك وقلبك حتى يخرج السوى فأنك إن لم تغطها خرجت وبقي السوى وإذا بقي السوى أخرجك من بيتك إليه فلا أنا ولا بيت.

وقال لي حكومة خروجي من بيتك أخرجتك.
وقال لي لا تحجبني عن بيتك فانك إن أقمتني على بابه وغلقته من دوني أقمتك على كل أبواب السوى ذليلاً وأظهرت تعززهم عليك.
وقال لي وجهي قبلته وعيني بابه أقبل عليه بكلك تجده مسلماً لك.
وقال لي إذا رأيتني وحدي في بيتك فلا ضحك ولا بكاء، وإذا رأيتني والسوى فبكاء، وإذا خرج السوى فضحك نعماء.
وقال لي أنظر إلى أصناف ردي لك عن أصناف السوى أغرت عليك أم أطرحتك.
وقال لي أحفظ عينيك وكل الجميع إلي.
وقال لي إنك إن لم حفظتهما حفظت قلبك وحكومته.

وقال لي بيتك هو طريقك بيتك هو قبرك بيتك هو حشرك أنظر كيف تراه كذا ترى ما سواه.
وقال لي إذا رأيتني في بيتك وحدي فهو الحرم الآمن يؤمنك من سواي، وإذا لم ترني في بيتك فاطلبني في كل شيء فإذا رأيتني فاهجم ولا تستأذن.

وقال لي القول حجاب فناء القول غطاء فناء الغطاء خطر فناء الخطر صحة، علم ذلك يكون حقيقته لا تكون.
وقال لي أنت ضالتي فإذا أوجدتنيك فأنت حسبي.
وقال لي إذا رأيتني ولم تر اسمي فانتسب إلى عبودتي فأنت عبدي.
وقال لي إذا رأيتني ورأيت اسمي فأنا الغالب.
وقال لي إذا رأيت اسمي ولم ترني فما عملك بي ولا أنت عبدي.
وقال لي أزح عللك تراني متسوي لا ريب.
وقال لي قف بحيث أنت واعرف نفسك ولا تنس خلقك تراني مع كل شيء فإذا رأيته فألق المعية وابق لي فلا أغيب عنك.

موقف ما يبدو

أوقفني فيما يبدو فيخفي ولا يخفى فيبدو ولا معنى فيكون معنى، وقال لي قف في النار، فرأيته يعذب بها ورأيتها جنة ورأيت ما ينعم به في الجنة هو ما يعذب به في النار.
وقال لي أحد لا يفترق صمد لا ينقسم رحمن هو هو.

وقال لي قف في الأرض والسماء، فرأيت ما ينزل ما ينزل إلى الأرض مكراً وما يصعد منها شركاً ورأيت الذي يصعد هو عما ينزل ورأيت ما ينزل يدعو إلى نفسه ورأيت ما يصعد يدعو إلى نفسه.

وقال لي ينزل مطيتك وما يصعد مسيرك فأنظر ما تركب وأين تقصد.
وقال لي تنزل مسافة تصعد مسافة مسافة بعد بعد لا يحادث.
وقال لي كيف تكون عندي وأنت بين النزول والصعود.

وقال لي ما أخرجت من الأرض عينا جمعت بها علي ولا أنزلت من السماء عيناً جمعت بها علي إنما أبديت كل عين فقسمت بها عني وحجبت عني وحجبت ثم بدأت فجمعت بي وكانت هي الطرق وكانت الطرق جهة.

وقال لي قف في الجنة؛ فرأيته يجمع ما أظهر فيها من العيون كما جمع في الأرض ببدوه من وراء العيون فرأيته يبدو لا من وراء العيون فيكون الوراء ظرفاً ورأيته لا يبدو فيخفي ولا يخفى فيبدو ولا معنى فيكون معنى.

وقال لي إن أقمت في العرش فما بعده فابق فاراً، وإن أقمت في الذكر فما بعده فابق محجوباً.
وقال لي إن كان غيري ضالتك فأظفر بالحرب.
وقال لي إن كانت ضالتك تهت إلا عني وحرت إلا معي.
وقال لي انظر إلي لما جعلتك ضالتي ألم أقبل عليك.
وقال لي أنت ضالتي وأنا ضالتك وما منا من غاب.
وقال لي كلما أراك نفسه وأراك غيره به فقد ربطك به وبغيره ونفضك عنه وعن غيره.

وقال لي ما أراك سواه ولم يرك نفسه فقد مكربك، وما أراكه ولم يرك سواه رأيت كل شيء في نور نورتيه.

موقف لا تطرف

أوقفني وقال لي أظهرت كل شيء وأدرأت عنه وأدرأت به عني.
وقال لي إذا نظرت إلي أثبت كل شيء فقد آذنتك بمواصلتي.
وقال لي كل له علامة ينقسم بها وتنقسم به.
وقال لي كن بالمثبت لا يقوم لك الثبت.
وقال لي إذا كان إلي المنتهى سقط المعترض.
وقال لي لا يكون إلي المنتهى حتى تراني من وراء كل شيء.
وقال لي إثباتي لا يمتحي به ولا بي، إني أنا الحكيم المتقن على علم ما وضعت.
وقال لي انظر إلي ولا تطرف يكن ذلك أول جهادك في.
وقال لي ابن أمرك على الخوف أثبته بالهم ولا تبن أمرك على الرجاء أهدمه إذا تكامل العمل.
وقال لي إذا ذهبتك عن الأسماء أذنتك بحكومتي.

موقف وأحل المنطقة

أوقفني وقال لي إذا رأيتني كان فقرك في إجابة المسئلة.

وقال لي إذا رأيتني في بيتك وحدي فلا تخرج منه وإذا رأيتني والسوى فغط وجهك وقلبك حتى يخرج السوى فأنك إن لم تغطها خرجت وبقي السوى وإذا بقي السوى أخرجك من بيتك إليه فلا أنا ولا بيت.

وقال لي حكومة خروجي من بيتك أخرجتك.
وقال لي لا تحجبني عن بيتك فانك إن أقمتني على بابه وغلقته من دوني أقمتك على كل أبواب السوى ذليلاً وأظهرت تعززهم عليك.
وقال لي وجهي قبلته وعيني بابه أقبل عليه بكلك تجده مسلماً لك.
وقال لي إذا رأيتني وحدي في بيتك فلا ضحك ولا بكاء، وإذا رأيتني والسوى فبكاء، وإذا خرج السوى فضحك نعماء.
وقال لي أنظر إلى أصناف ردي لك عن أصناف السوى أغرت عليك أم أطرحتك.
وقال لي أحفظ عينيك وكل الجميع إلي.
وقال لي إنك إن لم حفظتهما حفظت قلبك وحكومته.

وقال لي بيتك هو طريقك بيتك هو قبرك بيتك هو حشرك أنظر كيف تراه كذا ترى ما سواه.
وقال لي إذا رأيتني في بيتك وحدي فهو الحرم الآمن يؤمنك من سواي، وإذا لم ترني في بيتك فاطلبني في كل شيء فإذا رأيتني فاهجم ولا تستأذن.

وقال لي القول حجاب فناء القول غطاء فناء الغطاء خطر فناء الخطر صحة، علم ذلك يكون حقيقته لا تكون.
وقال لي أنت ضالتي فإذا أوجدتنيك فأنت حسبي.
وقال لي إذا رأيتني ولم تر اسمي فانتسب إلى عبودتي فأنت عبدي.
وقال لي إذا رأيتني ورأيت اسمي فأنا الغالب.
وقال لي إذا رأيت اسمي ولم ترني فما عملك بي ولا أنت عبدي.
وقال لي أزح عللك تراني متسوي لا ريب.
وقال لي قف بحيث أنت واعرف نفسك ولا تنس خلقك تراني مع كل شيء فإذا رأيته فألق المعية وابق لي فلا أغيب عنك.

موقف ما يبدو

أوقفني فيما يبدو فيخفي ولا يخفى فيبدو ولا معنى فيكون معنى، وقال لي قف في النار، فرأيته يعذب بها ورأيتها جنة ورأيت ما ينعم به في الجنة هو ما يعذب به في النار.

وقال لي أحد لا يفترق صمد لا ينقسم رحمن هو هو.

وقال لي قف في الأرض والسماء، فرأيت ما ينزل ما ينزل إلى الأرض مكراً وما يصعد منها شركاً ورأيت الذي يصعد هو عما ينزل ورأيت ما ينزل يدعو إلى نفسه ورأيت ما يصعد يدعو إلى نفسه.

وقال لي ينزل مطيتك وما يصعد مسيرك فأنظر ما تركب وأين تقصد.
وقال لي تنزل مسافة تصعد مسافة مسافة بعد بعد لا يحادث.
وقال لي كيف تكون عندي وأنت بين النزول والصعود.

وقال لي ما أخرجت من الأرض عينا جمعت بها علي ولا أنزلت من السماء عيناً جمعت بها علي إنما أبديت كل عين فقسمت بها عني وحجبت عني وحجبت ثم بدأت فجمعت بي وكانت هي الطرق وكانت الطرق جهة.

وقال لي قف في الجنة؛ فرأيته يجمع ما أظهر فيها من العيون كما جمع في الأرض ببدوه من وراء العيون فرأيته يبدو لا من وراء العيون فيكون الوراء ظرفاً ورأيته لا يبدو فيخفي ولا يخفى فيبدو ولا معنى فيكون معنى.

وقال لي إن أقمت في العرش فما بعده فابق فاراً، وإن أقمت في الذكر فما بعده فابق محجوباً.
وقال لي إن كان غيري ضالتك فأظفر بالحرب.
وقال لي إن كانت ضالتك تهت إلا عني وحرت إلا معي.
وقال لي انظر إلي لما جعلتك ضالتي ألم أقبل عليك.
وقال لي أنت ضالتي وأنا ضالتك وما منا من غاب.
وقال لي كلما أراك نفسه وأراك غيره به فقد ربطك به وبغيره ونفضك عنه وعن غيره.
وقال لي ما أراك سواه ولم يرك نفسه فقد مكربك، وما أراكه ولم يرك سواه رأيت كل شيء في نور نورتيه.

موقف لا تطرف

أوقفني وقال لي أظهرت كل شيء وأدرأت عنه وأدرأت به عني.
وقال لي إذا نظرت إلي أثبت كل شيء فقد آذنتك بمواصلتي.
وقال لي كل له علامة ينقسم بها وتنقسم به.
وقال لي كن بالمثبت لا يقوم لك الثبت.
وقال لي إذا كان إلي المنتهى سقط المعترض.
وقال لي لا يكون إلي المنتهى حتى تراني من وراء كل شيء.
وقال لي إثباتي لا يمتحي به ولا بي، إني أنا الحكيم المتقن على علم ما وضعت.
وقال لي انظر إلي ولا تطرف يكن ذلك أول جهادك في.
وقال لي ابن أمرك على الخوف أثبته بالهم ولا تبن أمرك على الرجاء أهدمه إذا تكامل العمل.
وقال لي إذا ذهبتك عن الأسماء أذنتك بحكومتي.

موقف وأحل المنطقة

أوقفني وقال لي إذا رأيتني كان فقرك في إجابة المسئلة.
وقال لي شاور من لم يرني في دنياك وآخرتك واتبع من رآني ولا تشاوره.

وقال لي الاستشارة عن ضلال والمشورة هجوم، فمن رآني أين يهجم ومن أين لا يهجم.
وقال لي اصحب من لم يرني يحملك وتحمله، ولا تستصحب من رآني يقطع بك آمن ما كنت به.

وقال لي إذا رأيتني ورأيت من لم يرني فاسترني عنه بالحكمة فان لم تفعل وتاه أخذتك به، وإذا لم ترني ورأيت من رآني فاحفظ حدك فما تراني برؤيته.

وقال لي إذا رأيتني ورأيت من رآني فأنا بينكما أسمع وأجيب.
وقال لي والذين جاهدوا فينا الذين رأوني فلما غبت غطوا عيونهم غيرة أن يشركوا بي في الرؤية.
وقال لي الغيرة لا تصح أو تفنى القسمة والقسمة لا تفنى وأنا غائب.
وقال لي لنهديهم سبلنا لنكشفن لهم في كل شيء عن مواقع نظرنا فيه.
وقال لي إنما أمرنا لشيء إذا أردناه بالإرادة نشهده المعرفة فإذا عرف قلنا له كن فيكون إجابة.

موقف كدت لا أواخذه

أوقفني وقال لي أسرع شيء عقوبة القلب.
وقال لي كدت لا أغفر له وكدت لا أواخذه.
وقال لي إن جعلت لغيري عليك مطالبة أشركت بي فاهرب هربين هرباً من الغريم وهرباً من يدي.
وقال لي إن جعلت لك معي مطالبة فقد سويت بي.
وقال لي أنا باد لا للبدو ولا لنفيه ولا لأرى ولا لأن لا أرى ولا لما ينعطف عليه لام علة باد ليس فيه إلا باد.
وقال لي أنا غيب لا عما ولا عن ولا عن ولا لم ولا لأن ولا في ولا فيما ولا بما ولا مستودعية ولا ضدية.
وقال لي أنا في كل شيء بلا اينية فيه ولا حيثية منه ولا محلية منفصلة ولا متصلة ولست فيها ولا هو في وأنا أبدو لك فأفنى منك ما تتعلق به من المعرفة وأبقى لك ما تتعلق به من العلم فأنا الواقف بينك وبينها بنوري فتجد سلطانه عليك بها أو بك.
وقال لي القلب الذي يراني محل البلاء.
وقال لي ما سلمت إلي شيئاً فأذللته لشيء.
وقال لي الغير كله طريق الغير.
وقال لي إذا رأيتني كان بلاؤك بعدد كل شيء وكان كل شيء بلاءك.
وقال لي يا من بلاؤه كل شيء صرفت البلاء عنك بالعافية والعافية داخلة في الشيئية والشيئية بلاء والبلاء والعافية إذا رأيتني عليك سواء فأيهما أصرف والصرف بلاء.
وقال لي إذا رأيتني فلا عافية إلا في نظرك إلي وهو بلاء لأن نظرك ضدية غضك والضدية بلاء.
وقال لي حجابي البلاء وحجابك البلاء، حرق حجابي حجابك فأزاله الحرق فخرجت من بلائك إلى بلائي.
وقال لي انتقب بي كما انتقبت بك تسري إلي كل عين فلا ترى عندي سواك وتسري إليك فإذا إليك فإذا سرت فلا ترى عندك سواي.

موقف لي أعزاء

أوقفني وقال لي ما صرفت عنك عن الحجاب؛ الآخرة أكثر وأعظم مما صرفته عنك من الحجاب بالدنيا.
وقال لي وعزتي إن لي أعزاء لا يأكلون في غيبتي ولا يشربون ولا ينامون ولا ينصرفون.
وقال لي من يجيرك مني إن قلت ما لا أراد به فاحذر فلا أغفره.
وقال لي فرق بين غبت عنه ليعتذر وبين من غبت عنه لينتظر.
وقال لي فارقت المنتظر وطالعت المعتذر.
وقال لي أنا وعزتي ضيف أعزائي إذا رأوني أفرشوني أسرارهم وحجبوا عني قلوبهم وأخدموني اختيارهم.
وقال لي وعزتي لي أعزاء ما لهم عيون فيكون لهم دموع، ولا لهم إقبال فيكون لهم رجوع.
وقال لي بي أعزاء ما لهم دنيا فتكون لهم أخرة.
وقال لي الآخرة أجر لصاحب دنيا بالحق.
وقال لي إن أعزاء لا يرون إلا لي وأعزاء لا يرون إلا بي لفرق ما بينهم أبعد من البعد إلى القرب.
وقال لي أدرك أعزائي بي كل شيء وكم يحصل أوليائي لي كل شيء.
وقال لي استشرني في مطالبك أقطع ما يتعلق بالمطالب منك.

موقف ما تصنع بالمسئلة

أوقفني وقال لي إن عبدتني لأجل شيء أشركت بي.
وقال لي كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة.
وقال لي العبارة ستر فكيف ما ندبت إليه.
وقال لي إذا لم أسو وصفك وقلبك إلا على رؤيتي فما تصنع بالمسئلة، أتسألني أن أسفر وقد أسفرت أم تسألني أن أحتجب فإلى من تفيض.
وقال لي إذا رأيتني لم يبق لك إلا مسئلتان تسألني في غيبتي حفظك على رؤيتي وتسألني في الرؤية أن تقول للشيء كن فيكون.
وقال لي ثالثة لهما إلا من العدو.
وقال لي أبحتك قصد مسئلتي في غيبتي وحرمت عليك مسئلتي مع رؤيتي في حال رؤيتي.
وقال لي إن كنت حاسباً فاحسب الرؤية من الغيبة فأيهما غلبت حكمه في المسئلة.
وقال لي شاور من لم يرني في دنياك وآخرتك واتبع من رآني ولا تشاوره.
وقال لي الاستشارة عن ضلال والمشورة هجوم، فمن رآني أين يهجم ومن أين لا يهجم.
وقال لي اصحب من لم يرني يحملك وتحمله، ولا تستصحب من رآني يقطع بك آمن ما كنت به.
وقال لي إذا رأيتني ورأيت من لم يرني فاسترني عنه بالحكمة فان لم تفعل وتاه أخذتك به، وإذا لم ترني ورأيت من رآني فاحفظ حدك فما تراني برؤيته.
وقال لي إذا رأيتني ورأيت من رآني فأنا بينكما أسمع وأجيب.
وقال لي والذين جاهدوا فينا الذين رأوني فلما غبت غطوا عيونهم غيرة أن يشركوا بي في الرؤية.
وقال لي الغيرة لا تصح أو تفنى القسمة والقسمة لا تفنى وأنا غائب.
وقال لي لنهديهم سبلنا لنكشفن لهم في كل شيء عن مواقع نظرنا فيه.
وقال لي إنما أمرنا لشيء إذا أردناه بالإرادة نشهده المعرفة فإذا عرف قلنا له كن فيكون إجابة.

موقف كدت لا أواخذه

أوقفني وقال لي أسرع شيء عقوبة القلب.
وقال لي كدت لا أغفر له وكدت لا أواخذه.
وقال لي إن جعلت لغيري عليك مطالبة أشركت بي فاهرب هربين هرباً من الغريم وهرباً من يدي.
وقال لي إن جعلت لك معي مطالبة فقد سويت بي.
وقال لي أنا باد لا للبدو ولا لنفيه ولا لأرى ولا لأن لا أرى ولا لما ينعطف عليه لام علة باد ليس فيه إلا باد.
وقال لي أنا غيب لا عما ولا عن ولا عن ولا لم ولا لأن ولا في ولا فيما ولا بما ولا مستودعية ولا ضدية.
وقال لي أنا في كل شيء بلا اينية فيه ولا حيثية منه ولا محلية منفصلة ولا متصلة ولست فيها ولا هو في وأنا أبدو لك فأفنى منك ما تتعلق به من المعرفة وأبقى لك ما تتعلق به من العلم فأنا الواقف بينك وبينها بنوري فتجد سلطانه عليك بها أو بك.
وقال لي القلب الذي يراني محل البلاء.
وقال لي ما سلمت إلي شيئاً فأذللته لشيء.
وقال لي الغير كله طريق الغير.
وقال لي إذا رأيتني كان بلاؤك بعدد كل شيء وكان كل شيء بلاءك.
وقال لي يا من بلاؤه كل شيء صرفت البلاء عنك بالعافية والعافية داخلة في الشيئية والشيئية بلاء والبلاء والعافية إذا رأيتني عليك سواء فأيهما أصرف والصرف بلاء.
وقال لي إذا رأيتني فلا عافية إلا في نظرك إلي وهو بلاء لأن نظرك ضدية غضك والضدية بلاء.
وقال لي حجابي البلاء وحجابك البلاء، حرق حجابي حجابك فأزاله الحرق فخرجت من بلائك إلى بلائي.
وقال لي انتقب بي كما انتقبت بك تسري إلي كل عين فلا ترى عندي سواك وتسري إليك فإذا إليك فإذا سرت فلا ترى عندك سواي.

موقف لي أعزاء

أوقفني وقال لي ما صرفت عنك عن الحجاب؛ الآخرة أكثر وأعظم مما صرفته عنك من الحجاب بالدنيا.
وقال لي وعزتي إن لي أعزاء لا يأكلون في غيبتي ولا يشربون ولا ينامون ولا ينصرفون.
وقال لي من يجيرك مني إن قلت ما لا أراد به فاحذر فلا أغفره.
وقال لي فرق بين غبت عنه ليعتذر وبين من غبت عنه لينتظر.
وقال لي فارقت المنتظر وطالعت المعتذر.
وقال لي أنا وعزتي ضيف أعزائي إذا رأوني أفرشوني أسرارهم وحجبوا عني قلوبهم وأخدموني اختيارهم.
وقال لي وعزتي لي أعزاء ما لهم عيون فيكون لهم دموع، ولا لهم إقبال فيكون لهم رجوع.
وقال لي بي أعزاء ما لهم دنيا فتكون لهم أخرة.
وقال لي الآخرة أجر لصاحب دنيا بالحق.
وقال لي إن أعزاء لا يرون إلا لي وأعزاء لا يرون إلا بي لفرق ما بينهم أبعد من البعد إلى القرب.
وقال لي أدرك أعزائي بي كل شيء وكم يحصل أوليائي لي كل شيء.
وقال لي استشرني في مطالبك أقطع ما يتعلق بالمطالب منك.

موقف ما تصنع بالمسئلة

أوقفني وقال لي إن عبدتني لأجل شيء أشركت بي.
وقال لي كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة.
وقال لي العبارة ستر فكيف ما ندبت إليه.
وقال لي إذا لم أسو وصفك وقلبك إلا على رؤيتي فما تصنع بالمسئلة، أتسألني أن أسفر وقد أسفرت أم تسألني أن أحتجب فإلى من تفيض.
وقال لي إذا رأيتني لم يبق لك إلا مسئلتان تسألني في غيبتي حفظك على رؤيتي وتسألني في الرؤية أن تقول للشيء كن فيكون.
وقال لي ثالثة لهما إلا من العدو.
وقال لي أبحتك قصد مسئلتي في غيبتي وحرمت عليك مسئلتي مع رؤيتي في حال رؤيتي.
وقال لي إن كنت حاسباً فاحسب الرؤية من الغيبة فأيهما غلبت حكمه في المسئلة.
وقال لي إذا رحمتك رأيت رفقي في طرفك إذا نظرت وفي قلبك إذا فكرت.
وقال لي قسمت لك ما لا أصرفه وصرفت عنك ما لا أقسمه لك فكن لي فيما أقسمه أصرفك عما صرفته فأصرفه.
وقال لي ما تعرفت إلى قلب إلا أفنيته عن المعارف.
وقال لي دم في التعظيم تدم في الخوف.
وقال لي من كل شيء خاصيته ولك عاتيته فعامتيه تنسب إليك وخاصيته تنسب إلي.
وقال لي كل شيء سواي يدعوك إليه بشركة وأنا أدعوك إلي وحدي.

موقف الصفح الجميل

أوقفني في الصفح الجميل وقال لي لا ترجع إلى ذكر الذنب فتذنب بذكر الرجوع.
وقال لي ذكر الذنب يستجرك إلى الوجد به، والوجد به يستجرك إلى العود فيه.
وقال لي حتى لا تجمعك إلا الأقوال، وحتى متى لا تجمعك إلا الأفعال.
وقال لي إذا اجتمعت بسواى فتفرقت ما اجتمعت.
وقال لي ما كان الرسول إليك قولاً أو فعلاً فأنت في عرضة الحجاب.
وقال لي حكم الأقوال والأفعال حكم الجدال والبلبال.
وقال لي حكم الجدال والبلبال حكم المحال والزلزال.
وقال لي إن أردت أن تعرفني فانظر إلى حجاب هو صفة وانظر إلى كشف هو صفة.
وقال لي لا تقف في رؤيتي حتى تخرج من الخوف والمحروف.
وقال لي لا تجمع بين حرفين ي قول ولا عقد إلا بي، ولا تفرق بين حرفين في قول ولا عقد إلا بي، يجتمع ما جمعت ويفترق ما فرقت.
وقال لي إذا قلت للشيء كن فيكون نقلتك إلى النعيم بلا واسطة.
وقال لي أطعني لأني أنا الله لا إله إلا هو أنا أجعلك تقول للشيء كن فيكون.
وقال لي إن جمعتك الأقوال فلا قرب، وإن جمعتك الأفعال فلا حب.
وقال لي اجتمع بي تجتمع بمجتمع كل مجتمع وتستمع بمستمع كل مستمع فتحوي سواك فتخبر عنه ولا يحويك سواك فيخبر عنك.
وقال لي قرب هو صفة بعد هو صفة حجاب هو صفة كشف هو صفة.
وقال لي قف من وراء الكون، فرأيت الكون فسألت الكون فجهل الكون فسألت الجهل فجهل الجهل.

وقال لي القوة في وجد الجهل الدائم والعزم في القوة والصبر في العزم والثبات في الصبر والمعرفة في الثبات وهو مسكنها.

وقال لي انظر الشاهد الذي أنت به في الغيبة هو الشاهد الذي أنت به في الذمة.
وقال لي أكلت من يدي لم تطعك جوارحك في معصيتي.
وقال لي إنما تطيع كل جارحة من يأكل من يده.
وقال لي الشاهد الذي به تلبس هو الشاهد الذي به تنزع.
وقال لي الشاهد الذي تستقر هو الشاهد الذي فيه تستقر.
وقال لي الشاهد الذي به تعلم هو الشاهد الذي به تعمل.
وقال لي الشاهد الذي به تنام هو الشاهد الذي به تموت والشاهد الذي به تستيقظ هو الشاهد الذي تبعث به.
وقال لي لا يجري عليك في نومك إلا حكم ما نمت به، ولا يجري عليك في موتك إلا حكم ما مت به.
وقال لي رد علي كل شيء أرد عليك في كل شيء.
وقال لي اذكرني في كل شيء أذكرك في كل شيء.

موقف ما لا ينقال

أوقفني في ما لا ينقال وقال لي به تجتمع فيما ينقال.
وقال لي إن لم تشهد ما لا ينقال تشتت بما ينقال.

وقال لي ما ينقال يصرفك إلى القولية والقولية قول والقول حرف والحرف تصريف، وما لا ينقال يشهدك في كل شيء تعرفي إليه ويشهدك من كل شيء مواضع معرفته.

وقال لي العبارة ميل فإذا شهدت ما لا يتغير لم تمل.
وقال لي القول يصرف إلى الوجد والتواجد بالقول يصرف إلى المواجيد بالمقولات.
وقال لي المواجيد بالمقولات كفر على حكم التعريف.
وقال لي لا تسمع في من الحرف ولا تأخذ خبري عن الحرف.
وقال لي الحرف يعجز أن يخبر عن نفسه فكيف يخبر عني.
وقال لي أنا جاعل الحرف والمخبر عنه.
وقال لي أنا المخبر عني لمن أشاء أن أخبره.
وقال لي لإخباري علامة بإشهاد لا توجد بسواه ولا يبدو إخباري إلا فيه.
وقال لي لا تزال تكتب ما دمت تحسب فإذا لم تحسب لم تكتب.

وقال لي إذا لم تحسب ولم تكتب ضربت لك بسهم في الأمية لأن النبي الأمي لا يكتب ولا يحسب.

وقال لي لا تكتب ولا تهم، ولا تحسب ولا تطالع.
وقال لي الهم يكتب الحق والباطل، والمطالعة تحسب الآخذ والترك.
وقال لي ليس مني ولا من نسبتي من كتب الحق والباطل وحسب الآخذ والترك.
وقال لي كل كاتب يقرأ كتابته وكل قارئ يحسب قراءته.
موقف اسمع عهد ولايتك
وقال لي إذا رحمتك رأيت رفقي في طرفك إذا نظرت وفي قلبك إذا فكرت.
وقال لي قسمت لك ما لا أصرفه وصرفت عنك ما لا أقسمه لك فكن لي فيما أقسمه أصرفك عما صرفته فأصرفه.
وقال لي ما تعرفت إلى قلب إلا أفنيته عن المعارف.
وقال لي دم في التعظيم تدم في الخوف.
وقال لي من كل شيء خاصيته ولك عاتيته فعامتيه تنسب إليك وخاصيته تنسب إلي.
وقال لي كل شيء سواي يدعوك إليه بشركة وأنا أدعوك إلي وحدي.

موقف الصفح الجميل

أوقفني في الصفح الجميل وقال لي لا ترجع إلى ذكر الذنب فتذنب بذكر الرجوع.
وقال لي ذكر الذنب يستجرك إلى الوجد به، والوجد به يستجرك إلى العود فيه.
وقال لي حتى لا تجمعك إلا الأقوال، وحتى متى لا تجمعك إلا الأفعال.
وقال لي إذا اجتمعت بسواى فتفرقت ما اجتمعت.
وقال لي ما كان الرسول إليك قولاً أو فعلاً فأنت في عرضة الحجاب.
وقال لي حكم الأقوال والأفعال حكم الجدال والبلبال.
وقال لي حكم الجدال والبلبال حكم المحال والزلزال.
وقال لي إن أردت أن تعرفني فانظر إلى حجاب هو صفة وانظر إلى كشف هو صفة.
وقال لي لا تقف في رؤيتي حتى تخرج من الخوف والمحروف.
وقال لي لا تجمع بين حرفين ي قول ولا عقد إلا بي، ولا تفرق بين حرفين في قول ولا عقد إلا بي، يجتمع ما جمعت ويفترق ما فرقت.
وقال لي إذا قلت للشيء كن فيكون نقلتك إلى النعيم بلا واسطة.
وقال لي أطعني لأني أنا الله لا إله إلا هو أنا أجعلك تقول للشيء كن فيكون.
وقال لي إن جمعتك الأقوال فلا قرب، وإن جمعتك الأفعال فلا حب.
وقال لي اجتمع بي تجتمع بمجتمع كل مجتمع وتستمع بمستمع كل مستمع فتحوي سواك فتخبر عنه ولا يحويك سواك فيخبر عنك.
وقال لي قرب هو صفة بعد هو صفة حجاب هو صفة كشف هو صفة.

وقال لي قف من وراء الكون، فرأيت الكون فسألت الكون فجهل الكون فسألت الجهل فجهل الجهل.

وقال لي القوة في وجد الجهل الدائم والعزم في القوة والصبر في العزم والثبات في الصبر والمعرفة في الثبات وهو مسكنها.
وقال لي انظر الشاهد الذي أنت به في الغيبة هو الشاهد الذي أنت به في الذمة.
وقال لي أكلت من يدي لم تطعك جوارحك في معصيتي.
وقال لي إنما تطيع كل جارحة من يأكل من يده.
وقال لي الشاهد الذي به تلبس هو الشاهد الذي به تنزع.
وقال لي الشاهد الذي تستقر هو الشاهد الذي فيه تستقر.
وقال لي الشاهد الذي به تعلم هو الشاهد الذي به تعمل.
وقال لي الشاهد الذي به تنام هو الشاهد الذي به تموت والشاهد الذي به تستيقظ هو الشاهد الذي تبعث به.
وقال لي لا يجري عليك في نومك إلا حكم ما نمت به، ولا يجري عليك في موتك إلا حكم ما مت به.
وقال لي رد علي كل شيء أرد عليك في كل شيء.
وقال لي اذكرني في كل شيء أذكرك في كل شيء.

موقف ما لا ينقال

أوقفني في ما لا ينقال وقال لي به تجتمع فيما ينقال.
وقال لي إن لم تشهد ما لا ينقال تشتت بما ينقال.
وقال لي ما ينقال يصرفك إلى القولية والقولية قول والقول حرف والحرف تصريف، وما لا ينقال يشهدك في كل شيء تعرفي إليه ويشهدك من كل شيء مواضع معرفته.
وقال لي العبارة ميل فإذا شهدت ما لا يتغير لم تمل.
وقال لي القول يصرف إلى الوجد والتواجد بالقول يصرف إلى المواجيد بالمقولات.
وقال لي المواجيد بالمقولات كفر على حكم التعريف.
وقال لي لا تسمع في من الحرف ولا تأخذ خبري عن الحرف.
وقال لي الحرف يعجز أن يخبر عن نفسه فكيف يخبر عني.
وقال لي أنا جاعل الحرف والمخبر عنه.
وقال لي أنا المخبر عني لمن أشاء أن أخبره.
وقال لي لإخباري علامة بإشهاد لا توجد بسواه ولا يبدو إخباري إلا فيه.
وقال لي لا تزال تكتب ما دمت تحسب فإذا لم تحسب لم تكتب.
وقال لي إذا لم تحسب ولم تكتب ضربت لك بسهم في الأمية لأن النبي الأمي لا يكتب ولا يحسب.
وقال لي لا تكتب ولا تهم، ولا تحسب ولا تطالع.
وقال لي الهم يكتب الحق والباطل، والمطالعة تحسب الآخذ والترك.
وقال لي ليس مني ولا من نسبتي من كتب الحق والباطل وحسب الآخذ والترك.
وقال لي كل كاتب يقرأ كتابته وكل قارئ يحسب قراءته.

موقف اسمع عهد ولايتك

وقال لي من لم يستقر في الجهل لم يستقر في العلم.
وقال لي الجهل وراء المواقف فمن أدرك علوم المواقف.
وقال لي اختم علمك بالجهل وإلا هلكت به، واختم عملك بالعلم وإلا هلكت به.
وقال لي كلما على التراب من التراب فانظر إلى التراب تذهب عما هو منه وترما قلبه عن عينه في مرآى العيون لعينه فلا تخطفك عيونه.
وقال لي اتخذ أعواناً لتقلب فإذا لم تنقلب عينك فلا أعوان.

وقال لي لا يكون لا أعوان حتى يكون لا زمان ولا يكون لا زمان حتى يكون لا أعيان ولا يكون لا أعيان حتى لا تراها وتراني.

وقال لي إذا حزنك أمر فالباب فإن حزنك في الباب فالوقفة فإن حزنك في الوقفة فالوقفة.
وقال لي الوقفة هي مقامك مني وكذلك وقفة كل عبد هي مقامه مني.
وقال لي خاطب من خاطبت بمبلغه الذي يحب أن يذكرني فيه فهي حاله التي عليها ما يقر.
وقال لي لها من خاطبته برغبته وانقطع من خاطبته برهبته واتصل من خاطبته بمبلغه.
وقال لي إن كان النعت مبلغاً فهو مبلغ لا نعت، وإن كان النعت لا مبلغ فهو نعت.
وقال لي المبلغ منتهى النسب والنسب منتهى السبب.
وقال لي دام النسب ما دام السبب ودام السبب ما دام الطلب ودام الطلب ما دمت ودمت ما لم ترني فإذا رأيتني لا أنت وإذا لا أنت لا طلب وإذ لا طلب لا سبب وإذ لا سبب لا نسب لا حد وإذ لا حد لا حجبة.
وقال لي المعرفة التي ما فيها جهل هي المعرفة التي ما فيها معرفة.
وقال لي العلم الرباني لا يتعلق بالعبودية ولا تستقر عليه.
وقال لي اعرف المعرفة تعرف المعرفة، اعرفني تعرف بي، ولن تعرفني حتى لا إلا ما تعرف ولن تجهلني حتى لا إلا ما تجهل فلا أنا ما عرفت ولا أنا ما جهلت.
وقال لي المعرفة من كل شيء حدك الكل من كل كلية حدك الحد من كل حدية منتهاك الجزء من كل جزئية تقلبك.
وقال لي إن بقيت للباطن عليك إمرة فقد بقيت للظاهر عليك فتنة.
وقال لي إذا نفيت ما سواي لقيتني بعدد ما خلقت حسنات.
وقال لي ما كل من نفى سواي رآني ومن رآني فقد نفى ما سواي.
وقال لي لا تكون عبدي حتى أدعوك بلساني إلى السوى فتجيب الدعاء وتنفى السوى.
وقال لي أنت عبد السوى ما رأيت له أثراً.
وقال لي أثر كل شيء حكمه.
وقال لي إذا لم تر للسوى أثراً لم تتعبد له.
وقال لي لا تبع ما عرفتني فيه من حالك بما لم تعرفه.
وقال لي هيمنت الرؤية على المعرفة كما هيمنت المعرفة على العلم.
وقال لي إن أثبت السوى ومحوته فمحوك له إثبات.
وقال لي من رآني شهد أن الشيء لي ومن شهد أن الشيء لي لم يرتبط به.
وقال لي ما ارتبطت بشيء حتى تراه لك من وجه، ولو رأيته لي من كل وجه لم ترتبط به.
وقال لي من لم يرني رأى الشيء لي ولم يشهده لي، وما كل من رآني شهد ما رأى.
وقال لي الشهادة أن تعرف وقد ترى ولا تعرف.

موقف الدلالة

أوقفني في الدلالة وقال لي المعرفة بلاء الخلق خصوصه وعمومه وفي الجهل نجاة الخلق خصوصه وعمومه.
وقال لي معرفة لا جهل فيها لا تبدو، جهل لا معرفة فيه لا يبدو.
وقال لي أدني ما يبقى من المعرفة اسم البادي.
وقال لي عرفني إلى من يعرفني يراني عندك فيسمع مني، ولا تعرفني إلى من لا يعرفني يراك ولا يراني فلا يسمع مني وينكرني.
وقال لي إذا عرفت من تسمع منه عرفت ما تسمع.
وقال لي لن تعرف من تسمع منه حتى يتعرف إليك بلا نطق.
وقال لي إذا تعرف إليك بلا نطق تعرف إليك بمعناه فلم تمل في معرفته.
وقال لي أنكرتني كل معرفة لم أشهدها أنني جاعلها، وهربت إلي كل سريرة لم أشهدها أنني مطالبها.
وقال لي خوف كل عارف بقدر ما استأثرت معرفته بنفعه في معرفته.
وقال لي كل أحد تضره معرفته إلا العارف الذي وقف بي في معرفته.
وقال لي إن عرفتني بمعرفة أنكرتني من حيث عرفتني.
وقال لي إذا ذكرتني عند الواقف فلا تصفني يطلع عليك ما استودعته من أنواري.
وقال لي أطرد عني كل من لم يرني تظفر بالحيوة بين يدي.
وقال لي من سألك عني فسله عن نفسه فإن عرفها فعرفني إليه وإن لم يعرفها فلا تعرفني إليه فقد غلقت بابي دونه.
وقال لي المعارف المتعلقة بالسوى نكر في المعارف التي لا تتعلق به.
وقال لي لو أحبني الجاهل لعفوي عما جهل ولو أحبني العالم لجودي عليه بما علم فالجاهل يعلم عفوي ولا يشهده فيحبني بإشهاده والعالم يعلم عطائي وجودي ويشهد في جريرته مواقع عفوي فيحبني لما شهد.
وقال لي من أحببته أشهدته فلما شهد أحب.
وقال لي المعرفة نار كل المحبة لأنها تشهدك حقيقة الغنى عنك.
وقال لي الوقفة نار تأكل المعرفة لأنها تشهدك المعرفة سوى.
وقال لي الشهوة نار تأكل الوقار ولا طمأنينة إلا فيه ولا معرفة إلا في طمأنينة.
وقال لي الهوى يأكل ما دخل فيه.
وقال لي الجزاء مادة الصبر إن انقطعت عنه انقطع.
وقال لي الصبر مادة القنوع إن انقطعت عنه انقطع.
وقال لي القنوع مادة العز إن انقطعت عنه انقطع.
وقال لي سرت الدلالة إلا إلي فلا دليل يعلم ولا مدلول يسلك.
وقال لي الدال كالطالب فانظر على ماذا تدل فإنك طالبه وبطلبك آخذ.
وقال لي الخوف مصحوب المعرفة وإلا فسدت، والرجاء مصحوب الخوف وإلا قطع.
وقال لي مصحوب كل شيء غالب حكمه وحكم كل شيء راجع إلى معنويته ومعنوية كل شيء ناطقة عنه ونطق كل شيء حجابة إذا نطق.
وقال لي المعرفة الصمتية تحكم والمعرفة النطقية تدعو.
وقال لي الحكم كفاية والدعاء تكليف.
وقال لي اردد إلى كل قلب ينصح لي في الموعظة.
وقال لي إن رددت القلوب إلى الذكرى فما رددتها إلي.
وقال لي أنا العزيز الذي لا يهجم عليه بذكره ولا يطلع عليه بتسميته.
وقال لي أنا القريب الذي لا يحسه العلم، وأنا البعيد الذي لا يدركه العلم.

موقف حقه

أوقفني في حقه وقال لي لو جعلته بحراً تعلقت بالمركب فإن ذهبت عنه بإذهابي فبالسير فإن علوت عن السير فبالساحلين فإن طرحت الساحلين فبالتسمية حق وبحر وكل تسميتن تدعوان والسمع يتيه في لغتين فلا على حقي حصلت ولا على البحر سرت، فرأيت الشعاشع ظلمات والمياه حجراً صلداً.

وقال لي من لم ير هذا فما وجب عليه حقي ومن رآه فقد وجب عليه حقي ومن عليه فكلم سواي كفر والحد كله حجاب لا أظهر من ورائه وليس في رؤية حقي إلا رؤيته، فرأيت ما لا يتغير فأعطاني حكماً يتغير فرأيت كل شيء خلق.

وقال لي لا تستثن، فما هو بقي خلق وانقسمت الرؤية عينية وعلمية فإذا هو كله لا يتحرك ولا يتكلم.
وقال لي كيف رأيته من قبل رؤية حقي، فقلت يتحرك ويتكلم، فقال لي اعرف الفرق لئلا تتيه.
وعرج بي عن حقه فلم أر شيئاً، فقال لي رأيت كل شيء وأطاعك كل شيء ورؤيتك كل شيء بلاء وطاعة كل شيء لك بلاء.
وعرج بي عن ذلك كله.
وقال لي كله لا أنظر إليه ولا يصلح لي.

موقف بحر

أوقفني في بحر ولم يسمه وقال لي لا اسميه لأنك لي لا له وإذا عرفتك سواي فأنت أجهل الجاهلين، والكون كله سواي فما دعا إلي لا إليه فهو مني فإن أجبته عذبتك ولم أقبل ما تجيء به، وليس لي منك بد وحاجتي كلها عندك فاطلب مني الخبز والقميص فإني أفرح وجالسني أسرك ولا يسرك غيري، وانظر إلي فإني ما أنظر إلا إليك، وإذا جئتني بهذا كله وقلت لك إنه صحيح فما أنت مني ولا أنا منك.

موقف هو ذا تنصرف

أوقفني بين يديه وقال لي هل ترى غيري، قلت لا، قال فانظر إلي.
فنظرت إليه يخفض القسط ويرفعه ويتولى كل شيء هو وحده.

وقال لي لا تراني إلا بين يدي وهو ذا تنصرف وترى غيري ولا تراني فإذا رأيته فلا تجحده واحفظ وصيتي فإنك إن ضيعتها كفرت، وإذا قال لك أنا فصدقه فقد صدقته وإذا قال لك هو فكذبة فإني قد كذبته.

موقف الفقه وقلب العين

أوقفني وقال لي ما أنت قريب ولا بعيد ولا غائب ولا حاضر ولا أنت حي ولا ميت فاسمع وصيتي وإذا سميتك فلا تتسم وإذا حليتك فلا تتحل ولا تذكرني فإنك إن ذكرتني أنسيتك ذكرى، وكشف لي عن وجه كل شيء فرأيته متعلقاً بوجهه وعن ظهر كل شيء فرأيته متعلقاً بأمره ونهيه.

وقال لي انظر إلى وجهي، فنظرت.
فقال ليس غيري، فقلت ليس غيرك.
وقال لي انظر إلى وجهك، فنظرت.

فقال ليس غيرك، فقلت ليس غيري، فقال أخرج فأنت الفقيه، فخرجت أسعى في الفقه وصح لي قلب العين فقلبتها بالفقه وجئت بها إليه، فقال لا انظر إلى مصنوع.

موقف نور

أوقفني في نور وقال لي لا أقبضه ولا أبسطه ولا أطويه ولا أنشره ولا أخفيه ولا أظهره، وقال يا نور انقبض وانبسط وانطو وانتشر وأخف وأظهر، فانقبض وأنبسط وانطوى وانتشر وخفى وظهر، ورأيت حقيقة لا أقبض وحقيقة يا نور انقبض.

وقال لي ليس أكثر من هذه العبارة، فانصرف فرأيت طلب رضاه معصيته، فقال لي أطعني فإذا أطعتني فما أطعتني ولا أطاعني أحد، فرأيت الوحدانية الحقيقية والقدرة الحقيقية، فقال غض عن هذا كله وانظر إليك وإذا نظرت إليك لم أرض وأنا أغفر ولا أبالي.

موقف بين يديه

أوقفني بين يديه وقال لي ما رضيتك لشيء ولا رضيت لك شيئاً، سبحانك أنا أسبحك فلا تسبحني وأنا أفعلك وأفعلك فكيف تفعلني.

فرأيت الأنوار ظلمة والاستغفار مناوأة والطريق كله لا ينفذ، فقال لي سبحك وقدسك وعظمك وغطك عني ولا تبرزك فإنك إن برزت لي أحرقتك وتغطيت عنك.

وقال لي أكشفك لي ولا تغطك فإنك إن تغطيت هتكتك وإن هتكتك لم أسترك فتغطيت ولم أبرز وتكشفت ولم أتغط، فرأيته يرضى ما لا يرضى ولا يرضى ما يرضى، فقال إن أسلمت ألحدت وإن طالبت أسلمت، فرأيته فعرفته ورأيت نفسي فعرفتها، فقال لي أفلحت وإذا جئت إلي فلا يكن معك من هذا كله شيء لأنك لا تعرفني ولا تعرفك.

موقف من أنت ومن أنا

أوقفني وقال لي من أنت ومن أنا، فرأيت الشمس والقمر والنجوم وجميع الأنوار.
وقال لي ما بقي نور في مجري بحري إلا وقد رأيته، وجاءني كل شيء حتى لم يبق شيء فقبل بين عيني وسلم علي ووقف في الظل.

وقال لي تعرفني ولا أعرفك، فرأيته كله يتعلق بثوبي ولا يتعلق بي، وقال هذه عبادتي، ومال ثوبي وما ملت فلما مال ثوبي قال لي من أنا، فكسفت الشمس والقمر وسقطت النجوم وخمدت الأنوار وغشيت الظلمة كل شيء سواه ولم تر عيني ولم تسمع أذني وبطل حسي، ونطق كل شيء فقال الله أكبر، وجاءني كل شيء وفي يده حربة، فقال لي اهرب، فقلت إلى أين، فقال قع في الظلمة، فوقعت في الظلمة فأبصرت نفسي، فقال لي لا تبصر غيرك أبداً ولا تخرج من الظلمة أبداً فإذا أخرجتك منها أريتك نفسي فرأيتني وإذا رأيتني فأنت أبعد الأبعدين.

موقف العظمة

أوقفني في العظمة وقال لي لا يستحق أن يغضب غيري فلا تغضب أنت فإنك إن تغضب وأنا لا أغضب فإن غضبت أذللتك لأن العزة لي وحدي، فرأيت كل شيء قد دخل إلى الغضب.

وقال لي انظر كيف أخرجتك منه، فأخرجه فلم أر إلا الحجة وحدها، فقال رأيت الصحيح.
وأوقفني في الرحمانية فقال لا يستحق الرضا غيري فلا ترض أنت فإنك إن رضيت محقتك، فرأيت كل شيء ينبت ويطول كما ينبت الزرع ويشر الماء كما يشربه وطال حتى جاوز العرش.

وقال لي أنه يطول أكثر مما طال وإنني لا أحصده، وجاءت الريح فعبرته فلم تتخلله وجاءت السحاب فأمطرت على العود وأنبل الورق فاخضر العود واصفر الورق، فرأيت كل متعلق منقطعاً وكل معلق مختلفاً.

وقال لي لا تسألني فيما رأيت فإنك غير محتاج ولو أحوجتك ما أريتك ولا تقعد في المزبلة فتهر عليك الكلاب واقعد في القصر المصون وسد الأبواب ولا يكون معك غيرك وإن طلعت الشمس أو طار طائر فاستر وجهك عنه فإنك إن رأيت غيري عبدته وإن رآك غيري عبدك وإذا جئت إلي فهات الكل معك وإلا لم أقبلك فإذا جئت به رددته عليك ولا تنفعك شفاعة الشافعين.

موقف التيه

أوقفني في التيه فرأيت المحاج كلها تحت الأرض وقال لي ليس فوق الأرض محجة، ورأيت الناس كلهم فوق الأرض والمحجات كلها فارغة ورأيت من ينظر إلى السماء لا يبرح من فوق الأرض ومن ينظر إلى الأرض ينزل إلى المحجة ويمشي فيها.

وقال لي من لم يمش في المحجة لم يهتد إلي.
وقال لي قد عرفت مكاني فلا تدل علي، فرأيته قد حجب كل شيء وأوصل كل شيء.

وقال لي اصحب المحجوب وفارق الموصول وادخل علي بغير إذن فإنك إن استأذنت حجبتك وإذا دخلت إلي فاخرج بغير إذن فإنك إن استأذنت حبستك، فرأيت كلما أظهر إبرة وكلما أستر خيطاً.

وقال لي اقعد في ثقب الإبرة ولا تبرح وإذا دخل الخيط في الإبرة فلا تمسكه وإذا خرج فلا تمده وافرح فإني لا أحب إلا الفرحان، وقل لهم قبلني وحدي وردكم كلكم فإذا جاؤوا معك قبلتهم ورددتك وإذا تخلفوا عذرتهم ولمتك، فرأيت الناس كلهم براء.

وقال لي أنت صاحبي فإن لم تجدني فاطلبني عند أشهدهم علي تمرداً وإذا وجدتني فلا تعصه وإن لم تجدني فاضربه بالسيف ولا تقتله فأطالبك به، وخل بيني وبينك ولا تخل بيني وبين الناس وخاصمني وتوكل لهم علي فإذا أعطيتك ما تريد فاجعله قرباناً للنار، وقف في ظل فقير من الفقراء فسله أن يسألني ولا تسألني أنت فأمنع غيرك بمسئلتك فتكون ضداً لي وأخذلك، فرأيت طرح كل شيء الفوز.

وقال لي إن طرحت أفلست وأنا لا أحب إلا الأغنياء ولا أكره إلا الفقراء فلا أرى معك غنياً ولا فقيراً فإني لا أنظر إلى الأنواع.

موقف الحجاب

أوقفني في الحجاب فرأيته قد احتجب عن طائفة بنفسه واحتجب عن طائفة بخلقه، وقال لي ما بقي حجاب، فرأيت العيون كلها تنظر إلى وجهه شاخصة فتراه في كل شيء قد احتجب به وإذا أطرقت رأته فيها.

وقال لي رأوني وحجبتهم برؤيتهم إياي عني.
وقال لي ما سمعوا مني قط ولو سمعوا ما قالوا لا.
وقال لي ادخل السوق وإلا كفرت وافتقرت.
وقال لي ادخل السوق فناد ولا تعقد تاجراً.
وقال لي إذا أخذت أجرتك فلا تنفق منها شيئاً.
وقال لي ما جلست قط على الطريق.
وقال لي المماليك في الجنة والأحرار في النار.
وقال لي دور الجنة كلها حمامات.
وقال لي هذا كله لا يرى إلا عندي.
وقال لي إن لم تجالس إلا نفسك جالستك.
وقال لي تموت ولا يموت ذكرى لك.
وقال لي ليس من عرفني منك كمن لم يعرفني.
وقال لي استعذ بي من شر ما يعرفني منك.
وقال لي كلك يعرفني وليس كلك يجحدني.
وقال لي كرهت لك الموت فكرهته ألا أكره لأحبائي أن يفارقونني وإن لم أفارقهم.
وقال لي جازف نفسك وإلا ما تفلح.
وقال لي حسابك غلظ والغلظ لا يملك به صواب.
وقال لي الحساب لا يصح إلا مني.
وقال لي من حجبته بخلقي برزت له، ومن حجبته بنفسي لم أبرز له ولم يرني.
وقال لي اطلبني في ابتداء الصلوات.
وقال لي ما ظهرت قط في خاتمة صلوة.
وقال لي اطلبني في خاتمة الصيام ولا تكاد تراني.
وقال لي هذه أوطان العامة ليس بيني وبين من بينه وبين طلب نسب.
وقال لي أنا الغنى، فرأيت الرب بلا عبد ورأيت العبد بلا رب.
وقال لي أنا الرؤوف، فرأيت الرب في وسط العبيد وقد تعلق كل واحد منهم بحجزته.
وقال لي لو أخبرتك بكل شيء كان بيننا إخبار يجمعك عليك.
وقال لي إذا كنت لي فأنت بي وإذا كنت بي فأنت لك.
وقال لي ما أنت لي في وجودك أوفى منك لي عدمك.
وقال لي هبك جئتني بما أريد ورضيت، كيف لك بعلمي بك لو بلوتك بما لم أبتلك به ماذا تكون صانعاً.
وقال لي إن لم ينعقد الحياء بهذا الرمز لم ينعقد أبداً.
وقال لي الرضا الثاني إنما هو فهم في هذا الشأن.
وقال لي خلق لا يصلح لرب بحال.

موقف الثوب

أوقفني في الثوب وقال لي إنك في كل شيء كرائحة الثوب في الثوب.
وقال لي ليس الكاف تشبيها هي حقيقة أنت لا تعرفها إلا بتشبيه.
وقال لي كلما بدا علم فهو لما بين رضوان ومالك.
وقال لي فل للمستوحش مني الوحشة منك أنا خير لك من كل شيء.
وقال لي يوم الموت يوم العرس ويوم الخلوة يوم الأنس.
وقال لي أنا ظاهر فلا تزال تراني.
وقال لي إن رأيتني فيك كما رأيتني في كل شيء قل حبك للدنيا.
وقال لي إن شغلتك بدلالة الناس علي فقد طردتك.
وقال لي أنا وشيء لا تجتمع وأنت وشيء لا تجتمع.

وقال لي إن كان مأواك القبر فرشته لك بيدي وإن كان مأواك الذكر نشرت عليك ذكرى وإن كنت أنا حسبك فما في قبر ولا ذكر ولا مسرح ولا وكر.

وقال لي إذا رأيت عدوي فقل له مصيبتك في اعتراضك عليه أعظم من مصيبتي في أخذك لي.
وقال لي أغريتك بي حيث لم أجعلك على ثقة من عمرك.
وقال لي أي عيش لك في الدنيا بعد ظهوري.
وقال لي أنظر إليك في قبرك وليس معك ما أردته ولا ما أرادك.
وقال لي إن لم تقم بك قيومية لا علم لها لم تقم بك في كل شيء.
وقال لي دع عنك كل عين وانظر إلى ما سواها.
وقال لي أنا في عين كل ناظر.
وقال لي قل لهم رجعت إليكم، فقلت أوقفني ومن قبل أن أرجع ما كان لي من قول لأنه أراني التوحيد فكنت به لا أعرف فناء ولا بقاء وأسمعني التوحيد ولم أعرف استماعه وردني بعد هذا كله كما كنت فرأيت في الرد صحيفة فأنا أقرأها عليكم.
وقال لي حصل لك كل شيء فأين غناك، فاتك كل شيء فأين فقرك.
وقال لي أعذتك من النار فأين سكونك وأظفرتك بالجنة فأين نعيمك.
وقال لي الجزء الذي يعرفني لا يصلح على غيري.
وقال لي ما بيني وبينك لا يعلم فيطلب.

موقف الوحدانية

أوقفني في الوحدانية وقال لي أظهرت كل شيء يحجب عني ولا يدل علي فحظ كل إنسان من الحجبة كحظه من التعلق.
وقال لي ذكرى أخص ما أظهرت وذكرى حجاب.
وقال لي إذا بدوت لم تر من هذا كله شيئاً.
وقال لي أقعد فوق العرش أعرض عليك، فقعدت فعرض علي فرأيت كل شيء حكومة وصف انفصلت عنه وبقي الوصف وصفاً والحكومة حكومة.

وقال لي انظر كيف عملت، وبسط يده فوق وقال ما بقي فوق، وبسط يده تحت وقال لي ما بقي تحت، ورأيت كل شيء بين البسطين والأرواح والأنوار في الفوقية والأجسام والظلم في التحتية.

وقال لي الفوقية حد لما في التحتية وليس لما في الفوقية حد.

وقال لي التحتية لا حد والفوقية لا حد وقلب الكل بأصابع التحتية وقال أنت وقلب الكل بأصابع فوقية وقال أنا وهو في الكل هو أبدى الباديات بالمعنوية وأبدى فيها العوالم الثبتية وبدا على الثبتية ففنيت وبقيت المعنوية الأحدية.

وقال لي من يظهر معي أنا أظهرت وأظهرت فيما أظهرت فما محوته محو وما أثبته ثبت والثبت محو في الحياطة.
وقال لي اسمع لسان العوالم الثبتية في المبديات المعنوية، إذا هي تقول الله الله.
وقال لي لا يسمعها من هو فيها أو في الشواهد التي هي فيها.
وقال لي مقالها ثبت وإذا بدوت عليه فني المقال هي هي في الثبت وهي البادي في البادي وهذه منزلة عامية.

وقال لي إن طاف بك ذكر شيء فأنت في الثبتية فتعبد لي واجتهد أحسبه وأجازي عليه، وإذا فنيت أذكار الأشياء فلا أنت أنت وأنت أنت وما أنا في شيء ولا خالطت شيئاً ولا حللت في شيء ولا أنا في في ولا من ولا عن ولا كيف ولا ما ينقال أنا أنا أحد فرد صمد وحدي وحدي أظهرت لا مظهر إلا أنا وأظهرت فيما أظهرت العوالم الثبتية وإذا بدوت فأفنيت الثبتية كان الإظهار لي لا لها حتى أرده إليها باللبس الوقتية والمعادن الأمنية فاحفظ حدك بين المعنوية والثبتية.

وقال لي يسوءك كل ما منك أغفره لا يسوءك كل ما مني أصرف السوء كله.
وقال لي إن التزمت ما ألزمتك بين هذين كنت ولياً.

أوقفني في الاختيار وقال لي كلهم مرضى.
وقال لي هو ذا يدخل الطب عليهم بالغداة والعشي وأخاطبهم أنا على ألسنة الطب ويعلمون أنني أنا أكلمهم ويعدون الطب بالحمية ولا يعدوني.
وقال لي كانوا في يدي فقلبتهم إلى يدي وليس أردهم إلى اليد التي كانوا فيها.
وقال لي إذا رأيت النار فقع فيها ولا تهرب فإنك إن وقعت فيها أنطقت وإن هربت منها طلبتك وأحرقتك.
وقال لي أنا أوقد النار باليد الثانية.
وقال لي لابد أن تتحرك عادة فإذا تحركت عادة فما لك أدب.
وقال لي صلوتك لما يوقفك أو يعجلك وقصدك لما يحادثك أو تحادثه.
وقال لي ما لي باب ولا طريق.
وقال لي إذا تكلمت فتكلم وإذا صمت فاصمت.
وقال لي اخرج إلى البرية الفارغة واقعد وحدك حتى أراك فإني إذا رأيتك عرجت بك من الأرض إلى السماء ولم أحتجب عنك.
وقال لي إن لم تصحبك في هذا كله دعوة عامي تهت.
وقال لي إذا كنت كما أريد في كل شيء فابك على نفسك ونادني أعوذ بك من سوء القرين.
وقال لي إذا كنت لي كما أريد في بعض الشيء فقد ركبت الخطر وإن تحرك بؤبؤ عينك ضرك.
وقال لي كلك خلق فماذا تروم، فرأيت السد قد أحاط بي ورأيته في السد يضحك، وقال هذا منزل أهلي ولا أضحك إلا فيه.

وقال لي قد جعلت لك في السد أبواباً بعدد ما خلقت وغرست على كل باب شجرة وعين ماء باردة وأظمأتك وعزتي لئن خرجت لا رددتك إلى منزل أهلي ولا سقيتك من الماء.

وقال لي نم لتراني فإنك تراني، واستيقظ لتراك فإنك لن تراني.
وقال لي إذا وجدتني عند الكذاب فلا تذكره بي، وإذا وجدتني عند المخلص فذكره بي.

وقال لي لا بد من أن أتعرف إليك وتعرفي إليك بلاء، أنا لا أزول أنا أصل البلاء أحببت فيك البلاء أظهرت لك البلاء كرهت منك البلاء معرفتك بالبلاء بلاء إنكارك للبلاء بلاء.
وقال لي اذكرني كما يذكرني الطفل وادعني كما تدعوني المرأة.

وقال لي لا تكون لي عبداً وأنت تخبر الناس بم أو بما منك فإذا جئت إلى فكأن الذي جرى كله لم يكن.

موقف العهد

وقال لي أعذتك من النار فأين سكونك وأظفرتك بالجنة فأين نعيمك.
وقال لي الجزء الذي يعرفني لا يصلح على غيري.
وقال لي ما بيني وبينك لا يعلم فيطلب.

موقف الوحدانية

أوقفني في الوحدانية وقال لي أظهرت كل شيء يحجب عني ولا يدل علي فحظ كل إنسان من الحجبة كحظه من التعلق.

وقال لي ذكرى أخص ما أظهرت وذكرى حجاب.
وقال لي إذا بدوت لم تر من هذا كله شيئاً.

وقال لي أقعد فوق العرش أعرض عليك، فقعدت فعرض علي فرأيت كل شيء حكومة وصف انفصلت عنه وبقي الوصف وصفاً والحكومة حكومة.

وقال لي انظر كيف عملت، وبسط يده فوق وقال ما بقي فوق، وبسط يده تحت وقال لي ما بقي تحت، ورأيت كل شيء بين البسطين والأرواح والأنوار في الفوقية والأجسام والظلم في التحتية.

وقال لي الفوقية حد لما في التحتية وليس لما في الفوقية حد.

وقال لي التحتية لا حد والفوقية لا حد وقلب الكل بأصابع التحتية وقال أنت وقلب الكل بأصابع فوقية وقال أنا وهو في الكل هو أبدى الباديات بالمعنوية وأبدى فيها العوالم الثبتية وبدا على الثبتية ففنيت وبقيت المعنوية الأحدية.

وقال لي من يظهر معي أنا أظهرت وأظهرت فيما أظهرت فما محوته محو وما أثبته ثبت والثبت محو في الحياطة.

وقال لي اسمع لسان العوالم الثبتية في المبديات المعنوية، إذا هي تقول الله الله.
وقال لي لا يسمعها من هو فيها أو في الشواهد التي هي فيها.

وقال لي مقالها ثبت وإذا بدوت عليه فني المقال هي هي في الثبت وهي البادي في البادي وهذه منزلة عامية.

وقال لي إن طاف بك ذكر شيء فأنت في الثبتية فتعبد لي واجتهد أحسبه وأجازي عليه، وإذا فنيت أذكار الأشياء فلا أنت أنت وأنت أنت وما أنا في شيء ولا خالطت شيئاً ولا حللت في شيء ولا أنا في في ولا من ولا عن ولا كيف ولا ما ينقال أنا أنا أحد فرد صمد وحدي وحدي أظهرت لا مظهر إلا أنا وأظهرت فيما أظهرت العوالم الثبتية وإذا بدوت فأفنيت الثبتية كان الإظهار لي لا لها حتى أرده إليها باللبس الوقتية والمعادن الأمنية فاحفظ حدك بين المعنوية والثبتية.

وقال لي يسوءك كل ما منك أغفره لا يسوءك كل ما مني أصرف السوء كله.
وقال لي إن التزمت ما ألزمتك بين هذين كنت ولياً.

موقف الاختيار

أوقفني في الاختيار وقال لي كلهم مرضى.

وقال لي هو ذا يدخل الطب عليهم بالغداة والعشي وأخاطبهم أنا على ألسنة الطب ويعلمون أنني أنا أكلمهم ويعدون الطب بالحمية ولا يعدوني.

وقال لي كانوا في يدي فقلبتهم إلى يدي وليس أردهم إلى اليد التي كانوا فيها.
وقال لي إذا رأيت النار فقع فيها ولا تهرب فإنك إن وقعت فيها أنطقت وإن هربت منها طلبتك وأحرقتك.
وقال لي أنا أوقد النار باليد الثانية.
وقال لي لابد أن تتحرك عادة فإذا تحركت عادة فما لك أدب.
وقال لي صلوتك لما يوقفك أو يعجلك وقصدك لما يحادثك أو تحادثه.
وقال لي ما لي باب ولا طريق.
وقال لي إذا تكلمت فتكلم وإذا صمت فاصمت.

وقال لي اخرج إلى البرية الفارغة واقعد وحدك حتى أراك فإني إذا رأيتك عرجت بك من الأرض إلى السماء ولم أحتجب عنك.
وقال لي إن لم تصحبك في هذا كله دعوة عامي تهت.
وقال لي إذا كنت كما أريد في كل شيء فابك على نفسك ونادني أعوذ بك من سوء القرين.
وقال لي إذا كنت لي كما أريد في بعض الشيء فقد ركبت الخطر وإن تحرك بؤبؤ عينك ضرك.
وقال لي كلك خلق فماذا تروم، فرأيت السد قد أحاط بي ورأيته في السد يضحك، وقال هذا منزل أهلي ولا أضحك إلا فيه.
وقال لي قد جعلت لك في السد أبواباً بعدد ما خلقت وغرست على كل باب شجرة وعين ماء باردة وأظمأتك وعزتي لئن خرجت لا رددتك إلى منزل أهلي ولا سقيتك من الماء.
وقال لي نم لتراني فإنك تراني، واستيقظ لتراك فإنك لن تراني.
وقال لي إذا وجدتني عند الكذاب فلا تذكره بي، وإذا وجدتني عند المخلص فذكره بي.
وقال لي لا بد من أن أتعرف إليك وتعرفي إليك بلاء، أنا لا أزول أنا أصل البلاء أحببت فيك البلاء أظهرت لك البلاء كرهت منك البلاء معرفتك بالبلاء بلاء إنكارك للبلاء بلاء.
وقال لي اذكرني كما يذكرني الطفل وادعني كما تدعوني المرأة.
وقال لي لا تكون لي عبداً وأنت تخبر الناس بم أو بما منك فإذا جئت إلى فكأن الذي جرى كله لم يكن.

موقف العهد

أوقفني في العهد وقال لي أطرح ذنبك عن عفوي وألق حسنتك على فضلي.
وقال لي اترك علمك إلى علمي تقتبس نور الهداية وألق معرفتك إلى معرفتي تثبت الهداية.
وقال لي إذا وقفت بي تعرض لك كل شيء ليدفعك عني.
وقال لي إنما تأخذ أجرك ممن أصبحت له أجيراً.
وقال لي إنما أنت أجير من تعمل من أجله.
وقال لي إن عملت لي من أجلي فذاك لي، وإن عملت لي من أجل غيري فذاك لغيري.
وقال لي إن كنت أجير العلم أعطاك الثواب العلم وإن كنت أجير المعرفة أعطتك السكينة.
وقال لي كن أجيري أرفعك فوق العلم والمعرفة فترى أين يبلغ العلم وترى أين ترسخ المعرفة فلا يسعك المبلغ ولا يستطيعك الرسوخ.
وقال لي إذا عرضت الجمع وقف الواقفون بي في فنائي لا يراعون فيتلجلجوا ولا يفزعون فيتحيروا.
وقال لي إذا وقفت بي أعطيتك العلم فكنت أعلم به من العالمين وأعطيتك المعرفة فكنت أعرف بها من العارفين وأعطيتك الحكم فكنت أقوم به من الحاكمين.
وقال لي أين جعلت اسمي فثم اجعل اسمك.
وقال لي الحرف يسري في الحرف حتى يكونه فإذا كأنه سرى عنه إلى غيره فيسرى في كل حرف فيكون كل حرف.
وقال لي إذا نطقت بالحرف رددته إلى المبلغ الذي تطمئن به فيسري بحكم مبلغه في الحروف فيسري إليك الحكم السوى.
وقال لي الحرف الحسن يسرى في الحروف إلى الجنة، والحرف السوء يسري في الحروف إلى النار.
وقال لي انظر ما حرفك وما مبلغك.
وقال لي انصرني تكن من أصحابي.
وقال لي إذا أردتك لنصرتي لم أوجدك قوة إلا من نصرتي.
وقال لي إذا أردتك لنصرتي علمتك من علمي وما لا يحمله العالمون.
وقال لي إنما يقف في ظل عرشي أنصاري.
وقال لي يا عارف انصرني وإلا أنكرتني.
وقال لي المعترض لي ينقلب إلى كل النعيم والمعترض علي ينقلب إلى كل العذاب.
وقال لي اعرف مقامي وقم فيه.
وقال لي إذا وقفت في مقامي جاءك الإخبار من السماء ومن الأرض ومما بينهما فألقه في النار فإن كان باطلاً حطمته ولم تحطمك وإن كان حقاً رددته إلي ولم تحجبك.
وقال لي الحرف الذي تكونت به الحروف لا يستطيع محامدي ولا يثبت لمقامي.

موقف عنده

أوقفني عنده وقال لي انظر إلى الحرف وما فيه خلفك فإن التفت إليه هويت فيه وإن التفت إلى ما فيه هويت إلى ما فيه.
وقال لي الحق هو ما لو قلبك عنه أهل السموات والأرض ما انقلبت، والباطل هو ما لو دعاك إليه السموات والأرض ما أجبت.
وقال لي لا تأيسن مني فلو جئت بالحرف كله سيئة كان عفوي أعظم.
وقال لي لا تجترئ علي فلو جئت بالحرف كله حسنات كانت حجتي ألزم.
وقال لي فضلي أعظم من الحرف الذي وجدت علمه ومن الحرف الذي علمت علمه ومن الحرف الذي لم تجد علمه ومن الحرف الذي لم تعلم علمه.
وقال لي إذا وقفت عندي رأيت ما ينزل وما يعرج وجاءك الحرف وما فيه فخاطبك كل شيء بلسانه وترجم لك كل بيان ببيانه ودعاك كل شيء إلى نفسه وطلبك كل جنس إلى جنسه.
وقال لي دليله من جنس الحجاب والحجاب من جنس العقاب.
وقال لي من كان الدليل من جنس حجابه احتجب عن حقيقة ما دل عليه.
وقال لي أنا حجاب عارفي وأنا دليل عارفي تعرفت فعرفني وعرف إني تعرفت واحتجبت فعرفني وعرف أنني احتجبت.
وقال لي من لم يكن جاذبه الله لم يصل إلى الله.
وقال لي من أنس بالحجاب الداني أماله إلى الحجاب القاصي.
وقال لي إذا علمت العلم من لدني أخذتك بإتباع العالمين كما أخذتك بإتباع الجاهلين.
وقال لي إذا رأيت قربي وبعدي أخذتك بإتباع القاصدين كما أخذتك بإتباع المعرضين.
وقال لي كما آليت أن اظهر حكمتي كذا آليت أن لا أنقض حكمتي.
وقال لي عفوي لا ينقض حكمتي وحكمتي لا تنقض معرفتي.

موقف المراتب

أوقفني في المراتب وقال لي أنا مظهر الإظهار لما لو بدا له أحرقه، وأنا مسر الأسرار لما لو بدا له أحرقه.
وقال لي أظهرت الخلق فصنفتهم أصنافاً وجعلت لها الأفئدة فأوقفتها إيقافاً فكل قلب واقف في مبلغه منقلب بحكم ما وقف فيه.
وقال لي بالتصنيف تعارفت الجسمية وبالوقوف تعارفت العلوية.
وقال لي من عرفني فلا عيش له إلا في معرفتي، ومن رآني فلا قوة له إلا في رؤيتي.
وقال لي إذا عرفتني فخف مكري وأني يعرفه إلا المصطفون لعلمي.
وقال لي اعتبر المكر بالغيرة فإذا رأيتها تحوشك إلي وإلى سبيلي فقد قر قرار حكمتك وأنار هدي هدايتك، تمسك بها واصلك من واصل وجانبك من جانب فهي دليلي الذي لا يتيه وتدبيري الذي لا يحيد.
وقال لي إذا جاءك التأويل فقد جاءك حجابي الذي لا أنظر إليه ومقتي الذي لا أعطف عليه.
وقال لي العلم يدعو إلى العمل والعمل يذكر برب العلم والعلم فمن علم ولم يعمل فارقه العلم ومن علم وعمل لزمه العلم.
وقال لي من فارقه العلم لزمه الجهل وقاده إلى المهالك ومن لزمه العلم فتح له أبواب المزيد منه.
وقال لي إن عصيت النفس إلا من وجه لم تطعك من وجه.
وقال لي بقي علم بقي خاطر، بقيت معرفة بقي خاطر.
وقال لي صاحب العلم إذا رأى صاحب المعرفة آمن ببداياته وكفر بنهاياته وصاحب المعرفة إذا رأى من رآني كفر ببداياته ونهاياته وصاحب الرؤية يؤمن ببداية كل شيء ويؤمن بنهاية كل شيء فلا سترة عليه ولا كفران عنده.
وقال لي العلم عمود لا يقله إلا المعرفة والمعرفة عمود لا يقله إلا المشاهدة.
وقال لي أول المشاهدة نفي الخاطر وآخرها نفي المعرفة.
وقال لي إذا بدا العلم عن المشاهدة أحرق العلوم والعلماء.

موقف السكينة

أوقفني في السكينة وقال لي هي الوجد بي أثبت ما أثبت ومحا ما محا.
وقال لي أثبت ما أثبت من أمري فأوجب أمري ما أوجب من حكمي فخرج حكمي بما جرى من علمي فغلب علمي فأشهدتك أنه غلب فتلك سكينتي فشهدت فتلك بيتي.
وقال لي السكينة أن تدخل إلي من الباب الذي جاءك منه تعرفي.
وقال لي فتحت لكل عارف محق بابا إلي فلا أغلقه دونه فمنه يدخل ومنه يخرج وهو سكينته التي لا تفارقه.
وقال لي أصحاب الأبواب من أصحاب المعارف هم الذين يدخلونها بعلم منها ويخرجون منها بعلم مني.
وقال لي السكينة أن تدعو إلي فإذا دعوت إلي ألزمتك كلمة التقوى فإذا ألزمتك كنت أحق بها فإذا كنت أحق بها كنت أهلها فإذا كنت أهلها كنت مني أنا أهل التقوى وأنا أهل المغفرة.
وقال لي فتحت لك باباً إلي فلا أحجبك عه وهو نظرك إلى ما منه خلقت فأشهدك إشهادي في نظرك فهو بابك الذي لا يغلق دونك وهو سكينتك التي لا ترفع عنك.
وقال لي إذا دخلت إلي فرأيتني فآية رؤيتي أن ترجع بعلم ما دخلت فيه أو بتمكين فيما دخلت فيه.
وقال لي إذا قصدت إلى الباب فاطرح السوى من ورائك فإذا بلغت إليه فألق السكينة من ورائه وادخل إلي لا بعلم فتجهل ولا بجهل فتخرج.
وقال لي في كل علم شاهد سكينة وحقيقتها في الوقوف بالله.
وقال لي الصبر من السكينة والحلم من الصبر والرفق من الحلم.
وقال لي إذا قصدت إلي لقيك العلم فألقه إلى الحرف فهو فيه ألقيته جاءتك المعرفة فألقها إلى العلم فهي فإذا ألقيتها جاءك الذكر فألقه إلى المعرفة فهو فيها فإذا ألقيتها جاءك الحمد فألقه إلى الذكر فهو فيه فإذا ألقيته جاءك الحرف كله فألقه إلى الأسماء فهو فيها فإذا ألقيته جاءتك الأسماء فألقها إلى الاسم فهي فإذا ألقيتها جاءك الاسم فألقه إلى الذات فهو لها فإذا ألقيتها جاءك الإلقاء فألقه إلى الرؤية فهو من حكمها.

موقف بين يديه

أوقفني بين يديه وقال لي أجعل الحرف وراءك وإلا ما تفلح أخذك إليه.
وقال لي الحرف حجاب وكلية الحرف حجاب وفرعية الحرف حجاب.
وقال لي لا يعرفني الحرف ولا ما في الحرف ولا ما من الحرف ولا ما يدل عليه الحرف.
وقال لي المعنى الذي يخبر به الحرف حرف والطريق الذي يهدي إليه حرف.
وقال لي العلم حرف لا يعربه إلا العمل والعمل حرف لا يعربه إلا الإخلاص والإخلاص حرف لا يعربه إلا الصبر والصبر حرف لا يعربه إلا التسليم.
وقال لي المعرفة حرف جاء لمعنى فإن أعربته بالمعنى الذي جاء له نطقت به.
وقال لي السوى كله حرف والحرف كله سوى.
وقال لي ما عرفني من عرف قربي بالحدود ولا عرفني من عرف بعدي بالحدود.
وقال لي ما شيء أقرب إلي من شيء بالحدية ولا شيء أبعد مني من شيء بالحدية.
وقال لي الشك في الحرف فإذا عرض لك فقل من جاء بك.
وقال لي الكيف من الحرف.
وقال لي إذا كلمتك بعبارة لم تأت منك الحكومة لأن العبارة ترددك منك إليك بما عبرت وعما عبرت.
وقال لي أوائل الحكومات أن تعرف بلا عبارة.
وقال لي إذا تعرفت بلا عبارة لم ترجع إليك وإذا لم ترجع إليك جاءتك الحكومات.
وقال لي العبارة حرف ولا حكم لحرف.
وقال لي تعرفي إليك بعبارة توطئة لتعرفي إليك بلا عبارة.
وقال لي إذا تعرفت إليك بلا عبارة خاطبك الحجر والمدر.
وقال لي أوصافي التي تحملها العبارة أوصافك بمعنى وأوصافي التي لا تحملها العبارة لا هي أوصافك ولا من أوصافك.
وقال لي إن سكنت إلي العبارة نمت وإن نمت مت فلا بحيوة ظفرت ولا على عبارة حصلت.
وقال لي الأفكار في الحرف والخواطر في الأفكار وذكرى الخالص من وراء الحرف والأفكار واسمي ومن وراء الذكر.
وقال لي اخرج من العلم الذي ضده الجهل ولا تخرج من الجهل الذي ضده العلم تجدني.
وقال لي اخرج من المعرفة التي ضدها النكرة تعرف فتستقر فيما تعرف فتثبت فيما تستقر فتشهد فيما تثبت فتتمكن فيما تشهد.
وقال لي العلم الذي ضده الجهل علم الحرف والجهل الذي ضده العلم جهل الحرف فاخرج من الحرف تعلم علماً لا ضد له وهو الرباني وتجهل جهلاً لا ضد له وهو اليقين الحقيقي.
وقال لي إذا علمت علماً لا ضد له وجهلت جهلاً لا ضد له فلست من الأرض ولا من في السماء.
وقال لي إذا لم تكن من الأرض لم أستعملك بأعمال أهل الأرض وإذا لم تكن من أهل السماء لم أستعملك بأعمال أهل السماء.
وقال لي أعمال أهل الأرض الحرص والغفلة فالحرص تعبدهم لنفوسهم والغفلة سكونهم إلى نفوسهم.
وقال لي أعمال أهل السماء الذكر والتعظيم فالذكر تعبدهم لربهم والتعظيم سكونهم إلى ربهم.
وقال لي العبادة حجاب دان أنا من ورائه محتجب بوصف العزة، والتعظيم حجاب أدنى أنا من ورائه محتجب بوصف الغنى.
وقال لي إذا جزت الحرف وقفت في الرؤية.
وقال لي لن تقف في الرؤية حتى ترى حجابي رؤية ورؤيتي حجاباً.
وقال لي من علوم الرؤية أن تشهد صمت الكل ومن علوم الحجاب أن تشهد نطق الكل.
وقال لي من علوم صمت الكل أن تشهد عجز الكل ومن علوم نطق الكل أن تشهد تعرض الكل.
وقال لي من علوم القرب أن تعلم احتجابي بوصف تعرفه.
وقال لي إن جئتني بعلم أي علم جئتك بكل المطالبة وإن جئتني بمعرفة أي معرفة جئتك بكل الحجة.
وقال لي إذا جئتني فألق العبارة وراء ظهرك وألق المعنى وراء العبارة وألق الوجد وراء المعنى.
وقال لي إن لقيتني وبيني وبينك مما بدا فلست مني ولا أنا منك.
وقال لي إن لقيتني وبيني وبينك شيء مما بدا لقيتك وبيني وبينك شيء مما بدا فأنا أحق بما بدا.
وقال لي أنا الذي لا أحب أن ألقاك بما بدا وإن كنت أستحقه عليك فلا تلقني به فليس حسنة منك.
وقال لي إذا جئتني فألق ظهرك وألق ما وراء ظهرك وألق ما قدامك وألق ما عن يمينك وألق ما عن شمالك.
وقال لي إلقاء الذكر أن لا تذكرني من أحل السوى وإلقاء العلم أن لا تعمل به من أجل السوى.
وقال لي لن تلقي في موتك إلا ما لقيته حيوتك.
وقال لي اعرض نفسك على لقائي في كل يوم مرة أو مرتين وألق ما بدا كله والقني وحدك كذا أعلمك كيف تتأهب للقاء الحق.
وقال لي اعرض نفسك علي في كل يوم مرة أحفظ نهارك، واعرض نفسك علي كل ليلة أحفظ ليلك.
وقال لي احفظ نهارك أحفظ ليلك، احفظ قلبك أحفظ همك، واحفظ علمك أحفظ عزمك.
وقال لي اعرض نفسك علي في أدبار الصلوات.
وقال لي أتدري كيف تلقاني وحدك أن ترى هدايتي لك بفضلي لا أن ترى عملك وأن ترى عفوي لا أن ترى علمك.
وقال لي اعلم واجتهد واعمل واجتهد واجتهد واجتهد فإذا فرغت فألقه في الماء آخذه بيدي وأثمره ببركتي وأزيد في كرمي.
وقال لي أحسن إلى كل أحد تنبه روحه على التعلق بي، واحلم عن كل أحد تنبه عقله على استفتاح أمري ونهي.
وقال لي تواضع لي تزهد فيما زهدت فيه.
وقال لي إذا رأيت القاسية قلوبهم فصف لهم رحمتي فإن أجابوك وإلا فاذكر عظيم سطوتي.
وقال لي إن اعترفوا لك فقد أجابوك، وإن أنكروا ما تقول فقد جحدوك.
وقال لي إنما اسمك مكتوب على وجه ما به تسكن.
وقال لي إنما انظر إلى ما به تستقل.
وقال لي إن خرجت من معناك خرجت من اسمك، وإن خرجت من اسمك وقعت في اسمي.
وقال لي السوى كله محبوس في معناه ومعناه محبوس في اسمه فإذا خرجت من اسمك ومعناك لم تكن لمن حبس في اسمه ومعناه سبيل عليك.
وقال لي إذا وقعت في الاسم ظهرت عليك علامة الإنكار فتعرض كل شيء لفتنتك وتراىء كل خاطر لقلبك.
وقال لي الآن من تعرض بك فقد تعرض بي.
وقال لي انظر ما به تسكن فإنه مضاجعك في قبرك.
وقال لي من قام في مقام معرفتي فخرج منه وعرف الوجد بي فخرج منه مستقراً بخروجه أوقدت له ناراً مفردة.
وقال لي أنا العظيم الذي لا يحمل عظمته ما سواه، وأنا الكريم الذي لا يحمل كرمه ما سواه.
وقال لي غلبت أنوار ذكرى على الذاكرين فأبصروا قدسي فكشف لهم قدسي عن عظمتي فعرفوا حقي فأسفرت لهم عظمتي عن عياني فخشعوا لعزي فأخبرهم عزي بقربي وبعدي فاستيقنوا قربي فأجهلهم بي قربي فرسخوا في معرفتي.
وقال لي أنا المهيمن فلا تخفي علي خافية، وأنا العليم فكل خافية عندي بادية.
وقال لي أنا الحكيم فكل بادية جارية، وأنا المحيط فكل جارية آتية.

موقف التمكين والقوة

أوقفني في التمكين والقوة وقال لي انظر قبل أن تبدو الباديات واستمع لكلمتي قبل أن تحدو الحاديات، أنا الذي أثبتك فبي ثبت وأنا الذي أسمعتك فبي سمعت وأنا لا سواي فيما لم أبد وأنا لا سواي فيما أبدي إلا بي.
وقال لي احفظ مكانك من قبل الباديات فإليه أرجعك من بعد الموت.
وقال لي إن صاحبتك الباديات تحولت ناراً فأحرقتك وخيرها يتجول حجاباً فيحترق بنار الحجاب وشرها يتحول عقاباً فيحترق بنار العقاب.
وقال لي أريد أن أبدي خلقي وأظهر ما أشاء فيه وأقلب ما أشاء منه، وقد رأيتني وما أبديته وشهدت وقوفك بي من قبل إبدائي له، وقد أخذت عليك عهداً بتعرفي إليك أن عن تخرج عن مقامي إذا أبديته، فإني أظهره يدعو إلى نفسه ويحجب عني ويحضر بمعنويته ويغيب عن موقفي، فإن دعاك فلا تسمع وإن دعاك إلي بآيتي وإن حضرك فلا تحضره وإن حضرك بآيتي، وأوقفني وأبدى الباديات وخاطبني على ألسن الباديات وخاطب الباديات لي على لساني فأبدى القلم.
وقال لي جاءك القلم، فقال كتبت العلم وسطرت السطر السر فاسمع فلن تجاوزني وسلم لي فلن تدركني.
وقال لي قل للقلم عني يا قلم أبداني من أبداك وأجراني من أجراك وقد أخذ علي العهد للاستماع منه لا منك وميثاق التسليم له لا لك، فإن سمعت منك ظفرت بالحجاب وإن سلمت لك ظفرت بالعجز، فأنا منه أسمع كما أشهدني لا منك وله أسلم كما أوقفني لا لك فإن أسمعني من جهتك كنت لي سمعاً لا مستمعاً.
وقال لي جاءك العرش وجاءتك حملته فحملوه بقوتي القائمة فسبحتني ألسنتهم بأذكار قدسي الدائمة وانبسطت ظلاله بجلال رأفتي الراحمة.

وقال لي قل للعرش عني يا عرش أظهرك لبهاء ملك الديمومية وجعلك حرماً للقرب والعظمة وأحف بك من يشاء من المسبحة، فقدرته أعظم منك في العظمة وبهاؤه أحسن من بهائك في رتبة الزينة وقربه أقرب إليك من نفسك في موجبات الوحدانية، فأنت قائم في ظل قيموميته بك وظلك قائم في ظل تخصيصه لك فطاف بك طائفون رأوه قبل رؤيتك فقاموا كما قمت في ظله فسبحوه كما سبحت له ومجدوه بمحامدك التي بها مجدته فأنت لهؤلاء جهة كاشفة، وطاف بك طائفون علموه وما رأوه وسمعوه وما شهدوه وسبحوه بتسبيحاتك وقدسوه بمحامدك فقاموا له في ظلك القائم في ظل تخصيصه لك فأنت لهؤلاء جهة منجية، وطاف بك طائفون جبلوا على تسبيح العظمة وخلقوا لتحميد كبرياء العزة فهم قائمون بإدامة إشهاد الجبروت ومسبحون بتسابيح العز والملكوت فأنت لهؤلاء جهة مقربة.
وقال لي أنت في علمي وما ترى سواي، وأنت تحت كنفي وما ترى سواي، وأنت بمنظري وما ترى سواي.
وقال لي أحذر لا أطلع على القلوب فأراك فيها بمعناك ذاك تعرفي، أو أراك فيها بفعلك ذاك تقلبي.

موقف قلوب العارفين

أوقفني في قلوب العارفين وقال لي للعارفين إن رجعتم تسألوني عن معرفتي فما عرفتموني، وإن رضيتم القرار على ما عرفتم فما أنتم مني.
وقال لي أول ما ترث وتأخذ معرفتي من العارف كلامه.
وقال لي آية معرفتي إن لا تسألني عني ولا عن معرفتي.
وقال لي إذا ألفت معرفتي بينك وبين علم أو اسم أو حرف أو معرفة فجريت بها وأنت بها واجد وأنت بها ساكن فإنما معك علم معرفة لا معرفة.
وقال لي صاحب المعرفة هو المقيم فيها لا يخبر وصاحب المعرفة هو الذي إن تكلم تكلم فيها بكلام تعرفي وبما أخبرت به من نفسي.
وقال لي أنت من أهل ما لا تتكلم فيه وإن تكلمت خرجت من المقام وإذا خرجت من مقام فلست من أهله وإنما أنت به من العالمين وإنما أنت له من الزائرين.
وقال لي الأمر أمران أمر يثبت له عقلك وأمر لا يثبت له عقلك، وفي الأمر الذي يثبت له ظاهر وباطن وفي الأمر الذي لا يثبت له ظاهر وباطن.
وقال لي لن تدوم في عمل حتى ترتبه وتقضي ما يفوت منه وإن لم تفعل لم تعمل ولم تدم.
وقال لي كيف لا تحزن قلوب العارفين وهي تراني أنظر إلى العمل فأقول لسيئه كن صورة تلقي بها عاملك وأقول لحسنه كن صورة تلقي بها عاملك.
وقال لي قلوب العارفين تخرج إلى العلوم بسطوات الإدراك وذلك كبرها وهو الذي أنهاها عنه.
وقال لي يتعلق العارف بالمعرفة ويدعي أنه تعلق بي ولو تعلق بي هرب من النار كما يهرب من النكرة.
وقال لي قل لقلوب العارفين أنصتوا له لا لتعرفوا، واصمتوا له لتعرفوا، فإنه يتعرف إليكم كيف تقيمون عنده.
وقال لي قل لقلوب العارفين رأيت معرفتي أعلى من معرفة فوقفت في الأعلى ووقفت في حجابي، فأظهرت الوصول إلى عند عبادي فأنت في حجابي تدعيني وهم في حجابي لا يدعوني.
وقال لي قلوب العارفين أعرفي حالك منه فإن أمرك بتعريف العبيد فعرفيهم وأنت في تلك الحال أدرك لقلوبهم ولا نجاة لك إلا به.
وقال لي لقلوب العارفين لا تخرجي عن حالك وإن هديت إلي من ضل، أتضلين عني وتريدين أن تهدي إلي.
وقال لي وزن معرفتك كوزن ندمك.
وقال لي قلوب العارفين ترى الأبد وعيونهم ترى المواقيت.
وقال لي أصحابي عطل مما بدا، وأحبابي من وراء اليوم وغداً.
وقال لي لكل شيء أقمت الساعة فهي له منتظرة وعلى كل شيء تأتي الساعة فهو منها وجل.
وقال لي قل للعارفين كونوا من وراء الأقدار فإن لم يستطيعوا فمن وراء الأفكار.
وقال لي قل للعارفين وقل لقلوب العارفين قفوا لي لا للمعرفة، أتعرف إليكم بما أشاء من المعرفة وأثبت فيكم ما أشاء من المعرفة فإن وقفتم لي حملتم معرفة كل شيء وإن لم تقفوا لي غلبتك معرفة كل شيء فلم تحملوا لشيء معرفة.
وقال لي قل لقلوب العارفين لا تستقيموا على خلة فتقلبكم الخلة إلى الخلة.
وقال لي الأكل والنوم يحسبان على الحال التي يكونان فيها، إن كانا في العلم حسباً فيه إن كانا في المعرفة حسبا فيها.
وقال لي قل لقلوب العارفين من أكل في المعرفة ونام في المعرفة ثبت فيما عرف.
وقال لي قل لقلوب العارفين من خرج من المعرفة حين أكله لم يعد منها إلى مقامه.
وقال لي أنت طلبتي والحكمة طلبتك.
وقال لي الحكمة طلبتك وإذا كنت عبداً عبداً فإذا صيرتك عبداً ولياً كنت أنا طلبتك.
وقال لي إلتقط الحكمة من أفواه الغافلين عنها كما تلتقطها من أفواه العامدين لها، إنك تراني وحدي في حكمة الغافلين لا في حكمة العامدين.
وقال لي أكتب حكمة الجاهل كما تكتب حكمة العالم.
وقال لي أنا مجرى الحكمة فمن أشاء أشهده أنني أجريت فذلك حكيمها، ومن أشاء لا أشهده فذلك جاهلها فأكتب أنت يا من شهدها.
وقال لي القلوب لا تهجم علي ولا على من عندي.
وقال لي إذا هجمت على قلبك ولم يهجم عليك قلبك فأنت من العارفين.
وقال لي ما قدر المسئلة أن يناجي بها كرمي فبهذا فادعوني وقل يا رب اسألك بك ما قدر مسئلة أن يناجي بها كرمك.
وقال لي الشك حبس من محابسي أحبس في قلوب من لم يتحقق بمعارفي.

موقف رؤيته

أوقفني في رؤيته وقال لي أعرفني معرفة اليقين المكشوف وتعرف إلى مولاك باليقين المكشوف.
وقال لي أكتب كيف تعرفت إليك بمعرفة اليقين المكشوف وأكتب كيف أشهدتك وكيف شهدت ليكون ذكراً لك وليكون ثبتاً لقلبك، فكتبت بلسان ما أشهدني ليكون ذكرا لي ولمن تعرف إليه ربي من أوليائه الذين أحب إثباتهم في معرفته وأحب أن لا يعترض قلوبهم فتنة، فكتبت تعرفا إلى ربي تعرف أشهدني فيه بدو كل شيء من عنده فلما رأيت بدو كل شيء من عنده أقمت في هذه الرؤية وهي رؤية بدو الأشياء من عنده، ثم لم أقو على مداومة رؤية من عنده فحصلت في رؤية البدو وفي علم أنه من عنده لا في رؤية أنه من عنده، فجاءني الجهل وجميع ما فيه فتعرض لي من قبل هذا العلم، فأعطاني ربي إلى رؤيته وبقي علمي في رؤيته ليس نفاه حتى لم يبق لي علم بمعلوم لكن أراني في رؤيته أن ذلك العلم هو إبداؤه وهو جعله علماً وهو جعل لي معلوماً فأوقفني في هو وتعرف إلي من قبل هو التي هي هو ليس من قبل هو الحرفية ومعنى هو الحرفية إرادتك هو إشارية وهو بدائية وهو علمية وهو حجابية وهو عندية، فعرفت التعرف من قبل هو التي هي هو ورأيت هو فإذا ليس هو هو إلا هو ولم ما سواه هو يكون هو ورأيت التعرف لا يبدو من سواه ورأيت سواه لا يتعرف إلى قلبي، فقال لي إن أعترض قلبك من دوني شيء فلا تستدل بالأشياء ولا بسلطان بعض الأشياء على بعض فإن الأشياء تراجعك في الاعتراض والمعترض لك من وراء الأشياء يراجعك في الوسوسة واستدل علي بآيتي لعينها التي هي تعرفي إليك فإنك ترى الأشياء كلها لا تعرف لها إلا لي وتراها مشهودة الأعيان وترى أن لا تعرف إلا لي وتراني لا مشهوداً بالعيان.
وقال لي آيتي كل شيء وآيتي في كل شيء فكل آيات الشيء تجري في القلب كجريان الشيء فهي تارةً تتطلع وتارةً تحتجب تختلف لاختلاف الأشياء وكذلك الأشياء مختلفة وآياتها مختلفة لأن الأشياء سيارة وآياتها سيارة، وأنت مختلف لأن الاختلاف صفتك فيا مختلف لا تستدل بمختلف فإنه إذا دلك جمعك معك من وجه وإذا لم يدلك تفرقت باختلافك من كل وجه.

موقف حق المعرفة

أوقفني في حق المعرفة وقال لي آما الآن ففوق وتحت وكل ما بدا فهو دنيا وكله وكل ما فيه ينتظر الساعة وعلى كله وكل ما فيه كتبت الإيمان وحقيقة الإيمان ليس كمثله شيء.
وقال لي فاشهد جبريل وميكائيل واشهد العرش وحملة العرش واشهد كل ملك وكل ذي معرفة ترى حقائق إيمانه تقول وتشهد أنه ليس كمثله شيء وترى علمه بذلك هو وجده ووجده بذلك هو علمه وترى ذلك مبلغ معرفته وترى ذلك هو حق حقيقة وترى ذلك هو علم الرؤية الحقيقي لا هو الرؤية، فانظر كلهم كيف يرتقب الساعة وإنما يرتقب كشف الحجاب عن ذا وإنما ينتظر رفع الغطاء عن ذا وذا لا يحمل أحكام الحقيقة من وراء الحجاب إلا به فكيف إذا هتك الحجاب.
وقال لي الحجاب يهتك وللهتك صولة لا تقوم لها فطر المخترعين.
وقال لي لو رفع الحجاب ولم يهتك سكن من تحته وإنما يهتك فإذا هتك ذهلت معرفة العارفين فتكسى في الذهول نوراً تحمل به ما بدا بعد هتك الحجاب لأنها لا تحمل بمعارف الحجاب ما بدا عند هتك الحجاب.

موقف عهده

أوقفني في عهده وقال لي احفظ عليك مقامك وإلا ماد بك كل شيء.
وقال لي لا يفارقك إذا كتبته لتنفذ إذا نفذت به ولتتأخر إذا تأخرت به.
وقال لي مقامك هو الرؤية وهو ما رأيت من ورود الليل والنهار وما رأيت من كيف ورود الليل والنهار وإنني أرسل هذا رسولاً من حضرتي وأرسل هذا رسولاً من حضرتي وكيف مددت الأبد وكيف أرسل بالنهار وكيف أرسل بالليل فقد رأيت الأبد ولا عبارة في الأبد.
وقال لي سبح لي الأبد وهو وصف من أوصافي فخلقت من تسبيحه الليل والنهار وجعلتهما سترين ممدودين على الأبصار والأفكار وعلى الأفئدة والأسرار.
وقال لي الليل والنهار ستران ممدودان على الجميع من خلقت وقد اصطفيتك فرفعت السترين لتراني وقد رأيتني فقف في مقامك بين يدي قف في رؤيتي وإلا اختطفك كل كون.
وقال لي إنما رفعت السترين لتراني فأقويك على رؤية السماء كيف تنفطر وعلى رؤية ما يتنزل منها كيف يتنزل ولترى ذلك كيف يأتي من قبلي كما يأتي الليل والنهار فقف وألق كل ما أبديه إليك إلي.
وقال لي إذا اصطفيت أخاً فكن معه فيما أظهر ولا تكن معه فيما أسر فهو له من دونك سر فإن سر فإن أشار إليه وإن أصفح فأفصح به.
وقال لي اسمي وأسمائي عندك ودائعي، لا تخرجها فأخرج من قلبك.
وقال لي إن خرجت من قلبك عبد ذلك القلب غيري.
وقال لي إن خرجت من قلبك أنكرني بعد المعرفة وجحدني بعد الإقرار.
وقال لي لا تخبر باسمي ولا بحديث اسمي ولا بعلوم اسمي ولا بحديث من يعلم اسمي ولا بأنك رأيت من يعلم اسمي فإن حدثك محدث عن اسمي فاستمع منه ولا تخبره أنت.
وقال لي إن أردتك بصاحب كما أردت سواك بك ألزمتك ذلك في سريرتك وفي نومك وفي يقظتك إلزاماً تعرفه ولا تنكره وتراني فيه ولا أستتر فيه عنك ولأن لا تقول له أقوم لك وإبراء لساحة قلبك.
وقال لي قد رأيتني فالأمر بيني وبينك ليس هو بينك وبين علم ولا بينك وبين معرفة ولا بينك وبين جبريل ولا بينك وبين إسرافيل ولا بينك وبين الحروف ولا بينك وبين الأسماء ولا بينك وبين شيء.
وقال لي إن أردتني فألق نفسك فليس في أسمائي نفس ولا ملكوت نفس ولا علوم نفس.

موقف أدب الأولياء

أوقفني في أدب الأولياء وقال لي إن ولي لا يسعه حرف ولا يسعه تصريف حرف ولا يسعه غيري لأني جعلت له من وراء كل خلق علماً بي.
وقال لي أدب الأولياء ألا يتولوا شيئاً بهمومهم وإن تولوه بعقولهم.
وقال لي مقام الولي بيني وبين كل شيء فليس بيني وبينه حجاب.
وقال لي سميت ولي ولي لأن قلبه يليني دون كل شيء فهو بيتي الذي فيه أتكلم.
وقال لي قد عرفتني وعرفت آيتي ومن عرف آيتي برئت منه ذمة العذر فإذا جلست فاجعل آيتي من حولك ولا تخرج عنها فتخرج من حصني.
وقال لي أما أن تدعوني فأتيك وأما أدعوك فتأتيني.
وقال لي قل لأوليائي قد خاطبكم قبل هياكلكم الطينية ورأيتموه، وقال لكم هذا كون كذا فانظروه وهذا الكون كذا وانظروه فرأيتم كل كون أبداه رأى العيان فكذلك سترونه الآن، ثم دحا الأرض وقال لكم انظروا كيف دحوت الأرض فرأيتم كيف دحا الأرض، وقال لكم أريد أظهركم لملكي وملكوتي وإني أريد أن أظهركم لبرياي وأكواني وملائكتي وإني سوف أخلق لكم من هذه الأرض هياكل وأظهركم فيها آمرين ناهين مقدمين مؤخرين.

موقف الليل

أوقفني في الليل وقال لي إذا جاءك الليل فقف بين يدي وخذ بيدك الجهل فاصرف به عني علم السموات والأرض فإذا صرفت رأيت نزولي.
وقال لي الجهل حجاب الحجب وحاجب الحجاب وليس بعد الجهل حجاب ولا حاجب، إنما الجهل قدام الرب فإذا جاء الرب فحجابه الجهل، فلا معلوم إلا الجهل أنه لا يبقى من العلم إلا أنه مشغول ما هو هو لا مجهول هو أنه، فما تعلم مني وما تعلم بي وما تعلم لي وما تعلم من كل شيء فأنفه بالجهل فإن سمعته يسبحني ويدعو إلي فسد أذنيك وإن تراءي لك فغط عينيك وما لا تعلم فلا تستعلم ولا تتعلم، أنت عندي وآية عنديتي أن تحجب عن العلم والمعلوم بالجهل كما أحتجبت فإذا جاء النهار وجاء الرب إلى عرشه جاء البلاء فألق الجهل من يديك وخذ العلم فاصرف به عنك البلاء وأقم في العلم وإلا أخذك البلاء.
وقال لي أحتجب عن العلم بالجهل وإلا لم تراني ولم تر مجلسي، واحتجب عن البلاء بالعلم وإلا لم تر نوري وبينتي.
وقال لي انظر إلى كل شيء يراه قلبك وتراه عينك كيف قلت له كن فكان، ثم انظر إلى الجهل الذي مددته بيني وبينه ولو لم أجعله بيني وبينه ما ثبت لنوري.
وقال لي الجهل قدام الرب تلك صفة من صفات تجلي رؤيته، والرب قدام الجهل تلك صفة من صفات تجلي الذات.

موقف محضر القدس الناطق

أوقفني بين يديه وقال لي أنت في محضر القدس الناطق.
وقال لي أعرف حضرتي واعرف أدب من يدخل إلى حضرتي.
وقال لي لا يصلح لحضرة العارف قد بنت سرائره قصوراً في معرفته فهو كالملك لا يحب أن يزول عن ملكه.
وقال لي لا يصلح لحضرتي العالم الرباني، إنما قلبه أين أثبته أو نسبته قائم فإذا لم أنسبه تاه وإذا لم أثبته ماد وهو لا يقوم إلا باسمه أو علم اسمه.
وقال لي إذا أتيتك اسماً من أسمائي وكلمني به قلبك أوجدته بي لا بك كلمتني بما كلمته منك.
وقال لي ليكلمني منك من كلمته وليحذر منك أن يكلمني من لم أكلمه.
وقال لي إذا رأيتني وكنت من أهلي وأهل اسمي فحادثتك فذاك علم وتعرفت إليك فذاك علم فحصل بيني وبينك علم وحصل بينك وبين العلم يقين.
وقال لي إذا رأيتني وأردتني وتحققت بي كانت المحادثة عندك وسوسة وكان التعرف عندك وسوسة.
وقال لي ألفت بين كل حرفين بصفة من صفاتي فتكونت الأكوان بتأليف الصفات لها والصفة لا ينقال هي فعاله وبها تثبت المعاني وعلى المعاني ركبت الأسماء.
وقال لي إذا جاءتك دواعي نفسك ولم ترني فقد جاءك لسان من ألسنة ناري فافعل كما يفعل أوليائي أفعل بك كما فعلت بأوليائي.
وقال لي أذنت لك في أصحابك بأوقفني وأذنت لك في أصحابك بي عبد ولم آذن لك بأن تكشف عني ولا بأن تحدث بحديث كيف تراني.
وقال لي هذا عهدي إليك فحفظه بي وأنا حافظه عليه وأنا حافظك فيه وأنا مسددك فيه.

موقف الكشف والبهوت

أوقفني في الكشف والبهوت وقال لي انظر إلى الحجب، فنظرت إلى الحجب فإذا هي كل ما بدا وكل ما بدا فيما بدا، فقال انظر إلى الحجب وما هو من الحجب.
وقال لي الحجب خمسة حجاب أعيان وحجاب علوم وحجاب حروف وحجاب أسماء وحجاب جهل.
وقال لي الدنيا والآخرة وما فيهما من خلق وحجاب هو حجاب أعيان وكل عين من ذلك فهي حجاب نفسها وحجاب غيرها.
وقال لي العلوم كلها حجب كل علم من حجاب نفسه وحجاب غيره.
وقال لي حجاب العلوم يرد إلى حجاب الأعيان بالأقوال وبمعاني الأقوال وحجاب الأعيان يرد إلى حجاب العلوم بمعاني الأعيان وبسرائر مجهولات الأعيان.
وقال لي حجاب الأعيان منصوب في حجاب العلوم وحجاب العلوم منصوب في حجاب الأعيان.
وقال لي حجاب الحروف هو الحجاب الحكمي وحجاب الحكم هو من وراء العلوم.
وقال لي لحجاب العلوم ظاهر هو علم الحروف وباطن هو حكم الحروف.
وقال لي عبدي كل عبدي هو عبدي الفارغ من سواي ولن يكون فارغاً من سواي حتى أوتيه من كل شيء فإذا أتيته من كل شيء أخذ إليه باليد التي أمرته أن يأخذ بها ورد إلي باليد التي أمرته أن يرد.
وقال لي إذا لم أوت عبدي من كل شيء فليس هو عبدي الفارغ وإن تفرغ مما أتيته لأنه قد بقي بيني وبينه ما لم أؤته، وإنما عبدي الفارغ إلا مني فهو عبدي الذي آتيته من كل شيء سبباً وأتيته منه علماً وأتيته منه حكماً فرأى الحكم جهرة ثم تفرغ من العلم وتفرغ من الحكم فألقاهما معاً إلي فذاك هو عبدي الفارغ من سواي.
وقال لي لا تبدو الولاية لعبد إلا بعد الفراغ.
وقال لي أتدري ما قلب عبدي الفارغ قلبه بيني وبين الأسماء وذاك هو مقامه الأول الذي هو مهربه وفيه أيته، فأنقله منه إلى رؤيتي فيراني ويرى الاسم والأسماء بين يدي كما يرى كل شيء بين يدي ويرى الاسم لا يملك من دوني حكماً فذاك هو مقام قلب عبدي الفارغ فذاك مقام البهوت وفي البهوت بين يدي أخر ما وقفت القلوب.
وقال لي البهوت صفة من صفات الجبروت.
وقال لي الواقف بحضرتي يرى المعرفة أصنافاً ويرى العلم أزلاماً لأنه واقف بين يدي لا بين يدي العلوم فهو يرى العلم قائماً بين يدي أغرس فيه قلب من أشاء وأخرج منه قلب من أشاء، فذاك هو شأني في القلوب إلا قلوبي التي بنيتها لنظري لا لخبري وإلا قلوبي التي صنعتها لحضرتي لا لأمري تلك هي القلوب التي تسري أجسامها في أمري.
وقال لي في العلوم بيت فمنه أحادث العلماء، ولي في المعارف بيت فمنه أحادث الفهماء.
وقال لي البيوت حجب ومن وراء الحجب الأستار ولكل من الأستار مقام فإذا تعرفت إلى قلب من ذلك البيت فلا معرفة له إلا ما أبديت.
وقال لي ما بحضرتي بيوت ولا لأهل حضرتي بيوت، أضعفهم من يخطر له الاسم وإن نفى وأعجزهم من يخطر له الذكر وإن نفى.
وقال لي إذا نفيت الاسم والذكر كان لك وصول، فإذا لم يخطر بك الاسم والذكر كان لك اتصال وإذا كان لك اتصال فأردت كان.
وقال لي إذا أردت أن لا يخطر بك الاسم والذكر فأقم في النفي ينتف لأن النفي بي لا بك فإذا أنتفى أثبتك فثبت لأن الإثبات بي لا بك.
وقال لي إذا وقفت في حضرتي فلا تقف مع الرباني فتحتجب بحجابه ويكون لك كشف ولك حجاب، وإذا رأيت العلم والعلماء في حضرتي فأجلس في حضرتي وخاطبه في حضرتي، فإن لم يتبعك فلا تخرج من حضرتي فيستخرج هو من أقصى علمه ويعلم أنه قد خرج، وإن تبعك فقف به على ما صدق ولا تمش به معك، فإنه لا بد أن يخرج إلى مقامه فإن رجع وحده تاه وإن رجعت معه خرجت من حضرتي فتهت.
وقال لي كل ما يخاطب به العلم والعلماء فهو مكتوب على ما أقصى علم العالم فهو يريد أن يعبره ويعبره وأنت تريد أن تقف فيه فهو لا يقف لأن العبارة والعبور حده فكذلك أنت لا تعبره لأنه مقامك.

موقف العبدانية

أوقفني في العبدانية وقال لي أتدري متى تكون عبدي إذا رأيتك عبداً لي منعوتاً عندي بي لا منعوتاً بما مني ولا منعوتاً بما عني، هنالك تكون عبدي فإذا كنت هنالك كذلك كنت عبد الله وإذا كنت عبد الله لم يغب عنك الله، وإذا كنت منعوتاً بسوى الله غاب عنك الله فإذا خرجت من النعت رأيت الله فإن أقمت في النعت لم تر الله.
وقال لي العبدانية أن تكون عبداً بلا نعت فإن كنت بنعت اتصلت عبدانيتك بنعتك لا بي وإن اتصلت عبدانيتك بنعتك لا بي فأنت عبد نعتك لا عبدي.
وقال لي عبد خائف استمدت عبدانيته من خوفه، عبد راج استمدت عبدانيته من رجاء، عبد محب استمدت عبدانيته من محبته، عبد مخلص استمدت عبدانيته من إخلاصه.
وقال لي إذا استمد العبد من غير مولاه فمستمده هو مولاه دون مولاه وإذا لم يستمد من مولاه أبقى من مولاه، وإذا استمد من مولاه فقد أقدم على مولاه، فقف لي لتستمد مني ولا لتستمد من علمي ولا لتستمد منك تكن عبدي وتكن عندي وتفقه عني.
وقال لي ما طالبتك بعبدانية الملك عبدانية الملك لي وإنما طالبتك بعبدانية الوقوف بين يدي.
وقال لي قل لسريرتك تقف بين يدي لا بشيء ولا لشيء أجعل الملكوت الأكبر من وراءك وأجعل الملك الأعظم تحت رجليك.
وقال لي لا ترجع من هذا المقام فإليه تلجأ الخليقة في شدائد الدنيا والآخرة وإليه يلجأ من رآني ومن لم يرني ومن عرفني ومن لم يعرفني، فالواقفون فيه في الدنيا تعرفهم خزنة أبوابه فإذا جاءوه ولم يحل بينهم وبينه وبحسب ما وقفوا عنه في الدنيا توقفهم الخزنة بالأبواب من دونه.

وقال لي سيأتيك الحرف وما فيه وكل شيء ظهر فيه سيأتيك منه اسمي وأسمائي وفي اسمي واسمائي سري وسر إبدائي وسيأتيك منه العلم وفي العلم عهودي إليك ووصاياتي وسيأتيك منه السر وفي السر محادثتي لك وإيماني فسيدفعونك عنه فادفعهم عن نفسك.

وقال لي أنا مرسلهم إليك ابتلاء، وأنا مؤدنك بأني أرسلتهم اجتباء، وأنا معلمك كيف تعمل إذا ما أتوك اصطفاء.

وقال لي لا تدفعهم بمجاورة فلن تستطيع محاورة حق، وإنما تدفعهم بردهم ورد ما أتوا به إلي وتخلع قلبك منهم ومما أتوا به، لا تخلع ما أتوا به عن قلبك حتى تكون عندي لا عندهم هنالك حويتهم وما حووك وهنالك وسعتهم وما وسعوك.

وقال لي رب حاضر وقلب فارغ وكون غائب هذه صفة من أستحين منه.

وقال لي أقرر عيناً بما أشهدتك من النار أشهدتكما تسبحني وأشهدتكما تذكرني وأشهدتكما تعرفني وتفرغ مني وما أشهدك ذاك منها حتى أشهدتها ذام منك فأشهدتك منها مواقع ذكرى وأشهدتها منك مواقع نظري ما كنت لأجمع بين ذكرى ونظري في انتقامي.

موقف قف

أوقفني في قف وقال لي إذا قلت لك قف فقف لي لا لك ولا لأخاطبك ولا لآمرك ولا لتسمع مني ولا لما تعرف مني ولا لما لا تعرف مني ولا لأوقفني ولا ولياً عبد، قف لا لأخاطبك ولا تخاطبني بل أنظر إليك وتنظر إلي فلا تزل عن هذا الموقف حتى أتعرف إليك وحتى أخاطبك وحتى آمرك فإذا خاطبتك وإذا حادثتك فابك إن أردت علي البكاء وإن أردت على فوتي بخطابي وعلى فوتي بمحادثتي.

وقال لي إذا قلت لك قف فوقفت لا لخطابي عرفت الوقوف بين يدي وإذا عرفت الوقوف بين يدي حرمتك على سواي وإذا حرمتك على سواي كنت من أهل صيانتي.

وقال لي إذا عرفت كيف تقول إذا قلت لك قف لي فقد فتحت لك الباب إلي فلا أغلقه دونك أبداً وأذنت لك أن تدخله إلي فلا أمنعك أبداً، فإذا أردت الوقوف لي فاستعمل أدبي ولك أن تدخل متى شئت وليس لك أن تخرج إذا شئت، فإذا دخلت إلي فقف ولا تخرج إلا بمحادثتي وبتعرفي فما لم أحادثك وما لم أتعرف فأنت في المقام مقام الله وإذا تعرفت إليك فأنت في مقام المعرفة.

وقال لي إذا قلت لك قف لي فعرفت كيف تقف لي فلا تخرج عن مقامك ولو هدمت كل كون بيني وبينك فألحقك بالهدم، فاعرف هذا قبل أن تقف لي ثم قف لي فلا تخرج أو أتعرف إليك بما تعرف مني.

وقال لي لو جاءك في رؤيتي هدم السموات والأرض ما تزيلت ولو طاربك في غيبتي طائر بسرك ما ثبت، ذلك لتعلم قيوميتي بك واستيلائي عليك.
وقال لي أيهما تسألني الرؤية لا عن المسئلة أم الغيبة على المسئلة، الغيبة قاعدة ما بين وبينك في إظهارك.
وقال لي ألا تعلقت بي في الوارد كما تتعلق بي في صرفه.
وقال لي التعلق الأول بي والتعلق الثاني بك.
وقال لي التعلق بي في الوارد لا يصرفه لا لإقراره ولا لمكثه ولا لزواله.
وقال لي قل يا من أورده أشهدني ملكوت برك في ذكرك وأذقني حنان ذكرك في إشهادي فأرنيك مثبتاً حتى تقوم بي رؤيتك في إثباتك ووار عني ما ارتبط بالثبت مني ومنه وناجني من وراء ما أعلمتني حتى أكون باقياً بك فيما عرفتني وسر بي إليك عن قرار ما يستقر به وصفي بوصفي ونادني، يا عبد سقطت معرفة سواي فما ضرك ثبت تعرفي لك هو حسبك.
موقف المحضر والحرف
أوقفني في المحضر وقال لي الحرف حجاب والحجاب حرف.
وقال لي قف في العرش، فرأيت الحرم لا يسلكه النطق ولا تدخله الهموم ورأيت فيه أبواب كل شيء ورأيت الأبواب كلها ناراً للنار حرم لا يدخله إلا العمل الخالص فإذا دخله صار إلى الباب فإذا صار إلى الباب وقف فيه على المحاسبة ورأيت المحاسبة تفرد ما لوجه الله عما لسواه ورأيت الجزاء سواه ورأيت الخالص له ومن أجله يرفع من الباب إلى المنظر الأعلى فإذا رفع إليه كتب على الباب جاز الحساب.
وقال لي إن لم تأكل من يدي وتشرب من يدي لم تستو على طاعتي.
وقال لي إن لم تطعني لأجلي لم تستو على عبادتي.
وقال لي اطرح ذنبك تطرح جهلك.
وقال لي ذكرت ذنبك لم تذكر ربك.
وقال لي في الجنة من كل ما يحتمله الخاطر ومن ورائه أكبر منه، وفي النار من كل ما يحتمله الخاطر ومن ورائه أكبر منه.
وقال لي الذي يصدك عني في الدنيا هو الذي يصدك عني في الآخرة.
وقال لي أوقفت الحرف قدام الكون وأوقفت العقل قدام الحرف وأوقفت المعرقة قدام العقل وأوقفت الإخلاص قدام المعرفة.
وقال لي لا يعرفني الحرف ولا يعرفني ما عن الحرف ولا يعرفني ما في الحرف.
وقال لي وإنما خاطبت الحرف بلسان الحرف فلا اللسان شهدني ولا الحرف عرفني.
وقال لي النعيم كله لا يعرفني والعذاب كله لا يعرفني.
وقال لي لو عرفني النعيم انقطع بمعرفتي عن التنعيم، ولو عرفني العذاب انقطع بمعرفتين بمعرفتي عن التعذيب.
وقال لي رسول رحمة لا يحيط بمعرفتي ورسول عقوبة لا يحيط بمعرفتي.
وقال لي يبدو عليك البادي من جنس ما يستقر عليه.
وقال لي العلم المستقر هو الجهل المستقر.
وقال لي إنما توسوس الوسوسة في الجهل وإنما تخطر الخواطر في الجهل.
وقال لي أعدي عدو لك إنما يحاول إخراجك من الجهل لا من العلم.
وقال لي إن صدك عن العلم فإنما يصدك عنه ليصدك عن الجهل.
وقال لي الذين عندي لا يفهمون عن حرف هو يخاطبهم ولا يفهمون في حرف هو مكانهم ولا يفهمون عنه وهو علمهم، أشهدتهم قيامي بالحرف فرأوني قيماً وشهدوه جهة وسمعوا مني وعرفوه آلة.
وقال لي تحمل إلي ومعك ما عرفت وما أنكرت وما أخذت وما تركت فأسألك عن أجلي فتجب حجتي فأعفو برحمتي.
وقال لي الحرف مكانهم بما به بدا والحرف علمهم بما عنه بدا والحرف موقفهم بما له بدا.
وقال لي العارف يخرج مبلغه عن الحرف فهو مبلغه وإن كانت الحروف سترة.
وقال لي مبلغ العارف مستقره ومستقره هو الذي إن لم يكن به لم يسكن.
وقال لي الحرف لا يلج الجهل ولا يستطيعه.
وقال لي الحرف دليل العلم والعلم معدن الحرف.
وقال لي أصحاب الحروف محجوبون عن الكشوف قائمون بمعانيهم بين الصفوف.
وقال لي الحرف فج إبليس.
وقال لي بقي علم بقي الخطر، بقي قلب بقي خطر بقي عقل بقي خطر، بقي هم بقي خطر.
وقال لي معناك أقوى من السماء والأرض.
وقال لي معناك يبصر بلا طرف ويسمع بلا سمع.
وقال لي معناك لا يسكن الديار ولا يأكل من الثمار.
وقال لي معناك لا يجنه الليل ولا يسرح بالنهار.
وقال لي معناك لا تحيط به الألباب ولا تتعلق به الأسباب.
وقال لي هذا معناك أنا خلقته وهذه أوصافه أنا جعلته وهذه حليته أنا أثبته وهذا مبلغه أنا جوزته.
وقال لي أنا من ورائه ومن وراء ما عرفته، لا تعلمني علومه ولا تشهدني شواهده.
وقال لي إن لم أنتصر بك لم تثبت وإن لم تثبت لم أتعرف إليك.
وقال لي اذكرني تعرفي وانصرني تشهدني.
وقال لي أنا القريب فلا بيان قرب، وأنا البعيد فلا بيان بعد.
وقال لي أنا الظاهر لا كما ظهرت الظواهر، وأنا الباطن لا كما بطنت البواطن.
وقال لي قل عافني من معافاتك منك وحل بيني وبين ما يحول عنك ولا تذرني بمذاري الحروف في معرفتك ولا توقفني أبداً إلا بك.
وقال لي تعلم العلم لوجهي تصب الحق عندي.
وقال لي إذا أصبت الحق عندي أثنيت عليك بثنائي على نفسي.
وقال لي من تعرفت إليه توليت نعيمه بنفسي وتوليت عذابه بنفسي فأمددت النعيم من نعيمه وأمددت العذاب من عذابه.
وقال لي الاسم ألف معطوف.
وقال لي العلم من وراء الحروف.
وقال لي المحضر خاص ولكل خاص عام.
وقال لي الحضرة تحرق الحرف وفي الحرف الجهل والعلم ففي العلم الدنيا والآخرة وفي الجهل مطلع الدنيا والآخرة والمطلع مبلغ كل ظاهر وباطن والمبلغ محو في باد من بوادي الحضرة.
وقال لي الحرف لا يلج الحضرة وأهل الحضرة يعبرون الحرف ولا يقفون فيه.
وقال لي تستوحش تحت الأرض مما تستوحش منه فوق الأرض.
وقال لي أهل الحضرة ينفون الحرف مع ما فيه نفي الخواطر.
وقال لي إن لم تكن من أهل الحضرة جاءك الخاطر وكل السوى خاطر فلم ينفه إلا العلم وللعلم أضداد ولا تخلص إلا بالجهاد.
وقال لي لا جهاد إلا بي ولا علم إلا بي، فإن وقفت بي فأنت من أهل حضرتي.
وقال لي انظر إلى قبرك، إن دخل معك العلم دخل دخل معه الجهل وإن دخل معك العمل دخلت معه المحاسبة وإن دخل معك السوى دخل معه ضده من السوى.
وقال لي ادخل إلى قبرك وحدك تراني وحدي فلا تثبت لي مع سواي.
وقال لي إذا تعرفت إليك فاحذرني لا أجعل العذاب وما فيه في جارحة من جوارحك وارج فضلي في أضعاف ذلك في كرامتك.
وقال لي أهل الحضرة هم الذين عندي.
وقال لي الخارجون عن الحرف هم أهل الحضرة.
وقال لي الخارجون عن أنفسهم هم الخارجون عن الحرف.
وقال لي اخرج من العلم تخرج من الجهل واخرج من العمل تخرج من المحاسبة واخرج من الإخلاص تخرج من الشرك واخرج من الاتحاد إلى الواحد واخرج من الوحدة تخرج من الوحشة واخرج من الذكر تخرج من الغفلة واخرج من الشكر تخرج من الكفر.
وقال لي اخرج من السوى تخرج من الحجاب واخرج من الحجاب تخرج من البعد واخرج من البعد تخرج من القرب واخرج من القرب ترى الله.
وقال لي لو تعرفت إليك بمعارف السطوة فقدت العلم والحس.
وقال لي للمحضر أبواب عدد ما في السماء والأرض وهو باب من أبواب الحضرة.
وقال لي أول باب من أبواب الحضرة موقف المسئلة، أوقفك فأسألك فأعلمك فتجيب فتثبت بتعرفي وتعرف معارفك من لدني فتخبر عني.
وقال لي ما النار، قلت نور من أنوار السطوة، قال ما السطوة، قلت وصف من أوصاف العزة، قال ما العزة، قلت وصف من أوصاف الجبروت، قال ما الجبروت، قلت وصف من أوصاف الكبرياء، قال ما الكبرياء، قلت وصف من أوصاف السلطان، قلت ما السلطان، قلت وصف من أوصاف العظمة، قال ما العظمة، قلت وصف من أوصاف الذات، قال ما الذات، قلت ما الذات قلت أنت الله لا إله إلا أنت، قال قلت الحق، قلت أنت قولتني، قال لترى بينتي.
وقال لي الطبقة الأولى يعذبون بالسطوة والطبقة الثانية يعذبون بالعزة والطبقة الثالثة يعذبون بالجبروت والطبقة الرابعة يعذبون بالكبرياء والطبقة الخامسة يعذبون بالسلطان والطبقة السادسة يعذبون بالعظمة والطبقة السابعة يعذبون بالذات.
وقال لي أهل النار يأتيهم العذاب من تحتهم وأهل الجنة ينزل عليهم نعيمهم من فوقهم.
وقال لي ما الجنة، قلت وصف من أوصاف التنعيم، قال ما التنعيم، قلت وصف من أوصاف اللطف، قال ما اللطف، قلت وصف من أوصاف الرحمة، قال ما الرحمة، قلت وصف من أوصاف الكرم، قال ما الكرم، قلت وصف من أوصاف العطف، قال ما العطف، قلت وصف من أوصاف الود، قال ما الود، قال وصف من أوصاف الحب، قال ما الحب، قلت وصف من أوصاف الرضا، قال ما الرضا، قلت وصف من أوصاف الاصطفاء، قال ما الاصطفاء، قلت وصف من أوصاف النظر، قال ما النظر، قلت وصف من أوصاف الذات، قال ما الذات، قلت أنت الله، قال قلت الحق، قلت أنت قولتني، قال لترى نعمتي.
وقال لي الطبقة الأولى يتنعمون بالتنعيم والطبقة الثانية يتنعمون بالكرم والطبقة الثالثة يتنعمون بالعطف والطبقة الرابعة يتنعمون بالود والطبقة الخامسة يتنعمون بالحب والطبقة السادسة يتنعمون بالرضا والطبقة السابعة يتنعمون بالاصطفاء والطبقة الثامنة يتنعمون بالنظر.
وقال لي قد رأيت كيف يسري العذاب وكيف يسري النعيم وإلي يرجع الأمر كله فقف عندي تقف من وراء كل وصف.
وقال لي إن لم تقف وراء الوصف أخذك الوصف.
وقال لي إن أخذك الوصف الأعلى أخذك الوصف الأدنى.
وقال لي إن أخذك الوصف الأدنى فلا أنت مني ولا من معرفتي.
وقال لي أجللتك فاستخلفتك وعظمتك فاستعبدتك وكرمتك فعاينتك وأحببتك فابتليتك.
وقال لي نظرت إليك فناجيتك وأقبلت عليك فأمرتك وغرت عليك فنهيتك وأخلصتك لودي فعرفتك.
وقال لي القرآن يبني والأفكار تغرس.
وقال لي الحرف يسري حيث القصد جيم جنة جيم جحيم.
وقال لي إذا جاءني نطق الناطقين أثبته فيما به يطمئنون.
وقال لي إن آخذتك بذنب أخذتك بكل ذنب حتى أسألك عن رجع طرفك وعن ضمير قلبك.
وقال لي إن قبلت حسنة جعلت السيئات كلها حسنات.
وقال لي من أهل النار، قلت أهل الحرف الظاهر، قال من أهل الجنة، قلت أهل الحرف الباطن، قال ما الحرف الظاهر، قلت علم لا يهدي إلى عمل قال ما الحرف الباطن، قلت علم يهدي إلى حقيقة، قال ما العمل، قلت الإخلاص قال لي ما الحقيقة، قلت ما تعرفت به، قال لي ما الإخلاص، قلت لوجهك، قال ما التعرف، قلت ما تلقيه من قلوب أوليائك.
وقال لي القول الخالص موقوف على العمل والعمل موقوف على الأجل والأجل موقوف على الطمأنينة والطمأنينة موقوفة على الدوام.

موقف الموعظة

أوقفني في الموعظة وقال لي احذر معرفة تطالبك برد معارفي فتقلب وجدك وأختم بها على قلبك.
وقال لي احذر معرفة تحتج ولا تجيز وتوجب ولا تحمل وتلزم ولا تيسر فيأخذك بها الحاكم وهو عدل وتحق بها الكلمة وهو فصل.
وقال لي ما تطالب المعرفة برد المعرفة لعجزها عن الارتجاع إنما تثبت لمن سكنته قدماً في الجحود والشقاق.
وقال لي تب إلي ولست بتائب أو تعلن لي، وأعلن لي ولسن بمعلن أو تصبر، واصبر لي ولست بصابر أو تؤثر.
وقال لي أعلن توبتك لكل شيء يستغفر لك كل شيء.
وقال لي تب إلي بمجامع علمك واجتمع علي بأقاصي همك.
وقال لي اجعل موعظتي بين جلدك وعظمك وبين نومك ويقظتك.
وقال لي اجعل تذكيري على أدواء أدواءك.
وقال لي أعلن توبتك بالنهار بالصيام وأعلن توبتك بالليل بالقيام.
وقال لي قم يا تائب إلى ظهورك أفتح لك بابا إلى حبورك، قم يا تائب إلى قرآنك أفتح لك بابا إلى أمانك.
قم يا تائب إلى دعائك أفتح بابا إلى كشف غطائك.
وقال لي قم يا تائب إلى ملاذك أفتح لك باب حطة في معاذك.
وقال لي أظهرني على لسانك كما ظهرت على قلبك وإلا احتجبت عنك بك.
وقال لي إن احتجبت عنك بك عصيتني في كل حال وأنكرتني في كل فال.
وقال لي إن لم تظهرني على لسانك لم أنصرك على عدوك.
وقال لي لا تذكر عذرك فتذكر ما منه، ولا تذكر ما منه فترد به وتصدر عنه.

موقف الصفح والكرم

أوقفني في الصفح والكرم وقال لي أنا رب الآلاء والنعم.
وقال لي تعرفت إلى القلم بمعرفة من معارف الإثبات وتعرفت إلى اللوح بمعرفة من معارف الحزن.
وقال لي تعلق بي فأول عارض يعترض لك الحسنات فإن أجبتها تعرضت لك السيئات.
وقال لي الحسنات محابس الجنة والسيئات محابس النار.
وقال لي اتبعني ولا تلتفت يميناً على الحسنات واتبعني ولا تلتفت شمالاً على السيئات.
وقال لي ما حسنتك مطيتي فتحملني ولا سيئتك تعجبني فتصدني، أنا أقرب إلى الحسنات من الهم بالحسنات وأنا أقرب إلى السيئات من الهم بالسيئات.
وقال لي أنا أقرب من الهم إلى القلب المهتم.
وقال لي الحكم نقيب من نقباء العلم والذكر مادة من مواد الجنة وباب من أبواب الزلفة.

موقف القوة

أوقفني في القوة وقال لي هي وصف من أوصاف القيومية.
وقال لي القيومية قامت بكل شيء.وقال لي بين ما قام بالقوة وبين ما قام بالقيومية فرق.
وقال لي سري وصف القوة في كل شيء فيه قام على مختلف القيام ولو سرى فيه وصف القيومية لرفع المختلف وقام به على كل حال.
وقال لي القيومية محيطة لا تخرق.
وقال لي القوة ماسكة والقيومية مقلبة والتقليب مثبت ماح.
وقال لي قوة القوى وضعف الضعيف من أحكام وصف القوة.
وقال لي أقوى القوة جهل لا يميل فمن دام فيه دام في القوة ومن تميل فيه تميل في القوة.
وقال لي كلما قويت في الجهل قويت في العلم.
وقال لي إن أردت وجهي ركبت القوة.
وقال
لي إن ركبت القوة فأنت من أهل القوة وإن أخذتك القوة بيمينك وشمالك ألقيتها من وراء ظهرك.
وقال لي إن ركبت القوة نظرت بالقوة وإن ركبت القوة سمعت القوة وإن ركبت القوة تصرفت بالقوة.
وقال لي إذا تصرفت في كل متصرف بالقوة لم تمل وإذا لم تمل استقمت وإذا استقمت فقل ربي الله تعالى "بسم الله الرحمن الرحيم" إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا ابشروا بالجنة التي كنتم توعدون" صدق الله العظيم.
وقال لي لن تركب القوة حتى تتفرغ لي من سواي.
وقال لي أول القوة أن تتفرغ لي ورأس القوة أن تريد بالعمل وجهي.
وقال لي القوة مطية الحاضرين والحضور بما فيه مطية المنقطعين والانقطاع بما فيه مطية المقتطعين.
وقال لي المقتطعين جلساء الحكمة وسفراء الملكوت.وقال لي لكل شيء معدن ومعدن القوة اجتناب النهي.
وقال لي المعدن مستقر وللمستقر أبواب وللأبواب طرق وللطرق فجاج وللفجاج أدلاء وللأدلاء زاد وللزاد أسباب.
وقال لي حكمي الذي يجري في كل شيء قهراً هو حكمي الذي يدينك إلي طوعاً.
وقال لي يا كاتب القوة لا بمعناك كتبتها فعرفتها ولا بمعناك عرفتها فحملتها.
وقال لي إن وقفت والنار عن يمينك نظرت إليك فأطفأتها، وإن وقفت والنار عن شمالك نظرت إليك فأطفأتها، وإن وقفت والنار أمامك لم أنظر إليك لأني لا أنظر إلى من في النار.
وقال لي لا أنظر إليك والنار أمامك ولا أسمع منك والجنة أمامك.
وقال لي إنما أنت متوجه إلى ما هو أمامك فانظر إلى ما أنت متوجه إليه فهو الذي ينظر إليك وهو الذي تصير إليه.
وقال لي أقسمت على نفسي بنفسي لا ترك لي تارك شيئاً إلا أتيته ما ترك أو زكى مما ترك، فإن أقله ما أتيته فذاك جزاء المخلصين وإن لم يقله ما أتيته أتيته الحسنى وزيادة وأنا حسب العالمين الغافلين في أعمالهم عني.
وقال لي يا كاتب القوة لا بأقلامك سطرتها فأحصيتها ولا بصحائفك أدركتها فاحتويتها.
وقال لي يا كاتب المعرفة لا بإبانتك أبنتها فأجريتها ولا بتعجيمك عجمتها ففصلتها ولا بتفصيلك رتبتها فألفتها.
وقال لي يا كاتب القوة كتابة القوة بأقلام القوة وكتابة المعرفة بأقلام المعرفة وكل كتابة فبأقلامها تسطر.
وقال لي أذنب الواجد بي جعلت عقوبته أن يذنب ولا يجد بي.
وقال لي إذا أذنب وهو واجد بي استوحش من نفسه واحتج لي عليها، وإذا أذنب ولم يجد بي أنس بمبلغ تأويله واحتج علي.
وقال لي إذا قلبتك في الذنب بين الوجد بي وفقد الوجد وأشهدتك الاحتجاج لي فقد غفرت الأول والآخر وصفحت عن الباطن والظاهر.
وقال لي ما أذنب مذنب وهو غير واجد بي إلا أصر فإذا وجد بي أقلع، وما أذنب مذنب وهو واجد بي إلا تاب ولا أشهد وناب فلم يعاود إلا وقد غفرت له وقبلت.
وقال لي إن لم تنتسب إلي نسبي لم تنفصل عن نسب سواي.
وقال لي نسبي ما علق بذكرى ونسبي ما علق بي في ذكرى ونسبي ما أدام لي فيما علق بي ونسبي فيما أدام لي من أجلي.
وقال لي نسب السوى من أجل السوى.
وقال لي من جاءني بأجل سواي أوقفته مع ما جاء به أين كانت درجته.
وقال لي الأجل مجمع الواقفين ومفرق المعلولين.
وقال لي لا تنقطع إلي حتى تنقطع لي ولا أقتطعك حتى تنقطع علي.
وقال لي إن غذوت بمآكل قوم غذوت بقلوبهم وإذا غذوت بقلوبهم غذوت بأعمالهم وإذا غذوت بأعمالهم غذوت بمنقلبهم.
وقال لي إن عرفتني بمعرفة الانقطاع إلي لم تنكرني، وإن عرفتني بمعرفة المقام عندي لم تلوعني.
وقال لي إن لم تنقطع إلي فميزان فيه ما أردت لي وميزان فيه ما أردت لك.
وقال لي إن لم تنقطع إلي فأنت من أهل الموازين.
وقال لي أهل الموازين أهل الورع وإن ثقل ما وزنوا.

موقف إقباله

أوقفني في إقباله وقال لي لكل ولي باب يدخل منه وباب يخرج منه.
وقال لي إنما أحشرك مع أبناء جنسك من كانوا وأين كانوا.
وقال لي أبناء جنسك أبناء شهوتك أو تركك وليس أبناء جنسك أبناء عملك ولا أبناء معرفتك.
وقال لي إن قلت ما أقول قلت ما تقول.
وقال لي أول الاستجابة استجابتك للقول بقولك.
وقال لي الاستجابة أن تقول ما أقول ولا تلتفت إلى عاقبة بضمير.
وقال لي الدعاء الخالص أدب من آداب الاجتماع.

وقال لي من إقبالي عليك أني أريدك بأن تريدني لتثبت في الإقبال علي فأردني واشهدني أريدك بأن تريدني فتدوم بي وتنقطع عنك.

وقال لي فرقت السموات والأرض ومن فيهن من نار العذاب وفرقت نار العذاب من نار الاستتار.

وقال لي أبناء همك جمع ويفترقون بالشهوات، أبناء علمك جمع ويفترقون بالشهوات، أبناء عملك جمع ويفترقون بالشهوات، أبناء شهوتك جمع ويفترقون بالترك والتاركون أبناء ما أجله تركوا والآخذون أبناء ما من أجله أخذوا.
وقال لي إن لم يصعد عملك من الباب الذي نزل منه علمك لم يصل إلي.
وقال لي إن لم تكن في أمري كالنار أدخلتك النار.
وقال لي انظر إلى النار كيف هي لي لا ترجع فكذلك كن لي لا ترجع قولاً ولا فعلاً.
وقال لي عقوبة كل مذنب تأتي من مستمده فانظر من أين تستمد فمن هناك ثوابك وعقابك فانظر من أين تستمد.
وقال لي الصلوات موقوفة على عشاء الآخرة تذهب بها أين ذهبت.
وقال لي وكلت الظن بالعمل يحسن إذا حسن ويسوء إذا ساء.

موقف الصفح الجميل

أوقفني في الصفح الجميل وقال لي أنا يسرت المعذرة وأنا عدت بالعفو والمغفرة.
وقال لي إن أنزلتني في حسنتك نزلت في سيئتك.

وقال لي إن أنزلتني في حسنتك باهيت بها وإذا باهيت بها أثبتها في بهائي، وإذا نزلت في سيئتك محوتها من كتابك ومحوتها من قلبك فلا تجد بها فتستوحش ولا تفرغ إليها فتفترق.

وقال لي إن لم تعرف أي عبد أنت لي لم تعرف مني وإن لم تعرف مقامك مني لم تثبت في أمري وإن لم تثبت في أمري خرجت من ظلي.

وقال لي اعرف مقامك مني وأقم فيه عندي، فرأيت الكون كله جزيئة في جزيئة موصولة ومفصولة لا تستقل الموصولة من دونه بنفسها ولا بالمفصولة ولا تستقل المفصولة بنفسها ولا بالموصولة، ورأيته قد حجب الموصولات والمفصولات وختم على الحجاب بخاتمته ولم يؤذن المحجوب بختم الحجاب ولا بالحجاب فيكون الإيذان له تعرفاً إليه بحكم من أحكام الفوت فيكون التعرف إليه سبباً موصولاً به فيخرج عن الختم بالتعرف.

وقال لي اخرج عن الموصول والمفصول واخرج عن الحجاب والختم وعن الخاتم فالحجاب صفة والختم والخاتم صفة، فاخرج عن الصفات وانظر إلي لا تحكم علي الصفات ولا تهجم علي الموصوفات ولا تتعلق بي بالمتعلقات ولا تقتبس مني المقتبسات.

وقال لي لا تجعل الكون من فوقك ولا من تحتك ولا عن يمينك ولا عن شمالك ولا في علمك ولا في وجدك لا في ذكرك ولا في فكرك ولا تعلقه بصفة من صفاتك ولا تعبر بلغة من لغاتك وانظر إلى من قبله، فذلك مقامك فأقم فيه ناظراً إلي كيف كونت وكيف أكون وكيف قلبت ما أكون وكيف أشهدت وغيبت فيا قلبت وكيف استوليت على ما أشهدت وكيف أحطت على ما استوليت وكيف استأثرت فيما أحطت وكيف فت فيما أستأثرت وكيف قربت فما فت وكيف بعدت فيما قربت وكيف دنوت فيما بعدت، فلا تمل مع المائلات ولا تمد مع المائدات وكن كأنك صفة لا تتميل ولا تتزيل.

وقال لي هذا مقام الأمان والظل وهذا مقام العقد والحل.
وقال لي هذا مقام الولاية والأمانة.

وقال لي هذا مقامك فأقم فيه تكن في إحسان كل محسن وفي استغفار كل مستغفر.

وقال لي إذا أقمت في هذا المقام حوت صفتك جميع أحكام الصفات الطائعات وفارقت صفتك جميع أحكام الصفات العاصيات.

وقال لي إذا أقمت في هذا المقام قلت لك قل فقلت فكان ما تقول بقولي فشهدت الاختراع جهرة.

وقال لي إن ملت إلى العرش حبستك فيه فكان حجابك وإن حبستك فيه دخل كل أحد إلى حبسك فيه فحسبت لشرفه من فعلك فإن رددتك إلى شرفه وإلى فعلك كان حجابك.
وقال لي جد وجد الحضرة على أي صفة جاءك الوجد، فإن عارضتك الصفات فأدعها وأدع موصوفاتها إلى وجدك، فإن استجابت لك فاهرب إلى الصفة التي تجد بمقامك فيها وجد الحضرة فإن لم تهرب فارقك وجد الحضرة وتحكمت عليك صفات الحجاب وموصوفاتها.

وقال لي اجعل سيئتك نسياً منسياً، ولا تخطر بك حسنتك فتصرفها بالنفي.
وقال لي قد بشرتك بالعفو فاعمل به على الوجد بي وإلا لم تعمل.
وقال لي إن ذهبت عن وجد المغفرة أذهبك ما ذهبت إليه إلى المعصية، فحيث تسألني المغفرة فلا اصدق ما تقول ولا أتعرف من حيث تؤول.
وقال لي لا طريق إلى مقامك في ولايتي إلا الوجد منك بعفوي ومغفرتي، فإن أقمت في الوجد بما بشرتك به من عفوي ومغفرتي أقمت في مقامك من ولايتي وإن خرجت خرجت وإن خرجت فارقت.
وقال لي يا ولي قدسي واصطفاء محبتي.
وقال لي يا ولي محامدي يوم كتبت محامدي.

وقال لي قف في مقامك ففيه تجري عين العلم فلا تنقطع، فإذا جرت فانظر حكمتها فيما تجري وانظر حكمتها فيما تسقي ولا تمض معها فتذهب عن مقامك وعن العين فيه.
وقال لي أقم في مقامك تشرب من عين الحيوة فلا تموت في الدنيا ولا في الآخرة.
وقال لي الذنب الذي أغضب منه هو الذي أجعل عقوبته الرغبة في الدنيا والرغبة في الدنيا باب إلى الكفر بي فمن دخله أخذ من الكفر بما دخل.

وقال لي الراغب في الدنيا هو الراغب فيها لنفسه والراغب فيها لنفسه المحتجب بها عني القانع بها مني.
وقال لي إن لم تدر من أنت لم تفد علما ولم تكسب عملاً.
وقال لي قد رأيت مقامي ورأيت الكون وأريتك نوريتك فأين ذهبت بها ذهبت بها، فعلقت فتمخضت فوضعت فاستسعيتك فاسترهبتك فاستخدمتك.
وقال لي إن كنت من أهل القرآن فبابك في التلاوة لا تصل إلا منه.
وقال لي كذلك بابك فيما أنت فيه من أهله.
وقال لي تلاوة النهار باب إلى الحفظ والحفظ باب إلى تلاوة الليل وتلاوة الليل باب إلى الفهم والفهم باب إلى المغفرة.

موقف اقشعرار الجلود

أوقفني في اقشعرار الجلود وقال لي هو من أثار نظري وهو باب محضري.
وقال لي هو عن حكمي لا عن حكم سواي وهو عن حكم إقبالي عليك لا عن حكم إقبالك علي.
وقال لي هي علامة حكم ذكرى لك لا علامة ذكرك لي وهي علامتي ودليلي فاعتبر بها كل وجد وعقد فإن أقامت في شيء فهو الحق وإن فارقته فهو الباطل.
وقال لي هي ميزاني فزن به وهي معياري فاعتبر به وهي علامة اليقين وهي علامة التحقيق.
وقال لي أبواب الرجاء فيها مفتوحة وأبواب الثقة بي فيها مبشرة.
وقال لي لا طريق إلي إلا في محجتها ولا مسير إلي إلا في نورها.
وقال لي هي نور من أنوار المواصلة وهي نور من أنوار المواجهة إذا بدا أباد ما سواه.

 

موقف العبادة الوجهية

أوقفني في العبادة والوجهية وقال لي هي صاحبة الروح والريحان عند الموت.
وقال لي العبادة الوجهية طريق المقربين إلى ظل العرش.
وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية ستأتيك الجنة فتتراءى لقلبك وتتمثل لنفسك وستأتيك النار فتتراءى لقلبك وتتمثل لنفسك، وأنا الحق الذي لا يتراءى ولا يتمثل فإن نظرت إلى النار فرقت فلم تحمل لي حكمة، وإن نظرت إلى الجنة سكنت فلم تحمل لي أدب المعرفة.
وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية وجه وجهك إلي وجه وجه همك إلي وجه وجه قلبك إلي وجه وجه سمعك إلي وجه وجه سكونك إلي.
وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية إذا أتتك النار والجنة فسأشهدك منهما مواضع المعرفة وسأشهدك في مواضع المعرفة آثار النظر وسأشهدك في آثار النظر مواضع التسبيح فاذهب عن كل آثار بكل آثار تذهب عن زخارف الجنة وعن بأساء النار.
وقال لي إنما أشهدتك الآثار بعد الآثار لأذهبك عن الجنة والنار لأن الآثار هي الاغيار.
وقال لي لا أرضى لك أن تقيم في شيء وإن رضيته أنت عندي أكبر منه فأقم عندي لا عنده.
وقال لي أتدري ماذا أعددت لصاحب العبادة الوجهية، عتب أبوابهم من شرف قباب من سواهم وأبوابهم من شرف مقاصير من سواهم.
وقال لي كل أحد في الجنة يأتيني فيقف في مقامه إلا أهل العبادة الوجهية فإنهم يأتوني مع الناس عامة وآيتهم من دون الناس خاصة.
وقال لي فضل المنزل الذي آتيه على المنزل الذي لا آتيه كفضلي على كل ما أنا منشئه.
وقال لي أهل العبادة الوجهية أهل الصبر الذي لا يهرم وأهل الفهم الذي لا يعقم.
وقال لي أهل العبادة الوجهية وجوه الناس ترفع إليهم الوجوه يوم القيامة.
وقال لي أهل العبادة الوجهية أهلي أهل خلتي أهل الشفاعة إلي أهل زيارتي.
وقال لي كما يأتيك التثبيت في تهجدك كذا يأتيك التثبيت في يوم موردك.
وقال لي إذا وقفت بين يدي فبقدر ما تقبل الخاطر يأتيك الروع وبقدر ما تنفيه ينتفي عنك الحكم والروع.
وقال لي أنت على أعوادك بما أنت فيه في القيام، وأنت في مطلعك بما أنت به في الركوع، وأنت في متوسدك بما أنت به من السجود.
وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية وجه كل شيء ما أشهدك أنه متعلق بي منه فتشهده فتعمله فتعرفه لا يتعبر لا فتعبره ولا يترجم لك فتترجمه فذلك من العلم الصامت.
وقال لي إذا سترت عنك وجه كل شيء رأيت ذلك المعنى الذي شهدته متعلقاً بي منه داعياً لك إلى التعلق به.
وقال لي قف في مقامك ففيه تجري عين العلم فلا تنقطع، فإذا جرت فانظر حكمتها فيما تجري وانظر حكمتها فيما تسقي ولا تمض معها فتذهب عن مقامك وعن العين فيه.
وقال لي أقم في مقامك تشرب من عين الحيوة فلا تموت في الدنيا ولا في الآخرة.
وقال لي الذنب الذي أغضب منه هو الذي أجعل عقوبته الرغبة في الدنيا والرغبة في الدنيا باب إلى الكفر بي فمن دخله أخذ من الكفر بما دخل.
وقال لي الراغب في الدنيا هو الراغب فيها لنفسه والراغب فيها لنفسه المحتجب بها عني القانع بها مني.
وقال لي إن لم تدر من أنت لم تفد علما ولم تكسب عملاً.
وقال لي قد رأيت مقامي ورأيت الكون وأريتك نوريتك فأين ذهبت بها ذهبت بها، فعلقت فتمخضت فوضعت فاستسعيتك فاسترهبتك فاستخدمتك.
وقال لي إن كنت من أهل القرآن فبابك في التلاوة لا تصل إلا منه.
وقال لي كذلك بابك فيما أنت فيه من أهله.
وقال لي تلاوة النهار باب إلى الحفظ والحفظ باب إلى تلاوة الليل وتلاوة الليل باب إلى الفهم والفهم باب إلى المغفرة.

موقف اقشعرار الجلود

أوقفني في اقشعرار الجلود وقال لي هو من أثار نظري وهو باب محضري.
وقال لي هو عن حكمي لا عن حكم سواي وهو عن حكم إقبالي عليك لا عن حكم إقبالك علي.
وقال لي هي علامة حكم ذكرى لك لا علامة ذكرك لي وهي علامتي ودليلي فاعتبر بها كل وجد وعقد فإن أقامت في شيء فهو الحق وإن فارقته فهو الباطل.
وقال لي هي ميزاني فزن به وهي معياري فاعتبر به وهي علامة اليقين وهي علامة التحقيق.
وقال لي أبواب الرجاء فيها مفتوحة وأبواب الثقة بي فيها مبشرة.
وقال لي لا طريق إلي إلا في محجتها ولا مسير إلي إلا في نورها.
وقال لي هي نور من أنوار المواصلة وهي نور من أنوار المواجهة إذا بدا أباد ما سواه.

موقف العبادة الوجهية

أوقفني في العبادة والوجهية وقال لي هي صاحبة الروح والريحان عند الموت.
وقال لي العبادة الوجهية طريق المقربين إلى ظل العرش.

وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية ستأتيك الجنة فتتراءى لقلبك وتتمثل لنفسك وستأتيك النار فتتراءى لقلبك وتتمثل لنفسك، وأنا الحق الذي لا يتراءى ولا يتمثل فإن نظرت إلى النار فرقت فلم تحمل لي حكمة، وإن نظرت إلى الجنة سكنت فلم تحمل لي أدب المعرفة.

وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية وجه وجهك إلي وجه وجه همك إلي وجه وجه قلبك إلي وجه وجه سمعك إلي وجه وجه سكونك إلي.

وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية إذا أتتك النار والجنة فسأشهدك منهما مواضع المعرفة وسأشهدك في مواضع المعرفة آثار النظر وسأشهدك في آثار النظر مواضع التسبيح فاذهب عن كل آثار بكل آثار تذهب عن زخارف الجنة وعن بأساء النار.
وقال لي إنما أشهدتك الآثار بعد الآثار لأذهبك عن الجنة والنار لأن الآثار هي الاغيار.
وقال لي لا أرضى لك أن تقيم في شيء وإن رضيته أنت عندي أكبر منه فأقم عندي لا عنده.

وقال لي أتدري ماذا أعددت لصاحب العبادة الوجهية، عتب أبوابهم من شرف قباب من سواهم وأبوابهم من شرف مقاصير من سواهم.
وقال لي كل أحد في الجنة يأتيني فيقف في مقامه إلا أهل العبادة الوجهية فإنهم يأتوني مع الناس عامة وآيتهم من دون الناس خاصة.
وقال لي فضل المنزل الذي آتيه على المنزل الذي لا آتيه كفضلي على كل ما أنا منشئه.
وقال لي أهل العبادة الوجهية أهل الصبر الذي لا يهرم وأهل الفهم الذي لا يعقم.
وقال لي أهل العبادة الوجهية وجوه الناس ترفع إليهم الوجوه يوم القيامة.
وقال لي أهل العبادة الوجهية أهلي أهل خلتي أهل الشفاعة إلي أهل زيارتي.
وقال لي كما يأتيك التثبيت في تهجدك كذا يأتيك التثبيت في يوم موردك.
وقال لي إذا وقفت بين يدي فبقدر ما تقبل الخاطر يأتيك الروع وبقدر ما تنفيه ينتفي عنك الحكم والروع.

وقال لي أنت على أعوادك بما أنت فيه في القيام، وأنت في مطلعك بما أنت به في الركوع، وأنت في متوسدك بما أنت به من السجود.
وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية وجه كل شيء ما أشهدك أنه متعلق بي منه فتشهده فتعمله فتعرفه لا يتعبر لا فتعبره ولا يترجم لك فتترجمه فذلك من العلم الصامت.
وقال لي إذا سترت عنك وجه كل شيء رأيت ذلك المعنى الذي شهدته متعلقاً بي منه داعياً لك إلى التعلق به.

وقال لي هو أن تسلم لي ما أحكم لك وما أحكم عليك، قلت كيف أسلم لك، قال لا تعارضني برأيك ولا تطلب على حقي عليك دليلاً من قبل نفسك فإن نفسك لا تدلك على حقي أبداً ولا تلتزم حقي طوعاً، قلت كيف لا أعارض، قال تتبع ولا تبتدع، قلت كيف لا أطلب على حقك دليلاً من قبل نفسي، قال إذا قلت لك إن هذا لك تقول هذا لي وإذا قلت لك هذا لي تقول إن هذا لك فيكون أمري لك هو مخاطبك وهو المستحق عليك وهو دليلك فتستدل به عليه وتصل به إليه، قلت فكيف أتبع، قال تسمع قولي وتسلك طريقي، قلت كيف لا أبتدع، قال لا تسمع قولك ولا تسلك طريقك، قلت ما قولك، قال كلامي، قلت أين طريقك، قال أحكامي، قلت ما قولي، قال تحيرك، قلت ما طريقي، قال تحكمك، قلت ما تحكمي، قال قياسك، قلت ما قياسي، قال عجزك في علمك، قلت كيف أعجز في علمي، قال إني ابتليتك في كل شيء مني إليك بشيء منك إلى فابتليتك في علمي بعلمك لأنظر أتتبع علمك أو علمي وابتليتك في حكمي بحكمك لأنظر أتحكم بحكمك أو بحكمي، قلت كيف أتبع علمي وكيف أعمل بحكمي، قال تنصرف عن الحكم بعلمي إلى الحكم بعلمك، قلت كيف أنصرف عن الحكم بعلمك إلى الحكم بعلمي، قال تحل بكلامك ما حرمته بكلامي وتحرم بكلامك ما حللته بكلامي وتدعي على أن ذلك بإذني وتدعي على أن ذلك عن أمري، قلت كيف ادعي عليك، قال تأتي فعل لم آمرك به فتحكم له بحكمي في فعل أمرتك به وتأتي بقول لم آمرك به فتحكم له بحكمي في قول أمرتك به، قلت لا آتي بفعل لم تأمرني به ولا آتي بقول لم تأمرني به، قال أن أتيت به كما أمرتك فقولي وفعلي وبقولي وفعلي يقع حكمي وإن أتيت به كما لم آمرك به فقولك وفعلك وبقولك وفعلك لا يقع حكمي ولا يكون ديني وحدودي.

وقال لي إن سويت بين قولي وقولك أو سويت بين حكمي وحكمك فقد عدلت في نفسك، قلت لا حكم إلا لقولك وفعلك، قال فقهت، قلت فقهت، قال لا تمل، قلت لا أميل، قال من فقه أمري فقد فقه ومن فقه رأى نفسه فما فقه.

موقف الكنف

أوقفني في الكنف وقال لي سلم إلي وانصرف، إنك إن لم تنصرف تعترض إنك إن تعترض تضادد.
وقال لي تدري كيف تسلم إلي لا إلى الوسائط، قلت ما الوسائط، قال العلم وكل معلوم فيه.
وقال لي تدري كيف تسلم إلي لا إلى الوسائط،قلت ما الوسائط، قال العلم وكل معلوم فيه.
وقال لي تدري كيف تسلم إلي لا إلى الوسائط، قلت كيف، قال تسلم إلى بقلبك وتسلم إلى الوسائط ببدنك.
وقال لي تسلم إلي وتنصرف هو مقام القوة، والقوة التي هي مقام قوة وضعف فرقاً بينهما وبين قوة لا ضعف لها.
وقال لي قوة القوي أن يسلم ولا ينصرف، وضعف القوى أن يسلم وينصرف.
وقال لي الحقيقة أن تسلم ولا تنصرف وأن لا تأسي ولا تفرح ولا تنحجب عني ولا تنظر إلى نعمتي ولا تستكين لابتلائي ولا تستقرك المستقرات من دوني.
وقال لي مقام الصديقية أن تسلم إلي وتنصرف، ومقام النبوة أن تسلم إلي وتقف.

وقال لي انظر إلى كل بشير يبشرك بعفوي وكل بشير يبشرك بنعمتي وعطفي فاردد ذلك إلي على مطايا الحرف وقل يا ألف هذا الألف فاحمله ويا باء هذه الباء فاحملها ويا حرف هذه الحرف فاحمله، فإني أنا المبدي وأنا المعيد كتبت على جميع ما أبديت لأبدينك وكتبت عليه لما بدا لأعيدنك، فأرجعه إلي أخزنه في خزائن نظري ثم أعبده إليك في يوم اللقاء وقد ألبسته بيدي ونورت له من نوري وكتبت على وجهه محامد قدسي وحففته في يوم لقائك بعظماء ملائكتي.

وقال لي إن رددته إلي على مطايا الحرف أتلقاه بوجهي وأضحك إليه بحبي وأبوءه داري وأجعله روضة من رياض نظري فيماذا ترى أن أزوده إليك من جلال كرمي.

وقال لي من لم يرد إلي ما أبديته من كل معرفة أو علم أو عمل أو حكم ارتجعت ذلك منه بصفة ويشاهد من شواهد صفته ثم لك أسكن ذلك المرتجع جواري ولم أجعله في مستودعات نظري وغدوته من يد الضنين به ثم أعيده إليه يوم قيامه فيعود إليه بسوء آثاره ويرد منه على شناره وخسارة.

وقال لي أردد إلي علمك أردد إلي عملك أردد إلي وجدك أردد إلي أخر همك، أتدري لم ترد ذلك إلي لأحفظه عليك فأودعنيه أنظر إليه في كل يوم فأبارك لك فيه وأزيدك من مزيد نعمتي فيه وأزيدك من مزيد تعرفي فيه، واجعل قلبك عندي لا عندك ولا عند ما أودعتنيه خالياً منك وخالياً مما أودعتنيه أنظر إليه فأثبت فيه ما أشاء وأتعرف إليه بما أشاء تسمع مني وتفهم عني وتراني فتعلم أني.

وقال لي لن تزال محجوباً بحجاب طبيعتك وإن علمتك علمي وإن سمعت مني حتى تنتقل إلى العل بي وحتى تنتقل إلي عن سواي كما اقتطعت قلبك عن التعلم من سواي وأشرفت به على مطلع الأفئدة في العلوم.

وقال لي إن الذي تعرفت به إليك هو الأزمة للقلوب إلي وبه تقاد إلى معرفتي، فاجذبهما إلي ولن تجذب بها حتى تنقطع إلي بها وإن لم تقدها إلي لأوتينك أجرها وخفني على تقلبها.

أقرأ أيضاً: