حاورها وترجم القصائد: خالد النجار

اكنٌا نقف هناك علي سطح القلعة الموغلة في الماء، و كان البحر، بحر الظلمات، أو البحر المغربي المحيط كما تسمٌيه العرب: يبدو في الأسفل، و في سطوع النهار مثل لطخة زرقاء في لوحة لماتيس، لطخة يحفها بياض ضبابي في صيف الرٌباط..و دوناتيلا تواصل كلامها عن الشعر، و تشابكه بالوجود اليومي و الروحي للبشر. فهي من تلك الفصيلة من الكتاب التي تري أن للنص دورا يتجاوز توسيع رؤية القارئ للحياة، إلي تغيير حياته.إنها من فصيلة نيتشة، و ريلكة، وجبران، و هنري ميللر و غيرهم حيث النص يمنحك عنفوانا وجوديا جديدا، إحساسا لذيذا غامرا بالحيويٌة، و إقبالا علي العالم.. في هذا السياق كتبت دوناتيلا بيزوتٌي كتابها العتيد ¢ الشعر ينقذ الحياة ¢ الذي منحها شهرة واسعة ... من أعمالها الشعرية: سراب بصري، و ذاك الذي يأتي، و.. لها عمل روائي مفرد هو: أريد أن تكون لديٌ عيون زرقاء. ولها كتابات للأطفال، كما نقلت أشعارها إلي لغات عدٌة . نقل لها كتابان إلي الفرنسية ،و ترجمت هي بدورها أعمالا لأدموند جابيس، و للشاعر الفرنسي برنار نويل. نالت جوائز كثيرة: من اهمٌها جائزة الشاعر الإيطالي الحائز علي نوبل أوجينو مونتالي . وتعكف دوناتيلاٌ الآن علي إنجاز أنطولوجيا للشعر العربي المعاصر في اللغة الإيطاليٌة. لقيتها لمناسبة صدور عملها الأخير الليل في حصاره الدموي لتحدٌثني عن رؤاها، عن مغامرتها وقلقها الشعري، باختصار عن كامل مسيرتها في الكتابة، و الحياة.

كيف تحدٌدين نفسك كشاعرة.. أريد بورتريها ذاتيا؟

ما أزال إلي اليوم أستشعر شيئا من التٌعقيد، ومن الصٌعوبة لدي استعمال صفة شاعرة فيما يتعلق بي. تبدو لي أن هذه الصٌفة تنطوي علي مسئوليٌة كبيرة: فأنا أفضٌل أن أقول: أنا أكتب قصائد... و بشئ من الجرأة أقول لنفسي أن الشاعر هو ذاك الذي يقدٌم خدمة، خدمة تتمثل في محاولة استكشاف ما يوجد في اللغة، و فيما وراء اللغة، أعني ذاك الصٌمت الذي يحتوي الكلٌ. أما أنا فأريد أن أجتهد لأكون شاعرة، وبكلٌ تواضع. و الأمر بالنٌسبة لي كما لو أنٌي أطرق بابا هو عادة مغلق، إلي أن ينفرج، وهذا في أحسن الحالات.إنٌي أحتفظ و منذ طفولتي بإحساس بالاندهاش، و بالأسرار: ولكن، في الأخير فإنٌ المدهش ليس سوي طريقة لرؤية الواقع لاكتشاف الجوهر الحقيقي للتجربة اليوميٌة، ذاك الجوهر الذي كثيرا ما يتفلٌت منٌا. و ظللت أحتفظ أيضا بفكرة أن السرٌ الذي يلف العالم بمعني الميستار LE mystere يجب ألاٌ يتكشٌف، و إنٌما يشار إليه من بعيد: بنوع من الإجلال الممتزج بالرٌجفة: علينا ألاٌ نقترب من السٌرٌ كثيرا حتى لا نهدمه بأيدينا الشديدة الكثافة. إنٌه كالفراشة التي نشكها بدبٌوس. أطمح ان أكون شاعرة كما يكون الإنسان ساحرا، بيد أنه لا ننسي أن السٌحر الحقيقي هو الحياة نفسها.

البدايات : في الحياة و الكتب ، اللذان يحيل كل منهما للآخر في علاقة تأثير معقٌدة..و متي وعيت بالشعر الذي كثيرا ما يكون لدي الشعراء خيارا أوٌليٌا مطلقا ؟

قررت أن أكون شاعرة عندما كنت طفلة صغيرة في الثامنة من عمري. كنت قد بدأت بكتابة القصائد و كان المعلم يقول لأمٌي: ابنتك ستصير شاعرة شهيرة عندما تكبر، بيد أنٌي لم أعلم بما قاله المعلٌم إلا بعد سنوات طويلة، بعد ما كنت قد نشرت قصائدي الأولي. لو علمت بما قال من قبل، ربما كان ذلك سيشجعني. بيد أنٌ أمٌي لم تعر ذلك كبير أهميٌة.و في الأثناء ظللت علي امتداد السنوات أكتب لنفسي خفية. دون أمل في أن أصبح شاعرة بحق.و في كل مرة كنت اشعر بالخيبة بما اكتب، و كنت أجد في ذلك الدٌليل علي أني لست حقيقة بأن ينالني شرف الشٌعر. و بعد كلٌ محاولة ألوذ بصمت طويل.و كان لا بد من جهد كبير لأكرٌس نفسي لكتابة الشعر بإرادة ثابتة. كنت أفكر في خطر الفشل، و لم يكن لي من القوة لأتحمٌله. بيد أن الكتابة كانت ضرورة قصوى بالنٌسبة لي . و في الأخير وعيت ما قاله بول فاليري من أن البيت الأوٌل في القصيدة الذي يأتينا هو¢ عطيٌة ¢ الآلهة، هو منحة الآلهة. أمٌا بقيٌة الأبيات فلا بد لها من جهد و عناء كبيرين، وعلينا أن نتشجٌع.

وماذا عن التٌأثيرات، عن القراءات الأولي التي هي أكثر من قراءة، اذ تشكل حمٌي الدٌخول في الكلمات و في الحياة؟

أكيد، هناك شعراء كثر كان لهم عليٌ تأثير، بيد أن أسماءهم تتبدٌل حسب فترات حياتي. فترة صدور كتابي الشعريٌ الأوٌل الذي ظهر سنة 1985 كنت أستمدٌ إلهامي من الشاعر الفرنسي فرنسيس بونج Pongee Francis: لقد ظللت دائما مأخوذة بفكرة أنٌ للأشياء، و للحشرات..الخ حياتها الخاصٌة الملغزة :والتي لا تشبه في شئ حياتنا ، بل حياتنا هي التي عليها أن تستنير من اشراقاتها. الأشياء هي أيضا صور لحياة كونيٌة مطمورة عميقا في لا وعينا. وفي كتابي الشٌعريٌ الأوٌل تجد قصائد تتكلٌم عن الذبابة، عن الرٌتيلاء، عن حبوب البازلاء الصغيرة، عن المطر، عن طيٌارة الورق..إلخ شعراء آخرون كان لهم عليٌ تأثير كبير، و هم الشاعرة الأميركية إميلي ديكنسون، ووليم بلايك وهلدرلين ووالاس استيفنسن وكابروني ويانيس ريتسوس، و هناك شاعر كثيرا ما ترجمته هو برنار نويل. لا أعرف كثيرا الشعر العربي الحديث. بيد أنٌه، و منذ مشاركتي في مهرجان الرباط المتوسطي فكرت في دراسة هذا الشعر، و نشر مختارات منه في إيطاليا. لم استطع فهم القراءات الشعرية التي قدمها الشعراء العرب ، و لكن وجدت موسيقي هذا الشعر رائعة، و أيضا الخط العربي المكتوبة بهذه القصائد، إنٌه الشعر الوحيد الذي أسرني و لو أنٌني لم أفهم محتواه.
و إضافة للشعر فان كتابتي تأثرت ايضا بفلسفة الزان التي مارستها لسنوات طويلة.و قد كتب أحد النقاد هنا في ايطاليا أني ¢ الشاعر الوحيد علي مذهب الزٌان¢

ولماذا الكتابة؟

لأنٌي لا أكون بغير الكتابة.

فعل الخلق أيضا ينطوي علي تنظير ما، فالشاعر هو أول ناقد لنصٌه..فليس كل ناقد شاعرا و لكن في أعماق كل شاعر هناك ناقد يفحص الكتابةٌ لحظة تشكٌلها.. ؟

بمعني ما هما شئ واحد.و في رأيي فإنٌ التأمٌل في الكتابة ليكون سوي لا حق للكتابة: و إلاٌ تصير الكتابة تنظيرا. التٌنظير يضع حدودا تجريدية، في حين أنٌ التٌأمٌل هو في ذاته امتداد لفعل الخلق. إنٌه ينطلق من تجربة الكتابة، يعني هو في ذاته حقيقة واقعة. و أنا قد منحت قسما كبيرا من نشاطي الأدبي لهذا النٌوع من التٌأمٌل، و من هذا النشاط ولد كتابي الذي حاز شهرة كبيرة في ايطاليا، و الذي بعنوان ¢ الشعر ينقذ حياتنا ¢. وأنا أقدٌم أيضا محاضرات في الشٌعريٌة اعتمادا علي هذه التٌأمٌلات نفسها.

يقول رامبو في أحد نصوصه: أنا هو آخر : ريلكة أيضا تحدٌث عن المقاطع الشعرية الأولي من كتابه مراثي دوينو قال إنٌها انهمرت عليه ذات يوم في قصر دوينو في شكل إملاء .. و هذه تعبيرة حديثة لمفهوم الوحي الشعري الذي عرفه العرب منذ العصر الجاهلي، ولهم كلام طويل عن وادي عبقر، و ما توحي به الجنٌ... أنت كيف تأتيك الكتابة ؟

أقول لك: حقيقة، لم أكره نفسي أبدا علي الكتابة، و حتى لو فعلت فلن يؤدٌي ذلك إلي شئ.ولكن، و من ناحية أخري، كانت لي تجارب أحسست فيها ب ¢ العطيٌة ¢ ( ما يقابل عندنا الوحي الشعري، و الفتح الصٌوفي ) علي وجه الخصوص. فكتابي الشعري الأوٌل، و الذي نقله برنار نويل للفرنسيٌة، والذي بعنوان خدعة المناظر: هذا الكتاب، كتبت قسما منه وكأنٌي يملي عليٌ. فقد كنت كلٌ صباح، و في الساعة نفسها تأتيني هذه الحالة، و في كل مرٌة كانت تستمر معي مدٌة ساعة تقريبا. وكنت، من شدٌة سرعة الدٌفق، أجهد نفسي للحاق بالكلمات لأكتبها. و استمرٌ هذا الحال معي بضعة أشهر. ثمٌ، و فجأة انحسر كل شئ في اللحظة التي مات فيها إنسان عزيز عليٌ. الأمر الذي انتزعني من هذه النٌعمة.و لم تتكرر معي هذه الظاهرة أبدا بهذا الشكل. كان يهيٌأ لي و كأنٌني أدوٌن شيئا لا أستطيع فهمه بالكامل، بيد أنٌه كان الحقيقة نفسها.أثرها، كثيرون من ذوي المشارب و الرأي الشعرية البعيدة عن رؤيتي تلك القريبة من النظرة العدميٌة مسٌتهم ميمية هذه النٌصوص.

كتبت سنة 1993 قصيدة طويلة تحتوي حوالي 600 بيت، و قد نشرت بدعم من المؤسٌسة الأوربيٌة. هذه القصيدة كتبتها في جزيرة باثموس الإغريقيٌة في عشرة أيٌام.كنت أشتغل كامل النهار و لا أتوقالوقت:تناول وجبات الأكل.و لم أكن ألتقي بأي ٌكان في ذلك الوقت: إلي أن جاءٌ اليوم الذي أنهيت فيه القصيدة. هذا القصيد أعتبره موحي: فجزيرة باثموس هي جزيرة القيامة L apocalypse، و في القصيدة إشارات إلي القيامة. و لكن ليس بمعني نهاية العالم ، بل علي العكس من ذلك، بمعني انبثاق و ظهور عالم جديد . أريد أن أومن بوجوده.

كيف تجدين نصوصك اذ تقرئينها مترجمة في لغات أخري؟

لا أتوصٌل في العادة إلي الحكم علي مدي التأثير الذي تحدثه نصوصي عندما أقرؤها مترجمة إلي لغات أجنبيٌة، حتى و لو كنت أعرف هذه اللغة الأجنبيٌة جيٌدا مثل معرفتي باللٌغة الفرنسيٌة. علي حال، يهيٌأ لي أن هذه النٌصوص المنقولة للغات الأجنبيٌة اقل انتماء لي. بيد أني تجدني متطلعة إلي معرفة التٌحول الذي طرأ علي هذه النٌصوص في اللغات المنقولة إليها و أنا سعيدة بأن أراها و قد تحوٌرت بواسطة فعل خلق جديد، اذ أعتبر الترجمة إبداعا ثانيا جديدا، إن النصٌ و بمجرٌد كتابته تصير له حياته الخاصٌة، و يصير قابلا للقراءات و التٌأويلات المتعدٌدة، حتى تلك التي تختلف عن مقاصد المؤلٌف، أو لم تخطر علي باله.إنٌ الفعل الإبداعي هو فعل متواصل باستمرار، بلا حدود، و في حالة الشٌعراء الكبار فإنٌ هذا التواصل يستمرٌ حتى عبر الأجيال.

الشعر / الحياة هل هما ثنائيٌة أم وحدة ؟ فالأوٌل مجاله اللغة، و الثاٌنية مجالها الوجود؟

الشعر لا يأتي إلاٌ من الحياة، أي من المعاناة الحقيقيٌة، من الآلام، و الأفراح، و الرٌغبات..الخ الشٌعر لا يأتي من الكتب الاخري: بواسطة المحاكاة الأدبيٌة. إذن العلاقة جوهريٌة بين الشعر و الحياة. نستطيع أن نقول أيضا نحن نكتب كما نعيش.بيد أنٌ الحياة التي يعبٌر عنها الشٌعر ذات نوعيٌة أكثر عمقا، مخفيٌة، وملتبسة.و أنا أعتقد كثيرا في وجود الأنيميا موندي Anima Mundi أي الرٌوح المبدعة التي يتحدٌث عنها الشاعر الأيرلندي وليم بطلر ييتس( يسميه ييتس أيضا Creative Mind أي الفكر المبدع في كتابه الفلسفي الفريد : الرٌؤيا و هو العقل القادر علي التٌخيٌل). وأعتقد أيضا بالحضور الدٌائم للإسطوريٌ في أعماقنا.و إنٌي لأسعى للإقتراب مٌما أسمٌيه: اللاوعي الكوني.

أجل،بة الحقيقيٌة هي أيضا طريق لاكتشاف الذٌات، و بالتالي ورغم أنٌها صادرة عن الحياة فهي فاعلة في حياتنا، في وجودنا؟

أجل ، ممارسة الشعر غيرٌتني . لقد جعلت حساسيٌتي أكثر إرهافا. و في الآن نفسه عوٌدتني علي الغوص، و الدخول في علاقة مع ذاتي العميقة، و تنمية حدسي في الحياة اليوميٌة، وإظهار مشاعري. و في الحقيقة فإنٌ كل هذه المنافع لا تخلو من بعض الشٌوائب، اذ كل هذا يجعلني في بعض الأحيان أكثر هشاشة.
بيد أن هناك تأثيرا في الاتجاه الآخر: فتحوٌلي الوجودي الذي يعقب الأحداث التي أعيشها يغيٌر بدوره شعري، ويدفعه فيما أعتقد نحو مزيد من الحريٌة، و يجعل مضمونه الرٌوحي أكثر عمقا، وأكثر وعيا.

والصٌمت كأحد أبعاد القصيدة، الذي يقول المطلق، الذي يترك المجال لضجيج الوجود؟

أجل، الصٌمت ضروري. و الشعر لا يولد إلا من الصٌمت. أوٌلا الصٌمت الدٌاخلي الذي بفتحنا علي الإصغاء.و أيضا الصٌمت الميتافيزيقي كمجال لما لا يعبٌر عنه، و الذي يحاول الشعر اختلاس شئ منه، و التعبير عنه بواسطة الكلمة.

أين تضعين نفسك داخل الشعر الإيطالي اليوم ؟ و كيف هي القصيدة الإيطاليٌة اليوم؟ لا أحبٌ كثيرا التقاليد الشعريٌة الإيطالية الرٌسميٌة المتعارف عليها، تلك التقاليد المتحضرة من الشاعر بتراركا ، مرورا بالمدرسة الأركديٌة ، و صولا إلي المدرسة الهرمتيٌة في القرن العشرين. فأنا أجد هذا الأدب أكاديميا جدٌا ، و منفصلا عن الحياة .اليوم ايضا ما يزال الشعراء في ايطاليا مشغولين الى حد بالإنشائية، وشغوفين بالنظريات، أي بالإديولوجيا. و لغتهم هي في الغالب بعيدة عن اللغة الحية. و بالتالي فهم لا يتوصلون إلي تبليغ مشاعرهم بواسطتها. و هنا كثيرا ما يصير الشعر وسيلة لعرض المعارف، و التٌبجٌح الموسوعي.في الواقع، فانه و منذ قرون، فقد الشعر الإيطالي تواصله مع روح الشعب. علي خلاف ما نجده في بلاد أخري من أوروبا: مثل اليونان، و أسبانيا، و ايرلندة. الشعر لدينا كان دائما مشغولا بالتيٌارات ، وبالمدارس الشعريٌة. و اليوم لم يعد حتى يهتمٌ بالمدارس، بل هي جماعات سلطة أدبيٌة و هذا يجعل المستوي يتدنى، و يمنع الشباب الموهوب من التٌعريف بنفسه. بيد أنٌه ظلٌ هناك علي امتداد القرن العشرين شعراء بقوا بعيدا علي جانب، و هؤلاء أحبٌهم جدٌا من مثل: دينو كمبارا Dino Campana وبالازيتشي Palazzeschi ، وكابروني Caproni والشاعر كاتٌافي Cattafi . ما يفتقده الشعر الإيطالي علي الوجه الأعم هو ذاك الجانب الدٌيونيزوسي: ذاك الجانب الذي يمضي إلي ما وراء الحدود، والذي يحبٌ الإفراط، ويكاد يلامس الموت، والهدم. لقد فضلوا عليه وباستمرار أيولون الذي يعني الكمال الكلاسيكي. و اليوم كما يظهر وقع التخلي عن الكلاسيكيٌة، بيد أنٌه ظل هأهمٌيٌة،ن التٌكلٌف يقف بالمرصاد.وإنٌي لأجد الشعر الذي تكتبه النٌساء في الغالب الأعم أكثر أهمٌيٌة، و أكثر ارتباطا بالحياة، و أكثر جرأة.

أنيمة موندي Anima Mundi : أي الرٌوح المبدعة و يسمٌيه أيضا الشاعر الأيرلندي وليم بطلر ييتس Creative Mind أي الفكر المبدع و هو العقل القادر علي التٌخيٌل. الأركديٌة:ابه الفلسفي الفريد: الرٌؤيا.

الأركديٌة : مدرسة أدبية مواضيعها ريفية، رعوية. و أركاديا منطقة جبلية في اليونان القديمة الدٌيونيزوسيٌة: نسبة للإله اليوناني ديونيزوس حارس القوي الحسية.

الهرمسية: مشتقة من اسم هرمس المعروف في التراث الإسلامي بالنبي إدريس، ولها دلالات علوم الخيمياء، و السحر، و تعني في الأدب كتابة نصوص غامضة و مغلقة موارية لغموض الذات الداخلي. أبولون: إله يوناني حارس قوي العقل، و المنطق، و التوازن: و هو يقبل ديونيزوس الحسي، المتهتك.

********

قصائد حب

حاكت

تعجبني حياتك أتسمح لي أن أجرٌبها
أريد أن أري كيف تكون عليٌ
و سأعيد ها لك فورا
حبٌ

كلٌيٌا جسد وروح
التقيا في لحظة
حادٌة
هدوء شامل
وتركيز علي الأعماق
في ذروته
إنٌه كأيٌ شئ جامد
لا توجد ضرورة لتأكيد حضوره.
من المستحيل التحكم فيه
تمزٌق في النسيج
نعمة الألم القصوى تلك
التي من المستحيل تثبيتها
دفقة حاسمة
و.. وحده تأوٌه ينفلت
المحبة لا تحتمل سوي المحبٌة

هناك أطفال ولدوا
من رجل و امرأة
تحابٌا بعمق
و تستطيع أن تتخيل أجسامهم
موسومة بختم
يرمز للرٌغبة
أطفال ولدوا من حبٌ متفاقم
وهم الأكثر توحٌدا
و الأقل رغبة فيهم
هم شهود علي حب و أحيانا هم ذكري حب مات
بولادتهم ينتقصون شيئا
فالمحبٌة لا تحتمل سوي نفسها
ولا تقبل الغرباء.

غرف

انتحبت للحظة، ثمٌ
شرعت في التجوال بين الغرف
وأنا أكرر علي نفسي اني كلب بائس و أنٌي
خيش تنظيف
و الحال أنٌ لي أصدقاء يحتملونني
حتى عندما أكون مضجرة
يحبني رجلان
( رجلان أليس كثيرا)
و بنت تعاملني بشئ من السوء
لتتمكن من محبتي.
بيد أنٌي افتقد
الحب الكبير
الذي يجب أن يكون أنا نفسي.

ورقة

أهي يد ؟
لا تتشبٌث و لا تقبض علي شئ
لا تستجدي.
شبه ناعمة.
كقارب في المرسى
مدفوع نحو عرض البحر
مهتزٌ.
رغبة منشدٌة إلي الغصن.
مستسلمة آخرا
وفية لجذع
بلا مشاعر.
درس الركوب علي الدراجة

دراجتي الأولي بدولابين
كنت تمسك بي من الكرسي
أمام المشهد الصيفيٌ
الخاوي.
إلي أن ينفد صبرك
أتذكٌر
صفعاتك المدوية فوق خديٌ
بهذه الطريقة دفعتني
نحو اللاٌنهائي
و أنا تعلمت ركوب الدراجة لأفرٌ منك
وفي اضطرابي وجدت دوٌاسة الدراجة
وسيلتي الوحيدة للتٌخلٌص منك
و بشئ من التوازن
واجهت الحياة
عن خوف.

المصدر
جريدة أخبار الأدب
30 يونيو 2002