ثعلبٌ بداخل مشمشة
الأَصدِقاء ما عادوا قَتَلَةَ ضَجَر
( إلى ياسين مِنَ الزَّميل مِيم )
ما عادوا يَصلُحون
لِدَفعِ الأَيامِ مِن ظُهورِها
ما عادَ بِحوزَتِهِم
ما يَملأُ الجَماجِم
الأَصدِقاء
ما عادوا
قَتَلَةَ
ضَجَر .
/
أُحَيِّيهِ هازِلاً :
( هَل فعَلتَ الشَّاي ؟)
يُجيبُني وعُقبُ سيجارةٍ
لا تَدري إن كانَت مُطفأةً أَم مُشتَعِلَة
يَلتَصِقُ عَلى شَفَتهِ السُّفلى :
( لَم تَأتِ لِشُربِ الشَّاي
بَل لِشُربِ الوَقت )
ثُمَّ غامِزاً بِإحدى عَينَيه :
( الشَّايُ لَيسَ بَطيئاً
نَحنُ سَريعون ) .
/
أَبطَلتُها
عادَةَ أَن أَحتفِظَ بِحُطامِ
كُلِّ ما يَقَعُ مِن يَدي
ويَنكَسِر
عَلى أَن أُلصِقَهُ بِبَعضِهِ غَداً
أَو بَعدَ غَد
أَو أَن أَنحَني
وأَلتَقِطَ حَصَىً
عَنِ الأَرصِفَة
هَذهِ كامِلَةُ الاِستِدارَة
وتِلكَ لَها عَينانِ مُجوفَّتان
كأَنَّها جُمجُمَة
أَو شَيئاً لا يُرجى مِنهُ نَفعاً
كمِفتاحٍ ضائعٍ
يُطابِقُ بِأَسنانِه
نِصفَ وَجهِ شَخصٍ
لا أَعرِفُه .
/
هوَ امرأَةٌ ما أَحتاجُه
تَراني
بِغَيرِ وَجهي
وتُناديني
بغَيرِ اِسمي
فلا يُعيقُني في الطَّريقِ إلَيها
أَيَّةُ ذِكرى
أَنا الباحِثُ عن المَعنى
في خَيطٍ سائبٍ مِن طَرَفَيه
أَو عُقدةٍ مُشَوَّشَة
لا يُعرَف لَها طَرَف
الاِكتِشافُ هُو
لِذَّتُها
في الظُلمَةِ حينَ تَتَعرَّى
كَأَنَّهُ
الفَجرُ الأَول .
/
سَألتُه :
( لماذا سُقتَني
إلى هَذِهِ التَّلَّةِ الجَرداء
يا أَبي
لماذا عَصَبتَ عَينَيّ
لماذا أَوثَقتَني ؟ )
أَجابَني :
( رَأَيتُ في حُلُمي
الرَّبَّ
...
جائعا ً)
/
في ذَلِكَ الخَوف
سَمِعتُ صَوتَكِ
فنَصَبتُ أُذُنَي
إنَّهُ يُشبِهُ
ما يَجِبُ
عَلَيهِ
أَن
يَكون
لَحمُ
الأُنثى ..
4-1-1995
قَبلَكِ كانَ العالَمُ وَحيداً
يَنامُ بقَسوَة
يَحلُمُ بقَسوَة
حَولَهُ لَم يَكُن سِوى
حَيواناتِهِ وشَياطينِه
وملائكتِهِ الذين يَتظاهرونَ
بأَنَّهُم
مَشغولونَ عنهُ
واللَّه .
/
واللَّه
لا بُدَّ أَن يَكونَ
أَفضَلُ ما قامَ بِصُنعِهِ
هُو آخِرُ ما قامَ بِصُنعِهِ
مُتَلافياً أَخطاءَهُ الكَثيرة
في الموادِ وفي الخَلطَةِ
وفي القالِب
حينَ وَجَدَ العالَمَ وَحيداً
يَمشي ذَهاباً وإياباً
دونَ مَقصَد
يَلُفُّ حَولَ نفسِهِ بِلا نِهاية
لَيسَ لَدَيهِ ما يَقولُهُ لأَحَد
أَو لا يَقولُهُ لأَحَد
لأَنَّه لَيسَ لَدَيهِ أَحَد
وليسَ لَديهِ ما يَفعَلُهُ اليَوم
أَو يُؤَجِّلُهُ للغَد
كَي يَكونَ لَدَيهِ غَد
حينَ وَجدَهُ ناقِصاً
النَّقصُ الضَّئيل
الَّذي مَهما بَلَغَت ضَآلَتُه
يَبقى
فارِغاً .
/
فهوَ يَعلَمُ
مَرَّةً خلَقَ مِسخاً
لأَنَّهُ لَم يَضَع في داخِلِهِ
قَلباً
ثُمَّ وضَعَ في داخِلِهِ
قَلباً
لَكِنَّهُ لَم يَضَع في قَلبِهِ
شَهوَةً
فلَم يُطلِق
صَرخَةً
ولَم يَفتَح
عَيناً
ولَم يَنتَصِب مِنهُ
عُضوٌ .
/
وتَعلَمينَ
أَنِّي فَضَّلتُكِ عَن
جَنَّتي
تارِكاً لَكِ
ثَلاثَةَ
أَرباعِ
تِفَّاحَتي ..
23-1-1995
بَيتٌ مُضاءٌ لا يَسكُنُهُ أَحَد
إذا راقَبتَهُ
مِن نافِذَةِ بَيتٍ قَريب
أَو على الرَّصيفِ المقابل
مِن خَلفِ جِذعِ شَجَرة
لَن تَرى رَجُلاً
يَخرُجُ مِنهُ أَو يَدخُلُ
أَو اِمرأَةً تَقِفُ عَلى الشُّرفة
لن تَلمَحَ رَأساً
يُطِلُّ مِنَ النَّافذة
أَو ظِلالاً
تُرسَمُ على السَّتائر .
/
وإن بِدافِعِ الفُضول
عَبَرتَ المسافةَ الَّتي تَفصِل
بَينَهُ وبَينَ مَكمنِكَ
سوفَ تَجِدُ مِصباحاً صَغيراً
يُنيرُ غُرَّةَ بابِه
وهذا يَعني
أَنَّ في داخلِه مَن سَوفَ
يَفتَحُ لكَ إذا قَرَعتَه
لَكِنَّهُ الصَّمتُ
هُوَ مَن يَستَقبِلُكَ
فاتِحاً لَكَ ذِراعيه
مُغلِقاًًَ عَلَيكَ ذِراعَيه
مَثَلُهُ مَثَلُ غِيابِكَ
تَدريبٌ عَلى
المَوت .
/
وإن تَجرَّأتَ
ودفَعتَ البابَ قليلاً
سَيُبهِرُ عَينَيكَ
فَجأَةً
اِنفلاتُ ضَوءٍ حاد
مِنَ الشِّقِّ الذي صَنَعتَهُ بيَدِكَ
لأَنَّ أَحَداً
أَضاءَ غُرَفَ البَيتِ كُلَّها
وَالمَطبخَ والحَمام
والمَمَرَّ الضَّيقَ الطَّويل
الَّذي نُصِبَتَ عَلى حائطِهِ
بِمَواجَهةِ المَدخَل
المِرآةُ الفِضِّيةُ الكَبيرة
الَّتي وَحدَها مَن رَآه
يَخرُج .
/
خَرَجَ
دونَ أَن يُغلِقَ البَابَ خَلفَهُ
وكَأَنَّهُ كانَ يَخشى أَن
يَسمَعَ صَوتَ إغلاقِه
نائمٌ
أَو غافِل
خَرَجَ وكَأَنَّهُ سَيبتاعُ
غَرَضاً ما
مِِنَ الدُّكانِ المُجاور
أَو خَرَجَ مُسرِعاً
ولَيسَ لَدَيهِ دَقيقَةٌ مِنَ الوَقت
لِيُضَيُّعَها بَحثاً عَنِ المِفتاح
وَقَد تَنَبَّهَ
رُغمَ اضطِرابِهِ
وانشغالِ بَالِه
أَنَّه لَن يَحتاجَهُ أَبداً
لأَنَّهُ لَن يَعودَ أَبداً
خَرَجَ
دونَ أَن يَترُكَ وَرَقَةً صَغيرة
أَو أَن يُلقي مُجَردَ نَظرَة
خَرجَ
وَكأَنَّ أحداً يَنفُخُ لَهُ بوقَ السَّيارة
خَرجَ وكَأَنَّهُ اِمرأَةٌ
تارِكَة .
/
هَكَذا
بَيتٌ مُضاء
وَلا يَسكُنُهُ
أَحَد ..
25-1-1995
حِرامٌ مَرسومٌ عَلَيهِ نِمرٌ مُخَطَّط
لَستُ مُجبَراً عَلى التِقاطِ
كُلِّ شَيءٍ يَقَع
في الغُرفَةِ المُحكَمَةِ الإغلاق
إذا تَكَلَّمتُ
يَدخُلُ شُعاعٌ مِنَ النُّور
مِن صَدعٍ في الجِدار
أَو ثُقبٍ في النَّافذة
ويُضيءُ فَمي .
/
إذا وَقَفتُ مُديراً
للعَالَمِينَ
ظَهري
تَأتي اِمرأَةٌ
وتَضَعُ رَأسَها على كَتِفي
مُسدِلةً شَعرَها
الأَخضَرَ
الطَّويل
خَلفي .
/
حينَ سَمِعتِني أَتباهى
( لا أُريدُ أَن أَكونَ
أَفضلَ مِن أَحَد )
كُنتُ أُصدِّقُ أَنِّي
كَما تَقولين
أَفضَلُ الجَميع
لأَنَّه أَينَما جلَستُ
عَلى يَمينِكِ
أَو يَسارِكِ
يتَّجهُ الدُّخانُ نَحوي
يَحسَبُني
نافِذَة .
/
هبَطَ جِبريلُ لِيُلَقِّنَني
آخِرَ ما أَنزَلَ اللَّهُ
عَلَيَّ مِن آيات
بَعدَ آيَتينِ أَو ثَلاث
وجَدَني نائماً
لأَنَّ أَروعَ ما يَحدُثُ لِي
هُو ...
في حُلُمي رَأَيتُكِ عاريَة
باسِطَةً ذِراعَيكِ عَلى طُولِهِما
وَمُمَدَّدَةً على ظَهرِكِ
فوقَ سَريرٍ حَجَري
يُشبِهُ المَذبَح
وأَنا أُغَطِّيكِ
كَحِرام
مَرسومٍ عَليهِ
نِمرٌ مُخَطَّط .
/
كُلَّما بَحثتُ عَن شَيءٍ
لأُعطيهِ لَكِ
عَلَيَّ أَن أُعيدَ
تَرتيبَ
العالَم .
1-2-1995
( أُقَطِّرُكِ ماءَ نِساء )
أُقطِّرُكِ ماءَ نِساء
دَمعَتين
واحِدَةً تَسقُطُ عَلى
غِطاءِ الطَّاولة
واحِدَةً
في كُوبِ الحَليب .
/
أُخبِّئُكِ في دُرجٍ
أَنساكِ دَهراً
ثُُمَّ وأَنا أَبحَثُ عَن شَيءٍ
ولا أَجِدُه
تَقَعُ عَليكِ عَيناي .
/
أَقُصُّ بَقيَّةَ الأَشخاص
مِن صُورَتِكِ
ثُمَّ أُحيطُكِ
وَحدَكِ
بفَراغٍ واسِعٍ أَبيَضَ
وأُلصِقُكِ
عَلى السَّقف
تَماماً
فَوقَ
وِسادَتي .
/
أَغرِسُكِ لِوَسَطِكِ
في أَصيص
وعِندَما تُزهِرين
أَقطُفُكِ
مَع غَيرِ قَليلٍ
مِنَ السَّاق
وأَضَعُكِ في مَزهَريَّة
أَعطَشُ
فأَشرَبُ
كُلَّ
مائكِ ..
6-4-1995
- إلى نَجيب عَوض
في دُرجِ طاولَتي
أَقلامٌ كَثيرةٌ
لا تَكتُب
ماذا أَفعَلُ بِها ؟
( اِرمِها
الأَقلامُ تَنسى
الأَوراق
تَذكُر )
/
أَيَّةُ أَذيَّةٍ إذَن
في كَونِكِ وَرَقَة
أَنا
كَقَصَبَة
جَفَّ فَمي .
/
لا شَيءَ يَعتَريني
سِواكِ
عَلى النَّافِذة
يَخفِقُ بَطني .
/
وهكَذا يَتَدَرَّجُ
صاعِداً في صُّعوبَة
المَوت
ثُمَّ حُبُّكِ
ثُمَّ
العَيشُ بِدونِكِ .
/
بَعدَ أَن أَضحكتُكِ
الآن أُبكيكِ
كَمُهَرِّجٍ
حَقيقي ..
18-4-1995
هُوَ
في وَلِيمَةٍ
يُعِدُّها رُهبان الدَّير
أَطباقٌ مِن حَشائشَ بَرِّيَّة
وحُبوبٍ مَسلوقَة .
/
هُوَ
أَن أَرسُمَ قَلباً
وَأُطلِقُ عَليهِ
مِن مَسافَةٍ قَريبَةٍ
سَهماً
فلا أَمُسُّ
سِوى
طَرَفِه .
/
هُوَ
أَن أَختارَ لِلوُصولِ إليكَ
طَريقاً طَويلاً
فَتَمكُثينَ في اِنتظاري زَمَناً
لا قُدرَةَ لَكِ فيه
أَن تَفعلي أَيَّ شيء
ولأَنَّنِي أُحِبُّكَ
لا آتي .
/
السِّرُّ
هُوَ أَن
أُبقيكَ
جائعاً ..
29-4-1995
( مَعَكِ أَخافُ الوُضوح )
عِندَما قُلتُ مُتَباهياً :
( أَستَطيعُ أن أَؤَمِنَ لَكِ
أَيَّ نَوعٍ مِن العَتمَةِ تَشائين )
طَلَبَتِ مَني أَن
أُطفِئَ الشَّارِع .
/
الضَّوءُ الَّذي يَتَخَلَّلُ
السَّتائرُ المُسدَلَةُ
يَكفي
لِتَريني كَما أُحِبُ دائماً
أَن تَريني
أَنظُرُ إلى لا شَيء
بتِلكَ النَّظرَةِ السَّاهِمة
التي يَخفي بِها جَفناي
نِصفَي
بُؤبُؤي عَينَيّ .
/
الكّثيرُ مِنَ التَّفكيرِ بي
لَيسَ لِصالحي
لَذا حِرصاً مِنِّي عَلى
تَشتيتِ انتباهِكِ
نَسَيتُ قُربَ سَّريرِكِ
مِرآةً بِحَجمِ الكَف
مَكسورَة .
/
مَعَكِ
أَخافُ
الوُضوح ..
13-5-1995
الكِذبُ ليسَ سَهلاً
لَكِنِّي أَكذِبُ بِسُهولَة
وحُجَّتي
أَنِّي أُريدُ أَن أَقولَ لَكِ
الحَقيقَة
بِطَريقَتي الخاصَّةِ في التَّعبير .
/
وأَيضاً لأَنَّهُ يُبَرِّئُني
أَن أَتَّهِمَ
جَمالَكِ
بأَنَّهُ سَبَبُ كُلِّ شَيء .
/
كأَن يَخطُرَ لي أَن أَقول :
( لِتَعرِفي كَم أَنا
يائس
اُنظُري إلى المِرآة
كَم أَنتِ جَميلة )
/
دَوائرَ دَوائرَ
تَموجَتِ المِرآة
حينَ رَمَيتِ عَليها
نَظرتَكِ .
/
كإصبَعٍ مُرتَجِف
يَلمِسُ صَفحَةَ خَدّ
وَجهُكِ
يَرُجُّ
عَلى
مَائي ..
25-5-1995
( وَلَكِن هَل يُوجَدُ عاجٌ أَسود ! )
أَوراقٌ مَنَ مُفكِّرَةِ الحائط
كتَبتُ عَليها
خَواطِري اليَوميَّةَ عَنكِ
ورَسائلُ مُسهَبةٌ حَولَ كُلِّ شَيء
لا أَظُنُّكِ أَكمَلتِ
قِراءَةَ واحِدَةٍ مِنها
وعِدَّةُ كُتبٍ
أَمَلتُ أَنَّكِ قَد تَجِدينَ فيها
سَبَباً ما لِتُحبِّيني لأَجلِهِ
كانَت الدَّفعَةَ الأُولى
مِن هَدايايَ الَّتي أَعَدتِها لي
وأَشياءُ أُخرى لا تَستَحِقُ الذِكر
لَم أَكُن أُصَدِّقُ
أَنَّكِ تَحتَفِظينَ بِها .
/
( إنَّها الأَشياءُ ذاتُ المَعنى )
قُلتِ ( وَهَيَ الأَهَم )
مُفَسِّرَةً لَماذا لَم تُعيدي
النَّظَّاراتِ الشَّمسِيَّةَ
والمُسَجِّلَةَ والعَقدَ الهِندي مِنَ العاجِ الأَسود
على أَنَّكِ حينَها
لَم يَصِل
كَرهُكِ لي
لِهَذا الحَدّ .
/
ولَكِنَّكِ
بَعدَ وَقتِ لَيسَ بِطَويل
أَعَدتِ النَّظَّاراتِ والعَقَد
وزُجاجَةَ عِطرٍ نِصفَ فارِغَة
كُنتُ قَد نَسيتُ أَنَّني قَدَّمتُها لَكِ
والمُسَجِّلَةَ وَمعها مَجموعَةُ شَرائط
بَعضُها ليسَ مِنِّي .
/
لَو كُنتُ أَعلَمُ
أَنَّكِ سَتُعيدينَ لي كُلَّ هَداياي
لأَهدَيتُكِ أَشياءَ ثَمينَةً
بالفِعل ..
11-6-1995
لا تُقَرِّعيني
مَهما آذَيتُكِ
أَليسَ هُو حُبَّاً
أَن أَجعَلَ غِيابَكِ
قاسِياً
عَلَيكِ أَيضاً .
/
رَأَيتِ بِأُمِّ عَينَيكِ
ماذا فَعَلتُ بِزَنابِقِكِ
رَميتُها
دُونَ قَصد
في مِنفَضَةِ السَّجائر .
/
هَدايايَ طائشَة
أَبَداً لا تُصيبُ
مُناسَباتِكِ
أَقولُ كلِماتٍ لا رابِطَ بَينَها
وأقومُ بِحَركاتي المُضحِكَةِ ذاتِها
وأَنا أُقدِّمُ لَكِ
هَديَّتي
في عِيدِ مِيلادِكِ
...
أَن
أترُكَكِ .
/
أَرسلتُ لَكِ
ثَلاثَ زَهراتٍ بَنَفسجيَّة
رَتَّبتُها عَلى شَكلِ قَوسِ
حاجِبِكِ .
/
كَرَمُكِ
يَقطُرُ مِن يَدَيكِ
هَدَاياي
يُغلِّفُها
بُخلي ..
16-6-1995
فَراغُكِ يَحتَلُّهُ هَوائي
أَحتاجُ أَماكِنَكِ
لا تُحَرِّكُ ساكِناً
لا يُبَدِّلُ مَكانٌ مَكانَه
لا يَذهَبُ مَكانٌ إلى مَكانٍ آخَر
بانتِظاري .
/
أَحتاجُ بابَكِ
يُفتَحُ قُفلُهُ صُدفَةً
بِذاتِ مِفتاحي
أَلِجُهُ دونَ أَن أَتَلَفَّتَ
يَميناً أَو يَساراً
مُتَظاهِراً بِأَنِّي
أَحَدُ سُكَّانِ البَيت
الكَنَبةَ العَريضةَ الَّتي تَصلُحُ
أَن تُحولِّيها
بِحَركةٍ واحِدة
عِندَ هُجومِ الرَّغبة
إلى سَرير
نافذتَكِ ذاتَ الدَّرفاتِ الخَشَبيَّة
والمَزالِجِ الصَّدِئة
يَستَغرِقُكِ
الكَثيرَ مِنَ الوَقت
حين تُغلِقينها وأَنتِ عاريَةُ الصَّدر
مَزهريتَكِ
تَضَعيَنَ فيها
أَيَّ شَيءٍ
ماعَدا الزُّهور
لأَنّي لَم أُحضِر لَكِ زُهوراً قَط
وصُورتَكِ
لا يعرِفُكِ مِنها أَحَد
لأَنَّكِ في كُلِّ صُورةٍ
تَبدَينَ
اِمرأَةً أُخرى .
/
فَراغاتُكِ
تَحتَلُّها
أَهوائي .
/
عَلى خَدِّي الأَيسَر
خَمسُ شامات
هذا يَعني أَنِّي سَأَموت
بَعدَ خَمسِ إشارات
أَخبَرَتني مِرآتُكِ .
/
أَحتاجُ مَغسَلَتَكِ
أَغسِلُ يَديَّ بالماءِ والصَّابون
سَبعَ مَرَّات
عِندَما يُؤَذَّنُ
لِلَمسِكِ
ثُمَّ أَسقي قَدَمَيَّ
ماءً بارداً
كُلَّما صَعدتُ إلى السَّرير
لِلنَّومِ عَلى فِراشِكِ
ذلكَ يَجلُبُ السَّعادة
ويُطيلُ القَامة
قُلتِ لي
إضافَةً إلى الحِفاظ
عَلى طَهارَة
الشَّراشِف .
/
اِعطِني مَنشفتَكِ
أُمَرِّرُها بَينَ فَخذيكِ
ثُمَّ وَسَطَ دَهشَتِكِ
أُجِفِّفُ بِها
وَجهي .
/
أَحتاجُ شَجرةَ تِينِكِ
نَمَت و أَثمَرَت
في أَصيصِ غَفلَتِكِ
أَندَسُّ
تحتَها
وبِشِفَتَيّ
أَقطُفُ
حَليبَكِ ..
27-8-1995
ما يُطالِبُني بِهِ الحَنين
لَستُ حَريصاً عَلى الأَخذِ
أَلمِسُهُ وأُعيدُهُ إلى مَكانِه
في
...
قَفَصِه .
/
أَو رُبما أُعطى وآخُذُ
ولا أَعلَمُ ما إن كُنتُ
أُعطيتُ
وما إن كُنتُ
أَخذتُ .
/
مِثلَما حينَ
كُنتُ أَنظُرُ
باِتجاهٍ آخَرَ
بَعيداً عَنكِ
دُونَ إنذار
رَمَيتِ لي
قَلبَكِ .
/
مُغلِقاً كِلتا أُذُنَيَّ
بالأَغاني
تُثبِتُ لي في كُلِّ مَرَّة
أَنِّي عَلى خَطَأ
مُردِّداً أَمامَكِ
بِأَنَّ إكسيرَ المَعرِفة
لَقاحٌ فَعَّالٌ
لِجَميعِ أَنواعِ
اِلتِهاباتِ القَلب .
/
كأَنَّه لَم يُعرَض عَلَي
سِوى ما التَقَطَهُ الآخَرَون
ثُمَّ عَضُّوهُ بِأَضراسِهِم
فوجَدوهُ
حُلواً ومُرَّاً مَعاً
بِطَعمِ الصَّدأ
فَرَموه
لأَنَّ لَديهِم مِثلَهُ الكَثير
وقد مَلُّوا مِن جَمعِه
ولأَنَّهُ
ما عادَ يَنفَعُهُم في شَيء
فقَد شَبِعوا مِن أَلَمِه
وهذا لَيسَ صَحيحاً
فالحُبُّ والغِيرَةُ
وبَقيةُ المعادِنِ المائعَة
كانَت بالنِّسبةِ لي
كُلَّ ما يَلزَمُني
لإقامَةِ أَنصابي .
/
اِنتظرتُ وُصُولي
زَمناً كثيراً
وكأَنَّ أَحَداً أَعطاني
زَمَناً بِلا ثَمَن
زَمَناً لا يَبدَأُ ولا يَنتَهي
زَمَناً ليسَ لهُ زَمَن
لأَنِّي في المُقابِل
قُمتُ بِكُلِّ ما يُعيقُني
تَباطَأتُ تَباطَأت
خلَعتُ وارتَديتُ مَلابِسي
أَمامَ المِرآةِ
أَلفَ مَرَّة
وأَلفَ مَرَّة
رَتَّبتُ الطاولِة
فالحَنين
يُطالِبُني بكُلِّ ما هُو
ضِدُّ
الفَوضى .
/
وهوَ أَيضاً ما يُبكيني
في ظِلِّ النَّهار
أَستيقِظُ ولا أَعرِفُ
أين يَقَعُ الوَقت
هَلِعاً أَتلفَّتُ
يَميناً ويَساراً
فلا أَجِدُ مَن كُنتُ أَحسَبُهَ
يَحضُنُني
مَن بِكِلتا
يَدَيَّ
دَفعتُهُ عَنِ
السَّرير ..
16-6-1998
شَظايا زُجاجٍ في الماء
مَزِّقها
مَزِّقها جَيِّداً كَسَيِّدَة
ثُمَّ ارمِ فُتاتَها
مِن أَقرَبِ نافِذة
لا أَحَدَ يَحتاجُ الأَشياءَ
الَّتي تُريدُ
التَّخَلُّصَ مِنها .
/
لَيسَ فَقَط ما يَعلو
ظَهرَ الطَّاوِلة
بَل أَيضاً
ظَهرَ الحَياة
كَشَظايا زُجاج
في كُوبٍ مِنَ الماء
تُعيقُ اللِّذَّةَ الحافِيَة
مِنَ الوُصولِ إلى كُلِّ
سُهولَة .
/
أَمَّا أَنا فَلَستُ أَكثَرَ
مِمَّا خَطَطتُهُ بالرَّصاص
تَحتَ بَعضِ سُطورِكِ
حَريصاً أَن أَكونَ
دائماً
سَهلاً على
المَحي .
/
وبُغيةَ إثارةِ اهتمامِكِ
أَصيحُ :
( اُنظُري
سَمَكةٌ في كُوبِ الشَّاي )
سَمَكةٌ صَغيرَةٌ طَبعاً
ثُمَّ أَجلِسُ قُبالَتَكِ
بِذَلكَ القِناعِ الَّذي
أَوصَيتِني أَن أَرتَديهِ
كُلَّما صَدَفَ
وأَحبَبتِني .
/
ولَكِن
( أَليسَ باكِراً
أَن تُصدِّقي
الأَكاذيبَ عَنِّي )
أَقولُ وأَنا أَنظرُ
نِصفَ مُغمِّضٍ عَينَيَّ
إلى النَّافِذَةِ ذاتِ السَّتائرِ المُسدَلَة
اِسمَعي :
( لقد حاولتُ المُستَحيلَ
أَن أَكونَ شَخصاً آخَر
النِّسيانُ
لَيسَ مِن سِلسِلةِ
مَفاتيحي )
/
( أُحِبُّ رائحةَ الأَزهارِ
الَّتي بِلا رائحَة )
فتَضَعُ سَبَّابَتَها على فَمِهِ
مُقفِلةً شَفَتَيهِ
ثُمَّ تَدفَعُ بِها بينَ صَفَّي قَواطِعِه
حتَّى تَلمِسَ لِسانَه
الأَمرُ الَّذي يَزيدُ حُبَّهُ
وُعورَةً
فَهيَ لا تَرى الذِّكريات
بَغَيرِ الأَسودِ والأَبيَض
كفَيلمٍ صامِتٍ
يُلوِّحُ لَنا فيهِ
مِن نَوافِذِ القِطارات
بِمَحارمِهِم
المَوتى .
/
أَنا المُتَفَرِّسُ في شَهوتِكِ
كَضَوءٍ
سقَطَت عَلَيه
عِتمَة
فأُطَوِقُكِ بِكُلِّ كَلائبي
مُطبِقاً فَمي عَلى فَمِكِ
حَتَّى أَهرُسَه
فَتَقولينَ
في أَوَّلِ نَفَسٍ أُتيحُهُ لكِ :
( أَتُسمَّي
هَذا
قُبلَة ! ) ..
18-2-1997
سأَعُودُ بَعدَ قَليل .. كَالحُزن
(إلى محَمَّد بَلِّه )
لا تَبكي عَلى يَومٍ مَضى
تَبكي بِحَرقَة
على يَومٍ سَيأتي
الحاضِرُ
لا يَذوبُ في دُموعِها .
/
أعطَتهُ كُلَّ ما لا يُعطى
الوقتَ المبدَّدَ عَلى أَيِّ حَال
اللَّحمَ الَّذي لَم يَنقُص
العاطِفَةَ الَّتي بِمِقدار
ما أَسرَفَت بِها
زادَت !
فَقَد آلَمَها أَنَّه لَم يُبادلها
كُرهاً بِكُره
وأَنَّه عِندَما مَضى
لم يُخلِف نَدبَة .
/
وللآخَرينَ أيضاً
زَلازِلُهُم المُدَمِّرة
تَنجو الصِّحَفُ
في حينَ تَتَكَسَّرُ
الفَناجين
وبقيةُ العائلَةِ البَلُّورية
المُتطاولَةِ والقَلِقَةِ الاِرتِكاز
ذَواتِ البُطونِ المُجوَّفَة
الَّتي اِمتلأَت
ثُمَّ فُرِّغَت ونُظِّفَت
ثُمَّ عادَت وامتلأَت
مِمَّا يَجعلُها تَستَحِقُّ
هَذا المَصير
أَن تَسقُطَ
مُهشَّمةً مِن
حافََّةِ مائدَةٍ
أَو أَطرافِ أَصابِع
أَمَّا الأَطفال
فَمِنَ الأَفضلِ لَهم
أَن يَلعَبوا بِكُلِّ شَيء
شَرطَ
أَلاَّ يُؤذوا أَنفسَهم .
/
ولِدَت
بِعَينينِ باكِيتين
وفَمٍ ضاحِك .
/
مِن بينِ عَشَرَةِ أَشهاد
لا شُبهَةَ بَينَهم
لم يَجِب أَحَدُهُم
بِلا
أَو
نَعَم
عَلى سُؤالِها :
( ما هو مَعنى الدُّموع ؟ )
ورُبَّما هذا
ما أَضحَكَها بالذَّات
عِندَما قَرَأَت
لَوحَةً صَغيرةً مُعَلَّقَةً
على بابِ دُكَّانِ
أَحَدِ الحَلاَّقين
كُتِبَ عَليها :
( سَأَعودُ
بَعدَ قَليل
كالحُزن ) ..
ـ 8-7-1998
كَأَنِّي قُدوَةُ العَاشِق
حَسَناً .. لا بَأس
أَقبلُ أَن أَتدلَّى لِساعاتٍ كَثيرَة
مِنَ السَّقف
كالخُفاشِ
...
بانتِظارِك .
/
وهَذا لَيسَ أَمراً لَم أَعتَدهُ
مِن قَبل
فكَثيراً ما حَطَطنا
أَنا والخُفَّاشُ والغُراب
على مَراياكِ الشَّديدَةِ اللَّمَعان
والأُخرى الَّتي أَظلَمَها الصَّدَأ
ولَم يَستَطِع أَيٌّ منَّا
أَن يُحدِّد
مَن هُوَ .
/
لَكِنِّي يَوماً لَم أَجرؤ عَلى
تَقليدِ خَطوَتِه
يوماً لَم أَطمَعَ أَن يَكونَ لي
جِناحاه
وذلكَ لأَسبابٍ كُنتُ آنَفُ
عَن ذِكرِها لَكِ
لِظَنِّي أَنَّها تَتَعذَّرُ على فَهمِكِ
فَما كانَ مِنكِ
إلاَّ أَن لاحظتِ بِخُبث :
( إنَّهُ
آكِلُ جِيَفٍ
أَليسَ كذلك ! )
/
يَحُقُّ لكِ أَن تَكوني دائِماً
عَلى صَواب
وللآخرينَ الحَقُّ ذاتُه
في أَن يَأخُذوا دُروساً
على أَيدي أَخطائهِم المُرتَجِفة
أَمّا أَنا
فلَيسَ مِن حَقِّي أَن أُصيبَ
ولو بالصُّدفَة
وهَكَذا لا أَصلُحُ في عَينَيكِ
أَن أَكونَ مِثالاً لِشَيء
ثُمَّ تَرشُقينَني بِنَظرَة
وكأَنَّنِي
قُدوةُ
العاشِق !
/
لَكِنَّ صُوتاً
لَيسَ له يدٌ لِيَمسُكَني
ليسَ له ثِقلٌ لِيَشُدَّني
أَمسَكَني بِكِلتا يَدَيهِ
وأَوقَعَني أَرضاً
وزَمناً ليسَ لهُ عَينان
لِيرى أَمامَه
لَيسَ لَهُ ساقان
لأَسمَعَ وَقعَ خَطَواتِه
زَحَفَ عَلى بَطنِه
وفي ظُلمَتِهِ
مَحاني .
/
مِن أَجلِ أَن يَكونَ هُناكَ
هُوِيَّةٌ لِلرَّغبة
صِلَةٌ للأَوصال
يَجِبُ أَن يَطلَعَ مِن ثَديَي
سائلٌ ما
فإن لَم يَكُن يُطعِم
كَحَليبِكِ
فَليكُن عَسَلاً مُعتَدِلَ الحَلاوَة
أَو عَصيرَ فاكِهة
أَو ماءً قَراحاً عَلى الأَقل
عَساهُ يَضَعُ حَدَّاً لِبَلبَلَتي
عَن الغايةِ الَّتي تَوَخَّاها اللَّه
مِن رَسمِ حَلَمَتَيهِما
بِجِلدٍ مُعتِمٍ
على
صَدري .
/
أَقِفُ عَلى المِرآةِ
أَكسُرُ وَحدتي
لأَنَّهُ
أَن أَحيا
بِدُونِكِ
يُشبِهُ أَن أَحيا
كَما كُنتُ
أَحيا
قَبلَ أَن
أُولَد ..
26-8-1998
التِفاتَةٌ قاسيَةٌ مِن فَوقِ الكَتِف
رُبَّما أَستَطيع
بَعدَ لأيٍ
أَن أَنسُلَ مِن عُقدَتِه
خَيطاً
أَحيكُ بهِ
دونَ مِسَلَّة
ما يَستَحِقُّهُ مِن مَديح !
/
ذَلِكَ أَن حيلَتي
لا تَتطلَّبُ أَكثرَ مِمَّا بَقيَ لَدَي
مِن إرادَةٍ واهيَة
لأَن أَتَّخِذَ المُنحَدَرَ الأَجَرد
الأَقصَرَ مَسافَةً
والأَقلَّ إضاعَةً للوَقت
سَبيلاً يَصِلُ بي إلى
جُحرِه
حَيثُ يَقتضي هُبوطي
التَّمسَّكَ جَيداً برُؤوسِ الصُّخور
وأَنا أُديرُ باتِّجاهِهِ ظَهري
مُصحِّحاًً بَعدَ كُلِّ خُطوةٍ
أَو خُطوَتين
بالتِفاتَةٍ قاسِيةٍ مِن فَوقِ الكَتِف
اِعوجاجَي .
/
وكعادَتِه
سيكونُ هُناكَ غائباً
بِحُجَّةٍ جاهِزةٍ
وعُذرٍ مُحكَم
بأَن يَترُكَ عَلى التَّرَبيزة
قُربَ الصُّوفا الطَّويلَةِ في الصَّالون
قَدَحاً مَلأَهُ بِخَلائه
عَلامَةً عَلى أَنَّهُ كانَ
مَستَلقياًً هُنا بانتِظارِنا
وبُقربِه كِتاباً مَفتوحاً
ومَقلوباً على بَطنِه
لأَنَّهُ ( لا شَيءَ
أَشدُّ ضَجَراً مِنَ الشِّعر )
يَقولُ
( وخاصَّةً الجَيدَ مِنهُ )
أُتابِعُ قائلاً
حَيثُ المُدُنُ
لا أَكثَرَ مِن بَدائلَ ناقِصةٍ
للأَحلام
والقَصائدُ
تَوثيقٌ دَقيقٌ
للأَكاذيب .
/
يَشُدُّ الأبصارَ إلى يَدٍ
لِيَخفي ما يَفعَلُهُ
باليَدِ الأُخرى
مُخرِجاًً مِن قُبَّعتِه
ما كانَ قد سقَطَ فيها
دُونَ أَن يَنتَبِهَ لَهُ أَحَد
مِن فُتحَةِ كُمِّه
كُلُّ هَذا
وأَعمالُ الحُواةِ
بِعُرفِهِ
لا تَحتاجُ
لِمَعذِرَة ..
14-8-1996
تِبعاً لإحساسٍ أَعمَى في الاِتِّجاه
( شِبهُ اِعتذارٍ عَن عَدمِ قُبولي دَعوَتَكَ
لِقَضاءِ السَّهرةِ ، تَلبَيةً لِنِداءِ لواجِبِ
بالقِيامِ كُلَّ لَيلَةٍ بِجَولَتي الوَطواطيَّة )
ذائباً كَظِلٍ في ظَلّ
أَمضي بِلا طَريق
تِبعاً لإحساسٍ أَعمى في الاِتِّجاه
إلى مَكانٍ لا أَعرِفُه
وأَعودُ إلى مَكانٍ لا أَعرِفه
وَفي كُلِّ مَرَّة
يا للحَسرَة
أَصِل
...
لا مَعنى لِسَفَرٍ
دُونَ أَن تَضيع .
/
وكَأَنِّي كُنتُ عَلى مَوعِدٍ
مع المَطَر
الَّذي كانَ يَنتَظِرُ
لَحظَةَ خُروجي
وخَبطَةَ البابِ وَرائي
ليَنهَمِر .
/
لَم أَشعُر بالإثارَة
بِالقَدَرِ الَّذي تَتوجَّبُهُ
مُؤخَّرَةُ المُمَثِّلَةِ الَّتي تُضيءُ تارَةً
وتارَةً تَنطَفئ
حالَ دونَ ذَلِكَ
الذُّباب
الَّذي كُنتُ أَسمَعُ أَزيزَهُ
مُحَوِّماً في العَتمَة
على غَيرِ هُدَىً
ثُمَّ فَجأَةً
يَلطِمُ وَجهي
وكأَنَّهُ يلتِقِطُ
اِنعكاسَ
الأَضواء
في عَينَيّ .
/
تَأتي إليها بأَفضَلِ ثِيابِكَ
ولَستَ عَلى مَوعِدٍ مَعَها
ثُمَّ لا تَقدِرُ على مُغادرتِها
ولَم يَبقَ لَدَيكَ فيها ما تَفعَلُه
قُلتُ لَكَ
( مَع كُلِّ مَدينَةٍ
تَحتاجُ اِمرَأَة
ومَع كُلِّ اِمرَأَةٍ
تَحتاجُ مَدينَة )
وبُرهاني هُوَ :
كَما لا يَمكِنُكَ أَن تُحِبَّ اِمرأَتين
في مَدينَةٍ واحِدَة
لا يُمكِنُكَ أَن تُحِبَّ
مَدينَتَين
في اِمرأَةٍ واحِدَة .
/
في المَتاهةِ الدَّامِسَة
لِحَلَزونِ السَّلالِم
لم أَعرِف في أَيِّ طابقٍ أَنا
ولَم يَكُن لَدَيَّ ما يَدُلُني على بابِكَ
سِوى المِفتاحِ الَّذي تَرَكتَهُ مَعي
فَرُحتُ أُجَرِّبُهُ
على أَبوابِ جِيرانِكَ
في كُلِّ طابقٍ ثَلاثةُ أَبواب
تَصوَّر
صُدفَةً
فَتَحَ أَحدُها !
/
لَم أُصَدِّق أَنِّي في بَيتِكَ
حَتَّى رأيتُكَ نائماً
بكامِلِ ثيابِكِ
ما عَدا الحِذاء
أَذكُرُ هذا التَّفصيل
تَأكيداً لِولَعي المُبالَغِ بهِ
بالدِّقَّة
إذَن بَعدَ مُنتَّصَفِ اللَّيل
بِساعَتَين تَقريباً
عُدتُ وَوَجَدتُكَ نائماً
بكامِلِ ثيابِكَ ماعَدا الحِذاء
على الكَنَبَةِ الطَّويلة
لغُرفَةِ الاِستِقبال
ماذا تُريدُ أَشدَّ
مِن هَذا وُضوحاً
خاصَّةً وأَنَّكَ أَضَأت
مَصابيحَ السَّقفِ والجُدران
ولَم تُطفِئ التِّلفاز
ورُغمَ كُلِّ هَذا الوُضوح
وَقَفتُ طَويلاً
أَنظُرُ إليكَ مُتَسائلاً
ماذا تَفعَل ؟
/
إذا أَعطَيتُكَ
عَشرَ صَفَحاتٍ مِن شِعري
تُعطيني بالمُقابل
ثَلاثيَنَ صَفحةً مِن شِعرِك
تَفعَلُ هذا تَهَذُّباً
وبِنَظَّارَتِكَ المكسورَةِ السَّاعِد
تَطوي الصَّفحةَ الأَخيرة
وأَنا بَعدُ لَم أَنتهِ مِنَ
المُقدِمة
ومَع أَنَّكَ تَقرأُ صامِتاً
تَسعُلُ مَرَّتينِ أَو ثَلاث
كُلَّما قَلَّبتَ صَفحةً .
/
لا تَجِدُ الصُّحونُ
مَطرَحاً لَها على المائدة
الكُتُبُ تَغَمِسُ أَطرافَها
في الطَّعام .
/
نَكادُ لا نَتَّفِقُ عَلى شَيء
وِلَكن لَيسَ أَمامَنا
مِن حَلٍ
سِوى أَنَ نَأَكُلَ الكُتُبَ
ونَقرَأَ الصُّحون
( يالَها مِن سَلَطَةٍ
بطَعمٍ
شاعِري )
/
أَعطِني قَلمَ رَصاصٍ غامِق
لأَستَعرِضَ أَمامَكَ
مَهارَتي في الرَّسم
ملامِحُكَ أَشبَهُ بالعَناوين
إلاَّ أَنِّي سَأُلَوِّنُ
ما بَينَ خُطوطِها العَريضة
بالشَّاي البَاقي
في القَدَح .
/
حَشَوتُ في حَقيبَتي
قِمصاني وَسَراويلي
وأَحذِيَتي وكُتُبي
وَلَم أَنسى شَيئاً في العالَمَ
سِوى المَنشَفَة
وحين غَسَلتُ وَجهي
جَفَّفتُهُ بالجُزءِ السُّفلي
مِن قَميصي
ثُمَّ حَملَقتُ في المِرآة
رَأَيتُ فَمي
ورَأَيتُ أَنفي
ورَأَيتُ أُذُنَيّ
ولَم أَرَ عَينَيّ
لَكِنِّي لَم أُدهَش
ولَم أَسأَل نَفسي
كيفَ أنظُرُ بِعَينَيّ
وأَرى بِعَينَيّ
ولا أَرى
عَينَيّ
لأَنَّهُ عَلى الدَّوام
تَضيعُ في وَجهي
عَيناي
كُلَّما حَدَثَ
وَمَضيتُ
إلى
نِهايةِ
قَصَيدَة ..
10-2- 1997/ بيروت
ريلكه أَنا ..
مُنذر مَصري شَخصٌ آخَر
هُوَ .. هُوَ
كَما في حُلُمٍ قَديمٍ
يَتَكرَّر
/
في كُلِّ ما يُبقيهِ ماثِلاً
اللَّغوِ الَّذي يَقودُهُ
إلى تَمامِ
فَحواه .
/
لكنَّ ذلكَ لَن يَعني
لَمَسَهُ باليَد
ولا حَتَّى القِدرةَ عَلى وَصفِه
لأَنَّهُ يُمكِنُ الجَزم
عِندما لَم يَقِرّ لَهُ قَرار
مُستِغرِقاً كلَّ ما أُعطي مِن وَقت
وهو يُحاوِلُ اِتِّخاذَ
الهَيئةِ المُناسِبَة
كانَ قَد ضَيَّعَ
اِحتِمالَ
صُورتِه .
/
مَؤكِّداً كَونَهُ
نُسخَةً طِبقَ الأَصلِ عَن نَفسِهِ
راحَ يَغسِلُ فَمَهُ
مِن أَقوالِه
وقَد أَدَّى إفراطُهُ بِالحُبِّ
إلى إثارَةِ
كلِّ عاطِفَةٍ لازِمَة
للقيامِ بعَمَلٍ جَماعي
يُساهِمُ بِهِ
حِرصاً على إنجازِهِ
بأَفضَلِ وَجه
نِساءٌ عارياتٌ
لا عَمَلَ لَهُنَّ سِوى
الإنجاب
حُرِّمَت عَليهُنَّ مُغادَرةُ الأَسِرَّةِ
إلاَّ لِقَضاءِ الحاجاتِ
ومَلائكةٌ
مِن أَصنافٍ شَتَّى
يتننَقلُونَ حامِلينَ عَدوى
أَوبِئتِهم المُقَدَّسة
وآلِهَةٌ ظَهرَت لَهُ مِراراً
وقالَت لَهُ شَيئاً
فَلَم يَعِرها اِنتباهَه
وذلكَ لِتَبديدِهِ في مَصيرٍ
أَشَدَّ مَحواً مِن
تَعاقُبِ
اللَّيلِ
والنَّهار .
/
مُظَلِّلاً عَينَيهِ
مِن بَريقِ عُيونِ الآخرين
يَغُذُّ السَّيرَ
نَحوَ كُلِّ ما يَنأى ويَزوغ
ولا يَجِدُ لِنَفسِهِ مَوضِعاً
مُداوياً دَوارَه
بتَثبيتِ نَظرِهِ إلى نِقطةٍ ما أَمامَه
حَتَّى أَنَّه حَسِبَ الحائطَ
في ثَباتِهِ
طَريقاً .
/
الأُغنياتُ
لَم تَمنَحهُ الطَمأنينة
مُحافِظاً على ارتيابِهِ
بكُلِّ ما يُفصِحُ عن داخلِه
في ذلكَ الاِنزواء
الَّذي يُشبِهُ
يَدَ المَوتِ الفَارِغَة
مِنَ الحَنين
يَنمو ذابلاَ
فَيولَدُ
النِّسيان .
/
بَعدَ أَن اُستُقبِلَ بِحَفاوةٍ شَديدة
اِلتَفَتَ ولَم يَجِد في البَيت
أَحَداً مِن أُولئكَ
الَّذينَ احتَشدوا
في انتظارِه
وبإصبَعِهِ المُروحيَّةِ
رَسَمَ حُدوداً
في الفَضاءِ بينَهُ وَبينَهُم
ثُمَّ راحَ يَعَضُّ
عَلى الهَواء
بأَسنانِه .
/
فَهوَ لَن يَكونَ أَبَداً مَرئيَّاً
إلاَّ بَعدَ انفجاراتٍ ضَوئيَّةٍ
مُتَكَرِّرَةٍ كَهذِه
تَبدو وكأَنَّها سَوفَ تَستَنفِذ
كُلَّ مادَّتِه
حيَنَ تَتَلاشى مَعِ الأَيام
قُدرةُ صَلَواتِه
على شِفاءِ الآخرين
حَتَّى مِن
مَرَضِه ..
12-5-1998
بَدَلَ أَن أَقرَعَ الجَرَسَ أُطفِئُ الأَضواء
( إلى أُسامَة مِنْزَلجي )
يَسمَحُ لِنَفسِهِ بالتَّردُّدِ في أَن
لا يُجيب
عِندَما يَسمَعُ اِسمَهُ يُنادى
حَريصاً أَلاَّ يَخرُجَ إلى
الشُّرفة
أَو يَمُدَّ رَأسَهُ مِن النَّافذة
قَبلَ سَماعِهِ
نَشرةَ الطَّقس .
/
مَن لَم يُخطِئ
ولَو مَرَّةً واحِدَةً
بالتَّصفيق
في الفَواصِلِ الَّتي
يَتوقَفُ بِها العازِفون
قَبلَ نِهايَةِ اللَّحن
ذلكَ لأَنَّهُ
أَبَداً
لا يُصَفِّق .
/
في سُهولةِ كَشفهِ مُتَوارياً
في بَيتِه
في غُرفَتِه
ليَحسَبَ الآخرونَ أَنَّهُ هَكَذا
جَرياً على حالِه
كَحدِيقَةٍ خَلفيَّةٍ
شُغِلَ عَنها أَصحابُها زَمَناً
فامتَلأت بالأَعشابِ البَرِّيَّة
وصارَت دَغلاً
مُتَّخِذاً الوِحدَة
مَظهراً ثابِتاً للرُوح
كانَ كُلُّ ما يَفعلُه
يَنتَظِرُ أَحَداً
فالوِحدَةُ في خَيالِه
اللاَّفِتَةُ الأَشدُّ إغواءً
كَي يَحُطَّ
مَن يَحمِلُ
الصِّفات .
/
سِرُّه
أَنَّهُ لا يَستَطيعُ لوَحدِه
أَن يَرقُصَ
حَتّى نِهايةِ أَيَّةِ أُغنِيَة
وبعدَ كُلِّ تِلكَ الخُطوط
الصَّارمةِ في تَحديدِ الأَشكال
يَدَعُ الفُرشاةَ تَقَعُ مِن يَدِه
وكأَنَّها تَسقُطُ صُدفَةً
في فُوهَةِ الدَّواة
وبالكَاد يَبتَلُّ رَأسُها
لأَنَّ حِبرَهُ في الأَسفَلِ
باتَ قَليلاً
ولأَنَّ الصَّدى
عِشقٌ أَصابَهُ وَلَم يَقتُله
فَصَدَّهُ بِجِدارٍ مِن
الاِزدِراء .
/
مَن رَسَموا الخرائطَ
وأَسقَطوا عَليها
الاِتِّجاهاتِ والمواقِع
كُلُّهم ضاعوا
ذَلكَ هوَ
مِكرُ الخُلود
وكأَنَّهُ شَيءٌ لا مَفرَّ لَهُ
أَن يَحدُثَ لَنا
مَهما بَلَغَت قُدرتُنا
عَلى تَبديدِ الوَقت
ودِقَّتُنا
في تَلَقِّي الإشارات
بينَما الآخرون
مُنهمِكونَ في حَرَكةِ
الانجرِاف
ولكن ها أَنذا
أَمامَ بابِكَ
بدَلَ أَن
أقرَعَ
الجَرَس
أُطفِئُ
الأَضواء ..
ـ 14/1/1999
لا أَستَطيعُ مُغادَرَةَ الأُغنية
( إلى ثَرثاري الثُّلاثاء )
المُقارنةُ بيَنَ اللاَّذِقيَّة
وباريس !
لَن تَكونَ في النِّهاية
لِصالحِ باريس
لَيسَ لِكَونِيَ طَمَّاعاً
ولا حُدودَ لِقَناعَتي
بَل أَيضاً كَما تَقولين
أَن نُحِبَّ
شَيءٌ
وأنَّ نَقَعَ في الحُبِّ
شَيءٌ آخَر .
/
حيَنَ يَغدو التُّراب
أَشدَّ اِحمراراً
والأَشجارُ بثِمارٍ
أَشَدَّ نَضجاً
إذا نَظَرنا مِن شِقِّ النَّافذَةِ
لا مِن خَلفَ
الزُّجاجِ العَكِر .
/
لِتُمطِر
لِتُمطِر
لِتُمطِر
رَجاؤنا أَن تَجُفَّ السَّماء
على مَسافَةِ دَقائق
حَيثُ سَنَهبُطُ مُتَفَقِّدينَ
نُموَ الأَعمِدةِ
وصُعودَ الأَدراجِ
إلى الطَّوابقِ العُليا
في الهَواء .
/
لَمَحتُ أَشجارَ نَخيل
قُلِعت مِن مَواقِعِِها البَعيدَة
وأُحضِرَت إلى هُنا
حيثُ أُلقيَت عَلى الأَرض
كَيفَما اتَّفَق
وقَد لُفَّت جُذورُها المُشَعَّثَة
بأَقماطٍ مُبلَّلَة
جاهِزَةً للزَّرعِ
في أَيَّةِ حَديقَةٍ
وخَلفَ أَيِّ سُور
تُرى ما الَّذي سنَلتَقِطُهُ مِن تَحتِها
عِندما سَنَتَسلَّقُ أَعناقَها الطَّويلة
ونَنبُر
أَقراطَها .
/
المدينةُ الَّتي ولِدتُ بِها
ولَم أَغادِرها قَط
تُعادِلُ - دُونَ أَيِّ اِنحياز -
المدينةَ الَّتي لَم تَطأها قَدَماي قَط
في كَوني لَم أُسافِر
إلى أَيٍ مِنهُما .
/
لأَنَّ الرِّقةَ شَيءٌ
والشَّفَقَةَ شَيءٌ آخَر
حتَّى وإن لَم يَفعَلوا شَيئاً سِوى
رَدمِ الحَيزِ الضَّيِّقِ
الَّذي كانَتِ الأَمواجُ قادِرةً
على إغراقي حَتّى رَأسي
بَدءاً بِتَرطيبِ حِذائي
بِماءٍ سَماويٍ أَزرق
إن أَخذتُ قَليلاً مِنه
براحَتَي يدَيَّ
أَراهُ أَزرَقَ
أَزرَقَ
عَلى ضَحالَتِه .
/
لَن يَكونَ الحُكم
في صالِحِ باريس
أَو أَيِّ مَدينةٍ أُخرى
عَلى خَريطَةِ أَحلامِنا
لأَنَّ ذلكَ أَشبَهُ
بكَلِمةِ سِرٍّ
لا يعرِفُها سِوى الَّذينَ
دُونَ أَن يُسأَلوا عَنها
يُسمَحُ لَهم بالمُرور
مِن تَحتِ أَثدائها .
/
حَيثُ الخَطُّ المُستَقيم
يَكادُ يَكونُ مُعجِزةً
فكلُّ ما أَراهُ يَتَعرَّجُ
ويَنحني ثُمَّ يَنزَلِقُ
إلى الأَسفل
مُجارياً قَطراتِ المَطَر
وهي تَرتَطِمُ ولا تَجِدُ مَنفذاً
على سَطحِ بُحَيرةِ الزُّجاج
الَّتي تُحاولُ ما بُوَسعِها
أَن تَصُدَّ عَنِّي
صُورَهُم وأَصواتَهُم
لَكِنَّهم في بَلَلِهِم
يُبطِئون يَبتَعِدون
وَهُم يَلتَفِتونَ خَلفَهم
عِندَ كُلَّ خُطوةٍ
مُنادينَ ومُشيرينَ لي
أَن أَلحقَ بِهِم
وأَنا الَّذي أَحكَمتُ إغلاقَ النَّافذَة
أَجِدُ نَفسي
مُلتَصِقاً بِمَقعَدي
في غارِقٍ مِن
شُرودي
لا أَستَطيعُ
مُغادَرَةَ
الأُغنِية ..
12-6-1998
صِدقُ حَيَوانِيَّتي
عَلى سَرابِ بَلاطِك
تنْزلِقُ مَخالِبي .
/
وَأَنتِ لا تَنظُرينَ إلَي
بِلَمعَةِ كَتِفِكِ
أَصبتِني .
/
عِندما رَضيتِ
بِفُتورٍ
أَن تَضَعيني في قَفَصِكِ
كانَ هَمِّي
أَن أُثبِتَ لَكِ
صِدقَ حَيَوانيَّتي .
/
ولو اِستغرَقَني جَميعَ ما أَعطيتِني
مِن ياقوتِ الوَقت
أَرَدتُ أَن أَقومَ
بطُقوسِ صَلاتي كامِلَةً
أَن أَجثو أَمامَكِ
راكِعاً على رُكبَتَي
وأَدُسُّ وَجهي
في صَحنِ
بَطنِكِ .
/
( لا أُريدُكَ عَبداً )
قُلتِ لي
( أُريدُكَ عاشِقاً )
عِندَها أُسقِطَ
في يَدي .
/
تَعصِرينَ لي قَطرَةً
مِن حَليبِ ثَديكِ الأيسَر
في فِنجانِ
قَهوتي .
/
مَدَدتِ يدَكِ
لِتُلقِّمينَني الحَلوى بأَصابِعِكِ
خَيبَتي لَم تَفتَح
فَمي .
/
لَيلٌ أَسودُ
يلُفُّ بِساعِدَيهِ المُظلِمَين
نَهارَ خَصرِكِ
النَّحيل .
/
نَظرَةً
نَظرَة
كاَنَ
يَذوبُ
ثُمَّ
يَسيلُ
عَمائي ..
18-5-1997
أَطعُنُهُ ولا أُريدُ قَتلَه
مُحيطاً بساعِدَيَّ عُنقَه
وبَطنَهُ بساقَيَّ
دُونَ هذا - ولو لِلَحظة -
لَم أَكُن أَستَطيعُ
التَّعَلُقَ بِه .
/
يَختَرِعُ وَجهاً
لِكُلِّ نَظرَة
وجِسمُهُ يُبدِلُهُ
في لَمسَة .
/
أُحِسُّ جِلدَهُ
حيناً رِيشاً
وَحيناً وَبراً
وَحيناًً
حَراشِفَ .
/
اِتَّصَلتُ بِكِ البارِحَة
أَجابَت على الهاتِف
أَفعى
يا اللَّه
الآن أَذكُر
مَرَّةً كُنتُ نِصفَ نائمٍ
فَسَمِعتُ فَحيحاً
وأنتِ تَزحفينَ مُنسلَّةً
مِن السَّرير .
/
بِأُمِّ عَينيَّ رَأَيتُه
مَساءَ دَعوتِني إلى وَجارِكِ
فَصَعدتُ الدَّرَجَ مُتَخَفِّياً
كَي لا يَعرِفَني أَحد
لَكن قِطَّاً أَسودَ
كان يُلاحِقُني
حَريصاً أَن يَشُمَّ
بِخَيشُومِهِ اللاَّمِعِ الدَّقيق
مَوقِعَ كُلِّ خُطوةٍ مِن خُطُواتي
ثُمَّ يَدوسَ عَليهِ بِقَدَمِه
وعِندَما دَخلتُ مِنَ الباب
الَّذي تَركتِهِ لي مُوارَباً
تَسلَّلَ خَلفي
وبعدَ هذا اختَفى
وظَهَرتِ
أَنتِ .
/
يا اللَّه الآنَ أَذكُر
كُنتِ كُلَّما ولَجتُكِ
تَموئين .
/
دَمُكِ حَليب
ولَحمُكِ تُفَّاح
لَكِنِّي يَوماً لَمَحتُ
تَحتَ نَظرتِكِ
أَنياب .
/
إذا غافَلتُهُ
وقَفَزتُ على ظَهرِهِ
أَبغي
ولَو للَحظَةٍ
رُكوبَه
بَعدَ هَزَّةٍ أَو هَزَّتَين
يَقلِبُني وبِحوافِرِه
يَدوسُني .
/
وإذا أَطعَمتُهُ بيَدي
يأكُلُ
ويَعَضُّ يَدي
وإذا خَطَرَ لي
أَن أُلَقِّمَهُ الطَّعامَ
بِفَمي
يَفتَحُ فَمَه
ويَنهَشُ
فَمي .
/
كَيفَ أُفهِمُكِ هذا !
مَرَّةً اِستَلَلتُ
سِكِّيني
ورُحتُ أَطعُنُه
وأَنا أَقولُ لِنَفسي
حتَّى وإن طَعَنتُّهُ
وطَعَنتُّهُ
وطَعَنتُّهُ
فإنِّي لا أَعني
حَتماً
أُريدُ
قَتلَه ..
ـ 4-7-1996
يَغسُلُ فَمَهُ بِحَبَّةِ عِنَب
أَ أَعبُدُه
وإن كانَ حَقَّاً مَوجوداً
وإذا وَضعَ يدَهُ المثقوبَةَ على ثَديي
وبشَفَتَيهِ الشَّاحبَتَينِ المُرتَعِشَتَين
أَطبَقَ على فَمي
أَ أَقَبِّلُه
وَأُولَعُ ناراً ؟
/
يَرِقُّ مَعي دُونَما سَبَبٍ
ضاحِكاً يَستَيقِظُ قَبلي
يُعِدُّ لي إفطاري
العَسلُ يُلعِقُني بإصبَعِه
وعِندَ الظِّهرِ أَعودُ
فأَجِدُهُ قَد مزِّقَ السَّتائر
ورمى قُدورَ المَطبَخِ
أَرضاً
وحين يَراني
يَخطَفُ ما أَحضَرتُهُ مَعي
ويَدُوسُهُ بقَدَمِه .
/
لا يَرضى بي
إلا عَبداً
غَيرَ راضٍ عَنه .
/
إذا أَرادَ مَديِحي
يَصيحُ هازِلاً :
( أَنتَ مَجنون !)
/
يُعطِيني فَمَه
وهو يُدبِرُ
وَجهَه .
/
يَهزَأُ مِن صَلاتي
لأَنَّ كَلِماتي
يَقول
تَخرُجَ مِن فَمي !
وإذا دَعَوتُهُ مِن
تَحتِ لِحافِ صَمتي
يَمُدُّ يَدَهُ
ويَجُسُّ بأَصابعِهِ
قَلبي .
/
لي أَن آخُذَ عن طِيبِ خاطِرٍ
ما يُعطِيَني
شَراً وأَذيةً
لأَنِّي أَستَحِقُّه
أَمَّا عَطفُه
فَأَسرِقُه .
/
بَعدَ كُلِّ قُبلة
يَغسِلُ فَمَه
بِحَبَّةِ عِنَب .
/
يَلومُني
لَم آتِ ولَيسَ بَيننا مَوعِدٌ
وهُوَ لَم يَأتِ
لأَنَّهُ اِتَّصَلَ بي قَبلَ موعِدِنا
بِساعَتَين
أَو بَعدَ موعِدِنا
بثَلاثِ ساعات
ولَم يَجِدني .
/
أَذهبُ إلى مَكانٍ
آمَلُ رُؤيتَه
فلا أَجِدُه
أَقولُ في نَفسي :
( ماذا أَفعلُ هُنا !)
وإذا جاءَ
أَولُ ما يَقولُ لي :
( ماذا تَفعلُ هُنا !)
/
فإذا غابَ عَني يَومين
يَقولُ :
( هذا يَعني أَنَّكَ تَستَطيعُ
أَن تَحيا بِدوني سَنَةً )
وإذا غابَ أُسبوعاً
وبَقيتُ حَيّاً
فَهذا يَعني لهُ
أَنِّي أَستطيعُ أَن أَحيا بِدُونِه
إلى الأَبَد .
/
كُلَّما نَضَجَت بي
ثَمَرةٌ مِن حُبِّهِ
أَقطُفُها وأُدنيها مِن فَمِه
مُمسِكاً بِها مِن غُصنِها
( ليسَت لي
كُلْها وَحدَك )
أَو
( خُذها بعيداً عَنِّي
وكُلْها مع غَيري )
أَو رُبما يَقول :
( دَعْها آكلُها غَداً )
فتَفسُدُ وتَموت
لأَنَّهُ يَوماً
لَم يَأتِ يَومٌ
وقالَ عَنهُ
أَنَّهُ
غَدُه .
/
إذا فَتَحَ لي بابَ بَيتِهِ
يَشُدُّني مِن شَعري
ويُدخِلُني
يَدفَعُني في الظَّلام
وهو يَقفُ وَرائي
فَإذا اِرتَطَمتُ بِحائطٍ
أَو كِرسيٍ أَو طاوِلَة
أَمُدُّ يَدي لأُمسِكَ بِهِ
فلا أَجِدُه
وما أَن أَجلِسَ لاهِثاً
عَلى طَرَفِ السَّرير
حَتّى أَسمَعَهُ يَزجُرُني :
( أَكُلَّما سنَحَت لكَ فُرصَةٌ
تَنتَهِزُها
إنَّكَ لَم تَأتِ لأَنِّي
رَجوتُكَ أَن تَأتي
بَل لأَنَّكَ
تُحِبُّ
أَن تَأتي
لا يَهمُّكَ لِذَّتي
سِوى لأَنَّها
شَرطُ لِذَّتِكَ )
وأَنا بِجوارِه
أتنفَّسُ
بَصيصَ
رائحَةِ
إبطَيه ..
ـ 6-8-1997
حُبُّكِ الرَّاكِدُ في الصَّحن
كُنتُ أَحسَبُهُ يَكرَهُني
أَو حَتَّى
لا يُبالي بي
لِهذا
غَدَرَني حُبُّه .
/
لأَنَّهُ عِندما دَعاني
تَظاهَرتُ بأَنِّي لا أُصغي إلَيه
قُلتُ في نَفسي
( لَدَيَّ وَقت
غَداً أَسمَعُه
وَ
أَستَجيب )
/
مَكانَ المِسمار
وَسطَ راحَتي
بصَقَ ثُمَّ
لَعَقَ جُرحي
بلِسانِه .
/
( إذا جَرحتَني
أَنتَ ما يَقطُرُ مِن دَمي )
نَقَبَ إصبَعَه بِدَبُّوس
وكَتبَ لي هَذا
بِدَمِه .
/
في المَطبَخ
واقِفاً أَمامَ المَغسَلةِ تَجِدُني
أَغسِلُ
بَعدَ كُلِّ عَشاءٍ
الأَطباقَ والكُؤوس
مُبقياً عَلَيها
قَليلاً مِنَ الرَّغوةِ
كَي يَتأَكدَ لَهُ
أَنَّي غَسَلتُها
باللِّيفَةِ والصَّابون .
/
أُحِسُّهُ مِن
مَلمَسِ
المَاء .
/
تُفَضِّلينَ أَن تَجلِسَ المِروَحَةُ
عَلى الكُرسِيِّ
بِجَوارِك
بَدَلاً عَنِّي .
/
يا لِحُبِّكِ
الرَّاكِدِ
في الصَّحن .
/
يَترُكُني
إلى أَن نَلتَقي يَوماً
أَنا على رَأسِ
جَبَلٍ
أَجرَد
وهُوَ
عَلى ظَهرِ
غَيمَةٍ
سَوداء ..
20-8-1997
أَغمَضوا عُيونَهُم بِداعي التَّغيير
اِنتَظِرهُم حَتَّى يُنهوا اِستِعراضَهُم
تَتَساقَطُ أَسنانُهُم
ولا يَنحَنونَ لاِلتِقاطِها .
/
لا يَمَلُّونَ مِن مَلَلِهم
في اِنتظارِ مَواعيد
وُعِدوا بِها ولَكِنَّ أَحَداً
لم يَعِدهُم بِإيفائها
فأَغمَضوا عُيونَهُم
بِداعي
التَّغيير .
/
تَكَلَّفوا كُلَّ مَشقَّة
كَي تَغدو الفوارِقُ أَبسَطَ ما تَكون
في اِنتقالِهِم مِن عُنصُرٍ إلى آخَر
وكَأَنَّه لَم يَبق عَليهِم
سِوى أَن يُبدِلوا
الجانِبَ
الَّذي يَنامونَ عَليه .
/
يَتَدرَّبونَ عَلى التَّنفُّس
دُونَ شَهيقٍ أَو زَفير
يُمكِنُ لأَحَدٍ أَن يَلمَحَهُ
يَدخُلُ ويَخرُجُ مِن أَفواهِهِم
فاغِرةً
أَم
مُغلَقَة .
/
حَسبُهُم بَقايا صَلَوات
نَسمَعُهم يُتَمتِمونَها
خَلفَ الأَبوابِ المُوارَبَة
كأَعمالٍ اِعتادَت عِلى القِيامِ بِها
بِلا إرادَة
شِفاهُهُم .
/
ماحيَّاً كُلَّ أَثرٍ لتَدخُّلاتِه
في شُؤونِهِم
اللَّهُ الَّذي لم يَجِد لَدَيهِ
في النِّهاية
ما يَفعَلُهُ لأَجلِهم
سِوى أَن يَهرُبَ مِنهم .
/
الفائضونَ عَن حاجَاتِهِم .
/
سَيَتُمُّ ذِكرُهُم في المَصائبِ
الَّتي سَتَأتي في طَلَبِهم
وتَجِدُهم حَيثُ غادَروا
بِكَونِهم أَسقَطوا
بُذورَهَم
تَماماً حَيثُ يَجِب
في الخُطوطِ الَّتي تَصنَعَها
سِكَّةُ مِحراثِ
الرِّيح
في
تُرابِ
أَرضِ
الوَقت ..
13-3- 1998
سَماءٌ بلا وَجه
صَباحاً
العُميانُ يَستَيقِظون
في لَيلِهِم .
/
يَحيونَ أعمارَهُم دونَ أن
يَعرِفوا أَنفسَهم
إذا لَمحوا وُجوهَهُم
في المِرآة .
/
مَراياهُم
جُدرانٌ مُظلِمَة .
/
يَركُضونَ في المَمَرَّات
بِكُلِّ اِتِّجاه
ويَهبِطونَ السَّلالِمَ
ثَلاثاً ثَلاثاً
ثُمَ يَقفُزونَ دَرَجاتِ العَتَبَةِ الأَخيَرة
دَفعَةً واحِدَة .
/
يتَدافَعونَ
لِيَحتَلَّ أَسرَعُهُم
مَقاعِدَ الصَّفَ الأَول
في غُرفَةِ التِّلفاز
ثُمَّ يَأتي وَيَنزَعُهم عَنها
أَقواهُمُ .
/
يُرَتِّلونَ صَفَحاتٍ
لَم يُكتَب عَليها شَيء
يُغَنونَ ويَعزِفونَ
وَهم يُحَدِّقونَ
إلى سَّماء
بِلا وَجه .
/
لا يُريدونَ أَن يُبعِدوا
وَجهَ اللَّهِ
عَن أَنظارِهِم .
/
الَّذي أَغَمَضَ عُيونَهُم
وكَلَّفَهُم بِشَرحِ
خَرائطَ
لَم يَروها مِن قَبل ..
22-5- 1998
عُيوبٌ مِن فِطنَةِ الطَّبيعَة
يُولَدون
فَيُطلَقُ عَليهِم
أَسماءٌ لا عَلى التَّعيين
غالِباً ما تَكونُ غَيرَ
أَسمائهِم .
/
يَحيونَ وهُم يَحمِلونَ
أَراءً خاطِئةً
عَن أَنفُسِهم
مُصَدِّقينَ جَميعَ ظُنونِهِم
وَحيَن تُحاوِلُ أَن تُفهِمَهُم
بِأَنَّ هُناكَ مِن يَحسَبُ
أَنَّهُم فَرَضاً ...
يُجيبونَكَ :
( ومَن قالَ لَكَ
أَنَّنا لَسنا )
/
عَمَلُهُم أَن يَحمِلوكَ
عَلى تَصديقِ
أَنَّ كُلَّ نواقِصِهِم مَزاياً
وأَنَّ عُيوبَهُم
لَيسَت إلاَّ مِن فِطنَةِ الطَّبيعَةِ
وإذا ما أَشَرتَ
صُدفَةً
عَلى أَحَدِ أَخطائهِم
يَقُولونَ لَكَ
دونَ تَردُّد :
( إنَّنا فَعلنا هَذا عَن قَصد )
/
وإذا يَوماً
ساوَرَتكَ بِهِمُ الشُّكوك
يَنتَحونَ بِكَ جانِباً
ويَسأَلونَكَ
وَهُم يُريحونَ سَواعِدَهُم عَلى كَتِفِكَ
ناظرينَ مَليَّاً في عَينيك :
( ومَن في ظَنِّكَ نَحنُ ؟)
تَقولُ لَهم : ( أَنتُم ... أَنتُم )
فَيَصيحونَ
وهُم يَتَلَفَّتونَ حَولَهُم :
( أَنتَ قُلت ..
واللَّه
لَم نَكُن نَعرِفُ هَذا مِن قَبل )
/
تَصدُقُ نُبُوآتُهم
ويُصلَبون
بَعدَ أَن تَقَعَ على وَجهِكَ
ثَلاثَ مَرَّات
وأَنتَ تَعدو لا تَلوي عَلى شَيء
بَعيداً عَنهُم
مُنكِراً أَنَّكَ يَوماً
عَبَدتَّهُم ..
22-5- 1998
يُرافِقُ إصغاءَهُم تَغريدُ حَشَرات
لا يَستَطيعونَ أَن تُحِبَّهُم
إلاَّ بِشَرط
أَن يَستَسلِموا لَكَ
دونَ شَرط .
/
يَرجونَكَ أَلاَّ تَبكي لأَجلِهِم
وهُم أَمامَكَ يَنهَمِرونَ
في دُموعِهِم .
/
ذَوو العُيونِ المُوحِلَة .
/
يتَفاخَرونَ بِأَنَّهُم
الأَكثَرُ اِستِهلاكاً
للمَحارمِ الوَرَقيَّة .
/
اِبحَث عَنهُم
لَن تَجِد آثارَهُم
سِوى في زَهرَةٍ
أَو
زَهرَةٍ .
/
هُم في قُلوبِهِم
وليسَ لأَوراقِهِم حَوافٌ
تُطَوِّقُهُم
كحَلقةٍ مِن لَهَب
يَصيحونَ بكَ :
( اِقفِز يا نِمر )
فتَحارُ كَيفَ تُراقِصُهُم
ثُمَّ ترتَمي عَليهِم
دُونَ أَن تَعمَلَ عَمَلَكَ
في تَمزيقِهِم .
/
تَستَطيعُ بِكُلِّ سُهولَةٍ
أَن تَأخذَ وَجهَ الواحِدِ مِنهُم
كامِلاً
بقُبلَة .
/
إذا حَلَلتَ ضَيفاً يَسأَلونَكَ
أَتُحِبُّ تَناوُلَ البَشر
كمَسحوقٍ
أَم كَعَصير .
/
بُطونُهم أَسرَّةٌ
مُجاوِرَة
أَثداؤهُم
وسائدُ إضافيَّة .
/
حَذارِ
إذا اعترَضوا طَريقَكَ
أَن تنْزَلِقَ بِهِم
ظِلالُهُم
تَذوبُ
وَتَسيلُ
عَلى البَلاط .
/
يُرافِقُ إصغاءَهُم
تَغريدُ
حَشَرات .
/
اللاَّصِقونَ بِكَ
كالأَشياءِ الخَفيفةِ الدَّبِقة
الَّتي تَعلَقُ بِهذهِ اليَد
إلى تِلك
كُلَّما نَفَضتَها وحاوَلتَ
التّخَلَّصَ مِنها
الباقونَ حَيثُ
أَشَحتَ بوَجهِكَ عَنهُم
لا يُزحزِحُهُم طارئٌ
حَتَّى آخِرِ السَّهرة
ليُشارِكوكَ
بِما بَخَلتَ عَن تَقديمِهِ
للجَميع
وأَبقيتَهُ لَكَ
وَحدَكَ
مِن
حَلوى
النَّدم ..
18/11/1998
أَنا دَوماً كَما أَنا دَوماً
( إلى حارِسِ الخَديعَة )
خُذني إلى حَيثُ أُريد
لا أَعلَمُ أَين .
/
بَعيداً عن جُدرانٍ عاريَة
سِوى مِن مَساميرَ عاريَة
الغُبارُ يُلَمُّ عَنِ البَلاطِ
بِباطِنِ الأَكُفِّ
ثُمَّ يُجمَعُ في قَوارير
تُصمَدُ
كَتُحَفٍ
عَلى الرُّفوف .
/
خُذني إلى مَدينةٍ
حَلِمتُ أَنِّي أَحُجُّ إليها
مِراراً وتَكراراً
ولا أَعرِفُ لَها دَرباًً
ولا رَبَّاً
يَنبُتُ فيها الرِّيشُ
عَلى طُولِ سَاعِدَيّ
مِن فَرطِ الرَّغبَة
وتُخرِجُ المَرايا
مِن بَريقِها المُعتِم
رِجالاً للنساءِ اللَّواتي
يَقَضينَ أَمامَها اللَّيلَ
عاريات .
/
خُذني من مَكانٍ سأَموتُ
إذا بَقَيتُ فيه
إلى مَكانٍ سأَموتُ إذا لَم أَذهب إلَيه
لا أَعلَمُ أَين
إلى أَرضٍ ذاتِ عُشبٍ مُبلَّل
تَتَمَرَّغُ عَليهِ
اِمرأَةٌ
بأَربَعةِ أََثداء
تُخرِجُ الفاكِهَةَ
مِن فَرجِها
الأَخضَر .
/
نَسَيتُ اِسمي
واِسمَ مَدينَتي
وتَلعثَمتُ
أَنقذَتني قائلَةً :
النِّسيانُ نِعمَة .
/
خَدَيعَتي
أَنا دَوماً
كَما أَنا
دَوماً ..
14-8-1998
أَذهَبُ مَعَ الهَواء
أَخافُ أَن يَأتي أَحَدٌ
ويجَنِّبَني هَذِهِ الحَرب
لأَنّي أَحمِلُ اِسماً مَيِّتاً
وقُوَتي عاريةٌ
مِنَ الأَوراق .
/
أَخافُ أَن يَأتي أَحَدٌ
ويَقولَ لي :
( دَعِ المَوتَى
يَدفنونَ مَوتاهُم
واتبَعني )
أَتبَعُهُ
مُجَرجِراً
مَوتاي
في قَلبي .
/
أَتبَعُهُ وأُغَنِّي خَلفَهُ
وَهُوَ يُغَنِّي :
( لَم أُخلَق
لأَتبَعَ
أَحَداً )
/
لأَنَّه يَنقَصُني كُلُّ شَيء
أَسَفُّ مَطحونَ وِرَقِ الغار
وَفي كُلِّ مَرَّةٍ
أَنسى
إذا أَكَلتُ مِنهُ
أَموت .
/
أَخافُ أَن يَأتي أَحَدٌ
وِيَعرِفَني مِن ظَهري
بَينَ الوُجوه
فَيَمنَعُني أَن أَمضي
إلى حَيثُ
( ثِيابي
تُلائمُ الطَّقس )
/
قالَ أَنَّهُ
سَيقطَعُ طَريقي
وأَنا نَفسي
لا أَعرِفُ طَريقي !
/
أَجري خَلفَ
كُلِّ شَيءٍ يَجري .
/
أَخافُ أَن يَأتي أَحَدٌ
ويُمسِكَ بي مِن كُمِّ قَميصي
أَو يَتَعَلَّقَ بِي مِن قَدَمي
فَلا أَستَطيعُ أَن أَذهَبَ
مَع
الهَواء ..
28-11-1999
سَأُحِبُّكَ وأَنا تُراب
بَعدَ الصَّيفِ
والخَريفِ
والشِّتاء
لِيَكُن الرَّبيعُ
فَصلَكَ المُفَضَّل
حاجَتُكَ لَهُ
حاجَتُكَ المُبتذَلَة
لِلحُب .
/
دَعِ الطَّبيعَةَ تَتَكفَّلُ بِتَصريفِ أُمورِكَ
دَعها تُرَبِّي أَولادَكَ
دَعها تَعتَني بِأَعضائكَ
فَقَد أَثبتَت أَنَّها
في كُلِّ مَرَّة
إذا ما تُرِكَت لِشَأنِها
تَفعَلُ ما عَليها فِعلُهُ
عَلى أَفضَلِ وَجه
لأَنَّهُ لا شَيءَ لا شَيءَ
كالشَّمس
الصُّورَةُ الأَحَقُّ بالعِبادَة
الإلَهُ الَّذي أَبَداً
لايُهمِلُ واجِباتِه
أَمِّا القَمَر
فهوَ لا أَكثَرَ مِن تابِع
لَكِنَّ تِلكَ العُذوبَة
لا بُدَّ أَن تَخفي شَيئاً
والأَرضُ
تَستَطيعُ الإعتمادَ عَلَيها في كُلِّ شَيء
هِيَ أُمُّكَ
سَواءً في الدَّمِ
أَم في الخِِدمَة .
/
مُنذُ البَدءِ عَليكَ أَن تُحَدِّد
ولَو بغُموض
اِنتقاماً مِن أَيِّ شَيءٍ تَحيا
لأَنَّ ما خُلِقنا لأَجلِهِ
لَعِبٌ
لا نِهايةَ لَه .
/
ضَع مَعنى في مِقلاةِ البَيض
وعاطِفَةً في السَّلَطة
كُل روحاً معِ الخِبز .
/
أَبعِد قلبَكَ عَنِ الأَسباب
دَعهُ طَليقاً
حَتَّى وإن لَم يَجِد ما يأكُلُه
ولَكِن إذا صادَفَتكَ اِمرأَةٌ
وأَخَذَتهُ
فَليَكُن شَرطُكَ الوَحيد
أَن تَشُدَّ بِكَ مِن ساعِدِكَ
وتَأخُذَكَ
مَعَه .
/
لَن تَجِدَ أَحَداً
أَخرَقَ كِفايةً
لِيَشتَري مِنكَ
أَو يُقايضكَ عَلى أَيِّ شَيءٍ
تُريدُ التَّخَلُّصَ مِنه
مَهما كانَت قِيمَتُه
ومَهما أَرخَصتَ ثَمَنَه
لِذا لا يَبقى لَدَيكَ ما تفعَلَهُ بِهِ
سِوى رَميِهِ أَبعَدَ ما تَستَطيع
مَن لَهُ بِهِ غايةٌ
سَوفَ يَبحَثُ عَنهُ
ويَلتَقِطُهُ .
/
حَيثُ المُستَقبَل
شَيءٌ يَحدُثُ بنَفسِهِ
بعدَ يَومينِ
في البَيت
والماضي
آثارُ عَضٍّ قَديم
أَمَّا الحُبّ
فَهو يَحتاجُ إلى ما هُوَ
أَكثَرُ مِنَ الحُبّ
فَشَلُهُ المُتَكَرِّرُ
تَمامُ نَجاحِه .
/
قَدَرٌ يُوصى بِهِ مِن المُجازَفة
أَن تَذهَبَ إلى مَكانٍ
دونَ أَن تَعرِفَ طريقَه
لأَنَّكَ لَن تَكتَشِفَ
جَديداً
دونَ أن تَضيع
ولَكِن عَلى الأَقَل
كَيفَ بأَيَّةِ لُغَةٍ
أَو إيماءَةٍٍ عارِضَةٍ
أَو صَمت
يُقالُ لَكَ :
( لا )
أَو
( نَعَم )
وَعَليكَ أَن تَفهَم
فَالأَشياءُ غالِباً
عِندَما لا يُجدي مَعَكَ نَفعاً
نَهيٌ أَو رَجاء
سَوفَ تُنَبِّهُكَ إلى
وُجودِها
بأَن
تَقَع .
/
إذَن عَليكَ َتَعلُّمُ السُّقوط
لأَنَّ ريحاً حارِقَة
سَتَهُبُّ عَلى ثِمارِكَ
وَسَوفَ يَتَساقَطُ مِنها
ثِمارٌ كُثيرةٌ قَبلَ أََوانِها
أَو بَعدَ أَوانِها لأَنَّ
لا أَحَدَ سَيَأتي
في المَوعِدِ المُحَدَّدِ تَماماً
ويَشَدُّ غُصنَكَ ويَقطُفُها
وإذا فَعَلَ فَأَغصانٌ كَثيرَةٌ
سَوف يَكسِرُها
وَيدُوسُها
ولأَنَّكَ أَيضاً كَثيراً سَوفَ تُخطِىء
سَهواً أَو مُضطَّراً
أَو عَن سابقِ قَصدٍ
فعَلَيكَ أَيضاً أَن تَتَعَلَّمَ
كَيفَ تَصنَعُ مَنَ الخَطأِ
فَنَّاً
ولَكِن ما يَجِبُ أَن تَنتَبِهَ لَهُ
هُوَ أَلاَّ تَدَعَ أَحَداً
يَدفَعُ فاتورَةَ أَخطائِكَ
بَدَلاً عَنك .
/
أَمَّا المَوت
فَمِنَ الأَفضَلِ لَكَ
أَن تَتَلَّهى عَن تَمارينِهِ اليَومَيَّة
وتَغُضَّ النَّظَرَ عَن
إغواءاتِه
ما أَمكَن .
/
لِكُلِّ قِصَّةٍ رِوايتانِ أَو أَكثَر
وكُلُّها صَحيحَة
حتَّى وإن تَناقَضَت
وَهيَ عَلى أَهميتِها
تَأتي بَعدَ كُلِّ مَن يَقِفُ أَمامَكَ
ناظِراً إليكَ بِعَينَيهِ الضَّارِعِتين
فالحَقيقَةُ لا لَونَ لَها
سِوى الشَّفَّافِ
المُتَّسِخ .
/
وإذا أَضَعتَ شَيئاً
لا تَضِعِ فَوقَهُ الوَقت
بَحثاً عَنهُ
فَقَط إذهَب
وأَحصَل عَلى سِواه
أَمّا إن كُنتَ
لا تَستَطيعُ الحياةَ بدونِه
ولا شَيءَ سِواه
يَحُلُّ مَحَّلَّه
فَحَيثُ لَم تَمُرّ
أَو تَتَوقَف
وحَيثُ لَم تُخرِج
مِن جَيبِكَ مالاً
وحَيثُ لا يُوجَدُ ضَوء
وليسَ بِوُسعِكَ أَن تَرى شَيئاً
رُبَّما
تَجِدُه .
/
لِيَكُن الوَقتُ الجَيِّد
جَيِّداً كِفايةً
بالنِّسبَةِ لَكَ
لا تَستَعجِل قُدومَ شَيءٍ
مَهما يَكُن
ما سَيَأتي سَيأتي
أَبيضَ كانَ أَم أَسوَدَ
إذا لَم يَكُن إنتظارُكَ
مَفتوحاً
كِلاهُما لَيسَ لصالِحِكَ .
/
في مَحَطَّةِ سَفر
حَقيبَةُ يَدٍ سَوداء
لَيسَت
عَلامَةً فارِقَة .
/
أُعطيكَ ثُلثَي لِحافي
وأَترُكُ لِي
ما يَكفي ليُغَطي خاصِرتي
أَستيقِظُ في اللَّيل
وأَجِدُكَ
مَكشوفاً
فَشَرطُ الحُبِّ
أَن تُحِبَّ وأَنتَ تَعلَم
أَنَّ ما تُحِبُّهُ
يَتَبَدَّلُ ويَختَلِف
ويَوماً لا يَعودُ
هُوَ هُوَ
وخُذني أَنا
عَلى سَبيلِ المِثال
سَأُحِبُّكَ
وأَنا
تُراب ..
12-12-1999
ثَعلَبٌ بِداخِلِ مُشمِشَة
( إلى مَن كانَ يُسَمِّي أَوراقَ
الخَريفِ مَريمَ العَذراء ... )
الوَقتُ
يَضَعُ عَقارِبَهُ الثَّلاثةَ فَوقي
أَربُطُ الوَقتَ
بِمِعصَمي
كُنتُ وَقتَ الوَقت .
/
قَليلاً ما أَفي بِوعودي
وإذا وَعَدتُ
فَصِدقُ غَرائزي
هُوَ كُلُّ ما أَعِدُ بِهِ
رَأسي فاسِدٌ
كقَلبي
وقَلبي فاسِدٌ
كَرَأسي
وكُنتُ لا أَعِدُ
إلاَّ بأَن أَكونَ صادِقاً في قَولِ
ما أَظُنُّ
أَبدأُ كَلامِي
بِأَظُنُّ
وعَلى الآخرينَ أَن يُصَدِّقوا
ظُنوني
كانَ الصِّدقُ
مَوهِبَتي الوَحيدَة
ولأَنَّهُ لَيسَ لَدَيَّ
مَوهِبَةٌ سِواها
كُنتُ صادِقاً
بِكُلِّ
أَنانيَّة .
/
مَليئٌ بالأَخطاء كالبَرقِيَّات
وَكُلَّما جاءَ دَوري
لأَتباهى بِشَيءٍ أَقولُه
أُجيب :
( وُلِدتُ لأُخطِئ )
لأَنِّي أُخطِئُ دائِماً
ومَعِ الوَقت
يَتَبينُ لي أَنِّي كُنتُ
مُصيباً
عَلى غَيرِ عادَتي
كانَت أَخطائي
وَحدَها
عَلى صَواب .
/
أُحِبُّ الكُره
لأَنِّي لا أَقدِرُ عَلى شَيءٍ
سِوى الحُبّ
لَكِنِّي أَحِبُّ الحُبَّ أَكثَر
لأَنَّ الحُبَّ يُحِبُّني
والكُرهَ يَكرَهُني
مَكتوبٌ عَلى بِطاقَتي
تَحتَ اِسمي
المِهنَةُ :
عاشِق
كانَ حُبِّي إذا اشتَعَل
يَشتَعِلُ مَعهُ كُلُّ شَيء
وإذا انطَفَأَ
يَنطَفِئُ مَعَهُ كُلُّ شَيء .
/
حُرٌّ مِنَ الجَمال
أَقِفُ أَمامَهُ ولا أَخُرُّ
صَريعاً
ولا أَسمَحُ لِنَفسيَ
أَن أُفَرِّق
بَينَ الجَميلِ والبَشِع
كِلاهُما يَمُدُّ يَدَهُ
وَيَعصُرُ قَلبي
وإذا أَحبَبتُ إمرأَةً
لا أَنظُرُ طَويلاً إليها
لأَنِّي
لا أَجرُؤُ على التَأَكُّدِ
كَم هيَ جَميلَة
كُنتُ إذا رَأَيتُ
مَن أُحِبُّ
أُديرُ ظَهري .
/
أَقولُ لَه : ( شَعرُكَ جَميل
عَيناكَ جَميلَتان )
يَقولُ لي : ( حِذاؤكَ جَميل
قَميصُكَ جَميل )
كانَت كُلُّ الأَلوانِ تَلبَقُ لي
أَرتَدي أَزرَقَ
حينَ تَأتي نوبَتي لِحِراسَةِ البَحر
وإذا اِرتَديتُ أَحمَرَ
لا يَستَطيعُ أَحَدٌ الحَياةَ
بِدوني .
/
كُنتُ طائراً بأَربَعَةِ أَجنِحَة
ماعُدتُ أَذكُرُ اِسمَه
يَحسِدُني الآخَرونَ عَلى
اِسوِدادِ ريشيَ
ومَشيَتي العَرجاء
كانَ فَمي كَبيراً
ولَكنَّهُم يَرونَ ابتسامَتي
ساحِرَة
كانوا يُحِبُّونَني لِدَرَجةِ أَنَّهُم
يَجِدون
صَوتي جَميلاً .
/
ومِن بَعيدٍ وأَنا لا أُغَنِّي
مِن خَيالِيَ يَعرِفونَني
يُراهِنونَ عَلَيَّ في كُلَّ سِباقٍ
عَلى أَنِّي سَآتي أَخيراً
ودائماً يَربَحونَنِي
يَقولون :
( نَحنُ مَدينونَ لَكَ بِكُلِّ شَيء )
وَأَنا لَم أَعطِهِم شَيئاً
أُخبِرُهُم مَن أَنا
عَلى حَقيقَتي
ولَكنَّهُم يُصِرُّونَ
عَلى أَنَّنِي رَجُلٌ آخَرُ
أَفضَلُ مِنِّي
أَقولُ لَهم :
( لا أُريدُ أَن أَكونَ
أَفضَلَ مِن أَحَد )
يَقُولونَ لي :
( وما حاجَتُكَ لِهذا
شُكراً لِلَّهِ لأَنَّكَ أَنتَ )
يَسأَلونَني باستِغراب :
( ما الَّذي يَمنَعُهُ مِن جَعلِكَ
نَبِيَّاً آخَر ! ) .
/
كانوا يُؤمِنونَ بِقُدرَةِ لُعابي
على الشِّفاء
أَلعَقُ بلِسانيَ الجُرحَ
مَرَّةً واحِدَةً
فَيندَمِل
لَكِنِّي في الخَاتِمَة
أَدَعُ البَشَرَ لِمَصائرِهِم
حَيثُ يَجِبُ على الأَبطال
في أَسرَعِ وَقت
أَن يَقضوا
نَحبَهُم .
/
أَستَطيعُ بِلَمحِ البَصَر
أَن أَلتقِطَ أَيَّ شَيءٍ يَقَع
وَهُوَ في الهَواء
قَبلَ أَن يَلمِسَ الأَرض
وَيَصيرَ حُطاماً
كُنتُ أَرى الأَشياءَ
على وَجهِها الصَّحيح
وهي تَقِفُ
عَقِباً عَلى
رَأس .
/
أَكتُبُ
بِقَلمٍ ذي رَأسٍ أَحمَر
كَلِماتٍ زَرقاء
وبقَلَمٍ ذي رَأسٍ أَسوَد
كَلِماتٍ بَيضاء
أَقوالي هِيَ
أَفعالي
كُنتُ رَجُلَ أَقوال
إذا تَكَلَّمتُ
أَتكلَّمُ لِساعات
ولا أَدَعُ لِغَيري أَن يَقولَ كَلِمَة
وإذا صَمَتُّ
أَصمُتُ أَيَّاماً وشُهوراً
وإذا سَأَلَني أَحَدُهُم
لا أُجيبُ حَتَّى
بِإشارَةِ أَو
هَزَّةِ رَأس
كانَ صَمتي مَفتوحاً
وكَلامي مُطبِقاً
أَستَطيعُ أَن أَقولَ كُلَّ شَيء بكَلِمَة
وأَقولَ لا شَيء
بِكِتاب .
/
كُنتُ أَحيا في فَمي
فَمي عُصفورٌ .
/
لَيسَ لي أُسلوب
وإذا وَقَعَ عَلي أُسلوبٌ
وأَحبَبتُهُ
أَلبَسُهُ لَيلاً نَهاراً
حَتَّى يَهتَرِئ
كُنتُ كُلَّ يومٍ أَغَيِّرُ أَفكاري
وَكُلَّ ثَلاثَةِ أَيَّام
أُغَيِّرُ طَريقَتي في
التَّفكير .
/
كَرَّستُ حَياتي
أَبحَثُ عَن شَيءٍ
أُكَرِّسُ لَهُ حَياتي .
/
كُنتُ أُرَقِّصُ
رُؤوسَ أَشجارِ السَّرو في الرِّياح
والغُيومُ تَنتَظِرُ
لَحظَةَ خُروجي مِنَ البَيت
لِتُمطِر
السَّماءُ ذاتُها تُظهِرُ لي تَودُّداً
مِن أَولِ المَساءِ إلى آخِرِ اللَّيل
تَقومُ باستِعراضاتِها
فَوقَ رَأسي .
/
أَحيا بِرُوحِ الشَّمس
أُشرِقُ كُلَّ يَوم
وأَعتَبِرُهُ واجِباً
أَن أَستَيقِظَ باكِراً
وأُضيءَ الفَجرَ
للعَصافير .
/
لا أَستَطيعُ أَن أَحيا
بِدونِ عُصفورٍ في قَفَص .
/
كُنتُ وَحشاً نائماً
يَحلُمُ بأَنَّهُ آدَمِيٌّ نائمٌ
يَحلُمُ بأَنَّهُ وَحشٌ
نائمٌ .
/
كُنتُ ثَعلَباً
بِداخِلِ
مُشمُشَة ..
22-12-1999
للشَّاعر
- بشر وتواريخ وأمكنة / وزارة الثقافة السورية / 1979
- أَنذرتك بحمامة بيضاء / مجموعة مشتركة مع مرام مصري ومحمد سيدة / وزارة الثقافة السورية / 1984
- مزهرية على هيئة قبضة يد / رياض الريس للكتب والنشر/ بيروت / 1997
الشَّاي لَيسَ بَطيئاً
مُنذر مَصري
شِعر