تغطية: هدى حمد

من السرد إلى المعالجة الدراميالكاتب والسينمائي البحريني أمين صالح، والكاتبة والمنتجة والمدربة الأردنية ناديا عليوات، وبحضور الأفلام القصيرة التي انتقاها السينمائي العماني عبدالله خميس، والتي رافقها الكثير من الاستعراض لمستوى التقنية، وخلفية الأفلام القصيرة وتاريخ تطورها.. انطلقت حلقة عمل حملت عنوان (من السرد إلى المعالجة الدرامية) في بداية الشهر الجاري، حيث اجتمع لأول مرّة كتاب السيناريو والقصة على طاولة واحدة، بتنظيم من الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وقد استمرت لمدة اسبوع، وسعت إلى تدريب مجموعة من الكتاب على أصول كتابة سيناريوهات الأفلام الروائية القصيرة انطلاقا من نصوص قصصية. فقد اعتنى أمين صالح بتقديم المرجعيات الثقافية وعلاقة الأدب بالسينما، فيما اعتنت ناديا عليوات بالجانب التقني البحت وبالأصول العلمية وليس الارتجال في طريقة الكتابة.

وقد انقسم المشاركون إلى أربعة فرق، كل فريق اشتغل بشكل جماعي على سيناريو من السيناريوهات الأربعة التي تمّ تقديمها، وهي: سيناريو سماء عيسى (الدوربين)، وسيناريو مأخوذ من قصة (الراعي) للكاتب محمد الرحبي اشتغلت عليه الكاتبة أمل السابعي، وسيناريو ثالث للقاص حمود الشكيلي، وسيناريو رابع بعنوان (مفتاح) للقاصة هدى حمد.
وقد أشارت ناديا عليوات إلى أنّ الأهمية الأساسية من وراء هذه الحلقة تكمن في تطوير مهارات كتابة السيناريو والوصول بها إلى المستوى العالمي، (نحن هنا لتعليم هذه المهارات المعتمدة في الصناعة العالمية والتعرف على بعضنا البعض، فأهم شيء هو الوجود المشترك. فكتابة السيناريو يمكن أن يكون عمل مجموعة وليس فردا واحدا، ونتمنى في المستقبل أن تزيد مثل هذه المشاركات). فيما اعتبر أمين صالح أهمية هذه الحلقة نابعة من إمكانية التعرف على ماهية السيناريو، وكيفية التعامل معه، وكيفية الفصل بين السينما والأدب، فمن المهم عند كتابة أي شيء أن يعتني الكاتب بما يكتب في الجوهر، وأن يفرق بين ما هو للأدب وبين ما هو للسينما، لذا قدّم صالح توضيحا لأهم الأسس التي يعتمد عليها السيناريو والعناصر التي يقوم عليها، (ونتمنى توفر نتاج عماني يضاهي الإنتاجات الأخرى، وقد سبق وأن تعرفت على تجارب عمانية سابقة).

فجوة بين الأدب والسينما
وقد أكد د. خالد بن عبدالرحيم الزدجالي في كلمته الافتتاحية على حقيقة وجود فجوة كبيرة بين كتاب الأدب وكتاب السينما ينبغي أن تُضيق وتقلص عبر تقريب وجهات النظر، وعبر جلسات من هذا النوع، وأشار إلى أنّ تحويل القصة أو الرواية إلى فيلم تحتاج إلى الكثير من الجهد والتغيير، إلا أن كثيرا من الكتاب لا يحبذوا أن يتنازلوا ويسلموا أفكارهم للمخرج، وهنا مربط المشكلة.. فليس من السهل على الكاتب تبسيط فكرته أو تغييرها. وأكد الزدجالي قائلا: (لا نريد أن تكون مجرد مشاركة للمشاركة، وإنما نريد أن نرى نتاجا حقيقيا على الشاشة). وأضاف الزدجالي قائلا: (حين يتعلق الأمر بفن كتابة السيناريو فإن التدريب يصبح لا غنى عنه، بل إنه ضروري بين فترة وأخرى حتى لمن صار له رصيد كمي من الأعمال الدرامية، وذلك لأن أشكال الدراما وتياراتها تتغير وتتجدد باستمرار، وكل حكاية لها نهجها الخاص الذي ينبع منها. وحين نختار اليوم كتابة السيناريو ارتكازا على قصص كتبها كتاب عمانيون، فإننا نعلم أننا نفتح بذلك بابا جديدا من أبواب الإبداع المتجددة، فقد قطعت القصة القصيرة العمانية شوطا كبيرا في التمكن من أدواتها الجمالية والفنية، ونحن نؤمن بأن الانفتاح على هذه القصص هو بمثابة الانفتاح على مخزون كبير من الحكايات المثيرة التي تستحق أن نراها على الشاشة.
وأضاف الزدجالي قائلا: (إن الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بعقدها لهذه الحلقة التدريبية، تضيف الفيلم الروائي القصير إلى قائمة اهتماماتها الدرامية، ولهذه الخطوة الجديدة أهمية كبرى، إذ ستساهم الأفلام القصيرة في تحريك عجلة الإنتاج الدرامي المحلي، وستعمل على رفد الساحة بأسماء جديدة، فخلافا للمسلسلات الطويلة التي تكون موسمية الطابع، فإن إنتاج الأفلام القصيرة يمكن أن يتم في أي وقت طوال العام، وهو ما يجعل صناع الدراما في حالة عمل مستمرة، شاملا ذلك كتاب السيناريو والمخرجين والممثلين والفنيين وشركات الإنتاج الدرامي المحلية، وهو ما نتوقع أن يُوجد المنافسة الشريفة بين صنّاع الدراما ويرفد الساحة الفنية المحلية بالجديد المستمر من الأعمال الدرامية).

الاستغناء عن السيناريو!
حدثنا أمين صالح أنّ السينما لا تؤمن بالقوانين ولا الضوابط، فكم من القوانين تنقض باستمرار .. (السينما حرّة وبها كل شيء). جودار قال: السينما بدأت مع المحاسبين في الاستوديوهات، ولكن المؤكد أن السينما بدأت من دون سيناريو. لكن الجمهور كان يريد قصة لذا بدأ الاتجاه إلى الرواية. ومن هنا بدأ ارتباط السينما بالأدب. لكن السؤال هل يمكن للسينما أن تستغني عن السيناريو التجارب تقول نعم يمكن ذلك. فالأفلام الأولى لشارلي شابلن بدون سيناريو. لكن من جانب آخر السيناريو مهم للغاية بالنسبة للمنتج الباحث عن قصة. هنالك من يكتب سيناريو كامل للمخرج، والمخرج يستعين بكل كبيرة وصغيرة فيه حتى حركة الكاميرا، وهنالك مخرج يُحرك مخيلته ويأخذ ما يريد من الحكاية، ويجري تغييرات هائلة عند تحويل اللغة إلى صورة. السيناريو يكتبه الممثل والمخرج والمكياج وكل شيء، ومن ثم يعيد الجمهور المشاهد كتابته أيضا. لذا علينا أن نعي بأنّ النص الذي نكتبه ليس مقدسا. المخرج الإيراني عباس كيارستومي يكتب 15 صفحة فقط، ثم يذهب إلى موقع التصوير. السيناريو يعتمد كثيرا على الخيال والفكرة، وكان كثيرا ما يرتجل في الحوارات. ناديا عليوات قالت: هنالك تغييرات كثيرة تحدث على السيناريو.. مواقع تلغى وممثل لا يريد ان يأتي.. أحيانا نضيق المشاهد وأحيانا نتوسع فيها ونزيد من عددها.. احيانا الجمهور يتدخل.. كأحد الأفلام المصرية عندما مات البطل في نهاية الفيلم رفض الجمهور هذه النهاية، فأعاد المخرج تصوير نهاية أخرى لاستمرار حياته.

الأدب يتحول لـ سينما
فرّق لنا أمين صالح بين كتابة الأدب التي تتجسد في الرواية، وبين الكتابة السينما قائلا: (يُعبر في الأدب عن طريق اللغة، بينما يُعبر في السينما عن طريق الصورة الصوت والصمت أيضا. السينما لا تُحلل .. الفيلم يرصد والكاميرا تعبّر عن وجهة نظر. لكننا نجد التحليل في الرواية. الرواية تصور لنا في الغالب العوالم الداخلية للشخصيات، بينما السينما تصور العالم الخارجي. الرواية تصور ما تفكر فيه الشخصية، بينما الفيلم لا يفكر، وإنما يُركز على ما تفعله الشخصيات. الرواية تعبّر عن الواقع بواسطة اللغة، بينما السينما تعبّر عن الواقع عبر الواقع. غالبا ما تكون الشخصيات في الرواية تجريدية، بينما نجدها في الفيلم محسوسة ومادية. بالنسبة للحوار نجده يعتمد على الكلمات كطاقة. في الفيلم يعتمد على طريقة إلقاء الكلمات، والإحساس بها. الأدب يذهب إلى الإسهاب، ويعتمد على جملته، فيما تذهب السينما إلى الاختزال والاعتماد على الحركة. لذا عندما نحول القصة إلى فيلم .. لا بد من تفكيك وحدة الرواية أو هدمها. لأنه لا يمكن أن ننقل الحالة الروائية كما هي) وضرب على ذلك مثالا فقال: (ابنة النار) على سبيل المثال هي رواية سيئة. أخذتُ منها ما يُقارب 5%، لبناء المسلسل الذي ربما شاهده بعضكم، مسلسل (نيران). المفارقة الغريبة أنّ المخرج نجدت أنزور أخذ الرواية نفسه أيضا، ولأنه خشي من الوقوع في التشابه، طلب منا أن يقرأ السيناريو، واكتشفنا أننا كتبنا عملين مختلفين، بالرغم من أن الرواية واحدة.. لأن ما ركز عليه نجدت أنزور، لم أركز عليه أنا، والعكس صحيح. أيضا واستكمالا للفروقات فالرواية تطلب حضور المخيلة.. بينما السينما تتطلب وجود الذاكرة لربط الأحداث). وتساءل الشاعر سماء عيسى قائلا: (إذا كانت هنالك صعوبة في تحويل قصة ورواية إلى سينما، فما بالك بتحويل القصائد إلى السينما كما فعل المخرج الإيراني عباس كيارستمي؟، أجابه أمين صالح قائلا: (السينما الشعرية، ليست بمعنى الشعر، وإنما بمعنى الرؤية والنظر إلى العلاقات بين البشر والطبيعة مثلا.. يمكننا أن نُعرّف القصيدة، ونحدد أنها تتمثل في الوزن والقافية مثلا.. بينما الشعر هو مفهوم غامض وصعب الوصف ولكن يمكن الإحساس به.. مثلا يمكننا القول الغروب والشروق أمر شاعري).

الالتباس بالفنون الأخرى
وتابع أمين صالح حديثه قائلا: (الأمر المشترك بين السينما والأدب هو الحوار.. إلا أنّ التلفزيون للأسف أعطى مفهوما خاطئا على أنّ الحوار هو الثرثرة، بدواعي التمطيط. وأذكر هنا فيكتور هيجو الذي كانت الصحف تتسابق لتنشر له، فكان يمط في الكلام لأن أجره يحتسب بعدد الكلمات التي يكتبها). وتداخل السينمائي عبدالله خميس قائلا: (الحوار جزء من الحدث، وما يمكن الاستغناء عنه عبر الصورة والفعل لا ينبغي تكراره في الحوار).
أكد أمين صالح على فكرته وأضاف: (السينما عمل جماعي، الحوار يضيفه الممثل والمخرج ، فالسيناريو أمر غير مقدس، وعلينا أن نتقبل ذلك). وعاد عبدالله خميس ليقول: (في الفيلم القصير قدر الإمكان ينبغي الاستغناء عن الحوار، وإلا تحول إلى ما يشبه الفيديو كليب.. الحدث ظل لكلمات أغنية .. وهذا من نقاط ضعف العمل الغربي السينمائي هو أن يتحول الحدث إلى ظل لكلمات أغنية. في عالمنا العربي لم تأت مثل هذه الأفكار، لأن علاقتنا بالموسيقى ليست كعلاقة الغرب. وما زلنا نحب أن نعتمد على الكلام، والثرثرة).
وتابع أمين صالح على فكرته قائلا: (الحوار مهم للغاية، لأن السينما تعد مشروعا بصريا، وهنالك من كان يرى ضرورة أن تتخلص السينما من الرواية ومن المسرح، ومن الموسيقى، وأن لا تعتمد على الاستعارة من الفنون الأخرى.. ولكن مع الوقت تمكنت السينما من أدواتها الخاصة، ولم يعد هنالك خوف عليها من الالتباس بالفنون الأخرى).

الصوت والصمت
وحدثنا عبدالله خميس عن الفيلم الفائز (ذا ارتست) بجائزة الأوسكار، الذي أوضح كيف أنّ السينما كانت تعتمد على السينما الصامتة، إلى أن جاء الصوت، فاهتزت السينما قرابة عشر سنوات إلى أن أيقنوا أن الصوت والحوار قد يدخل من دون أن يؤثر عليها بالسلب.
وأضاف قائلا: (الممثل شارلي شابلن ظل 5 سنوات، يحارب فكرة دخول الصوت. وفي مرحلة لاحقة سخر منها. أول فيلم ناطق له كان (الديكتاتور العظيم) فيلم يتحدث عن هتلر، وقد نطق في خطبة في نهاية الفيلم. وقال سماء عيسى: (هيتشكوك.. لم يكن يحب دخول الصوت أيضا، وأنهى حياته بفيلم صامت، وهذا حال من عاش مرحلة الكلاسيكية). وأشار أمين صالح إلى وجود من كان يؤيد دخول الصوت حتى في فترة مبكرة.. (الممثلون أغلبهم جاءوا من مدرسة المسرح، لذلك فشلوا في الأداء السينمائي، فالبعض منهم كانت أصواتهم تعيسة. تورط الكثير من النجوم وظلوا عاطلين عن العمل لأنهم قبل ذلك لم يكونوا يدربون أصواتهم، فعادوا إلى المسرح). وأضاف أمين قائلا: (لكن من المهم أن نعرف أنّ الذي يُوجه السينما ليس المخرج والممثل والكاتب، وإنما التقنية والتكنولوجيا.. الاختراع.. تطور العدسات وآلات التصوير.. كلها أشياء تحرك دفة السينما). وقال عبدالله خميس: (في رواية كافكا (المسخ)، قال حشرة، ولكنه لم يحدد أي نوع من الحشرات كان يقصد، لذا رأينا عدّة أفلام تتناول هذه الرواية، وتقدم لنا الحشرة في كل مرّة على شكل مختلف. ورواية مثل رواية العطر كانت تعتمد على الرائحة، والسينما لا تحتمل أن تخرج الرائحة، لذا استعصت هذه الرواية على الكثير من المخرجين، لكن المخرج الذي تناولها أخيرا استطاع أن يعوضها بمعادلات بصرية.. فمثلا حركة الأنف التي تستصيغ الرائحة تقابلها صورة وردة مثلا، الرائحة الكريهة تقابلها صورة فأر ميت، وهكذا).

حكاية قصاصة الجريدة
قال أمين صالح: (قد يتساءل البعض: من أين يستمد الكاتب مادته؟ .. من أحداث التاريخ.. من العالم المحيط به.. من قراءة الجرائد.. طبعا الكاتب يستفيد من كل الأشياء من حوله، وهذا مهم للغاية.. أن يستفيد الكاتب من الواقع.. من الموسيقى.. من الصور.. فالحياة مادة ثرية، وكل شيء ممكن فيها.. أي خبر قد يمر عليكم قد يكون عاديا، ولكن قد يُفجر شيئا آخر عندكم. ذات مرّة احتفظتُ لأربع سنوات بقصاصة من جريدة عن عائلة سامحت ابنتها على خطأ ارتكبته، ودعتها إلى العشاء، ومن ثم سممتها.. لأنّ العائلة تواطأت على قتلها). بعد مرور كل تلك السنوات استفدتُ من تلك الحكاية في القصاصة في بيئة وتفاصيل أخرى.
وأشار أمين أيضا إلى أنّ المكان نقطة مهمة في السيناريو، لإعطاء الإحساس الخاص به. لذا من المهم على الكاتب أن يحس بالمكان، وأن يصف البيئة بدقة خصوصا إذا كانت عامل مهم في صيرورة الحكاية.
عندما لاحظ أمين صالح حذر الكتاب وخوفهم على نصوصهم من أن تتعرض للتبديل أو التغيير قال: (البعض يظن أنه من خلال السيناريو يتحدد قوة العمل، وهذا غير صحيح تماما.. لأن السينما عمل جماعي، السيناريو جزء منه، كما هو الإخراج، كما هو أداء الممثل، الضوء، الموسيقى، الصوت، والصمت.. كلها عناصر تشترك في نجاح العمل النهائي أو فشله)، وقالت ناديا عليوات: (على كاتب السيناريو أن يتسع صدره للنقد، وأن يتقبل إضافات المخرج وتغييراته).
وأضاف أمين صالح قائلا: (حاول قدر الإمكان أن تكون أصيلا وأن تبتكر، وفي الوقت ذاته عليك أن تعي أننا لا نبتكر فكرة لم يطرقها أحد قبلنا.. كل الأفكار مجربة.. لذا من المهم جدا أن نشتغل على الشخصيات، وعلى خصوصية المكان).
وأضاف قائلا: (الطبيعة العمانية لديكم ساحرة وأتمنى ان يتم الاستفادة منها كمادة حية وليس فقط كديكورات).
تساءلت ناديا عليوات عن المبالغ الضخمة التي تضخ في دول الخليج لإنتاج الأفلام القصيرة، (نرى فيها صورة مبهرة، موسيقى خلابة، ولكن الفيلم بالمجمل هو سيئ في أغلب الأحيان). أمين صالح أشار إلى الجهود المشتتة قائلا: (في السينما الصينية والإيرانية والبولندية وغيرها يشتغلون مع بعضهم البعض لإنتاج أفلام قوية، بينما السينما العربية نجد فيها الجهود مشتتة ومبعثرة).

بين الطويل القصير
فرقت لنا ناديا عليوات بين الفيلم الطويل والفيلم القصير، فالطويل هو تطور في الشخصيات، وتعقد في المواقف، بينما القصير هو تطور موقف مكثف، وليس في الشخصيات. تعلمنا كيفية كتابة السيناريو وفقا للمدرسة الأمريكية. وهي من أحدث المدارس. وأشارت إلى أهمية أن نعرف أيضا كيف تتم عملية الإنتاج. ومعرفة الجمهور الذي نتوجه إليه.. فئته العمرية، واهتماماته.
وأضافت عليوات قائلة: ينبغي أن يتوفر في أي فيلم: الشخصية الرئيسية، القوة المضادة لهذه الشخصية والتي قد تكون شخصية أخرى، قد تكون مخاوفه من شيء ما، قد تكون الظروف المحيطة به. من المهم أن يكون هنالك صراع، وأن نتمكن من التعاطف مع الشخصية الأساسية حتى لو كانت مذنبة ومخطئة. سماء عيسى قال: (فيلم هتلر غيّر وجهة نظر العالم، ودفعهم للتعاطف معه).
وعن الفيلم القصير قال أمين صالح: عنصر المفاجأة أهم شيء في الفيلم القصير، استطاعتنا على جعل المشاهد قلقا، بالإضافة للاهتمام بأداء الممثل، وعنصر الصوت مهم جدا أيضا، وللأسف لا يتم الاهتمام به في الوطن العربي بالشكل المطلوب .. ايضا لا يُعتنى بالحوار، وليس لدينا ما يمكن أن نسميه الاقتصاد في اللغة. علّق عبدالله خميس قائلا: (ربما يرجع الأمر لأن الثقافة العربية أصلا قائمة على الثرثرة، والاستفاضة في الكلام)، وأضاف أيضا: (لنلغي الحوار إذا كنا نستطيع أن نستغني عنه بصورة جيدة).

اسأل نفسك: ماذا لو..
وتابعت ناديا عليوات فكرتها قائلة: على الكاتب أن يسأل نفسه قبل أن يشرع بالكتابة.. ما هي المشكلة، ماذا تريد الشخصية الرئيسية أن تفعل؟. اطرح على نفسك دائما هذا السؤال وأنت تكتب: (ماذا لو...)، لذا من المهم أن تفهم نفسية شخصياتك، وتاريخها حتى ذلك التاريخ غير المكتوب عنها، وينبغي أن تُعطى الشخصيات أسماء، حتى وإن كانت لن تذكر في الفيلم القصير، وينبغي حذف أي شخصية لا تعطي أهمية حقيقة للفيلم. من المهم أن تعرف عمر الشخصية، حالتها الاجتماعية، اهتماماتها، شكلها، ومن المهم أن تذكر الصفات التي من شأنها أن تؤثر على تطورات الحكاية.. ينبغي أن يبتعد السيناريو قدر الإمكان عن استخدام المونولوج الداخلي، والفلاش باك، لأنها حيل ضعيفة، وكثيرا ما يكون هنالك سوء فهم في استخدامها. تحدث أحد الجالسين عن أنه كتب نصا يصعب تنفيذه لذا تركه فقط للقراءة. استغرب أمين صالح من كلامه وقال: (السيناريو ليس للقراءة .. السيناريو للتنفيذ، لذا ونحن نكتب علينا أن نراعي القدرات الإنتاجية أيضا).
من جهة أخرى وعندما أثير موضوع عن الرقابة قال أمين صالح: (كثيرا ما نفكر بالرقابة، ومقاصها، ولكن هنالك رقيبا آخر إنه المجتمع الذي يرفض كما يمكن أن يُقال أن يرى غسيله الوسخ مجسدا على الشاشة

عمان
20 مارس 2012