بيان تدشين "حركة شعراء قصيدة النثر غضب"

حركة شعراء غضبتصعد "حركة شعراء قصيدة النثر .. غضب " كالعنقاء ، التي كلما احترقت استعادت بعثها من قلب الرماد . فالنار التي تأبط الشعر لواءها لم تولد لتنطفئ بل لتظل علامة علي طريق وعرة ، عبدتها طفولة البشرية وقام الفن علي حراستها في كل الأصقاع . لكن هذه النار التي تضئ من بعيد ، دائما ما كانت هدفا لسراق الحياة ولحملات قطاع الطرق من شذاذ الآفاق ، الذين مازالوا يتعلقون بالأمل في استعادة منصاتهم ، تلك التي طالما أهرقت حولها الأرتال من مدائح السلاطين .
في قلب تلك النار تتناسل حركتنا ، من اللحم الحي الذي لم يزل نازفا لملتقي شعراء قصيدة النثر في دورتيه ، بقوة وإرادة شعرائه ، الذين أكملوا المسيرة والذين انصرفوا لأسبابهم ، وبدفع كثيرين ممن يعضدون الصوت الطليعي لأنه الأكثر إيمانا بالمستقبل .
فدعوتنا للغضب الدائم هي في جوهرها دعوة للثورة الدائمة ، دعوة ضد التكيف ، وضد الانحلال من وشائج الإنسانية التي دفعت ثمنا باهظا لكي تصل إلينا أصوات الماضي التي أطلقتها حناجر النبلاء و ألجوعي والأحرار ، الذين صنعوا ملاحمهم وتركوها علي أبوابنا .
ويبدو أن صرخاتنا التي لازال يدوي صداها في ملتقيين ماضيين ، لم تذهب نهبا للريح ، بل إننا نزعم وبقوة أن فعلنا كان بمثابة إعادة تجديد لحياة الشعر المصري خاصة والشعر العربي بعامة ، في لحظات حاسمة سبقت بوقت ليس قليلا ثورتنا المجيدة في الخامس والعشرين من يناير .
وقد أشرنا منذ اللحظة الأولي إلي ذلك المخاض العسير الذي جمع بمقصودية بين الدور السياسي والاجتماعي والأخلاقي للفنون عامة وللشعر علي نحو خاص في مواجهة الاستبداد بمعنييه السياسي والثقافي وقد قلنا منذ الكلمة الافتتاحية في ملتقانا الأول بوضوح وصراحة جارحتين أنه " كما حافظ السياسي على موقعه بإطاحة آلاف الرؤوس، حافظ الشاعر على موقعه بعقده صفقة دائمة مع المنتصر. وهو عمل يقع خارج فهم الأخلاقيين من البسطاء، الذين يقدسون العمل، ومنظومات الإنتاج .. التي صنعت مشروعيتها عبر وسائط عقلية محضة. كذلك يقع خارج وعي الشعر بذاته، باعتباره عملاً ضاغطاً .. ضد التكيف .. وضد نفسه أحياناً .. ومشايعاً للحرية الإنسانية في كل صوره.
فهل يليق بالشاعر أن يتحول كلية إلى الدفاع عن اللا مساواة، وإلى احتقار التطور كقيمة إنسانية ومجتمعية، فيستبدل بالموهبة مقلديها، ويشطب اسم الشاعر لصالح ظله، بحثاً عن الثريات المخملية على أكتاف الأقنان، وعن مقعد وثير تحت أقدام الخليفة.. أي خليفة "
لذلك اعتقدنا ولازلنا نعتقد أن الشاعر الذي يعمل دون امتلاك القدرة على تحليل الواقع والحدس بآلامه الروحية .. يعني أنه وشعره يعملان على تكريس وتعظيم الفوضى.

وقد أثبتت الأيام أن السمت الأعلى والأكثر استظهارا للثورات العربية ، يتمثل أول ما يتمثل في الاتجاه نحو القضاء علي فكرتي الهيمنة والمركزية اللتين بدأتهما الدولة القومية في ثياب تزيت ، في أحقابها الأولي ، بزي الدولة الوطنية ،والتي سرعان ما آلت إلي نماذج قبلية وعشائرية قامعة وعميلة تنتمي ، في أحسن أحوالها، إلي نموذج ما قبل الدولة ، حيث امتلك رجالها المال والقوة وأصبح بإمكانهم إنتاج نخبة يتقاطع خطابها مع خطاب السلطة بأشكال مختلفة . لذلك لم يكن غريبا أن تنحصر مهمة هذه النخب في إعادة إنتاج الخطاب السلطوي الذي تميز علي الدوام بتعاليه وفوقيته. من هنا لم يكن السمت الوحيد للحظتنا إطاحة رؤوس الأنظمة العربية شبه الفاشية ، التي سقطت بالفعل وتلك التي تنتظر ، بل السمت الذي يجب أن يتدارسه أبناء الإبداعية المصرية المتجددة هو الآلية التي يجب أن نفكر بها علي كل المستويات حيال خطاب النخبة الشعرية التقليدية ، الذي لازال يتمسح ـ كذبا ـ بمشروع الحداثة ، لا سيما وأنه لعب طيلة الخمسين عاما الماضية دورا مشبوها بتأييده المطلق لأنظمة شبه فاشية ، وبنكوصه عن دعم التجديد ، بل وإقصاء الطليعة الشعرية بكل ما امتلك من قدرة علي البطش والإقصاء ، وهو الأمر الذي ربما برر لنا أن نجازف ونقترح عنوانا لملتقانا القادم هو " شعرية مابعد التحرير " في إشارة واضحة إلي أن حمولة الشعر وفائضه يجب أن يناما علي الوسائد الخشنة للشعوب لا في المخادع الوثيرة للحكام .
لذلك نظن أن دورنا في الفترة القادمة يجب أن يتجه إلي طرائق محددة وواضحة تستهدف كشف زيف هذه الأبنية الكاذبة وقدامتها وبلاها ، والعمل علي فضح الزيف والتنطع الذي ينطوي عليه خطاب سدنتها ، لاسيما وأنه خطا لا يزال يملك آليات السيطرة ، ولازال يسعي للبقاء منفردا في طليعة المشهد ، يساعده علي ذلك المقاومة الشرسة التي تبديها وزارة الثقافة وكافة مؤسساتها لفكرة التغيير . ونؤكد هنا علي أننا ، وفي كل الأحوال ، لا نعول علي سيطرة وزارة الثقافة علي الشأن الثقافي ونري أن الرؤية الأكثر اتساقا مع روح ثورة الخامس والعشرين من يناير تتمثل في ضرورة إطلاق المثقفين لكيانات ثقافية مستقلة علي أن تقوم الدولة بدعمها عبر الطرق الرسمية العلنية الخاضعة لكافة الضوابط القانونية دون أية مشروطية ، بدلا من إنفاق الملايين علي كرنفالات ستظل أليق برجالات الفساد و السماسرة من مرتزقة العهد البائد .
نتصور كذلك أن العمل علي إزاحة الخطاب الثقافي الذي ارتهن للدفاع عن النظام المنقرض يعني ضرورة دفاعنا المشترك عن التعريفات الأكثر مرونة للثقافة في مواجهة الترويج لخطابات عصبوية من شأنها تقسيم المجتمع علي أسس إثنية وعرقية ، وهو ما يعني ، في المقابل ، ضرورة التمسك بإعادة الاعتبار للثقافات الهامشية وحقوق الأقليات ، والعمل علي دمجها في النسيج الاجتماعي العام علي أسس المواطنة الكاملة ، وهو ما يمكنه أن يمنح خطاب النخبة العربية الجديدة فرصة الوجود ضمن أطر أكثر واقعية وأكثر شمولا وعدلا ، ما يعني ، بالضرورة ، صعودا لكل الأصوات الطليعية في كافة الفنون وفي مقدمتها التيارات التي حملت علي عاتقها عبء التجديد الشعري .

وتؤكد الحركة علي أنها سوف تنهج نهجا مؤسسيا يسعي إلي الانتظام ، حيث تعقد الحركة ندوة شهرية بنقابة الصحفيين لن تقتصر علي الشعر وحده بل تسعي لأن تكون محفلا للأفكار التجديدية ومنبرا لرموز مطمورة في واقع يتسم بالكثير من العسف والإقصاء ، كذلك ستعاود الحركة إصدار مجلة " مقدمة " التي تعني بقصيدة النثر ، بالإضافة إلي إطلاقها " ملتقي شعراء غضب" في شهر مارس من كل عام ، علي أن يكون مارس القادم هو موعد ملتقاها الأول الذي سيشهد تمثيلا شعريا ونقديا من كافة الثقافات وسوف يكون محوره الرئيسي " شعرية مابعد التحرير " وهو مصطلح استولدته الحركة من فائض القوة المستمدة من أصوات الشعوب القادمة إلي المستقبل . والإشارة لا تعني ، بالطبع ، ميدان التحرير القاهري ، لكنها تعني كل ميادين التحرير في العالم العربي .
وأخيرا فإننا نؤكد أن الحركة هي لكل شعرائها دون استثناء ، كما أنها لم تولد لتنافس أحدا أو تكون بديلا واختصارا لواقع شعري ينطوي علي الكثير من أوجه الغني والثراء ، بل ستسعي لدعم كافة الفعاليات المثيلة ، لأنها تري المستقبل ينعقد للثقافة المستقلة ، في الوقت الذي تحتمل فيه بلد بحجم مصر عشرات الكيانات المثيلة .

ونحن إذ ندشن حركتنا الجديدة نأمل لها أن تكون قاطرة في سبيل حفز الواقع الثقافي علي إقامة تشكيلاته المدنية الخاصة بعيدا عن كل وصاية ، ونأمل من شعرائنا دعم هذا الكيان الوليد باعتباره جزءا من حراكهم ونتاجا لنضالهم من أجل التحرر من الأبوة الزائفة التي مارسها ولازال يمارسها قتلة يرتدون مسوح الشعراء .

اللجنة التأسيسية :
عاطف عبد العزيز ، لينا الطيبي ، غادة نبيل ، فارس خضر ،
يسري عبد الله ، غادة خليفة ، ومحمود قرني .

****

حركة شعراء قصيدة النثر" غضب "

يسري عبدالله

لقد منحت قصيدة النثر الشعر العربي عافية جديدة، عبر اتسامها بما أسميه "حيوية الاختلاف"، ومن ثم فقد بدت دوما خلخلة للبنى القارة في الثقافة العربية، ونقضا للسائد والمألوف، أسئلة متجددة لراهن متحول، ومتعثر في آن، ولم تكن يوما أجوبة جاهزة، أو تسليما ساذجا، أو ضربا في يقين زائف. ومن هنا تبدأ حركة شعراء فصيدة النثر متصلة بلحظة سياسية/ ثقافية فائرة، وموارة، تصبح فيها سؤالا متجددا للحرية، ومساءلة دائمة للقمع.
لقد مثل السياق السياسي/ الثقافي عونا على الاستبداد، وكانت الثقافة مطية للطغيان، وبدا الشعر استجابة جمالية لمخاضات مرت بها الأمة العربية، غير أنه - وفي نماذج عدة - كان الشعر صوتا للدولة الشمولية بأجهزتها القمعية، وبتنا أمام نوع من التماهي ما بين القيدين: أصفاد الشعر، وقيود النظام الشمولي، ورأينا شعراء ماهم بشعراء، وشعرا ليس بشعر، يرقد على طلل بائد، ومنتهٍ، وظلت القصيدة مراوغة، وعصية إلا على من يخلص لها، فكان حقا أن يبقى ما حققه الشعراء.
تطمح إذن حركة شعراء قصيدة النثر أن تكون تأسيسا لشعرية مغايرة، و تحولا في إمكانات التعبير النوعي، منفتحة على محيطها العربي، ومتماسة معه، في بحث دائم عن شعر جديد، وتعبيرا جماليا عن حالة سياسية جديدة، تتسق مع قيم الثورة المصرية، وروحها الوثابة، وسعيها العارم في الانتصار للجدارة الإنسانية، تأسيسا على قيم الحرية، والعدل، والكرامة، بعد أن سقطت الأقنعة الزائفة، وسقطت الأنظمة الشمولية بأجهزتها القمعية، وسقط معها أيضا ما أسميه بـ "شعرية الامتثال والخضوع"، وشعرية تغييب الناس عن واقعهم، وتزييف الروح والوعي المصريين، بعد أن جرفهما أو يكاد النظام البائد.
في "شعرية ما بعد التحرير" يتماس السياسي مع الجمالي، ليشكلا معا جدلا خلاقا، يبلور وعيا جديدا، ومسائلا، هو ابن لقصيدة السؤال لا الجواب، القلق لا اليقين، المجاوزة لا الثبات. وعي يرى أن الكتابة بنت للتنوع والاختلاف، وليس لواحدة الرأي، أو أحادية الاتجاه.
كما تبرز - على النقيض- مشاهد تصدع شعرية زائفة، تعد نتاجا لواقع سلطوي، وتصورات ماضوية عن العالم، اجترت معها أزمنة من الخداع، والانحياز إلى القشري من الأشياء. لتنهض - ومن ثم - شعرية "الآن /هنا"، في استجابة جمالية دالة للحظة الراهنة.
وعبر هذا الفهم يصبح الفعل الشعري أداة للاستبصار، لزاوية نظر جديدة تجاه العالم والأشياء، محلا للدهشة والتساؤل في آن، وعينا على أفق أكثر رحابة، وتمايزا، وخلقا، وابتكارا، وهذا ما تطمح إليه الحركة وتبغيه في مسئولية تاريخية يتقاسمها المجموع، انتصارا للثقافة الوطنية المصرية قي لحظة من أشد لحظاتها تأزما وتشابكا في آن.

***

"حركة شعراء غضب"

منبر للثقافة الطليعية وتيارات التجديد في الشعر العربي

"حركة شعراء غضب " هو الاسم الذي اختاره عدد من شعراء قصيدة النثر ونقادها ليكون عنوانا لأحدث الحركات الشعرية الطليعية في مصر والعالم العربي.
وقد قررت الحركة الإعلان عن نفسها وتدشين أولي فعالياتها في السادسة مساء الثلاثاء القادم ، الثاني والعشرين من نوفمبر الجاري 22- 11 - 2011، عبر أمسية تشهد عدة فقرات ، حيث تبدأ بكلمة لمؤسسي الحركة يلقيها الناقد الدكتور يسري عبدالله يليها بيان يعكس دوافع الحركة ، مرجعياتها وأهدافها ، يلقيه الشاعر محمود قرني، يعقب ذلك أمسية شعرية يديرها الشاعر سماح عبدالله الأنور ويشارك فيها الشعراء : فتحي عبدالله ، إبراهيم داود ، غادة نبيل ، عاطف عبد العزيز ، فارس خضر ، جرجس شكري ، جيهان عمر ، محمد السيد إسماعيل ، غادة خليفة ، عزة حسين ، مصطفي علي .
وقد أشار المؤسسون إلي أن الحركة ستمثل كيانًا ثقافيًا مستقلاً يسعي إلي التعبير عن حيوية الثقافة المصرية وإعادة الاعتبار لتنوعها الخلاق في إطار المشروع الوطني الجامع ، الحر والعادل ، الذي عززته ثورتنا العظيمة في الخامس والعشرين من يناير. وبطبيعة الحال فإن الحركة تؤكد انحيازها الجمالي والمعرفي لتيارات التجديد في الثقافة المصرية بعامة وفي الشعر المصري علي نحو خاص، وهو ما يمثل السبب الرئيسي لانطلاقها.
في الوقت نفسه أكد مؤسسو الحركة علي أن عملهم سوف ينهج نهجًا مؤسسيًا يسعي إلي الانتظام ، حيث تعقد الحركة ندوة شهرية بنقابة الصحفيين لن تقتصر علي الشعر وحده بل تسعي لأن تكون محفلاً للأفكار التجديدية ومنبرًا لرموز مطمورة في واقع يتسم بالكثير من العسف والإقصاء ، كذلك ستعاود الحركة إصدار مجلة " مقدمة " التي تعني بقصيدة النثر ، بالإضافة إلي إطلاقها " ملتقي شعراء غضب" في شهر مارس من كل عام ، علي أن يكون مارس القادم هو موعد ملتقاها الأول الذي سيشهد تمثيلا شعريا ونقديا من كافة الثقافات وسوف يكون محوره الرئيس هو " شعرية مابعد التحرير " وهو مصطلح استولدته الحركة من فائض القوة المستمدة من أصوات الشعوب القادمة إلي المستقبل. والإشارة لا تعني ، بالطبع ، ميدان التحرير القاهري، لكنها تعني كل ميادين التحرير في العالم العربي .
وأخيرا يؤكد مؤسسو الحركة أنهم ليسوا بديلاً عن أحد فالحركة مفتوحة لكل الشعراء دون استثناء، كما أنهم لا ينافسون أحدًا، بل سيسعون لدعم كافة الفعاليات المثيلة، لأنهم يرون المستقبل ينعقد للثقافة المستقلة، في الوقت الذي تحتمل فيه بلد بحجم مصر عشرات الكيانات المثيلة .
هذا وقد تشكلت اللجنة التأسيسية للحركة من الشعراء والنقاد: عاطف عبد العزيز ، لينا الطيبي ، غادة نبيل ، فارس خضر ، يسري عبد الله ، غادة خليفة ، ومحمود قرني .