حسن الوزاني

يلتقي في هذه الشهادات شعراء كبار من تسع دول من مختلف القارات حول شاعر رفيع بقامة درويش. لم يتطلب مني جمعها في وقت قياسي لم يتجاوز اليومين كثيرا من الجهد. فالمحبة التي يكنها العالم، بشعرائه وبالعديد من مواطنيه، للراحل درويش كانت كافية لتيسير الأمر، وللاستجابة لدعوة شخصية بتوجيه كلمات قُرئت في الأمسية التي نظمها بيت الشعر في المغرب يوم 24 من الشهر الماضي بالرباط. وعرف اللقاء الضخم تسليم جائزة الأركانة العالمية للشعر التي كان قد فاز بها محمود درويش إلى شقيقه أحمد درويش.

مريم مونطويا (كولومبيا)

أحد أهم الأصوات الشعرية الجديدة في كولومبيا. من أعمالها: “هروب” الصادرة عن دار لارمطان الفرنسية، و”اجتثاث”.

ابنَ البروة
ورام الله
ابنَ الكلمة والليلك
وناردين المقاومة
جئتَ
من تراتيل الرّقَاد
من شعائر الموتى
ومن الأطفال المختفين
خلف شجيرات الشفق
سيظل صوتُك أبدا شرارةَ ضوءٍ
أغنيةً من أجل الكرامة
وصرخةً من أجل
الحب والصفاء.
صوتك الذي يضيئنا
في ليالي الفرح وفي ليالي العزلة
هناك حيث القصيدة نديمةٌ للوطن.

موسى بيدج (إيران)

شاعر ومترجم. نقل إلى الفارسية أكثر من 25 كتابا من الأدب العربي، منه “العصافير تموت في الجليل” لمحمود درويش و”الحب ليس مهنتي” لمحمد الماغوط. يرأس تحرير مجلة “شيراز” المختصة في ترجمة الأدب الإيراني إلى اللغة العربية.

“أحببناه مذ كان يغني: بين ريتا وعيوني بندقية/ والذي يعرف ريتا ينحني ويصلي لإلهٍ في العيون العسلية، أحببناه لأنه كان يغني للحبّ في زمن الحرب؛ ولأنه جاء من ضفته إلي ضفافنا دون وثيقة سفر، يحمل على صفحات قلبه مدنا وأناسا وأزقة وشبابيك وعصافير وفراشات، لأنه لما ضاقت عليه شوارع العالم تتسع شوارع وشرايين قلبه. وأحببناه لأنه أتحف مكتبتنا الفارسية بترجمة عشرة دفاتر من كلماته وترانيمه. إذن لم يذهب هذا المغرد بعيدا فهو على شرفات عالمنا يغني: بيننا مليون عصفور وصورة/ ومواعيد كثيرة/ أطلقت ناراً عليها بندقية”.

لوان ستاروفا (مقدونيا)

شاعر وروائي. عمل سفيرا ليوغسلافيا لدى منظمة التحرير الفلسطينية بتونس. عُرف بثلاثيته الروائية التي تدون لمأساة شعوب منطقة البلقان، وقد ترجمت إلى أكثر من 13 لغة، وهي تضم “كتُب والدي” (1992) و”زمن الماعز” (1993) و”متحف الإلحاد” (1997).

“كان محمود درويش صديقا وأخا. وتعود معرفتي به، شخصيا، إلى سنة ،1978 حينما استقبلناه، في إطار مهرجان شتروغا الشعري، رفقة الشاعر الفلسطيني الراحل معين بسيسو. وقد خصصنا حينها أمسيةً للشعر الفلسطيني، كنت قد توليتُ تقديمها، كما أنجزتُ انطولوجيا عن الشعر الفلسطيني بالمناسبة. وفي سنة ،2007 حاز محمود درويش على الإكليل الذهبي للقاءات الدولية لمهرجان شتروغا، والذي سبق أن حاز عليه أيضا شعراء كبار من بينهم نيرودا والروسي جوزيف برودسكي والفرنسي إيف بونْفوا. وكان لي شرف كتابةِ تصدير للكتاب الأنيق والضخم عن درويش وأيضا تقديمِ الراحل أمام جمهور كبير وأمام شعراء من مختلف دول العالم. كما كنتُ سعيدا وأنا أتلقى، قبل سنتين، عدد مجلة الكرمل، يحمل حوارا طويلا أجراه معي الصديق حسن الوزاني.

درويش شاعر رفيع. سنفتقده كثيرا”.

فازال شاهابودان (بنغلاديش)

شاعر. يكتب باللغة البنغالية. تُرجمت مجموعةٌ من أعماله إلى الإنجليزية. يدير مجلة كابيكانتا الشعرية الصادرة باللغة البنغالية.

“اطلعتُ على تجربة الشاعر محمود درويش منذ مدة طويلة. وأعتبره إحدى أكبر القامات الشعرية التي عرفها الكونُ في وقتنا الراهن. وقد أسعدني أن أترجم مختارات من أشعاره إلى اللغة البنغالية خلال الثمانينات من القرن الماضي. و شكل اشتغالي على ترجمة نصوصه، بالنسبة لي شخصيا، معبرا للاقتراب من بهاء قصائده. ويحظى محمود درويش، بالمناسبة، بعدد كبير من المحبين بين قراء اللغة البنغالية، وأفتخر بأن أكون أحد هؤلاء”.

ألبرتو كورابل (تشيلي)

شاعر ومسرحي. أنشأ فرقة موسيقية رفقة فيكتور خارا، قبل سنوات من الانقلاب الذي عرفتها تشيلي. عاش 25 سنة منفيا بكندا. أصدر عددا من المجاميع الشعرية، من بينها:”أغاني الانبعاث (1973)، “بريد المنفى” (1986)، “مسيرات فوق الثلج” (1993).

“اطلعتُ على قصائد محمود درويش، مترجمةً إلى الفرنسية، خلال إقامتي في كندا، حيث قضيتُ خمسا وعشرين سنة منفيا بعد انقلاب تشيلي. وأستطيع القولَ إنني وجدتُ في قصائد درويش تعويضا عن جانب من الخسارة التي شكلها بالنسبة لي رحيلُ صديق قريب هو فيكتور خارا. ولذلك أرى في رحيل محمود درويش ألماً مضاعفاً، لأنني أشعر كما لو أنني فقدتُ فيكتور منذ شهور فقط”.

كيشوار نَهيد (باكستان)

شاعرة. تكتب باللغة الأردية. لها ست مجموعات شعرية، من بينها “نحن النساء المذنبات” الصادرة ترجمتُها الإنجليزية سنة1990.

“شاعرٌ بقامة محمود درويش وشاعرٌ يملك كل هذا الأمل في الحرية وكل هذه القدرة على خلق المفاجأة الإبداعية لا يمكن أن يرحل أبدا. لأنه يقيم هنا، داخل قلوب كل عشاق بلد اسمه فلسطين وعشاق كائن اسمه القصيدة.
كنتُ سعيدة بلقاء محمود درويش في موسكو، وأحتفظُ، داخل قلبي، بصوته البهي وبصورة حركات يديه وهو يقرأ شعره الأشبه بسيمفونية باذخة”.

غاي بنيت (الولايات المتحدة الأمريكية)

أحد الأصوات التي تطبع المشهد الشعري الأمريكي الراهن. حاصل على الدكتوراه في الأدب الفرنسي. له مجموعة من الأعمال، من بينها”نظرات مشهورة” و”إسقاطات ذاتية”.

“كنتُ أومن دائما بأن القصيدة سلاح، ثم انتبهتُ إلى أنها لا يمكن أن تغير شيئا آخر غير القصيدةِ نفسِها. تماما كما قال محمود درويش يوماً ما. قادماً من بلد سُلب وطنه، قصدَ درويش وطنا آخر لم يسبق لأحد أن عاد منه أبدا. أقصد المنفى الأبدي. لكن درويش لم يغادرنا بشكل مطلقٍ. سيظل هناك عبر ذكراه التي تُفرحنا وتحزننا في آن وعبر قصيدته التي تُحفزنا دائما على أن نلعبَ بدورنا الوظيفةَ نفسهَا التي اختارتها، وهي بالضبط التطلع إلى معرفة الأكثر والأفضل”.

روني فرير (الباراغواي)

شاعرة وروائية.. من أعمالها الشعرية “المسافر الأبدي” (1985) و”طريق الصحراء” (1994). لها أيضا أعمال سردية، من بينها: “اليباب وحكايات أخرى” (1986) و”أمواج بدون بحر” (1999)

اقتربتُ من نصك “أنا من هناك” ذات يوم من أكتوبر، بقلب يلفه حزنٌ شديد على رحيلك نحو الأعالي. هناك فيما وراء النجوم. رأيتُ نفسي في كل بيت، وكنتَ هناك كما لو أنني أعرفك منذ عهد، وكما لو أننا اقتسمنا الخبز والنبيذ على مائدة بسيطة. من يقول إن حضور الجسد ضروريٌ فهو يَكف عن تلمس بهاء الروح، تماما كشخص يريد اجتثاثَ زهرةٍ تَتَمايلُ بفعل النسيم. في قصيدتك، كما في قصائدك، رأيتُ سيدةً اسمها روني فرير”.

ريجون بونونفّون (الكيبك-كندا)

شاعر وروائي. من أهم أعماله روايته “أيام الجمعة العاشقة” الصادرة سنة ،2000 والحاصلة على جائزة مهنيي التوثيق لتجمع المكتبات العمومية بموريسيا وبوسط الكيبك، وعلى جائزة مجلس الفنون والآداب في الكيبك.

“استمعتُ مؤخرا لقراءات من شعر محمود درويش ضمن فقرة من مهرجان تروا رفيير في كندا خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خُصصت لذكرى وفاته. وكنتُ قد قرأتُ بالفرنسية بعضا من شعره. وكانت تذهلني دائما قدرةُ نصوصه على الاحتفاء بالوطن وفي الآن نفسه على الانتصار للقصيدة، وعلى الانتقال بينهما تماما كما لو كانا ضفتي نهر واحد. وأجد ذلك تعبيرا عميقا عن القوة الشعرية لمحمود درويش، الذي ينتمي إلى كوكبة شعراء كنيرودا وسنغور والكيبيكي غاستون ميرون، وإن كنتُ أجد أن مأساة درويش وشعبه كانت أكبر، وذلك بالضبط هو سر قوته. أن يعيش المأساة وأن يستطيعَ كتابةَ نص رفيع، لا يتنازل أبداً عن جماليته الراقية”.

الخليج
29/11/2008