ملف جريدة البيان
يصل جثمان الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش «عاشق فلسطين»، إلى مطار العاصمة الأردنية عمان غداً الثلاثاء، حيث يسجى لفترة ليتسنى توديعه من قبل أصدقائه ومحبيه، قبل أن ينقل إلى رام الله حيث سيتم دفنه، بموافقة عائلته التي اعتبرته ملكاً لكل الشعب الفلسطيني.
ووفقاً لمصادر مقربة من الراحل، فان طائرة إماراتية ستقل الجثمان إلى الأردن بعد أن تتوقف في فرنسا، قادمة من ولاية تكساس الأميركية حيث فارق الشاعر الحياة أول من أمس، بعد تدهور حالته الصحية إثر إجراء عملية قلب. وقالت المصادر ان جثمان الشاعر لن ينقل فوراً إلى رام الله، وسيسجى في مكان في عمان لتوديعه من قبل أصدقائه ومحبيه، ليتم نقله لاحقاً إلى رام الله عبر طائرة أردنية.
وخصصت بلدية رام الله قطعة أرض قرب قصر الثقافة لدفن الشاعر الكبير فيها، تبلغ مساحتها دونماً واحداً، وسيقام له فيه ضريح حسبما قالت رئيسة البلدية جانيت خوري. وأكد شقيق الشاعر أحمد درويش انه «تم الاتفاق مع السلطة على دفنه في رام الله لأنها ترمز إلى الدولة الفلسطينية، فمحمود ملك للشعب الفلسطيني وليس ملكاً لعائلة أو بلد».
وتوقعت وزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني أبو دقة، أن تكون الجنازة الأكبر منذ وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عام 2004. وكان الحزن عم كل الأراضي الفلسطينية عقب شيوع نبأ رحيل درويش الليلة قبل الماضية، حيث تداعى عشرات المواطنين إلى مركز مدينة رام الله وهم يحملون الشموع. ونعى الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة ومنظمة التحرير ومختلف المؤسسات الثقافية والسياسية في فلسطين الشاعر الكبير.
وقال الرئيس محمود عباس في نعيه: «كم هو مؤلم على قلبي وروحي أن أنعي للشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وكل محبي السلام والحرية في العالم رحيل نجم فلسطين وزينة شبابها وفارس فرسانها الشاعر الكبير محمود درويش الذي انتقلت روحه إلى بارئها».
وأضاف «ان غياب شاعرنا درويش عاشق فلسطين رائد المشروع الثقافي الفلسطيني الحديث والقائد الوطني اللامع والمعطاء سيترك فراغاً كبيراً في حياتنا الثقافية والسياسية والوطنية لن يملأه سوى أولئك المبدعين الذين تتلمذوا في مدرسته وتمثلوا أشعاره وكتاباته وأفكاره وسيواصلون حمل رسالته الإبداعية لهذا الجيل وللأجيال القادمة».
وتلقى عباس أمس عشرات برقيات التعزية من العديد من دول العالم، كما فتحت عشرات بيوت العزاء في كل دول الشتات الفلسطيني في السفارات الفلسطينية وممثليات منظمة التحرير في دول العالم. واعتبر وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير، أن درويش يشكل «رمزاً كبيراً» وأن شعره «يعكس الحنين والحرية ويخاطبنا جمعياً»، وأنه عرف كيف يعبر عن «التصاق شعب بأرضه ورغبته المطلقة بالسلام»، مشيراً إلى أن «رسالته التي تدعو للتعايش، سيتواصل صداها وستظل مسموعة».
عمان، رام الله ـ «البيان» والوكالات
****
الأدباء العرب: فقده خسارة كونية
وقع خبر غياب الشاعر الكبير محمود درويش كالصاعقة على كل الأدباء والمفكرين في كافة أرجاء العالم العربي الذين اعتبروا غيابه خسارة كبيرة، ليس لفلسطين فحسب وإنما للعالم بأسره، ألا أن اللافت كان ما نقلته مصادر مقربة من الشاعر الراحل عن طبيبه، أنه أصر على إجراء العملية رغم تحذير الفريق الطبي لدرجة أن الطبيب سأله: «لماذا تستعجل الرحيل هكذا».
في دمشق التي خصها درويش بأكثر من قصيدة، اعتبرت الناقدة خالدة سعيد أن «الخسارة عظيمة جداً» ووصفت غيابه بـ «الخسارة الكونية.. خسارة للشعر في العالم.. خسارة للضمير.. خسارة لأصوات الحق». وعبر الشاعر شوقي بغدادي عن صدمته العميقة، وأكد أنه لم يكن ليتخيل يوماً أن يطلب منه أن يرثي محمود درويش، بالقول «لم أكن لأتصور يوماً أنه سيموت.. كل الناس يمكن أن تموت إلا محمود درويش يجب أن يبقى على قيد الحياة.
كلنا بحاجة له»، وقال بغدادي بأن «من يقرأ شعر محمود حسب التسلسل الزمني لإصداراته يراجع فيها تاريخ القضية كاملة، من دون أن يكون التطابق بينها حرفياً، وإذ نراه أحياناً يختلف مع الخطة السياسية المرسومة ولكن من دون أن ينقلب عليها كما في ختام قصيدته المشهورة «مديح الظل العالي» حيث يقول: «ما أكبر الفكرة - ما أصغر الدولة!».
من جانبه قال الروائي خيري الذهبي إن محمود درويش حين خرج من عتمة الاحتلال إلى الساحة العربية وهو يهتف سجل أنا عربي، كان «ظاهرة متميزة في الساحة الشعرية والسياسية العربية»، وأنه «جعلنا فجأة نكتشف أن أولئك الرازحين تحتل الاحتلال ليسوا المتعاونين ولا الخانعين، بل ها هو وجههم الناصح يتألق مع قصيدة سجل أنا عربي».
ويرى الذهبي أن «درويش ذكرنا بالمتنبي.. وحتى حين حاول أن يتخلص من السياسي ليدخل في الشعري الكوني، ظل القارئ العربي لا يعرف محمود درويش إلا من خلال السياسي، وظل قدره أن يكون فلسطين أن تكون فلسطين محمود درويش لنصف القرن الأخير».
وفي القاهرة، قال الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي «إن محمود درويش كان قيمة شعرية كبيرة.. دائم العطاء.. وعبر عن القضية الفلسطينية بطريقة لم يستطع غيره أن يمثلها، وتعامل بشكل احترافي مع الحداثة بحيث إنه لم يجعلها تتغلب عليه». ولفت إلى أنه قابل خبر وفاة محمود درويش بحزن جديد لدرجة أنه لم يستطع التحدث مع أي إنسان يوم أول من أمس «وقت إذاعة الخبر» واحتاج يوما كاملا ليتمكن من التحدث عن الشاعر الكبير الراحل محمود درويش.
وقال الروائي المصري علاء الأسواني في تصريح ل«البيان» إن «هناك شعراء تصنعهم القضايا، ولو لم توجد هذه القضايا لما وجد هؤلاء الشعراء، لكن درويش يختلف تماما، فحتى لو تم حل القضية الفلسطينية سيظل درويش علما فلسطينيا وعربيا على الدوام». وشدد الأسواني على أن فلسطين وقضيتها كانت دائما في قلب وعقل ووجدان الراحل محمود درويش لدرجة أن آلاف الفرنسيين الذين كانوا يستمعون لشعره المترجم، كانوا يتأثرون به لدرجة كبيرة رغم أن الترجمة تفقد الشعر بعضا من معانيه.
ومن ناحيته كشف الناقد والشاعر أحمد الشهاوي أن درويش يكتب نصا إنسانيا يليق بشاعر فلسطيني، وليس نصا زاعقا أو مباشرا، وأشار إلى أن نص درويش كنص المتنبي عابر للزمان والمكان، وأنه سيبقى معمرا طويلا كأسلاف درويش، ليس بالعربية فقط، ولكن باللغات الأخرى، ويكفى أن يعرف الجميع أن شعراء العالم لا يعرفون من الشعر العربي الحديث إلا محمود درويش وأدونيس.
وفي عمان رثاه صديقه القديم زهير أبو شايب الذي قدمه في آخر حفل توقيع لكتابه «أثر الفراشة» بالقول إننا سنحتاج إلى ألف سنة أخرى لنجد قامة شعرية وثقافية لا تمثل او تقدم القصيدة فحسب بل تقدم الوجدان العربي بأكمله، مثل الشاعر محمود درويش. وأكد أبو شايب أن درويش لم يمت قبل موته بثانية وبقي متوقداً بكامل حيويته حتى آخر لحظة بالرغم من تعبه وإرهاقه لم يكن مطفأ.
كما رثاه صديقه الشاعر يوسف عبد العزيز بالقول: ظل هذا الشاعر يحدب على الشعر، ويقود به في المناطق الصعبة. لقد أصابتنا نحن الشعراء وفاة درويش بيتم كاسح ففي عصر الانحطاط. «لقد كان مشروعه الإبداعي بمثابة معجزة، فقد اشتغل على التفاصيل الدقيقة واليومية والحياتية للإنسان الفلسطيني والعربي وكل ذلك من خلال شعر محتكم ومتدفق وحار».
وفي فلسطين، قال مدير بيت الشعر الفلسطيني الشاعر مراد السوداني: « لقد خسر الفلسطينيون واحدا من سدنة الشعر الفلسطيني إن لم يكن رأس الحرب الثقافية.. ترجل فارس الفرسان وزين الشباب كما قال في ديوانه عاشق فلسطين. تحققت نبوءته حينما قال في جداريته:
سأصير يوما فكرة
سأصير يوما شاعرا
سأصير يوما ما أريد..
العواصم ـ «البيان»
*****
خيري منصور : درويش كان واثقاً من نجاح العملية
أكد صديق مقرب من الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش إن الأخير كان متفائلاً بنجاح العملية الجراحية قبل إجرائها، وكان يتصرف على أنها إجراء طبي عادي. وقال الكاتب الأردني خيري منصور «هاتفني درويش خلال توجهه إلى المطار للسفر للولايات المتحدة لإجراء العملية الجراحية ..
قال لي إنه سيقضي بضعة أيام في هيوستن بعد إجراء العملية»، وانه وصف العملية «بأنها إجراء طبي روتيني». وتابع منصور «تمازحنا ولم يذكر الموت للحظة ووعدني أن نلتقي في عمان بعد عودته من أميركا». وقال منصور: «تفاجأت بنبأ وفاته.. سافر لإجراء العملية ومعنوياته كانت عالية جداً».
(يو بي إي)
****
حداد
الصحف الفلسطينية تصدر بالأسود
«وداعا محمود درويش»، «الشاعر الكبير في ذمة الله»، «فارس الشعر ترجل»، «رحمك الله يا شاعرنا الكبير»، بهذه العناوين المجللة بالسواد صدرت الصحف الفلسطينية أمس غداة وفاة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش.
ونشرت صحيفة «الأيام» في صفحتها الأولى صورة كبيرة لدرويش مجللة بالسواد مع مقاطع من قصيدة له عن الموت جاء فيها «وكأنني مت قبل الآن، اعرف هذه الرؤيا، واعرف أنني امضي إلى ما لست اعرف ربما، ما زلت حيا في مكان ما، واعرف ما أريد، سأصير يوما ما أريد».
*****
نادي دبي للصحافة يقيم حفلاً تأبينياً للراحل
يقيم نادي دبي للصحافة حفلاً تأبينياً للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، أحد أهم الشعراء الفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن، وأحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث.
ويشارك في حفل التأبين قنصل عام دولة فلسطين السفير سليم أبو سلطان، بحضور الشاعر الإماراتي كريم معتوق، بالإضافة لنخبة من الشعراء العرب والإعلاميين وأصدقاء ومحبي الشاعر الفلسطيني المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك يوم غد الثلاثاء الساعة الخامسة عصراً في مقر النادي في مدينة دبي للإعلام، مبنى الثريا1، الطابق الأول.
(البيان)
11-8-2008
***
أبومازن مودعاً درويش: كنت الإنسان فينا
ودع الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن» أمس الشاعر الراحل محمود درويش بكلمة مؤثرة للغاية، أكد فيها أن شمسه لن تغيب، ونهره لن ينضب، من عطاء الخير والبشائر والأمل، مؤكدا انه «كان الإنسان فينا، وسيظل في كل مولود لنا»، داعيا الجهات الحكومية والرسمية المعنية بجبهة الثقافة، إلى إيلاء هذه الجبهة ما تستحق من تركيز واهتمام ورعاية وتوفير الإمكانات والموارد اللازمة لتمضي قدماً نحو تعزيز دورها ومكانتها والعبور إلى عهد جديد من الأصالة والتجديد.
وقال أبومازن في كلمته خلال حفل تأبين الشاعر الكبير في مقر المقاطعة في رام الله: «جميعنا اليوم نودع نجماً أحببناه إلى درجة العشق، بعد ما كان التاسع من أغسطس يوما فارقاً بتاريخ الثقافة الفلسطينية والإنسانية، عندما ترجل ذاك الفارس العنيد عن صهوة الشعر والأدب، ليترك فينا شمساً لا تغيب، ونهراً لا ينضب، من عطاء الخير والبشائر والأمل، فيضعنا أمام امتحان الصبر والقدرة على استمرار العطاء والإبداع، وإدامةِ تألق المشهد الثقافِي والإجابةِ على إشكالياته وتساؤلاته.
وليبقى المقرر في صياغة المستقبل، وتحديدِ مضامينهِ، وتبليغِ رسائلهِ، المعمدةِ بالحريةِ والعدالةِ، العابقةِ بالجمالِ والمحبةِ، البانيةِ للهويةِ والشخصيةِ الوطنيةِ المستقلةِ، المؤسسةِ للحلم والأماني، المنبعثةِ من الأمل الواثق بتجسيدها دولة الشعب الفلسطيني، حاضنة هويته وحريته وتطلعاته، ذات السيادة، والمستقلة، المساوية بين جميع أبنائها، ولجميعهم على شتى عقائدهم وانتماءاتهم، دولة القانون والمؤسسات والحكم الرشيد، الذي نذر محمود درويش نفسه يحلُم بها ويغني لها، ويمجّد نشيدها ويناضل لتجسيدها..
انطلاقاً من موقعه الذي اعتلاه باقتدار وجدارة، قائداً ريادياً، مُعلَّماً ومَعلماً، حصنا منيعاً عاليا بجبهة الثقافة والإبداع، الجبهة الأساسية في سيرةِ شعبنا النضالية، بطلاً، ملتزماً متفانياً مضحياً وقائداً في سائر جبهات الصمود والكفاح الأسطوري لشعبه، على امتداد زمن الثورة الممتد عبر العقود إلى إبرامِ عَقدنا الاجتماعي الجمعي، بتأسيس الدولة التي نَظَمَ وصاغ بنبض قلبه وروحه دستورَها، وثيقةً الشرف والعهد التي ارتضيناها أمانة تطوق أعناقنا، للشهداء، للأسرى، للأجيال، للمرأة حارسة نارنا المقدسة، والأطفال يكبرون بهدي مبادئها إلى المجد الذي أسس قواعدَه والأملَ الذي حدد عناصره».
وأضاف أبومازن «إنها أسطورةُ الشعب المجبولةُ بأسطورة محمود. بتبادليةٍ جدلية، هي الأكمل والأجمل يَنقُش بمهارةِ المبدعِ الخلاقِ، ليس فقط ملامح هويتنا بل جدارُ وعينا، ليكون فينا ومنا ولنا، ويكونَ لكلٍ منا فيه حصة أو نصيب كما هي مع شعبه وقضيته مع أمته وإنسانيته ليصبح ذلك الخيط الحريري المميز في قوس نصرنا ومنارة عزنا في صُلب نسيجنا الاجتماعي ووحدتنا الوطنية وفي صلب صورتنا الإنسانية النضالية، يعلن جدارتنا وحقنا بالحرية والاستقلال».
وتابع: «لقد أوفى عطاءً بسخاء، زاد فينا طموحاً بالمزيد، لهذا لا نصدق أنه رحل، وعندما نوقن بالقَدَر ونستسلم للقضاء الذي لا بد منه وليس لنا فيه من مفر تزدادُ فاجعتنا ألماً وأسى وحسرة». وأضاف أبومازن «ومهما نحاول استجداءَ اللغة تَفر المفردات مذعورة كالعصافير، مع روحه المسافرة إلى بارئها وتتلاشى عند حدود الشفاه ويجفُ مِدادُ القلم فما أصعبَ الرِثاء، فكيف إذا كان لعزيز كمحمود، وكبير كمثله، بقامته وظله، يورفُ على فلسطين من أقصى الحدود إلى غاية الحدود».
وقال: «إذا كان سيدُ الكلمة والحكمة بذاك الرمز المعبر عن حسّنا الوطني، دستورِنا الإنساني،إعلان استقلالنا، فمن يوفيه جزءاً من حقه علينا بالرِثاء؟ ومن يملك القدرة فرداً أن يفعل؟..إنها أنشودةُ المناجاةِ والفجيعةِ، صامتةُ أبلغُ من القول، ولكنها أيضاً مسؤوليةُ جميعنا وجموعنا، تهب موحَّدة في تشييعه، والتفجعِ على رحيله، ولكنها بإرادة العزم والأمل الذي غرسه فيها ينمو ويكبر ويزهر».
وقال :«وهي إذ تعبر عن حبها وشكرها واعترافها بمكانة محمود، ودور محمود، أنما تجدد لروحه الطاهرة، لتراثه المجيد ومسيرته المباركة، مسيرتَها وتضحياتِها ومعاناتِها، مسيرةَ كفاحها المستمر والمتواصل إلى ذروة النصر».
وأكد أن «ذلك العهد المكين الذي نجدده اليوم لروح درويش، لكل شهداء شعبنا العظام، لأسرانا وجرحانا البواسل، أن تبقى وصيتُه أمانةً، أن تبقى الراية التي رفعها محمود بشعره وقامته وروحه عالياً خفاقةً، لتعلو كمآذن القدس وكنائسها، وأسوارها العالية، العاصمة الأبدية لدولتنا الفلسطينية الآتية قطعاً..إنه حلم محمود ورؤياه التي نُقسم على تحقيقها لتكون مثواه ومثوى شيخ شهدائنا، قائدِ مسيرةِ شعبنا ورمزِ قضيتهِ وكفاحهِ ياسر عرفات».
وقال «ومع جلال الحزن فان جمال الوفاء أقوى وأحق بهمة الرجال وعمق المسؤولية تجاه محمود وريثِ الأمجاد وحاملِ لواء الأجداد المجدد المبدع المعبر الموحد شعراً ثقافة وشعبا وهوية». وأوضح أبومازن: «وليكن رحيله مدخلاً لتجنيد كل طاقات المبدعين أفراداً وهيئات، بكل المستويات الأهلية والرسمية، ليس فقط لسد المنافذ أمام فراغٍ كبيرٍ نشأ برحيله، وإنما بالارتكاز إلى تراثه ومدرسته وإبداعه العظيم، ليكون موتُه الموجعُ إِحياءً تجديدياً لجبهة الثقافة، وإغناءً للمشهد الثقافي تأصيلاً وحضوراً وفعالية في قرار الوطن ومصيره وفي صورة الوطن وهويته، بل في عمقنا العربي والإسلامي ملاذنا وجوهر انتمائنا وتفاعلنا، مصيرِنا ومستقبلنِا ومُشارِكِنا في صياغة الوجدان الإنساني».
وأضاف: «وضمن هذا السياق فإنني أدعو الجهات الحكومية والرسمية المعنية بجبهة الثقافة المعقل الأساسي الأهم لنضال شعبنا وحفظ بقائه وأمنه القومي وهويته الوطنية أن تولي هذه الجبهة ما تستحق من تركيز واهتمام ورعاية وتوفير الإمكانات والموارد اللازمة لتمضي قدماً نحو تعزيز دورها ومكانتها والعبور إلى عهد جديد من الأصالة والتجديد.. فجبهة الثقافة والمبدعين هم ضمير الأمة ومحلُ رهانها ومحطُ أملها وعزِها وكلنا ثقة بأنهم أهل لهذه المسؤولية والمكانة».
وتابع «وإن كان مصابنا بمحمود مصاباً واحداً وعزاؤنا فيه واحداً فإن لعائلته الصغيرة والدته إخوانه وأخواته، ولأسرته الثقافية فلسطينية وعربية وعالمية حسن العزاء..أما إليك أيها الحبيب محمود الذي رفضت في الماضي مني ما سأقول، لتواضعك وحيائك المشهودين، أقوله لك الآن.. لقد وحَّدت فينا الفرح والأمل وكلَّ القيم النبيلة، كنت الإنسان فينا، وستظل في كل مولود لنا».
وقال: «يا أخي أحمد الزعتر.. لك كلُ المترادفات والأضداد، فأنت الحاضر الغائب، وأنت الغائب الحاضر فلم ترحل عنا إلا لنا ولن تتركنا لأنك فينا، فلم يسقط الحصان عن القصيدة وسيبقى الجموح والجمال في الحصان والقصيدة».
وتابع: «يا أخي أحمد العربي.. كنت التحولَ وكنت التطورَ فأصبحت الرمز، كنت جميعنَا والقاسمَ المشترك، في كل الحِصارات لم تدخل بيوت أبي سفيان، كنت ابن ثابت لأنك كنت من البداية حتى النهاية. عاديت مسيلمة، ولم تتردد لأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة..على كل آلة موسيقية كنت النشيدَ والنغمَ، كنت النسمة والبسمة، كنت العطر والزنبق، كنت الندى، وكنت الضمير في كل منعطف، كنت الذاكرة والحاضر والرؤية».
وأضاف: «كنا نراك أجمل الناس لأننا نرى عمق البحر فيك وصفاء البئر في صحراء الظمأ. يا ابن خبزنا وزعترنا وأمنا والبرتقال لك الشموع تُضاء في يد أطفالنا الذين أشاروا لك بالبنان عندما رأوك واحتضنهم حنانُك عندما عانقوك، كبيرنا وصغيرنا علقوا صورتك في القلب قبل أن يروك، وحفروا محياك الجميل في الذاكرة بعد أن قابلوك.
إن البسطاء حفظوا أبيات شِعرك بالتشكيل والعروض فكانت رؤيتُك فلسفتَهم..ستظل معنا يا محمود لأنك تركت لنا ما يجعلنا نقول لك إلى اللقاء وليس الوداع، لأنك أنت العشق والعاشق لنا، وأنت المعشوق فينا.. لك الشموع تُضاء لأنك كنت الشمعدانَ فينا، لك دموع الوفاء، كيف لا؟ وفي كل مدينة وقرية ومخيم لك اسم ... الشوارع والمدارس ومراكز الثقافة وشهادات الميلاد، لك ملصقات الحائط، العَلَم، التقدم، فرقة الإنشاد، ومرسوم الحِداد».
وختم أبومازن كلمته بالقول: «وكما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا محمود لمحزونون.. اعذروني أيها الإخوة إن أطلت عليكم فإني أستبطئ رحيله إلى مثواه ويعز علينا فراقه فسلام على روحه حياً وشهيداً ومثواه الجنة، سلام عليكم وسلام لكم، وأحسن الله عزاءكم والشكر موصول لأمتينا العربية والإسلامية والأصدقاء في كل العالم الذين شاركونا مصابنا، وأخص بالذكر الشقيقة دولة الإمارات العربية التي بادرت إلى نقل الجثمان والشقيقة الأردن التي استقبلته وتفضلت بنقله في طريقه إلى أرض الوطن. (وإنا لله وإنا إليه راجعون).
***
وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع تعزي بدرويش
زار أمس المدير التنفيذي لشؤون الثقافة والفنون بلال البدور، والمدير التنفيذي لشؤون المجتمع وحسن عبدالوهاب على رأس وفد من وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ممثلاً معالي عبد الرحمن العويس، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، بزيارة مقر سفارة دولة فلسطين، لتقديم واجب التعزية بالشاعر الكبير محمود درويش.
وكان في استقبال الوفد كل من الدكتور خيري العريدي، السفير الفلسطيني لدى الدولة، والقائم بالأعمال في السفارة الفلسطينية مهند العكلوك. ورأى بلال البدور في كلمته في العزاء بالفقيد أن «فقد العظماء كارثة عظيمة، وعندما يكون العظيم مبدعاً بقدر قامة محمود درويش، يكون الفقد خسارةً كبرى». وأضاف «لقد كان الراحل علماً في الذود عن حرية الكلمة والوطن، وعزاء الأمة في فقده ما تركه من قيم وإبداع ينيران للسائرين على درب النضال الطريق».
واختتم بلال البدور كلمته بالإشارة إلى أن الشاعر درويش الذي يغادر جسداً يبقى بإبداعه ومبادئه. أما السفير الدكتور خيري العريدي فقد رأى من جهته أن «الشاعر درويش كان عنصراً جامعاً ليس للفلسطينيين فحسب بل العرب جميعاً». وقال «أصحاب الكلمة يجمعون الصف ويوحدون الكلمة». وأضاف: «الشاعر محمود درويش مبدع ورمز، حمل القضية بقلبه إلى أن انفجر هذا القلب حباً بفلسطين».
(ابوظبي ـ «البيان»)
***
والدة درويش في وداعه رابطة الجأش
كانت والدة الفقيد الكبير محمود درويش حاضرة في تأبينه في مقر الرئاسة في رام الله، رابطة الجأش لا يرف لها جفن وتستمع باهتمام شديد لكل ما كان يقال عن ابنها. ويبدو أن نبوءة الراحل الكبير تحققت بأنه سيموت قبل والدته حين كتب:
أحن.. إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسة أمي... وتكبر في الطفولة
يوما على صدر يوم
واعشق عمري لأني
إذا مت
أخجل من دمع أمي!
***
درويش تعايش مع قلب متعب طويلاً
من أنا لأقول لكم ما أقول؟ قالها محمود درويش في استهلال قصيدته الأخيرة لاعب النرد، في آخر ظهور له في قصر رام الله الثقافي، في مدينة رام الله، في الأول من شهر يوليو الماضي، ضمن احتفالات رام الله بمئوية بلديتها.
كل من استمع إلى شاعر العرب الأول في أمسيته الأخيرة، أحس أنه يودع الجمهور والشعر، وكذلك كان حين واجه جمهوره على استحياء، في حفل إطلاق اسمه على ميدان في مدينة رام الله حيث قال «هذه سابقة لا أعرف كيف أستقبلها ومكاني ليس هنا، ليس من الضروري أن أكون في هذا الحفل، لأن الموتى لا يحضرون حفل تأبينهم وما استمعت إليه اليوم هو أفضل تأبين أود أن (أسمعه) فيما بعد».
محمود درويش الذي صارع الموت، وتعايش مع قلب متعب طويلا، ككل كبار الشعراء الذين يستشعرون نهاياتهم، تحدث عن الموت وصراعه معه قائلاً في جداريته:«لم يعد الموت يخيفني، بل صرت أصارعه، لأنني أحكي عن تاريخ مصارعتي معه أثناء عملية جراحية، استعيد تاريخ مصارعتي أنا، لكن تنتهي المسألة إلى صداقة، ووضع اتفاقيات كيف يكون شهماً وفارساً، ولا يكون غادرا، لأنه أقوى من أن يكون جباناً، فيأتي بهذه الطريقة كاللصوص».
محافظة أريحا والاغوار تقيم بيت عزاء
أعلنت محافظة أريحا والأغوار أن بيت عزاء الراحل الكبير وسيد الشعراء الكبير محمود درويش يقام اليوم الخميس في قاعة المؤتمرات الكبرى في مقر المحافظة بالمدينة. وقال عريف الجعبري محافظ أريحا والأغوار: «إنه برحيل الشاعر والأديب وكاتب وثيقة إعلان استقلال فلسطين يكون الشعب الفلسطيني بأكمله خسر رجلا عظيما جسديا لان فكره وعطاءه سيبقى خالدا.
وان الراحل الذي ترجم أدبه وعطاءه لأكثر لغات العالم الحية سيبقى منارة ونبراساً على المستوى الوطني والإقليمي والدولي». ونوه إلى ان «عدة فعاليات وأنشطة ستقام خلال الأيام المقبلة من قبل المراكز والمؤسسات الثقافية في مختلف المناطق».
(وكالات)
***
الزهار: درويش رمز الثقافة والأدب الفلسطيني
قال القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية «حماس» محمود الزهار، إن الشاعر الراحل محمود درويش هو رمز الثقافة والأدب الفلسطيني، وانه تخطى بشعره الحدود النفسية والجغرافية.
وأضاف في تصريحات له من قطاع غزة انه «تمكن بشعره من التطرق إلى قضايا كانت من المحرمات فيما يخص المحتل والناس الذين يقاومون الاحتلال».وحزن كثيرون في غزة لوفاة درويش. وقالت منة علي وهي مدرسة ل«رويترز»: «درويش هو رمز لفلسطين.. رجل مليء بالحب والوطنية والعاطفة.. بكيت كما لم ابك من قبل وسأبكي في كل مرة أقرأ أو أتذكر فيها قصيدة من قصائده العظيمة».
رصاص جنائزي وورد ودموع في وداع محمود درويش «عاشق فلسطين»
حول الفلسطينيون جنازة شاعرهم الوطني الكبير محمود درويش (67 عاما) الذي تبنى قضيتهم في قصائده وعبر عن طموحاتهم الوطنية إلى ما يشبه الجنازة الرسمية في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة أمس، وشيعوا الرجل الذي عبر عن الشتات والمقاومة والثورة، في جنازة وطنية عارمة.
وصل جثمان الشاعر الفلسطيني إلى رام الله حيث كان في استقباله آلاف المشيعين بعدما نقلته مروحية من الأردن قادما من الولايات المتحدة. وكان درويش قد توفي يوم السبت نتيجة مضاعفات عقب جراحة في القلب أجريت له بمستشفى في هيوستون بولاية تكساس الأميركية.
وكان في استقبال نعش درويش المغطى بالورد والعلم الفلسطيني الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعشرات من المسؤولين وكبار الشخصيات لدى وصوله إلى المقر الرئاسي في رام الله. وحمل ثمانية أفراد النعش من المروحية عبر الساحة بينما عزفت الموسيقى العسكرية. اثر ذلك وفي موكب جنائزي رسمي وشعبي مهيب، صعد سيل من البشر قدر بمئات الآلاف إلى قصر الثقافة أعلى مناطق رام الله، مودعين فقيد فلسطين الشاعر الكبير.
واصطف مئات الفلسطينيين على جنبات الطريق، من المقاطعة حتى قصر الثقافة، محزونون ليلقوا النظرة الأخيرة على جثمانه قبل أن يوارى الثرى، على تلة قرب قصر الثقافة، تطل على مدينة القدس التي عشقها، بعدما أطلق الحرس الرئاسي الرصاص الوداعي.
وانتظر عشرات الآلاف قرب قصر الثقافة وصول الجثمان، بينهم وفود من الجولان العربي المحتل رفعت الأعلام السورية، فيما التحم الفلسطينيون من الضفة ومن القدس ومن أراضي 1948 تحت ظلال العلم الفلسطيني الواحد. حضور رسمي تجلى بممثلي المؤسسات الرسمية والأهلية الفلسطينية من كل الوطن، وشخصيات سياسية وثقافية ودينية، مثلت كل ألوان الطيف الفلسطيني، تجسيدا للوحدة التي دعا لها الشاعر الكبير محمود درويش في حياته.
ملفوفا بالعلم الفلسطيني، ترجل جثمان درويش من العربة العسكرية، ليطل من على التل على مدينة القدس، محمولا على الأكف، وسط حضور جماهيري كبير، هو الأكبر حجما منذ تشييع الشهيد القائد الراحل ياسر عرفات. ومصحوبا بالموسيقى الجنائزية، ووسط هتافات آلاف الحناجر، سار الجثمان باتجاه مثواه الأخير، ووري درويش الثرى. وقالت النائب الفلسطينية حنان عشراوي ان «هذه خسارة للصوت الفلسطيني والرؤية الفلسطينية وان الفلسطينيين كانوا يشعرون انه مادام هناك (محمود درويش) سيبقى الخير والأمل وإمكانية الخلاص».
وقال رجل الأعمال الفلسطيني محمد سقف الحيط وهو يقف في الموقع الذي سيدفن فيه درويش «انه لم يمت لانه خلف وراءه إرثا من الشعر انه باق في قلوبنا». إلى ذلك، ينظم منتدى الأمة للتنمية، مساء اليوم الخميس «أمسية شموع» في ساحة الجندي المجهول بمدينة غزة، لمناسبة رحيل الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش.
وقال المنتدى في بيان له أمس إن «أمسية شموع تأتي تضامنا مع الراحل الكبير محمود درويش، خاصة أن درويش قدم الكثير لهذا الوطن، ومن حقه علينا أن نقدم له على الأقل هذه الوقفة، التي يقودها العديد من الأطفال والشخصيات الثقافية والسياسية في غزة». وأوضح المنتدى، أن «التجمع سيكون الساعة الثامنة مساء في ساحة الجندي المجهول، داعيا المواطنين ومحبي درويش لحضور الأمسية».
في هذه الأثناء استقبلت سفارات فلسطين في الخارج وفودا أجنبية وعربية صديقة جاءت للتعزية برحيل الشاعر الكبير محمود درويش.فقد فتحت سفارة دولة فلسطين في قطر أبوابها لاستقبال جموع المعزين كما فتحت سجلاً للتعازي، حيث توافد أبناء الجالية الفلسطينية في الدوحة على مبنى السفارة، وأمّها السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي في الدوحة على مدار اليومين الماضيين.
وتقدم السفير منير غنام يتقدم أسرة السفارة في استقبال المعزين الذين أشادوا بالدور المميز الذي لعبه شعر محمود درويش في حمل قضية شعبه إلى كل أمم الأرض. وأجمع المعزون على وصف الفقيد الكبير بأنه إرث ثقافي أنساني وأن غيابه شكل خسارة كبيرة للأدب والثقافة العالميين.
كما أم سفارة فلسطين في كل من جمهورية سيرلانكا والمالديف وفودا شعبية ورسمية ودبلوماسية للتعزية بالشاعر الكبير محمود درويش. وقال د.أنور الأغا سفير دولة فلسطين لدى سيرلانكا والمالديف خلال حديثه في بيت العزاء الذي أقامته السفارة إن «الشاعر درويش استطاع بشعره أن يجسد القضية الفلسطينية في نفوس وعيون ملايين الناس حول العالم».
وأضاف «لقد لكان لشعره وحضوره الثقافي الإبداعي حضور في كل المحافل الدولية وساهم من خلاله في الحفاظ على القضية الفلسطينية على الأجندة الدولية». وأشار الأغا إلى أن «رحيل الشاعر درويش يعد خسارة ثقافية وسياسية للشعب الفلسطيني وقضيته لكن إرثه الذي تركه لكل الفلسطينيين يمثل نورا يهتدي به ليواصل درب تحرره واستقلاله».
كما أقامت سفارة فلسطين في أوكرانيا بيت عزاء تخليدا لروح فقيد الشعب الفلسطيني الشاعر محمود درويش.وقد توافد إلى السفارة سفراء وممثلو السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى كييف، وكذلك أبناء الجالية الفلسطينية والعربية في أوكرانيا، لتقديم العزاء برحيل الشاعر درويش، وكان في استقبال المعزين د. خالد عريقات سفير فلسطين لدى أوكرانيا وطاقم السفارة.
وقام المعزون بتدوين كلمات التعازي الحارة، مشيدين بدور محمود درويش في إخراج القضية الفلسطينية من حيزها الجغرافي الفلسطيني إلى آفاق عربية وعالمية، وبالكلمة والشعر عبر عن معاناة الشعب الفلسطيني وتطلعاته للحرية والاستقلال.
حقائق
بدأت بلدية رام الله منذ يوم الاثنين في اعداد الموقع الذي أقيم فيه ضريح محمود درويش ودفن فيه الشاعر الفلسطيني الكبير على ربوة بجوار قصر ثقافة رام الله. وخلال ثلاثة أيام من الحداد الوطني على الشاعر الفلسطيني الكبير علقت صور درويش في شوارع رام الله إلى جانب مقولته الشهيرة «على هذه الأرض ما يستحق الحياة». وكان درويش قد جعل من رام الله دارا له منذ عودته في التسعينات إلى الضفة بعد بقائه في المنفى سنوات طويلة.
إضاءة الشموع أمام كنيسة المهد اليوم
قررت اللجنة الوطنية المكلفة بمتابعة مراسيم تشيع جثمان الشاعر الراحل محمود درويش في محافظة بيت لحم، إضاءة الشموع مساء اليوم الخميس أمام كنيسة المهد، حدادا على روح الراحل الكبير محمود درويش.
ويرأس اللجنة المحافظ صلاح التعمري، وتضم أعضاء المجلس التشريعي في المحافظة ومديرية الثقافة والمؤسسات الأكاديمية وكافة المؤسسات الأهلية والرسمية. ودعت اللجنة كافة أبناء محافظة بيت لحم إلى الحضور والمشاركة في إضاءة الشموع اليوم للتعبير عن الحزن والأسى الذي تعيشه بيت لحم على الفقيد، الذي أحب بيت لحم وفلسطين وكتب لهما طوال حياته أجمل الأشعار.
بلغاريا: الفلسطينيون خسروا قائداً ومناضلاً
تلقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس«أبومازن» برقية تعزية برحيل الشاعر الكبير محمود درويش، من نيكولاي نيكواوف رئيس الممثلية الدبلوماسية لجمهورية بلغاريا لدى السلطة الوطنية في رام الله.
وتقدم رئيس نيكواوف إلى عباس بالتعازي الحارة بفقدان شاعر فلسطين الكبير محمود درويش الذي قدم الكثير للقضية الفلسطينية ونقل معاناة شعبه شعرا إلى العالم. وقال:« لقد خسر الشعب الفلسطيني برحيل الشاعر محمود درويش قائدا ومناضلا، فقد نقل في كل كلمة من شعره أحزان ومعاناة شعبه حتى عرفها العالم اجمع، وكرس حياته من أجل وطنه وخدمة قضية شعبه العادلة.
رايس: كلي أمل بتحقيق حلم الفقيد
تلقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس برقية تعزية برحيل الشاعر الكبير محمود درويش من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس. وتقدمت رايس بأحر التعازي للرئيس وللشعب الفلسطيني برحيل درويش.
وقالت في برقيتها: «إن شغف الشعب الفلسطيني بدرويش سيظل يتردد صداه من خلال إرثه الأدبي». وأضافت «كلي أمل أن يحل السلام، وأن تقام الدولة الفلسطينية الزاهرة كما كان درويش تواقا لها». يذكر أن الإدارة الأميركية تحاول جاهدة التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل قبل رحيلها نهاية العام الجاري لكن الصعوبات التي تعترض المفاوضات قد تجهض هذا الهدف.
تونس تعبر عن حزنها لرحيل الشاعر الكبير محمود درويش
تلقت سفارة فلسطين في تونس أمس، برقيات تعزية برحيل الشاعر الكبير محمود درويش، من شخصيات ثقافية ورسمية بارزة في مقدمتها وزير الثقافة التونسي محمد العزيز بن عاشور.
وقال الوزير بن عاشور في برقيته: «علمت ببالغ الأسف والتأثر بنبأ وفاة أخي الكريم الشاعر الكبير والأديب والرمز الساطع من رموز القضية الفلسطينية محمود درويش». وأضاف: واني أتقدم إلى حضرتكم بأحر التعازي، وأصدق مشاعر المواساة سائلا الله العلي القدير أن يتقبل الفقيد العزيز بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، ويرزقكم والأسرة الثقافية والشعب الفلسطيني الشقيق جميل الصبر والسلوان.
كما عبر محمد إدريس المدير العام للمسرح الوطني التونسي في برقية بعثها للسفير سلمان الهرفي سفير فلسطين بتونس عن ألمه البالغ لرحيل الشاعر الكبير محمود درويش. ووصف المدير العام للمسرح الوطني التونسي الشاعر الراحل بأنه «شاعر كوني»، و«رمز للنضال وإرادة الحياة والكلمة الشعرية المضيئة».
وبدوره عبر رئيس مركز جامعة الدول العربية في تونس الشاذلي النفاتي عن حزنه الشديد لرحيل الشاعر محمود درويش، وتوجه للقيادة الفلسطينية والسفير الهرفي وإلى أسرة الشاعر الراحل، وعموم الشعب الفلسطيني بأحر التعازي والمواساة، داعيا الله عز وجل أن يسكن الفقيد فسيح جناته.
معهد العالم العربي في باريس ينعي الراحل
نعى معهد العالم العربي في باريس أمس، الشاعر الكبير محمود درويش، وقال المعهد في بيان: «فلسطين تعيش الحداد، فشاعرها الكبير محمود درويش قد توفي بعيداً عن وطنه الذي كان قد تماهى فيه بحميمية وحرارة لا متناهيتين حتى صار الناطق المؤثّر والرمز الكبير لمقاومة شعب بأكمله».
وأضاف: (كثيرة هي المرات التي استقبله فيها معهد العالم العربي، وكرّمه مؤخراً مسرح «الأوديون»، في باريس وفي كل مكان في العالم كان يُستقبل بحرارة، لم يكفّ خلالها عن أن ينقل عبر قصائده ذات الجمال السامي مشاعره وثورته أمام ضروب المعاناة التي تطبع تاريخ وطنه).
وداع مهيب وحزين لمحمود درويش في عمان
توافد المئات منذ صباح الباكر أمس، إلى مطار ماركا العسكري شرق العاصمة الأردنية عمان، لإلقاء نظرة الوداع على جثمان الشاعر الفلسطيني محمود درويش، بعد وصوله من هيوستن في الولايات المتحدة، حيث توفي مساء السبت الماضي نتيجة مضاعفات عملية جراحية في القلب.
وكان الأمير علي بن الحسين الممثل الشخصي للعاهل الأردني ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون في مقدمة مستقبلي جثمان الشاعر الراحل الذي غطي نعشه بالعلم الفلسطيني. ونقلت طائرة إماراتية خاصة الجثمان من أميركا، ورافقه في رحلة العودة مستشار الرئيس الفلسطيني أكرم هنية ومدير مكتب الرئيس رفيق الحسيني. وفي مراسم استغرقت زهاء الساعة، أدى حرس الشرف التابع للقوات المسلحة الأردنية التحية.
فيما نقل ضباط من جيش التحرير الفلسطيني «قوات بدر» النعش من الطائرة إلى سرادق أقيم في المطار، وسار خلف النعش رئيس الوزراء الفلسطيني ورئيس المجلس الوطني وعضو الكنيست العربي احمد الطيبي وأركان السفارة الفلسطينية بعمان، وألقى المودعون النظرة الأخيرة على الجثمان وسط مشاعر الحزن والتأثر.
وبدا التأثر والحزن الشديدين على الفنان اللبناني مارسيل خليفة الذي أنشد في مراسم الوداع قصيدة «أحن إلى خبز أمي» أحد القصائد الشهيرة لدرويش التي غناها خليفة كما العديد غيرها من أشعار درويش التي نالت شهرة واسعة في العالم العربي:
سلام عليك وانت تعدين نار الصباح
سلام عليك وانت تعدين نار الصباح
سلام عليك سلام عليك
أما آن لي أن أقدم بعض الهدايا إليك
أما آن لي أن أعود إليك؟
ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الشاعر الراحل بأنه «شاعر الأرض والحياة»، وقال في كلمة ألقاها خلال المراسم أن درويش حمل الهوية الوطنية الفلسطينية وعمل على تعزيزها. فيما قال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون ان وثيقة الاستقلال التي كتبها درويش ستبقى أمانة في أعناق الشعب الفلسطيني وقيادته.
وكتب محمود درويش وثيقة الاستقلال الفلسطيني التي أعلنها الزعيم الفلسطيني الراحل في الجزائر عام 1998. وقالت وزيرة الثقافة الأردنية نانسي باكير إن «هذه اللحظة من أصعب اللحظات في حياتي بأن امثل حكومة المملكة في مصاب جلل، أدمى القلوب، وأن أشارك في تشييع جثمان رمز من رموز النضال وأعلام الثقافة، وصوت مدو خاطب ضمائر العالم بقلب مثقل بأحزان فلسطين، وأوصل دمعة القدس إلى كل فضاء ومنبر حر في هذا العالم».
وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه: «هو شعبك اليوم وكل شعوب العرب تؤكد لك، أن مكانة محمود ستبقى في القلب وأن إبداع محمود سيبقى هو النموذج، وأن محمود درويش عنوان فلسطين ورسولها إلى العالم سيبقى محمود درويش، وسوف نواصل معك وباسمك دربنا درب الحرية والاستقلال لوطن الفلسطينيين الذي هو وطن لكل العرب.
ولوح المودعون بأيديهم للمروحية العسكرية الأردنية التي نقلت جثمان درويش إلى رام الله ترافقها مروحية أخرى تحمل بعثة الشرف الأردنية المرافقة للشاعر الراحل وترأسها وزيرة الثقافة نانسي باكير. وكان من بين المشاركين في وداع الشاعر الراحل، أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني بعمان وكبار ضباط جيش التحرير الفلسطيني في الأردن «قوات بدر»، وأعضاء الحكومة الأردنية، ومجلسي النواب والأعيان ومثقفون وأدباء وسفراء عرب وأجانب، كما شارك في الوداع وفود من كل من لبنان وسوريا ومصر والكويت والمغرب وتونس.
يذكر أن الراحل محمود درويش يحظى بمكانة كبيرة في الأردن التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، كما أنه عاش لفترة طويلة في عمان بعد أن عاد من تونس إلى الأراضي الفلسطينية عام 1994.
تعزية
تقدمت اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني، أمس، بأحر التعازي للشعب الفلسطيني وقيادته وللأمة العربية على فقدان الشاعر الكبير محمود درويش. وأشارت اللجنة في بيان تلقت نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، إلى أن رحيل درويش فارس الكلمة الفلسطينية الذي نذر نفسه للقضية المركزية، يترك في الروح العربية مساحة مضاعفة من الألم والخسارة، لأنه كل قصيدة كتبها أو قالها كانت ملجأ آمناً لهذه الروح من عسف الغزاة وجبروت الطغاة. وتابعت، هي خسارة كبيرة لأن الموت استطاع أن يهزم القصيدة المغنية بالحق الذي لن يموت.
عمان ـ لقمان إسكندر والوكالات
السفارة الفلسطينية في ألمانيا تضيق بالمعزين
أقامت السفارة الفلسطينية في برلين، لليوم الثاني على التوالي، مجلس عزاء للشاعر الكبير محمود درويش، وفتحت سجلا للتعازي. وأم السفارة جمع من المواطنين الألمان وأبناء الجاليات العربية والأجنبية المقيمون في ألمانيا، إضافة إلى أبناء الجالية الفلسطينية.
وكان في مقدمة المعزين رئيس دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الألمانية المستشار الأول بوريس روجي، وسفراء عدد من الدول العربية والصديقة من ضمنهم سفير الجمهورية اليمنية وسفير سوريا، وسفير مملكة البحرين. وكان في استقبال الوفود المستشار الثقافي عبدالله حجازي القائم بأعمال سفارة فلسطين.
فلسطينيو الداخل: درويش طالب في «الجدارية» بدفنه حيث ولد
طالب كتاب ومثقفون وأعضاء كنيست عرب، ومؤسسات سياسية وثقافية من عرب 1948 بدفن الشاعر الفلسطيني محمود درويش في مسقط رأسه، قرية البروة القريبة من قرية الجديدة في الجليل الفلسطيني. وحمل المطالبون بتنظيم الجنازة في البروة مقطعا من قصيدة «جدارية» لدرويش، التي يتحدث فيها عن جنازته حيث ولد في قرية الجديدة الجليلية:
فيا مَوْتُ! انتظرني ريثما أُنهي تدابيرَ الجنازة في الربيع الهَشّ، حيث وُلدتُ، حيث سأمنع الخطباء، من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين، وعن صُمُود التينِ والزيتونِ في وجه الزمان وجيشِهِ . سأقول: صُبُّوني بحرف النون، حيث تَعُبُّ روحي سورةُ الرحمن في القرآن. وامشوا صامتين معي على خطوات أَجدادي ووقع الناي في أَزلي.
وقالت شيرين يونس وهي إعلامية من الداخل: «هذه أفضل وصية لدرويش يطالب فيها بدفنه حيث ولد». وأبدت يونس غضبا من إصرار السلطة على دفن درويش في رام الله. وقالت: «ماذا تعني رام الله، أهي عاصمة الفلسطينيين؟». واعتبرت «أن السلطة تكرس مبدأ أن رام الله هي العاصمة وليست القدس».
وترى يونس أن القضية إنسانية بالدرجة الأولى، ودرويش له أسرة صغيرة أصبح من حقه أن يعود إليها بعدما ظل مهجرا عشرات السنين. وتابعت: «القضية خصوصية أيضا، وتخص عرب الداخل ولها دلالات كبيرة.. هذا اللاجئ «درويش» يجب ان يعود الى وطنه». وأعادت الكثير من المواقع الالكترونية في الداخل نشر لقاءات صحافية مع درويش يحكي فيها عن علاقته بحيفا ورام الله.
وأرادت هذه المواقع القول إن رام الله لا تعني شيئا لدرويش. ونشر موقع عرب 48 المعروف، لقاء لدرويش، قال فيه «رام الله بالنسبة لي مكان للزيارة، مكان للمشاركة في صَوْغ الهوية الوطنية، أمّا بالنسبة لي شخصيا فلا معنى خاص لها.. لم أعرفها من قبل وليست لي فيها ذاكرة، وليس لي فيها تاريخ، تعرّفت عليها منذ عشر سنوات فقط، وفي مثل هذا العمر لا أستطيع أن أبدع ذكريات وعلاقات حميمة مع المكان...
لقد عشتُ في حيفا عشر سنوات كاملة، وفي حيفا عرفت كل أنواع التجارب الأولى: تجربة الكتابة، تجربة النشر، تجربة العمل الصحافي، تجربة السجن، الاعتقال المنزلي والإقامة الجبرية.. في حيفا ترعرعت شخصيتي الشعرية والثقافية والسياسيّة، أيضا، وبالتالي أستطيع أن أعتبر أن أكثر مكان موجود في نصّي الشعري وفي تكويني الثقافي هو حيفا، بدون شك. صحيح أنني لم أولد في حيفا، وحيفا ليست مدينتي، لكنها مدينتي بالتبنّي؛ تبنيتُ حيفا مثلما احتضنتني هي كواحد من أبنائها».
ويتضح من عدة نشاطات وبيانات صدرت في الداخل الفلسطيني أنهم غير راضين عن دفن درويش في رام الله. وقالت إحدى منظمي الجنازة وتدعى فداء حمود «مع أنّ القرار الرسمي جاء لترتيب الجنازة في رام الله، إلا أنّ مبادرتنا هذه تأتي لأننا نشعر بأنّ واجبنا الوطني يأخذنا إلى البروة».
وقال الكاتب والمحلل السياسي انطوان شلحت، الذي وقع عريضة مع عشرات الكتاب والأدباء والفنانين في الداخل والعالم العربي: «ان درويش يجب أن يدفن في أرضه الأولى، الجليل، إنها شهدت بداية تكوينه الأول»، وأضاف: «كل أحاديث محمود الصحافية قال فيها إن علاقته بالجليل وحيفا أعمق من علاقته بسائر المدن الأخرى».
وتابع «أيضا هناك معنى رمزي لدفنه بالجليل، انه صاحب حق هنا». ويرى شلحت انه كان على السلطة أن تطالب بدفنه في مسقط رأسه، «فان وافقت إسرائيل وعاد الشاعر إلى أرضه كسبنا المعركة، وان رفضت إسرائيل كسبناها أيضا».
شموع وداع في مصر للشاعر الكبير
أضاء نحو 250 شاعراً وروائياً وفناناً مصرياً شموع وفاء للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش مساء الثلاثاء في ساحة بيت الهراوي وبيت زينت خاتون في القاهرة الإسلامية خلف الأزهر الشريف. وتميز جيل الشباب بين الحضور.
حيث إن غالبية الشعراء الذين حضروا ينتمون إلى جيل الشباب بين شعراء الفصحى والعامية وكان أبرزهم مدير تحرير صحيفة «البديل» اليسارية الشاعر ياسر الزيات والشاعر ياسر عبداللطيف والشاعرة السورية لينا الطيبي وعدد كبير من المثقفين المصريين. وتوقفوا جميعاً أمام صورة ضخمة للشاعر الراحل علقت على مدخل بيت الهراوي بارتفاع تجاوز الخمسة أمتار.
الشعر العربي يدين ل«منتصب القامة»
يعتبر الراحل محمود درويش، (13 مارس1941- 9 أغسطس 2008) أحد أهم الشعراء الفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن، بل أنه أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه.
درويش واحد من مجموعة من الشعراء والنقاد الفلسطينيين الذين أثروا الحضارة الفلسطينية والعالمية والعربية، وليست الفلسطينية فحسب، خاصة وأن في شعره يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى، فقد قام بكتابة إعلان الاستقلال الفلسطيني الذي تم إعلانه في الجزائر.
ولد درويش عام 1941 في قرية البروة، وهي قرية فلسطينية تقع في الجليل قرب ساحل عكا، حيث كانت أسرته تملك أرضا هناك، وخرجت الأسرة برفقة اللاجئين الفلسطينيين في العام 1947 إلى لبنان، ثم عادت بشكل متخفي العام 1949، لتجد القرية وقد صارت قرية زراعية إسرائيلية محلها تحمل اسم «أحي هود»، وبعد إنهائه تعليمه الثانوي في مدرسة يني الثانوية في كفرياسيف كانت حياته عبارة عن كتابة للشعر والمقالات في صحافة الحزب الشيوعي الإسرائيلي، مثل الإتحاد والجديد والذي أصبح فيما بعد مشرفاً على تحريرها، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر.
اعتقل من قبل السلطات الإسرائيلية مراراً بدءاً من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام 1972،وانتقل بعد ذلك لاجئاً إلى القاهرة ، حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية. شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحافيين الفلسطينيين، وحرر مجلة الكرمل، وكانت إقامته في باريس قبل عودته إلى وطنه حيث أنه دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه، وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحاً بالسماح له بالبقاء وقد سمح له بذلك.
وحصل الراحل على العديد من الجوائز منها:
- جائزة لوتس عام 1969.
- جائزة البحر المتوسط عام 1980.
- درع الثورة الفلسطينية عام 1981.
- لوحة أوروبا للشعر عام 1981.
- جائزة ابن سينا في روسيا عام 1982.
- جائزة لينين في الإتحاد السوفييتي عام 1983.
- الصنف الأول من وسام الاستحقاق تونس 1993.
- الوسام الثقافي للسابع من نوفمبر 2007 تونس.
- جائزة الأمير كلاوس الهولندية عام 2004.
- جائزة القاهرة للشعر العربي عام 2007.
ويعد شاعر المقاومة الفلسطينية ومر شعره بعدة مراحل ومن بعض قصائده ومؤلفاته:
- عصافير بلا أجنحة (شعر) - 0691.
- أوراق الزيتون (شعر).
- عاشق من فلسطين (شعر)
- آخر الليل (شعر).
- مطر ناعم في خريف بعيد (شعر).
- يوميات الحزن العادي (خواطر وقصص).
- يوميات جرح فلسطيني (شعر).
- حبيبتي تنهض من نومها (شعر).
- محاولة رقم 7 (شعر).
- أحبك أو لا أحبك (شعر).
- مديح الظل العالي (شعر).
- هي أغنية ... هي أغنية (شعر).
- لا تعتذر عما فعلت (شعر).
- عرائس.
- العصافير تموت في الجليل
- تلك صوتها وهذا انتحار العاشق.
- حصار لمدائح البحر (شعر).
- شيء عن الوطن (شعر).
- ذاكرة للنسيان.
- وداعاً أيها الحرب وداعا أيها السلم (مقالات).
- كزهر اللوز أو أبعد.
- في حضرة الغياب (نص) - 6002.
- لماذا تركت الحصان وحيداً.
- بطاقة هوية (شعر).
- أثر الفراشة (شعر) - 8002.
- أنت منذ الآن غيرك (17 يونيو 2008، وانتقد فيها التقاتل الداخلي الفلسطيني).
لقطات
اللحظة التي هبطت فيها الطائرة الأردنية التي تحمل على متنها جثمان الراحل الكبير محمود درويش على أرض المقاطعة في مدينة رام الله، ضربت ارض الجليل عند الساعة العاشرة صباحا هزة أرضية خفيفة..هل أعلنت حزنها على شاعر أبدع في إعادة صياغة الجليل بمفردات سحرية.
مستعينةً بعكازها الخشبي، سارت الحاجة فردوس الداجي (79 عاماً) من مدينة الرملة خلف نعش الفقيد.وبعينين يملؤهما الدمع قالت «مخطئ من يظن أن اللغة العربية ستموت، فكيف بمن أحيا شعره الآلاف من أشباه الأموات».
الدموع والملابس السوداء وأعلام فلسطين، غطت شارع رام الله الرئيس وصولا إلى مشارف قصر رام الله الثقافي(قصر محمود درويش الثقافي)، حيث أصرت الآلاف من الجموع البشرية على المشاركة في وداع شاعر فلسطين وثورتها إلى رحلته الأخيرة ومثواه الأخير.
بروكسل تطلق اسم درويش على موسمها الثقافي
قررت مدينة بروكسل تكريم الشاعر الكبير الراحل محمود درويش وإطلاق اسمه على الموسم الثقافي للمدينة للعام 2008. وقال بيان صادر عن سلطات المدينة: «إن هذا القرار يعكس التقدير الكبير الذي يكنّه سكان مدينة بروكسل للشاعر الفلسطيني الراحل ولدوره على صعيد التعريف بالثقافة الفلسطينية وبعدها الإنساني».
وأشار البيان إلى أنه «سيتم تقديم العديد من المدارات الثقافية واللقاءات والعروض وإلقاء العديد من المحاضرات التي تتمحور حول أعمال محمود درويش ومساهمته في إثراء الفكر الإنساني وذلك في عدة مدن بلجيكية خلال الخريف المقبل وتحت عنوان (مسارات فلسطينية). من ناحية أخرى تلقت سفارة فلسطين في أثينا أمس برقيات تعزية من الأحزاب السياسية اليونانية بوفاة الشاعر الكبير محمود درويش.
وجاء في برقية رئيس حزب الباسوك ورئيس الاشتراكية الدولية جورج باباندريو: «انني اعبر لكم وللشعب الفلسطيني عن حزني الشديد برحيل شاعركم الكبير محمود درويش. كان درويش من أهم الشعراء العرب وتحول إلى رمز لنضال الشعب الفلسطيني بأشعاره الرائعة عن الإنسان والحرية والحياة. وقد اثبت درويش أن الشعر لا يغير الإنسان فقط بل يغير نظرة الإنسان للتاريخ».
وجاء في برقية الحزب الشيوعي اليوناني: «تتقدم إليكم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني بالتعازي الحارة لفقدان شاعركم الوطني محمود درويش الذي كرس شعره وحياته من اجل خدمة فلسطين وقضيتها وشعبها. إن التراث الذي تركه درويش سيكون حافزا لشعب فلسطين وكل الشعوب من اجل استمرار نضالاتها العادلة في سبيل الحرية والاستقلال والسلام والعدالة الاجتماعية».
أيضا تلقت السلطة الفلسطينية برقية تعزية برحيل الشاعر الكبير محمود درويش من وزارة الخارجية البريطانية. وقالت الوزيرة في وزارة الشؤون الخارجية ميغ مان، نيابة عن وزير الخارجية البريطاني وحكومة الملكة، بالبرقية: «لقد أحزننا سماع نبأ وفاة الشاعر الكبير محمود درويش الذي سيفتقده الشعب الفلسطيني بأسره، أنا أعلم أن قلوبكم يعتصرها الألم والحزن اليوم بعد وفاة الشاعر الكبير بالضبط كما كانت قلوبكم مفعمة بالأمل والتفاؤل لدى سماع شعره».
شاعر فذ
عبر وزير المجاهدين الجزائري محمد الشريف عباس، أمس عن اعتزازه بتاريخ وإرث الشاعر الراحل الكبير محمود درويش. وقال الوزير الجزائري في برقية بعثها لسفارة فلسطين في الجزائر:« لقد كان فقيدنا الشاعر الفذ محمود درويش رمزا لجيل كامل من الوطنيين في فلسطين والعالم العربي، مناضلا من أجل الحرية والاستقلال، جسد في قصائده التي تغنى فيها بأرض فلسطين وبشموخ الإنسان في ربوعها الغالية، معاناة هذا الجيل في العالم العربي في سبيل الانعتاق والتحرر».
وأضاف: «وبقدر ما كان شعره خلاصة لمعاناة الإنسان الفلسطيني الساعي للحرية والاستقلال، فإنه كان تجسيدا لهوية فلسطين معبرا عن تعلقه بأرضه وصلابة إنسانها». كما تلقت سفارة فلسطين في الجزائر برقية تعزية من الحاج محمد بوطالب رئيس مؤسسة الأمير عبد القادر في الجزائر.
(وكالات)
نحن ودرويش والتعايش.. رؤية إسرائيلية لرحيله
مع موت الشاعر الفلسطيني محمود درويش فتحت ينابيع جوفية كثيرة لعدد من أساطين الثقافة في إسرائيل. وهؤلاء رثوه وسيرثونه بعد مع خروج ملحق السبت الذي سيخصص لذكره. كان محمود درويش شاعراً جيداً. تثير بعض أشعاره فيّ القشعريرة. ربما لو كنت في وقت آخر وواقع آخر لكنت أعجبت بشعره كثيراً أيضاً. لكن محمود درويش كان عدواً ألد أيضاً.
برهن شعره ألف مرة على ما نعرفه ههنا منذ وقت لكنه لم يتغلغل إلى وعي الإسرائيليين. وهو أن النزاع بيننا وبين عرب المنطقة على اختلافهم هو نزاع بين أسطورتين، ولن تعقد أي محادثات سلام عقلانية الجسور فوق الهوة العميقة بين الشعبين. هذا هو أيضاً سبب هوة الكراهية والاشمئزاز العميقة بين اليسار الإسرائيلي وسائر مواطني إسرائيل. فقد أصبح اليسار الذي يحتضن أشعار درويش ويراه حقيقة أصيلة في مقابلة الأدب العبري «المنقطع» عن الواقع، منذ وقت يميناً فلسطينياً ـ يهودياً.
ومع ذلك، وبخلاف الضجة التي ثارت مع اقتراح يوسي سريد عندما كان وزيراً للتربية إدخال شيء من شعر درويش في الخطة الدراسية، ينبغي لكل إسرائيلي أن يعرف درويشاً. ربما لو أدركنا فقط عمق الهوة بيننا، لاستطعنا أن نعود ونتحدث بلغة الأساطير القديمة لهذه الأرض، التي سكنها آباؤنا اليهود وأحبوها، وتمرغوا في ترابها، وطردوا منها وعادوا إليها، وعادوا إليها مرة أخرى وطردوا منها، وفي خلال ذلك أقاموا فيها هيكلاً ومملكة ومنحوا العالم سفر الأسفار، ولم يكفوا عن الشوق إليها في شتاتهم، إلى أن عادوا إليها، إلى أرض خراب انتظرت بنيها سنين طوالاً.
ومثل أم حفظت حليبها من أجل ابنها فقط بدأت هذه الأرض تزهر ليهودها العائدين، وجميع المحاولات لإنشاء تاريخ بديل ههنا ولتصويرنا كمهاجرين هي ثمرة تركة مثقفين مثل درويش. في قصيدة «زمن حصار» التي كتبها درويش زمن حصار عرفات في رام الله في فترة العمليات الكبيرة، عندما فجر شبان فلسطين أنفسهم في حافلات إسرائيلية أو في صفوف النوادي بل في مراكز شراء يقول درويش ما معناه: «ان الشهيد يبين لي انني لم أبحث وراء الأفق عن عذارى الخلود.
لقد أحببت حياتي على الأرض بين الصنوبر والتين لكن الطريق إلى حياتي كانت مسدودة وبحثت عنها بالشيء الوحيد الذي كنت أملكه وهو الدم في جسم اللازورد». يرى درويش أن «الفدائيين المسلمين فعلوا ذلك يائسين لأن طريق حياتهم كانت مسدودة».
هذه هي الرواية الواهنة لكثرة استعمالها التي يسوقها اليسار المتطرف هنا في إسرائيل وفي العالم كله. فالفلسطينيون هم يسوع أيامنا، الضحية الخالدة. هكذا أرادوا أن نعتقد فيهم. يجعل درويش بشعره القتل المتعمد لمواطنين أبرياء مسألة جمالية وبحثاً عن «الدم في جسم اللازورد». أتقل هذه الكلمات فتكاً عن خطبة واعظ قوماني في مسجد فلسطيني؟
بقلم: درور ايدار: (إسرائيل اليوم)