محمد النبهان
قبل يومين فقط، صباح رحيل درويش في التاسع من آب/أغسطس، كنت والزميلة الشاعرة سعدية مفرح نتحدث عن فكرة الأجيال، وأتذكر أنني قلت إن محمود درويش مثلا منذ الستينات كان شاعرا متجاوزا لفكرة الأجيال، التي أراها لا تنطبق على الشعر الحقيقي، فالشاعر الحقيقي فقط، هو الذي يعبر من جيل إلى جيل بكل هذه السلاسة والدهشة، فهو الستيني في الستينيات، والسبعيني في السبعينيات.. والألفيني في الألفين، وفوق ذلك هو الذي لا يحده الزمن، ولا يركن إلى هذا التقسيم المناقض لروح وجوهر الشعر.
إذا؛ غاب درويش المتجاوز دائما، والصاعد إلى قصيدة تتطور معه، غاب جسدا بعد أكثر من محاولة موت لم يتحقق منذ أكثر من خمس وعشرين سنة.. هي أكثر من نصف عمر درويش الشعري في محاكاة للموت بشكل أو بآخر، ولو انتبهنا إلى الإحالات والمجازات لاعتبرناه كله «خطوة في الأرض طائشة، وأخرى في السحب» كما قال في بواكير نصوصه الأولى.
لكن قلب درويش لم يتوقف إلا الآن، ربما هي الفرصة القدرية أن يكتب في الثمانينيات «ذاكرة النسيان» ويختار جنازته التي تأخرت أكثر من خمس وعشرين سنة، أو أن يكتب «جداريته» النادرة، مرورا بنصوص كثيرة وحالات موت مؤجلة، ليجلس أخيرا في المقهى مع الجريدة كأنه في الغيب يرى ما يراه الميتون.. وقد تجاوز الموت أيضا فلم يبق ما يقوله الموت له «في حضرة الغياب».. ألم تقل يا درويش «إحدى صفات الغيب تلك/ترى ولكن لا ترى»؟ ما الذي تراه الآن في هذا البياض الكامل وقد تحقق؟ كم من التعليقات الساخرة تسمع الآن؟
إذا، فاستمع كما قلت «إلى ما هو أقسى عندما تتحرر المخيلة من كل شيء»، واستمع إلى محبيك وهم يتلون شهاداتهم، وارفع قليلا غطاء التابوت، وعد أخضر كقصيدتك الخضراء:
حقول تستعيد تاريخ الماء
الناقد السعودي د. سعد البازعي:
قد نفزع للعزاء كما فزع المتنبي بآماله إلى الكذب، أو نتخيل، كما تخيل المتنبي أيضاً، أن الموت هو ثالث الحالين «سوى معنى انتباهك والمنام»، الحال التي يبقى فيها المبدع عصياً على الفناء. حين نفعل ذلك سنختلف مع درويش نفسه حين رأى الموت مناماً في وداع الشهداء «حين يذهب الشهداء إلى النوم»، لنصل إلى تصور أكثر تآلفاً مع ما يحدث وأكثر تجاوزاً لما يحدث في الآن نفسه، تصور يتوقف فيه النبع عن الجريان لكن لتطل الحقول برأسها مزهرة بماء الذاكرة، بالجريان الذي صار قمحاً يتكرر كل عام.
والقمح واضح هنا في استعادتنا للمتنبي، الشاعر الذي قارنه البعض بدرويش، مقارنة مشروعة من وجهتين كبيرتين: التأثير الهائل في المتلقين من القراء على اختلافهم وفيهم الشعراء وغير الشعراء، والأثر الهائل أيضاً في اللغة التي زرع درويش في ذاكرتها كماً خرافياً من الصور والألوان لم تعد اللغة بعده هي اللغة. وهذا كله قمح الحقول التي تستعيد تاريخ الماء.
تحضرني الآن صورة صاغها الإنجليزي كيتس في «قصيدة على آنية فخار إغريقية»: «جميلة هي النغمات المسموعة/ لكن غير المسموعة أجمل». وغير المسموعة ليست سوى قمح الحقول، ترددات القصائد في القصائد، انبعاثات اللغة في لغات أخرى، ما يتركه الشاعر في موروث الشعر. ذلك أنه حين يموت الشاعر فإنه ينتقل من حضن الحياة إلى رحم اللغة ليولد من جديد في نصوص لا نهاية لها. لكن في حالة شاعر كبير مثل درويش تم هذا الانتقال منذ عقود، في مرحلة أعتقد أنها مرحلة النضج في تطور الشاعر، وأكاد أحدد تلك المرحلة بتحول درويش من شاعر النضال الفلسطيني إلى شاعر النضال الإنساني، من «سجّ.ل أنا عربي» إلى سجّ.ل أنا إنسان التي لم يخب فيها ضوء فلسطين وإنما تحول إلى ضوء للمأساة البشرية كلها. كما أحدده بما صاحب ذلك الانتقال من ثورات في الشكل واللغة جعلت درويش قوة هائلة في الشعر العربي والعالمي المعاصر.
كل قصيدة سماء
الشاعر الأردني - الفلسطيني إبراهيم نصرالله:
كيف يمكن أن نرتجل كلاما في مثل هذا الموت؟ وأمام هذا الموت الذي يهزمنا مرة أخرى، بإصابة مباشرة وفي القلب تماما. كما لو أننا نعاني من قلة الأعداء، وقلة القتلة؟!
لسبب ما غامض، أصابني إحساس غريب، بأنه سينهض من موته ليقرأ مراثينا له.. ولكنه لم يفعل.
رحيل محمود درويش، فصل كبير من فصول هذه التراجيديا الفلسطينية أو «الملهاة»، التي لا يصل فيها الحبيب إلى الحبيب، كما قال ذات يوم، إلا شريدا أو شهيدا.
رحيله، كما رحيل أي فنان أو كاتب كبير، يترك مساحة هائلة من الروح الفلسطينية والعربية عارية، فكل قصيدة هي سماء ملجأ لهذه الروح؛ ولذا، نحن اليوم نرزح تحت ثقل خسارة كبرى بهذا الرحيل القاسي، خسارة افتقادنا لمبدع كبير سنفتقد قصائده الجديدة التي هي رفيقة الطريق ورفيقة الحلم لشعب يستحق أن يحيا حياته حرا فوق الأرض لا تحت التراب.
مرة أخرى يهزمنا الموت بكل هذه القسوة، لأنه الأكثر معرفة بأننا كنا دائما عشاق حياة.
نحن لا نموت من الموت بل من الحياة
الناقد العراقي د. حاتم الصكر:
هكذا أتخيل ميتة محمود درويش أو حياته الأخرى أو الفصل الآتي من حياته فهو عاشق للحياة، مهما تردد الموت مفردة ودلالة في أشعاره، ومهما تكوّن وعيه في التدرجات المتصاعدة للموت والتنويعات المختلفة لظهوره وتوزعه في صور عنيفة، لعل أشدها أثرا تجربته الذاتية في قصيدته الطويلة «جدارية» التي صبغها بالبياض الرامز للعدم والذي رآه يحيط بكل شيء حوله وهو يعيش عملية القلب المفتوح الأولى قبل أعوام.
بل هكذا كانت ميتات أبطاله أيضا في فلسطين ولبنان وأصدقائه الذين رثاهم كثيرا، إنهم جميعا مثله يموتون من الحياة نفسها أي ينسلّون منها إلى الغياب لا من صفرة الموت والرعب الذي يلقيه ظله القاسي على الأجساد والعقول والأفئدة.
لذا لم يكن غريبا أن يصنع قصة موت مجازية ويراقب هبوطه في الغيبوبة وإفاقته وهو حي في «جداريته» التي داعب فيها موته وواجهه وناجاه وسأله واستوقفه، بل ليس غريبا أن تكون قصيدته الأخيرة «لاعب النرد» وجها آخر للمواجهة بينه وبين موته الجسدي وهكذا فعل المغني في «قصيدة الأرض» فقد ظل يغني في ليالي القرى بينما كانت الرصاصات تتبعه وترديه قتيلا تصعد منه الظلال في شهر آذار كما تطلع النبتة والوردة بعد شتاء مميت، ولقد كان درويش يستصرخ قلبه كي لا يخذله كما يرنو إلى وطنه ويسأله ألا يتوقف عن المقاومة ويسأل الحرية أن تقترب وتكون بيننا والحبيبة والقصيدة..
يمر الزمان بنا أو نمر به
كضيوف على حنطة الله
في حاضر سابق، حاضر لاحق
هكذا نحن في حاجة للخرافة
كي نتحمل عبء المسافة ما بين بين...
مثل ضيف يعلم أنه مغادر يعيش الإنسان حياته لكنه متكيفا لرغبته في الحياة ومتحديا موته يعيشها ساكنا أبديا ولا يذهب عنها إلا ظلا خفيفا كما فعل درويش الذي ستظل أسطورته خالدة خلود الملاحم العظيمة في تاريخ البشرية وستظل أشعاره عونا للإنسان الذي تضيق عليه حياته ويشتد حصاره لكنه لا يستسلم.
أركانة الشعر التي لن تموت
الشاعر المغربي ياسين عدنان:
وأخيراً عادت جائزة «الأركانة» لمحمود درويش. هنيئا لها إذن. هنيئا لهذه الشجرة النادرة التي لا تنبت إلا في المغرب بطائر حُر اسمه محمود درويش. فدرويش من طينة المبدعين الذين تُهنَّأ بهم الجوائز قبل أن يهنّؤوا عليها.
والمؤكد أن الكثيرين كانوا بانتظار محمود درويش في مسرح محمد الخامس بالرباط يوم 24 أكتوبر القادم حيث كان من المفترض أن تجري وقائع حفل تسليم درع الأركانة للشاعر الكبير، وحيث كان من المتوقع أيضاً أن يعانق صاحب «سرير الغريبة» جمهوراً صديقاً جمعته به ألفة خاصة.
ففي مسرح محمد الخامس قرأ درويش لشباب اليسار الجديد الذي لم يكن يرضى عن الثورة الوطنية الديموقراطية بديلاً. ثم قرأ أمام أبنائهم وقد كبروا وصاروا طلبة في معاهد المسرح والسينما والتشكيل وكليات الطب والصيدلة، وأمام الآباء أيضاً وقد صاروا يجلسون أمامه مباشرة في الصفوف الأولى بربطات عنق وبذل تليق بمسؤولياتهم الجديدة. الصداقة ضاربة في العمق إذن وكل طرف ظل يراقب تحوُّلات الآخر. ومسرح العاصمة العريق كان يتحفز لاستعادة عنفوانه بضمّ.ه الوجوه القديمة نفسها إلى أخرى جديدة مادام الضيف المنتظر هو درويش.
في بداية التسعينات، وبعد يوم نضالي ساخن، أوقفنا معركتنا داخل كلية العلوم بجامعة محمد الخامس بالرباط، ثم خرجنا في ما يشبه المظاهرة مشياً على الأقدام باتجاه المسرح. كان درويش سيقرأ تلك الليلة. واعتبرنا حضور أمسيته ومُقاطعَته من حين إلى آخر بالشعارات تتويجاً مستحقاً ليومنا النضالي الحافل. لكننا وجدنا الباب شبه مغلق. أخبرَنا الحراس أن الدخول بالدعوات ثم إن قاعة مسرح محمد الخامس مكتظة عن آخرها. أُسقط في يد الرفاق. الشرطة تطوّق المكان. ونحن منهكون بسبب معركة كلية العلوم وقطع كل هذه المسافة سيراً على الأقدام. الرفاق حائرون. بدأنا نقلب الأمر على كافة أوجُهه. في تلك اللحظة ظهر درويش. كان قادماً للتوّ من فندق حسان القريب محفوفاً بشخصيات ثقافية وسياسية بارزة. حينها صرخ في وجهه أحد الرفاق: «نحن ممنوعون من الدخول يا درويش، لكننا سنحضر أمسيتك غصباً عن الجميع». فغمغم الشاعر الراحل مرتبكاً: «من حقكم الدخول. لكن باللين وبدون فوضى». أجابه رفيقنا الغاضب: «بل غصْباً وفوضى ورغم أنف الجميع. ألستَ القائل: حريتي فوضاي؟» هنا نظر إليه درويش بارتباكٍ داراهُ بابتسامة متضامنة وانسلَّ إلى الداخل. بدأ بعض الرفاق يرددون الشعارات في الخلف. ثم اشتدت حرارة المشهد. رجال الشرطة يتأهبون. نحن نسينا الشعر وانخرطنا في ترديد الشعارات مفكرين في مواجهة البوليس. في تلك اللحظة، جاء موظف ثخين يركض نحونا. صرخ في وجه الحراس: «افتحوا الأبواب فوراً ليدخل الجميع». فدخلنا وطبعاً أغْنَينا الأمسية بما جادت به القريحة من شعارات غاضبة. غضبٌ يدي. غضبٌ فمي. ودماء أوردتي عصيرٌ من غضب.
عزيزي محمود درويش، كنتُ سأحضر أمسية 24 أكتوبر. كنت سأصغي إلى قصيدتك الجديدة كالعادة بحبّ وتعلم وتقدير. كنت سأحتمي بشعرك من شعاراتٍ كثيراً ما خذلتنا وهي تبدّ.ل جلدها في منتصف الطريق. لكنك لن تأتي إلى الرباط. لن تقرأ قصيدتك. ولهذا السبب بالضبط، كل شجر الأركان في المغرب يبدو حزيناً. أهو الحدادُ إذن؟. أيها الشاعر الكبير، الأركانة على الأقل استحقتك. وتستحق أن نهنئها بك. فقد نجحتْ فيما فشلت فيه نوبل. ثم إنك أيها الشاعر كنت على الدوام أكبر من كلّ الجوائز، أعلى هامة وأكثر سموقاً.
خسارة سماء سقطت
الشاعر الأردني موسى حوامدة:
حزينة عمان هذا المساء، حزينة رام الله والبروة والجديدة وحيفا وفلسطين هي الأكثر حزنا لانها ستنام لأول مرة من دون عريسها الفتى والوسيم ومن دون شاعرها الاجمل.
حزينة عمان لانها ستنام أيضا بلا رائحة درويش وقد اختارها سكنا ومنزلا وحمل جواز سفرها مؤكدا ما كان يقوله دائما إن الأردن وفلسطين رئة واحدة أو شقان لذات الرئة وقلب واحد وشعب واحد وقد صدقت نبوءته فنحن الأكثر حزنا وبكاء عليه وخسارة له.
نحن يتامى اليوم بعد رحيلك يا محمود فقد كنت الجدار الذي نستند إليه والأخ الاكبر الذي نطاول به عنان السماء والمعلم الذي مهد لنا طريق الشعر وحب فلسطين وعشقها.
لك الخلود أيها الشاعر فالشعر بعدك حزين يلبس ثياب الحداد، ويقيم في دمعة العمر الطازجة، ويستقر في قلب المراثي.
لكم كنا عاجزين عن حبك كما يليق بالنجوم، لكم نحن ضعفاء ومتردين أمام خسارتك الكبرى، خسارة سماء سقطت في قلب الحقيقة القاسية.
لكم نحن عاجزن عن قول الحقيقة، لكم قهرنا الموت برحيلك، لكم حطم فينا الكثير، لكننا مؤمنون أنك لم تمت، بل رحلت من بيت الحجر إلى بيت الخلود.
نحن عشاقك يا محمود
نحبك حياً وخالدا
نحبك كما أحببناك صغارا واطفالا وشبابا ونحبك حتى نموت ونحن نردد قصائدك ونسمع صوتك الجميل الجميل.
رأى الموت ليعرف حقيقته
الشاعر الكويتي دخيل الخليفة:
محمود درويش مات جسدا، لكن روحه هزمت الموت مبكرا، هزمت الموت لأنها روح فلسطينية أولا، تؤمن بأن الموت حياة أبدية، ولأنها روح شاعرة ثانيا. درويش لم يمت ، أليس هو القائل: «هزمتك يا موت الفنون جميعها؟».
أنا حزين جدا، حزين لأن قامة الشعر هوت، لكن «مجنون التراب» حي في ضمير الشعر، في حجارة كل فلسطيني كان يرى درويش صوته الذي يصدح في أرجاء العالم.
درويش موهبة استثنائية، بقي شعره يحتاج إلى رؤى نقدية جديدة لإعادة تقييمه فنيا، إنه رجل حول القصيدة إلى راقصة باليه تسحر من يضع عينيه على جسدها.. قصيدة درويش قاومت المحتل في ما تحمله من تراث إنساني استمده من أرض كنعان، ومن لغة فاتنة لا تخص أحدا سواه، لغة أصبحت نهرا ينهل منه الشعراء في زمان ومكان امتلكهما درويش وأنتج قصيدة عن الوجود /الجرح الفلسطيني.
قصيدة درويش هوية إنسانية بامتياز، يتجسد فيها المقدس الفلسطيني، إنه شاعر يختزن التاريخ في مفردات اللغة التي ينحتها بإزميل فنان مدهش، وفق نوستالجيا من نوع خاص تواكب حركة الحياة المتغيرة.
رحم الله محمود درويش، الشاعر الذي كنا نلاحقه من مكان إلى آخر لنتعلم منه كيف يكتب النص المغاير.. ولعله الآن رأى الموت ليعرف حقيقته.
يهيئ حقيبته لرحلة أخرى
الروائي والشاعر البحريني أمين صالح:
هل استقر أخيراً محمود درويش، الشاعر الذي كلما آخى عاصمة رمته بالحقائب؟
وهل الموت مقرّ يستقر فيه المرء؟ هل الموت وطن؟
سنوات طويلة وهذا الشاعر الكوني يعاشر السفر، زاده ريح ورغيف، دليله قصيدة لا نهاية لها.. باحثاً عن بيت يشبه بيته المحتل، وعن وطن لا يشبهه وطن.
أخيراً ذهب محمود درويش.. وحيداً مرة أخرى، مبتسماً ووسيما كعادته، تاركاً لنا عبء كتابة حزننا على الفقد.
لكن أياً يكن حجم الفقد، لا ينبغي أن نرثيه. بل ينبغي أن نقنع أنفسنا بأنه لا يزال بيننا.. يهيئ حقيبته لرحلة أخرى نحو قصيدة جديدة.
الطيران إلى السماء السابعة!!
الروائي الكويتي ناصر الظفيري:
كنت جالسا في كافتيريا قسم الأدب الانكليزي بجامعة كارلتون قبل سنوات حين دخلت طالبة ماجستير كندية تبحث عني. أشار زميل نحوي، تقدمت وفاجأتني بسؤال مباغت «من هو محمود درويش؟» وكأنها تسألني «من أنت؟ ما تاريخك؟ ما ارثك الشعري؟» هذا الكم من الأسئلة بحاجة الى أكثر من أن تحدث فتاة واقفة بكلمات «عابرة» عن شاعر بحجم درويش. قلت لها إن كان سؤالا عن معرفتي به فلم أره سوى مرة واحدة يلقي شعره في الكويت. ولكنني قرأت كل ما كتب شعرا ونثرا. وان كان سؤالا نقديا فذلك يحتاج الى وقت لا يملكه أي منا. قالت وكأنها تخاطب شخصا من امة لم تكتب الشعر في تاريخها أبدا. «لم أكن أعلم أن في أمتكم شاعر جميل كدرويش!». لم أرد على الفتاة. ولكنني نصحتها إذا كانت تريد أن تفهم عالم درويش بنظرة غربية فيجب أن تقرأ ادوارد سعيد في «الثقافة والامبريالية» وهومي بابا في «موقع الثقافة».
لا أعتقد أننا اختلفنا في نقاشاتنا عن شاعر عربي كاختلافنا حول درويش ولم نتفق على ابداع شاعر كاتفاقنا على شاعرية درويش. الهفوة الكبرى للراحل أنه اقتحم عالم السياسة وأراد أن يمزج بين الابداع والايديولوجيا والذي يحسب له أنه رغم تذبذبه السياسي حافظ على صعود ابداعي لا يشاركه فيه أحد. فلا أتذكر أنني قرأت قصيدة لدرويش أضعف من التي سبقتها. أما ميزته الأخرى فهو عدم خضوعه لما يطلبه الجمهور. فبعد رائعته «أحمد الزعتر»، أخذ الجمهور يسأله أن يقرأها في أمسية لاحقة ولكنه أصر أن يقرأ «سرحان لا يشرب القهوة في الكافتيريا».
رغم عتبنا الكويتي الكبير على شاعر كبير كدرويش في مراحل سابقة، سنتجاهل ما هو سياسي ونحتضن ما هو شعري. سنحتفظ بما قدمت للشعر ونقله من الرتم التقليدي الثقيل الى السهل الجميل. سنحتفظ باغانيك ومراثيك، بملهاتك ومأساتك، بحزن النرجس وابتسام اللوز. وسنغفر لك تحت وطأة الحب كل اخفاقات السياسة.
سيبقى محمود درويش مثيرا لجدلين: جدل الشعري وجدل السياسي. وسنترك للسياسيين ما هو سياسي لا يعنينا وسنظل نناقش أشعاره زمنا طويلا. والحقيقة أن درويش الشاعر سيكون محورا رئيسا فى النقد الأجنبي والعربي الجديد خصوصا عند تطبيق ما بعد الكونيالي الذي شق طريقه نقاد كبار كسعيد وفانون وبابا وسبيفاك كان درويش مادة لهم وسيكون كذلك للدارسين والباحثين الجدد.
ختاما وداعا أيها الشاعر وأنت تسير نحو موتك بثقة العارف بخصمك الذي مجدته شعرا حين كسبت منه جولة وعليه أن يمجدك حين كسب جولته. الآن تعرف «أين يطير الطائر بعد السماء السابعة!!!»
مثل شهاب يخترق الظلمة
الشاعر البحريني أحمد العجمي:
الموت، نعم الموت! هذا المتربص الذي يكمن في كل شيء، في الجسد، في الكلام، في زجاج الزمن، في الروح وظلالها، وفي صمت الغيوم، وفي ألوان الفراشة!
وعلى دوائر نظرات وزفير الموت المتعدد الصور والمراوغات يتحرك الشاعر في محاورة الحياة العميقة، متحولاً إلى الضوء الروحي، إلى ينبوع الكشف للذي لا يرى عند مستوى الزمن وجريانه!
والشاعر كائن مفرط في استهلاك روحه وطاقته، في الاحتراق المستمر لأحاسيسه ورؤاه، حيث لا يتوقف عن تكثيف حياته وأحلامه وضغطها فيه، لتنفجر وتتشظى في كل هواء ووقت!
وربما هذا الإفراط الشديد في الاحتراق الذاتي، وفي عدم التوقف عن التفتيش عن الحب والحرية والأمل، ومحاولة إشعال كل أيقونات الحياة هو ما يجعله طريدة مصطفاة للموت، وعرضة لانقضاضاته المتواصلة.
الشعراء بعمر الفراشات!
وما الشعر العميق إلا فضح لصيغ الموت وتماهياته، وانتصار عليه أيضاً، وهذا ما أنجزه الشاعر محمود درويش، في ملاحقته للموت الذي يتسلل في الروح، الموت الذي يفكك الأحلام. فهو شاعر قاوم بشعره أشد طقوس الموت؛ من قتل، وإبادة، وتشريد، ونفي، وتجويع، وتنكيل، واعتقال، وتصفية، ومصادرة، وتجريف، وطمس للهوية والثقافة!
لقد قاوم موت الشعر!
ولعل هذا الانحياز لشعر محمود درويش صوب الحياة الحرة وصوب الضوء والجمال، هو ما أغاض الموت دائما وسرّع بانقضاضه على جسده الهش، ليوقف دقات قلبه إلى الأبد!
نعم أنت أيها الموت الذي لا فرار من قسوتك، وخاصة في لحظة المباغتة، انتصرت أخيراً على جسد الشاعر، بعد أكثر من محاولة، ولكنك كنت دائماّ مهزوماً، ومفضوحاً بكشفه ورؤاه الشعرية.
لقد سقط جسد الشاعر على الأرض، لينشر الحزن في قلوبنا، وفي المياه، ولكننا نعلم، كما تعلم الطيور، وشجر الزيتون، بأن صوته الذي يمجد الحياة، سيبقى مدوياً فوق قمم الزمن يعلن انتصارات الروح، وخلود الشعر.
كلمات عن الموت المفاجئ
الباحث والكاتب الكويتي عقيل عيدان:
بين حين وآخر يباغتنا الموت، فيخطف واحداً من أفضلنا.
الموت برصاص إرهابيين تقودهم قوى تسعى للعودة بنا إلى الأصولية المظلمة.
الموت قهراً بسبب الحصار والتضييق حتى يتفطَّر القلب وينفجر.
الموت الخفي الذي يتسلَّل حتى يتملَّك كل الدماغ والخلايا.
الموت الذي يُعشش في حياتنا ونفوسنا وهمّنا.
..........
ركود الزمن.. موت
انحسار القضية/الهم العام من العقول والاهتمامات.. موت
مسايرة الهمجية والفظاظة والتفاهة والغباء.. موت
وكان محمود درويش يقف عنيداً ضد كل ألوان هذا الموت. وفي كل طقوسنا لمواجهة هذا الموت، نقف محزونين وقد التأم شملنا، وتحلَّقنا - كشعراء وكتّاب الخ - في دائرة صمت، نبكي ونرثي هذا الفقيد الكبير.
وهكذا.. نكتب اليوم لندفن محمود درويش، ولنقول مرثيات إنشائية، ولنواسي بوسائل التعاطف وقراءة «الفاتحة» التي نختم بها جهدنا في التشييع والتعزية والقيام بالواجب بقول: آمين.
فإن أردنا أن نكرّ.م روح محمود درويش الذي أعطى للغة والشعر والفكر الكثير مما لا تدعي حصره هذه العجالة، فدعونا نحتفي بالمبدعين الأحياء. دعونا ندافع عن الحي/الخلاّق/الفعّال في حياتنا.
بذلك فقط يمكن أن نقطع الحبل على الموت المفاجئ، ونوقفه!
قلبي حديد
الشاعرة السورية لينا الطيبي:
قال لي: قلبي حديد وسأعود
قلت: كيف أطمئن عليك
قال: جوالي سيكون معي وسأرد عليك
وعدني ولم يف بوعده، كان ذلك منذ أسبوع، قال إنه سيرد عليّ.. لكنه لم يفعل.. قال إن قلبه حديد ولكن قلبه من زنابق وياسمينات.
محمود درويش.. لا أريد أن أصدق.. فقط.. لا أريد.
رقمك يرن.. صوت آخر يرد.. صوت لا يقول.. لا يريد أن يقول.. لكنني عرفت...
لغيابه طعم الملح.. لغيابه طعم الحنظل.. لا لأن شاعرا مثله يموت.. بل لأن أغلب الشعراء رحلوا بعد أن قالوا كل شيء.. وحده محمود درويش ما زال لديه الكثير ليقوله.. وحده لم يكتب القصيدة كلها بعد..
هل رحل محمود درويش؟
لماذا تركت الحصان وحيدا؟ لماذا لم يستطع أن تتذكّر أن الحصان لا يمكنه أن يعيش وحيدا؟
عطايا الحكمة والأمل الصعب
الشاعرة البحرينية فوزية السندي:
صعب الحديث أمام الموت
والأصعب أمام شاعر لا يغادر أرواحنا أبدا
طيلة تاريخنا كانت روحه المحفورة بحروفه تهدهد أحلامنا بعطايا الحكمة
وتشعل رؤانا بالأمل الصعب
محمود حرف فلسطين الناهض ضد الغياب وضد النسيان
محمود درويش في رحمة الله، وفي محبة الحياة الى الأبد.
كلماته خضراء في قلوبنا
الشاعرة الكويتية أفراح المبارك الصباح:
إنا لله وإنا إليه راجعون..
نعزي الحروف التي تيتمت..
والإحساس الذي في حضرة وفاته غاب..
ببداية كل شطر من أبياته يذرف المطر.. حتى تظل كلماته خضراء في قلوبنا، لكن المنايا دائما تخطف أرواحا كانت لنا سلوى.
* * *
الربعي يرثي درويش!
في غياب محمود درويش نستذكر احد أهم محبي قصيدته الجديدة الغارقة في تهويماتها الانسانية والمفرطة في عذوبتها الموحية، الراحل د. احمد الربعي..
كانت قصيدة محمود درويش الى جانب قصيدة المتنبي تحتلان المساحة الأكبر في ذاكرة الربعي الشعرية، وكان كتاب الجدارية هو رفيق الايام الاخيرة على سرير مرضه.. لكن علاقته به كانت قد بدأت باكرة فيما يشبه النبوءة المبكرة، فقبل ثماني سنوات تقريبا، وبعد صدور الكتاب بأيام قليلة، كتب احمد الربعي الكلمات المنشورة بخطة الى جانب هذا الكلام على الورقة الأولى من النسخة التي اشتراها من مطار بيروت وأهداها إلى الزميلة سعدية مفرح.
* * *
ما البداية؟ ما النهاية؟
وأُريدُ أَن أَحيا...
فلي عَمَلٌ على ظهر السفينة. لا
لأُنقذ طائراً من جوعنا أَو من
دُوَار. البحر، بل لأُشاهدَ الطُوفانَ
عن كَثَبٍ: وماذا بعد؟ ماذا
يفعَلُ الناجحونَ بالأرض العتيقة؟
هل يُعيدونَ الحكايةَ؟ ما البدايةُ؟
ما النهايةُ؟ لم يعد أَحَدٌ من الموتى ليخبرنا الحقيقة...
«من جداريته»
* * *
وداعا... أيها الشاعر
نعت وزارة الثقافة الفلسطينة محمود درويش ببيان جاء فيه:
بقلوب دامعة نودّع الشاعر الكوني محمود درويش، الصائغ الأمهر، والمبدع الاستثنائي.. صاحب النشيد الهوميري، على هذه الأرض... الذي منح بلادنا فضاء الحياة... فأينعت كلماته على ترابنا سياقاً معرفياً تجاوز الأقاصي والأمداء... ليحمل صوت شعبنا إلى حيث يكون العدل والحرية والإبداع...
بسيرته ومسيرته.. استحق محمود درويش وسام الشعرية الفلسطينية باقتدار.. واستحق كذلك أن يكون المنشد الأعتى من بين الأصوات الشعرية العربية.. محققاً بذلك انتصاراً لقضيتنا العادلة ووجع البلاد العميم في حمل قضيتنا الوطنية إلى الكون...إذ كيف للوداع أن يكون له بلاغة المراثي وقد ترجل الحرف عن صهوة المعنى.. فارتفع النشيج إلى سماوة البكاء والنزف... وارتفع الرثاء إلى سقف النحيب.
لاعب النرد.. الذي رأى موته مراراً... وحاوره وداوره، بعناد الشاعر وبصيرة الرائي الفذّ والبليغ الكفء.. ليؤكد قوة الإبداع في منازلة الطاغي الرجيم - الموت الناهب.. ولكنها لحظة الغياب والسفر في مرايا البياض... اقتران البداية وشتول الربيع الطافحة بالخضرة.. بالنهاية وتساقط الورق الأصفر من شجرة العمر.. لكنها البذور النداهة بالغد ووعد الشعر وما فيه من خير أرض القصيدة التي ترفع الأرواح الكسيرة... وتمنح الصغار ترداد ما تركه الشاعر من طاقة القول واجتراح الغناء الصلب في الزمن الصعب.
كيف نودّع الشاعر الكبير وقد قال كلمته الأخيرة مدركاً أن ما ينفع الناس يمكث في الأرض... وعلى هذه الارض ما يستحق الحياة.
فطوبى للشاعر الذي كابد
وعاند وشفّ وشاف..
وطوبى لكلامه العالي بحجم البلاد
وطوبى له وقد كان رأسمالنا المعرفي..
* * *
وصية الشاعر المبكرة.. لمن يهمه الأمر:
سيقولون كان يحب النساء!
اريد جنازة حسنة التنظيم، يضعون فيها الجثمان السليم، لا المشوه، في تابوت خشبي ملفوف بعلم واضح الالوان الاربعة، ولو كانت مقتبسة من بيت شعر لا تدل الفاظه على معانيه، محمول على اكتاف اصدقائي، واصدقائي – الاعداء.
واريد اكاليل من الورد الاحمر والورد الاصفر. لا اريد اللون الوردي الرخيص ولا اريد البنفسج لانه يذيع رائحة الموت. واريد مذيعا قليل الثرثرة، قليل البحة، قادرا على ادعاء حزن مقنع، يتناوب مع اشرطة تحمّ.ل صوتي بعض الكلام. اريد جنازة هادئة، واضحة، وكبيرة ليكون الوداع جميلا وعكس اللقاء. فما اجمل حظ الموتى الجدد، في اليوم الاول من الوداع، حين يتبارى المودعون في مدائحهم. فرسان ليوم واحد، محبوبون ليوم واحد، ابرياء ليوم واحد.. لا نميمة ولا شتيمة ولا حسد. حسنا، وانا بلا زوجة وبلا ولد. فذلك يوفر على بعض الاصدقاء جهد التمثيل الطويل لدور حزين لا ينتهي إلا بحنو الارملة على المعزي. وذلك يوفر على الولد مذلة الوقوف على ابواب المؤسسات ذات البيروقراطية البدوية. حسن اني وحيد.. وحيد.. وحيد.. لذلك ستكون جنازتي مجانية وبلا حساب مجاملة، ينصرف بعدها المشيعون الى شؤونهم اليومية. اريد جنازة وتابوتا انيق الصنع اطلُّ منه، كما يريد توفيق الحكيم ان يطل، على المشيعين.. استرق النظر الى طريقتهم في الوقوف، وفي المشي وفي التأفف، وفي تحويل اللعاب الى دموع. واستمع الى التعليقات الساخرة: كان يحب النساء، وكان يبذخ في اختيار الثياب. وكان سجاد بيته يصل الى الركبتين، وكان له قصر على الساحل الفرنسي اللازوردي، وفيللا في اسبانيا، وحساب سري في زيوريخ، وكانت له طائرة سرية خاصة، وخمس سيارات فخمة في مرآب بيته في بيروت. ولا نعرف اذا كان له يخت خاص في اليونان. ولكن في بيته من اصداف البحر ما يكفي لبناء مخيم. كان يكذب على النساء. مات الشاعر ومات شعره معه. ماذا يبقى منه؟ لقد انتهت مرحلته وانتهينا من خرافته. اخذ شعره معه ورحل. كان طويل الانف واللسان.. وساستمع الى ما هو اقسى عندما تتحرر المخيلة من كل شيء. سأبتسم في التابوت، سأبذل جهدا لان اقول: كفى، ساحاول العودة فلا استطيع.
محمود درويش
بيروت – 1982
من كتاب «ذاكرة النسيان»
* * *
محمود عباس: سيظل عنوانا لإرادة شعبه
رام الله (الضفة الغربية) – أ.ف.ب – نعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس السبت الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي توفي في الولايات المتحدة، واعلن الحداد العام ثلاثة ايام في الاراضي الفلسطينية.
وقال عباس في كلمة بثها تلفزيون فلسطين الرسمي «كم هو مؤلم على قلبي وروحي ان انعى للشعب الفلسطيني والامة العربية والاسلامية وكل محبي السلام والحرية في العالم، رحيل نجم فلسطين وزينة شبابها وفارس فرسانها، الشاعر الكبير محمود درويش الذي انتقلت روحه الطاهرة الى بارئها الساعة التاسعة والنصف مساء اليوم بتوقيت فلسطين».
واضاف عباس ان «غياب شاعرنا الكبير محمود درويش، عاشق فلسطين ورائد المشروع الثقافي الفلسطيني الحديث والقائد الوطني اللامع والمعطاء، سيترك فراغا كبيرا في حياتنا الثقافية والسياسية والوطنية».
وتابع ان «هذا الفراغ لن يملأه سوى اولئك المبدعين الذين تتلمذوا في مدرسته، وتمثلوا اشعاره وكتاباته وافكاره، وسيواصلون حمل رسالته الابداعية لهذا الجيل وللاجيال المقبلة».
وقال ايضا «كان صوت محمود درويش وسيظل عنوانا لارادة شعبه في الحرية والاستقلال، وسيبقى اعلان استقلال الفلسطيني الذي صاغه شاعرنا العظيم عام 1988 مرشدا لنا ونبراسا لكفاحنا، حتى يتحقق حلمه في ان يرى وطنه مستقلا ومزدهرا بعد ان يرحل الاحتلال عن ارضه».
وتابع عباس «انني اعلن الحداد العام في الوطن لمدة ثلاثة ايام تكريما لروح فقيد الشعب والامة والانسانية، وتعبيرا عن حب هذا الشعب لابنه البار والمميز محمود درويش».
* * *
الضفة الغربية أرضه الأخيرة
رام الله (الضفة الغربية) – رويترز – ينظم الفلسطينيون جنازة رسمية يوم غد الثلاثاء لدرويش، وقالت وزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني ابودقة لـ«رويترز» ان الجنازة ستكون على الارجح الاكبر منذ وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 2004 وستقام في مدينة رام الله بالضفة الغربية حيث مقر السلطة الفلسطينية. وذكر مسؤول آخر ان السلطات تعتزم اقامة نصب تذكاري عند قبر درويش يخلد اعماله وتمثال له.
القبس
11 اغسطس 2008