ملف جريدة الزمان

كرم نعمة

وكتب درويش القصيدة بينما كان العراق يرزح تحت طوق الحصار الاعمي الذي يمتص انفاس أطفاله ويميت شيوخه بقوله: أعد لارثيك عشرين عاما من الحب/ كنت وحيدا هناك/ تؤثث منفي لسيدة الزيزفون/ وبيتا لسيدنا في أعالي الكلام/ تكلم لنصعد أعلي وأعلي..../ علي سلم البئر ياصاحبي، أين أنت؟/ تقدم لاحمل عنك الكلام وأرثيك/ لي قمر في الرصافة. لي سمك في الفرات ودجلة/ ولي قارئ في الجنوب/ ولي حجر الشمس في نينوي/ ونيروز لي في ضفائر كردية في شمال الشجن/ ولي وردة في حدائق بابل/ لي شاعر في بويب/ ولي جثتي تحت شمس العراق/ ولن يغفر الميتون لمن وقفوا مثلنا حائرين/ علي حافة البئر/ هل يوسف السومري أخونا/ اخونا الجميل/ لنخطف منه كواكب هذا المساء الجميل؟ وأن كان لابد من قتله فليكن قيصر/ هو الشمس فوق العراق القتيل.
وكانت بغداد تخصص ليلة برمتها لمحمود درويش يقرأ فيها قصائده قبل ان يطلق علي وزير الثقافي العراقي آنذاك وزير الشعراء.
وتوفي الشاعر الفلسطيني محمود درويش عقب جراحة في القلب بمستشفي في ولاية تكساس الأمريكية وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحداد العام في المناطق الفلسطينية لمدة ثلاثة أيام.

الحداد العام في الوطن
وأعلن عباس "الحداد العام في الوطن لمدة ثلاثة أيام تكريما لروح فقيد الشعب والأمة والإنسانية وتعبيرا عن حب هذا الشعب لابنه البار والمميز محمود درويش."
واضاف عباس في خطاب مقتضب "إن غياب شاعرنا الكبير محمود درويش عاشق فلسطين رائد المشروع الثقافي الفلسطيني الحديث والقائد الوطني اللامع والمعطاء سيترك فراغا كبيرا في حياتنا الثقافية والسياسية والوطنية لن يملأه سوي اولئك المبدعين الذين تتلمذوا في مدرسته وتمثلوا أشعاره وكتاباته وافكاره وسيواصلون حمل رسالته الابداعية لهذا الجيل وللاجيال القادمة.
وكان عباس قد استهل كلمته بالقول "كم هو مؤلم علي قلبي وروحي أن أنعي للشعب الفلسطيني والامة العربية والاسلامية وكل محبي السلام والحرية في العالم رحيل نجم فلسطين وزينة شبابها وفارس فرسانها الذي انتقلت روحه الطاهرة الي بارئها الساعة التاسعة والنصف بتوقت فلسطين."
وقال نمر حماد مساعد الرئيس الفلسطيني لرويترز "ان السلطة الفلسطينية بدأت إجراءاتها لاحضار الجثمان لمواراته الثري في فلسطين."
وتجمع عدد من الفلسطينين مساء اليوم وسط مدينة رام الله واضاءوا الشموع تعبيرا عن حزنهم لرحيل درويش.
محمود درويش الذي توفي اليوم السبت عن 67 عاما احد اهم الشعراء الفلسطينيين الذين كانوا صوت القضية الفلسطينية في العالم واحد اهم الشعراء الذين ساهموا في بناء الشعر العربي الحديث.
ودرويش "شاعر المقاومة" هو ثاني اكبر اربعة اخوة وثلاث اخوات، ولد في 1941 في قرية البروة قرب عكا شمال اسرائيل، التي دمرت بعدما احتلها الجيش الاسرائيلي في 1948 لتبني في مكانها قرية زراعية يهودية باسم احي هود.
وبعد النكبة في 1948، لجأت عائلته الي جنوب لبنان ثم عاد متخفيا بعد سنة مع عائلته إلي فلسطين ليبقي لفترة قصيرة في قرية دير الاسد في الجليل قبل ان تستقر العائلة في قرية الجديدة المجاورة لمسقط رأسه.
وتنقل محمود درويش بين قري الجليل لدراسته الاعدادية والثانوية ثم استقر في مدينة حيفا حيث التحق بالحزب الشيوعي الاسرائيلي (راكاح) الذي كان يضم يهودا وعربا.
عمل درويش في صحيفة "الاتحاد" ومجلة "الجديد" التابعتين للحزب الشيوعي في مدينة حيفا. وفي هذه الفترة بدأ ينظم الشعر وعرف في فلسطين بانه "شاعر المقاومة"، واثار غضب الدولة العبرية التي اصبحت شرطتها تحاصر اي قرية تقيم امسية شعرية له.
حتي ان قصيدته "عابرون في كلام عابر" اثارت نقاشا حادا داخل الكنيست الاسرائيلية.
وقد تعرض لملاحقات امنية اسرائيلية وسجن ثلاث مرات (في 1961 و1965 و1967) ثم فرضت عليه اقامة جبرية بسبب تصريحاته ونشاطاته السياسية.
وكان الاول بين مجموعة من الشعراء الذين كتبوا من داخل اسرائيل عندما كانت رئيسة الحكومة الاسرائيلية في تلك الفترة غولدا مائير تقول علنا "ليس هناك فلسطينيون".
وتحولت قصيدته الشهيرة "بطاقة هوية" التي يخاطب فيها شرطيا اسرائيليا صرخة تحد جماعية للاحتلال. ويقول فيها "سجل انا عربي ورقم بطاقتي 50 الفا" ما ادي الي اعتقاله العام 1967.
وفي 1972، غادر حيفا الي مصر حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية ومنها انتقل الي بيروت حيث عمل رئيس تحرير مجلة شؤون فلسطينية ومركز الابحاث الفلسطينية ثم اصدر في 1980 مجلة الكرمل التي تولي رئاسة تحريرها.
وقد انتقلت المجلة بعد 1982 الي قبرص ومنها الي رام الله حيث بقي رئيس تحريرها حتي وفاته.
شهد في 1981، اغتيال ماجد ابو شرار احد اهم قياديي حركة فتح، في روما حيث كانا يشاركان في مؤتمر عالمي لدعم الكتاب والصحافيين الفلسطينيين، وكانت الحادثة موضوع قصيدته "اصدقائي.. لا تموتوا".

لماذا تركت الحصان وحيداً

وبعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان وخروج المقاتلين الفلسطينيين في 1982، توجه الي القاهرة ومنها الي تونس ثم الي باريس.
وعلي الرغم من انه لم يكن ينتمي الي اي حزب او حركة سياسية، اصبح درويش عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في 1988. لكنه استقال في 1993 احتجاجا علي اتفاق اوسلو معتبرا انه "ليس عادلا لانه لا يوفر الحد الادني من احساس الفلسطيني بامتلاك هويته".
عاد درويش في منتصف التسعينات الي غزة ثم اختار الاقامة في رام الله في الضفة الغربية.
ولدرويش اكثر من ثلاثين مجموعة شعرية من بينها عصافير بلا اجنحة (1960) واوراق الزيتون (1964) وعاشق من فلسطين (1966) وآخر الليل (1967) والعصافير تموت في الجليل (1970) وحبيبتي تنهض من نومها (1970) واحبك او لا احبك (1972) وحصار لمدائح البحر (1984) وورد أقل (1987) ولماذا تركت الحصان وحيدا (1995) وحالة حصار (2002) ولا تعتذر عما فعلت (2003) وكزهر اللوز او ابعد (2005).
وقد ترجمت اشعاره الي نحو اربعين لغة.
وانتقد درويش في آخر قصائده "انت منذ الآن غيرك" نشرت في حزيران/يونيو 2007 الاقتتال بين الفلسطينيين.
واطلقت مدينة رام الله اسم الشاعر علي احدي ساحاتها بينما اعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية إصدار طابع بريدي يحمل صورته وهو يلقي احدي قصائده الشعرية.
منح درويش عددا من الجوائز العربية والدولية من بينها جائزة البحر المتوسط في 1980 ودروع الثورة الفلسطينية (1982) وجائزة لينين في الاتحاد السوفيتي (1983) وجائزة الأمير كلاوس الهولندية وجائزة العويس الثقافية مناصفة مع الشاعر السوري أدونيس (2004).
كما منح جائزة "الاركانة" التي يقدمها بيت الشعر في المغرب وكان يفترض ان تسلم له في حفل في الرباط في تشرين الاول/اكتوبر المقبل في مسرح محمد الخامس في الرباط.
واعتبر النائب العربي في الكنيست الاسرائيلية محمد بركة ان الشاعر الفلسطيني محمود درويش كان "شاعر كل الفلسطينيين والوجه الجميل والمقنع لفلسطين".
وقال بركة لوكالة الصحافة الفرنسية تعليقا علي وفاة الشاعر الفلسطيني "محمود درويش شاعر كل الفلسطينين من الامي حتي اكبر متعلم، يشكل لهم حالة خاصة وهو الوجه الجميل والمقنع لفلسطين".
وقال الشاعر الفلسطيني سميح القاسم "اعذروني لا استطيع الكلام، انا مصدوم، انا موجود بين اشقائي، اشقاء محمود درويش ووالدته، معنوياتهم عالية وهم مؤمنون، الوضع صعب علي".

****

درويش يرقد في رام الله جوار عرفات

ينظم الفلسطينيون جنازة رسمية يوم الثلاثاء للشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي توفي بعد جراحة أجريت له في مستشفي بالولايات المتحدة.
وقالت وزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني أبو دقة لرويترز إن الجنازة ستكون علي الأرجح الأكبر منذ وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 2004 وستقام في مدينة رام الله بالضفة الغربية حيث مقر السلطة الفلسطينية.
وذكر مسؤول آخر أن السلطات تعتزم إقامة نصب تذكاري عند قبر درويش يخلد أعماله وتمثال له.
وأعلن عضو المجلس الوطني الفلسطيني في عمان حمادة فراعنة أن جثمان الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش سيصل إلي عمان بعد غد الثلاثاء قادماً من مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية، حيث توفي مساء أمس السبت جراء مضاعفات نتجت عن عملية جراحية في القلب.
وقال فراعنة، الذي كان من الأصدقاء المقربين للشاعر الراحل، لويونايتد برس إنترناشونال، إن "الترتيبات جارية لنقل الجثمان من الولايات المتحدة إلي عمان"، مرحجاً دفنه في مقر المقاطعة برام الله بالضفة الغربية، قرب ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، في حال رفضت إسرائيل دفنه في قريته "البروة" الواقعة في أراضي الـ 1984.
وأوضح أن الجثمان "سيصل إلي العاصمة الأردنية الثلاثاء علي متن طائرة خاصة وفرتها الرئاسة الفلسطينية، وستجري مراسم رسمية لاستقباله في عمان، حيث سيشارك مسؤلون أردنيون وفلسطينيون رفيعو المستوي في المراسم".
وقال فراعنة أن جثمان درويش لن ينقل مباشرة إلي لأراضي الفلسطينية، بل سيبقي ساعات عدة في عمان لتمكين أصدقاء الشاعر الراحل في الأردن من توديعه.
وقال إن "الرئيس محمود عباس علي اتصال مستمر مع رئيس تحرير صحيفة الأيام أكرم هنية الذي رافق درويش في رحلته الأخيرة وكان علي مقربة منه لحظة وفاته".
وتابع فراعنة إن "عائلته ترغب في دفنه في مسقط رأسه، قرية البروة المحتلة في أراضي العام 1948 ولكن ذلك يواجه احتمال رفض السلطات الإسرائيلية التي منعت درويش من دخول أراضي فلسطين المحتلة في العام 1948".
وأضاف أنه في حال رفض السلطات الإسرائيلية السماح بدفنه في بلدته، فإن مراسم ستجري لدفنه في مقر المقاطعة برام الله حيث يرقد جثمان الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي أطلق علي درويش لقب "سفير الحلم الفلسطيني".

****

وداعاً ... أيها الشاعر

بقلوب دامعة نودّع الشاعر الكوني محمود درويش، الصائغ الأمهر، والمبدع الإستثنائي.. صاحب النشيد الهوميري، علي هذه الأرض... الذي منح بلادنا فضاء الحياة... فأينعت كلماته علي ترابنا سياقاً معرفياً تجاوز الأقاصي والأمداء... ليحمل صوت شعبنا إلي حيث يكون العدل والحرية والإبداع....
بسيرته ومسيرته.. استحق محمود درويش وسام الشعرية الفلسطينية باقتدار.. واستحق كذلك أن يكون المنشد الأعتي من بين الأصوات الشعرية العربية.. محققاً بذلك انتصاراً لقضيتنا العادلة ووجع البلاد العميم في حمل قضيتنا الوطنية إلي الكون...إذ كيف للوداع أن يكون له بلاغة المراثي وقد ترجل الحرف عن صهوة المعني.. فارتفع النشيج إلي سماوة البكاء والنزف... وارتفع الرثاء إلي سقف النحيب.
لاعب النرد.. الذي رأي موته مراراً... وحاوره وداوره، بعناد الشاعر وبصيرة الرائي الفذّ والبليغ الكفّ.. ليؤكد قوة الإبداع في منازلة الطاغي الرجيم- الموت الناهب.. ولكنها لحظة الغياب والسفر في مرايا البياض... اقتران البداية وشتول الربيع الطافحة بالخضرة.. بالنهاية وتساقط الورق الأصفر من شجرة العمر.. لكنها البذور النداهة بالغد ووعد الشعر وما فيه من خير أرض القصيدة التي ترفع الأرواح الكسيرة... وتمنح الصغار ترداد ما تركه الشاعر من طاقة القول واجتراح الغناء الصلب في الزمن الصعب.
كيف نودّع الشاعر الكبير وقد قال كلمته الأخيرة مدركاً أن ما ينفع الناس يمكث في الأرض... وعلي هذه الارض ما يستحق الحياة.
فطوبي للشاعر الذي كابد وعاند وشفّ وشاف..
وطوبي لكلامه العالي بحجم البلاد
وطوبي له وقد كان رأسمالنا المعرفي..

وزارة الثقافة في الحكومة الفلسطينية

****

سفراء السلام الحاصلون علي نوبل في بلد الزيتون
رحل عن العالم كله بعد أن يئس من العودة إلي بيته

ملك مصطفي

الشاعر محمود دروش، شاعر ملتزم بتراب الأرض، الأرض التي أُقصي عنها، فعاشت في حناياه وفي كلماته وعاش هو عذاباتها. هو كوكب شعري ساطع في العالم أجمع، مفُروض علي العدو الذي لم يستطع تجاهله علي الرغم من كل محاولات المنع، هو دائم الحضور في ذهن العدو، لأن حب درويش لأرضه و لقضيته، أقوي من أي سلاح قاتل. إنه جدل العدو الدائم و يخيفه أكثر من الأنظمة العربية لأن كلماته تحرك الشباب العربي بأجمعه و هذا ما يخشاه العدو.
û إلي متي برأيكم سيستمر هذا النزاع الذي تلبًس الذاكرة و بنفس الوقت اكتسب الديمومة؟
ـ ما دامت المعركة من أجل الأرض ومن أجل الحياة و الحرية. الشروط المفروضة من أجل تحقيق السلام لا تمحو ما خُط في الذاكرة، لأن هذه الشروط لا تخدم السلام ولا تحققه. إسرائيل لا تعترف بأنها محتلة للأرض، و لهذا من الصعب تحقيق سلام علي أرض لا يعترف محتلها بأنه محتل لها. حسب النظرية الإسرائيلية
أنهم عادوا إلي أرضهم بعد شتات استمر 2000 سنة ، و هذا ما يمنعنا من العودة إلي أرضنا التي أُقصينا عنها منذ 45 سنة.
û و كيف نصل إلي حل لهذا النزاع المعقد؟
ـ من دون شك، النزاع شديد التعقيد، و كلما تأخر الحل ، كلما ازدد تعقيدا ، مع العلم أن الحل سهل جدا ، وهو أن تعترف إسرائيل في حقنا بالعودة وحقنا بإقامة دولة صغيرة يمنعوها عنا باستمرار.
û وهل تعتقدون أنه بالإمكان تحقيق هذا الأمل في إطار الضغوطات الدولية؟
ـ إن الزعامة الأمريكية المطلقة في العالم قد جعلت المنطقة مفتقدة للعدالة و للمساواة ، ليس هذا فقط، بل جعلت المجتمع الدولي ينسي مسألة الاحتلال ويفكر بحق إسرائيل العيش في أمن مهما كانت السبل لتحقيق هذا الأمن.

شعراء اسبانيا يزورون

محمود درويش

يواجه الشعب الفلسطيني أبشع النماذج المتبقية من أشكال الاحتلال الأجنبي الاستيطاني المباشر علي وجه الأرض، فباسم مكافحة الإرهاب يتعرض إلي عملية إبادة بكل وسائل العنف والدمار. فقد وجدت الولايات المتحدة الأمريكية أن الحل الأنجع لأزمتها الاقتصادية،هو بعسكرة العولمة، معطية الضوء الأخضر لإسرائيل لتصفية الشعب الفلسطيني، الغائب عنه كل شيء، ماعدا طائرات العدو ودباباته وحصاره، وبين الحين و.. الحين مظاهرة مقموعة، شيك، أو خطاب تعاطفي. في ظل هذا الوضع المأساوي تنتشر الأقلام والآراء والمواقف الداعمة في الغرب لتعطي بعضا من دفئها، ولكي تسجل علي نفسها موقفا لايُنسي، وعلي الرغم من قلتها، إلا أنه، لها إشراقاتها وأبعادها.
وفد من ثمانية كُتاب، اثنان منهم من الحائزين علي جائزة نوبل للآداب، اتجهوا قبل أعوام إلي فلسطين، الأرض المحتلة، تضامنا مع الشاعر محمود درويش، الممنوع من الخروج، وتضامنا مع الشعب الفلسطيني. الكتاب هم: البرتغالي، خوسيه ساراماغو، الحائز علي جائزة نوبل، الرجل المبدئي، الإنساني، الذي تُقلقه العولمة والآلة وفقدان بريق الخيال، صاحب الكلمة الفاعل صداها في العالم، والكاتب الإسباني خوان غويتسولو، الروائي الخارج عن المألوف، الذي أخرج الرواية الإسبانية من شرنقتها المحلية لتواكب الرواية الأوروبية بكل ابتكارات المدارس الأدبية، حسب تعاقبها، الذي استطاع أن يخلق لنفسه صوتا متفردا، الداعم للقضية الفلسطينية العادلة، والكاتب النيجيري ووليه سونيكا الحائز أيضا، علي جائزة نوبل للآداب، الكاتب الصيني باي داو، والكاتب الفرنسي كريستيان سلمون، والأمريكي راشيل بانكس، الإيطالي بينتشنزو كونسولو و بريتن بريتن باخ من إفريقية الجنوبية.

الحوار وليس العنف

جاءت الفكرة من الكاتب الإسباني خوان غويتسولو، اليساري المعروف الذي صرح قائلا: إن السفرة ستكون مفيدة للحديث مع محمود درويش ومع باقي الكتاب المعارضين لسياسة شارون . سفراء السلام إلي الأرض المحتلة، قد يكون لكل منهم سبب مختلف، ولكن جميعهم يذهبون للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وهذه الرحلة تعتمد في تغطيتها الصحفية علي أهم وسائل الإعلام لتري مايحدث يوميا هناك، ومن ثم تنقله للعالم. (ولا واحد فينا يساند العمليات الانتحارية قال خوان غويتسولو ولكن نريد أن يفهم الجميع بأن هذه العمليات هي ثمرة الألم. لا أحد يستطيع أن يكون هادئا وسعيدا أمام ممارسات إسرائيل). الكتاب الثمانية، أعضاء البرلمان الدولي للكتاب لم يكونوا متأكدين من السماح لهم بدخول الأرض المحتلة. أحد الكتاب علق علي ما يشاهده من شباك الحافلة التي تقلهم، علي الاختلاف الرهيب بين المناطق الإسرائيلية والمناطق الفلسطينية المشبعة بالدمار.
المهمة التي سافر من أجلها الكُتاب، هي البحث عن وسيلة ناجعة للحوار ولوقف العنف الذي يمارسه شارون، ولم يكن مطروحا عندهم اللقاء مع أحد من المسؤولين.
وزارة الدفاع الإسرائيلية أعطتهم الإذن بالسفر إلي رام الله حيث استُقبلوا بحرارة من محمود درويش.
في الطريق (ذكر الكُتاب) كان الجنود الإسرائيليون يوقفونهم طويلا ولمرات متعددة مع توجيه السلاح إلي وجوههم، بينما في المناطق الفلسطينية قبل الحصار الأخير كان يصعد أحد الجنود الفلسطينيين إلي الباص، دون أن ينزلوا، وبكل لطف وأدب كان يطلب منهم الأوراق الثبوتية.
وحين سُئل الكتاب عن سبب الزيارة أجاب راشيل بانكس الأمريكي: نحن هنا لا نمثل أية دولة، ولا أي دين ولا أية مؤسسة سياسية أو دبلوماسية، جئنا لنمثل شريحة من الإنسانية . ولكن الذي أخرج الإسرائيليين عن طورهم، هو تصريح خوسيه ساراماغو الذي شبه فيه الإسرائيليين بالنازيين، إذ أن ممارسات شارون وحكومته ضد الفلسطينيين أسوأ من ممارسات النازية ضد اليهود في الأوخ فيتس. هذا التصريح قلب الدنيا وما أقعدها، فقد صرحت وزارة الدفاع الإسرائيلية قائلة من المؤسف أن يكون هذا الكاتب أعمي إلي درجة أن يُساق وراء الدعاية الرخيصة الفلسطينية، الذي يقارن الألم اليهودي بالوضع القائم في الأرض المحتلة، ولا نعتقد أنه مؤلم إلي هذا الحد .
الكاتب أوث، واحد من معارضي شارون قال: إن ساراماغو بيَن عن موقف أعمي وغير أخلاقي، فذلك الذي لا يميز الشر من الخير يتحول إلي أداة للشر. الاحتلال الإسرائيلي غير عادل، ولكن تشبيه الإسرائيليين بالنازيين، مثل مقارنة ساراماغو مع ستالين. إن ساراماغو يريد أن يحطم الإسرائيليين كما حطم الحلفاء النازيين .

محاربة ساراماغو في اسرائيل

وردا علي هذا الهجوم قال ساراماغو: لا، لا، لست آسفا علي ماقلت، عدا عن ذلك فأنا ما قلت شيئا عفويا دون التفكير فيه، وبعد زيارتي إلي غزة، ورأيت ما رأيت أقوله ثانية ويدفعني السبب الأكبر، وإذا كانت تزعجهم كلمة الأوخ فيتس، فأنا مستعد لتبديلها بأبشع جريمة ضد الإنسانية ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، وبهذا لن يكونوا رابحين .
وقد علق ساراماغو علي انتقاد وزارة الدفاع الإسرائيلية، وانتقاد الكاتب أوث، قائلا: أنا أُفضل أن أكون ضحية للدعاية الفلسطينية الرخيصة بدل أن أكون ضحية للدعاية الإسرائيلية الغالية . بعد هذا التصريح رُفعت كتب ساراماغو كلها من المكتبات الإسرائيلية، ومعروف أن كتب الكاتب البرتغالي تحتل المرتبة الأولي في المبيعات.
الصحف الإسرائيلية كلها ذكرت في اليوم الثاني، بأن ساراماغو سبب الخسارة والألم للشعب الإسرائيلي، ولهذا فقد رُفعت كتبه من المكتبات بناءً علي طلب الشعب. الان ساراماغو يُسمي البذرة المعارضة للسامية، النازي الأوروبي الجديد .
التلفزيون الإسرائيلي الذي كان من المفترض أن يُجري مقابلة مع الكاتب البرتغالي ألغي المقابلة بعد تصريحات ساراماغو الذي علق قائلا: في حين يعيش كل الفلسطينيين في 3 كيلومتر مربع يتنعم الإسرائيليون في المستوطنات بالمساحات الشاسعة، المريحة والمضيئة. لا أحد يعرف مايحدث هناك، ومهما قال الإنسان بأنه يعرف بما يحدث، كل شيء مدمر بالحافرات، القري الفلسطينية قد اختفت، لا يُسمح للشعب الفلسطيني بالذهاب لا للعمل، ولا للطبيب، ولا للمدرسة ويمنعون دخول المساعدات الأوروبية ولا بدخول الإسعاف لنقل النساء اللواتي هن علي وشك الوضع، ولهذا قلت أن كل هذا يشبه معسكرات الأوخ فيتس .
اللقاء بالرئيس ياسر عرفات لم يكن في برنامج الكُتاب، ولكن الرئيس أبدي رغبته باللقاء بهم وهو المحاصر، ولهذا فقد ذهبوا بكل الرضي وعلقوا قائلين: إن اللقاء كان حميميا، عائليا . بينما اللقاء مع الإسرائيليين كان باردا، وجها لوجه.

المبدعون الشجعان

الرئيس الراحل ياسر عرفات صرح انذاك : إن زيارة الكتاب البرلمانيين قد أدخلت السرور والدفء إلي قلوبنا وهي زيارة جديرة بالتقدير والاحترام .
وقال الشاعر محمود درويش للكتاب: إن زيارتكم الشجاعة خلال هذا الحصار المرعب الذي
نعاني منه، هي شكل من أشكال التعبير عن رفع الحصار، حضوركم يجعلنا نري الضمير والوعي الدولي بطريقة جديرة بالاحترام. الضمير لايزال حيا وقادرا علي الاحتجاج، وعلي احتلال موقع قرب السلام .
خوان غويتسولو الأديب الإسباني المقيم بالمغرب، أثار الدهشة والمفاجأة عندما تحدث بالعربية، إلا أنه تابع بالانكليزية قائلا: الفلسطينيون سيفوزون لأن شارون قد وعد الإسرائيليين بأن يحمل لهم السلام والأمن ولكن شيئا فشيئا. الرأي العام الإسرائيلي سيفهم بأن الحل العسكري مستحيل .
الروائي دافيد غروسمان، واحد من أهم الروائيين اليساريين الإسرائيليين وصف خوسيه ساراماغو بالجبان لأنه أضاع فرصة تهدئة الوضع بالمقارنة التي أجراها. الكتاب في إسرائيل لهم سلطة تأثيرية علي الشعب الإسرائيلي، وساراماغو كان من الممكن أن يلعب دورا من أجل السلام إلا أن تصريحاته حالت دون المساعدة في هذا المجال، لأنه جرح المشاعر الإسرائيلية (الشفافة).

****

الموت يقهرنا برحيلك

حزينة عمان هذا المساء، حزينة رام الله والبروة والجديدة وحيفا، وفلسطين هي الأكثر حزنا لانها ستنام لأول مرة بدون عريسها الفتي والوسيم وبدون شاعرها الاجمل.
حزينة عمان لأنها ستنام أيضا بلا رائحة درويش وقد اختارها سكنا ومنزلا وحمل جواز سفرها مؤكدا ما كان يقوله دائما أن الأردن وفلسطين رئة واحدة أو شقان لذات الرئة وقلب واحد وشعب واحد وقد صدقت نبوءته فنحن الأكثر حزنا وبكاء عليه وخسارة له.
نحن يتامي اليوم بعد رحيلك يا محمود فقد كنت الجدار الذي نستند عليه والأخ الاكبر الذي نطاول به عنان السماء والمعلم الذي مهد لنا طريق الشعر وحب فلسطين وعشقها.
لك الخلود أيها الشاعر فالشعر بعدك حزين يلبس ثياب الحداد، ويقيم في دمعة العمر الطازجة، ويستقر في قلب المراثي.
لكم كنا عاجزين عن حبك كما يليق بالنجوم، لكم نحن ضعفاء ومتردين امام خسارتك الكبري، خسارة سماء سقطت في قلب الحقيقة القاسية.
لكم نحن عاجزن عن قول الحقيقة، لكم قهرنا الموت برحيلك، لكم حطم فينا الكثير، لكننا مؤمنون أنك لم تمت، بل رحلت من بيت الحجر إلي بيت الخلود.
نحن عشاقك يا محمود
نحبك حياً وخالداً
نحبك كما أحببناك صغارا واطفالا وشبابا ونحبك حتي نموت ونحن نردد قصائدك ونسمع صوتك الجميل الجميل، ونمشي بقامتك الباسقة والشامخة.

*****

خيري منصور: درويش لم يكن يتوقع الموت

متفائل كشاعر ومتشائم كسياسي

قال صديق مقرب من الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش إن الأخير كان متفائلاً بنجاح العملية الجراحية قبل إجرائها له في مستشفي بمدينة هيوستن في ولاية تكساس الأميركية، وكان يتصرف علي أنها إجراء طبي عادي.
وقال الكاتب الأردني خيري منصور لوكالة يونايتد برس إنترناشونال هاتفني محمود درويش خلال توجهه إلي المطار للسفر للولايات المتحدة لإجراء العملية الجراحية .. قال لي أنه سيقضي بضعة أيام في هيوستن بعد إجراء العملية، وأنه وصف العملية بأنها إجراء طبي روتيني .
وتابع منصور تمازحنا ولم يذكر الموت للحظة ووعدني أن نلتقي في عمان بعد عودته من أميركا.
وأعلن مساء السبت في مستشفي ميسوريال هيرمان تكساس ميديكل سنتر في هيوستن عن وفاة درويش جراء مضاعفات تعرض لها بعد عملية جراحية أجريت له في القلب الأربعاء الماضي.
وسبق للشاعر الراحل أن أجري عمليتين في القلب الأولي عام 1984 والثانية عام 1994.
وقال منصور تفاجأت بنبأ وفاته.. سافر لإجراء العملية ومعنوياته كانت عالية جداً.
ونعت الحكومة الأردنية علي لسان وزيرة الثقافة نانسي باكير وفاة درويش، وقالت انه كان احد قامات الشعر العربي الذين أرسوا دعائم القصيدة العربية المعاصرة .
ووصف منصور رحيل درويش بأنه خسارة ليس للشعب الفلسطيني، فحسب، بل خسارة قومية .. محمود شاعر فلسطيني الهوية قومي الانتماء ولا يمكن اختصاره بالقول أنه شاعر القضية الفلسطينية فحسب.
ويصف منصور درويش بأنه كان متفائل كشاعر ولكنه كان متشائم كسياسي . ويقول لم ينته حلم الدولة الفلسطينية المستقلة عند محمود درويش الشاعر، ولكنه كان متشائم إزاء قيام الدولة عندما يفكر كسياسي.
يذكر أن درويش كان عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واستقال منها في العام 1993 احتجاجاً علي توقيع اتفاقية أوسلو.
ويعتبر درويش شاعر المقاومة الفلسطينية، ويوصف بأنه أحد أهم الشعراء الفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن. كما يعتبر أحد أبرز من ساهم في تطوير الشعر العربي الحديث، وأدخال الرمزية فيه، وفي قصائده إمتزح حب الوطن بالحبيبة الأنثي.
وترجمت أعمال درويش، الذي قام بكتابة إعلان الاستقلال الفلسطيني التي تم إعلانها في الجزائر في العام 1988، إلي ما يقرب من 22 لغة وحصل علي العديد من الجوائز العالمية.
يذكر أن محمود درويش هو الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة ابناء وثلاث بنات، وولد في العام 1941 في قرية البروة (الفلسطينية المدمرة، التي قامت مكانها مستوطنة أحيهود الإسرائيلة) وتقع علي بعد 12.5 كيلومتراً شرق ساحل سهل عكا).
وفي العام 1948 لجأ الي لبنان وهو في السابعة من عمره، وبقي هناك عاماً واحداً، عاد بعدها متسللا الي فلسطين وبقي في قرية دير الاسد (شمال بلدة مجد كروم في الجليل) لفترة قصيرة استقر بعدها في قرية الجديدة (شمال غرب قريته الام -البروة).
واكمل تعليمه الابتدائي بعد عودته من لبنان في مدرسة دير الاسد متخفياَ، فقد كان يخشي ان يتعرض للنفي من جديد اذا كشف امر تسلله وعاش تلك الفترة محروما من الجنسية ، اما تعليمه الثانوي فتلقاه في قرية كفر ياسيف (كيلومترين شمالي الجديدة).
وانضم درويش الي الحزب الشيوعي في اسرائيل، وبعد انهائه تعليمه الثانوي، كرس حياته في كتابة الشعر والمقالات في الصحف مثل الاتحاد والمجلات مثل الجديد، التي اصبح فيما بعد مشرفا علي تحريرها ، وكلاهما تابعتان للحزب الشيوعي، كما شارك في تحرير جريدة الفجر .
وتعرض الشاعر للاعتقال من السلطات الإسرائيلية أكثر من مرة منذ العام 1961 بتهم تتعلق بأقواله ونشاطاته السياسية، حتي في العام 1972 حيث نزح الي مصر وانتقل بعدها الي لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجا علي اتفاق اوسلو.
شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحافيين الفلسطينيين وحرر في مجلة الكرمل، وأقام في باريس قبل عودته الي وطنه حيث انه دخل الي اسرائيل بتصريح لزيارة امه، وفي فترة وجوده هناك قدم بعض اعضاء الكنيست الاسرائيلي العرب واليهود اقتراحا بالسماح له بالبقاء في وطنه، وقد سمح له بذلك.
حصل الشاعر الراحل علي عدد كبير من الجوائز العربية والعالمية ومنها: جائزة لوتس، وجائزة البحر المتوسط ، ودرع الثورة الفلسطينية، ولوحة أوروبا للشعر ، وجائزتي لينين وابن سينا في الاتحاد السوفيتي،، وجائزة الأمير كلاوس الهولندية، وجائزة لانان الأميركية، وجائزة سلطان العويس الإماراتية، وجائزة القاهرة للإبداع الشعري، وكان آخرها جائزة الأركانة العالمية للشعر في المغرب.

*****

محمود درويش يكتب قصيدته الأخيرة علي عجل

شاعر نصح الشعراء بأن يكونوا عراقيين

عواد ناصر

لكنه أخذ عبارتي في معناها اليومي لا الشعري. أضفت موضحاً (بينما كنت أهذي) فازداد الشعر بلّة: كان في قصيدتي الأولي الكثير من (آخر الليل نهار) مثلما كان في قصائده الأولي الكثير من (المجد للأطفال والزيتون) و (إنشودة المطر) و (بعيداً عن السماء الأولي)!
فأسقط في يد زميلي المسكين واعتبرني أهذي فعلاً.
واستعدت قصيدة أودن:
"أما بالنسبة له فالأمسية نذير الخاتمة
كانت الأمسية حافلة بالممرضات والإشاعات
لقد ثارت مناطق جسده/ وفرغت ميادين عقله، وغزا السكون الضواحي/ وتوقف تيار شعوره:
لقد أصبح مُلكاً للتاريخ/ ملكاً للمعجبين".
محمود درويش أسطورة عربية تضيق بها الملاعب ويحار بها الساسة وينشد ودّه الدكتاتوريون الذين لا يفهمون أي كلمة من كلماته واستبدلت المراهقات دواوين شعراء الحب الرخيص بدواوينه لأن القصيدة الغامضة تثير التفكير والقصيدة السهلة سرعان ما تولد الضجر.
كان محمود درويش لعبتنا التي صار نجمها وشهيدها ومغنيها الذي حوّل المنبر إلي امتحان نقدي لم يقو علي اجتيازه أفضل نقادنا وهم يبحثون عن الخيط الفاصل بين الشعر والجمهور.
محمود درويش الساخر الكبير من سرديات الأمة المهزومة وكاتب سيرة الحرب والحب علي (سرير الغريبة) والذي لا يتناول قهوته إلا في فنجان أبيض، الذي امتدح مارادونا بأروع نصوص السخرية والإعجاب، غادر بيت الزوجية إلي وجر الذئاب وهو الذي فضح النشيد القومي: "فكانوا هباء وكانوا صدي"... "صدي نحن، هم يحرثون طفولتنا، فنقصفهم بالحروف السمينة"!
درويش استثمار الشعر في غير محله، عندما يعرض مشروعه التغييري فيتلفقه الحاكم العربي ليمتص شحنته الخطيرة ويصادرها كي يفرغها من تلك الشحنة ويأمر بتصديرها إلي برنامج المنوعات، أسوة بأغنيات حمدية صالح وأبو جيشي مطلق الفرحان والسح الدح البو.. والواد طالع لبوه!
ودرويش، أيضاً، استثمار الشعر في محله عندما أتاحه أغنية تعوض المواطن العربي عن قحط عاطفي وفكري يشمله من المحيط إلي الخليج.
رحل الشاعر من دون أن يتوقف ذكاؤه عن العمل في التقاط الشعري والجماهيري، في لحظة فنية نادرة، فتصالح مع النظام العربي، كي يتيح له التعبير عن نفسه، وبالتالي عن قضيته، هذه القضية التي لا يمكن اختزالها بمقاومة واحتلال وشهداء و "يا فلسطين جينا لك".
قضية محمود درويش قضيتنا جميعاً: الحرية معبراً عنها جمالياً وسط حقول الألغام.
عندما جاء محمود أول مرة إلي العراق وأقيمت له أمسية شعرية في الجامعة المستنصرية عام 1971 اقتربت منه، طالباً في معهد إعداد المعلمين، لم أكتب إلا خربشات شعرية، وكانت معي صديقة فلسطينية، ولم نظفر منه إلا بكلمات مجاملة سريعة.
عندما ظهر بعدها علي شاشة تلفزيون بغداد في مقابلة (حوار) أجراها معه، علي ما أتذكر (يا لبؤس الذاكرة) يوسف الصائغ، كنت في البيت.
قالت أمي: لكم أحببت هذا الشاعر.. أنا لا أفهم في الشعر، لكنه (يحكي حلو)!
قرأت علي مسمع أمي قصيدة سأشارك فيها بمهرجان الكلية، أنذاك، فقالت: حلوة.. ستفوز بالجائزة، لكنها تشبه شعر محمود درويش!
وهذا ما كان بالضبط!.
كان عمري عشرين عاماً.
لم نتوقع أن يكتب محمود درويش قصيدته الأخيرة بهذا الشكل المفاجئ، السريع، العجول، وبالصوت المدوّي، وهو الذي عّود قراءه علي نبرة شعرية خاصة، فيها من الدهشة أكثر مما فيها من الدوي، كما في قصائده الأولي، خصوصاً ما قبل قصيدته "سرحان يشرب القهوة في الكافتيريا" التي أُعدّها القصيدة - المفترق في تجربة هذا الشاعر الفذ.
بدأت نبرة الراحل الكبير بالخفوت كلما اقترب من الفن، وهو الذي دأب منذ تلك القصيدة (سرحان...) علي أن يكتب الشعرالخافت، ففرح الشعراء بهذا التطور الملحوظ وحزن الشعاريون.
تدريجاً، درّب هذا الشاعر قراءه ومستمعيه علي الإنصات المتأمل للشعر ونبذ عادات الأكف التي تتصيد لحظة التصفيق من قصيدة منبرية تنتفخ أوداجها بـ "الكلمات السمينة" إلي قصيدة تقول أكثر من طاقتها اللغوية بلغة أكثر تعبيرية، وهو الذي عبّر في أكثر من مناسبة عن ضيقه بالصفة التي أطلقت عليه، وزملائه، بأنه (شاعر المقاومة) لأن الشعر الجميل لا بد أن يكون مقاوما من دون حاجة إلي "حشد" المفردات الطنانة مثل: الشهداء وفلسطين واللاجئين والدم وإبادة الأعداء.
لم يكن تطور درويش قد تكرس علي جبهة واحدة، هي جبهة القصيدة، بمعزل عن مجمل وجوده الإنساني والآيديولوجي، فمنذ خروجه المبكر من فلسطين إلي القاهرة في بداية السبعينات، (تاركاً راكاح - الشيوعي الإسرائيلي - خلف قصيدته بمسافة بعيدة) كان خروجاً كلياً علي الآيديولوجيا والتنظيم الشيوعي، ما حسبه البعض عليه خروجاً من "القضية" وما زال - هذا البعض - غاضباً علي الشاعر لأنه أقترب أكثر من الشعر وابتعد عن الشعار، فالبيئة العربية، خصوصاً، في ميدان التاريخ الحماسي للشعر، هي بيئة شعار لا شعر، رغم أن شعرنا، منذ الجاهلية، تعايش فيه عمر بن كلثوم (بأنّا نورد الراياتِ بيضاً....) مع امرئ القيس (أفاطم مهلا بعض هذا التدلل) حتي انفك الاشتباك الآيديولوجي بين (القصيدتين) عندما نسفهما معاً أبو نؤاس لاحقاً.
كان الشاعر يضيق بمطالبة الجمهور العربي له بأن يقرأ "سجل أنا عربي": يا جماعة، هي قصيدة ألقيتها بوجوه الإسرائيليين، تحدياً، ولا يصح أن ألقيها في وجوهكم" ولم يفهم الكثيرون.
كان "خروج" درويش كلياً، من اللغة و "فكرتها" بارتباطهما المتوارث والذي تكرس طويلاً منذ حرب البسوس حتي الحرب الباردة، رغم أن محمود تورط في المشاركة بمهرجان الشباب في موسكو حاملاً العلم الإسرائيلي، باعتباره من فلسطيني عام 48.
اللغة لدي درويش تبتكر الفكرة والفكرة تملي لغتها من دون تخطيط مسبق وبلا إرادوية تنتمي إلي الجملة البلاغية النمطية، المتوقعة، حتي بات بعض القصائد يتواطأ مع متلقيه، الي حد توقع ما سيقول الشاعر قبل أن يبلغ قافيته الأخيرة.
أما ذاكرة محمود درويش العراقية فمفعمة بالمحبة والالتباس والشراكة.. محبة العراق والتباس السياسة وشراكة الشعر.
أحب محمود درويش العراق والعراقيين وهو القائل إذا أردت أن تكون شاعراً فينبغي عليك أن تكون عراقياً، ومضي محمود بعيداً في هذه العاطفة التي دفعته إلي منزلقات كان في غني عنها، عندما كتب "قمر بغداد الليموني" في وقت كان فيه العراقيون يتفحمون علي جبهات الحرب مع إيران ببداية الثمانينات. علي أي حال، الشعر والموت صنوا المغفرة عندما يتعلق الأمر بشاعر مثل محمود، غيّرنا، شعرياً وجمالياً وهذا يكفيه مجداً ويكفينا محبة.
علاقة محمود بالموت تبدت في نصوصه منذ "موته الأبيض" كما سماه عندما كتب إثره (الجدارية) وورد في قصائد أخري، وهو نوع من إيثار البدائل الصعبة علي الحياة السهلة وهي في طريقها إلي الانهيار جمالياً، عندما يري الشاعر تفتيت أحلامه في الخيال والنوم والكتابة والحب والأرض و... القضية برمتها، لنقرأ:
"الآن، في المنفي ... نعم في البيتِ،
في الستّينَ من عُمْرٍ سريعٍ
يُوقدون الشَّمعَ لكْ
فافرح، بأقصي ما استطعتَ من الهدوء،
لأنَّ موتاً طائشاً ضلَّ الطريق إليك
من فرط الزحام.... وأجّلكْ"
الموت لم يغدر بمحمود وحده، بل غدر بنا نحن الإثنين: هو ونحن، فلم تزل في عمر درويش تلك القصيدة التي لم يكتبها بعد، ولم تزل بنا بقية لأن نحبه ونحب شعره وهو حي لا يموت لفرط ما خلق من الجمال علي هذه الأرض.
بعد هذا وذاك، لقد أدرك محمود اللعبة الشعرية وفاتته اللعبة الحياتية، ولكن ما يتبقي منه أنه أجاد الكتابة.

*****

لمناسبة موت محمود درويش

علي السوداني

اتهيأ الآن لعجن وخبز مكتوبي الذي يشتغل في باب التضحيك والتنكيت والتظريف والتطريب والتخدير الذي من مراميه واشتهاءاته ، تقليل مستوي المهانة وتضييق فتحة التكشيرة وقول الهزل بمواجهة الجدّ والخطل حتي ولو وقعت مفارقة محزنة او مصيبة عظيمة . في هذا الباب ، وقع يومي المؤرخ في عصرية السبت ، تسعة آب من جسد سنة 2008 والقائم في بطن وحواشي مقهي " جفرا " حيث حادثة توقيع كتابي " خمسون حانة وحانة " . قبل الحادثة بساعة ، خرجت من الدار ومررت علي دكان الحلاق ابو محمد الكردي وكشك ابو علي - كان الناس يشترون الاعمال الكاملة لمحمود درويش في مقترح مرثية ما قبل الموت - وحانة كوكب الشرق وصيدلية ابو خليل وابراهيم الكهربائي وجوزيف ابو العصير وسالم صباغ ألقنادر ومسعودة ام السكائر وناصر المكوجي وعبد العال الدهان وملحمة القلعاوي وطرشي الحارة وبقالة الرمحي وعودة الزعمط ودرج المعانية وحمدان العتال وكاظم الأعرج وخرابة ام أحمد والبان ضبعة وخليل ابو القهوة وهشام السواق وجريس الخياط وسيد الزبال ورابطة انصار الفيصلي وسلطان ابو الخبز وسالم ابو العتيق وخليل ابو القهوة ورضا الجايجي ومجيد المعلم وجلال الخردة وحميد لجّة ومحمد ابو الخبز وسليمة ام القيمر وكريمة ام الاعلان . حدثت العصرية مصحوبة بعزف العواد البديع فتحي ضمور وبورتريت حاناتي من الرسام علي الهماشي وشدة ورد من زعيمة الحوسني ومراود حلكة من فاطمة الشيدي وشدة ورد - ايضاً وايضاً - من حسين جفال وكوشر بوسات من سوسن دعنا وبرقية خلوية من عبد الرزاق الربيعي وشهادة صدق من هيثم سرحان ومقولة عشق من مهند صلاحات وكاميرا من محمد نصيف وبيت شعر من مخطوطات مهند اكنيوي ودفعة بلاء من فائقة رسول وقلم حبر من اسامة الطيار ونبوءة من عبد الستار ناصر . كل شيء تمام حتي ارتقي عواد علي صاحب " حليب المارينز " دكة العصرية وطلب من القاعدين الوقوف دقيقة صمت مقدسة لأن محمود درويش قد مات تواً . موت بلا مقدمات .أكاد هذه الصبحية ، اري الي امك يا درويش وقد أنتبذت مكاناً قصيا تحت جذع زيتونة لا شرقية ولا غربية وناحت : يمة ، وليدي ، يا حلو ، يا شاعر ، لقد قتلتك عيون الحاسدين .اي وحقك يا أم محمود ، لقد مات الولد محسوداً لأنه قال اشرف الشعر . ليكن مدفن محمود كل فلسطين الحبيبة ، وحتي لا تصير فتنة ولا تقع صفقة وكي لا تساوم يا جيل المجاريح ، جيئوا بقميص محمود درويش الذي قدّ من دبر ، وادفنوه في بلد ما بين النهرين ، هناك هناك ، بين الرصافة والجسر وعيون المها ، فيكون مزاراً ومحجاً وبندقية وغصن زيتون واغنية عراقية رحيمة ، فأن كان من الحب ما قتل ، فلقد انقصف قلب محمود بهاونات عشق بغداد من قبل ومن بعد . سلام عليك وعلي آلك الطيبين الطاهرين ، يوم ولدت ويوم انقهرت ويوم غنيت ويوم دعكت رغيف امك ببقيا زيت وزعتر ، ويوم تركت الحصان في الدار كما مفتاح يطرد الوحشة ويؤثث الحلم . سلام عليك ، ولك ومن اجلك ، سنزرع البلاد نخيلا يسّاقط منه رطباً جنياً وينكنس منه الغزاة .

*****

جراح عراقي يصلح 26 سنتمترا من شريان الشاعر والقلب يخذله
هزمتك ياموت الاغاني في بلاد الرافدين

ظل الوضع الصحي للشاعر محمود درويش اكثر من مقلق، وحرج وقد بذل الاطباء كل جهودهم لكن حدثت مضاعفات بعد العملية من جلطات خفيفة علي الدماغ.
وتكللت عملية محمود درويش تكللت بالنجاح التام واجريت في مستشفي ميموريال هيرمان في هيوستن بولاية تكساس وقام بها الجراح العراقي حازم صافي الذي يعتبر من امهر الاخصائيين في هذا المضمار.
واجريت العملية في السادس من اب/اغسطس الجاري وتضمنت اصلاح ما يقارب 26 سنتمترا من الشريان الابهر (الاورطي)الذي كان قد تعرض لتوسع شديد تجاوز درجة الامان الطبيعية المقبولة طبيا.
وقبل هذه العملية خضع درويش لقسطرة في القلب وسلسلة فحوص دقيقة للتاكد من وضعه الصحي الاجمالي واستعداد القلب والكلي خاصة لمثل هذه العملية الاساسية والدقيقة.
وسبق للشاعر وان اجري عمليتين في القلب سنة 1984 و1998.
وكانت العملية الاخيرة وراء ولادة قصيدته المطولة جدارية التي يقول فيها هزمتك ياموت، الفنون الجميلة جميعها هزمتك، ياموت الاغاني في بلاد الرافدين، مسلة المصري، مقبرة الفراعنة النقوش علي حجارة معبد هزمتك وانت انتصرت.
و ولد محمود درويش في فلسطين في قرية البروة في الجليل الغربي عام 1942 ودمرت قريته عام 1948 واقيم مكانها قرية زراعية يهودية باسم احي هود ونشأ وترعرع في قرية الجديدة المجاورة لقريته.
ويعتبر محمود درويش احد اهم الشعراء الفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن وبين ابرز من ساهموا بتطوير الشعر العربي الحديث الذي مزج شعر الحب بالوطن.
وقام محمود درويش بكتابة إعلان الاستقلال الفلسطيني التي تم اعلانه في الجزائر عام 1988.
والتحق في شبابه بالحزب الشيوعي الاسرائيلي وعمل في مجلة الجديد وصحيفة الاتحاد ولوحق من اجهزة الامن الاسرائيلية ومن ثم فرضت عليه الاقامة الجبرية ما بين عام 1961 حتي غادر عام 1972.
وقام بدورات حزبية في الاتحاد السوفياتي ومن ثم لجأ الي مصر عام 1972 والتحق في صفوف منظمة التحرير وشغل فيها عضو لجنة تنفيذية.
ونال محمود درويش عدة جوائز عالمية تكريما لشعره.

*****

الروائي يهوشوا والشاعر غوري:
درويش كان في منفي دائم

وجه الروائي الاسرائيلي الشهير ابراهام يهوشوا والشاعر حاييم غوري التحية لذكري الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي توفي في وقت متأخر مساء السبت في الولايات المتحدة.
وقال الروائي ا ب يهوشوا في مقال نشرته صحيفة معاريف الاسرائيلية امس محمود درويش قبل كل شيء شاعر كبير كان يمتلك قدرة شعرية حقيقية.
واضاف سرعان ما اصبح شاعر الفلسطينيين، شاعر المنفي واللاجئين.
واشار الكاتب الذي يدافع منذ سنوات عن قيام دولة فلسطينية الي جانب اسرائيل الي مبادرة يوسي ساريد وزير التعليم في العام 2000 والذي اقترح حينها ادراج قصائد درويش ضمن البرنامج الادبي للمدارس الاسرائيلية.
واثار الاقتراح حينها ضجة في اسرائيل ولم يتم اعتماده.
وقال يهوشوا لوكالة الصحافة الفرنسية ان تعليم قصائد درويش في المدارس الاسرائيلية كان فكرة جيدة لان العرب والفلسطينيين ليسوا اعداء فحسب، انهم ايضا جيران علينا ان نجد معهم وسيلة للتعايش. حري بنا ان نعرف جيراننا، احلامهم وجراحهم.
واضاف مؤلف العروس المحررة الذي صور فيه شاعرا مستوحي من صورة محمود درويش ان الشاعر الفلسطيني كان خصما علي المستوي السياسي وصديقا لانه كان جارا، عربيا اسرائيليا، يعرف العبرية والتقاليد اليهودية في المجتمع الاسرائيلي.
التقي ا ب يهوشوا ومحمود درويش لاول مرة في حيفا في 1960 وللمرة الثانية في حيفا ايضا في 2007 حيث خصه العرب واليهود باستقبال حافل.
ومن جانبه عبر حاييم غوري، احد كبار الشعراء الاسرائيليين، البالغ من العمر 85 عاما، عن حزنه لوفاة درويش الذي وصفه بانه شاعر رائع.
وكان غوري التقي درويش في الستينات خلال تظاهرة ضد الرقابة التي كانت تمنع المنشورات العربية.
وقال غوري لوكالة الصحافة الفرنسية اشعر بالالم لوفاته لانه يجسد شخصية ماسوية، رجلا في منفي دائم، ارغم علي العيش بعيدا عن قريته.
وتابع الشاعر الاسرائيلي انه مع ذلك، في كتابه +حالة حصار+ كان هناك بصيص امل، امل بان تنتهي الحرب بين الشعبين. وتلا غوري واعادة تلاوة العديد من قصائد درويش.
وتمت ترجمة المئات من قصائد درويش وكذلك كتبه الي العبرية.
توفي محمود درويش مساء السبت عن 67 عاما في المستشفي في هيوستن بالولايات المتحدة حيث اجريت له عملية في القلب.

*****

سفير الحلم الفلسطيني يرقد في رام الله جوار عرفات

ينظم الفلسطينيون جنازة رسمية يوم الثلاثاء للشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي توفي بعد جراحة أجريت له في مستشفى بالولايات المتحدة.

وقالت وزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني أبو دقة لرويترز إن الجنازة ستكون على الأرجح الأكبر منذ وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 2004 وستقام في مدينة رام الله بالضفة الغربية حيث مقر السلطة الفلسطينية.

وذكر مسؤول آخر أن السلطات تعتزم إقامة نصب تذكاري عند قبر درويش يخلد أعماله وتمثال له.

وأعلن عضو المجلس الوطني الفلسطيني في عمان حمادة فراعنة أن جثمان الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش سيصل إلى عمان بعد غد الثلاثاء قادماً من مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية، حيث توفي مساء أمس السبت جراء مضاعفات نتجت عن عملية جراحية في القلب.

وقال فراعنة، الذي كان من الأصدقاء المقربين للشاعر الراحل، لويونايتد برس إنترناشونال، إن "الترتيبات جارية لنقل الجثمان من الولايات المتحدة إلى عمان"، مرحجاً دفنه في مقر المقاطعة برام الله بالضفة الغربية، قرب ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، في حال رفضت إسرائيل دفنه في قريته "البروة" الواقعة في أراضي الـ 1984.

وأوضح أن الجثمان "سيصل إلى العاصمة الأردنية الثلاثاء على متن طائرة خاصة وفرتها الرئاسة الفلسطينية، وستجرى مراسم رسمية لاستقباله في عمان، حيث سيشارك مسؤلون أردنيون وفلسطينيون رفيعو المستوى في المراسم".

وقال فراعنة أن جثمان درويش لن ينقل مباشرة إلى لأراضي الفلسطينية، بل سيبقى ساعات عدة في عمان لتمكين أصدقاء الشاعر الراحل في الأردن من توديعه.

وقال إن "الرئيس محمود عباس على اتصال مستمر مع رئيس تحرير صحيفة الأيام أكرم هنية الذي رافق درويش في رحلته الأخيرة وكان على مقربة منه لحظة وفاته".

وتابع فراعنة إن "عائلته ترغب في دفنه في مسقط رأسه، قرية البروة المحتلة في أراضي العام 1948 ولكن ذلك يواجه احتمال رفض السلطات الإسرائيلية التي منعت درويش من دخول أراضي فلسطين المحتلة في العام 1948".

وأضاف أنه في حال رفض السلطات الإسرائيلية السماح بدفنه في بلدته، فإن مراسم ستجري لدفنه في مقر المقاطعة برام الله حيث يرقد جثمان الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي أطلق على درويش لقب "سفير الحلم الفلسطيني".

*****