إسلام سمحان
(الأردن)

الى محمود درويش في اربعينه

إسلام سمحانحين يقولكَ الكلامُ ينمو للغةِ ريش
أكاد أحسُ فروَ ملمسه يُدغدغُني
حينَ يقولكَ الكلامُ ألمحُ داليتين تتعانقان
وأسمعُ ضربَ الكؤوس احتفالاً باصطياد
الأخيلة

حينَ يقولكَ الكلامُ يمرُ الربيع من شوارعنا
كحديقةٍ, كجرحٍ, مثل غابةْ
كصبيةِ عشرين, كعاشقةٍ بكامل أبهتها
كشهيدٍ ليلة العيد

حينَ يقولكَ الكلامُ ينفتقُ الفجرُ من ليلٍ كاسدٍ
من ليالٍ تشبه رائحةَ الأسفلت
من وجهٍ على الأسفلت يشبه الأعداء
حينَ يقولكَ الكلامُ أعرفُ ما يقالْ وتعرف ما يُحكى
من كلامٍ رتيبٍ ومن رتابةِ المعاني فوق الأواني

حينَ يقولكَ الكلامُ نغارُ منكَ, نغار عليكَ من حبٍ
طفيف, من كثافة الأنثى في مفرداتك من الأرض التي
إصطفتك عريساً, ملح جراحنا
حينِ يقولكَ الكلامُ رشيقاً كالحروف موجعاً كالكلام
تمضي حيثُ انتهت غزالة من وثبتها وحيث التقت فراشة
بظلها
من أين تزفكَ الايائل بعد الأربعين ؟

على صدر البنات اللاتي افترشن الحقلَ
بعد الحصاد وسني السِمانْ !!
من أين نرتق عباءتنا, لغتنا القصيدة
وكيف نفترش غيماً تزاور عنا ذاتَ اليمين وذات الشمال
رحيلكَ أهلكنا...
أهلكنا الرحيلْ, مشاة, حفاة, عراة,
وزناة يصيدون أطفال المدارس في النهار المريمي
من أين نجمع لغةً وكلاماً نرشرشه على النهرِ كالزهرِ
كأنجمٍ بيضاءَ كزهرة الكاميليا في شقٍ معتمٍ وغائر
هناك حيث رقدتكَ الأخيرة

أجزمُ أن ليديكَ الآن عبقُ المحبرة
فانتفضي يا أرضُ من حواليه
وابتهجي يا مقبرة
أكادُ أسمع ضجةً على العتبات
أسمعك تراودُ العتبات عن نفسها..
كم أنت لائقٌ يا هذا الضجيج
تؤنس العتبات المهجورة
في أربعينك ستنمو سبع سنابلَ خضرٍ
وأخرَ يابسات
ولن يجيء العام الذي يُغاث فيه الناس
لن نعتصر سوى الصيف..
سوى الصيف..

في أربعينك دهشةُ الصِلصال
بين يديّ " زوربا " الشقي...
أما كان لنا أن نقطع أصابعنا ندما
أن نأكل لحم عورتنا أسفاً عليك
أما كان لنا ان يكون لنا ما لنا..
كيف آخيت بين أضداد الكلام؟
كيف الكلام آخى فيما بينه؟

وإخوتنا يا اخاي يسلخون مجد الشهداء
عن بكرة ابيه
كيفَ آخيتَ بين النقيض ونقيضه في الكلام
وإخوتنا هناك يزرعون قنابل في حقل الياسمين..
أكاد أبصر " سالومي " تعلنُ فوق جثثنا العيد
اخوتنا أخوة يوسُف لا يحبون الأرض ويحرقونَ الزرعَ
ويزرعونَ الكرهَ / فماذا فعلنا لهم يا أخي؟
وبئرُ الماء الذي حفرناهُ بأيدينا تناصفناه
بخيط وهمي.. هلامي

eslamsamhan2005@yahoo.com