3 شهادات من فلسطين في محمود درويش

القدس المحتلة - وديع عواودة:

أكد ثلاثة نقاد وكتّاب فلسطينيين في أحاديث ل “الخليج” أن الشاعر الراحل محمود درويش نجح في التحليق في فضاء العالمية بعدما خاضت مسيرته الأدبية تحولات كبيرة شكلت مغادرته فلسطين انعطافة مركزية فيها.

واستعرض البروفيسور حنا أبو حنا مسيرة درويش الأدبية وتوقف عند مرحلتها الأولى يوم تربى على المدرسة الواقعية الاشتراكية السائدة في منتصف القرن الماضي والتي شهدت تصويرا للواقع بأبعاده الطبقية مع إبراز الأمل في نهاية القصيدة.

ولفت أبو حنا الذي رافق درب محمود درويش إلى أن الأخير بدأ يكتب في مطبوعات الحزب الشيوعي “الإسرائيلي” وهي المطبوعات المحلية الوحيدة المتاحة وقتذاك التي رأت بغوركي وناظم حكمت وبابلو نيرودا نموذجا للكتابة الأدبية.

وأوضح أن درويش تربى في إطار الأدب الملتزم وتأثر بطلائع الشعر الفلسطيني لإبراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود وأبو سلمى وسواهم لافتا إلى أن المدرسة أنبتت قصيدته “سجل أنا عربي” التي افتتح بها ديوانه “أوراق الزيتون” بعد ديوانه الأول “عصافير بلا أجنحة” باكورة أعماله.

ويعتبر أبو حنا أن التحول الأدبي لدى درويش بدأ قبل مغادرته البلاد وبالتدريج محتفظا بأسلوبه الخاص بالشعر والنثر والحافل بالصور والمعاني غير الملقاة على الطريق وأضاف “حتى عندما كتب عن الماء والهواء وجدت لديه أدبا جميلا”.

ويؤكد أبو حنا أن التحول البارز في نتاج درويش ظهر في قصيدته سرحان “يشرب القهوة في الكافتيريا” ويقول إن هذا الموضوع الوطني القومي شهد هذا التحول بصوره الفنية ليشمل نقطة انطلاق أبعد.

ويشير البروفيسور أبو حنا إلى أن درويش قرأ كثيراً الأدب العالمي بنهم ويستذكر أنه أجابه ذات مرة في السبعينات عن سؤال وجهه إليه حول القراءة فقال: أقرأ مثل النملة.

ويلفت أبو حنا إلى أن درويش أخذ في طوره الأخير يبحث عن الغياب قبل حواره الشهير مع الموت في “الجدارية” و”حضرة الغياب” ويقول إنه مضى للبوح الإنساني والتأمل الوجودي ما جعله يحلق في فضاء الشعر العالمي رغم أنه سبق ودخل ساحات الوجودية العالمية في شعره الفلسطيني، وأضاف “في المرحلة الأخيرة صارت قصائد محمود أقصر ومكثفة بعيدا عن القضية الوطنية المباشرة واليومية نحو ما هو أوسع وما يدور حول حرية الإنسان، كفاحه ومجمل حياته”.

وأوضح البروفيسور محمود غنايم أن البساطة في التعبير هي اللغز الذي اهتدى إليه درويش فصار يتوجه للجماهير العريضة بدلا من مخاطبة النخب واعتماد الإشارات الثقافية الخاصة والعميقة، وأشار إلى أن الفقيد ما زال طريا ولم يدفن بعد ولكن ليس من المبالغة القول إنه من أهم شعراء العالم في القرن العشرين مشيراً إلى أنه تبوأ منزلة كبار الشعراء من أمثال بابلونيرودا وأضاف “حينما ستدون الموسوعة الشعرية سيكون محمود درويش واحدا من أهم خمسة شعراء”.

وأفاد الكاتب الناقد أنطوان شلحت أن محمود درويش نجح في التحليق بفضاء العالمية بفضل طاقاته الشعرية غير المحدودة والمفتوحة على آفاق رحبة إضافة لقدرته على خلق حساسية لأي ذبذبات إبداعية.

وأشار شلحت إلى أن درويش هو أكثر الشعراء العرب المترجمين للغات أجنبية وهذا لا يعود لكونه شاعر قضية فحسب، بل لأنه شاعر مرموق وأضاف “ارتبط محمود كثيرا بشعر المقاومة لكنه ظل يحلق بسماء العالمية أكثر من بقية شعراء المقاومة وبذلك شكل الاستثناء عن القاعدة”.

الخليج
الأربعاء ,20/08/2008