لا وداع بل الى اللقاء فارس سيدة الأرض والسماء زين الشباب أمير الأبجديات وسيد الوفاء... (من بين دموعهن جميعاً، تسرّ اليه الغريبة) مرة أخرى انتظرني هناك انتظرني في السحاب على العشب عند نجماتي الثلاث انتظرني مثلما فعلت ليلة فرحنا المغدور حين، مكرهةً، تخلفت في الغياب عن حديقتي عشقك وآثرت ان اخلو للشعر فيك ولمجدك...
مخافة الدمع والانكسار أجّلت عرس الانصهار آن آتيك مجلوّة بالغمام والسنابل السبع وشقائق النعمان (التي نسوها) محمولة فوق أبدية الوفاء أجمل جميلاتك وعروس قصائدك الحريرية العسلية السرية العصية الشاهقة الناهدة اللماحة المائية بلا زمن او سلة عمر او زحام ذكريات بلا تضاريس او قافية او ندوب او جغرافيات بلا بدء ولا سلالات...
(تصلي في محراب صمتها وصمته الغريبة): لك، وحدك، خلقت سيدة الأعالي أنثاك الكونية المتعددة المشتهاة والقيثارة المطلقة في عزيف هواك أوّل القصيدة أنت لي أوّل الحب كنت لك ومدانا ما لم يتحقق مني ومنك من أجلك أحببت اسمك وأرضك الجريحة وأجدرنا بالعزاء بل بالفخار أمك والزعتر والقهوة بالهيل وأصدقاءك الشعراء وذكرك...
بكبرياء الأنوثة والشعر أخفيت عني وعنك أني مجرد نسمة فجرية حيالك تخشى بياض الصفحات والرحيل.. وحبك وتلهج في شرايين الصمت والعزلة والشتات: هيت لك 'هيأت لك' (تبكيك، في وجعها الأبدي 'الغريبة'): كيف تغتال بجميع الغدير ألوهة الجسد الماسي فوق سرير الغياب كيف يخذلك القلب العفيف الحصيف عند مفترق السراب لطالما اشفقت عليه من خسارات الوقت وتصدير الخفق فسيجته، برفق الحالمين، عن اسطورة العذاب...
على أريحيتي ضننت عليّ بك وعلى الاسرار والانسرار والفرح والصهيل حذر الأنين والهزائم والتكرار...
كيف، بهذا المدى، أحبك وأكره، اليوم، قلبك حين غيبتك!! (تسائلك في ذهولها الصاعق، 'الغريبة':) أينك الآن محمود؟! الآن أينك؟؟؟ أين فتنتك الفادحة أناقتك الفذة دعاباتك حياؤك الوهاج قلقك الوفيّ عناد الكنعاني ولوذعية الغضب لديك؟! وكيف، بتبجح الأغبياء، يفتك الهباء بكل ذكاء البهاء؟؟؟
هل يغار الموت من الجمال الجمال من الحب الحب من الموت الموت من الموت؟؟؟ أجبني، بحق الحياة، يا سيد الحياة، أيهذا الماء ويا سيد الموت، أيذاك التراب؟! لم لم يخرّ الموت صاغراً كالسابق حيال وروفك وشانك ويذهب الى الغياب 'بطلا شهماً كريماً بديلاً عنك'؟! أتراه أحسن منك ومنا ومن الحياة عليك هل صار الموت حكيما يأبى لشموخك انحناء أو نضوباً او كبوة جراح فآثر، بحلم العارفين، وقبل انشطار البيت الذي حرصت بحنو عليه، أن يقتلعك في ذراك؟! اذا يستحق الموتُ الموتَ مثلما تستحق الحياةُ الحياةَ...
(تنتفض الى طريقها السماوي الغريبة) سأعمّدك بما يليق بسموّ لا زوردك لا بهاوية الغياب وسأهب، من جديد، عليّ وأحب الحياة التي أحبتك والشعر والمجد وحبّك ولن أستثني الموت او قلبك فانتظرني ثانية ـ عفو السيد ـ 'بذوقك الأميريّ الرفيع البديع' في موعدنا المنذور هناك...
دمشق في 13/8/2008
القدس العربي- 29/08/2008