هاجر الى الشمال ولم يَعُد

الخرطوم - صديق نورين

رحيل الروائي السوداني الطيب صالح غيّب الموت، أمس، الأديب السوداني الطيب صالح. وتوفي الروائي العالمي صالح في لندن جراء الفشل الكلوي، ونعته رئاسة الجمهورية ووصفته بفقيد البلاد، مشيرة الى أن له القدح المعلى في نشر الأدب والثقافة السودانية في مختلف أنحاء العالم من خلال رواياته ومؤلفاته وكتاباته الرائعة التي ترجم العديد منها باللغات العالمية.
وولد الطيب محمد صالح أحمد في قرية كرمكول بمركز مروى بالمديرية الشمالية بالسودان في 18 فبراير العام 1929م، حيث عاش طفولته الباكرة وصباه. وتلقى تعليمه في ثانوية وادي سيدنا جنوبي العاصمة السودانية قبل أن تنقل لاحقاً الى وسط الخرطوم وتقام مكانها قاعدة جوية، ودرس في كلية العلوم بجامعة الخرطوم ونال فيها درجة البكلاريوس. ومارس التدريس، ثم عمل في الإذاعة البريطانية في لندن. ونال صالح شهادة في الشؤون الدولية في إنكلترا، وشغل منصب المدير الإقليمي لمنظمة اليونسكو في باريس ثم في دول الخليج بمقر المنظمة بدولة قطر في الفترة 1984م ـ 1989م.
أطلق النقاد العرب على صالح لقب "عبقري الرواية العربية"، واشتهر بصورة خاصة بروايته الرائعة "موسم الهجرة الى الشمال" التي ترجمت الى لغات عدة، وهي رواية تم اختيارها من قبل لجنة الأدباء العرب باعتبارها أهم رواية كتبت في القرن العشرين. وحالة الترحال والتنقل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب أكسبته خبرة واسعة بأحوال الحياة والعالم وأحوال أمته وقضاياها وهو ما وظفه في كتاباته وأعماله الروائية، ومن رحم ذلك ولدت رواياته وكتبه التي أشهرها: موسم الهجرة الى الشمال، عرس الزين، مريود، ضو البيت، بندر شاه، نخلة على الجدول، دومة ود حامد، ومنسي، الى جانب روايات أخرى ومقالات وقصص قصيرة في الصحف والمجلات.
وترجمت أعمال الطيب صالح الى أكثر من ثلاثين لغة. و"موسم الهجرة الى الشمال" واحدة من أفضل مائة رواية في العالم.. وقد حصلت على العديد من الجوائز. وقد نشرت لأول مرة في أواخر الستينات من القرن العشرين في بيروت، وتم منحه لقب "عبقري الأدب العربي" في عام 2001م، واعتمدت الأكاديمية العربية في دمشق كتابه "موسم الهجرة الى الشمال" على أنه "الرواية العربية الأفضل في القرن العشرين.
وروايته "عرس الزين" حولت الى دراما في ليبيا ولفيلم سينمائي من إخراج المخرج الكويتي خالد صديق في أواخر السبعينات حيث فاز في مهرجان كان. في مجال الصحافة. كتب الطيب صالح خلال عشرة أعوام عموداً أسبوعياً في صحيفة لندنية تصدر بالعربية تحت اسم "المجلة". خلال عمله في هيئة الإذاعة البريطانية تطرق الطيب صالح الى مواضيع أدبية متنوعة.
وتقول موسوعة "وكيبيديا" إن كتابته تتطرق بصورة عامة الى السياسة، وإلى مواضيع أخرى متعلقة بالاستعمار، الجنس والمجتمع العربي. في أعقاب سكنه لسنوات طويلة في بريطانيا فإن كتابته تتطرق الى الاختلافات بين الحضارتين الغربية والشرقية.
والطيب صالح معروف كأحد اشهر الكتاب في يومنا هذا، بحسب المصدر، لا سيما بسبب قصصه القصيرة، التي تقف في صف واحد مع جبران خليل جبران، طه حسين ونجيب محفوظ.
موسم الهجرة الى الشمال: رواية كتبها الطيب صالح ونشرت في البداية في مجلة حوار في سبتمبر عام 1966. ثم نشرت بعد ذلك في كتاب مستقل عن دار العودة في بيروت في نفس العام. في هذه الرواية يزور مصطفى سعيد، وهو طالب عربي، الغرب، مصطفى يصل من الجنوب، من افريقيا، بعيداً عن الثقافة الغربية الى الغرب بصفة طالب. يحصل على وطيفة كمحاضر في احدى الجامعات البريطانية ويتبنى قيم المجتمع البريطاني. هناك يتعرف الى زوجته، جين موريس، وهي امرأة بريطانية ترفض قبول الاءات زوجها. بعد سبعة اعوام يعود مصطفى الى بلاده، حيث يلتقي هناك بصورة مفاجئة براوي القصة الذي عاش ايضا في بريطانيا. القصة نفسها تروى عن طريق قصص يرويها الراوي والبطل.
اختيرت رواية موسم الهجرة الى الشمال كواحدة من افضل مائة رواية في القرن العشرين وذلك على مستوى العالم. ونالت استحساناً وقبولاً عالمياً وحولت الى فلم سينمائي. اجمالاً تتناول الرواية في مضمونها مسألة العلاقة بين الشرق والغرب.
ضو البيت (بندر شاه): احدوثة عن كون الأب ضحية لأبيه وابنه.
دومة ود حامد: ويتناول فيها مشكلة الفقر وسوء التعاطي معه من قبل الفقراء أنفسهم من جهة، واستغلال الاقطاعيين الذين لا يهمهم سوى زيادة اموالهم دون رحمة من جهة أخرى.
وعارض صالح حكومة الانقاذ الوطني، وفي مقال كتبه تحت العنوان "من أين أتى هؤلاء؟"، حيث اكتسبت عبارته هذه شهرة تضاهي شهرة رواياته، آخذ صالح الانقلاب برئاسة الرئيس عمر البشير، ولكنه عاد في أخريات ايامه بعد قطيعة طويلة، متراجعاً عن معارضته تلك، ووصل الرئيس البشير في اكثر في عدد من المقابلات الصحافية والتلفزيونية بأنه "ود بلد"، العبارة التي يعبر بها عن ثناء عظيم في السودان.

المستقبل
الخميس 19 شباط 2009
العدد 3224
ثقافة و فنون - صفحة 20

****

ترشيح الطيب صالح لنيل جائزة نوبل

بعثت مجموعة من المؤسسات الثقافية في الخرطوم بينها اتحاد الكتاب السودانيين وعدد من المراكز الثقافية في العاصمة السودانية رسالة الى الأكاديمية السويدية ترشح فيها الأديب والروائي السوداني الطيب صالح لنيل جائزة نوبل.
وهي المرة الثانية التي يرشح فيها صاحب "موسم الهجرة الى الشمال" للجائزة من خلال مؤسسات سودانية. ويقول عالم عباس رئيس اتحاد الكتاب السودانيين إن اللجنة تضم مجموعة من أبرز المثقفين السودانيين كوّنت لترشيح الطيب صالح، مشيراً الى أن الاتحاد أرسل باسمه رسالة الترشيح الى الأكاديمية السويدية.
وأوضح أن أعمال الطيب صالح تؤهله لنيل نوبل وأن الترجمات الكثيرة التي حظيت بها تدل على عمقها وأهميتها ليس عربياً فقط وانما عالمياً. وكانت أقلام عربية كثيرة دعت في أوقات مختلفة الى ترشيح الطيب صالح، لكن ما طرح أخيراً في هذا الصدد كان أكثر كثافة.
تجدر الإشارة أن وكالات أنباء أوردت عام 2002 اختيار رواية "موسم الهجرة" ضمن أفضل مئة رواية في التاريخ الانساني وفق قرار اتخذه مئة من كبار الكتّاب الذين ينتمون الى 54 دولة. وفي آذار (مارس) 2007 منح الطيب صالح جائزة ملتقى القاهرة للإبداع الروائي.
إلا أن الطيب صالح لا يبدو مهتماً بأمر الجائزة حيث أشار الى أنه لا يشغل نفسه بالجائزة مشككاً، ومشيراً في نفس الوقت الى أن في العالم عشرات الكتّاب الكبار الذين يستحقون نوبل، وبعضهم في العالم العربي لم يمنحوا هذه الجائزة مشبهاً لها باليانصيب.

المستقبل
الخميس 19 شباط 2009
العدد 3224
ثقافة و فنون - صفحة 20

****

الطيب صالح وصراع الحضارات

كوليت مرشليان

رحل الروائي السوداني الطيب صالح عن عمر يناهز الثمانين عاماً في العاصمة البريطانية حيث يعيش منذ العام 1952. وبرحيله فقدت السودان أحد كبار أدبائها ومفكريها. وتُعتبر أعماله الروائية من أكثر الروايات التي أغنت المكتبة العربية وهو تفرد بمناخاته الكتابية وكانت شهرته الكبيرة مع صدور روايته "موسم الهجرة الى الشمال" التي صدرت عام 1966 وكانت قد سبقتها رواية "عرس الزين" العام 1962. ومن مؤلفاته أيضاً: "ضوء البيت" و"دومة ود حامد" ويتناول فيها مشكلة الفقر التي عاناها شعبه في مراحل عديدة. كما كتب الطيب صالح رواية "مريود" و"منسي" و"نخلة على الجدول"...
غير ان روايته "موسم الهجرة الى الشمال" كانت النقطة الفاصلة في حياته وفي أدبه. وقد ترجمت الى أكثر من ثلاثين لغة عبر العالم واعتبرت واحدة من أفضل مائة رواية في العالم وقد حصلت على العديد من الجوائز، وقد نشرها في بيروت للمرة الاولى ثم تبعتها عشرات الطبعات.
ولد الطيب صالح في قرية كرمكول شمالي السودان عام 1929 ثم انتقل الى الخرطوم حيث التحق بالجامعة التي لم يدرس فيها الادب بل العلوم ثم تابع تخصصه في لندن في دراسة الشؤون الدولية.
تنقّل الطيب صالح في مواقع مهنية كثيرة كان أولها بعد ان غادر السودان عام 1952 ليستقر في لندن حيث عمل في القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية وشغل منصب مدير قسم الدراما فيها، كما عمل في وزارة الإعلام القطرية في الدوحة منذ سنوات ثم تولى منصباً في مقر اليونسكو في باريس.
غير ان موقعه في خريطة الرواية العربية كان أبرز ما توصل اليه الطيب صالح مع "موسم الهجرة الى الشمال التي تناول فيها موضوع لقاء الثقافات وتفاعلها و"صورة الآخر بعيون العربي والشرقي بعيون الآخر" الذي ينظر إليه كانسان قادم من عالم الرومانسية حيث يسود السحر والغموض.
وكانت السلطات السودانية قد منعت تداول هذه الرواية في بداية التسعينات بحجة تضمنها بعض المقاطع ذات الطابع الفاحش والجريء. غير ان كتابات صالح التي تطرقت بشكل كبير الى السياسة والمجتمع والاختلاف بين الحضارات نالت إعجاب النقاد عبر العالم خاصة في الجانب الذي أعطى فيه حق الكلام والتعبير عن الذات للفئة التي يُعرّف عنها في العالم على انها فئة "العالم الثالث" أو العالم النامي، وكان هذا تجسد في شخصية بطله "مصطفى سعيد" الذي جعله يشير عبر الأحداث التي عاشها كل الصدام ما بين العالم المتقدم والعالم النامي وتجلت هذه الأحداث في أعمال وحشية وقد أوحت هذه الشخصية الى العديد من الباحثين والدارسين والنقاد الذين تناولوها وحللوها في دراسات عديدة وكان أطلق على بطل الطيب صالح العديد من الألقاب أبرزها لقب "مصطفى سعيد عُطيّل القرن العشرين" حيث انه حاول بعقله ان يستوعب حضارة الغرب وان يعيش بقلبه حضارة الشرق وبالتالي فهو عاش نزاعات عديدة.
هذه الرواية المفصلية في حياة الطيب صالح "موسم الهجرة الى الشمال" جعلت عدداً من المعنيين يهتم في السنوات الأخيرة لترشيحه لنيل جائزة نوبل للآداب، الأمر الذي لم يحصل، غير ان ترشيحه لفت انتباه الأكاديمية السويدية وبعض المؤسسات الغربية التي وبعد ان اطلعت على ترجمات كتبه صنفت "موسم الهجرة الى الشمال" واحداً من ضمن لائحة ضمت "أفضل مئة رواية في التاريخ الانساني" وكان ذلك في العام 2002، ووفق قرار اتخذه مئة من كبار الكتّاب الذين ينتمون الى 45 دولة.
بقي ان الطيب صالح لم ينل "جائزة نوبل" للآداب غير انه في هذا التصنيف الأخير الذي شكل مفاجأة جميلة في العالم العربي، عادت روايته لتصدر مجدداً في بيروت في نسخة جديدة من حيث انطلقت شرارتها للمرة الأولى وكان ذلك في العام 1966.

المستقبل
الخميس 19 شباط 2009
العدد 3224
ثقافة و فنون - صفحة 20

****

رحيل الروائي السوداني الطيب صالح

ولد الطيب محمد صالح أحمد في مركز مروى، المديرية الشمالية السودان عام 1929.
تلقى تعليمه في وادي سيدنا وفي كلية العلوم في الخرطوم.
[ مارس التدريس ثم عمل في الإذاعة البريطانية في لندن.
[ نال شهادة في الشؤون الدولية في إنكلترا، وشغل منصب ممثل اليونسكو في دول الخليج ومقره قطر في الفترة 1984 ـ 1989.
[ صدر حوله مؤلف بعنوان "الطيب صالح عبقري الرواية العربية" لمجموعة من الباحثين في بيروت عام 1976. تناول لغته وعالمه الروائي بأبعاده وإشكالاته.
[ كان صدور روايته الثانية "موسم الهجرة إلى الشمال" والنجاح الذي حققته سبباً مباشراً في التعريف وجعله في متناول القارئ العربي في كل مكان.
[ تمتاز هذه الرواية بتجسيد ثنائية التقاليد الشرقية والغربية واعتماد صورة البطل الإشكالي الملتبس على خلاف صورته الواضحة، سلباً أو إيجاباً، الشائعة في أعمال روائية كثيرة قبله.
[ يمتاز الفن الروائي للطيب صالح بالالتصاق بالأجواء والمشاهد المحلية ورفعها إلى مستوى العالمية من خلال لغة تلامس الواقع خالية من الرتوش والاستعارات، منجزاً في هذا مساهمة جدية في تطور بناء الرواية العربية ودفعها إلى آفاق جديدة.
مؤلفات الطيب صالح
عرس الزين رواية ( 1962 )
[ موسم الهجرة إلى الشمال رواية ( 1971 )
[ مريود رواية. [ نخلة على الجدول [ دومة ود حامد رواية.

المستقبل
الخميس 19 شباط 2009
العدد 3224
ثقافة و فنون - صفحة 20

****