عبدالله زريقة

  1. الشاعر الحديث ؟ كيف أتصوره ؟ هو مجرد احتمال وافتراض في ذهني. فمرة هو الذي لا يقاس زمنه بزمن ما، ومرة هو الذي أخطأ زمنه فجاء في زمن ليس بزمنه، ومرة هو الذي لا يكون شاعراً حديثاً إلا بتجاوز حداثة زمنه وهكذا كل مرة أعثر على صورة له. مخيلته، نظرته، موضوعاته ؟ هذه أشياء لا نكاد نلمسها حتى تهرب منا، أشياء مرعبة وجميلة في آن واحد، لكنها زائلة وعابرة لا تمسك، ولا يمكن القبض عليها. بل يبقى في الأخير هذا الغبار نلون به حيطان أوراقنا، أي كيف تروح الأشياء بهذا الشكل، كيف تدمر الأشياء بعضها البعض، ولا نملك لها شيئا.
  2. الآثار الشعرية التي ظهرت في العقد الثمانيني ليست متجانسة، ولا تشكل كلاً واحداً، بل هي في نظري، إما أنها تعيد ما سبق من تجارب، وإما أنها تبحث عن فضاءات شعرية لم تتحدد بعد، وإما أنها تجاوزت السابقة بكثير وتقاطعت معها وكلنها في العتمة يلزمها ضوء كثير. المسألة تتطلب إبداء شجاعة نقدية كبيرة.
  3. النقد؟ نادر جداً، لزن لا وجود لدعامة فلسفية بالضرورة، فليس هناك فلاسفة يستفزون هذا الرماد المعشوشب فين والإبداع لا يستقيم هو الآخر دون نقد. وهكذا، فالآلة الرهيبة فلسفة، نقد وإبداع معطوبة في العالم العربي، ولذلك فالتجارب الإبداعية الآن هي مثل عمليات الانتحارية.
  4. ليست مجموعات شعرية بالضرورة، وإنما في غالب الأحيان كتابات تفرقع رأسك وتزلزل كيانك، مثل كتابات آرتو، موريس بلانشو، جورج باطاي، سيلين، نيتشه، شوبنهاور.. الخ وكلما قرأت مثل هؤلاء تتساءل : ماذا قرأت وماذا كتبت، بل لماذا تقرأ، ولماذا تكتب، وإلى أين تمضي بكيانك المختل في هذا الوجود المختل ؟
  5. لا أستطيع العيش في ضوضاء جماعة، فنفسي هي الأخرى لا أطيقها، لكن يمكن أن تكون هناك جماعة مفتوحة ومتفتحة جداً من مختلف البلدان العربية تتبادل الآراء على أساس أن تقيم علاقات مع شعراء آخرين من بلدان أخرى، ومفتوحة على فعاليات فنية أخرى تشكيل، سينما، تصوير ومسرح.. الخ أي جماعة لا تشعر فيها بثقل أو سلطة أو أجوبة ثابتة ودائمة.
  6. الشعر شكل من أشكال الإقامة في هذه الأرض.
  7. الجيل، الرواد، الآباء.. أشباح ترعبني، بل أكره حتى هذه التسميات وأحاول أن أكنسها من أرض ذاكرتي.
  8. صداقتي الشعري لا تدوم لشاعر معين، وإنما انتقل من واحد إلى آخر، وأحس بأن كل واحد يجرني إليه بطريقته الخاصة.

نصوص

1

لا تدع الرجل المقطوع أصابعه
يعدّ الأيام التي بقيت
وأبعد هذا الكرسي الأعرض عنك
لئلا يأخذ إحدى رجليك
آه لم أجد حياً واحداً في مقبرة
رأسي

2

لا تغسلوني
سأذهب من المرحاض
إلى القبر
لا تقرأوا عليّ شيئاً
فأذني أكلها الدود
لا تغطوني
فرأسي
شاهد
قبر جسدي.