أنياس فانوفونغ

Genetيعترف جينيه (Genet) بجرح داخلي لدى كل من رامبرانت (Rembrandt) وجياكوميتي (Giacometti). فتنته بورتريهات الأول، بينما تغذي أشباح الثاني، إغواء للنحت في نصوصه.
هل بإمكان من يكون مقصيا من المجتمع، منبوذا، صبيا منتميا للإصلاحية التي توقفت دروسه بها عند نيله شهادة الدروس الابتدائية، أن يكون ذا إلمام كبير بالفن؟ فإذا كان جان جينيه ( Jean Genet ) قد قام بالتهام كتب مكتبة مدرسة القرية، فإن طفولته اليتيمة وشبابه الثائر لم يكونا ليهيئاه كي يصبح كاتبا كبيرا، تصدر كتبه عن دار لابلياد (La Pleiade) ثم ولوجه إلى قائمة المسرح الفرنسي. لذلك، فإن كتابة جينيه هي أبعد ما تكون على الاختصار في الرواية والمسرح. فقد تعاطى جان جينيه، شأنه في ذلك شأن إميل زولا (Emile Zola) مع إدوارد مانيه (Edouard Manet)، وميشال ليريس ( Michel Leiris) مع فرانسوا بيكون (Francois Bacon)، بشكل شخصي جدا، لامتهان أسلوب لمع فيه شارل بودلير (Charles Baudelaire): نقد الفن. يكتب بودلير 'غالبا ما يحدث لي تذوق لوحة فقط بسبب مجموع الأفكار أو الأوهام التي تجلبها إلى نفسي'. تتضمن استتيقا (esthetique) جينيه ـ [ وهي] بصمة جياكوميتي ورامبرانت ـ علاقة بالعالم، ذاتية، تعمل على إيضاح مسألة الذات والمرئي. فقد اكتشف الكاتب، في لوحات الرسام الفلاماني (flamand)، وفي منحوتات جياكوميتي الخيطية الشكل، [ اكتشف] في تلك المادة الرسمية وفي تلك الأشكال المتوحدة المنقوشة، ألفة تستدعي حالة إبداعية بحصر المعنى: جرح الذات. لهذا السبب [ نجد ان ] كتاباته حول الفن تسائل وتستنهض رهانات أدبية ماثلة في الفنون البصرية. إن التواطؤ بين التصوير والأدب يقوي حدة الإدراك الذي يجعل التقارب ممكنا مع الأعمال. اكتشف في رحلته إلى لندن سنة 1952 ثم أمستردام في سنة 1953 لوحات رامبرانت، تولد لديه إعجاب بلا حدود ودراسة سوف لن ينهيها، عرفت تحت شكل نصين موجزين: ما تبقى من رامبرانت موزعا إلى مربعات صغيرة جد منظمة في المراحيض في حالة سيئة، وسر رامبرانت. بين سنتي 1954 و1957، اتخذ جينيه وضعه إزاء مجموعة بورتريهات، في مرسم ألبرتو جياكوميتي، معترفا بأنه 'الإنسان الوحيد' الذي أعجب به. فقد تعجب حول 'المنحوتات الضخمة، الثابتة، دليل قاطع على أني أوجد، على أننا نوجد في كل عزلتنا العظيمة'. اكتشف أيضا واقعا مؤثرا باح به في رسالة إلى ليونور فيني (Leonor Fini): 'لا أستطيع قول الحقيقة إلا في الفن'. على أن قول ما هو حقيقي ليس شرطا لدى الكاتب. فهو [ الشرط ] يكشف بعدا خارج ـ بيوغرافيا، حينما يتعلق الأمر بالحديث عن قوة الفن فإنه يتيح له فهم العالم، ولجعل عالمه مرئيا ثم إظهار كل ما هو معتاد على التخفي: الكسرات السرية، التشققات، مساوئ الوجود. وفي آخر المطاف، في فجوات نقد الفن، فإن جينيه يحكي نفسه ويطبق فن العري (1).

النظرة المجروحة : رامبرانت

في أصل الفن، الدافع الخلاق، يكمن جرح مختبئ. ففي مرسم ألبرتو جياكوميتي، سر رامبرانت والبهلوان، استعاد جينيه تجربة العزلة وجرح الذات الذي يوجد في صلب العمل الفني. ميز لدى رامبرانت، 'أشكاله [ التي ] تعرف برمتها، وجود جرح، تلتجئ إليه'. ففي البهلوان (Le Funambule)، على الإنسان أن يندفع إلى الانفتاح، فـ'هناك سيكون بإمكانه اكتشاف القوة، الجرأة، العنوان الضروري لفنه'. يمجد مرسم ألبرتو جياكوميتي فكرة أن 'ليس للجمال أصل آخر سوى الجرح، المتفرد، المختلف بالنسبة لكل واحد، المختبئ أو المرئي'. إن ما يفتن جينيه، على القماشة، المرمر أو على الخط، هو نفاد النظر الذي ينبئ عن كآبة وهروب لايجيزان الإمساك بالشخصيات لكن على العكس يحجبانها عن الرؤية .
تكون القراءة السيرية (biographique) فورية، لأنه من السهل ملاحظة نسب خيالي، أو صلة مشابهة بين التماثيل الكهنوتية (hieratiques) والـ'أشكال التي تسير وحيدة في الطريق' لجياكوميتي، البورتريهات الذاتية لرامبرانت، ثم جينيه، يتيما نشأ في إصلاحية. ما الذي يشاهده لما يلاحظ صورة ما؟ فأي مشاهد يكون؟ لماذا تفتنه أيما افتتان الفنون البصرية، التصوير، النحت، السينما، المسرح؟ ما الذي يوجد في صلب ذلك الافتتان؟ 'إن انفعالي، يقول، ناتج عن تلك الخطوط أمام [ الـ ] لوحات الأكثر جمالا [ لرامبرانت ] ـ ماذا حدث لي إذا؟ لماذا هذا؟ ماهذه التصاوير التي أجد صعوبة كبيرة في التخلص منها؟' إن البورتريهات التي رسمها رامبرانت بعد الخمسين جعلته يحوز اليقين بأن تلك الأعمال لاتمت بأي صلة لـ'أي أحد محدد الهوية'. فكلما كان يشاهد الخطوط المجعدة لمارغريتا تريب (margaretha trip)، كي يكتشف فيها 'هوية خاصة'، كلما كانت تلك الخطوط ' تتوارى ضمن هروب لاينتهي '. كان رامبرانت، بوصفه مصورا للجسد، يغري المؤلف بشكل خاص. فما كان يصدم جينيه، في بورتريهات ساسكيا (saskia) أو مارغريتا تريب، هو لطافة الأشكال التي لاتقول شيئا، إلا أنه تصدر عن نظرتها الثقيلة قوة شديدة. تحبل البورتريهات الذاتية التي أنجزها المصور في شيخوخته بالكثير من التأملات حول الشيخوخة والمعاناة. كأن المتفرج يركز على التفاصيل: البيريه الأسود، الشعر الأبيض، قتامة العينين، التجاعيد، قلق النظرة. يجسد رامبرانت في ذات الوقت الحضور والغياب في العالم. ثم إن جينيه يدرك في عمله ذاتا مبشعة ومنفى كونيا. فإذا ما كان يلاحظ لدى رامبرانت الـ'طيبة القوية' للبورتريهات، لاسيما نظرته الخاصة التي يدركها الكاتب. إن ما يخلق بلبلة هو الـ'شفافية الجهنمية' للجرح الذي عبره يسائل الأصول. هل يحيل إلى الجرح الأصلي، جرح التخلي، إلى 'جرح نرجسي' فرويدي أو وجودي؟ تعمل كتابة جينيه على تظهير الفراغ، إبراز 'كثافة' العالم. إلى ذلك، فقد وجد نفسه في مسعى رامبرانت الذي يرسم هشاشة أونطولوجية. في قلب تلك الصور يتلاقى انفعال التفاصيل الثابتة أو المتحركة، [ تتلاقى ] الخطوط المحبوسة أو التي في حالة هروب، الجريمة، الحاملة لآثار الزمن.

جمودية جياكوميتي

يستدعي جينيه، في دراساته الاستتيقية، جمودية الصورة، يصف علاقتها بالفضاء وبالحركة. متمسكا على الخصوص بالرابط بين النظرة والواقع، يسائل الإدراك والانفعال الذي يتم الإحساس بهما أمام عمل فني ما. يسائل مرسم البرتو جياكوميتي العلاقة بين الصورة والحركة، حيث ينشأ عن ذلك معضلة أولى: كيف يكون بإمكان صورة، بوجه خاص جدا، صورة تمثيلية في حالة المسرحيات، أن تكون في الآن نفسه متحركة وثابتة؟ بواسطة أي مظهر إدراك تقوم تماثيل جياكوميتي بتمثيل الرجرجة؟ ماهي القوة التي تصدر عن منحوتات جياكوميتي وعن بعض الأشكال المسرحية لدى مؤلف الخادمات؟ تظهر المشاهد الأولى لـ[ مسرحية ] الشرفة الـ'أشكال الثلاثة الرئيسية (2)'، ضمن إفراط متخشب يقوي التماثل مع المنحوتات. كما أن الممثل، لاعبا دور المطران ومنتعلا لحذاءين بـ[مقاس ] خمسين سنتيمترا. مبالغا في المساحيق، الكتفان عريضتان إلى أقصى حد، يشبه تمثالا عملاقا. فالكاتب المسرحي (dramaturge)، الذي يحدد الرغبة في العمل على 'كسر الأشكال الثلاثة الأساسية فوق مزالج عالية (3)'، يشهد عن ازدراء معين بالنسبة للمثلين: 'كيف يكون بإمكانهم المشي بهذا دون ان يهلكوا، دون أن تتعثر أقدامهم باذيال [الثوب ] وتخريمات تنوراتهم. التي اعتادوا عليها(4). ' يلح جينيه على مفاهيم الوضع، وضعة الجسم ( posture)، مفسرا أنه، لتجسيد شخصية، [ فإن ] قناعا ما يفرض نفسه. يكون المطران المزيف واعيا بوضعة جسمه الوقورة والجامدة التي يضفيها عليه درعه. بدورها، فحينما وضعت السيدة إرما (Irma) حدا لما هو شعائري وأن المطران كان مجبرا على النزول من مزالجه وأن يصبح إنسانيا، مثل الـ'أكثر ابتذالا للممثلين'، تتلاشى الصورة المشيدة، يتحول الجسد الكهنوتي الديني إلى تمثال إنساني متصلب تماما. صاح المطران متعجبا: 'متصلب؟ أأنا متصلب؟ تصلب احتفالي! ثبات نهائي (5)!' شأنها في ذلك شأن كل شخصيات [ مسرحية ] الشرفة، يكون الشكل الديني مرصودا لمصير صورة. أثناء العرض، صعدت الشخصيات ـ المطران، الجنرال، القاضي، البطل والملكة ـ، إلى الشرفة، لتقدم نفسها للشعب. مكثوا في صمت، أمام الجمهور و، 'فقط، قدموا أنفسهم (6)'. يركز جينيه ليس فقط على ثبات النظرة لكن أيضا على وضعة الجسم، على تلك المزالج : 'كلهم يمتلكون نسبة مفرطة، إلا البطل، أعني قائد الشرطة (7).' تبرز اللوحة قبل الأخيرة مسرحة، جمودية الأشكال ثم إنها تفرض سيطرة الصور. هذه النهاية تسائل القارئ حول معنى المسرحية، وبالفعل، فبأي قضية يتعلق الأمر في الشرفة إن لم تكن إدانة المصورة ( imagerie) التي تهيمن على عالمنا؟ إن لهذا المسعى منذئذ، هدفا اجتماعيا واستتيقيا في الوقت نفسه. والكاتب المسرحي يصرح بذلك بنفسه: ينبغي تمجيد ' الصورة وانعكاس النور'، ربما من أجل تقويضهما أحسن. وعليه فإن تلك الوضعة المضاءة بواسطة جملة جونية تعتبر 'الوهم تيمة حقيقية للمسرحية (8)' ـ تستدعي الوظيفة الأنانية للمسرح. وفي الواقع، فإن فكرة واقع لايحيل إلى شيء آخر سوى إلى ذاته، و، في الاستمرار، فكرة الأشكال التي هي نسخة لأشكال أخرى، تسائل وضعية الشخصية الجونية. زد على ذلك، هل بالإمكان الحديث لدى جينيه عن شخصية، أو نموذج؟ إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن النموذج هو ما يعتبر متفردا، الشيء الذي يبدو بوصفه مثالا، كل صورة لدى المؤلف هي شبح للملاحقة. ألا يشكل ذلك نقطة من النقاط المشتركة بين جياكوميتي وجينيه؟ فهذا الأخير منبهر بالتماثيل التي يسهم ثباتها في انفلات انفراد وعزلة مطلقين. تعتبر المنحوتات، التي لاعزاء لها، مجمدة في مشيتها. إنها تتسبب في إحساس بالغرابة ثم فإنها تربك المتفرج ضمن نوع من الوهم البصري. يجد نفسه هذا الأخير في وضعة مفارقة، في مواجهة ـ في الوقت نفسه ـ أشكال في حركة ومتجمدة في البرونز، عنصر منذور بالطبيعة للثبات. كذلك، في مرسم ألبرتو جياكوميتي، يتم استحضار مفارقة ثبات وحركة تماثيل برونزية تتحرك في مشهد خيالي: 'إنها مألوفة، تسير في الطريق. إنها، والحالة هذه، توجد في عمق الزمن، وأصل لكل شي ء، فهي لاتهدأ عن التقارب والتراجع، في ثبات عظيم (9). ' إن تلك الكائنات الحجرية النابضة حياة، التي تنتشر في الأجواء، تتقدم، تتراجع في الثبات، تماثل ميتا أسيء دفنه، عائدا تسعى النظرة إلى تقريبه. 'تبتعد على مدى البصر [ ...]. إلى أين تذهب؟ مع أن صورتها تظل مرئية، أين هي (10) ؟ ' تقوم تماثيل جياكوميتي بالتمثيل داخلة إلى المشهد وخارجة منه؛ إنها تهرب، تتلاشى ثم تتحول إلى صور، كما أن الـ'وجوه الرئيسية للشرفة ـ التي جاوزت حدها بواسطة بنيتها الجسدية ـ تتبخر إلى وهم.

على مستوى آخر، فإنه يبدو أن الوجوه المرسومة ـ تجدر الإشارة هنا إلى بورتريهات جينيه بواسطة جياكوميتي ـ والمنحوتات تتمتع بحياة تلقائية تقريبا: 'فالوجوه التي يرسمها جياكوميتي تبدو أنها راكمت إلى هذا الحد كل الحياة إلى درجة أنها لم تعد لها لحظة تعيشها، ولم تبق لها إشارة تصنعها، وقد عرفت أخيرا الموت، لأن حياة أكثر من اللازم مكدسة فيها (10). ' سواء أكانت موقوفة الحياة أو الموت، فإنه يصدر عن تلك البورتريهات قوة حيوية. كل وجه هو صورة متحركة، مشكلا الفضاء بطريقة مذهلة. مشغولة أو معروضة في فضاء فارغ، تكشف التماثيل المفرطة الأبعاد عن مسافة تسعى خطواتنا إلى تحطيمها. إننا نسعى لملاقاة تماثيل جياكوميتي كما لو أنها كانت تمشي وتحيا أمامنا. استعاد جينيه، بخصوص بورتريهه، اللقاء بينه وبين الحي ـ اللامتحرك. 'فكلما ابتعدت [ ...]، يأتي الوجه للقائي، يهجم علي ثم يلقي بنفسه في القماشة حيث يذهب، ناجم عن حضور، عن واقع وعن نتوء مرعبين (11).'

لم تنفلت تلك الصور عن تحليل سارتر (Sartre). عندما يتموضع المتفرج، مثل جينيه، من جانب الإحساس، استند سارتر إلى الخيال: 'إن خيال المتفرج ـ مخاتل بواسطة مشابهة غير دقيقة ـ هو الذي يمنح الحركة، الحرارة، الحياة إلى الانحطاط الأبدي للمادة (12) .' فإذا كانت خديعة تمثال حي ومتحرك ناتجة عن الخيال، مضاعفة عن ' مشابهة غير دقيقة ' مع نموذج جسد، فإن المادة، ذاتها، لاتخطئ، لأنها ـ كونها نحتت ـ تجد نفسها في منتصف الطريق بين التحجير (petrification) والحياة. تلك هي القضية بالنسبة لجياكوميتي، الذي يعتبر أن مهارة نحت تمثال تعادل نحت ألف منه. وبالفعل، فإن خطر الحجر وصعوبته يكمنان في التحجير. زد على ذلك أنه يمكن لذلك ان يكون بطريقة مغايرة، حسب سارتر، 'إن أبدية الحجر هي مرادفة للجمادية ؛ إنها حاضر مجمد على الدوام (13) '؟ ومع ذلك، فإن تلك 'المادة اللاثقل لها'، ذلك الجبس الذي يحس به جياكوميتي بصعوبة على طرف أصابعه '، ينفلت من قدر جماديته ثم يطوف 'في منتصف الطريق بين العدم والوجود، محول على الدوام، محسن، مقوض ومستأنف'. فتلك المنحوتات ' وحيدة شرعت في التواجد ومن أجل ما هو طيب، تباشر بعيدا عنه مهنة اجتماعية'، سارتر متهكما. فهي ليست متحجرة، إنها على العكس من ذلك، مثل صور جينيه، ترسم الحركة وتجذب النموذج كثيرا إلى الأعلى، نحو السماء. ضمن اندفاع صوفي، ' تزدهر تلك الأجساد النحيلة (14)' .

ومثل نحات، يقوم جينيه بشل حركة، شخصياته ثم يشيد مسرحا يتكون معماره من لوحات، على غرار [ مسرحية] السواتر (paravents) والشرفة. عاملا على شد شخصياته إلى قاعدة تمثال ( مثل مطران الشرفة)، مثلما أن جياكوميتي يستخدم قواعد هائلة لرفع تماثيله. كذلك فإن عدوى انبهار جينيه بالنحات قد تسربت إلى رواياته ن التي تشهد على حساسية خاصة بالنسبة للنحت. ففي [ نص ] نوتردام دي فلور (Notre -dame- des- Fleurs) أكد ألبرتو (يلاحظ أنه يحمل نفس الاسم الشخصي لجياكوميتي): ' كان ألبرتو متسمرا على قارعة الطريق كما لو أنه كان ينتظر احدا ما، ساقاه الجميلتان المنفرجتان على هيئة تمثال رودس (Rhodes) الضخم (15).' إن المقارنة، التلميح الجلي إلى إحدى عجائب الدنيا السبع، تضم الشخصية إلى تمثال يمثل أبولون (Apollon). فذات الإحالات العتيقة تحدد هدف [كتاب] أسير عاشق، كما هو الشأن في الفقرة التي يقدم فيها المؤلف وصفا لأردنية: ' كان الشبح يتجزأ بعكس الضوء. فقد عاينت رجليها الضخمتين، عاريتين لكنهما برونزيتان بارزتين من تنورتها السوداء ذات الطيات الصغيرة جدا: كان سائق عربة دلف (Delphes) يعتزم الاقتعاد في الحظيرة .' وبطبيعة الحال، فإن تلك الـ'أشباح' التي لها من صور التماثيل الإغريقية المشهورة لجمالها، تذكر بجياكوميتي. إن الإتصال بين عمل النحات و [ عمل ] الكاتب يكمن في المادة المستخدمة ـ البرونز والكلمات ـ، لكن أيضا [ يكمن ] في المادة ـ الواقع والخيال. إن الجسد، المنحوت في 'غبار الفضاء (16)'، يبدو مجردا من كل واقعية والكتابة، وهي آخذة في دروب الخيال، تؤسلب الواقع فيما هي تنأى عنه.

ترجمة: الحسن علاج

القدس العربي
2011-11-04