حسين جلعاد

الى روح مؤنس الرزاز... مساء المدائن،
فكلما مررنا على حزنك المقيم ؛
ارتبكت في قلوبنا اوّلات المطر.

- هنا بعض ما تبقّى من عظامك
عظمة الكاحل.. ربما!
كنت تمشي طويلا
سبعون عاصمة ازردتْ ابوابها
والطائر البليل خلف النوافذ
يرتعش...
كلما لمّ زغبَ العُشّ
طيرته الرّيح.. وطارْ!!

* لم نكن نأوي الى البيت آخر الأمر
لنطفح بالرّضا في نهارات الجمعة
او تُطلّ من نافذة الظهيرة على نعناع
يسيل من أكمام الجاراتْ
.. لم نكن نعود
وظلّ خيط أبيض من القشعريرة
يشدّ ظهورنا
كلمّا عنّ لنا ان نلتفت للخلف
ونحن نعبر متاهة المجرّات !!

- ستقتصّ منا المدائن مرة اخرى إذن
ستأكل رمّان أكتافنا
رائحة النسوة في ياقة القمصان
أثر الحبر في اطراف الأصابع
وشهقة المرارة..
اذ نخبّىء احذية العيد تحت الوسائد
ولا نجد شيئاً في الصباح!!
***
- هنا بعض ما تبقى من عظامك:
عظمة الجبين ربمّا.. او عظمة الترقوةْ
اي سماء رفعت على كتفيكْ ؟!

* لم تأكل شرائعنا أثراً
يستلها العابرون من وصايا التّيهْ
كنّا الريحْ
وكنا وجهة الخيل الى السماء السابعة
نعلي كوفيّة الارجوانِ
ونقتسم السّرير مع الحمامْ

- ليست اكتافنا اذن
ما تغضّن على جدران الكهوف
بل حرير الزوجات بعدنا
اذ ننسرب في صفرة الرّملِ
خلف عروق الماء
لنقفز من الكتب المقدّسة
خطوطا مبهمة وأيقونات!!

* كل هذه الارض لنا
كل الابواب
وكل الحكاياتْ
اثر النوم في عيون الأطفال
اذ يتعثرون في غبار الطريق
والبدو الذين ترجّلوا عن صهوة الغيمِ
ليفترعوا الأرض
كل الأحياء لنا
وكل الامواتْ

***

- لم يكن قد حان بعدُ اوان الشيّبِ
فما الذي سنقوله للامهات غداً
حين ترتد الريح بعدنا
وهيَ لا تحمل رائحة الاحضان!!

* نحن لا نشيبُ
ولا ندرك أحفادنا
يخطفنا الغمام باكراً
يأخذنا الغبارُ
وتأخذنا الأحصنة!!


- هنا كل ما تبقّى من عظامك اذن:
السبابة,
والوسطى
والابهام
وقلم يشعّ
اي حلم ستشخص به الارضُ بعدكْ؟!

* الكل ينسرب:
رشقة المطرِِ,
اغماضة العينين اذ يرجّنا عطر النّحر
ذكرى بكاء الخيل,
درج نصعده على عجل
لنلحق بثوب الأم
حواشي الكتب وأقلام الرصاص
مغلفات الرسائلِ
والمواعيدُ
واجراس الهاتفِ
والنايات.

- من اين يطلع هذا الصوت؟!

* قبل الصّرخة الأولى
وقبل أن يسخن الدّم الأوّلُ
في عتمة الصلصال
كنّا نطّوحُ تحت العرشِ
مثل قميص على السّياج!!

* مقطع من تغريبة شعرية طويلة

أقرأ أيضاً: