جاكلين سلام
(سوريا/كندا)

جاكلين سلامعلى جسدي أقسم خبز حريتي
أغمس عظامي في مياه الدهر
لأدرك سر انبثاق الماء من عظم

تسألني امرأة عابرة: هل تفكرين يا حواء مثلي بالجنة والنار،
هل يغضبكِ ما قالته الأفعى؟

.....

أسير في الجهة المعاكسة لسؤال الأنثى
أصّعدُ برفقة روحي
ولستُ عربية، لست كندية،
لست إلهة ولا مقدسةٌ طرقاتي


بشهوة عاشقة إلى قلب الحياة، أسير
عند حافة الليل ممتلئة بك، أسير
كحلم خفيف
أسقطُ،
وحدي
وليس على كتفيّ أيّ ملاك
ليس في الأفق ما يدلّ على الملائكة الذكور، فما بالك بالملائكة الإناث والشياطين

القصيدة التي أقرأها على مقعد حديدي مثبّت في طرف شارع "يونغ" الأطول في العالم، تحكي عن ملائكة لها اختصاصات. على غلاف الديوان ملاك غاضب في يده بوق يخربط رتم السماء العاجزة عن الإدلاء بحكمة معقولة
أقلبُ الصفحة وأنصت امرأة مجنونة الشّعر، أعياها الوقوف. في حضنها حقيبة مثقلة بالغبار،
بصوت عال تقول: قطارات المدينة لا تمر من هنا
الباصات لا جدول لرحلاتها
لا بدّ من الأقدام والأحذية قرناً آخر. ترددها منذ سنوات، وتراوح في المكان

تتشابك الطرقات ما بين أحذية العابرين والسماء
ليست الملائكة وحدها في السماء
ليس لصورتك اكتمال
ليس لغيابك معنى واحداً
لم يبهرني ما كُتب عنك وعني
لم يعد القلب يسقط من الحزن،
ولا من الغضب

سأمضي،
أقطف من أشجار الكون ثمار الأيام المعلقة. أتمعّن في خطوط ذاكرتي حيث تقيم امرأة تشتهي السير برفقة نهر، شجرة، عندليب أو كلب
نظراتي تصطدم بجدائل رجلٍ أسود طويل ضلّ الطريق. جدائله طويلة خشنة لم تعرف لمسة أمّ أو عاشقة. أتمتم: كيف يضلّ رجل ضخم الطريق إلى الحياة؟
ما له الرجل وهذه الجدائل المشعّثة، أقول يا إلهي مالي ولك ومدينة بلا أمجاد، ولماذا تعجّ صفحات هذا الديوان بالخُطاة الحزانى؟

إلى بيتي الصغير الذي في آخر العالم أحثُّ الخطى. الغيمات في السماء مستعجلة وتأخذ أشكالاً سريعة التحول. أحيانا ألمحك في الغيمة رقيقاً، ناصعاً، حنوناً. ألوح لك وأدخل البيت بدونك. أتوقف أمام صندوق البريد على يسار المدخل في الحارة التي يسكنها أكثر من رجل بجدائل مشعثة وأكثر من امرأة مثقلة بالخطايا منذ بدء الكون

أجدُ فواتير جديدة أحشرها في حقيبتي المثقلة بحسابات، ليس لآدم فكرة عنها
-آدم لا يحب مراجعة الفواتير المستحقة-


في الليالي القادمة سأوزّع على الملائكة التي أعرفها خرائط العودة إلى البيت الجديد

أقول لذاتي "لا بد من الغناء أيتها المرأة التي تركت آدم وحيداً يأكل سلة التفاح، ويحدّث مخدته المحشوة بريش ناعم، عن سيارة الجاكوار الجديدة وذلك الجهاز المبتكر الذي يدله على الطريق دون أن يبذل أي جهد. دليل الطريق الالكتروني يأخذه إلى النهايات السعيدة والميتة، وإلى كل مكان عدا الجنة.
ويحدّث نفسه عن حسابه البنكي وممتلكاته إلى أن يغفو في بيته االكبير المهجور إلا منه

حين يستيقظ آدم ويتفقد الطريق إلي، يجدني في الحديقة أجفّف التين أوراقاً وثماراً وأخشاباً، مؤونة لشتاء ما قبل القيامة،
فيسقط من جديد
وعلى كتفيه حشدٌ من ملائكة لا شغل لها
على حافة الكون يسير، يجرّ جسده الجائع إلى خبز جسدي، نبيذ نخاعي، ويتمنى أن تستدل عليه كل أفاعي الأرض وتهمس له بما فاته أن يفعل.