سعدي يوسف
(العراق)

إنه يحيى

سعدي يوسفراياتُ يحيى، ثوبُكَ المنخوبُ بالطـلَقـاتِ
يحيى في البراري
في قطرةِ الماءِ التي انسكبَتْ على قدمَينِ
وانسربَتْ بأفئدةِ الصغارِ
راياتُ يحيى تعْبرُ الأنهارَ والطُّرُقَ التي اكتظّتْ
وتدخلُ في مَنازعِنا، مضرّجةَ السِــرارِ
من بيتِ ابراهيم
من عبد الرحيم
وماءِ رامِ اللهِ تأتينا :
أغَزّةُ هاشمٍ في البرقِ ،
أَمْ هذي كتائبُنا مدججةً، تلوحُ مع الدراري؟
'''
راياتُ يحيى، ثوبُكَ المنخوبُ بالطلَقاتِ
يحيى في المخيَّمِ
يرفعُ الأرضَ التي احتقنتْ
ويدحوها، ويَـبْـرأُها، ويقذفُها بوجه النار
يحيى يُنْبِتُ الأحجار
يجعلُ من سواعدِنا مَقاليعَ النبوّةِ
من أصابعِنا دمَ الثوّار .
'''
راياتُ يحيى، ثوبُكَ المنخوبُ بالطلَقاتِ
يحيى في الشوارعِ
دِرْعُهُ كوفيّــةٌ رقطاءُ
وَثْـبَـتُـهُ بُراقٌ أزرقٌ
وسماؤهُ صفراءُ ...
يا لَفْحَ الفتوّةِ ،
أيها الجمرُ الذي لا يَغتذي إلاّ بهذا الجمرِ
يا ولدي :
سلاماً أيها المتقدِّمُ القدّوسُ
يا ملِكاً يسيرُ مخضَّبَ الراياتِ
يا يحيى
سلاماً ...
خُذْ، كما تهوى ،الشوارعَ
خُذْ بلادَ اللهِ مملكةً
فلسطيناً
وخُذْنا ...
نيقوسيا

26.01.1988

Communion مُــنــاوَلــةٌ

قبل منتصف الليلِ
كانت كنيسةُ قريتِنا في الظلامِ الأليفِ :
الطيورُ التي هجعت سوف تبقى إلى أوّلِ الفجــر هاجعةً
وطريقُ الكنيسةِ يبقى الـمُـغَـيَّبَ ...
والسَّــرْوُ في حُلْــمِهِ .
قبل منتصفِ الليلِ
لا شــيءَ إلاّ الظلام ...
........................
........................
........................
أتسمعُ منتصَفَ الليلِ ؟
طيرٌ بلا موعدٍ أعلَنَ الوقتَ بين الغصونِ التي لا نرى .
فجأةً لألأَ النورُ .
بابُ الكنيسةِ يبدو طريقَ نجومٍ،
وأسوارُها سُــلَّـماً للمَجَـرّاتِ.
ها نحن أولاءِ ندخلُ :
نستقبلُ الطفلَ يُولَدُ ، تمتمةً في شفاهٍ عَلاها النبيــذ .

لندن 27.12.2008

حَــضــارِمـــةٌ

ربما كان من حضرموتَ الطريقُ الذي لو سلكْناهُ عِشْنا
آنَها ، نَـتْـبَعُ السَّـيْـلـةَ :
الماءُ من ألفِ عامٍ وأكثرَ أفرَغَ
في البحرِ أشجارَهُ والشياه الهزيلةَ
أفرَغَ في البحرِ حتى تماثيلَنا
وعيونَ الشواهدِ ...
صِرْنا مَكاشِيفَ
تخترقُ الشمسُ أجسادَنا كالمرايا.
وصِرنا رُعاةً
ولكنْ لأفيالِنا والنســورِ.
دُعاةً
ولكنْ إلى الأرخبيلِ الذي عافَهُ اللهُ ...
..................
..................
..................
نائمةٌ حضرموتُ
وناعمةٌ مثلَ أوراقِ تَبْغٍ طريٍّ
ستَقْرِصُنا ليلةً
لتقولَ : الطريقُ إلى مكّةَ اتَّضَحَ الآنَ ،
والـحَـجرُ الأسودُ اجْـتَـرَفَــتْــهُ السيولُ
إلى البحرِ
حيثُ الخيول ...

لندن 01.11.2008

بُـــوْذا ؟

أنا مُـنْـحَنٍ
أنا مُنحنٍ للأرْزَةِ الزرقاءِ تَهْرَمُ
مُنحنٍ للأسطوانةِ
مُنحنٍ للغيمِ أبيضَ
مُنحنٍ للساحةِ السوداءِ في الظلْماءِ تلمَعُ
مُنحنٍ لعصائبِ الطيرِ المهاجرِ
مُنحنٍ لصديقتي إذْ غادرَتْ بيتَ الشمالِ تَقودُ تلكَ الـ '
'فُورْد'
قادِمةً إليَّ ...
ومُنْحَنٍ لِـلِـباسِها التحتيّ .
إني أنحني لأقولَ : إني مُنْحَنٍ ...
ما أجملَ الأشجارَ !
هل أبصرتَها إذ تنحني للريحِ والأمطارِ ؟
هل أبصرتَها ...
جبّارةً
وجميلةً
إذْ تنحني ؟
أنا أنحني أيضاً ... وأرفعُ للمساءِ الرّطْبِ قُبَّعَتي !

لندن 08.11.2008

القدس العربي
19/01/2009