كيف؟
أنت الساحةُ الآن، ولا تدري بما يحدثُ في الساحةِ؟
ما أسهلَ أن تغمضَ عينيكَ...
ولكنّ الرصاصَ انطلقَ،
الدبابةُ (إبراهيم) في المفترقِ الأولِ
والرشّاشُ لا يهدأُ...
ما كنتَ بعيداً، حين كانت (ساحة التحرير) تلتمُّ على أشلائها:
الدبابةُ (إبراهيم) في المفترق الأولِ
والسمتيّةُ السوداءُ، آباشي، على رأسكَ
والبرجُ يدورُ...
انتبه العصفورُ
والمقتولُ
والحائطُ،
لكنك لم تنتبه
الشمسُ على رأسكَ تحمرُّ، ولم تنتبه
الساحةُ بارودٌ من الأعلى
دمٌ إهرِيقَ في الأسفلِ
طابورٌ من النملِ
ولم تنتبه...
الليلةَ، يأتي طائفٌ من آخرِ القصْباء.
يأتينا الشِقِرّاقُ بما فاهت به جنّيةُ الهورِ
وتأتي عبرَ مجرى الماءِ أفراسُ النبيّ.
الطينُ من زقّورة المَنأى سيأتي
والخلاسيّونَ والجرحى، وما تحمله الفاختةُ
الأولى، وما ينفثه الثورُ السماويُّ،
ويأتينا عليُّ بنُ محمد...
هذه الأرضُ لنا
نحن، بَرأناها من الماءِ
وأعلَيْنا على مضطرَبٍ من طينها، سقفَ السماءِ
النخلَ
والذاكرةَ الأولى...
وكنّا أولَ الأسلافِ، والموتى بها
والقادمين،
الأرضُ لن تتركنا
حتى وإنْ كنّا تركناها...
ستُرخي هذه الأرضُ، لنا، المَنْجاةَ، مَرْساً من حرير الشَّعرِ
مجدولاً،
ستعطينا، أخيراً، إسمَها:
ويْلي على الشطآنْ
ويلي على أهلِ الحِمى والشانْ
ويلي على أهلي
ويلي على جسر المسيّبِ
والزبيرِ
وقريتي حمدان
ويلي على ظلِّي الذي يمحوه أمريكانْ
كيف؟
أنت الساحةُ الآنَ
فكُنْ أدرى بمن أنتَ
وكنْ أدرى بما تفعلُ
فالساحةُ حتى لو تناستْ إسمَها أو غفلتْ عنه هي الساحةُ
أنت الآنَ معنىً،
لا تحاورْ
ولْتَدَعْ مَن خاننا يأكلْ طويلاً شجرَ الزقّومِ
واثبُتْ...
لا تحاورْ:
هذه الأرضُ لنا
هذه الأرضُ لنا
هذه الأرضُ لنا
منذُ بَرأْناها من الماءِ
وأعلَينا، على مضطرَبٍ من طينها، سقفَ السماء...