القصيدة أم حبلى بالتجارب الحياتية المتلاقحة مع بعضها، وما علينا سوى أن نكون القابلة التي على يديها تتم الولادة العسيرة البكر (المكرورة) لكن لأجنة بسحنات مختلفة.
الشاعرة آن ماري بيريلوند.
"من ناداني في الربيع بصوت خفيض"، نصوص شعرية تقدم نفسها للقارئ العربي، تعلن عن نفسها بنفسها للتعريف ببعض تفاصيل تجربتها على امتدادها واتساعها .
هذه الأصوات تنتمي إلى جيل حاول أن يجسد معنى الحداثة ومفهوم الشعرية بمعناها الواسع، وإذا كان مايهم الشعر هو الإنسان وعلاقته بالعالم فيمكن القول أن هذه المختارات الشعرية المقدمة في الصفحات القادمة هي نظرة لهذه العلاقة من زوايا مختلفة .
في ليبيا عرف الشعر أجيال ومدارس كما في غيرها من أرجاء الوطن العربي، لكن ما يميز الشعرية في ليبيا هو إخلاصها للفردية، فردية الأسلوب، فردية الرؤية والفكر، من خلال التميز على مستوى التركيب، ومستوى التوزيع في كل نص على حدا .
في النص الليبي الحديث هناك علامة فارقة يدركها القارئ عند إنتقاله من نص إلى آخر ومن ديوان إلى آخر ومن جيل إلى آخر، وما يهمنا في هذه المساحة أكثر هو أن السياق العام لا يجمع هذه الأصوات الشعرية بعضها إلى بعض بل سيجد القارئ أن ما يجمعها هو سياق التجارب الشعرية العربية .
فبعد ما وصلت إليه الإتصالات الحديثة "شبكة المعلومات العالمية" أصبح هناك إتصال بين شعراء من خارج القطر الواحد، وأصبح هناك تناص وتأثير وتأثر في إطار ساحة أكبر هي ساحة الشعرية العربية .
"من ناداني في الربيع بصوت خفيض"، أنطولوجيا لا أزعم أنها تغطي كافة الشعراء الليبيين المعاصرين، ففي النهاية هي إنجاز فردي والتقصير وارد.
أنا هنا أقدم اعتذاري لكل الأصوات الشعرية الليبية التي لم أغفلها عن قصد .
***
أم الخير الباروني
- من مواليد منطقة الظهرة بمدينة طرابلس، عام 1967.
- متحصلة على شهادة جامعية من كلية الصيدلة العام 1992.
- تعمل رئيس قسم تأكيد الجودة بمصنع الماية للأدوية بالشركة العامة لصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية.
- عضو مؤسس في جمعية تبر الشرق الأهلية لرعاية الشباب والشابات.
- عضو مؤسس لفضاء الشعر والقصة بالمدينة القديمة .
صدر لها :
- لحاف الضوء، شعر، منشورات مجلة المؤتمر، ليبيا 2007 .
- كحل اليمامة، شعر.
حدائق الياسمين تبكي
مدينتي في الصبح
توشحها الأنوار
فالليل في أزقتها
يسربل أسوار النهار
أرأيت الصبح
عند تثاؤب فجرها ؟
وتدافع الفتية الصغار
ما بين أزهار نمت
من فرط حشمتها
بين الخرائب والعمار
أقدامهم تسبح
في بحيرات الشتاء
تطفأ لهيب حنينهم
للصيف
للترحال
لأشرعة البحار
والمركبات
أتسير أو تسيير ركبها؟
أنوائهم تنبئ
لم يعرفوا طعم السبات
فالنظرة الجوفاء
نكش شعورهم
وثياب ليلتهم
نبض الحوار
الليل متصل
جاء النهار
الصبح يسأل؟
أين سماحة بسمتي
كيف الوجوه تحيك
أقنعة الجمود
فتولد شمسه بكف الإحتضار؟
مدينتي في الصبح
تغسل وجهها
ببشائر التكبير
صلوات تهرع للمساجد
ومسافرين
في ظلمة الصبح البهيج
شوارع تشع بالبسمات
الماء يغسل الإسفلت
وأعمدة الأنوار تغازل الشرفات
تتدافع الأشجار مصطفة
تطاول قامة النخلة
ويبكي بياض الياسمين
نوار عطر
فرح مدينتي
وزهرة الدفلة.
ما زال في مدينتي
في عامها السادس مع الألفين
الخفر والحياء بين بناتها
وفي شبابها
عزم الإصطبار
ما زالت الجارات تفتح بابها
للعون وللود وللإيثار
ما زال في مدينتي
إذا ما طل الصبح
للشيب وقار.
غيمي مدّخر لشمسك
الليل يجرجر أسماله
يزفر دخان سيجارته
يتكاثف مخفياً الثياب.
وجرحُ
رفيعُ
غائرُ في الصدر
يتهاوى
أجثو بقربه
أضع فوق الجرح ضماداً
فيصدمني صقيعه
أكتشف ميلاد القمر
غيمي مدّخر لشمسك
في الغد
كان لقاء.
أتفيأ ظل أشيائك
أشيائي
أشيائنا
عود ثقاب لم يشتعل
لفافة تبغ تتململ
ظرف فارغ
رسالة لم تنتهي
قلم حبر جاف - جاف
لهب شمعة
بطاقة هوية
أوراق غضة
أرتبها
تبعثرها
ألملمها
أرقبك حين تنثرها
تـضحـكني
فأحتضن طفولتك
وأطعمك بيدي
جوزاً
ولوزاً
وعنباً مجففاً
وبأناملي
أمحو عن جبين المساء
غضون العمر المتعب.
شروط الاحتمال
نهار طويل
والدرب إرتحال
المبتدأ
صلّى الفؤاد
الخبر
يبكى السؤال
مدناً يسافحها الظلام
أبوابها ريح يكممها الغمام
جدرانها صخب الصهيل
فقئت نوافذها
والفجر عليل
حيلتي ما من سبيل
التيه بوصلتي
والغربة دليل
تروي فصول حكايتي
فصل يتاخمه الخراب
آخر شواطئه سراب
هذا يظلله الجراد
وعند فصل الإعتياد
مسكنُ
ينام في ظله
شجيرات يجاورها بئر وحيد
تحت جناحه كنزي رماد
هذه شروط الإحتمال
القول طاعة
والصمت إحتيال.
***
حليمة العائب
- من مواليد زلطن، عام 1969.
- متحصلة على ليسانس آداب وتربية قسم اللغة العربية، وعلى إجازة الدبلوم العالي.
- أسست مهرجان زلطن الثقافي بمجهودات ذاتية وأستمر بدعم من أهالي المنطقة، عام 1997.
صدر لها :
- جدائل الحلم، شعر، مطبعة ناصر بمدينة غريان ليبيا، 2004.
- أنشودة العصيان، شعر.
أنثى
أنثى وجدل
عشائر سكنت زحل
بألف عاد تمادوا
بألف ثمود عقروا المرايا.
العين مواقد
وجفني أفق
وسراب.
عارمة مدن فوضاي
نوّمتُ وسائدي
وأناملي مخمورة تسامر الفنجان
البن دروب عائمة
تغافلني
تطلق جداولها
تستفيق السواقي
عجوز يستنهض الحلم
نداء
وضجيج
وحلم سابح
يسبح بي.
سأفيض صمتا
كم رفض بقلمي
وكم
لا
تركض بدمي
كم فاتورة للإعياء
تمد العنق
سأفيض صمتا
لأن القول غواية
سأصله بالمداد
ولأن سبأ ما زالت تضئ
سأهيئ مخدعي للقتال
الشرفة قد أثقلها السؤال
واهية
بكل ما فيها من حور
لأن الصروح أستحالت رمادا
واليمام تأخر
بالصبح المصفى
فماعاد للبحر نبض بكفي
وماعاد لليل براح .
احتواء
أصابعي فارغة
إلا
منك
وأنت ارتواء.
أصابعي أحتوتك
ونامت
أصابعي
مرت على قيثارة الروح
فرقصنا حتى اللاانتهاء .
***
خلود الفلاح
- من مواليد مدينة بنغازي، عام 1973.
- متحصلة على ليسانس آداب قسم الإعلام تخصص صحافة.
- عضوة هيئة تحرير الملحق الثقافي لصحيفة: الجماهيرية .
- مديرة مكتب مجلة: الأمل الليبية.
- مراسلة صحيفة: العرب اللندنية.
- عضوة بمركز الإعلاميات العربيات ومقره الرئيسي الأردن، ومسئولة المرصد الإعلامي الليبي بذات المركز.
- عضوة بجمعية شعراء العالم ومقرها الرئيسي تشيلي وسفيرة الشعر الليبي بالجمعية.
- عضوة برابطة الصحفيين الليبيين.
صدر لها:
- بهجات مارقة، شعر، منشورات مركز الحضارة العربية القاهرة، 2004.
- ينتظرونك، شعر، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا،2007.
- ترجمت نصوصي الشعرية إلى الإنجليزية و الإيطالية و الألمانية .
- ترجمت نصوص ديواني " ينتظرونك " إلى الفرنسية وستصدر ورقيا عن دار هامش .
- طاولة عند النافذة، حوارات، منشورات مجلس الثقافة العام.
ينتظرونك
عازف البيانو
يقسم الترانيم
إلى :
حقول
وفراشات
ورتابة
ومقاهي نت
ومستشفيات
ومشاعر
وتخفيضات هائلة
عازف البيانو
بنظارته العتيقة
التهم أصابعه .
في الشتاء القادم
سأشتهي لكِ
صالة
لا تتجاهلك مقاعدها
سأشتهي لكِ
حائطاً يواريك
سأشتهي لكِ
كعكاً
وخبزاً
وجبناً
سأشتهي لكِ
برتقالة تضيء .
ينتظرونك
الشارع
المارة
الباعة
رجال المرور
باب البيت
البلاط
علاقة الثياب
الصحون
الملاعق
وكوب الحليب.
غيرت خزانة الثياب
الحذاء الذي أحالني للإهتراء
الوشاح
باقة ورد اصطناعية
اكسسورات الفضة
فرشاة أسناني
المعجون
واكتشفت
أنني
أنني
أنني
..
..
..
..
..
وقت القيلولة
بوسعك
إغماض عينيك
ليتشكل مشهد :
ربطة العنق المدعوكة
الوجوه المعطلة
في سيارات الأجرة
حقائب النساء الأنيقة
المهمومة بحمولتها
غرف الدردشة
المكتظة
بذوات ملونة
كراسي
صالات العرض
المائلة
ومسائل أخرى .
ــــــــــــــــ
تركوا
وراءهم
أكواباً
وصحوناً
عشاء الأمس
وحزمة من تعابير.
مفرش المائدة
الأنيق جداً
يحدق
بحرارة
خارج النافذة.
هذه الغرفة الصغيرة
الجدران المزدحمة بصوري
السرير
الشرشف البرتقالي
طاولة الزينة البليدة
مرآتها
فاجأت فراغي .
وأنا
صغيرة
ضيعت
دميتي الوحيدة
مذ ذاك الزمن البعيد
وأشيائي القريبة
الجميلة
تتسرب تباعاً .
كلاكيت أول مرة
خبأ رائحتها في ملابسه الشتوية
مخدة نومه في الغسالة
أسمها
مواعيد عشق قديمة
نظم كل شيء
فكر في كل شيء
فهرس كل شيء.
في اليوم الأول
أبتسم
اليوم الثاني
أبتسم
اليوم الثالث
أبتسم
اليوم
الرابع
الخامس
.
.
.
.
.
العاشر
أبتسم.
كلاكيت ثاني مرة
في الذكرى الأولى
أخترع ضوءها.
بعدك على بالي
قصائد آنا أخماتوفا
مشهد سينمائي
من اكتشاف الأشياء
الضحك
والنسيان
الأخريات
منفضة صور ثقيلة
أنا عندي حنين
يدان
وطبق البيتزا الشهي.
***
رامز النويصري
- من مواليد القاهرة، عام 1972.
- مهندس طيران بشركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز.
- عضو رابطة الأدباء والكتاب الليبيين.
- عضو إتحاد كتاب الإنترنت العرب.
صدر له:
- قليلاً أيها الصخب، شعر، منشورات مجلة أفق (إلكتروني)، 2003.
- مباهج السيدة واو، شعر، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2004 .
- بعض من سيرة المشاكس، شعر، منشورات دار البيان للنشر والتوزيع والإعلان ليبيا، 2004.
- فيزياء المكان، شعر، منشورات اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام ليبيا، 2006. قراءات في النص الليبي، نقد، الجزء الأول، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا، 2006.
- الشعراء الشباب "ديوان جامع" بالإشتراك، منشورات دارالبيان للنشر والتوزيع والإعلان ليبيا، 2005.
- من السطر الأول للرواية الليبية، دراسات، بالإشتراك، دار أنامل ليبيا، 2004.
سقف مستعار
1
صباحٌ بارد
ما زلت في الفراش/ يخبرني
وأنّ ابتسامة على شكلِ قُبلة
ترتسمُ
عند حافة الغطاء.
ما زلتْ
تخلِّين للصباحِ فرصةَ التسللِ إلى حافة الطاولة
بقيةٌ من جسدٍ
وحروفٍ تحاول كشفَ العلةِ / والصعود.
صباحٌ بارد
للشمسِ مذاقٌ مختلفٌ ولونٌ حليـبـيْ
وما زلتِ
ترسمين في الفراش حُلماُ صاخباً وأمنية
وعناقيدَ سكرٍ لأيام رسمتِها على الحوائط والسقف
وحلوى في أعلى الدولاب.
2
نهايةُ الحكاية
يتعلقُ حرفانا إشارةَ تعجّب / ينزلان
للسطر حفاوة
وللحبر مذاق الحلم.
نهايةُ الحكاية
للأمنيات
سقفٌ مستعار
وللغدِ
لم تكفنا النقتطان
فأبدلنا اللون وردياً
والفراش
أفقٌ يعاندنا الوصول / لنَصِل
/ وما /
نخطفُ الليلَ في بابٍ مغلق
مذاقُ شفةٍ في ماء
وإنزلاقُ عسل
همسٌ ما زال
ليلٌ يقفُ خارج النافذة ينتظر صعودنا
انكشاف النور أبيضاً عن سقف عال
كأنه الحكاية لتبدأْ.
3
بياض
أول الدرب نور
آخر الدرب نور
أنتِ دربٌ لا يقف.
صورتي واحدة
لا ظل لي
لا شمس تداري عيوننا
لا حصى لمشاغبة انحناء الطريق
فالخرائط غريبة / ملونة
والأسماءُ نامت في أيدينا / نامت
دسّت أسئلتها في تحايا العصافير
وهمهمت في الحرش قبّرة:
أمض/ أمض/ أمض.
4
مخافة إضاعة الوقت
في جيبك يسكن بعضاً منها
تسرب قبل رحيلك.
ربما جنح في زيارة قبلي
أو لقاء شوق
حديقةٌ تقنع الزائرين بمنعة الظل
دون زقزقة
أمّا ما يذهب فيك من عيون
تأخذ / لا تنتظر
مخافةَ إضاعة الوقت
تسبقك إلى حافة الحجر
تختارُ كيف تجلس
كيف ترسم كلماتك.
/ لا تنتظر/
بائعُ شايٍ وقهوةٍ يسلبكَ ابتسامة
بائعُ مناديلٍ يعري يديك
بائعُ وردٍ يكشفُ جيبك
تتسربُ حبات الرملِ أسفلَ الكرسي الحجر
عائدة لدورتها
يقذفها الممرُ بعيداً
للإسفلت / عالقةً في جرح إطار
/ لا تنتظر/
مخافة إضاعة الوقت
يعبرك الممر سريعاً
ويقفُ عند الباب موارباً ابتسامة.
طريق المعرفة
لا كلمات لتكونَ الظَّل إليك
لا ظُلمةَ لتعبر الحلمَ
ولا أنـا
لأصْرخ:
من أيِّ الدُّروب ؟.
كيفَ رسمت وجوهنا بك ؟
وقلتَ في عيوننا نظْرتك ؟
ومن أيِّ الحروف صغتَ اللَّغة لنقولك في العَلَن ؟.
أيَّـها الشريف
يا نسْلَ آباءٍ قتلوا الصمت بالأولاد
ورسموا على حوافِ الأيامِ ألوان جباههم الرَّطبة.
أيها الشريف
الذَّئب في لوننا أكثر دُكْـنَة
والماشي في أصلابنا لتوازي الأرض.
في أيِّ المفارق غادرتْنا بناتُك ؟
فلم يعد للنهار نجمٌ يدلُّ الليل إلينا
ولا عجائز لتحكي الصغار
ولا جمرات تقتل سأم الشتاء بالفرقعة
ولا أن ننام لنُخرج للصيفِ خبيْئةَ الدفء
ونرمي في وجه الخريف صوتاً جديداً زاعقاً
ومـعانداً تحليق العصافير.
يا قامةَ النخيل
لنراك كل يومٍ في طريقِ البحر
نودِّعكَ على وعدِ الوسائد بالنـزول
نسفحُ مائك
ونهيلُ الطُّوب في رأسك.
من أيِّ الدّروب ؟
ستنزلُ يدكَ لترفع التراب عن شقِّ الماء
ليخنق مطرُ العامِ ساحتنا
ويرشحُ الملحُ في الورد
مصفراً في ابتسامتهن
أحمراً بعد السِّواك
داكناً في العيون
منبسطاً في الوجْنـتين
محفوراً في الجبـين
أبيضاً في الصّدر
طاغياً في اليدين
قوياً في الحلمِ.
يا قامةَ النخيل
لنعبر القمر إليك
ونفاجئك تواعدُ توتـة الجيران خلف سور المدرسة
تغريها بالجريد
وتجّرك بمذاق السُّوادي.
أيها الباسق
لتزور أسرَّتنا الباردة
وتُعلِّم عند أقدامنا حُضُورك
أيها النبيل
لتسرق حبيباتنا منّا
وتزرع فيـهنَّ مسرَّتك
أيها البهي
وتشعلُ في ظلامهنّ أصابعك
أبداً.
من أيّ الدروب ؟ / أصيح
تاهت عيوني أراقبك
وتبدّل جلدي مراتٍ قبل أن أعْلقَ بثيابِ العرَّاف الأخير
ويهمسُ في فمي علامَتَك.
أصيح:
متى
تـتـعلمُ الليالي الزقزقةَ باسمك
وتخبرنا قطرة النّدى أنها ستـتأخر للغد
مخـافةَ الطّراوةَ أكـثر
فـأنت سـتأتي.
ومن أيّ الدروب ؟
علَّمناها لأوقاتٍ بكل الصغار
بكل الألوان كي تبتهجَ فيها الفصولُ على مواعيدك.
ومن أي الدروب ؟
رسمنا أبوابنا مشرعةً لتدخلَ كيفَ تشاء، خلفها تركنا شعور الصبيّات منثوراً
كأبهى ما تكون القصيدة.
فمن أي الدروب ؟
نعبر الخندق إليك
وندسُّ في جيبك صورتنا الجماعية على حدِّ البحر
نفجر فيها أسناننا
وشعورنا كما تريد الريح.
فكيف ترسم الدروب ؟
كي تصلك الصحف والرسائل
دون طوابع
وعناوين.
فتيات التيـشيرت
42oC
لا منْ يرافقُ جنون الظهيرة
يُنازل الشمس كرفيقٍ حميم
والجميلاتُ يخفن العرق
ومذاق الرّطوبةِ الحاد، متسرباً دونَ تردّد ِ/
ولا خوف من لوحةً سريالية
تبدأ عند 42 مئوية.
ليـالـي
الرُّطوبة لا تنتهي في هروبنا للماء
والليلُ في حضورِ المصابيح
نهارٌ لزجٍ
وعائلةٌ تختزلُ الإنزعاجَ في تسريبِ الصغارِ بإتجاهِ المراجيح
صغيرةٌ تواعدُ وهجاً في فستانٍ قصير/
ولا خوفَ من اضطراب الهواء
في صورةٍ تظهر واضحة.
شوارع
تشتهي خطواتنا
الشوارع
تسربُ الظلَّ بعيداً في الحوائط
تستفز مسامنا
في الإنتشار
في لملمةِ ثيابنا
في فقد لقاءِ المساء /
ولا خوف من مفاجأة
كأن يخطف عصفورٌ صباحي الشمس في غفلةٍ من حرّاس الليل.
فتيات التيشيرت
يطغيْنَ في المشهد
في السؤال:
متى ؟
والسؤالِ:
كيف ؟
يقْطعْنَ الطريق عليكَ
يسلبنكَ خطوةً
ثم نظرةً
يخبرنكَ أنك غير جاهزٍ بعد
يبعدنك عن التمعن في ماركات الثياب
وأشكال الأحذية / المعكوفة
فتيات التيشيرت
يشْرعنَ بضاعتهن للمال القليل جداً بالجيوب
أو الإشتباك عند حافة البحر/
ولا خوف
فالصغيرات يدربن الحواس في غفلة العيون.
بطـيخ
تتكدس في الشاطئ
المراكب الخضراء
لا تسبح بعيداً
ينـز لحمها على جلودنا
وتقبعُ قلوبها حتى سهرتنا تكاسر الانعكاس الحاد في لمعة التتالي /
ولا خوف من مذاق الحموضة عند الظهيرة
فلن يستمر الليلة أكثر من دورة قمر.
***
سالم العوكلي
- من مواليد قرية القيقب بالجبل الأخضر، عام 1960 .
- متحصل على بكالوريوس زراعة .
- عضو رابطة الأدباء والكتاب الليبيين.
- كاتب عمود أسبوعي بالملف الثقافي بصحيفة: الجماهيرية .
- عضو بهيئة تحرير مجلة: لا، الصادرة عن رابطة الكتاب الليبيين.
- نائبَ رئيس تحرير صحيفة: الأفريقي .
صدر له:
- سرير على حافة المأتم، شعر، منشورات الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع ليبيا، 2001.
- مقعد لعاشقين، شعر، إصدار خاص، 2002.
- شاعرية السرج السابح، شعر، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2002.
- لآليء، شعر، منشورات مجلس تنمية الإبداع الثقافي ليبيا، 2004.
- بنات الغابة، شعر، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2006.
- ما الذي يضحك فينا ؟، شعر، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا، 2006.
عُكَّاز
دعوا القلبَ يكتب سيرَته
دعوا الحمامةَ تنام في حِجْر المئذنة
دعوا البنتَ
تقصف بشعرها المرسلِ
جدارَ الحكمة
دعونا
دعونا لا نتفق .
ــــــــــــــــــ
في المقهى الصفيحي
كنا ـ كما يبدو ـ أصدقاءَ
بنات ليبيات
وقهوة باردة
كلام عن الشعر
والطفولة
والجنس
خارجين عن النَّص
نضحك دون كوابح
والمدينة المُحجَّبة
تتلصص من خلف الكحل
وتشهق ملء محنتها.
ــــــــــــــــــ
جرح الصفيح يعوي
قطة تلتمس سلاماً لمخاضها
صديقتي
تبحث عن رجل في الفنجان
موسيقى خافتة
تهطل من طمأنينة العيون
ـ يا الله !
هل نحن حقاً هنا ؟
سنُرجَمُ غيباً
سنُجلَدُ حتى إذا نضجتْ.
وحدَهُ المساءُ المُسنُّ
يُرَبِّتُ على أكتافنا
ويبارك هذا الضلال النبيل .
ــــــــــــــــــ
في وعاءٍ شاسع من الرمل
في غابةٍ تنكمش
في مدينةٍ
تُطهَى على شهوةٍ هادئة
في ركنٍ قَصيّ
كنا ـ كما يبدو ـ أصدقاء
نحاول أن نتماسك
نحاول هُويَّةً
من ستة مقاعدَ
وطاولةٍ
وتبغٍ رديء.
علاقات مؤجلة
أجراس على أعناق الفحول
توقظ رائحة الأُنثى
قلنا :
المحارم قافية البنات
الخمر عنبٌ مُرتدٌّ
والنساء هن النساء
لا يرفعن العيون
إلا لحبل الغسيل.
****
الصُحُف بعوضٌ يتناسل في الرؤوس
الشبان على الرصيف
يختلسون نكهة فتيات المدارس
ويعودون إلى القسم الداخلي
يا الله !
ما أوسع الحياةَ
ما أضيقَنا
إذاً
دعوا القلبَ
يكتب سيرتَه.
****
دعونا في زاوية المقهى
نُقِيْمُ منفانا الصغير
نُخرج المرأةَ من عَرُوضها
ونهمس الشعر الجديد
دون أن نلتفت
... ... ...
... ... ...
... ... ...
ربما يوماً سنغني
فقط
لتعرفوا الطريق إلينا .
أنا هنا
في خدمةِ كل وهم
يكتبني
أردُّ السلامَ على العابرينْ
وأكتفي بوقتٍ قليلٍ
لإقترافِ السؤال
ما الذي يَضْحَكُ فينا
ونعبرُه ؟
ما الذي يَرقصُ في النافذةِ المقابلة ؟.
مَرَحِي الكثيرُ
مسكونٌ بخوفِ أصدقائي السُّكارى
من أين تأتي كلُّ هذه الأشباحِ
إلى قعدتنا
وكيف تضئُ النكتةُ أرواحَنا
ثم ننطفئُ ؟.
أُمجِّد النظرةَ
التي تقاومُ وَهَجَ المعاني
أتَصَدَّقُ بدمي لأجسادٍ لا أعرفُها
وأنكُثُ بأوهامٍ
تدربْتُ على مشيتها في مُسْتهلِّ الحبرِ
أنا هنا أترصَّدُ رَبْوَها
تلك التي أينعتْ في غيبتي
مشرعٌ لكل
عطلةٍ تمنحني للفِراشْ
لكل مَقْلَبٍ
يبذرُ الضَّحِكَ في وجوهِ الرفاقِ
تربيتي جيدةْ
وأسراري مهدرةٌ في كل سَكْرةْ
مفكرتي مليئة بالأرقام المرفوعةِ عن الخدمةْ
غيرُ لائقٍ للخدمة الوطنية
وشبابي قضيتُه في لَعِبِ الورق
متعَبٌ
لكني أريدُ لهذا الوجهِ
أخاديدَ بلا شوك
ولهذا الرأسِ مَنْجَمَ كُحْلٍ
وأريد لبنتي الوحيدةْ
أن تشربَ الموسيقى مع الإفطار
ضوءٌ صغيرٌ
في آخر القلبِ
لكنه يكفي للتمعنْ.
…
…
أنا هنا
لكني هناكْ
انتظرُ مجيءَ الأولادِ
لألعبْ .
من أول السطر
تتسع الحياة لكل شيء
للآثام
وللأعمال التي نعتقد أنها صالحة
كثيراً ما أندم على ما لا أفعله
أنتشي برياء امرأة تدعي حبي
ـ زهور اللدائن لا تخلو من البهجة ـ
أو امرأة تلتقيني
لتثأر من خيانة حبيبها
الخيانة نزعة إنسانية
الكلاب لا تفعل ذلك
وأيضاً الأبواب.
لا أكره أحداً
ولا أحب إلا من أحب
ليست الأمور شائكة لهذا الحد
والفئران لا تخلو من خفة ظل
الروح يمكنها أن تتألق
في الصلاة أو البار
أو عند المضاجعة
لا شيء يدعونا لأن نفكر ملياً
في أمور تقترحها الغرائز
الزهد وجه آخر للترف
لا بأس من شرب الماء في آنية من الذهب
أو براحة الكف من جدول رقراق
أوه
مفردة رقراق مبتذلة
لكن من حقها أن تبقى.
نقر المطر على الصفيح
أحبه
وأنا أتدثر امرأة دافئة
موسيقى مودزار عندما أكون وحيداً
نباح الكلاب حين أكون في انتظار حبيبتي
صوت سيفون الماء بعد قضاء الحاجة
الضحك أيضاً عندما أُهزم
أحتاج أحياناً لمن يشتمني
ولا أنكر لذة إطراء لا أستحقه
أو اصطدام مقصود بامرأة على الرصيف.
تتسع الحياة لأي شيء
لكل أحد
الزهور
القمامة
الأولياء
العاهرات
الأبطال
الذباب
الأطباء ……
ليس ثمة إلخ
وليس ثمة امرأة قبيحة
ولا أنثى لا يمكنها أن تهز السرير
لا شئ يدعونا للتورط في لعبة القيم
أو بيانات الأخلاق المبوَّبة
كل ذلك من اختراع اللغة
أما الحياة فهي حياة
مساحة للأخطاء والنزوات
للدناءةِ والنبل والسخرية
حين أؤمن بلحظات الضعف
وبجمال النفس الأمّارة
يمكنني أن أتجاور
وأن أحترم ما يزعجني في الآخرين
يمكنني أيضاً
أن أصافح رجلاً سرق مني صديقتي
أو أتأمل بعوضةً على ساعدي
وأتركها تطير
لا شيء يستحق الندم
فكل ما نفعله يُضاف إلينا
وكل ما نراه حولنا هويتنا.
العري لحظة سؤال
والمكياج كذب أنيق
الحجاب عتمة تضيء الجسد
والموت
نقطة ومن أول السطر
تتسع الحياة لكل شيء
للآثام
وللأعمال التي ..
***
سعاد يونس
- من مواليد مدينة طبرق، عام 1974.
- متحصلة على ليسانس آداب قسم علم النفس من جامعة عمر المختار.
صدر لها:
- لم تسطع أسطح المرايا، شعر، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2006.
أرض الرحى
كم تشابه النهار
ومضى الليل في وطني
دونما علامات.
أقتربي
ستنام كل المساءات الضائعة
ستلمع السكك الفضية
حول خصرك
وتنمو حبيبات القمح
كل سنبلة مائة حبة.
أقتربي
وغني أن أردت الغناء
وأنفخي إنا القمح في الصباح
وأنشدي الرحى
أن كل الحبيبات تعلو
أثناء النفخ لتهبط
أن كل القشور زائلة
اثنا الفرك لتعزل
أشهديها
ودعينا نغني معا
أنا وأنتِ
وأرض الرحى.
طريق وحكاه
ايلآف للتيه
نلتفت عن يميننا
ونحن طابور واحد
على خط مستقيم
وعلى هامش الصفحات
حدا محظورا
متى يا قلم التاريخ
تتثأب ملئ جعبتك
وتقول العرب
حكمة غاية في الخطورة
"الصمت أبلغ الكلمات"
والصورة وحدها تتكلم
أهٍ يا بيشا
ما حدث معه
يحدث معنا
ونحن في سياق القصة
لحظة
والحكاية كلها
عهدة على من يخطرها.
قصائد
في الحوض
أربع سمكات
أو قل
في الــ.. حوض
كن يسبحن
أربع سمكات
با لصباح هربت واحدة
تلك التي
لا تجيد الغوص إلى أعلى
تلونت وجوه السمكات الثلاثة
بالماء
ولم تكن هناك أصابع
كي تتهم أحد.
في اليوم الثاني
الحوض يملؤه الهدوء
والماء الأزرق
والسمكات أصبحن اثنين
وغدا لن يتغير شيء
سوى أن إحداهن
ستكون الآكل
والأخرى المأكول.
2
تأتي من العمق
دافئة رغم الظلمة
تنثر على السطح ذاتها
لتعود محتضنة رذاذ الملوحة
في الزاوية تتكور
تنحني في إجلال
وفي انكسار دفين
تنحدر الدمعة على الخد.
3
لماذا
لا تشبه الثورات
سوى مكعب نرد
يعطي دائما قراءة مختلفة
ولا يأتي بقراءة أخرى
إلا حينما يسقط .
***
سميرة البوزيدي
- من مواليد طرابلس، عام 1969.
- متحصلة على ليسانس آداب قسم تاريخ .
- مدرسة مادة التاريخ.
صدر لها:
- جدوى المواربة، شعر، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2003.
- أخلاط الوحشة، شعر، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا، 2006.
- سير في توقع، شعر، منشورات أمانة اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام ليبيا، 2007.
ارتطام
دائماً من يحلم
بالبياض
يضيع في أخطاء
التألق
ويظل يغرم
بالنكبات
كأننا في احتياج
إلى الإرتطام
ولا نخاف التكسر.
متوافقين
مع رمل التسرب
وموج التراجع
متوافقين مع يقظة
تغمس إنتباهها
في خمر التشتت
وتفيق
على ثمالة أخرى
بلا مفاجآت
تحطم الكادر
ونمدٌ لسانها للروتين
وتتفرج على عري الروح
شامتة.
*****
توافق آخر:
سأمَحوني مني
وأتوسد
غفلة رحيمة
وأدّعي أنني
شعاع نور
ولكن بانبثاق كسول.
ثلاث مقامات للوقت
المقامة الأولى :
مشغولاً بتفاهات شتى
يمضى مرتبكاً ببعضه
محشوراً في الزوايا الضيقة
من الغفلات
يمضي يُلقى بعويله
على دروبنا الممهدة برمادها
متسارعاً في بطئه
وكاذباً يعدنا بالغد الذي لا نرجوه
وبأسمال رثة
يباغت حناننا
فلا يجد إلاَّ النهرّ
من على أبوابنا الموصدة سلفاً
وقتٌ رديء
يقايض أعمارنا بالفراغ
فنتلقفه باللهفات الفارغة أيضا.
المقامة ثانية :
كأس يضيق بالفراغ الذي
نترعه بالملل
ثم نصرخ من الضجر
هو التلهي
نركله على أرصفة الخواء
ونحن نصفر للحياة
بمرحٍ بليد
هو عزيز الزمن الذي
نُذلّه بلا رحمة
في كل يوم
أربع وعشرين
على أربعٍ وعشرين .
المقامة ثالثة:
الوقت الموقوت على ساعات
أنتحرت عقاربها غيظاً
الغائب عن مدار اهتمامنا
والحاضر بكسل دائم
والمُحّدق في شاشات التفاهة بنهم
المرصود عبثاً
للمواعيد المتأخرة
واللاهث
خلف بطء مواقيتنا الشاحبة
لهفي عليه
المهدور دائماً
في المباهج الكاذبة
صحبة الرفقة المتقلبة
واحتساء الواجبات الإجتماعية
مع القهوة المرّة
مع ذوى القربى
من بني مُرّة
وقتٌ يتوعدنا بالجمود
فنعتريه بالعويل.
اتـكاءة شاحبة
1
إلى هنا
سار الركب الأخير
محملاً بالحنين
وهوادج الأمنيات
إلى هنا
جاء يسوق تعبه
يرتجي بئراً للعطش
وراحة من شجن الحداةْ.
2
كأنه لم يكن
إلا جنون عابر
مس ذات انتشاء
فاكهة الحزن في دمي
فأينعت تعباً
كأنه الحلم الآبق
عاد من حوته سقيما
ولا يقطينة تهبه ظلالها
كأنه القوارير
رمى بسرِّه على الشواطئ
وغاب في الموج.
3
على قارعة الوهم
ألوك قصائدي
أشتم بعجز وقت طويل
وأعطي ظهري
لأرتال الذكريات الموحشة
ثم أشرع في الزعيق
وأدّعي أنني أغني للحياة .
4
والآن
دعوني للكلمات التي تجر بخيلاْ طرق القصائد
تفتتح أرق الليلة
وتتوامض بملاحة فاتنة.
5
غير أني منزعجة تماماً مني
أيامي سخيفة
وقصائدي متكررة.
صابر الفيتوري
- من مواليد طرابلس، عام 1977.
- متحصل على ليسانس في الأدب الإنجليزي.
- رئيس تحرير مجلة الإلكترونية: الفضاء الثقافي.
- المدير التنفيذي لتجمع المثقفين العرب المستقلين .
- عضو رابطة الصحفيين الليبيين .
- عضو رابطة الأدباء والكتاب الليبيين.
- أمين نشاط رابطة الأدباء والكتاب الليبيين.
- عضو إتحاد كتاب الإنترنت العرب.
صدر له:
- لطم لتاريخ الأمواج، شعر، دار شموع الثقافة ليبيا، 2006 .
الماء واقف في صفكِ
أيتها الغريقة في تذكر
أسرار الموج
أسكبي
البحر وماجا وره
فوق فراشي الواحد
فوق وسادتي الواحدة
ربما تتعدد
أسقطي عن رجولتي
ثياب الحائط المطرز
بعتمة الأحمر
أخلقني من رحم الصخر المخملي
دفقا يحصيك منتهى أول
أنظري لخيوطي الخجولة
تربط يمني
بيسري حذائي المتدلي
من شرفة القمر
أوتادي اليافعة تصلبت
علي مرآى شاطئك المتاح للآخرين
أحرقي
برمل عينيك
الواقفين معي
ليتفحم قيامي والماء واقف في صفكِ.
المسخ
يا شبيه الماء
كثبرك سلسال قمح
في رقبة نجمة يتيمة
وقليلك كالملح في بحر الرمل
هربت طوعا تركت أرصفة الميلاد
لأشجار الحكومة وعلقت رحيلك
مبخرة في أوراقها المصفرة
ووهبت جسدك الإنسلاخ الأبدي كله
نصبت نفسك للمنح رب
ولم تكثر الكلام في الأعياد الوطنية
سلكت في درب الإغماض
ولم ترفع عينيك عن ذاك الأمس الملتحف بالخيبة
بحق الجحيم الذي أشعلك فوق السفوح
لماذا لا تبصرك تماثيل الطين الصدأ
وتلملم أشلائك المنسكبة
هكذا
قرب الجيف
ويذهب صوتك الأعرج
بقرار شؤم
ووجهك يصفعه الشحوب
وترتبط بعنقك قصيدة البدء
وتتدلى الأقدام على البئر المهجورة
لتهجر دون ديع
ولأنفع يسكن بك مكان
كحجر سيء
ألقته أنفاس جمعة القدر
في جحيم القاع
فما عاد يلامس أصابع النور.
لا أين!!
أنتف الريش لتنامي
لا
قميصي الذي يخيطه أبي قادر على طرد العراء عن جسدك
لا
الحائط المصلوب دون إعتماد يحمي وجهك من صفع الريح
ويستر ندب الذكريات الورقية
لا شيء
لا شيء يزهر في حذائي
عدا الرحيل
والمشي المستعار
لا
مطر يذيب السكر في فمي
لا
بعض الربيع يجعلني أخضر
لا
موطيء
يهز ذيله
ولا
أحد يلتفت إلى أرجوحة معلقة بين أذني مدينتين
ولا شيء في جيوبي المتعبة يحملني على جناح الفجر
فأصمتي
أنتهى الأمر .
***
صالح قادربوه
- من مواليد مدينة بنغازي، عام 1975.
- متحصل على ليسانس الآداب تخصص لغة عربية من جامعة قاريونس بنغازي.
- يمتهن الكتابة.
صدر له :
- اشتهاء مستحيل، شعر، منشورات دار البيان للنشر والتوزيع ليبيا، 2002.
- تراتيل أسفل شرفة الوعد، شعر، منشورات مجلس تنمية الإبداع الثقافي ليبيا، 2004. التأويل الوردي لبياض الكوكب، شعر، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا، 2006.
اسمك
هذا ما سأفعله باسمك
سأشده من أذنه
وألقيه في حلبة ثيران
لتنهشه القرون الحاقدة
سأكتبه على جدار في شارع مظلم
ليبول عليه السكارى العابرون
سأنقشه على رمال الشاطيء
لتلتهمه موجة جائعة
وإن لم يحدث ذلك
سأمشي فوقه بقدمي المليئة بالفطر
وأنا أهتف:
سحقا
سحقا
سأكتبه في المناشير السرية
ليمزقه المخبرون
سأرسمه على وجه تمثال زعيم متخم
ليبصق عليه الفقراء
سأعلقه على حبل غسيل واطيء
بمساكة سميكة
ليركل الأطفال كرتهم نحوه
هذا ما سأفعله باسمك.
سأجعله اسم دخولي في موقع ياهو
ليطلق القراصنة فيروساتهم عليه
سأعلقه على عمود حديدي
ليصعقه البرق في الشتاء
سأصنع منه كعكا
لتمضغه أسنان نصف متسوسة
سأكتبه على طبل
ليدقه المجذوبون بأيديهم وعصيهم
هذا ما سأفعله باسمك.
سأصنع منه كأسا
يتكسر في قبضة بحار ثمل
سأنعق به في الليل
ليسبه الجيران الخائفون من سجل الحضور الوظيفي
سألون به بيض العصافير
لتبتلعه الثعالب
سأرفعه علما
ليحرقه الثوار والغوغاء
سأخبئه في البضائع المهربة
ليصادره رجال الجمرك
سأثقبه كناي
ليملأه النافخون برذاذ حلوقهم
هذا ما سأفعله باسمك.
سأرسله غزالا في غابة
ليقتنصه الرماة
أو تفترسه الوحوش
سأجعله ثقبا في حائط الغرفة
لتسكنه الصراصير
سأصنع منه ورقا
لتأكله الأرضة
سأقرره في المنهج المدرسي
ليكرهه التلاميذ
ويستخدموه في نكاتهم البذيئة
هذا ما سأفعله باسمك.
سأنشئه قصرا
لتدكه جيوش الفاتحين
سأزرعه شجرة لوز
لينخره السوس والديدان
سأصنع منه جسدا جميلا
ليأكله الجذام والجدري
سأدسه في تفاحة على خد طفلة
ليلطمه الآباء والأمهات
سأختاره نغمة لهاتف خلوي
ليجعله الفقيه موضوع خطبته القادمة
سأجريه نهرا
لترمي الحيوانات فضلاتها فيه
هذا ما سأفعله باسمك.
سأحشوه رصاصة في مسدس
وأصوبه نحو قلبي
وأطلقه لأرتاح
وهذا ما سيفعله اسمك بي
سينفجر
ويوزع شظاياه اللئيمة في صدري
حتى في القبر
ما زال مزروعا داخلي
كتعويذة ساحر إفريقي .
المشبوهون
نحن لا نضع غطاء الرأس
حين نسابق أسماءنا
لا تبهرنا النجوم على الكتفين
ويبهرنا تورم ركب جداتنا.
نحن لا نتقن الحلم إذا لم يمر من أذن الشخير
ولا إطلاق النكات إذا لم نربط أحذيتنا جيدا.
نحن
الضمير المنفصل عن جسد المغنية
المبني على إنتظار الحافظة نهاية الشهر.
نحن أو (فعل) وأخواتها
هم
لا يظنون أننا نحن
لأنهم نحن مثلنا
إلا إذا أنشق أحدهم
هو
أو
هي
أو
هما
وأضيف إلى (هم) كما يطيب لهم أن يدعونا.
لا نشرب حتى نرى وجه إبليس يهرب في قطرة نافرة من الكأس
لا نأكل حتى نلتصق بضيقنا في الدائرة
لا ننام حتى يصفعنا المسلسل البارد بنهاية باردة
لا نفكر في الغد
بل نفكر فيما سيحمله من مصائب
نحن الفارون من عدالة السياسة
إلى صبر لم يتح لأمير من قريش
أو لبائع الكتب في نهاية شارع الإذاعة.
نحن تذاكر وبطاقات صعود
رائحة الزجاج
أو فكرة أن يكون الطيار وحيد قرن
نحن الشبه
المشبهة
المشبوهون
ولا بأس أن ننام في محطة يرتادها الكلاب في العاصمة
نحن المتداعى عليهم
القصعة
يا من يأكل
المنفضة
يا من يريد أن يطفيء عينيه
نحن النشيد الوطني
ولا نعرف أوطاننا
وفي رواية أخرى
ولا تعرفنا أوطاننا
نحن الكلام المعتاد
لكننا نحب السفسطة
لذلك لا يسقط في قريتنا المطر
نحن عقب البندقية
رصاصة فارغة
وزير يزور شهادته في جامعة أنشئت منذ يومين
ولم تفتح قسما للوزراء بعد.
نحن هم
يرفدنا سوء الحظ
ونرفده بأبنائنا
من يريد أن يقلم أظافر يديه
فليتصل بنا على العنوان التالي
هاتف رقم:
دون رد
شارع:
لم يصل المخطط بعد
نحن
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الغريب
الغريب الذي تلتف حوله مداخل الشوارع
الغريب الذي تلتف حوله أبواق العربات الباردة
الغريب الذي تلتف حوله واجهات الفنادق
الغريب الذي تلتف حوله صائدات العابرين
الغريب الذي تلتف حوله النظرات القاسية
الغريب الذي تلتف حوله الأصوات المقلية على نار نابية
الغريب الذي تلتف حوله القطط عندما يأكل
والبعوض إذا هم بالنوم
الغريب الذي تلتف حوله أوامر العسس بأن يغرب عن وجوههم
الغريب الذي تلتف حوله الذكريات الطيبة بلا هوادة
الغريب الذي تلتف حوله أغنيات شرسة
لكنها مؤثرة
الغريب الذي تلتف حوله سبل العيش الجديدة عليه
الغريب الذي تلتف حوله غربته كربطة عنقه البالية
الغريب الذي يلتف حوله كل هؤلاء
ليس غريبا إلى هذا الحد .
***
صلاح عجينة
- من مواليد طرابلسن عام 1979.
- أسس ورأس صحيفة: الثقافي 2003، توقفت.
- شغل مدير تحرير الملحق الثقافي الفصلي لصحيفة: الراية 2001-2002، توقفت.
- أمين رابطة الأدبـاء والكتّاب الليبيين.
- أمين الجمعية الوطنية الليبيـة لرعاية الشباب.
- مدير تحرير مجلة: شعريات، تعنى بالشعر ذات إمتياز قبرصي ليبي.
- يشرف على الملحق الثقافي الأسبوعي لصحيفة: الجماهيرية.
- يرأس لجنة إعداد دليل الأدباء والكتاب بليبيا المشكلة من أمانة الثقافة.
- عضو تحرير موقع أدباء ليبيا على الأنترنت.
- مستشار تحرير مجلة: الفضاء الثقافي الإلكترونية.
- لديه موقع خاص على الشبكة تحت عنوان موقع الشاعر صلاح عجينة: www.agina.elfada.com
صدر له:
- كلام البرق، شعر، نشر خاص، 2001 .
- قريبا من ناصية البئر والتحوّل، شعر، ط 1 منشورات صحيفة: الثقافي ليبيا، 2003، ط 2 أمانة وزارة الثقافة الليبية، 2006.
- مطالعات وهوامش، دراسات، دار أنامل ليبيا، 2004.
- زغاريد أخرى، دراسات، دار أنامل ليبيا، 2004.
- من السطر الأوّل للرواية الليبية، دراسات، دار أنامل ليبيا، 2004.
- الكتاب الجـوّانيّ، دراسات، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا، 2006.
- ربيع النص أم خريفه، دراسات، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2007.
شعر الحكمة / أو الأيقونات
1
الشعر الحي
للشعب الحي.
2
الكلمات الشعرية غالبا ما تكون اعتيادية جدا.
3
المدافعون عن الشعر
ليسوا الشعراء
بل الأدعياء.
4
كتابة الشعر
إستدراج الهامشي إلى فعل التعبير.
5
الشعر
حدس إجتماعي
بمنهج اللغة.
6
في مظان العرفان
يتسق الشعر بالأيقونة.
7
في مدارج الحب
الكل شعراء.
8
المرأة الأولى
السيدة خديجة.
9
كمال خديجة
السيدة
في إرتطام كمالها
بالكمال الرسولي.
10
المضايفة بين عيون الأنثى وعيون الماء
اشتغال اصطفائي يخص أهل العرفان.
11
المرأة الثانية
محط اشتغال لا نهائي.
12
الائتناس بها
إقامة على حالة
لا يريم التشوّف عنها.
13
ما بينها وبيني
كلام ذبيح.
14
يقول التاو
[لكي تعرف لا تحتاج إلى تعلم ودراسة
التعلم والدراسة يبعدانك عن المعرفة]
ولأني
أُدين له بأكثر من أنس قراءة
لذا
فهو يقول بالمعرفة مؤدّي العرفان
بهذا أقول أيضا
المعرفة من خلالها
إذ لا بلوغ لحكمةٍ بتجاوزها
المعرفة أنثى
والعبادة أنثى
فالوسيلة إذن أنثى.
15
تأسيسا لبلوغ الحكمة
يتعين البحث عن قصيدة تصنع عِظمها
من عِظم الشاعر.
16
لا اشتغال بدونها
ولا اشتغال بها.
17
الشعر تجلٍ للعرفان
الأنثى مكمن اشتغاله.
18
مادة التجلي
الإغتراب.
19
الشعر العبقري
لا يقوله
شروق آفل للمكان
أو
نجابة جنس بشري
أو
استجابات آنية لحدثٍ طارىء.
20
الشعر التعبيري نوع من الموت المقنّع
للجمال.
21
تربية الحاسة
على الشعر ذي القراءات المتعددة
قصيدة أخرى يكتبها المتلقي.
22
القراءة الأحادية
للنص الشعري عمل يخص النصوص الكلاسيكية المدرسية.
23
النص البرئ وردة تعبير إنساني
لا يعمل بها الشاعر.
24
القصيدة
سليلة فخاخ
في كل حركة
فصل من الرحيل والإقتصاص.
25
الشاعر الشاعر
يخاف على لغته من لغته.
26
الفكرة المتبرجة
طالما تنفتح في لبوس المدى.
27
الشعر خبرة الروح.
28
القصيدة أجلّ من الشاعر.
29
في لغة الشعر ليس ثمة معنى
لكلمة منتمٍ
إنها على نحو ما
علامة قراءة / تلقي
الشعر يقول بالسليل
الذي هو ضمير الباطنية
إنه علامة كتابة / أثر.
30
الشعر حرفة شهود
لحظة أمومة الألم.
المكان الخطأ
أمضي وأنا جاهل بالماء باحثا عن موت يفنيني ضؤوه.
لوركا
تاركا أشبيلية وراءه
الفاسي ابن أحمد
تحتربُ مكة في حلمه
رائيٌ
تلمع في عينيه بشارات البئر.
عند منتصف الحلم
وقف يتفكّر أشبيلية
تأخذهُ مكة في حلمها
تلمع في قلبه لوازم الله.
الفاسي ابن أحمد
يخونه الدرب
لا أشبيلية ولا مكة
تلمع في حياته
أنياب ثيران
ثيران هائجة
وفساتين حمراء تتوسل شرار الدم.
من ذواكر ليست له
صنع مراحيضا
يتبوّل فيها بالشِّعر معنىً ليس له
يا أيتها المثانة
هذا كذب جديد
أجعليه بولا أو عصارة
صرخ الفاسي وأضاف:
لقد مات الماء
وأنا شاهد أفول
وخاتم شعر.
يا أيها الكلام سقط الليل على النهار
وانساحت الرؤى على سفوح الورق
أنشد شاعر ما.
في قريته التي كغيرها من القرى
قريةٌ عيناها خضروان
يلبسها السعف
صغيرة
قديمة
ميثاقها سيقان سكرى
تمضغها الأحلام والطين
في قريته المحدودبة
يذهب الجميع إلى ريّ أشعارهم
اليومية بالصور
ويذهب الأحمد الوحيد
لإعراب الخيال بقواعد من خيال
ويمر ركب الحجيج
وتمتلئ الأشعار بالصور
والشاعر ببشارته الصباحية
ويهتز السعف
يتعانق العاشقان
عند القاسيون
وفي ثغور الأطلس
وضفاف النيل
وعلى المتوسط
ينشدان
بشارة مندوحة من وحدة هزيعٍ
مزهرٍ
في جرح جبلٍ أو نهر
يا لها من كلمة تقف جبهة
تحرق من القش هوّية
ومن الإلتقاء حبا
عروس من الكلمات كان جبل يشتعل
حتى الفجر والندى المقاتل
ينزلق على الشفتين
شارة للهدوء الذكيّ من أعماق جبل
أثمة ماءٌ يتحرر من أرضه
ما دام الشِّعر العاري
يتأسس في غابة اليد
أكان للبرد طُهرا
أكان كل شيءٍ أسدا في عرينه.
الفاسي ابن أحمد
يقف مثل أبدٍ مرهقٍ
يتلو لسمائها إنجيل دمه
يقف عند بؤبؤ عينيها
ويملأ حلمه من أعجوبتها
يرمم ريشته من بهائها
يتهيأ له البحر في صورة أمل
والبخور في صورة فن
يتكئ ممارسا النزف
يقرأ الفاتحة على يومٍ مضى
ويتوضأ ليوم جديد.
الفاسي ابن أحمد
قلبٌ ينبضُ للأشياء
من كل مكان ولا مكان
قلبه حقيبة تتساقط منها الأسطر
ماذا لو أنّ الأسطر لا تسقط كالرطب !؟
عسلٌ يتشحم ويقتل مثلا:
كل شيء ممكن مثلا
كلمةٌ ملكة ترفض السقوط
كلمةٌ مؤمنة تُؤثِر الشهادة
كلمةٌ هكذا يأتيها النصيب
سطرٌ يسقط
سطرٌ يسجنه ديوان
سطرٌ تبلعه الشفاه
سطرٌ يذوب في القهوة
سطرٌ يضيع في الماء
سطرٌ يأكله الحرّ.
الفاسي ابن أحمد
دولة ٌ
من حقائب وأسطر
دولةٌ
لا تعترف بسجن الأسطر
أينما أزهر العشب كانت حدودها.
الفاسي ابن أحمد
حيوان أعتاد العشب
يستنشقه أولا
ثم ينبلج قلبه
الصحراء ليست من شيمه
في أشبيلية وأزمير
كان فصل يبث نشيده اليومي.
الفاسي ابن أحمد
يحب القماش الذي يفصّله الجسد
وتنساب عليه الأسطر السوداء
أسطرٌ متوازية وكثيفة وحنونة
وحبلى بألف مدينة
هنا يرتجف ويولد من جديد
مع كل سطر عظيم ينسرح على جسده الممشوق
روايةٌ تمضغه
يا الله
لحرية الأسطر المنسابة
يا الله
لجسدٍٍ يحرّر أسطره
أشار الفاسي ثم أردف:
يا جسدا أميريا يأخذني إليه
أنا مشتاق قديم يولد ألف مرة كل يوم
تستدعيه الأسطر وترمي به
في عرض الكراريس
الفاسي ابن أحمد
هكذا هو الفاسي ابن أحمد
قد يكون سطرا فقد الطرق جميعا.
قريبا من ناصية البئر والتحول
شحاذ طفق يعرك
علقة الهلال المحتشم
الأفق يُسبح له
والشريف أحمد
جوقة مغربية من هذي الخرائط
الجهمه
يُرفع
ومدريد جرح يتلقفه
شحاذ أختفى في عظمه
سفر العرب والنبيذ.
شحاذ نبي
يذرع ناصية البئر
يبتكر غرفته ويشهد
البئر قسمة من نسغ
الرؤيا
الكلمات
سطور تدور
السماء
جملة مقتصدة للملكوت
سبحانه إذ يقول:
البئر جنون.
ولما راح الليل البهيم يشربني
مذبوحا راجلا
أبعث اضطهادي في أوتار حزن
ورغبة.
عالمٌ
يثغو كيفما شاء
وأنا ماضٍ أحقق تهمتي بين غياهب
العهد المستقدم
وخنادق البحر
منصاعا كنت
وكان البحر يُغرقني
تابعة الجن
أُدميها بإصبعي
ولفافتين من وهجي
والبحر يُغرقني
ما أسوأ البحر حين يحب
أو يرغب الكره
أبيا وممزق الأسمال
وسافرة هي الأشياء
إذ تباع!.
شحاذ
على خاصرة المعراج
يُذوقك سيمفونيتين وسلالتين
من تحوله
يشرب الحب
حتى يعربد في مهزلة
يُضحك العالم على بلادتكِ
ويعربد
كطير جناحاه أفق
متناسيا
أو متذكرا
شيئا عنك!
شحاذ
تتبعه طائفة تردد وأفول
يختصر العالم بين وريديه
والشريف أحمد
إرث اختصارات ودروشة
باع شعره للريح ومضى
يُقلب صفحات الماء
خاتما التيار بقبلة
هكذا العاكفون
يوم تحشر الثورة
والشحاذون الأشياع
هكذا يكتب
سفر الثورة والأشياء
لعاب الدرويش
سر
القبلة
فن
هكذا
أحيانا تقذف الأشياء.
******
وكلما تذروني أحزاني
في هشيم ليالٍ
أحترف النحت أكثر
أصير ـ بلا ملل ـ عرافا
للحكايات
للصقيع
أقضي نحبي مع كل لون عاقر
والشريف أحمد
رفض مهمل
أنتبذ في صحاري التيه
حرق الأوراد
وأحترف شرب النخلة
ذات فكرة.
والشريف أحمد
صبر ندّي
أسمرّ بين كثافة الخريف
الشاحذون الأشياع
خرافة هزيلة بددتها طلاسم الأمس المنيع
ينحتون صلاتهم
عند هجير
أمده
صخرتا سيزيف وجبل مزورّ
من عناصر العصب.
الريح
الريح
تحرث فوضاها
عند مواخير الحرف المسن
وأنا ماضٍ
بين مناجم الكلمات
وعرائش العنب
أحرث
لمأساتي وطنا
والبحر عميق
والشريف أحمد هيكل سيئ الحظ.
******
ما زالتِ صفعة
تطرق نهاري قلقا ومجيئا
آواه في نجواي أرى البحر عرقا للأرض
وأراني
زيتا معفرا للحرق
البحر يرتادني
الشريف أحمد يقرع سحائبي
الوقت ألف عام
الرؤية ليس تماما
نحاس
العطر مسك الفاتحين
القول نزيه
لست الآن
أفتتح البريد
بعض الوقت
بعض القلب
الرئة عهدها نفس زكي
شتات القول
أثر بليغ.
***
عبد الباسط أبوبكر محمد
- من مواليد البياضة بالجبل الأخضر، عام 1975.
- متحصل على الماجستير في المحاسبة من جامعة وادي النيل السودانية عام 2006 .
- عمل في أمانة الاقتصاد والتجارة شعبية الجبل الأخضر.
- يعمل موظفا بمصرف.
- له موقع شخصي على شبكة الإنترنت بعنوان: تفاصيل، www.ttfasel.4t.com .
صدر له:
- في متناول القلب، شعر، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2005.
- أوقات خارج الوقت، شعر، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا.
نـواقِـصُ
نقصني الكثيرُ من الصمتِ
ولهفةٌ مُصطفاة
وحزنٌ حكيم.
تنقصني دهشةُ الروحِ
في مساربِ الرؤيا
ذوبانُ العمرِ في أكوابِ الرحيق
هُطولُ الفرحِ
نبضُ الحرفِ الرقيق.
تنقصني امرأةٌ
تسدُ عجزَ الخيالِ
وتُرممُ شروخَ الذاكرة
وتفيضُ راحتاها بالوقتِ الزُلال.
تنقصني
مسافاتٌ للعطرِ
وقبضةٌ للحبرِ
وقفصٌ للأمنيةِ
وشِباكٌ للضحكِ المراوغِ.
ينقصني جناحٌ من أسئلةٍ
وأصدقاءٌ يُعلمونني
كيف أستدرج حيرتي
إلى فخِّ اليقينِ.
ينقصني وطـنٌ
أقودُ صوبه خُطاي الخائبةَ
فيُعلنني أرجوحةُ أملٍ
ويفتحُ في القلب نافذةً من نشيد.
ينقصني
لأعرفَ كيف :
أُذوّبُ مَشاغلي الـمُؤجلةَ
وكيف أرتدي فوضايَ
دون أن أتعثّرَ في النظامِ
كيف أنفخُ في النثرِ روحَ القصيدة
كيف أُشعلُ الوظيفة
كيف أُرمّمُ طفولتي
كيف أذهبُ في الخيال
دون أن تجرحني العيونُ
ويرهقَ كاهلي صهيلُ الرغبةِ.
ينقصني الكثيرُ
لأمرَّ إلى قلبي :
دون أن تتوزَّعني المخاوفُ
دون أن تبزغَ الظلالُ
وتستدير الجهاتُ
دون أن تتوهَ الخطوةُ
وينفلتَ الإحتمالُ بعيدا ً !!
ينقصني الكثيرُ
لاشتهي حياةً مُغايرةً
وأرسمَ وطناً في غفلةِ الطلباتِ.
قناديل
جئنا
نعقدُ للحلمِ قُبةَ الفجرِ
نحبو للسماءِ بعيونٍ شاخصة
نقترحُ طقساً للقلبِ
ونفردُ أعمارنا عقودَ أملٍ
نطردُ الحزنَ بعيداً
نقطفُ الوعدَ الناضج
ونُغمِضُ بياضَ الورقة
عن سطوةِ المخالب
نغني للصبحِ تزفُّه القناديلُ
وتُشهرهُ الروحُ الشامخةُ درباً
من سَكِينة.
جئنا
على غفلةٍ الوجعِ
نَغمِسُ المساء في ضوءٍ طليق
نلقِّنُ الزمنَ حفنةَ الأمنياتِ
ونكسرُ الظلمةَ بأصابعَ من لهبٍ
نُشَكّلُ الظِلالَ باحةً للشموعِ
ونسكبُ العِطرَ موعِداً للفراشاتِ
نُصغي لعرسِ المطرِ
نعدُ البلابلَ بأعشاشٍ راسخة
نفرشُ للغيمِ لهفة السنابل
َنهُزُ جذعَ السؤالِ
فتنتظمُ الكلماتُ سُلَّماً
من ضياء
نصعدُ مراقيَ الحلمِ بألفِ رغبة
ونقول:
إننا هنا
ننثرُ الفرحَ على إمتدادِ العمرِ
نُـهيّئ للغدِ باقةً من رجاءِ
نتوِّجُ الوطنَ قِبلةً
ونجيء مع الفجرِ أحلاماً وعصافيرَ
إننا هنا
فأنتظر أيها الوقتُ
وأتسع أيها المكان.
هُطولُ
أيكفي من الضوءِ بعضٌ
وعيناكِ حاضرتان بالدفءِ
وشعركِ مُتكأٌ للغيومِ
كم يُرهقني العطرُ
وبراعمُ الفتنةِ
تمضي إلى آخرِ القلبِ
كم يُثيرني الغموضُ
لأن الزمانَ انسكابٌ
فأنتِ هنا الآنَ كلُّ الفصولِ
لأنَّ المكانَ استدارَ
فأنتِ نافذةٌ للرحيلِ
من أين يبدأُ هذا الهديلُ
والحمامُ يُكبّلهُ الياسمينُ.
لأنكِ هنا
تكفي كِسرةٌ من شجنٍ
ليدخلكِ المرءُ مُزدهِراً بالنقائضِ.
أيها القيدُ الشهيُّ
كيف أطلُ على القلبِ ؟!
والأسئلةُ لا تحفرُ عميقاً
يكفي أن ينهضَ جسدُكِ
لتستدير العتمةُ قنديلاً
هل تكفي أصابعي ؟!
لأعلنَكِ شاطئاً لمراكبي التائهة
وأتطاولَ في الحُلمِ
أريدُ وجهكِ الآن
كي أربكَ بكِ المرايا
وأمدَّ جِسراً من تلعثم.
. . . . . . .
. . . . . . .
أيُّ مفردةٍ تطالُ احتفائي
وتأخذني بعيداً عن ارتباكِ القواميسِ.
. . . . . . .
وحدي هنا
النوارسُ تسقطُ في قبضةِ عطركِ
والزبدُ أجنحةُ الروحِ
من أين جاءكِ هذا الحُضورُ
هذا التسرُّبُ في المسامِ
من أعلنكِ هذا المساءَ هُطُولاً !!
فجئِتني حُزمةً من ضياءِ
وبعضُ رحيق .
. . . . . . .
. . . . . . .
الموجُ هنا يتقنُ نسجَ التفاصيلِ
والأشياءُ تعلمتْ منكِ البزوغ
أيتها الشهيّةُ أكفني بوعودكِ
فإنَّ العمرَ متاحٌ
كما الوقتُ أيضاً
مُتاحٌ كثيراً .
***
عبد الحكيم كشاد
- من مواليد مدينة طرابلس، عام 1966.
- متحصل على ليسانس في القانون .
صدر له :
- سؤال ينشر ظله، شعر، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا، 2006.
- وشم يتنهد، شعر.
- أسرجت غيمي للرحيل، شعر.
وأسرجت غيمي للرحيل
خلقت البلاد
لتبقى من قبلي.. وبعدي
فلماذا يحدث
كاًن سأبقى.. وتذهب.
خلقت البلاد
لإنطلاق النشيد
فلماذا تسورني البلاد
كأني ضيفها الثقيل
لا يدًا تمتلأ باليقين
من قبضة الغد
ولا اليوم قاب قوسين
أو
أدنى.
خلقت البلاد
كي لا تشردني بلاد
تحت قبعة الشرطي
وصولجان المكان
أراقب أحوال الغافلين
عن شجر الليل
عن جنازات تمر
ألمح خيط النهار
ذائبا في عريشة الظل
هنا
تفتح زهر اللوز
هنا
أكتملت خميرة الفجر
هنا
أورق النعناع
وحين أستيقظ ينفض غبار
الحلم
ثمة شمس مرتبكة
تدخل قفص الاتهام
ثمة قمر يغافل الحرس
يتسرب في جرأة من شقوق
الليل
ثمة من ترحل
من قلبه شمس البلاد.
...
لاتحيليني إلى صمت المنافي
التي أهملتني
وخذلت قدمي
فأسرجت غيمي للرحيل
ربما همت بنشيد أوجاعي
ربما من طير لهذا الفضاء
القتيل
لست بما أتهموني
ولست من عرته قوافل
الشجر في مرايا الليل
أنا من وسوس للطير
من كل جنس أنى تطير
وحلّق حتى لأسقف
لا خيال يحدّني
ولا تسير في ركبي الظنون
غير أن المنافي من توحدي
شردتني
طيراً من كل جنس
فرأيت أيامي مبعثرة
في بلادٍ تؤ ويني
فهات من يرّد إلي كلي
هت وطني .
هذي البعيدة
التي تلتف بمئزر وحدتها
وتطلق صرختها كذئب البراري الجريح
كلما أستسغت لهفتها
وأرتويت بنبع حبها
تجنت على نفسها بأن أدنت
لنار وجدها حطباً جديد
هذي البعيدة
كلما أشتطت مراكب أمواج
جدائلها تفرد ملوحة غربتها
لشواطى المستحيل.
هذي البعيدة
التي ألفت حنطة سمرتها
حقول
كلما هبّ ليل غوايتها
تسند قامتها للريح
فتغير وجهة مراكب
وتحلّ
ظفائرها لشمس بعيدة
وأفقٍ عربيد
كم منازل ألفت فتنتها
كلما رمتني بوردة الرحيل
تاركةً للجهات
أضلعاً متكسرة وفتات حنين
كما لو أنني أمسك السراب
حجراً لأدمع ما تناُى من ظلال وجدها.
البحر
يبدأ هتاف الأجنّة
عميقا ضاربا كهديرك
واثقا كمجدك
يتبدّى من كل شيء شرارة التضام التي تكونه رغاوي الزبد المنتشر فوق أحشائك
كل عين هي مرآة جديدة تحيك ما لا يرى لغز يروم التّطلع إفشاء في الكلمات
ما بين إنهدال كل موجة على جبين الشاطئ محملة بشظايا الإنعتاق
ذهلا أيها البحر تتاخم قلبا متسعا بأبديته
كفرت بالنظرة الساهمة.
مركب يرقص وظل جُمْجُمة
يمخر عباب التاريخ على مجدك الواقف في حنظلة الزمن كشوكة عالقة في هذب الريح
لا هي تذهب ولا هي تجي
ما أوسع قلبي
ضيق أنت كخرم إبرة
متسع قلبي بأبديته
كملكوت السماء لم تزل جنينا ما رأيناه
بعمق هذا السر كبرنا
ولم تكبر
جنينا نطلق الخيال عليه
ونرتقب مع تأمل كل موجة آتية
ومع كل هدير جمجمة تنغلق على سر
يسبح لله
باكرا قبل أن يلدك السر من وجنة الصباح
أقبلك
ثم أطويك
أيها البحر.
***
عبد الدائم اكواص
- من مواليد طرابلس، عام 1975.
- بكالوريوس طب وجراحة الفم والأسنان.
- عضو رابطة الأدباء والكتاب الليبيين .
- عضو الجمعية الوطنية لرعاية الشباب .
- عضو نقابة أطباء الأسنان في ليبيا .
صدر له:
- آثار طفل في الرمال، شعر، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2005.
- كأنّك الكلّ الوحيد، شعر.
قصيدة الإصغاء
أُصغي لهمْس ِسحابة ٍ
نثرتْ على أهدابنا ماءَ المطرْ
أُصغي لشدوِ حمامة ٍ
في الصبح ِترقُصُ في خَفَرْ.
أُصغي لخشخشة السنابل
أُصغي لشجو ِكمنجة ٍ
والحزنُ تعْصِرُهُ الأنامل
أُصغي لهمْهَمْة الغصون
في الليل ِتخترقُ السكون
أُصغي لصوت ِقصيدة ٍ
في الركن ِتلمعُ كالكمين
أُصغي إلى ذاكَ الأنين
أُصغي لصمتِ الراحلين
والقلبُ ينبضُ في العيون.
أُصغي لقعْقعْة السلاح
والأرضُ تنـزفُ والجراح.
أُصغي لتكتكة ِ العقارب
والريحُ تعصفُ بالقوارب
أُصغي لأطفال ِالتجارب
ولألف ِجيش ٍنائم ٍ
من ألف ِعام ٍلم يحارب.
أُصغي لصوت ِصديقةٍ:
من أنتَ- قلْ لي – يا وحيدْ ؟
من أينَ جئتَ ؟ وكيف جئتَ ؟ وما تريدْ ؟
هل أنتَ شِعْر ؟
أمْ أنتَ بحْر ؟
هل أنتَ حرف ؟
أم أنتَ نزف ؟
هل أنت فجرٌ تائهٌ ؟
أم أنتَ ماض ٍلا يعودْ ؟.
أُصغي لـ(ريمٍ) وهي تصرخُ:
لا أُريدْ
أُصغي لجرحٍ في الوريدْ
أُصغي لصرخة ِشاعرٍ:
سأصيرُ يوماً ما أُريدْ.
أُصغي لأصحابي الكُـثُر
أُصغي
ولكنْ لا أثـر
أُصغي لأُمّي وهي تمسَحُ قُصّتي
أُصغي لفوضى قِصّتي
أُصغي لـ(ريمٍ) وهي تسرقُ حصتي
أُصغي لأحذية ِالجنود.
أُصغي لصوتي ضمّهُ بئرٌ عميق
أُصغي لموسيقى الحريق
والحلْمُ يغلي في العروق
أُصغي لصوت منبه ٍ
أُصغي
ولكنْ لا أُفيق .
نُزْهَةُ الغُبارِ بينَ فُوّهاتِ الدموع
في الصمتِ يصطافُ الغبار
يُلقي عباءته الثقيلةَ فوق وَجه الماء ِ
يمضي لخلواه الحميمة ِحافياً
يُهدي قذاه لكلِّ عين ٍلا تنامُ
يُعيدُ توزيعَ الزُّحار.
تصهلُ الرّيحُ احتفاءً يمتطيها
ويلفُّ بين أزقّة ِالرغباتِ
في لغة ِالشكوك
تلهجُ الأبوابُ بالتصفيق
يصفعُها
تنتشي علبُ الصفيح ِ
تدبُّ فوضى القرقعه
ويعشّش البعّوضُ عند منافذ الأحلام.
تتمازج المتناقضات
يتزوّجُ الجلدُ الأظافر
والشعرُ موسيقا الحوافر
يعلنُ الدمُ نفسه ابناً لنصل السيف ِ
يبكي الدمع .
يشهرُ الضوءُ انتماءه للظلام ْ
تتمازجُ المتناقضات
تتفيأ الأصواتُ ظلَّ الصمت
يحيا الموت.
نشيـدُ الهطــول
إلى الشاعر عبد الباسط أبوبكر
أنا ظلُّ غيم ٍ
وأنتِ الهطولُ
وأنتِ اْرتواءُ الثرى بالمعاني
وشعري شتولُ.
وأنتِ الندى حين يكسو الجرارا
وأنتِ اللآلئ ُ تُلقى نثارا
على شاطئ ٍلا يملُّ انتظارا.
على بصْمة ِالرّيح ِكان اللقاء ُ
فكان الذهولُ
أيا نجمةَ الحِلِّ والإرتحال
بعينيكِ نورٌ يذيبُ المرايا
ووحيٌ أثيلُ
كأنّك ِفي صمتِ ليلي صهيلُ
كأنّ اشتياقي إليكِ رحيلُ
أنا المستحيلُ
أنا الإنبعاثُ أوانَ الأفول
أموتُ لأحيا
فتحيا الأغاني
ويحيا النخيلُ
أنا المستحيلُ
أنا ما رآه ُالغبارُ
أنا ما رواهُ الصليلُ.
أنا شكلُ جرح ٍ
ونزفٌ
وسيفٌ كليلُ
على وجنتيكِ تجلّتْ دمايا
أأنتِ تُرى أمْ تُراني القتيلُ ؟
أنا المستحيلُ
أنا طيفُ غيبٍ
وأنت ِالفناءُ
وأنتِ الحلولُ.
إلى منتهاي سيفضي الجنونُ
إلى منتهاكِ الزمانُ الجميلُ
بعينيكِ شمسٌ تنيرُ الزوايا
وحقلٌ ظليلُ
دعيني أنا في عيونكِ يوماً
لعلّ الصقيعَ بقلبي يزولُ
لعلّي أقول: ُ
.................
.................
أيا واحةَ الإشتهاءِ الأخير
أسيرُ إليكِ وزادي قليلُ
وصبري عليلُ
فكيف السبيلُ
إلى ضفّة ِالبوح ِوالإرتواء ؟
وكيف الوصول ُ؟.
***
عبد السلام العجيلي
- من مواليد مدينة درنة، عام 1960 .
- متحصل على ليسانس آداب قسم اللغة العربية جامعة سبها.
صدر له :
- شجر الكلام، شعر، إصدار خاص، ليبيا، 2002.
- في مهب القبلي، شعر، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا، 2006.
لغو شتائي
قلت مرةً
لغيمةٍ عابرة
أمطري
في قريتي الصغيرة فقط
وسوف أترك لهم
بقية الشتاء .
لماذا هذا الصباح
يُفسِد علي
نكهة القهوة ؟!
الساعة السابعة
وكل شيءٍ كما هو
أحلامنا بلا معاطف
وبيوتنا قبعات مؤقتة.
.............
نَمْ أيها الطفل الصغير
قبل أن تنسيك
العيون الجاحظة
تحت القبعات
ضحكتك الندية .
.............
نامي ولا تنتظريني
لقد ضيعت
مفاتيح الليل
أنا الآن محاصر
بين احتمال الرصاص
ووجوه الأصدقاء
التي تغيب فجأة.
صباح
النخلة عالية
والعراجين
أسرفت
في دلالها
وأنا
جائع
ومتعب
مثل
مهرة
مجنونة
ركضت
نحو صدري
كم كنت غبياً
عندما تركتها
وحيدة بين
مخالب السراب.
.............
غناؤها همس
أسكر الروح
فهداها
إلى طيش
بهيج.
.............
الصباح الجميل
يتكئ على
قامتك العسلية
وأنت كما أنت
كما الورود
في حقولنا المنسية
فكيف أهرب
بكل هذا الجوع
والصباح الجميل
لا يتسع
لكل الكلام.
لــعـبـــة
(الخلاء موصد)
ولعاب الشمس
مهدور
فلماذا لا ألعب !؟
ولماذا لا أرسم قوساً
يمتد من درنة
وحتى الضفة الأخرى
قوساً
يحمل كل الألوان
الأحمر
للنعاس
ولزهر الرمان
وللجلسات الحميمة.
الأصفر
يلهب المدرجات
ويشعل السماء
الأزرق
للأعياد.
والبنفسج
لبنات (الجبيلة)*
المغرورات
حين يمرقن خفافاً
بعطرٍ
عصيٍ على الرياح
وببرق
لا يخذل المحاريث.
سوف أرسم قمراً
يرش رصيفاً خالياً
من الأحذية
الخشنة والقبعات
البنات فيه يقرأن
الشعر الحديث
من دون محارم
والأطفال
يبيعون الياسمين
سوف أرسم مطراً
يغسل شارعاً
يعج بالمساجد
والكنائس والحانات
يتسع
لأطفال المدارس والشاحنات
للمسرعين
والمبطئين
للسكارى
والمفلسين
للأثرياء
والأغبياء
شارعاً
لا ينام
ولا يترك العشاق
من دون ماء.
*أحد الأحياء العريقة في مدينة درنة.
***
عبد الوهاب قرينقو
- من مواليد مدينة هون، عام 1966.
- متحصل على شهادة بكالوريوس في العلوم الحربية.
- عضو في رابطة الأدباء والكتاب الليبيين.
- ينسق منذ سنة 1995 أعمال اللجنة الثقافية الإعلامية بنادي هون الأهلي .
- عضو مؤسس لجريدة: أخبار الجُفرة، وقد ترأس أول هيئة تحرير لها من عام 1996 إلى 1999 .
- يتولى حاليا إدارة اللجنة الإعلامية الثقافية لمهرجان الخريف السياحي بمدينة هون.
صدر له :
- ألسِنةُ الليل، شعر، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2004.
- مزيداً من الغزل، شعر، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا، 2006.
- بعيداً عن الحديقة، شعر، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا.
دخول أكثر !!
سأتوغلُ أكثر في لحم البلاد
سأنفُذُ أقسى عبر عظم الروح
سأبتعد.........................
................................... أبتعد.
سأدخلها
عبر كتب مصفرة
في مكتبة منسية بقلب المدينة
عبر الجرائد
المنثورة في سماء الشبكة
عبر صُحُفِ الحكومة
ننشر فيها اليوم
ونقرأها بعد ألف عام
عبر الأمسيات المهترئة
بالتصفيق الكاذب
ونظراتِ الهلوعين
تنبثُّ من ظلام الرغبة
يصوبونها إلى زهرات شعرٍ
تتلمس خيط شعاع
ربما وصلت في الغد
والأرجح أنها لن تتفتح أبداً
نظراتٌ أقل
يفحونها من عقل الحاجة
إلى أدباء الكراسي
ومكاتب الأقنعة ـ العلاقات.
سأعتزِلُ أطول
في الزوايا المعتمة
وربما في الصالات الضاجة
عبر ألعابي
مع الكلمات الغضة
عبر عبثي
مع كتبٍ لا يلتفتُ إليها
عشاق التنظير ـ عسيرو الطفولة.
سأغني عبر قصائدي
غير الناضجة عن عمد
دائمة النوَّار
......................... لن ألوثها
لن أسفحها أمام المتجهمين
ولا قُدام بنات الشعر
الفاغرات
الفارغات
المتلطعات على أبواب الغَبَش
في عواصم الرياء والدجل .
سألعبُ أطول
مع رفاقِ الليلِ الغافِلِ
مع موسيقى خاصة
ممنوعة على الحرب والكلاب
ومع وقتٍ
أرادوهُ لكهولتهم
العطِنةِ
المُزمِنةْ
وأحببتُهُ لوردي الذي
لا يذوي
لا يصمت
......................... لا يغيب.
سأتطاول بانذهالاتي
عبر عربات الليل
ومطر الدهشة
عبر رؤيا الماء
وانقصافِ دوالي العنب
على كتفِ الربيع .
سأنمو إلى طفولتي الجديدة
عبر أرجوحةٍ
نساها الخريفُ على بابِ الشتاء
على مقرُبةٍ من ظِلِ صيفٍ
يضحكُ مع فُلِّ الربيع
على زمنٍ لا يعرف اللعب
ولا المُزاح.
سأتغلغلُ إلى كعبة الشعر
أُكَّسٍرُ ألهةَ الناقدين
أحرق أوثان قراء محتملين
وأُشَوِّشُ دفاتِر الذينَ كانوا
أُحَطِّمُ حيطانَ الشِّعرِ أخيراً
وأعلِنُ سماءً للعب بلا مدى
بلا ما يحدُّ
بلا ما يُجدي
بدون قراء
ولا جلادين
بِلا حبر
بدونِ لغة
وبِلا بياض
هكذ .........................
......................... عبثٌ في الخاطر
تلطيخٌ للزمنِ
بألوانِ زهوٍ لا يتوقف ،
شِعرٌ مطلقٌ نهائي
......................... عُذراً
أعني:
مُشتبِكٌ لا نهائي.
رفيف
في الصباح
تستيقِظينَ بين يدي
كعُصفورةٍ فاجأها الضوءُ فأنتبهتْ.
لهمسِكِ سِحرُ الطُيورِ
غير أنَّ العصفورةَ تطيرُ
عِندما تُفاجِئُها اللمسةْ
وأنتِ
ترتمينَ في حُضنِ العُشِّ أكثرْ
تتمادينَ في الدفءِ
والسقسقةِ
والهمسةْ.
شيخُ العُزلة
أو:
كيف رحل المهاجر"أبو المعارف * "
تأملتُ في النجمة
لم أفهم شيئاً
فأحتشدَ الدمعُ المُكابرُ
وسطَ الجلسة يُحييك.
أستمعتُ بشغفٍ
لحكاية غرقٍ لرفاقِ صديقي
الذي نجا من البحر في الشمال معهم
دارت مع الكأس الحكاية
ولم تُنسيني.
خَبَّرنا أحدُهُم
إنها رَحَلتْ في المشفى
(روحُكَ) الكانفة
وقال الصحبُ الذين لِتوِهم وصلوا
أنك مُحتضراً ردمتَ الجسدَ الناشِف
في رمل النهاية
ولم تخرج
روحُك
(الرطِبة).
لماذا يستفيقُ الحُلمُ كُلما نامت المدينة ؟
ولِمَ تُجاوِرُنا الصحاري
ولا نرتشف من نهل هيبتها / خيبتها
قطرةْ ؟.
لماذا تركتَهُم
وكيف تأتَّى لكَ
أن تتأمر على الرِمال ؟
تحنو على بِئرِكَ العكر الصغير
تحضُنكَ لسبعةٍ وثلاثين صيفاً تفاصيلُ الريح
وتتدثر في شِتاءات البراري بعتمة "الأثل"
وكوخ الطين.
هل جنياتٌ
نحتتها أزاميلُ إنزوائك رَعَتْ مشاغلكَ ؟
أَم لا وعيُكَ
كيَّفَ حكاياكَ مع مناخات (المنفى)
أهُوَ حقاً منفى ؟!
أم أنك عِشتَ مدائنكَ الأثيرة
وتركتنا نلوكُ العُمرَ بِالعُمرِ
على أرصفةِ قيظٍ
وقلقٍ
وغُبار.
* أبو المعارف:
رجل من مدينة "سَبها" جنوب ليبيا، أتجه في مطلع الستينيات شمالاً إلى أن وصل بلدة "هون" القديمة، وعاش فيها قليلاً، ثم أتجه ـ لسبب غير معروف ـ إلى صحراء رمليةٍ شمال البلدة، ومكثَ فيها وحيداً منذ شتاء 1964 إلى أن توفيَّ في 1 مايو 2001.
***
فرج بشير أبو شينة
- من مواليد مدينة الخمس، عام 1965.
- متحصل على بكالوريوس علوم عسكرية 1989.
- ترك العمل بالقوات المسلحة لأسباب صحية 1993.
- عضو رابطة الأدباء والكتّاب الليبيين.
- أسس إلى جانب نخبة من الأصدقاء منتدى القرية للإبداع، ويدير بداخله صالوناً أدبيا (صالون الخميس) كل شهر.
- له موقع شخصي على شبكة الإنترنت سماه: سفر ناعم
www.safar-naem.4t.com
صدر له :
- الصعود من أسفل، شعر، منشورات الدار العالمية القاهرة، 1997.
- إهتداءات غزال يركض، شعر، منشورات الدار الجماهيرية ليبيا، 2000.
- العالم يستبدل ثيابه، شعر، منشورات مركز الحضارة العربية القاهرة، 2000.
- نزاهة السم، شعر، منشورات مركز الحضارة العربية القاهرة، 2001.
- مرافعة ضد النوم، شعر، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2004.
- أخذتني يدي، شعر، منشورات أمانة اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام ليبيا، 2007.
معطيات
1
تبدو السعادة
ماركة مسجلة
بماء الذهب
على علب فارغة.
2
الأشجار التي لا تبتسم
الأشجار التي لا تتعانق فرعها
الأشجار التي لا تحلم
الأشجار التي لا تتعطّر بالندى
الأشجار التي لا ترقص
الأشجار التي تتعرّى في قدوم الريح
الأشجار الدائمة التفكير
حتماً ليست عقيمة.
3
هل فكّر أحدنا مرة
بنسف جبل
الأمر بسيط
مقارنة
بنسف معتقد !!
4
أعدنَ أيديكنّ
إلى عفتها
أيتها الدول النامية
التسول لا طائل منه
في عالم
تصلب فيه
الرحمة.
5
ثمة ما
يجعل الخريف
رائقاً
ثمة ما
يجعل الأحزان.
6
العالم حسب
الـ (جيوبولتيكا) الجديدة
قرية منكوبة.
7
أحلام سعيدة
أيتها الإنسانية
نوم هنيء
أيها العدل.
8
تمادى كثيراً
عقرب الهزيمة
صار ……….
ولسمّه نشيد رسمي.
9
الدموع لا وزن لها.
10
للحق نافذة
للظلم
ألف باب.
على كف اليقظة وحدهما
وحدها المساءات
بنزهتنا المعتادة
تكنس في نهم
ضجر الشوراع.
وحده
ندى القلوب
في وداعة
يوقظ الشُرف النائمة.
أفلاطون الصغير
جلسَ
أفلاطون الصغير
إلى طاولة الحكمة
وقرر
أن يرسم شجرة.
في المرة الأولى
نسى
أن يرسم للشجرة
ثماراً.
في المرة الثانية
نسى
أن يرسم للشجرة
أوراقاً.
في المرة الثالثة
نسى
أن يرسم
في أعلى الشجرة
غيمة.
في المرة الأخيرة
تعمّد أن يرسم
في أسفل الشجرة
خريفاً يترجّل.
***
كمال الشلبي
- من مواليد مدينة الخمس، عام 1970.
- ماجستير فلسفة من كلية الآداب والعلوم بجامعة المرقب ـ الخمس .
- محاضر فلسفة ومنطق بالجامعة الأسمرية للعلوم الإسلامية.
- أمين النشاط برابطة الأدباء والكتاب الليبيين.
- أمين نقابة أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الأسمرية للعلوم الإسلامية .
صدر له:
- موسيقى تبتهج بي، شعر، منشورات مركز الحضارة العربية القاهرة، 2006.
- مفتتح النزوح، شعر.
- أصالة الوجود عند صدر الدين الشيرازي، دراسة دار الأوائل دمشق.
مفتتح النزوح
تحتمي بي الريح
تنشرني على حبل السواقي
سيرة ماء
أعلن انتمائي للبدء المسافر صوب صحراء الروح
أبارك العطش الداكن في الضياء
زاخراً بالحمى
بأشياء تشبه روعتي
ما زال عندي شراب التيه تشغله الحقول
لي في المدارك فرصةٌ ونهار
لي في حنايا الرمل متسع التنفس
لي ما يقارب بين شوط البعد وسقطة التمني
أنسج للطريق مفتتح النزوح
صوب ديار تلطخ سمعة اللون بألقٍ يشتهي قربي
أمسح مساءاتي بشمس النبيذ
وفي تباريح الشهوة أرتق المعالي بكسرة أمل
ما زال بيتي بساط اللون
أمرق بين الجمر وكرسي المهابة
أعاود النظر صوب وردة تستجدي عصفورها
أعاود سحب المناديل من فقرٍ أبعده خوف العمر
أستقي من الشعراء عذوبة الفوضى
وأهرب للسماء معنى التعاويذ
أستعيد من البعيد إشتهاءات نورسٍ يلوح للبحر بموسيقى تتربص بالنبض
أفترس عناوين تجيء من عمق شتاء
أفور من ولع يدي
أنا المرايا الطالعة من جبهة الحلم
أفرز أولادي نيابة عن الأيام
أستطيل في حروف تبتعد
وتأتي
لكي لا يكون للأسماء غير ما بي من صراخ .
لم أكمل نشاطي فيك
تطلقين قدرتي على اشتهائك
تنطلقين في فضاء السنابل
عروسةً للمساء
وعندما التوهج أنت
أصير مرآة الماء
وتصيرين شرط التوجه
خلف احتمال يأخذني أبعد من تخيل
أنصب لعينيك شهادة شتاء دافئ في مدينة غائمة
أرقب بك حوار البحر
أنشط فيك لحظة تدخلين
مبجلة كأسطورة
يبللك نبيذ المطر
يأخذ من قامتك ما تيسر من شهوة
يستأذن مواعيدك بقبلة تصطف بقرب سياج القلب
هل أنك من ما وراء الطبيعة
هل الجنون فيك مصطلحي للعبور
أعبر منك فيك
أدس عناوينك في شقوق البيوت البعيدة
أجرب معك نهايات الوجد
أرافقك في رحلات تشتط فيك
ألمسك برفق حاد
أتصور معك حقيقة الوجود
هل أنك تفاحة القيامة
أيصير التهامك فن القصيدة إليك
منذ متى أخبرتك جنية الحقول عن مسارات التيه والغفران
يبللك نبيذ المطر
يتوجك قوس قزح
تستلهمك عنقاء التاريخ
تتبدلين بين الحديقة وخيط أحمر.
لم أكمل نشاطي فيك
لأنك منذ الأقحوان
تكونين كالشبه الدائم
كأن تسمحي للقهوة
لتعرجات تهرب إليك
للشبق الذي لا يكف
للتودد المنساق من جهات تحترق
هل أنت من ما وراء الطبيعة
ألا يكون وجهك علامة الخمر والنسيان
شارة التماهي صوب احتلال المقاهي والميادين
كفاية الأرز
اشتعال يمتد بين فراشك وموقعاً لا يزال شاغراً
أيكون بيتك من زجاج وعطر
أيصير التهامك فن القصيدة إليك
ما يزال الربيع سيد الفصول
والخريف الولد الشقي
لكن الصيف بقايا تمردي إليك
والشتاء كأس يشبهك.
لم أكمل نشاطي فيك
أحتاج لبدايات ٍتأتي من رعونة الأطفال
لقليلٍ من العصور الضاربة في اتجاهك
لك
للماء
لحرف النون
لرواية الريح
لسيرة الروح
لما يأتي
لما مضى
لك
لأول النبيذ وآخره
لأول الليل وآخره
للماء
لك .
الثعالب
الثعالب تذرع الخيال بسلك من حرير الذاكرة
كانت تفتش عن صعقة تختبئ في الفراش
مررت إلى الماء سيقان الصباح
وتمددت.
...
الثعالب تفتش عن صقيع تبذر فيه أمنية الحطب
عن صفحة طويلة مثل تاريخ الممالك
عن أشجار حادة وطويلة
قلبت متكأ الحديد
وجاءت تنقش على قمر البراري قصيدة وغياب.
...
تلك الثعالب مصيدة للفجر المعتق بالنعيق
وأنا اشتراط البنية
لي في ناقوس الضوء رذاذ المرايا
لي الثعالب
عواء الوجود
أسقط خلف جدار متهالك
ألملم الخبايا
ما عدت في قدر الحنايا صوت وسهل
أنا المنسرح كالظل
أرتب البيوت ظفيرة وعشب
وأقطع الصباح بشفرة دافنتشي
أخرج ملتاعا كبحار
أقول للقراصنة عدلو الصارية للموج الزاخر بالتمني
للبحر قلب أزرق
وللزبد رائحة أنثى تشنق رجولتي بمعطف فرو
وأنا بين البحر والزبد عمود رمل
أسوي السطور بين البوادي وحرقة الإسمنت
يرضيني أن أكون خيط دخان يرتسم في الأفق زرافة وهيلمان
يرضيني أن تكون الثعالب أظافر طفل في لحم الريح
هل ما زالت المسافات تشتعل ؟
هل السكاكين تطير بجناحين من دم ؟!.
...
يا ثعالبي الحادة كحلمي الساكن في الطين
أركضي خلف وجهي
أمسكيني من أرنبة نزقي
أعيديني إلى مساكني الأولى
بالقرب من تلة التيه
أزرعيني حلة للنبيذ
فأنا من خوفي صرت عصا الهواء
أشطب المسارات
وأترك خلف المغارات شريعة طازجة.
تعالى يا ثعالبي
أشتهي غيابي نيابة عن الغطرسة
وسوي البدايات
شدي مقامي بدبوس من ضياء يمسح عناقيد غضبي بزفرة من حطام
وتمددي حول مائدة فرت من السماء
يا ثعالبي الجائعة
أحرسي قطعان النعاج في سهولي
وأرقبي متاع الملك
فهذا الليل طويل مثل طريق لا ينتهي
ولا شئ غير الزعتر الغاطس في القلب كمسمار
يا ثعالب المخيلة وهي تنطق بالسراب
أذهبي صوب جبانة تمر بين الحروف كمشيئة لا ترد
صوبي نحو سطوة الملح
فتلك كتلة تكسرت في الإكسير
صارت خرقة من ضباب
يا ثعالب الأسطورة وهي ترفل في المنشاءات الغائمة
أنا القابض على الزئبق بأصابع من ضوء
أصعد المبخرة باشتهاء وارف
أنتصب في عنق المدينة كلعنة
أقذف من جوفي الثعالب
من المحتمل لمس الروابي بمصيدة من عقاب السهرة
لكن صوتي بح
والثعالب تمتشق ريق العواء بفتيلة من دم.
...
...
غادرتني الثعالب في سماحةٍ ترقب ما تبقى من يقين
كان اليقين فسحة الثعالب وهي تنط
تنط
تنط .
***
محمد زيدان
- من مواليد ودان، عام 1966 .
- متحصل على ليسانس آداب تخصص لغة عربية .
- عضو رابطة الأدباء والكتاب الليبيين .
صدر له:
- الماء ليس أكيداً، شعر، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2004.
- وهم خاص، شعر، منشورات الأمانة العامة للثقافة والإعلام ليبيا.
- الأشياء الكثيرة المعروفة، قصص، منشورات مجلس تنمية الإبداع الثقافي ليبيا، 2004.
براعِمُ اشتهاء وجدائلُ لهب
الطفلةُ الكبيرةُ
التي المرأةُ الصغيرةُ مِن قَبْلُ
وتربطُ خيطَها الأبيضَ في معصمي
كي لا أضيعَ في البناتِ
وأُقَالَ: "السوءُ".
الطفلةُ الكبيرةُ
الخاتمةُ دمِها على عنقي
وخائفةٌ مِن ظِلِّي عليَّ
تَخِبُّ في الحنَّاءِ والملاحِفِ
وحافيةً إلى النبعِ
تُفضي بها الأمواهُ لي:
"هَبْنِي لِشَعرِكَ الشاعرِ
يالغُزَيِّلُ الصغيرُ تُهتَ عني"
وتلهثُ فِيَّ.
الطفلةُ النَّهْدُ
في أنينِ قميصِها الشَجَريّ.
الطفلةُ العينُ
ملاذيَ إذ يُناهِزُني البكاءُ.
الطفلةُ الوجهُ الإلهُ
تحتَ مَسَاكِبِ شَعرِها
الشَّلالُ
تُبرعِمُ في صدري اشتهاءاتِ الحنينِ
وتجدلُ غيمَ آهاتي ضفائرَ مِن لهبْ
فأصرخُ أصرخُ في دمي
أُجاهِرُ بالربيعِ الغَضِّ في سُرَّةِ الطينِ الأبِيِّ
وأُوقِدُ مشاعِلَ صبْوَتي على مَسَاقِطِ غيمِها.
الطفلةُ الماءُ
بعطرِها الأمينِ
تنفضُ شعرَها المبلولَ في وجهي
وتشدُّ ناصيتي في العناقِ
لتشهدَ عليَّ بجريرةِ العشقِ:
"يداكَ مُلطَّختانِ بدمي
أم دمي مُلطَّخٌ بيديكَ ؟"
وتلهثُ فِيَّ
تقولُ:
"كُنتُكَ في البناتِ
يا ولدُ فَبَطِّلْ قد شافَتْكَ عيني".
فأبكي
على جريرةِ الأُمِّ
إذ تأوي لشجرتِها العجوزِ
تدسُّ صرختَها الأخيرةَ في قلبِ الجبلِ
وتقطعُ سُرَّتي في الظلامِ
لأُقَالَ: "السوءُ مَرَّتينِ".
تضحكُ
وأبكي
الطفلةُ الغيمةُ
وحينَ حطَّتْ أصابعَها على رأسي
قالَنِيَ البكاءُ:
"لا ارتعاشُ دمِكَ في الألمِ الصغيرِ
ولا انجراحُ أصابعِها مِن كثيفِ شَعرِكَ".
قال:
"تُسمِّي الحنانَ باسمكَ الخفيّ
وتمنحُ وجهكَ المشروخَ عذوبةَ الملامِسِ
فتلتئمُ
الطفلةُ الكبيرةُ
التي كلُّ النساءِ
الطفلةُ
الخاتمةُ
الخائفةُ
الطفلةُ الـ..".
..
..
ذهبَ البكاءُ!
..
..
الطفلةُ الكبيرةُ
كانتْ أُمي
وحبيبتي.
حديقة تطل
1
أصحو على حديقةٍ
ترفعُ لي الصباح
على نافذةٍ دون ستائر
ولعشرينَ عاماً من الياسمين
أصطفي سماواتٍ خاصّة
تُرشرِشُ المطرَ السكّري
وتوزِّعُ حلواها على الزرازير
..
أسمّي ذلك (حديقةٌ تطل)
ويسمّيه صديقي (شروعٌ في قصيدةٍ جديدة).
2
أصحو على حديقةٍ
خامُها الأبد =
عشبُها نافرٌ بالغواية
ووَردُها مفتونٌ بضراوة الإستدراج
حديقةٌ فادحةُ التأنيث
فائحةٌ بمكائد الأخذ
أشجارُها أنتِ
وأغصانُها براثنٌ مُدمّاة
تضرِّجُها شهواتٌ مؤجَّلة
..
أسمّي ذلك (حديقةٌ تطل)
ويسمّيه صديقي (تفنيدٌ مُخِلٌّ لبراءة الحلم).
3
أصحو على حديقةٍ
تفتحُ لي باباً
في سماءٍ ثامنة
أتنكَّرُ في هيئة هواءٍ مشغول
أو ضوءٍ طريدٍ يلتقطُ أنفاسه
أشاكسُ قمراً يرتجِحُ سحابة
أو كوكباً يترجّلُ عن صهوة مداره
وقد أتصالحُ مع قوس قزح
وأبيحُ ليلَكِ الزَّاخَ فتنتهِ
لأعراس النجوم
..
أسمّي ذلك (حديقةٌ تطل)
ويسمّيه صديقي (انتحالٌ رديءٌ لخداع القمر).
4
أصحو على حديقةٍ
تشربُ من صوتي
ولا ترتوي
لأنفرطَ من أرجوحة سهوها المُبتكَر
مطراً يصعِّدُ نزقَه لأعلى
أعيدُ صقلَ رخامِ ذاكرة الأفق
وأُلملِمُ ما تناثرَ من وجهينا
في سيرة الغيم المطرود
..
أسمّي ذلك (حديقةٌ تطل)
ويسمّيه صديقي (اشتباكٌ صاعدٌ بنصٍ في هيئة غيمة).
5
أصحو على حديقةٍ
تهيئُ لي متكأً ما
لبكاءٍ محتمَل
ـ تهيئُهُ على مهل ـ
وفيما تسرِّحُ شَعرَ الليل
لنسرينة الوقت
عطرُكِ يصعدُ الدرجَ إليَّ
فأسقطُ في حُمّى النشيج
وأثقبُ وجهَ الفجر بآهةٍ كاوية
..
أسمّي ذلك (حديقةٌ تطل)
ويسمّيه صديقي (انهدارٌ مأخوذٌ بنثيثِ عطر).
بِسَاطُهَا في الكلامِ، مَأوَايْ
هذا لَيلٌ طِفلٌ
حقاً
طَيِّبٌ جداً
لا يُشبهُ الأصدقاءَ.
يُشبهُ
نبيذاً أعرفُه
هذا الليلُ
رَّخِيٌّ
رَهِيفُ المَلامِسِ
مُفرِطٌ في العطرِ والندى.
عليهِ النُّعاسُ
كأنّ الحبيبةَ ـ لها البَسمَلاتُ ـ في مَهَبٍّ بحريٍّ
تحلُّ حِزامَ الأمنياتِ على ضفّةِ غديرٍ
وتتمطّى
تُخاصِرُ لهفةَ العُشبِ
بطِينِهَا المَسقِيِّ مِن شَبَقِ الغيومْ
تُنَاهِدُ شَفَةَ الأرضِ / بشَفَا الحنينِ.
ليلٌ
كالحنينْ
يسيلُ على زِندِهِ
عصيرُ التَّرَقُّبِ الشَّهِيِّ.
كأني – جنوبَ الريحِ – أدلُّ عليهِ
في السهو:
خَمسَاً في التَسبيحَةِ الواحدةْ
وعَنهُ:
إخطَاءَ مَواضِعِ العِناقِ ـ مَرَّتَينِ
وإغماضَ القَدَمِ عن وِجهةِ البئر.
[البئرُ]
[السِرُّ]
[البئرُ]
[السُرَّةُ]
[البئرُ ]
الأُمُ الأزليةُ دونما مَعَارِفْ
المثاليةُ بغيرِ قصدٍ مُسبَقْ
والآسِرَةُ جداً في نهايةِ الأمر
حيث الشِّعرُ مفتاحُ الكلامِ
حيث الخلودُ الوشيكُ لِلُّغَةْ
حيث حليبُ الإلهِ في شَفَتَيَّ
وبساطُها في الكلامِ، مأوايَ.
.
.
ليلٌ
كأنّهُ الليلُ
.
.
كأنّ أسفَلَهُ البحيرةْ.
***
مريم سلامة
- من مواليد طرابلس، عام 1965.
- متحصلة على إجازة اللغة الإنجليزية.
- مترجمة وباحثة تاريخية ومرشدة سياحية
- كاتبة زاوية أسبوعية وشهرية في صحف ومجلات ليبية.
صدر لها :
- أحلام طفلة سجينة، شعر، منشورات دار الفرجاني ليبيا، 1992.
- معجم الحمامة، نصوص، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2003.
- الورد المنفى، نثر، منشورات مجلس الثقافة العام.
- لا شيء سوى الحلم، مقالات، منشورات دار الفرجاني ليبيا، 1993.
بيتنا
سقف
وجهك الثريا يتدلى
قاب وردتين أو أدنى
يسكب الورد مائه
يغمرني الزبد
أستغيث بأصابعك الملقاة على الوتر
الورد
الوجه
السقف
ويغفو المصباح بلا حذر.
جدار
همس يعبرني إليك
يتمرغ ـ قبل ـ أن يصل ـ في عبير عابر
خدر لا يفله إلا قطر
من نسل الأنامل المغموسة في اللحن.
نافذة
كنا هنا ذات صباح ثلجي
في اليوم الرابع من الشهر الرابع
في العام الذي مضى منذ عام
نراهن على أشياء مبهورة بلعبة الموت
من ينفذ بجلده أولاً من المسمار والوتد
ستارة في غيبة الريح
أم كرسي دخل عليه السواد
من ظل وصله أخيراً منهوك القوى.
شرفة
حبل الغسيل يتأرجح
بين عيدان القرنفل وأصص النعناع
وكف مخضب بالخجل
يلوح لأنفاس على وشك أن تلد
قصائدها
ويتدفأ على سلامك الحار.
باب
من ذا الذي يطرق القلب الآن
وهذا الشريان
نسيم محمل بسلام الغائبين
أم صمت يغادرنا
إلى أين؟
لن تكون هذه الوشوشة لزائر
أخطأ العنوان
فلتعد إلى ما كنا فيه
أنت أولاً
وثانياً الورد.
بئر الخلاص
وعصفورة تنقر ريحاً مفتونة بالصراخ والعويل
ترمق ثقوباً لا ينفذ منها كلام
ولا تركن إليها أذن
عصفورة تكبدت السفر إلى بلاد خذلها المطر والربيع واليقين
(في الضوء الباهر كما في العتمة يضيع المسار)
كأن يكون الطالع من بين فكي الضباب أكبر من سيطرة الحواس
يد تخرج عن طاعة وريدها وتفعل ما لا يريد
تؤثث للوهم عشاً
وقنديلاً يزف إليها السراب
من يخلص العصفورة المسكينة من ليل ألف سؤال
هذا الجناح المثقل بالغبار
والرماد
أم هذا العطش الضرير؟
من يدري
لعل بئر الخلاص لا يدركه سفر.
قطرة ماء في أبي هريدة
ينشق النهار عن وجه يصعد الدرج
يلج البوابة المتهالكة من فرط إنتظار
وراء
غياب
أمام
إنتظار
حيث يقف الحلم مشرعاً ابتسامته البكر
غير مدركاً للهفة الفجر
للدخول في جسده المتبل
بنداوة الطرقات الكسلى
رجاء
خوف
رجاء
استواء المدى والجدار
ينفلت القيد
تتحرر أصابع وخطى
تلحق بالوعد
وبالفجر
وبالورد
الأحمر الأبيض البنفسجي
يسترخي الكرسي
يصطك الباب
ما من إنتظار هنا
وما من إنتظار هناك
لم يعد الشمع يحتمل مفاتحة العتمة بالأمر
فلماذا تدس الشمس أنفها في ستائر الغرفة ؟
ولا تطلق سراح الخجل!
في أبي هريدة
أنتما
هما
هذان الجزيئان اللذان يشكلان قطرة ماء.
***
مفتاح ميلود
- من مواليد ميراد مسعود، عام 1963.
- يشغل رئيس قسم المتابعة بإذاعة الجبل الأخضر المحلية.
صدر له :
- أنفاس، شعر، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2003.
- فريق الكورة، مسرحية.
- يارحيمتة، مسرحية.
- الفرار إلى جهنم، مسرحية.
- المقبرة، مسرحية.
على سفر
تذمرْ
تضورْ
ولا تُخير أحداً
أبتلع صمتك المُر
ونَم .
هذا زمن لا يُؤتمن فيه الليلُ
وقد لا تُمطر فيه السماء
كن وحيداً
كن على سفرِ
تكور على جُرحكَ
تمادى إن شئتَ في العِواء.
أنت لستَ من هنا
أنت الغريبُ الخائفُ
حفيدُ البردِ
والريحِ
بلدتُك البعيدةُ طمرتها الخطايا
والدروب التي تعرفُ
صارت عرضة للوشاية
كن وحيداً
كن على سفر.
وصاياك
أوصاني قبل أن يغادرَ
أن أدير دفة الليل
أوقد ناراً
وأغني.
أوصاني أن أشرب من البئر
كثيراً ما كان يخلو للبئر
كان يصفر للريح
يصادق العشب
وكان يعشق الضوءَ
متى تُراكَ تعود لوصاياك
تَهَبُ الخبزَ لدراويش المقام ِ
وسلالَ الفاكهةِ للأمهاتِ.
عُد
فقد شح الزيتُ في المصابيح
وصِرنا نخافُ صمتَ الأشياء.
ما تيسر من وهن
في وجه الأمنيات
ونمقِ الكلمات
والثياب
والأكواب النظيفة
يطيب لي أن أشهرُ مُروقي
أقضم ما تبقى من نهارِ
أشرب بكفَي
ما تيسر من المرأة التي أشتهي .
يطيب لي أن أكسر على حافة النهَمِ
حبات اللوز العَصي
أن أحيل واجبات المدرسة
زوارق مطرِ
وطائراتٍ
وقراطيس ذُرة.
هذه تفاصيلي وحوائجي القديمةُ
لكَم تمسحون بها نزقَ الحبر
وتدثرون بها فتور الأبجدية.
الآن سأبحثُ لجبتي عن نشيد
لليل عن مأوىً يتسع لعادة التدخين
للتقاسيم الفائرةِ
عن مرايا تألف الشيب
مرايا
تصفو للوهن .
***
مهدي التمامي
- من مواليد النوفلية، عام 1968.
- متحصل على بكالوريوس إدارة أعمال.
- رئيس تحرير مجلة شعريات .
- مدير تحرير موقع أدباء ليبيا .
- أمين رابطة الأدباء والكتُاب بمدينة سبها.
صدر له:
- رائحة المتاهة، شعر، منشورات مجلة المؤتمر ليبيا، 2006.
الطريق وما تيسر مني
الطريق فاكهة بلا مواسم
أنثى تتعرى
لتسكن الوجع بالأنين
في اشتهائها
خاصرة وذراع
خلاصة
الآخرين
والأولون ميراث الومض .
مغامرة هي الطريق
ترغب ولا ترغب .
الآخرون
عينان للجوع والدهشة
سكبت رحيقهم
فشابت
سلالة منهم تحكي .
شباك حرائقك
إلى الشاعر مفتاح العماري
وحيداً
تتوسد
ذراع السماوات
تجدها رغبة
وخوفا
يخامرك شعور
بأن أنقضى الوطر .
من أعطاك خطام
فراديس
السهم وأركبك ظهور
السماوات ؟
سنبلة خضراء
وأخرى تحترق.
تقتسمان المأخوذ من فمه
قالت الأولى:
لي الرعشة
وقالت الثانية:
لي الأبوة
السنبلتان
كلاهما الأخرى
فكيف مكتفياً
بحمل السنابل ؟.
كم لو أقضم
تفاحة
تشتهيني
شباك حرائقك .
بعيداً
عن سقف
الطمأنينة والنساء
كيف تغترف
تصهر نفسك
تتجلى ؟
وقت واحد للدخول
مســــــــافر
شفاه حبلى
بمفاجأة الغيب
وأنا
مسافر دون "0k "
يتململ ويهدأ
في الإنتظار.
صرت ببغاء
كنت أستل
من النجوم خيوطاً
أجعل منها بوابة من مرمر
وفاكهة تشتهيني
وتتمنع
كراهبة
قال لي صديقي الناقد
أن شعرك ينقصه
الغموض
والدويندة.
لجمت حصاني
وصرت ببغاء
كشجرة
أسلمت
للخريف
أوراقها ونامت .
حـــــــاجز
كنا نستعيرها ببساطة
من قاموس النهود
فصرنا
لا نسمعها معاً
كبدوي
وأبيه .
وقت واحد للدخول
وقت واحد
للدخول والاحتساء
"وكل وقت
بأذانه ".
بــــراءة
يتهمونني
بذنب لا أتقن
ارتكابه
لا غرابة
لكي يبرءوني .
بــــدوني
لن نكونا
فكلما حاولت الإنفراد
بي
وجدت نفسي بدوني
فيا أنت
"أمنحني أراجيحك".
شــــــاي العجــــــائز
أحلم أنني أسبح
عارياً
في جسد السر
وليست لي أسرار.
سوى أنني
أشرب الشاي
مع العجائز .
يتوجني برهة
أفقد ستة
أشياء إلا واحداً
يخلع سلطان إليوت
ليتوجني برهة
فهل أنا ؟
أفقد ستة أشياء
إلا خمسة ...
...............
هل أنا ؟.
***
نعيمة الزني
- من مواليد مدينة درنة، عام 1973.
- حاصل على البكالوريوس في السياحة من كلية الإقتصاد بجامعة درنة، 1998.
صدر لها:
- أراك تهطل في القلب، شعر، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا، 2006.
البكاءُ على أبوابِ المدنِ المغلَقة
لصوتك
أوطان تعرف
كيف تستضيف خطايَ الشاردة
وكيف تُكمل الأُمنياتِ
فوق شفاهي
وكيف تُلملم جنوني
وأنت تُبعثر على سفوح العمر
أتعسَ الأحلام .
أراكَ
وقد سقتكَ الليالي
سوادها
وشتاءها
وأنتَ تتجاهل ضيقَ الدروب عن عودتي.
شبحٌ أنا
يغوص في ظلمات الحكاية
يخلد في ذاكرة طفلٍ يتيم
يُساير الدروبَ
التي تفتحت عن جوعها
ويُغافل الذين يُصادرون الحلم .
شبحٌ أنا
يهرب إلى هواجسك
يستغفر أجفانَك
يُصاحب خوفَك
يُشعل الحزنَ في عروق يدك .
هاهو الليل
يُعبِّئ مواطنَ ذاكرتي المُجدِبة
بشتاءٍ يزخر بالوجوه البعيدة .
تتراكم الصوَر فوق صدري
فتدوسني الأشياءُ جميعاً
وحين أعود
من مشاويريَ الخائبةِ
أبكي كثيراً
فوق وسادةِ عينيك البعيدتين
فيهدر في دمائي
جنونٌ يُشبهك .
وأنتَ
كما أنتَ
تعرف كيف
تُكمل ابتداء النزيف .
الرحيلُ إلى المدائنِ القديمة
جنونٌ يُصافحني
بيدٍ فارغة .
الأشياءُ ساخنة
تقتلُ طفلَ الدهشةِ فيّ
فجروحُ هذا الوجودِ على فمي
ووجهك يسيطر
غياباً
وتمرُّداً
واحتقاراً .
تترقرق صورتك على جدران غرفتي
تندلق فوق سجَّادتي العتيقة
ألمح ذكرياتي تسير أمامي
فوق الإسفلتِ المبلَّل
كُلَّما صدُّوني
أو جرحوني
يركض إليك قلبي
كجروٍ أبيض
يقفز في معطفك
يلجأ إليك كسِكِّيرٍ مُطارَدٍ
تتقاذفه الأزقَّة
يبكي بقطرٍ من بركان.
لا شيء سوى اهتزازِ الصورة
ومطرٍ سريعٍ
تأتي به العاصفة
ظُلمةٌ تنتهك أصباحَ العمر
فكيف أُحافظ على انسجام اللون ؟
يُفاجئني شجونٌ في جدران بسمتي
فأعرف أنِّي عُميت
عن رؤية أجنَّة أُمنياتي
وهي تُحتضَر فوق شفتي
رأيتُها اليومَ بأُمِّ عيني
وهي تحمل أكفانَها
وتسير في طوابيرَ هزيلةٍ
فوق صدري
كيف تتأجَّجُ الصورة ؟
وهذا الفراغُ
يُنعشه عدم السنين العارية.
لقد صدَّقتُهم حين أخبروني
بعد أن أودعوك أروعَ الأمكنةِ
في النفسِ الخراب
وصدَّقتُهم
وأنا أعلم بتاريخ كذبهم
ولم ينسَوا
أن يُقدِّموا لي دليلَ معزَّتهم
رصاصَ الرحمة.
بوجهٍ عارٍ
هربتُ
كي لا يُصادروني
كي لا أُجبَرَ
على حضور حفلاتهم التنكُّرية.
آهٍ
لم أعد أراهم
وهي يعيثون فساداً في فرحي.
العاصفةُ الحزينةُ
كيف ستُحرِزُ نصراً
وسط الإسمنت ؟
لقد صادروا من قبلُ ألواحَها
وأشجارَها
وغسيل السطوح
الذي كان يرقص معها
كما صادروا اليومَ أحلامي
لكن
سأُفتِّشها
جيوبَهم
حناجرَهم
بطونَهم
كي أستردَّ أحلامي
ولو أنها صارت جُثَثاً
لأجدَ مُبرِّراً لهذا المأتمِ
القائمِ في خرائبِ روحي
سأرسمُ على جدران العمر
وجهاً طيِّباً يُزيِّنه الوشمُ
عَبِقاً برائحة طفولتي
التي ضاعت
يوم هدموا مدينتي القديمة
لقد غيَّروا ملابسَهم
وسِحنتَهم
تنكَّروا لردائكِ يا أُمِّي
فغابتِ الأمومةُ عن العالم
العالم أصبح يتيماً
لكن سأظلُّ مع جيلك الطيب
وعريشة العنب
والأعياد البعيدة حتى الموت
سأبحثُ عنها طفولتي
والمطر
وروائح جدَّتي في الأزقَّة العتيقة
يا أيها الآتي
في جحيم الأزمنة
الهاربُ في جموع الذاكرة
لأنكَ جميلٌ كالندى
وحيدٌ كالريح
واثقٌ كالمستحيل
أبقَ بعيداً
بعيداً
فلم يعُد في هذا القلبِ
عصفورٌ واحدٌ
يُجيد الغناء .
الرقصُ على مداخلِ الأُمنية
في صمت السنين الهاربة
في ضجيج قدمَيّ
أغرس شتلةً بحجم العالم
وأملأُها عصافيرَ فسفورية
أركب جوادَ الريحِ
لأنحتَ وجهَ الأُمنية
أدلق الذكرياتِ فوق رأسي
أُفتِّش في جيوب العمرِ
عن فُتاتِ طفولتي .
أيتها الدروبُ التي تشتاقني
قولي للشتاءاتِ البعيدةِ
والأصدقاءِ
بأني سأُبحر في لياليَّ المُقبِلةِ
والشراعُ عودةٌ
نحو البعيد الشاسع .
عصافيري
حُطِّي هنا
فوق قُبَّة العمر
الذي فقدَ قدميه
قفي فوق رأسي
فأنا ملِكةٌ بلا عرشٍ
ولا مملكةٍ
رُفقائي ذَوَّبهم الملحُ على الأرصفة
صاروا كروتاً
ورسائلَ
وبكاءً مبتورَ الشفاه .
أيها الوجعُ تداخل
فها أنذا أُخاصر النارَ
أكتبُ الكلماتِ السريةَ
أُغنِّي للمطر
ففي غرفتي يهب الرعدُ
تموت اللحظاتُ المُجدِبة
أعود من المنفَى
أُفتِّش عن بعض خيوطٍ
أُرتِّق بها أكفانيَ القديمة .
من أجلكِ أنتِ يا أُمنيةُ
أختلسُ من شِفاهيَ الأولى
أجملَ الضحكاتِ
أُمارس صخبيَ بلا حذرٍ
أُطارد كلَّ شراعٍ يرحلُ
دون أن يطبع على جبيني
قُبلةَ الوداع .
وجدان علي
- من مواليد مدينة طرابلس، عام 1976.
- تعمل في إدارة الكتاب والنشر باللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام.
صدر لها:
- محاولة لصف ازدحام، شعر، منشورات مجلس الثقافة العام ليبيا، 2006.
سفر
المسافرةُ مع الريح
في كل اتّجاه
يسبقها النظر
إلى أشياء يكسوها الضباب
يعقبها أمل لن يكون.
تلقيها الكلمةُ عصاً
على جسد التاريخ
تشُقّ طريقاً
يدفنها
يرتجف المكان
يغرسُ شاهد قبرها المحفور عليه:
بأيّ ذنب قُتلت؟!
لك وقتها
لك موعدي
وبعض أناي
كل ما يهز الريح
من مواسم لقائنا
إلى هبوب الوطن في عينيَّ أغنيةً تحاكي الوقت
سيمات:
موانع الرؤية أسوة الحسن
مراجيح الوجد
عينان
بلون الصبر
بحق البلاد الذائبة هياماً فيك.
قصائد
ثلاثاً
أحصيها
كطفل يعد من الصفر إلى العشرة:
صفر
واحد
مليون
خمسون
عشرة.
موازين كثيرة
نضحت بأقواسك
أيها الرامي بحتفي للوجع!.
أجسّد إنتظاري
ينبوع صبر.
أراقب الدهشة
وحرارة اللقاء
ولا أقترب
كأنك النار
لفحتُك تعاند برد الروح !.
الجانية تبتعد
وأشتاق
أي لهيب يأخذني مداه ؟!.
الصورة التالية
قربان لأجل الموعد
حبرٌ مصفوف
وورق ملتاع
أخشى عليه من ملامستك.
لأجل عينيك
سأرتمي في جنبات الوحدة
أعمّدك الواحَ الأوْحدَ لي
ربما أصير لك حمامة
أو فراشة
أو وسادة ذات حلُم!.
أحضن دمعاتي الصغيرات
وأنام!.
***
أقدّر الخير
أغفّل القلب
أنوّمه في إرتفاع الوتيرة
نَمْ
وإلا..!!
كرسيٌّ
ينتظر
كتابٌ
يئنّ
قلمٌ
ملهوف
قلب
يصرخ
يصرخ
يصرخ.
أنا
موزّعة
عينٌ على الكرسيّ
عينٌ على الكتاب
عينٌ على القلم
قلبٌ
على
القلب.