اللغة أحد أوجه التعبير الإنساني. وعند السورياليين، الاستخدام الشعري للغة لابد أن يكون حرا من كل قيد. هكذا يعتقون الوحدات اللغوية – كالجملة والكلمة وغيرهما – من حالة الرتابة أو الوتيرية، وحتى من تماثل الأسلوب.
إن تحرير اللغة نتيجة طبيعية لتحرير الخيال. وحسب والاس فاولي (في كتابه: عصر السوريالية) فإن "اللغة التي تكمن في أعمق مناطق كياننا، في حالتها السابقة للتشكّل اللفظي، تقدر أن تبرز إلى وعينا حرة طليقة. يحدث هذا عندما يكون الشاعر قادرا على أن يقيم علاقة بين العالم الواقعي والعالم الخيالي".
إن فتنة اللغة، وفق البيان السوريالي الأول، تكمن في كونها أداة أقل من وافية بالمراد، وفي الوقت نفسه، أكثر الوسائل المتاحة بسهولة، التي بها يمكن للإنسان أن يؤكد حريته من الضوابط الاجتماعية، السياسية، الأخلاقية، الأدبية والفنية.
السوريالية، منذ البداية، لم يكن هدفها هدم اللغة بل وضعها على أساس جديد حيث لن تكون مثقلة بذلك الحمل الذي يفرضه الخطاب العقلاني، الذي يحدد قدرة أو وظيفة اللغة في مهمة الاتصال وحدها.. هذه الوظيفة التي كانت تسوّغ كل أشكال النشاط الشعري.
السوريالية لم تكن تنشد متعة التحرر من كوابح جمالية أو تقنية مفروضة أو موروثة، بقدر ما كانت تعزّز الطرائق المدروسة لتضمن للغة حرية الفعل.. أو كما عبّر الشاعر السوريالي البلجيكي بول نوجيه قائلا: "إننا نعيّن للغة وللأشكال وظائف أخرى تختلف عن تلك التي اعتادت عليها، وذلك من أجل تكريسها لمهمات جديدة".
إن اتصال السورياليين باللغة يرتكز على الإيمان الراسخ بأن "مجموعات من المفردات، وقطع صغيرة من اللغة" تحتفظ بالسلطة لـ "توليد حركة أو رسم حركة" في اتجاه غير متوقع ولا يمكن التنبؤ به في ما يتعلق باللغة التي منها هي انفصلت وتباعدت.
لأن اللغة موهوبة بالقدرة على قول أكثر مما يسمح به (أو يتغاضى عنه) العقل، وبسبب إصرار السورياليين على النظر إلى الداخل أكثر مما إلى الخارج، وبسبب تكريس أنفسهم لسبر واستكشاف الذات،فقد رفضوا الاعتقاد بأن اللغة مخلوقة فحسب كوسيلة اتصال بالآخرين، أو كوسيط في تبادل المعلومات وتحسين العلاقات بين البشر، أو كمرآة للفكر، أو كواسطة ينبغي استخدامها بمهارة لنشر ما يحوزه الكاتب من معرفة، بل نظروا إليها بوصفها وسيلة يمكن التعويل عليها وبها يمكن النفاذ إلى ما فوق الواقع (السوريال)، بوصفها أداة استقصائية لاكتشاف الذات، ولإحراز منظورات أشمل واستبصارات أعمق. مستشهدين بما لاحظه بيير ريفردي من أن "الإبداع حركة من الداخل إلى الخارج". بالنسبة لهم، اللغة الموظفة ضمن نطاق عقلاني هي لغة أسئ استعمالها أو تطبيقها.
اللغة الشعرية تختلف عن الكلام العادي، فالاتصال يتحقّق بين ما هو مدرك وما لا يمكن إدراكه.. هو بالأحرى نوع من التواصل الكوني عبر لغة موظفة كأداة للاستقصاء والبحث والكشف.. أو أداة معرفة وإبداع، حسب ما رأى بودلير ورامبو وآخرون. بل أن هناك من يرى أن اللغة لم تعد أداة، إنما أصبحت هي الموضوع (موريس بلانشو).. إنها تمتزج بفكر الإنسان.
زعم أندريه بروتون أن "اللغة ممنوحة للإنسان بحيث يمكن له أن يستخدمها سورياليا".. ودعا إلى "إنقاذ اللغة من الاستهلاك والشحوب الناجمين من وظيفتها التبادلية"، كما طالب اللغة الشعرية أن "تتمايز إلى أقصى حد ممكن عن اللغة الدارجة" وذلك باللجوء إلى طاقات الإيحاء و"القيمة الانفعالية للكلمات" أكثر من لجوئها إلى معانيها، كما دعا إلى تجمع الكلمات "وفقا لمصاهرات خفية تسمح لها بأساليب جديدة لا نهائية".
لقد سعى السورياليون إلى إنتاج لغة جديدة خارجة على المألوف والتقليد، بعيدة عن الإبهار والزخرفة، رافضة للأشكال البلاغية.. لغة ذات طاقة تفجيرية، تمتلك هاجس الكشف عن علاقات خفية واكتشاف علاقات جديدة، وإيقاعات مختلفة. لغة هي أقرب إلى التعزيم السحري.. وعبر ذلك يتاح للمرء العثور على القوة الأصلية للكلمة التي طمستها العقلانية، العثور على الطاقات المقدسة للكلمة والوظيفة التعزيمية للكلمات.
في حديثه عن سر الشعر، أشار أراغون إلى أن هذا السر يكمن في "خلق علاقات متبادلة، غير قابلة للتخريب أو الإتلاف، بين الكلمات".. وكان يؤمن باستحضار الكلمات على طريقة بودلير: "ينبغي للكتابة أن تكون عملية سحرية قادرة على إنتاج السحر".
السوريالية لم تهدف إلى تغيير بنية اللغة، بل سعت إلى تجديدها وخلق وسائل جديدة للتعبير، من خلالها يبني الشاعر أو الفنان رؤيته للعالم. الكتابة الآلية ساهمت في تحرير اللغة، والانعتاق من القيود المنطقية الخاصة بتركيب الجملة. في طموحهم إلى تحويل اللغة عن الاستعمال اليومي ضمن مجال الاتصال الفطري، كان السورياليون حذرين، منذ البداية، من مخاطر التفكك الذي يرافق التقنية غير المنظمة في ترك الكلمات حرة وطليقة، كما دعا الدادائيون.
أغلب شعراء الجيل الأول من الحركة السوريالية تجنبوا نقل الثورة إلى اللب الفعلي للغة اللفظية. بالنسبة لبعضهم، على الأقل، لم يكن ذلك مجرد مسألة مواصلة التقيّد بالقوانين الأساسية في بناء الجملة، هذا الذي ينظر إليه عادة على أنه شرط أو متطلب أساسي، لا مفر منه، للاتصال الحافل بالمعنى.
أعمالهم تعطي الانطباع بأنهم كانوا راغبين في نشر الرسالة السوريالية عن الثورة ضمن بنية اللغة التعبيرية، المدروسة والمحكمة والمتوارثة، من التقليد الشعري الذي، برغم ذلك، أبدى هؤلاء المبدعين معارضتهم الحازمة له.
السورياليون الأوائل أقروا بأن القوانين الأساسية لعلم النحو والصرف كان المقصود منها أن تخدم قضية التوصيل في اللغة، وبالتالي لا يمكن إهمالها دون توقع عواقب وخيمة. السورياليون، قبل كل شيء، لا يريدون عزل أنفسهم في وضع ملئ بالالتباس، حتى لو كانوا يحتجون بشدة على القيود الحاضرة في التفكير والتعبير العقلانيين. إنهم يرون مصلحتهم في جذب جمهورهم، عبر السبل المألوفة من اللغة التقليدية، نحو مفاجآت واكتشافات غير متوقعة.
ليس بوسع قارئ النصوص السوريالية أن يزعم، محتجا، بأنه عاجز عن استيعاب ما يقرأ لأن الكاتب قد أخفق في بناء عمله لغويا، أي وفق قواعد اللغة. الكاتب ينتهك افتراضات قرائه بشأن الزمن والنظام الذي يفرضه منطقيا على الأحداث، لكنه يفعل ذلك دون انتهاك أي ٍ من قوانين الإعراب أو قواعد بناء الجملة.
بناء الجملة لا يخلق الرابط (بين صورتين معينتين في ترتيب متعاقب) والذي يتطلبه علم النحو فحسب، بل أيضا يصبح العامل الذي يقدم خاصية مرحّب بها (لأنها مثمرة) في الجملة: الاعتباطية.
بخضوعهم الإرادي والطوعي لمقتضيات النحو والصرف، أحدث السورياليون تفاعلا نافعا، وغير متوقع، بين الشكل والمضمون. إن إتباع القواعد النحوية، بالنسبة لأغلب كتّاب الجيل الأول من السورياليين،لم يكن الاختيار الأكثر فتنة وإغراء من بين خيارات أخرى. مع ذلك فقد حمل لهم هذا الاختيار اكتشافا لم يتوقعوه ولم يخططوا له: لقد اكتشفوا أن بإمكان البناء أو التركيب اللغوي التقليدي شحذ الصورة الشعرية وجعلها حادة ومصقولة. اكتشفوا أيضا أن اكتساب حرية الوصول إلى إقليم السوريال، والسيطرة على الوسيلة التي بها يمكن تقديم تقرير عما يوجد في حقل السوريال، لا يقتضي إهمال أو إزاحة كل الأدوات الأساسية في التعبير الشعري التقليدي، إنما يستدعي فقط المطالبة بشحذ بعض هذه الأدوات على نحو مختلف.
في السوريالية، علم النحو ليس مقدسا إلى أبعد حد، ليس شيئا ينبغي احترامه لذاته، أو لمجرد أنه يلقى الاحترام من الآخرين، فالتقدير يوجّه إليه لمساهمته بفعالية في الكشف الشعري.
* * *
"الكلمات تمارس الحب مع بعضها البعض".. أندريه بروتون.
في الواقع، الشاعر أيضا يمارس الحب معها. إنه يخترق اللغة، ويتغلغل فيها، ومن خلالها يؤسس علاقة حميمة وعميقة مع العالم المادي.
لهذا أبدى السورياليون نفورا صريحا من الآلية المنطقية للجملة. إن خلق لغة جديدة يعني خلق علاقات جديدة بين الكلمات، فالكاتب لم يعد يكتفي برص الكلمات في سبيل تحقيق غاية فنية، أو ابتكار صورة جميلة تحقق للقارئ متعة جمالية. يقول بروتون: "بالنسبة لنا، لا يتعلق الأمر بإيقاظ الكلمات وإخضاعها لمعالجة بارعة من أجل جعلها تساهم في إبداع أسلوب مثير للاهتمام.. الكلمات هي شيء آخر، وربما تكون كل شيء".
هذا بدوره يفضي إلى البحث عن المعني وراء الظاهر المرئي، حيث يكون المعنى متضمنا أكثر مما هو منقول أو مفرّغ. الكلمات تفقد معانيها ومضامينها المألوفة ما إن تنفصل عن العالم الذي نشأت فيه، وتقطع الروابط التي تشدها إلى مواقعها الأولى، ولا تعود تحمل إلا القدر القليل من الأواصر اليومية. عندئذ تكتسب الكلمة معنى جديدا غير متوقع.
السوريالية كانت تؤمن بأن للكلمة طاقة خلاقة، أن ثمة حياة كامنة في الكلمات، وأن الكلمات تجسد حقيقة خفية. هي لا تعود تتبع الأشياء التي تعبّر عنها بل تتصرف لحسابها. الكلمات المحتشدة في الجملة تضفي على بعضها البعض ثراء وتنوعا، وهي تتلاحق وتتدافع وتتشابك وتتفاعل وتتوالد في حركة يسميها بروتون "كيمياء الكلمة".
لذا، بدلا من التأثير على اللغة لخلق تراكيب لفظية جديدة، أخضع السورياليون أنفسهم للكلمات المتضامنة في ما بينها، ولقوّتها الخفية، تاركين لها أن تعيش حياتها الخاصة بها.
لقد أدرك الشاعر البلجيكي بول نوجيه محدودية وقصور اللغة، مثلما أدرك محدودية سيطرة وتحكم الكاتب في الكلمات التي يستخدمها، يقول: " هناك كتّاب يستخدمون الكلمات بطريقة خاصة جدا. هم في الواقع يحسبون أنفسهم سادةً، أحراراً في ممارسة هيمنة كاملة على اللغة. يحسبون أن في مقدورهم الاحتفاظ ببعض خاصيات الكلمات، مهملين الأخرى... لم يخامرهم أي شعور بأن ثورة اللغة ممكنة... في الحقيقة، إذا كانت الكلمات تبيح نفسها للاستعمال، فإنها تفعل ذلك بحذر غير محدود. يتعيّن على المرء أن يرحّب بها، يصغي إليها، قبل أن يطلب منها أن تؤدي أي خدمة. الكلمات كائنات حيّة، متصلة بالحياة البشرية على نحو حميمي. ما إن يحاول أحد الاحتفاظ بخاصيات معينة، ملحقاً الأذى بالأخرى، حتى تباشر الكلمات، على الفور، بأخذ ثأرها".
* * *
الصورة، وفق التعريف أو التحديد القاموسي، هي:
"تمثيل لشخص أو شيء مرسوم أو مصور.."
"انطباع بصري لشيء يحدثه انعكاس في مرآة.."
"شخص أو شيء يشبه الآخر إلى حد بعيد.."
"نسخة، نظير، شبه.."
"شكل، صفة، نوع، هيئة.."
"مفهوم، فكرة، انطباع.."
"انطباعة ذهنية.."
"وصف أو تصوير حي.."
والملاحظ أن حتى الانطباعة الذهنية تمثّل شيئا معلوما ومعينا. فالصور، حسب هذه التعريفات، تتصل بشيء موجود، يأتي قبل الانطباع والتمثيل، ويملي الصورة الذهنية المأسورة في خطاب رمزي، في تشبيه أو مجاز.
أما الصورة السوريالية فتبدو على النقيض من هذه التعريفات أو التحديدات المألوفة إلى درجة أنها لا تبدو صورة على الإطلاق. هي بالأحرى لغة ما تحت الوعي.. يتعيّن على الوعي أن يتعلّم كيف يحلّ شفرة تلك اللغة حتى يمكن له أن يترجمها إلى لغته المؤلفة من كلمات.
الصورة السوريالية تتسم بالغرابة والتفكك والتناقض والغموض لأنها، كما يقول أدونيس (في كتابه: الصوفية والسوريالية)،"تعبّر عن عالم هو نفسه غريب وغامض ومتحوّل. إنها تعكس حساسية المبدع الشخصية ومفهومه الخاص للوجود، بالتالي لا يمكن حصرها ضمن مقاييس شائعة ومعايير عامة متعارف عليها، أو تقييدها بقواعد المنطق وأصول الذوق".
الصورة إعادة تركيب للعالم من أجزائه الموجودة لكن وفق آلية جديدة، حرة، لا تعرف رقيبا أو حسيبا، تتداعى بطواعية مطلقة، فاسحة المجال لمختلف ضروب الغرابة.. فهي لا يمكن أن تكون – أي الصورة – ملزَمة أو مضطرة لأن تُظهر نفسها.
الصورة هنا تخرج عن القيود المنطقية والعقلية نحو اللا منطق. إن العلاقة تتخذ أبعادا أخرى، بعيدا عن الرابط الذي يشد السبب إلى النتيجة، والشبيه إلى شبيهه، وكل ما هو معروف عن منطق الجذب والتنافر بين الأشياء والصور والأفكار. إنه اللا منطق. نقل ما هو عادي إلى حدود الغرابة والدهشة.
إن اهتمام السورياليين الرئيسي كان في إضاءة الشيء لا توضيحه أو شرحه. بتعبير آخر، وظيفة الصورة السوريالية ليس في عرض المألوف من منظور جديد أو غير اعتيادي، بل في الكشف عن ما لم يكن مرئيا من قبل.
العلاقة القائمة بين المرئي واللامرئي، التوازن الدقيق بين العقلي واللاعقلي، بين المنطق واللامنطق، يظهر في الجذر الفعلي لعملية تشكّل الصورة الشعرية، التي هي بدورها قادرة على نقل الواقع، على نحو ملموس، متجاوزة المنطق ومانحة شكلا لإدراك العالم إدراكا ذاتيا. إنها، بحسب بروتون، تفتح الطريق إلى جميع الممكنات بفعل شحنتها اللامنطقية. الصورة توحّد بين المحسوس والمجرد، الظاهر والباطن، المعلوم والمجهول.
هذه الصورة لا يُنظر إليها بوصفها مصدرا لمتعة جمالية فحسب، إنما تصبح وسيلة جديدة للمعرفة الميتافيزيقية. الصورة تخلق انطباعات بصرية من خلالها يكون في وسع المتلقي رؤية ما لا يُرى.
لذلك كان السورياليون يرفضون بشدة ترجمة الصور أو تقديم تفسيرات وشروحات للصور الشعرية وللمجازات، أو أن يتولى الناقد إبلاغ الآخرين بما "يعنيه" الشاعر. كانوا ينكرون على النقاد الحق في تأويل الصور، فالصورة الشعرية ليست مجرد تشبيهات واستعارات صاغها، بعناية وحرص، فرد يتكئ على أفكار أو مشاعر مشتركة مع قرائه. إن احتجاجهم موجّه ضد الافتراض سلفاً بأن كل الصور الشعرية هي قابلة، بالضرورة، للتفسير أو التحليل المنطقي. هم يرون أن الفتنة الحقيقية للصورة هي التي تخلق التأثير وليس طبيعتها القابلة للتأويل، وأن قيمة الصورة تتجاوز دلالتها الرمزية المحتملة. لذلك أعلنوا أن القصيدة لا تعود قصيدة إن خضعت للتفسير والشرح. يقول بروتون: " الشعر لا يُنتج لكي يُفهم، وإنما ليخلق. وعلينا أن نأمل بأن تقوم الإبداعات الشعرية بتحريك تخوم الواقع المزعوم".
الصورة تبدو مثيرة وحيوية عندما تقاوم ما يتوقعه العقل. لهذا السبب يستجيب السورياليون بحماس إلى الصور التي ترفض أن تمنح العقل الحق في أن يكون حكماً، في أن يصنّف، في أن يحاكم على نحو مستبد وجازم. إن تعدد معاني الكلمات والأشكال هو رد السوريالية اللاذع على ادعاءات العقل.
السورياليون لم يخصصوا إلا مساحة قليلة جدا لمناقشة كيفية توالد الصور، والسبب الذي يجعل اللغة المجازية تؤثر في الاحساس والوعي بسبل تشجع على بلوغ أهداف سوريالية.
الصورة السوريالية الأصيلة لا تقدم نموذجا تم اختياره سلفا، إنما تضع أمامنا شيئا لم نره أبدا من قبل، بل لم يره حتى خالق الصورة نفسه.. أو كما يقول بول إيلوار: " لا يوجد هناك أي نموذج لشخص يبحث عن ما لم يره أبدا". الصورة هنا لا تتحقق أولاً في عقل الفنان ثم تُرسم بعناية ودقة فيما هي تتجسد. بالأحرى هي تتجلى في فعل التنفيذ. جوهريا، هذا يعني أن الصورة القابلة للحياة وللنمو لا تسبق صياغتها أو تجسدها. إنها تترك الفنان حراً في تركيز الانتباه، لاحقا، على الانشغالات الجمالية فيما هو يلتمس حالة من الاتصال لما كان قد تصوّره. وبدلا من دعوة خالق الصورة إلى الالتفات نحو نموذج معلوم ومنتقى سلفا، فإن السوريالية تطلب منه التحرك إلى الأمام .. في اتجاه المجهول دوما.
السوريالي لا يستكين إلى المعلوم، المفهوم، المألوف، المستقر.. بل يسعى دوما إلى السفر نحو المجهول عبر مسالك لم يطرقها أحد من قبل، متسلحا بحس المجازفة والمغامرة.
هو لا يعوّل على المخزون من المنجزات السابقة. الرضا عن الذات غير وارد مع وجود إغواء بالانغماس الذاتي الناشئ من سيطرة أكيدة ومضمونة على تقنية مبرهنة، على صيغة مجرّبة جيدا. إنه لا يعمل في طمأنينة ضمن قدراته، واثقاً مما يستطيع فعله، وشديد الحرص على تجنب تجاوز ذلك. لا شيء يمكن أن يكون أصدق، وأكثر صحة، إلى روح السوريالية، من المحاولة الصادقة لتوسيع القدرات ونشر المعرفة وراء نطاق المنجز السابق.
في الواقع، السوريالية هي فن المجازفة. إنجاز المبدع يرتكز على مدى استعداده وقدرته على التعرض للمجازفات، على عدم التسليم بأي شيء، وعلى رفض كل تكيّف أو تسوية. إنهم يدعون إلى تجنب تطوير أسلوب معيّن، كليشيهات، طرائق مميّزة، وأشكال تعبير ثابتة ونهائية.
* *
السورياليون لا يضعون ثقتهم في مناهج مدروسة ومعدّة لتنقيح وصقل المادة الأوليّة "الخام" التي يقدمها الإلهام. كما أنهم لا يثقون في الإلهام وحده في تزويد صور مرْضية. إنهم يتوجهون إلى تقنيات ذات قدرة مؤكدة على إطلاق سراح المفاجآت، وجعل الصورة تعمل كوسيلة لتفجير شرارة الكشف وتحرير المرء من المفاهيم المتكرسة.
الصورة السوريالية تسعى إلى مفاجأة القارئ وإدهاشه. هذه الغاية هي التي تعطي الصورة قيمتها وأهميتها. فمعيار قوة الصورة السوريالية وأصالتها، كما يرى أدونيس في كتابه (الصوفية والسوريالية)، تكمن في "اللا متوقع، في تقطعها، في مفاجأة انبثاقها".
لكن قبل أن تفعل ذلك، يتوجب عليها أن تدهش وتذهل خالقها. السوريالي يطلق المفاجأة عندما يصل إلى درجة من الانفتاح تؤهله لتقديم اكتشافات غير متوقعة. وقبل أن تتمكن هذه الاكتشافات، المرحّب بها، من خلق المفاجأة عند أي شخص آخر، ينبغي عليها أولاً أن تفاجئ الفنان نفسه. إذن السعي وراء المفاجأة يعني بلوغ حالة ذهنية فيها المفاجأة لا تكون ممكنة فحسب لكنها محتومة فعليا.
المفاجأة والدهشة تنجمان عن الصور الجديدة، أو التآلف الجديد للصور، والتي هي عفوية، غير مألوفة، لا معقولة. مشحونة بالمفارقات والتناقضات والدعابة، ساخرة، طفولية (عبر لقاءات غير متوقعة بين الكلمات والصور).. مثل هذه الخاصيات تثير الدهشة.
يقول بروتون: "الصورة وحدها، بما تحتويه من عناصر مفاجئة وغير متوقعة، هي التي تمنحني معيار التحرر الممكن".
السوريالي يحاول من خلال فنه، وعن طريق إثارة الصدمة والدهشة، أن يجعل الآخرين يعون للكامن وراء الأعراف والاصطلاحات، ويتمكنون من اكتشاف طريق العودة إلى الجوهر الغامض للأشياء.
الفجائي، تصوير ما هو غير متوقع، ليس مجرد نزوة أو تلاعب طفولي، بل حاجة طبيعية للاستجابة إلى ظواهر الحياة اليومية المقولبة، هذه الاستجابة التي تأخذ شكلا معاكسا ومضادا للتوقع.
من أجل رجّ حساسية المتلقي، ليس لغرض خلق انفعالات ذات كثافة عالية، لكن أيضا لفتح حقول جديدة من الإدراك الحسي، فإن السورياليين يجاورون العادي والسامي، البهجة والرعب، الأحلام والحياة في صورة حافلة بالتناقضات. بعرض اللا متوقع، العمل يدفع المتلقي نحو وعي معمّق بالواقع، ونحو الإحساس بما فوق الواقع.
* *
في العام 1924 حدّد أندريه بروتون الصورة السوريالية بوصفها "تجاوراً لواقعين مختلفين ومتباعدين عن بعضهما".. كما في تعبير لوتريامون الشهير: "جميل مثل لقاء تصادفي، غير متوقع، بين آلة خياطة ومظلة على طاولة تشريح".. هذا التعبير الذي يوضح مفهوم التجاور اللاعقلاني لأشياء تبدو متباعدة أو متعارضة. وبروتون يستخدم تعريف لوتريامون للجمال كمبدأ مرشد للجمالية السوريالية، وأيضا للتعبير عن الحساسية السوريالية.
لكن ما هو الشيء (القاسم) المشترك بين آلة خياطة ومظلة وطاولة تشريح؟.. لا شيء. مع ذلك، يجدها المرء تقطن عالما واحدا، العالم ذاته الذي توجد فيه الخياطة والعاصفة الرعدية والعلماء متجاورة على نحو منطقي، وهي تلتقي مصادفة لتتواجد معاً في وحدة غير مريحة، لكنها جميلة.
السوريالي لا يُظهر اهتماما وعناية بالعوالم المختلفة، المستقلة بذاتها، إلا عندما تكون مرئية معا، أي متجاورة وقريبة من بعضها البعض، ذلك لأن اختلاف وتباين العوالم هو الذي يسبّب تلك الارتجاعات والأصداء في الذهن. ولأن السوريالي يهب الشيء درجة عالية من سلطة الإقناع فإن واقعين متعارضين أو غير متصلين يمكن لهما التواجد والتعايش جنباً إلى جنب في يسر وانسجام. مثل هذا التجاور يخلخل المظهر اليومي الرتيب.. والأشياء العادية، المألوفة، تصبح مثيرة ومدهشة عند تقديمها من زاوية جديدة.. سوريالية.
الصورة، حسب بروتون، تفرض نفسها كشرارة لامعة تندفع من التقارب الحاصل بين كلمتين، سواء نتيجة تلاعب بالألفاظ أو كنسق هذياني أو نتيجة اندماج المجرد والملموس على نحو عبثي ظاهريا.
يرى الشاعر بيير ريفردي (مجلة شمال- جنوب 1918) أن الصورة إبداع ذهني خالص، وهي لا يمكن أن تنشأ من المقارنة وإنما من المقاربة بين واقعين متباعدين، قليلا أو كثيرا، وكلما كانت العلاقات أو الصلات بين هذين الواقعين بعيدة وصائبة، أصبحت الصورة قوية وازدادت قدرتها التأثيرية، إضافة إلى اكتسابها طاقة شعورية وحقيقة شعرية. إن الصورة، فيما تؤسس علاقات جديدة بين الأشياء المتباعدة، فإنها تخلق واقعا جديدا.
أندريه بروتون، في بيانه السوريالي الأول، يعلن أن الصورة الأقوى والأكثر تأثيرا هي التي تقدم أعلى درجات الاعتباطية. وهو ينتقد مفهوم ريفردي للصورة، منطلقا من إشارة بودلير إلى أن المرء لا يستحضر الصور "بل تأتيه من ذاتها، مقدمة نفسها على نحو تلقائي واستبدادي. وهو لا يستطيع صرفها، إذ تغدو الإرادة بلا حول، ولا سيطرة لها على القوى". ويوضح بروتون الاختلاف قائلا:
"بالاقتصار على تعريف ريفردي، لا يبدو ممكنا التقريب، قصدا، بين ما يسميه (واقعين متباعدين). كل ما في الأمر أن التقريب يحدث أو لا يحدث. وأنا، من طرفي، أنفي نفيا قاطعا أن تكون صور ريفردي (مثل:
في الجدول أغنية تجري../ أو: انبسط النهار كسماط أبيض../ أو: العالم يُوضع في كيس..) تنمّ عن أدنى درجة من سبق التصوّر والتصميم. أعتقد أن من الخطأ الزعم بأن الذهن أدرك صلات الواقعين المتواجهين. بدايةً، هو لم يدرك شيئا بصورة واعية، إنما انبثق من التقريب الطارئ، نوعا، نور خاص هو نور الصورة الذي إزاءه نبدو بالغي الحساسية. وقيمة الصورة متوقفة على جمال الشرارة الناتجة. إنها، بالتالي، خاضعة لفرق الطاقة بين الموصلين. وحين يكاد ينعدم هذا الفرق، كما في المقارنة، فإن الشرارة لا تحدث. لكن ليس في مقدور المرء، حسب اعتقادي، أن يدبّر تلاقي واقعين متباعدين إلى هذا الحد. ومبدأ توارد الخواطر يعارض ذلك. (..) لابد، إذن، من التسليم بأن طرفي الصورة لم يفرغ أحدهما من الآخر، من قِبل الذهن، ابتغاءً للشرارة المراد إحداثها، إنما هما ناشئان، في وقت واحد، عن الفعالية التي أسميها سوريالية، بينما يكتفي العقل بمعاينة وتقدير الظاهرة الضوئية. وكما يزيد من طول الشرارة أن تحدث خلال غازات مخففة الكثافة، فإن الجو السوريالي الذي تخلقه الكتابة العفوية يساعد إلى حد كبير في إنتاج أبدع الصور. بل يمكن القول أن هذه الصور تظهر، في هذه السرعة المدوّخة، كالمقود الوحيد للذهن. ويقتنع الذهن، شيئا فشيئا، بالحقيقة الفائقة لهذه الصور. إنه يكتفي بدايةً بتحملها ثم سرعان ما يلاحظ أنها تسحر عقله وتضاعف معرفته".
يرى بروتون أن ثمة نماذج لا تحصى للصور السوريالية، أقواها تلك التي تتوفر فيها درجة عالية من الاعتباطية، وتحتاج إلى وقت طويل لترجمتها إلى لغة عملية، إما لأنها تتضمن نسبة هائلة من التناقض الظاهر، أو أن أحد طرفيها محجوب بصورة مثيرة للفضول، أو لأنها تبدأ مثيرة ثم تبدو ضعيفة الخاتمة، أو لأنها تستنتج من ذاتها تبريرا قطعيا ساخرا، أو لأنها ذات طابع هذياني، أو لأنها تفتح باباً على المطلق، قناع المحسوس، أو العكس، أو لأنها تتضمن نفي خاصة فيزيائية ابتدائية، أو لأنها تبعث على الضحك.
من الأمثلة التي يذكرها بروتون نختار:
ياقوت الشمبانيا (لوتريامون)
كنيسة تنتصب برّاقة مثل جرس (فيليب سوبو)
في نوم روز سيلافي ثمة قزم يخرج من بئر ويأتي ليأكل خبزها في الليل (روبير ديسنوس)
كانت الأسود غضّة في الغابة المحروقة (روجيه فيتراك)
على سطح السفينة كان الندى، كرأس هرّ، يؤرجح نفسه (بروتون).
لقد أشار بروتون إلى أن بيكابيا كان أول من أدرك أن جميع المقاربات بين الكلمات جائزة بدون استثناء، وأن قوتها الشعرية تتعاظم كلما بدت مجانية ومزعجة للوهلة الأولى.
في المقاربة، أو التجاور، تحدث المزاوجة بين واقعين يتعذر في الظاهر تزاوجهما وعلى صعيد لا يلائمهما في الظاهر. من خلال هذا التجاور تنشأ تركيبات جديدة، ليس هدفها الحصول على تأثيرات أدبية فريدة وإنما تحقيق التماس بين الكلمات كي يخرج منها ضوء كاشف.
بفعل تجاور الأشياء المتباعدة، وإلغاء الروابط المنطقية بين الكلمات، تتجمع الكلمات لتكون مشحونة بالإيحاءات. الصورة الناتجة هي – كما يقول أدونيس – واقعية من حيث أنها تكشف عن الأصلي أو الجوهري، لكنها في الوقت نفسه، تفلت من الواقعي الملموس من حيث أنها تشير إلى ما يتجاوزه. إنها اتجاه نحو المجهول.
إن الغاية الجوهرية للتجريب السوريالي مع التقارب أو التجاور، بمختلف أشكاله، هي في النزوع إلى إعطاء تعبير للذي لا يمكن وصفه، تسليط الضوء على اللا متوقع، على الذي لا يمكن التنبؤ به. إن التقنية العامة للتجاور - المنهج الذي به يمتد ليشمل ما لا يمكن وصفه في شكل قابل للإيصال – تتجه نحو استيعاب ما لا يمكن استيعابه. هذا النهج يتوقف على تقديم عناصر لم تهيئنا معرفتنا الشخصية بالطبيعة، أو وعينا بالضرورة العملية، على إيجاد أي قرابة بينها.
الصورة الناشئة لا تتفق، أو لا تتصل، مع مفهومنا المألوف للأشياء، بل تعبّر عن مفهوم جديد. فالتركيب السوريالي هو حضور متماسك وملموس لا يوجد لمحاكاة مظهر معروف ولا لخدمة غرض يمكن الحكم عليه عملياً. وكما يقول أراغون: "السوريالية استعمال خاص للصورة، أو هي إثارة الصورة لذاتها، في ما توحي به من حالات هيولية. كل صورة، كل لحظة، تحث على إعادة النظر في الكون كله".
لأن الحالة السوريالية هي الحالة التي يرى فيها الإنسان تعانق الأضداد واندماج الكائنات، فمن هنا، من هذه الشرفة – حسب والاس فاولي – نرى شغف هؤلاء الشعراء بمزج الصور وجمع الأضداد في نصوصهم، حيث العناصر المختلفة، بل والمتنافرة أحيانا، تجتمع في الصورة الواحدة، وحيث اللقاءات غير المتوقعة بين الكلمات والتعابير والصور تتداعى بحرية وعفوية.
السوريالي، في خلقه للصورة، يتجنب البلاغة، ومحاولة تقديم الدليل أو البرهان على أي شيء، مركّزاً على براءة الصورة لا مدى فائدتها وجدواها المنفعي.
* *
الكتابة الشعرية السوريالية وضعت ثقتها في القيمة الموسيقية للكلمات، لافتة الانتباه إلى التواتر والتردد الذي به الرنين الصوتي للكلمة يعلل ظهورها إلى جوار الكلمات الأخرى المتصلة نغمياً أو موسيقياً، بطرق لا يستطيع العقل أن يبرّرها.
إن التداعي الصوتي يساهم في هداية التعبير الشعري نحو الصورة، حيث القرابة الصوتية بين الكلمات لها أهمية تفوق أحيانا معنى الكلمات.
ترتيب الكلمات على الصفحة يوفر مثالاً لـ "التتابع الموسيقي". الكلمات تتوزّع وفقاً لـما بينها من مصاهرات أكثر عمقا من تلك التي يفرضها المعنى المباشر. في الواقع، كل شيء يرتكز على تتابع يعتمد في انسجامه ووحدته على الموسيقى الداخلية للأصوات المكررة. من خلال حساسيته تجاه الموسيقى الداخلية، يحتكم الشاعر السوريالي إلى الرؤية الباطنية.
بعناصر اللغة المسموعة، أثناء كتابة ما يمليه الصوت الداخلي، يصل الشاعر إلى الصور التي تستمد قوتها وسلطتها من قدرتها على منحنا شيئا لنراه والذي، بخلاف ذلك، سيظل متواريا عنا. ونظرا لأن للرؤية أسبقية على الإدراك، فإن الجهود التي يبذلها القارئ للفهم على نحو صائب، يمكن أن يقيم حاجزا يفصله على نحو فعال عن الاستجابة المثمرة، وعن المشاركة في العملية الشعرية السوريالية. هذه الجهود لا تقود إلى أي مكان، ولا تفضي إلا إلى الخيبة والإحباط. عندما يكف الفهم أن يكون عاملا إيجابيا لشخص يشارك في التجربة الشعرية، فإن المتعة تتعمّق على نحو متناسب مع قدرة القارئ على رؤية ما يتعيّن على كلمات الشاعر أن تعرضه.
* *
في كتابه "الصوفية والسوريالية" يشير أدونيس إلى أن النص السوريالي يقوم على المجاز أساسا، ويضيف: "بما أن المجاز احتمالي فإنه لا يؤدي إلى تقديم أي جواب قاطع، ذلك أنه في ذاته مجال لصراع التناقضات الدلالية. هكذا لا يولّد المجاز إلا مزيدا من الأسئلة. وهو إذن، معرفيا، عامل قلق وإقلاق لا عامل وثوق وطمأنينة. (..) تكمن شعرية المجاز في لا مرجعيته، أي في كونه ابتكارا، كأنه بداية دائمة، ولا ماض له. وهو، بوصفه طاقة لتوليد الأسئلة، يجدّد الإنسان، فيما يجدّد الفكر واللغة، والعلاقة بالأشياء. إنه حركة نفي للموجود الراهن، بحثا عن وجود آخر.. فكل مجاز تجاوز".
لقد نسب السورياليون إلى خلق المجاز دلالة فلسفية. لم تكن تعنيهم المجازات التي يمكن فهمها بيسر وسهولة، ولا تلك القابلة للتأويل منطقيا وعقلانيا. المجاز، بالنسبة لهم، ليس مجرد شكل من أشكال الخطاب بل بلورة للفكرة. إن جدّة وكثافة المجاز هي التي تحكم على قوة تفكيرهم وعمق تجربتهم العاطفية. في الكتابة السوريالية، يصبح المجاز الناجح معيارا ليس فقط للإرضاء الأدبي بل للانتصار على الوجود الاعتيادي والمألوف.
بقدر ما يمتلك المجاز خاصية انفجارية، فإنه يمتلك طاقة إيحائية. ومن خلال قوة المجاز التفجيرية، والاشراقة التي يستثيرها، تصبح الصورة عنصرا مولّدا.
(هذه المادة مترجمة ومعدّة من مصادر متنوعة)