أبوظبي- بسمة صلاح

صبحي حديدي

استضاف مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام في أبوظبي، أمس الأول، الناقد صبحي حديدي في محاضرة بعنوان “قصيدة النثر وإشكالية التعريف الموسوعي: أية قواعد؟ أية معايير؟”، وقدمها نايف النعيمي الإعلامي في تلفزيون أبوظبي، وذلك في مقر المركز في أبوظبي، وبحضور حبيب الصايغ مدير عام المركز، والشاعر محمد علي شمس الدين وعدد من الضيوف والإعلاميين .

استهل حديدي حديثه عن الإشكالية الكامنة في تسمية قصيدة النثر، والسعي في إيجاد مقولة ثالثة تتوسط أو أحياناً تتنازع وظائف المقولتين الرئيستين الراسختين في خطاب التعبير الأدبي: مقولة الشعر، التي تحيل إلى الوزن على اختلاف أنماطه، وبصرف النظر عن قيوده وحرياته، ومقولة النثر، التي تحيل في المنطق البسيط إلى ما لا يصنف في عداد الشعر .

وحول إشكاليات قصيدة النثر، قال حديدي “في المصطلح العربي يمكن أن نعد تسميات “الشعر المنثور”، و”النثر الشعري”، و”النثر المشعور”، و”النثيرة”، و”الخاطرة الشعرية”، وأن نعثر أيضاً على تسميات تهكمية ساخرة، أو تخلط الجدّ بالهزل”، موضحاً أن الإشكالية ظلت قائمة، بل أخذت تزداد تفاقماً مع ازدياد تجار قصيدة النثر العربية، مقابل الانحسار النسبي في شيوع الأشكال الشعرية الأخرى، مثل العمود وقصيدة التفعيلة، وليس هذا بسبب عجز الشاعر العربي عن كتابة قصيدة جديرة بالحياة والخلود، بل بسبب انهيار التعاقد بين الشاعر والقارئ حول تعريف القصيدة، وربما الشعر بأسره .

وذكر أن الجدل حول قصيدة النثر يتلخص في خمس نقاط: الأولى تتمثل في ظاهرة تغير أساليب التلقي في مقابل ثبات قصيدة النثر العربية المعاصرة، الثانية هي أن قصيدة النثر “ديمقراطية” بطبيعة موضوعاتها وشكلها، حليفة الحياة أكثر من الموت، لكن الثقافة العربية المعاصرة تعيش في كنف الاستبداد والقمع والشمولية، والثالثة هي العجز عن توطيد “علم اجتماع” للشكل الشعري، والرابعة هي أن معظم النقد الشعري العربي المعاصر لا يتهرّب من مجابهة استحقاقات قصيدة النثر فحسب، بل يميل إلى تكريس ما يشبه “الأمية النظرية” حول الشكل، في غمرة الغرق حتى الأذنين في “أميّة تحليلية” عند دراسة نماذجها، والخامسة ميل العديد من شعراء قصيدة النثر إلى تعليق الأزمة على مشجب واحد هو غياب النقد الشعري، وكأن هذا النشاط الأخير هو المطهر المكلف بغسل أدران القارئ قبل قبوله في فردوس الشعر الطاهر، مشيراً إلى أن تلك الأصوات التي تندب حظ “الشعر الجديد” مع هذا “النقد الغائب”، مضحكة تماماً، ولا نقول مثيرة للشفقة، وكأن حظ الشعر الآخر كان أفضل مع النقد، أو كأن الشعراء الآخرين لم يدخلوا مدينة الشعر إلا ومظلة النقد مرفوعة فوق رؤوسهم .

وفي نهاية المحاضرة كرم حبيب الصايغ مدير عام مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام صبحي حديدي وقدم له درع المركز .

الخليج
08/05/2012