مهدي النفري
(العراق/ هولندا)

1-

شجرة صماء أو شجن عصفور

مهمتي لم تنته في إعلان موتي أو حتى في حرقي
هناك الكثير ما سيبقى ورائي 
منها 
الشجر
العصافير
المطر
والسماء أيضا في زرقتها .... كل تلك الأشياء لن تخونني وتبيع ذكرياتي

..................

-2
الببغاء الذي صار غراباً


ليست قصيدة
أنا لا اكتب، كنتُ و ما زلت ُرجلا ً أُمِّياً
لا أجيدُ سوى فن الموت 
لعبتي الوحيدة هي رسم القبور
مهنتي الوحيدة، حمل الجثث
أنا دفانٌ ماهر ، بل أنا من خلق الدادائية
والسريالية في الدفن
سأخبركم مثلاً كيف دفنتُ جثتي الأخيرة
أمسكت بها من مؤخرتها وحشرتها في بيت النمل
و ضعتُ آخر أغنية ً مشهورةً للراب عند رأسها 
أخذتها إلى اعلى مكان في السماء
قذفتها في وجه الله و عدت ضاحكاً
التقيت في طريقي كل الشعراء و الأنبياء و المومسات
كانوا يصفقون لي كوني أول الموتى وآخرهم

...................

-3

مازلنا على قيد الحياة نواصل الموت

...................

-4

عباءة أمي

مؤخرا إكتشفتُ إن لي قفص صدري، كانت الصدفة وحدها هي من قادتني، الصدف في حياتنا كثيرة لدرجة ان الحديث عنها يصيبكم بالقرف، مرة أمسكت في عباءة أمي كانت على هيئة السماء مصنوعة من الدموع و الفقد ، قلت لها لم لا نجرب الطيران يا أمي ؟ الفكرة ليست عقيمة و حتى المحاولة الأولى هي ناجحة و إن كانت فاشله، طرنا، حلقنا كنجمتين تطوفان حول عرش الرب، الملائكة يرقصون، و الجنة تطلق عزف السيمفونية السابعة من بيتهوفين، أمي لا تفقه شيئا من بيتهوفين والعرش و حتى الجنة، كانت تقول لي يابني عد بنا نحن ارض الله في أرضه، نحن نخلته في بيتنا ما نحن و الجنة هنا ، قلت لها دعينا نستمتع بموسيقى الجنة ، قالت هل استمعت الى موسيقاي ؟ انا عزفت لحنك 44 عاما و ما زلت اكتب كل يوما نوتة بالدمع و الحنين، أغلقت باب قفصي الصدري و تركت العصفور يأكل دون ضجيج

....................

-5

طواف

 
لا تخجل َ منك
أنت كلب المدينة الأجرب
أنت الشاعر الذي لم يكتب قصيدة قط
تنفس
خُذ كثيراً من الزفير
ارمِ عرش الله فوق رأسكَ ونم قرير العين
قلبك مكسور الخاطر ينمو كالسماء
يزهر كبحرٍ ميت قتله العطش
حتى تكون وقوراً  
خذ رأسك و طوح به خارج الكواكب
هناك
حيث الكلام مقدس
وأنت مع الرب 
على طاولةٍ واحدة من الصمت

....................

-6

منذ نطفة أبي وأنا في صراع ضارب في الجذر، اركض على هيئة دوائر كي أعود في باقة من أعوام الصوم 
آلاف الجثث خذلتني نحوي
و أنت أيها الظمأ
يا نكران الملامح
يا حدائق الصداع
غض طرفك عن التفاصيل
ما من أحد يحتفي غيري في هذا النباح

...............

-7

ماذا أفعل إلى دهشة لا تحضر إلا في موتي؟


ما الذي يفعله احدنا بعد موته ؟
كنت اليوم مقبلا فرحا الى درجة انني جلست استعيد المستقبل وأتبول عليه مثنى وثلاث والف / جلست هناك متربعا و في قلبي كل ما جلبته من نطفة أبي متأملا عينيك أيها الغياب، يامن تحيط بنا كحكيم لايفرق بين اخضر ويابس/ سيبدأ الكلب في النباح ليقول تعال هنا الى هذه المقبرة فالقصائد هنا رائحتها نتنة ، و هو يعرف جيدا ان لا عاشق في فم الأفعى سوى سمها / الدمعة لا تحضر أيها الأثر / فأنا ثابتا كعدد طعناتك / كأني أندب هذا الفهم وهو يقترن بالنيات

 ................

كما لو أني متخم بالندم
أتساءل ما جدوى ما نكتب؟ اعرف انه سؤالا غبيا من رجل يمارس الحياة ويتورط بها 
ثم يبدأ بشتيمة روحه، امر ليس بالغريب أن تضع جسدك على طاولة وتبدأ في تقطيعه لتأكل
منه بشهية ذئب، لكن السؤال الذي سيأتي ماذا بعد أن تنتهي منه؟ ماذا تفعل؟ 
تقول الحقيقة إنك بن الخطيئة، الخطيئة التي اقترفها غيرك وعوقبت أنت 
عليها، لكن الحقيقة شيء آخر إنها نوع من الهراء، من روائح نتنة تزكم منها الأنوف

 ها أنا إذن أستأثر بالفقد وحيدا 
وأبدا لعبة الاغتيال، اغتيال كل شيء حولي وبي من اجل خلق خصم
لا يهرب ولا يموت. كثيفة هي الأعذار مثل ملح ينمو في غابة أخطاؤها الصمت ،
يتكرر الرعب و الفأس ، يتكرر الليل و النزيف ، 
يحضر الأسلاف يضعون جيوبهم المثقوبة في يدك و يتركون لك طول الإقامة في الذعر
كأنك تكتب عن طمأنينة الحجر و هو ينتظر الماء
كأنك ترتب الرعشة لقدميك كي تهبط من قلبك باتجاه كوكب لا وجود له
قل انك مكسور ، 
قل انك مغدور
قل إن خطواتك مصابة بالسعال
قل إن دربك لا غفران للتعب فيه
قل انك تبكيك كفراشة فقدت جناحيها 
كثر هم أعداؤك ،
صديقك الأوحد هو الغياب 
دون في الشهوة انك خدعتك و كتبت في الهامش ان النسيان ذئب الضغائن 
ستنهال عليك الشتائم كقداس فتعال اتبعني ،

 اتبعني غيمة تحت جناح الندم