سلام صادق
العراق / السويد

سلام صادقصرتُ لا اصدّقُ موسماً
واعتبر الحديقة متاهةً آسرة
تجرجر اخطاءها الخضراء الداكنة
كجيشٍ مهزوم
فتتساقط الثمار قبل نضجها
وتهجرُ الطيرُ اعشاشها
وتنسى الغصون برائتها
ففي الافق دوماً ثمة زوبعة تكمنُ في البعيد
تهندسُ الطبيعة وفقَ مشيئتها
وتأخذ الزهورَ رهينةً للمقابرِحين تشاء .

لابيتَ لي ،
فتعال يا ايها المدى واختطفني
انا نادمٌ كثيراً لانني غادرتُ مكاني الاول
مكاني الذي كنت فيه مندهشاً مما رأيت
ومما جرى لي ،
أعدني اليه لأبثهُ شكواي
واتبادل معه الهموم
حيث فيه الاشجار تبكي لشدّة اسوارها
والابواب تنفض عنها غبار انتظارها ولا تتعب
النوافذُ لا يغبطها توقف الامطار
الشوارع تحفظ اسرار حجارتها ليومٍ عبوس
فتعال يا ايها المدى واحتضني
نخلةً وباباً ، نافذةً وشارعاً
وكن بيتي .

البارحةَ كان الأحد
اوشكتُ ان اقولَ سلاماً للا أحد
مرقت عربات الثلج ولم يترجل أحد
وعادت باصات القرية باللا احد
مزقت رياح الساحة خيمة تظلل الخضار
وما استغاث أحد
دُفنت باقات الورد بنديف الثلج وما ضوّع عطرها لأحد
مر الغرباء مرتجفين ولم اجرؤ ان اقول سلاما لأحد
وفي زاوية تشرف على جنون الساحةِ
هرعتُ لمقهى دفئهُ فتح فمي عن آخره
فقلت للنادلة : سلاماً
لكنها لم ترد
ولم يردَّ عليّ أحد .

الاثنين 4/3/2013

قنديلٌ وحيدٌ يضيء المقبرة
ورغم هذا فالموتى يعرفون الطريق جيداً
ورغم ان الرؤيا لديهم غموض
ومرايا وجوههم من تراب
والشواهد من حجر
والاصوات ليس من بينها قهقهة
فانهم يرشدون الاحياء الى مصادفات موحشة
تتشابه فيها الاسماء وباقات الورد
حيث لابحر ولا غيوم
لاتثاؤب ولا نعاس ولا ملل
فقط فراشاتٍ عمياء تهفو على قنديلٍ وحيد
يضيء ليل المقبرة .

اسحلُ شغب ايامي البيضاء على العشب
تتدحرج عليه الذكريات
فيخضّر مبكرا ً
الفصولُ موانيء
والاشجار اكثر صدقاً
في المغادرة والعودة .

ياثرثرة المناقير
يا طقطقة
آن لكِ ان تصمتي
فغلالك لاتسد رمق الشاحنات
غير مصحوبٍ بالضجيج .

قضيت وحدتي في حضن الليل
أبكي الآلهة واتذرعُ للسماء
خطفت نجمة تائهة وسدت مجرى الدمع
فعلقت برموشي رائحة
كرائحة الموانيء حين يحين الغياب .

ادخلُ في لجةٍ لآفتح بابا من برق
لاريح تغريني
لاموج ولا مرفأ
فقط جرحي المشرع على آخرهِ
يقودني بخيط دمٍ نحو المتاهة .

الشتاء يلملم أذيالهُ
سيعودون بضوضائهم
الاطفال يرضعون حليب الغيوم
والآباء يحتسون نبيذهم على العشب الذابل
الامهات منشغلات بترتيب الاصص الفارغة
بينما الربيع يتلصص من خلف السياج .

كل ما يتنفس السواد ليل
كل ما ينبض بالبياض خمرة
كل مايبكي حتى تبتل التقاويم
رجلٌ غريب
كل ما يتخاطر في سهر المنافي
امرأة غائبة
تلطخ بالحبر الشراشف
ولا تدع الكتابة تذهب للنوم .

اقرفص في حضنها فتخلي لقلبي المكان
عيناها يطمئنان مسائي كقنديلين
انفاسها حفيف لشجرٍ ينمو تلك اللحظة
اميل عليها مغمضاً لاحتفظ بها في الخيال
أطرب لسماع همسها قبل ان يذوب
طفلها بين يديها انام
وقد تتبرم من ثقل راسي
لكنها تحسبني خفيفاً كمزيجٍ
من نبضٍ وضوءٍ وهواء
حلمٍ وغناء .

مضاءا بالكآبةِ
يمر الشتاء ولم يقل شيئاً
صامتاً كان
لايسمع غير ضجيج البرد في العظام
فقد خبأت عنهُ الصبايا الملولات
قفازاتهن ومداعباتهن الشقراء
ورحن يتراشقن بريش الوسائد
حتى لم يبق فائض من ريح
يوهم اطيارا ميتة
فاقدة للقدرة على الغناء
فجأة يصير الصنوبر الاخضر صحراء
وتصير الاوزاتُ حليباً وماء
تيجاناً من الثلج تصيرُ البنات
يعتمرها افقٌ تائهٌ
ينتظرُ ربيعاً مُرتاب .

20-02-2013

من وقع البساطيل الثقيلة على الارض
الاشجار تهجر الارصفة
الورود تختبيء خلف الاسيجة العالية
العناكب المسالمة
تبني بيوتها الشفيفة في السقوف
وانتِ .. تقتفين آثار هروبي
حتى بلاد الثلج .

بدقائقي أُرتّبُ لك فراغكَ
بكلماتي انسبُ صمتكَ الى اللاوحشة
بعيني افتحُ نافذةً شاسعةً
لتراني وتسمعني وتقاسمني المكان .

أتوارى في صمتي وأغيب
مثل آهةٍ في مقبرة.

لقد اوهمونا ...
انا مضطرٌ لاقول لولدي ذات يوم
بان البحر لم يكن ازرقاً
وبأن السفائن كانت من ورق
والنوارس مجرد صخور بيضاء
مرمية على طول الشاطيء
بعد ان نسيها البحارة هناك
قبل ان يوثقونها الى اكتافهم
حين قرروا الانتحار
واختاروا موتهم عميقاً
هناك بين شقوق المرجان
حين عرفوا ايضاً وبشكل متأخر
بان ذات البوصلة اوهمتهم مثلنا.

مازلنا نعيش
طالما على وجه البسيطة
طيورٌ واعشاب ، سلاحف وديدان
اكثر من اعداد القتلى
مازلنا نعيش
طالما هنالك بيوت واشجار ،
مقاهٍ وكتب
اكثر من اعداد القبور .

يهمي الثلج طوال الليل
بياضٌ في بياضٍ في بياض
ملاءة هائلة تكفن الكون
والحاضر طبشور الرغبة
يشربهُ سخام الوقت .

سأتعجل الكتابةَ
لأكتبَ ما اكتب
قبل ان تبتلعني الاسئلة
او قبل ان يُبيد النسيانُ
مخيلة المصادفات
سأكتبكِ لان الكلام
لغةٌ لاتعرفُ النوم
ولأنَ الحُبَّ
يتلاشى امام بريق المرآة .

يا امرأة تقبض على قلبي
تحسبهُ طائراً ازرق
لتعلمهُ فن التحليق بعيداً
قلبي سماءٌ يا امرأة
لكلِ جناح يخفق
وكل غيمة تتعلم الطيران.

غائماً ، تثقل عليّ دموعي بنحيبها
فارى من خللها فضاءً مفقوء العينين
الكواكب فيه فرائس
والضباب شلالات يأس هاطل
النساء حمائم تناثر ريشها الصقيل
فمتى تأتين ، تفتتحين سمائي
تقصّين شريط الماضي
تغدقين بياضك على فم الكون قبلاتٍ ثملة
تجعلنا نطير على جناحيها ( من الفرح )
قبل ان تاتي رصاصة طائشة
غير مؤكدٍ بانها ستدلنا الطريق الى الجنّة .