هنادي زرقة
(سوريا)

هنادي زرقةمعلَّقون هم الآباء
كأبواب سماء مقفلة
لا تبلغ أعلي السقف
عراةٌ، كالأطفال،
أو كالسكاري.

وعلي الجدرانِ
يقرع الله بالصولجان
يرسم هذا المضيق مدينةً
يقيم عليها حصاراً
يقول للسيف: اعبر، نفق نحاس الآباء

من حزنهم
لم يشربوا البحر
ومن حزنهم
أضاعوا النوافذ والمقعد الوحيد

أخسارةٌ أن أضاعوا صباحاً
يدخلون فيه من مدخل الشارع
أو من مدخل القلب

أخسارةٌ ألا يبيعوا الكلام الجميل
بثمن نبيذ الليل
أو شرفاً وطوابع
علي السّكة السكري
للشرق السكران

معلّقون هُمُ الآباء
يشبهون أنفسهم كثيراً
بمعاطف قديمة تلبس شتاءً بارداً
بشجرة الصفصاف العالية
التي زرعوها
ثمّ أطلقوا عليها الصقيع،
بالريح تلتهم السنونو
وبالأمهات،
ينتظرن سقوط عودتهم علي الزجاج

من قال:
المرأة تنام وحيدةً
لقد امتلأت بالعصافير والعاصفة
وبالعابر الذي مَرَّ في الشارع
وسرير الخيبة الذي استيقظ ياسمينها عليه

معلّقون هُمُ الآباء
والآباء دوائر في بركة الليل

آن لي، وأمي أن نستريح
نحن الشّعر النابت بلا اكتراثٍ
وأن ننشرَ غسيلنا علي الريح العالية
أن نسقف المدينة بالصراخ
ونري سماء صراخنا
بحراً بلا أسوار

آن للعواصف التي خبَّأتها
أن تخرج من دفاتري

ها أنا ألمُّ الريح من جهاتها
وأطلقها بحسب مشيئتي
وأنتِ يا حجارة البرد تسقطين

ليس في روحي شعرة بيضاء واحدة
أنا مطر يغسل الأرض،
والأرض آباء،
دوائر في بركة الليل.