البلاد التي بلا ملامح
خُطاها خطاياها تدّب على الجليد
تكاد لا ترى من شدة الوضوح
نساؤها ذخيرة شتاء موحش
رجالها مطمئنون بأحضان الأرائك
والدفء واحدٌ لو يجيش بإنصافهم
يأخذهم لحفافي الاشتعال وينطفأون
يتراشقون بخصومات الثلج
ويدخرون الرصاص للأيائل
يتشابهون كزئبق المرايا
وكبعضهم في ظنون البياض
والبوصلة واحدة أمامهم موج
والسفينة واحدة وراءهم ريح
والبحر غاطس في الحليب
تمتلئ الأرض بقشعريراتهم
فتفيق الأشجار على أنفاسهم
وتلقي بجلبابها على سبات الحقول
يخلعون أصابعهم المرتعشة
على مزاميرَ ونساءٍ من عطور
يرمون بقفازاتهم للفقمات المذعورة
كي يعود البحر إلى طمأنينتهِ
ويرخي أجفانه الزرقاء
على سرير السماء
كثيرا ما كان بهم صلصال ينبض على الشفاه
كثيرا ما كانت لهم قلوب جياد رخوّة القياد
ينذرونها لتعب الصهيل في الحقائب
وأحيانا يستبد الهدوء بهدوئهم
فيغفو وقتهم في الغيوم وهي تتناحر
قبل ان تبعثرهم منافي الهباء
ورودهم قصيرة العمر كمعاركهم
لكن حكاياتهم طويلة كعظام القراصنة
تطأ حدود الماء الواجم خوفاً
على أطراف غاباتهم السوداء
يتيه الجمال بجمالها حتى الهلاك
فقد دجنت سُعار كائناتها بهدوء
وتركت صفحاتها مسرحاً للغزلان وللوعول
يرثون الكآبة من اصفرار الزنابق
والرتابة من اخضرار السقوف
يطيرون بأجنحة الوهم حتى الوهم
لشمسٍ من حرائق من طين
تطبع ولائم الكون على جلودهم
وتترك القلب تفاحة
في فضاء صغير
لا يصلح مائدة لغير الفراشات
السويد/ شتاء 2005