وقلتُ:حين اصل ذروة الهذيان
سيكون الدم العاهل دليلي ... قاسم حداد و امين صالح
ها اوشك الليل ان يستسيغ دمي
وينيم هذياناته في قاع الشرايين
دافقاً يرث الزهور المسافرة فيها
والسنابل التي تخدش شمسها بحياء
تستاف من ضوئه شرارة هاربة
تكفي لحريق السهل باكمله
دمنا الخبير بكيمياء المجزرة
المجازف بجاذبيته في شدة الطوفان
المتناثر دون اثر متخلف او لهاث
المهدور دون ان يترك شاغرا بعده
تشده اليها نبوءات القتل الخرساء
وتدجن ألسنة الجحيم فورته الوامضة
الكواكب تحتكم له بتكرار الاحتمال
فيصل الليل بالليل
والورد بالسواقي
والبرق بالبريق
والنيازك وهي تهوي في توابيت الرماد
لماذا تبرأ السماء من لون أشفاقها
وتجحد دمنا المهدور في حلكة المنعطفات ؟
تستدير اليه مبعثرة حاناته الحمراء في ارضٍ حلال
دمنا كاس اخيرة اشعلها - فيما مضى - يقين الندمان
حينما هجسوا الاغلال تستذوق معاصمهم
والبلاد بجدران اربعة لا تتنفس
ورؤوس جمّة ملولحة على الحدائق
ونوافذ لها عداوة مُحكمة مع الهواء
دمنا المتخثر قمصانا كدروع صدئة
يرف في فضاء يضيق بالجراح
منكمشا على ماضيه كزهور مجففة
يمطر وهمنا بنبيذ عناصره القانية
ويتلاشى على موائدهم المعدة للضوضاء
دمنا الموغل في امتداد تلك الضفاف
ومواسم الفيضان حبلى بمهالك الجفاف
دمنا الخارج على صلف الصلصال
الخائن مدّ نبؤته
والمتوارث جَزرَ الاوقات
يرتقي قممم المقاصل والاغنيات
وينثرالزنابق شاحبة عند اكتمال المذبحة
فتخضل نداوة العالم من قرمزهِ
ويجف نزف شفاهنا على حرفيه
متأوهاً بكل الابجديات
تردد هشاشة الكون اصداءه
وتدلق لون المغفرة على فحواه
فهاكم بوابات جحيمنا ضرام
وهاكم دمنا هباء
ودمعنا ضياء
تلون البراكين وردته بالبكاء
لدمنا طبيعة الموج اذ يفقد البوصلة
يفور إذ يدلهم به سيل الحنين
فيقال عنه ترامى كشلالات من وهج
افتتن باللهيب فاشعل جذوة الكلام
يضيء عمر المسافات بالجراح
ويدخر من خمرة عرسه الباذخ
ثمالة نازفة من جسد طعين
ليرشها على قمصان الرياح
يصرخ دمنا فيفضح مرآة لونه
لزجا يسيح فرائسا وقبائلا وجراح
يقطر في مسيرة الشوك تستنفرهُ حروب الاشباح
شغافاً لقلبٍ كان شغوفا بمعطفه الابيض
وسال حين انتشر البارود وملأ رئتيه
يعجن الامل في ارخبيلات العويل
ويشهق بالماء نحو حدائق الغيوم
عاهل البروق يتشعب تحت وابل الاغصان
وسيد المجرات لو تماهت وراء حدودها الطعنات
ونضت طراوة جلدها لشيخوخة التجارب
يجوب بأرجوانه غيبوبة الآفاق
فيبهضه خجل الورد بعد فوات الاوان
يصبغ الموت من شفتيه ومن خدّيه
فله مايشاء من حدائق يقطفها بغزارة نواياه
فيضرجه الندى ببراءة الاهواء
سيد الرؤى الفاقعة الحمراء
يقطف فاكهة جوعه بكل الاوقات
وينضج وعده كشمس تغرب في شريان
حتى تفصح الطعنات عن تواريخها للرياح
وتتمادى القناديل في غبش الارتعاش
فتنطفيء الذؤابات فيها كاحداق الجثث
له مفخرة المباضع باشطة كالظن
ورنين الاوسمة حين تندلق على الصدور
أيقونات وشمت جلالة جباهها رطانة السكين
ينجو من نفسه بنفسه
ويُسفح وكأن النزيف جلّ مسعاه
فوراء دهشته تستتر وحشة الاغتيال
غازيا بصهيل صهوته حمرة الصحراء
وظلال سيوله مسفوحة على التراب
يصبغ فجر الاحداق بتيهِ النافورات
يوقظها على غرغرة القرابين
يهطل من شرفاتنا كصرخات البلور
فيملا الشاغر في لون الشفق
تترذرذ اسماؤه على دفء الشفاه
فيتسكع مبتردا ملتحفا نوايا الانهار
ليصب في كهوف من بدائيات القرون
هديرا متخثرا باكياس المصحات
وتبقى صرخته تتساقط كالمذنبات
لهبا يضيءعتمة المسافات
فيشرب لون نفسه بغصة
ويعاف ماتبقى من الاوشال
من هنا علت رغوة دمنا وتصالبت
يدفعها مسوخ نحو هضبات الجنون
رشيشها مستأنساً لندىً مسفوح
يجر هواء النص لمائدة اللامعنى
يشفط الزبد ويبصقه حروفا حمراء
كرايات مغسولة بسليقة سائل شفاف
يتنهد القلب كطوفان او نزيف
والمعصم صارية مكسورة او رياح
الاصابع بوصلة تائهه في كف الاخطبوطات
لكأن المعاني ابحرت بمحيط حيطتها
خسارات تجزها مناجل الوهم
في قلب قاعٍ متلاطم
حتى يتشعب مرجان الحكايات
يخضّر الماء فيوهم السواد بارض تغرق
واعشاب سائلة تغص بالضوء
وتقيئه في بطن الموانيء سماً زعاف
يتدفق النازفون كموج تمادى بوهم النسيم
يرنون لفنار حمرته لاتدل احدا عليه
تتعرى عنده الامداء والاهواء
وتغتسل عند قدميه اللغاتُ
بماء طلق القصيدة.
***