تتململ أناملها حينما تخفر بين الأقداح
يجهش الصوان بنزف أسرارها
فآخذ شيئا من شأوها للهوامش
وألحِقُ الشين بذيل الشتاء
أُعِدّ شعيرها لحصان من سراب
واترك منقارها يدق الخشب
كشهوة تشرب من ثقوب الباب
تترصد الريح آذان وعيون وهامات
والصدى قبعات تتطاير في الهواء
كمن يبحث عما ارتكبه وأضاعه
وغادره متشظيا في المرآة
باحثا فيه عن وهمه الأخير
فيعثر على مفتاحه عالقا بحافر التراب
يتكسر الآجر على أجنحة الطير
وهي تذرف غناءها على الساحات
وأكتاف التماثيل تزرع طحلبا
يشهق حتى الغيوم
فمن يرتوي يشرب زئبق الفراغ
ومن يعطش يكسر جرّة الفضاء
على رأس تفيض بالزوابع
يسند النسغُ السواحل على خضرته
ويعطي لداخله مخارج الأشياء
فتندلق الأعشاب تنضج في التقاويم
والأشرعة شلالات لشبق منتصب
الأهداب تتدرع ضد النوم
بشاشات النشرة الأخيرة
فما كل ما نجرجره طويلا حلمٌ
وما كل ما نداعبه قليلا نهار
نلتحف الليالي بسهر الخمرة والأسمال
ونحتسي الهدير بجدل الأرض
تنهض أكتافها بالوديان
ووراء الأفق نطارد جياد المكان
فهذا الذي هنا قيلولة لم نصدّقَ
ان تمر على عجلٍ وصليل
وصهيل يلجم الدخان ببنادقه
فتتبعثر فيه قهقهة المأسورات
ويفترسه ترذرذ العيون
وهي تغمز يقظة محاجرها
مختلسة عروق الليل الحمراء
فيكون الرهان على بياض
بلا ضباب مصادفةٍ معطوبة
كالرهان على أفكار لاتستحق التوبيخ
تتمرغ الأصداغ مرجومة بصداع الآتي
فتثب الشرفات رابضة على كهولتها
وعلى الهواء تباد حشمة الجدران
شحيحة طلقاتنا بلا رائحة المكان
وحياتنا نحميها بطفولة معاصينا الصغيرة
ونصدق ماترويه الحجارة للرأس
وهي تتدحرج فوق نزيفها
قبل ان تنفلق ويسيل الغناء
مشاغلنا مشاعلنا تتقد في الكلام
فتحرق الأشباح بعيدا عن غموض الرياح
والرحى تدور تسرق الشموس غبارها
مرة على شكل رغيف من العطش
ومرة أخرى كمشكاة كئيبة
مصابة بيرقان عدواه الجرائد
فلنا مالنا من كوابيس
ولليل سلالمه الموصلة للسعال
وللأصداف ان تنهب لؤلؤ الغموض
من زفير النهار
ببراعة نطلق الفخاخ نحو الضباع
والغلبة لمن يهندس البراري بالهزيمة
ولمن يقود دواجن الهراش نحو شِراكها
وهو يدل قأقأة النشيد على دماه
والجثث المرمية على لون الغروب
يتباهى الأشباه بمخلفات النسور
فيكون المستنقع فتوحات الطبيعة الخرساء
ملأى بنبوءات اغتصبت سوية الأرض
ان نموت يعني ان نبتكر الوقت المخبول
ونستعيد الغيبوبة منه لأصحاب ممسوسين
ليورّث شحنات هلاكه بدماء الأحفاد
مستقبلا من علق منهم بصرخة البياض
ومن أرجأ ولادته في رحم السواد
واعتق الأساطير المبتلة بلعاب القابلات
نأتي هكذا من هياج لايتناسل
وفحش غير مرجوم بالرذيلة
اندفاعاتنا ترتاح قليلا
على احتشام العتبات
ونساؤنا يستحضرن روح العفاف بلقاح الجنة
بكارة ارضٍ معقولة بين ساقين
لئلا تطغي على رنينها لوعة الخلاخيل
فنبعث في طلب أجراسها الخرساء
من أقصى سماء.