يقدم الشاعر السوري أدونيس والرسام العراقي حيدر تجربتهما المشتركة القائمة على حوار بين الشعر والرسم والكولاج، بما يؤشر على العلاقة الجمالية بين النص الشعري والنص البصري.
ويقترح أدونيس في أعماله إبداعاً جديداً في التشكيل بموازاة منجزه الشعري الثري والمتجدد، مانحاً لوحاته مساحات بصرية يستثمر فيها قصائد كُتبت بخط اليد تستحضر إبداع الشعر العربي الكلاسيكي ورموزه من مختلف الأزمنة والحضارات: المعري وأبو تمام ووضاح اليمن وهم الشعراء الذين يربطهم التمرد والرفض والنظر إلى العالم بعين ثالثة.
يتبع الاتجاه الجرافيكي للخط نموذجاً فضائياً تنتظم فيه الاتجاهات لتشير إلى اللغات كلها.. وسواء كانت هذه الكتابة مقروءة أو مستعصية على القراءة، فهي تؤشر على رغبة أدونيس بالتحرر من قواعد اللغة ليجد لغته الحسية في التشكيل. كولاج أدونيس ضَرْبٌ من ضروب النحت البارز بما يخلق فضاءً متضاداً ومتعاكساً مع الكتابة الملساء الصقيلة، وهما تتكاملان معاً رغم تناقضهما.
أما الفنان حيدر فيتعامل مع المادة واللون بحساسية، خالقاً مساحات شبيهة بالأبواب والنوافذ تحمل دلالات متعددة تشير غالباً إلى الكآبة والخوف رغم ألوانها المشعة (خصوصاً حين تكون موصدة). في محيط هذه الأبواب والنوافذ تدور حكاية الإنسان وتاريخه. وهو يحاول في أعماله إيجاد علاقة جديدة بين الشكل الهندسي للّوحة ومضمونها.
تحتضن دارة الفنون بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي في عمّان، العرض الأول لهذه التجربة المشتركة التي ستجوب العالم العربي والاتحاد الأوروبي، والتي أنجز معظمها خلال سنة 2007، فيما أنجز بعضها بين سنتَي 2005 و 2006.
أدونيس، المولود في سوريا سنة 1930، والذي ترجم شعره إلى لغات عدة، يفتح باباً واسعاً يفضي إلى جماليات المكان الذي غادره منذ عقدين ونيف من دون أن يتركه فعلاً. فهو ما يزال على حاله؛ دائم التنقل بين دمشق، وبيروت، وباريس حيث يقيم.
أما حيدر الذي تفتّح وعيه في بلاد الرافدين (ولد سنة 1954) فقد عرض أعماله للمرة الأولى في بغداد سنة 1973. ثم استقر شاباً في فرنسا ليحقق المنجز اللافت في تجربته التشكيلية، وهو يعرض هناك وفي البلدان الأوروبية بانتظام منذ اثنتين وثلاثين سنة. أقام ما يقارب 70 معرضاً شخصياً وجماعياً في فرنسا وبلجيكا وسويسرا وألمانيا، وغيرها. وهذا المعرض هو الأول لحيدر في الوطن العربي منذ أن هاجر إلى باريس.