أعلى من الشهوة وألذ من خاصرة غزال
أن تجاورينني لهذا المنام الطويل، الطويل...
لهذا الرقاد الفاحش على صراط الشهوة والأنين
أن تنيرينني بحدِّ سيفيك اللامعين والممتلئين برائحة الأبنوس
وبزوغ اللهب من خطوط الاستواء المضمخة بالعبير
أيتها المقطوعة الأوصال من الألفة،
أيتها المتوحشة كلبوة شرسة المنام والأنفاس.
تعالي ندَّخر قليلاً من الصبر ونغلق نداء السهول
حتى نبدِّل الوسائل بالوسائل،
وننفصل عند حدِّ السرير عاريين بعنف
ونبيلين على عرش الرفض والاقتراب.
أن تقيدينني من هالتك وتقولي:
كم بودي أن أغتالك أيها الولد الجميل
وأن أشوي لحمك على موقد قلبي
ثم أنهشك كطير جارح.
أن أسرقك من السماء والأرض وأطعنك لذتي،
نتجاوز بها كل حدود
ثم أضعك على القبة ملكاً في صهيل الشفاه
أن تتركيني في الفضاء معلَّقاً بين هدبيك،
توحين لي بالنقيض والزمن الذي يجري
كالنهر على عقارب الساعة يرمي إليَّ حظوظ الآخرين
ويترك ثيابك الجليلة مهملة على عنق البرونز.
ينشدُّ منتصف بطنك كطاغية
وينفرج الورد بهالته الحمراء.
أن تأخذينني بجسدك البضِّ الذي يفوح
بالخناجر وإيماءات الجوع الذي يرمي إليَّ بالحيرة والحصار.
أن أتعلم لغة الجرأة وأرددُّ في السِّر
الذي يطغى على كلِّ وضوحٍ
ما أجمل النسيان في الهاوية الملآنة بالرمَّان،
ما أشهى خرير الشَّعر على الكتفين الصلبين كالغرانيت.
أن ترسلينني مصحوباً بالبنفسج إلى الخطيئة،
أتبعك وتتبعينني، أنبع منك وتنبعين مني
رجلاً وامرأة ينغرزان في عظمة التيه
ويركضان في حقول الفراغ.
أجيئك وتجئينني، يزنبقنا الحلم
ويهذي العطر من دوني للرخام المنسفح
على الأرض بكل لغات الماء.
أن تتغلغلي في الشرِّ وتغيري نبرة الخطوات
أن تطاردي الدُّوار وتفتحي الأقفاص
أن تطَّيري الخوف، أن تكسري البلاط
وتشرحي للدَّرج رنين قدميك
أن تسرعي الصعود إلى النسائم العليا
وتتباهي بالشذرات.
أن تهبنني لكلك، لبلل عينيك
أن تريِّضي الصواعق
وتجمعي لها أرواحها الضالة
أن تزينيها وتختاري لها الأسماء العجيبة
ثم تتركينها في قاع الطمأنينة
ترتِّب لكِ فوضى الأكواخ.
أن تخلقي كوكباً للقبة التي انبثقت في الاشتهاء كمنارة.
أن أرسم على ذلك الكوكب شامة
أن نمارس الاندلاع برشاقة، أن أنزل إلى الرجفة
وأتذوق طعم الرعشة تحت أرجوحة الذبح
أن أهجر الوحدة وأسكن الذروة قرب الشامة هناك.
أن نقتل الرتابة
ونزرع قامة الحب الرهيفة في كل زمان،
في كل مكان وأوان.
أن ننتشل موتنا بقضمة حبٍّ ونبيذ.
أن تعلمينني الصعود إلى الشمس
من متاهات العتمة في منتصف الليل
وتفرمي لي قلبك الطازج كالفجر
وتقولي: هاك مجدي.
أن تغمري الملكوت بالزعفران وأن تولمي المنضدة
بالورد وهفوات الربيع.
أن تنشغلي بما يؤجج الرغبة
أن تحققي الملذات
أن تكوني أعلى من الشهوة وألذُّ من خاصرة غزال
أن.. أن..
أن
أ
ء
نؤجج معاً أنشودة الحياة.
بون: 2003
أعلِّق الغياب على المشجب
وأصَّرح للسرير بالمباهج.
أنشئ الرقَّة في الأعلى
وأرمي عليها أنفاس النوم الأليفة عبر الأدراج.
أعقد مع الغرفة حلفاً وأرسم على الجدار قلباً يتوهج.
أشمُّ البركات من زأزأة القوائم وأجاور المجد المرتعش في الأضلاع
أداهم الشقرة خطفاً
وأحلُّ المئزر بأسيد الرغبة
ثمَّ أعالج بزوغ الملذات على الرخام المتأجج كهاوية.
بون 22/3/2003
الرؤوس تضيع بين القهقهات الصاخبة للسكارى
في الحانة المتربعة على خصر الشاطئ،
الساحرات يحرسن الموانئ المتوترة للرجال
هناك تحت قباب السفن المبحرة إلى البعيد
ويرشرشن على أفخاذهن نظرات البحر والبحارة
وفرسان المدِّ والجزر في قلة النوم.
البحارة، أولئك الذين يركبون قوادم البواخر
ويدلون بدلوهم في أحاديث المساء المتقدة تحت أشعة النجوم،
يتركون على قمصانهم آثار الأسرار اللذيذة والمنحنية بخفوت
على أفواه عرواتهم الفضية.
ما أبهاهم، فضاءهم منهمك بالرشاقة والخيال الشبق.
ما أحلاهم، ضياءهم يوصل ضوء القمر إلى القمر.
ينابيع تنفجر على المعاطف الزرقاء للكوكب الذي يتبختر
تحت هالة النور.
الساحرات يبغين اصطياد طيوف الرجال بمكر كبير وفتنة ملتهبة.
يحققن
ما يرغبن
وما يبغين
بسهولة
عجيبة ومدهشة!
في أقاصي الفرح قبعة ترد إلى جسد المساء غبطة العشب
وغياب الماء.
يتمدد بيني وبين الرخام مهرجان مترف بالجنون والحياة،
تغتسل بالابتسامات أردية السحر وولائم البلور المشتملة
على الأحلام وطبق الذكريات.
الغيمة تسير في المرايا المقابلة للنسيان، عاداتها اللثم
تعبر على شفتي مرتدية ثوباً أحمر كالدم،
تقول مهمهمة:
هذا اللحم لي خذه إلى أرجوحة اليأس المشرئبة من بعيد في جسدك
أتلفه لكي أشهق،
لكي أتوارى في السراب والنسيان.
الشموس الحائضات يسفحن على الأرض دفئاً غزيراً ونفاساً خصباً
الحدائق تغني للمسافات المسكونة بالخضرة
والأزهار الساجية على الشرفات الكئيبة.
اللذة تخترق بفيوض حاجز الأفق على مدار الوقت
الغابة تفك قيودها غصناً غصناً، وشجرة شجرة
اللون الأسود يذوي ويتجفف
التفاح يتسيد ويعمم شكل الصدور المكتنزة والممتلئة بالشهوة.
يطل دون كيخوت بشاربيه الطويلين مسترسلاً بهالة محارب،
مقارعاً طواحين مخيلته الطائشة ومردداً:
لا أريد أن يستقر فأس أرعن في رأسي،
لكني أبغي برعماً يتمرد على فصاحة الربيع.
الصورة المستقرة تحت تكات الساعة الذهبية
الكريستال الذي يداعب تلك الصورة بزهور زرقاء
حبات "الأسبرين" التي تطفئ الصداع والتهاب الصوت خلف الحبال
الشجرة الخضراء التي تصرخ أرانب مجففة على ساقيها،
تحاكي الكرة التي تبرز عتادها من خيط الشمعة.
المرأة التي تنسج من ذقن بابانويل كرات ثلج
وترسلها عبر بريد الأصدقاء.
كل هذا وهي مستندة على النافذة تداعب إجاصتها
وترنو إلى البياض الذي في الخارج
وأنا جالس خلفها
أراقب البطتين والفستان المشروخ من وسطه بمقص حكيم.
بون 27/12/2000
يأتي النواحي المجهولة لدغلها
يكنِّس الألغاز بهمة قنَّاص ورباطة جأش.
يشمُّ القبب
والأقواس
والجسور
ويرفع العلم كشجرة سروٍّ على تخوم اللِّذة.
يقرِّب النحاس
وينقر القارات الحسَّاسة.
يحرث الهاوية ويسدُّ مداخل الجمر.
يبيِّض الزغب ويرش الماء
يسكن،
يهدأ
ويتآلف..
ثم يخفت ويطأطئ رأسه منحنياً على المخدة
كحمل وديع!
بون 23/3/2003
إقرأ أيضاُ