- إلى محمود درويش –
وتترك حصانك وحيداً،
وتمتطي عربة من ذهبٍ تجرها الحمائم البيضاء،
واضعاً علي شعركَ أكاليل الغار،
تداعبُ مثل أورفيوس قيثارته المذهبة،
فتختلج من عذب صوتكَ الحياة بالأحجار.
لا تغمض عينيكَ الآن،
ولا تغبْ أكثر مما ينبغي،
فالسماءُ تهطلُ الشوك والثلج الحار،
والنجومُ تلوذ بالفرار،
فلا نسمعُ في الليل إلا حفيف القصب النحيل،
ولا نلمحُ أحداً سوى حلكة الظلام،
الموتُ يخذلنا، والحياة تخذلنا،
بينما نرقبُ السنين العجاف،
نتوسدُ سريراً من رملٍ وأمواج متجعدة،
مثل مسنٍ يائسٍ تِعبَ من انتظار أن تنخسهُ صبيةٌ صغيرةٌ بنظرة من عينيها الوقحتين.
بأمرٍ من الليل،
نحكمُ الرتاج،
نغلقُ علينا أبواب الصمت،
نتسلقُ الوقتَ درجاً درجاً،
بانتظار نجمة الصباح.
نحن وليناكَ أن تكونَ صوتنا،
أين ستأخذ عنا لهب الشعر المتموج المندفع عالياً،
أين ستأخذ صوتنا،
ماذا ستفعل بنفوسنا الطافحة بالدمع؟
كيف نمتطي في شِعركَ صهوة أحلامنا ونرى أنفسنا:
في الجب مع يوسف،
في الصلب مع الحلاج،
في زهرة الدم مع لوركا،
في بيروت مع صبرا،
في تل الزعتر مع أحمد،
في فلسطين مع الحجر،
لا تغمض عينيك الآن،
صوت الأمل سوطٌ يلهب أيامنا،
وبحر اليأس حبرٌ يُسطر تاريخنا،
لا تغمض عينيكَ الآن، ليس الآن وقت الرحيل،
فما أقل ساعات اللقاء، وما أقصر كلمات الوداع.