(شاعرة ومترجمة تونسية مقيمة في هولندا مواليد 1971 في سوسة بتونس، لها: «بطعم الفاكهة الشتويّة» دار النهضة العربية 2007)
لم أكن قد سمعت بهذا الاسم من قبل حين جاءت عائلة جديدة لتسكن الحي نفسه الذي نسكن فيه. إحدى بنات العائلة الوافدة كان اسمها: نازك. كان اسماً غريباً لم أتعوّد عليه. ومن باب الفضول سعيت إلى معرفة معنى هذا الاسم، فكان أن سألت أخي الذي يكبرني ببضع سنوات فقال إن الأرجح هو أن والدها اختار لها هذا الاسم حبّاً بنازك الملائكة!
هكذا اكتشفت نازك الملائكة، من اسم وصدفة، لكني حتى بعد هذه الحادثة لم أسعَ إلى معرفة الكثير عن هذه الشاعرة، ربما لأسباب تخصّني وحدي. فقد كنت في فترة المراهقة، ورغم كثرة قراءاتي، أتجنّب الأدب النسائي (رغم أني لا أحبّ هذه التسمية الآن). وعزوفي عن هذا الأدب سببه واحد، وهو خلوّه من أي إيحاءات جنسية، فقد كانت المرأة الكاتبة في ذلك الوقت (وربما لا تزال) تتجنّب الجنس في كتاباتها، وهو الأمر الذي لم يكن يتماشى مع متطلبات المرحلة العمرية التي كنت أمر بها.
لم أقرأ نازك الملائكة إلا مكرهة، وعلى مقاعد الدراسة، حين كانت بعض قصائد ديوانها الأول «عاشقة الليل» مدرجة في المقرّر. لكني في مرحلة عمرية لاحقة، وبعدما غادرني الهاجس الجنسي (أو بعدما طغت عليه هواجس كثيرة أخرى) بدأت أولي الأدب الذي تكتبه المرأة عناية أكبر، فسعيت بوعي مني إلى اكتشاف الكثير من الكاتبات والشاعرات، وقد شمل «عفوي» نازك الملائكة نفسها.
قرأتها تكفيراً عن خطأ وقعت فيه يوماً ما، وليس لرغبة أو ضرورة ملحّة شعرت بها، كما لم يقدني سياق معيّن قسراً نحو تجربتها.
لا أستطيع القول إني أحببت شعرها، لكن ما شدّني في تجربتها هو ذاك الزخم الجميل والحضور الطاغي للحسّ التجريدي في نصوصها. أعجبني أيضاً توظيفها الجميل للبُعد الذاتي لبلوغ ما هو إنسانيّ، وانسياب دلاليّ حركيّ صبغ جلّ نصوصها.