من مجموعة

توزيع "مؤسسة الأبحاث العربية" 1985

زوار الشتوة الأولى

زوار الشتوة الأولى
....................................
....................................
الربيع ما زال غطيطاً
....................................
ثرثرة في مكان آخر
جوار يتضاعف
الكثرة ضاحيتنا
الأقارب الذين لا نبصرهم
والأبواب التي تنطبق خلفنا

لأن ما نغادره
يغدو أخاً

أشباهنا الذين يتناسخوننا
يتلفون عدساتنا
حيث تغدو الأسرار بلهاء
حيث طرق الخارج
لا تؤدي إلى النسيان

حيث لا يدري أحد
أين غرقت المقبرة

الذي يتنفس قريباً

في الوراء
ما لم يتخلَّف بعد

ليست خطواتنا
هي التي ترشدنا
فنحن ندفع حطامنا
إلى الأمام

الذي يتنفس قريباً
لا يجتمع معنا

فضاء الخارج
بعد أن تعتذر اليابسة
فيما كل شيء
يصغي
إلى سلطته

القلاع النباتية

الدخنة أخت

السراب لا يتخفّى كسائح
بل يهرب كتلميذ
والذين يسهرون في العائلة
ينتظرون مروره

ما من أمل
في أن يبقى الغبار
على
طيّة
البحيرة
التي غادرها

الأحفاد ينحدرون
لا أحد يذكّر بأن مقنعي السفوح
نوافذ الهاوية الآن
كان يمشون
بين الشعب
وأن العاصفة
كانت عينين تتقدمان

لا أحد يذكّر بقناصل البحيرة
ولا الأشباه
الذين
تعاشروا/تعاركوا
بعضّات الفجر
والقلاع النباتية

ثلج الحافة

لن نتكلم عن الصعود إلى الحافة. الإنسان بقمته وهاويته، يشتعل في البعيد
حيوانات ميكانيكية، وأصحاب نصفهم دموع. الذين يكرعون من الفضاء، ربما اختفوا في أفواههم.
المصالحة على الثلج. سريرة للحيوانات وسرير للعشب. وهذا البريق النصفي يلمّع القمة ويوحش المسافات.

نسب الأحجار

الجبين دوماً على الحافة
الحاكم بعلو السنبلة

ثمّة أرض وسطى
للسقوط
خطٌّ
لنزهة المكواة

ما من أجنحة على القمة

بينما نقف في مخيلة أسد
مرهوبين
من أن نتلف فيها
قلاع عشب
وربما
فؤوس ياسمين
مأنوسين
بعيون الحيوانات

لا شك أننا لن نغادر
ما لم نُدعَ ثانية
إلى نوم الأرملة
الأقحوانة الراوية
وربَّما ساحرة القصّة
وستغدو أمّاً
قبل أن تطوينا
---- بلحظة ----
في الحكاية

في النوم ذاته
نغدو حفدة للنجوم
نسب الأحجار واللؤلؤ
الذي
لم يتحدَّر
بالدم

هل نقطف الجبل أيضاً
أو ندخل
---- على طية الصباح ----
إلى البحيرة

دخان القطب

الموتى دائماً أشباهنا. لذا يفسدون مخيلتنا

ربما هلكنا تماماً في الخطة، أو في العبور الثاني

الضباب المروِّض ينشر على الحافة
موسيقى الهاوية

دخان رجل يتفرَّق كامرأة

"ألسنا نتذكر شيئاً عن هذا القطب، ليتسنى لنا أن نخرج منه".

عدونا يدبِّر خفية عنا، أنه يساوينا فيما نجهله، ولن يتغيَّر شيء، ما دام يغفل نصره.
إنهم يتنادون. الفضاء يكررهم. القمة تعيدهم واحداً. لكنهم ينتثرون أزواجاً: كل يلاعب شمعته.

الحبل على عقدة الزهرة: معنى ما لعصفور

امرأة تدفن العائلة، في منام ضرَّتها.

يودعون الألغاز

زوَّار الشتوة الأولى
سقط الحبوب
فائض النوم
شموع الذي لا يتحقق

إنهم أولاد الخفية
أشقاء اللا أحد
يجدّون في تهريب الوقت
ونقل الربيع المحاصر

حين لا تعود الحكاية
تدر من أفواه متعددة
يخرجون أصدقاء/أعداء
يعلقون السلالم في الاتجاهات
حين يصبح الموت مهدَّداً:
يحفظون الشعلة في الحريق
والغياب في النسيان
وفي الموت نفسه
يودعون
الألغاز.

أبناء قبل مرور الطقس

دخنة هذا العام. دخنة وجوه كانوا أبناء قبل مرور الطقس. أخذوا على طيّة الشهور. عشب النار. الألفة ثم الغيبة. وها هم يتقدمون بأسماء أمراضهم. اللاأب الذي يدعو لكلٍّ صنوه. سلالة النكرات حيث لا يكون الواحد جذر الآخر بل دخانه.

نسياً كنت أيها الرسول. ولست طرفاً لشيء. لست ضيفاً لندنيك، ولا جرحاً لنضعك تحت السراج. لست نصراً لنربِّيك، ولا وعداً، لنجعل لك اثنتي عشر منزلاً للزوال.

لست خفياً لنعطيك قلباً.

حافة السنديان، والكأس، وحافة أشياء كثيرة. الغالب أن الوباء يتكلّم بيننا.

رهائن المستقبل

الحجاج يصلون. العاصفة أودعتهم هنا. على الباب نردان يتلاعبان. الطريق مقدار نومة. الإعصار ---- بين معلمي الطقس ---- يفرقهم ثانية على السبل. الشمس تعيد نثرهم. إنهم مشاع السحرة وعشب المغنطيس. إنهم أيضاً دموع الجاذبيّة. يقتاتون من الأسرار وغيرها. ويطلّون بهذه السحن الغريبة للشهور وسكان الشمال يتقدّسون للونهم وجفافهم. وينتقلون كدقات الطبول وإشارات الليل.

إنهم الطواطم الجدد للمعدّنين ومنظفي البراكين. يعيدون للحرارة خرافتها. ويردون الفساد إلى زرقته.

إنهم يجعلون للسيل قمة، وللندى كوكباً.

يبقون في أحد الرغبة. رهائن المستقبل.

جهات وآلهة

أشق الباب. الفتحة لا تكفي لخروج أول الضيوف.

الثوب النادر الذي تركته العناكب حينما انحلّت في العتمة، هو القميص الذي أهديه لأمي الميتة.

أتقدم وعلى وجهي صليب الرهينة. مكتفياً بالشموع التي تنطفىء خلف كتفيّ. والزمن الذي أخليه للغائبين. فقط العصفور لم يعد وسط غنائه. الربيع الثاني للأبدية.

ليس سوى العصا التي يتناقص شكلها. فالموت يأتي على رائحة الرغبة وبقوتها.

دم تركناه ليلهي الوحوش. الكهولة، حيث نغلط في الغيوم، عراك الشموع، المصالحة بين الذين حولتهم العداوة إلى جهات، وربما إلى آلهة.
إنهم هناك، حيث تركناهم، دموع أشياء باتت طعاماً للنجوم ---- ربما غدت أسناناً لها ---- إنهم يجتازون بسهولة أن تروي. قوة الغضب ---- وربما الكراهية ---- التي تتحول، على السنين، إلى عطر.

حين يبقى من الضجّة، من معركة البارحة، جرح يتناقص، وهو يبتسم.

الشقوق على أنغام ثلاثة.

.. يتبع