هالة كمال الدين

لأن الحوار بيننا إنعدم، ولغة التفاهم تدهورت، وساد منطق (أنا صح وأنت غلط)، وسيطرت نظرية (لن أسمعك)، واحتدمت الخلافات داخل مساجدنا واصبح الكل يكفر بعضه، فانهارت بيوتنا، وتفككت أسرنا، وتاهت رسالتنا وضاعت دولنا!
لذلك قرر الداعية عمرو خالد أن يقدم (دعوة للتعايش) فيما بيننا وهو عنوان لبرنامج يقدم (الأئمة الأربعة) كنموذج لاحترام الآخر والاستماع إليه. يقول الداعية في برنامج عرض مؤخرا على الفضائيات بأن الإمام بن حنبل يقول : تزوجت امرأتي ثلاثين عاما، فما اختلفت معها، فإما أن أرضيها و إما أن ترضيني! أما الإمام الشافعي فكان يرفع يديه في الصلاة ولكنه عندما ذهب ليصلي في مسجد أبوحنيفة لم يرفع يديه، وحين سئل عن سبب ذلك قال: فعلت ذلك احتراما لصاحب المسجد الذي يختلف مذهبه معي في هذا الشيء! ويصف خالد الشافعي بأنه إمام التعايش، فقد عاصر صراعا محتدما بين الشعراء ورجال الدين الذين كانوا يعترضون بشدة على كم الترف الذي بدأ يتسرب إلى الشعر وانصاع وراءه الجيل الجديد، فماذا فعل الشافعي؟ قرر أن يتفقه في الشعر، فحفظ ثلاثة آلاف بيت شعري خلال ثلاث سنوات، حتى بات الشعراء يلجأون إليه لتعلم الشعر، لدرجة أن الشاعر الكبير الأصمعي قال انه تعلم الشعر على يد الشافعي! وعن الإمام أبوحنيفة قال بأنه اعترف في عام 83 هجريا انه غير قادر على إيصال الفقه الإسلامي وحده.. فماذا فعل هو الآخر؟ لقد أسس أكاديمية تضم خمسين مفكرا حتى يتناقشوا ويتباحثوا جميعا ومن ثم تصدر الفتوى أو يتحدد الرأي، وبالتالي جاءت نصف آراء أبوحنيفة من الناس من حوله، فقد كان بارعا في تقبل الآراء التي تعاكس آراءه الشخصية. يؤكد عمرو خالد على أن الأئمة الأربعة كان بإمكانهم أن يقتتلوا وان تسري بينهم بحور من الدم.. لكنهم كانوا نموذجا وقدوة للتعايش مع الآخر واحترامه وسماعه، وهو ما نفتقده اليوم على مختلف الأصعدة. أما السر الذي يريد أن يقدمه لنا الداعية من وراء هذا البرنامج فهو إيجاد مساحة مشتركة بيننا وبين (الآخر) سواء كان هذا الآخر زوجا أو زوجة أو أخا أو أختا أو صديقا أو عدوا أو دولة أو ديانة أو... فهذه المساحة المشتركة هي التي ستمكننا من مد الجسور بيننا وبينه بدلا من إقامة الحوائط! هو أول برنامج عربي يبث على فضائيات عربية وغربية، وسوف يدبلج بعدة لغات، إنه محاولة لتقديم أسلوب متحضر للتفكير، لا يلغي وجودنا، وإنما يمنحنا الفرصة للتعايش مع الآخر بسلام!

*****

تعازينا الحارة

قحطان القحطاني

رغم اني أضم صوتي الى الجمعيات الأربع والخمسين، التي أصدرت بياناً تشجب وتستنكر فيه تكوين لجنة تحقيق برلمانية ضد الفعاليات الثقافية والعروض الفنية المستمرة في مملكة البحرين، ورغم ولائي الشديد وانتمائي للفن والثقافة اللذين خرجت من رحمهما، ورغم دعواتي المستمرة لعدم خنق الحريات، وترك الناس في حال سبيلهم، فإن المقصود ليس الثقافة
والفن وحدهما فحسب، أو فعالية ربيع الثقافة بعينها، بل انها سلسلة طويلة لا تنتهي من فرض اللاءات والمجتنبات والبدع والتحريمات التي عانيناها منذ مدة ليست بالقصيرة. كلكم يعلم ان الهيمنة الدينية على حريات الأفراد، وفرض الرأي الواحد قسراً قد تجاوزا الجدران الأربعة لأماكن العبادة، وانتقلت الى الشوارع والمنازل والأماكن العامة، بل تعدتها الى غسل أدمغة الأطفال والناشئة منذ نعومة أظفارهم، وما كل هذا الضباب الأسود الذي يتشح به مجتمعنا الا ثمرة جهود وتعاليم طويلة من العمل الخفي المتقن، الذي تجاوز في سريته عمل الخلايا السرية في زمن الثورات والانقلابات، وقد حدث كل ذلك على مدى سنوات طويلة، في الوقت الذي كانت فيه القوى التنويرية التقدمية إمّا في المنفى، وإما متشرذمة مهلهلة في الداخل. ان التغلغل في حياة الأفراد وطمس حرياتهم، يتجاوزان رقصة تعبيرية فنية في احتفالية ثقافية الى أبعد من ذلك، لقد وصل حدّ التجاوز الى ماذا يجب عليك أن تلبس، وفي أي مطعم عليك أن تأكل، والى أي بلد عليك أن تسافر، ومع من تختلط، بل كيف عليك أن تتكلم وأي عبارات عليك أن تستخدم. هل نسيتم مهاجمة الحفلات الغنائية في السابق؟ وهل نسيتم قانون الحشمة في الجامعة أو الاستبسال في سبيل السماح للمنقبات بقيادة السيارة؟ وهل تغافلتم عمّا تمليه الأجهزة الاعلامية المرئية والمسموعة من آراء دينية متطرفة في برامجها أو تلك الهجمة الشرسة على المرافق السياحية في البلاد؟ ان البيان الصادر عن الجمعيات الأربع والخمسين - ولو انه جاء متأخراً - فهو يعبر عن أصوات كثيرة وفاعلة في المجتمع البحريني، ولها دور ريادي كبير في مجال العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي عبر عقود طويلة من الزمن، ويجب ألا ينتفي هذا الدور، وانما الالتفات اليه جدياً من قبل السلطة العليا في البلاد، والا فانه اذا استمر هذا المدّ من قبل بعض النواب المتخندقين، فلن يسعنا الاّ أن نُجهش بالبكاء على أضرحة الفن والثقافة والفرح.

*****

هؤلاء ... خطرون

عادل مرزوق

لا تقف مسألة التحقيق في مهرجان ربيع الثقافة عند الحدود الاعتيادية لما ألفناه مسبقاً من ضغوط دينية أو نيابية أو حتى اجتماعية تجاه أي من فعاليات البحرين ذات العلاقة بقطاعي «الثقافة»و«الفنون». لكنها - دعاوى التحقيق - تعتبر فرصة مناسبة للاستعراض الذي يبحث المستعرضون من ورائه إلى تأكيد سطوتهم الكهنوتية، والتي ستأتي من وراءها على البحرين تبعات وتبعات.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم يحاربون الثقافة فحسب، بل لأنهم في الوقت الذي يجعلون فيه من البحرين مكاناً آمناً للمطلوبين في مصر والولايات المتحدة بقضايا الإرهاب هاهم يحاولون صناعة حاكمية اجتماعية جديدة لدينا. وهي حاكميتهم الاجتماعية وحدهم من بين شتى الحاكميات الأخرى، والتي تعودت على التجاور والتصالح في البحرين دون أن تطغى واحدة منها على أخرى.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم يحاولون تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، ولا يزايدن أحدٌ على الأخر في الدين. بل لأنهم يسيرون بالبحرين نحو مفهوم «الإمارة الإسلامية» التي شربوا حليبها في طفولتهم وفق نظام تعليم إسكولاستيكي خرف.

نحن في البحرين لسنا في ولاية أو إمارة، إن هي إلا مملكة دستورية، فمن أراد البقاء فليبقى، ومن أراد الرحيل فليرحل.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم يخافون من هدر المال العام في فعاليات ثقافية كما يدعون، فهم أنفسهم قبل أشهر من الآن من فُضِحَ أمرهم إذ كانوا يرصدون الملايين من الدنانير في مشروعات «إقصائية» ضد الوطن نفسه. فالمال في حساباتهم المجنونة ممنهج لمشاريع السيطرة والتحكم بالبلاد والعباد.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم ينتقدون مؤسسات الثقافة في البحرين، بل لأنهم لا يتجرأون على مؤسسة ما بالنقد والمهاجمة إلا أن تكون طموحاتهم قد تمت سلسلتها لتنتهي بالسيطرة على ما يهاجمونه من مؤسسات. وإذا ما دخل هؤلاء لمؤسسات الثقافة في البحرين أو سيطروا على زمام الأمور فيها فإن أسطورة في ثقافة الرجعية والتخلف في البحرين ستبدأ معهم.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم ينتقدون الفنان مارسيل خليفة أو الشاعر قاسم حداد أو المفكر محمد أركون فحسب، فحرية النقد مكفولة. بل لأنهم يسعون إلى أسطرة مفكريّ الظلاميّة والرجعيّة في البحرين والوطن العربي أملاًَ في إتمام عملية التغليف وصناعة الجهل المؤسساتي، بتعبير محمد أركون.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم يمسكون بزمام المبادرة نيابياً بدعوى الأغلبية. بل لأنهم لا يدركون حقوق «الآخر المختلف». فهم أحاديون واحديون، لا يقيمون للإختلاف أي اعتبار، فإما أن تكون معهم أو أن تدفع - صاغراً -مقررات الجزية. ولعمري تبدو جزية الثقافة باهضة، تقترب أن تساوي شعباً بأكمله.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم يمسكون بحق التأويل والإفتاء وتأطير المجتمع البحرين تحت دعاوى الأخلاقوية المتأخر بل لأنهم - أنفسهم - أكبر خارق للأخلاق وشتى مقتضيات الأنسنة. هم يشترون كل شيء، ذمم الناس، أصواتهم، وحتى كراماتهم التي لا يقيمون لها وزناً إن لم تكن وفق أجنداتهم السريّة.

هؤلاء لن ينجحوا، فالبحرينيون الذين قدموا للبحرين أنفسهم وأيامهم قادرون على التصدي لدعاوى الانزياح للوراء، قادرون على تقبل المزيد والمزيد من أعداء الإنسانية والثقافة، فهم أهلها، والأولى بها. وإن كان للشر جولة ينتصر فيها، فإن للخير والحب والإنسانية الحقة جولات.

الوسط- 17 مارس 2007

****

تحية للشورى وحكمة للنيابي

عادل مرزوق

المفترض هو أن يكون المجلس النيابي ممثلاً للمجتمع المدني في المؤسسة التشريعية. وهذا ما أثبت المجلس النيابي نقيضه حين أتى على مهرجان ربيع الثقافة بمحكمة تفتيش لا تدرك خطورة ما تفعل.

الكفة الأخرى في التشريع «مجلس الشورى» حفظت شيئاً من ماء الوجه، وذلك حين دعمت بموقفها بيان 53 مؤسسة مدنية أعلنت تأييدها للمهرجان واستنكارها لمجمل تفاعل المجلس النيابي مع الحدث.

نتوقع المزيد من الإخفاقات للنيابي وفق نسقه الذي يعمل من خلاله اليوم، تناحر «طائفي» واضح، وتوافق إسلاموي ضد شتى مضامين الحرية بشكل أوضح. يبقى أن نتطلع لمجلس الشورى بنظرة محايدة نسبياً حتى الآن أملاً في أن يخلق حال التوازن المفقودة في المعادلة التشريعية برمتها.

الرئيس الصالح وأعضاء الشورى لابد أن ينفكوا من تبعة الصورة التاريخية السلبية لأعضاء الشورى، والتي ساهمت خطابات المعارضة في تأصيلها بهدف تهميش غرفة الشورى. اليوم، تجلس الوفاق في «النيابي» معترفة - شاءت أم أبت - بالغرفة المقابلة. وعليه، لابد لأعضاء الشورى من أن يساهموا في إعطاء المجتمع البحريني الثقة بأنهم لا يمثلون مجلس «إمضاء قرارات»، أو أنه مجلس مسلوب الإرادة والفاعلية.

يحتاج أعضاء مجلس الشورى أن يعطوا مواقف أكثر تجاه دعم الحريات من جهة والمشاركة في العملية التشريعية بكفاءة من جهة أخرى. على أن لا تكون هذه اتجاهات هذه المواقف في خط واحد.

كان إعلان الرئيس الصالح بأن الشورى سيرفض عقوبة «حبس الصحافيين» في قانون الصحافة والنشر بادرة خير، ويأتي موقف المجلس تجاه ربيع الثقافة ليعطي إشارة إيجابية أخرى. ونتطلع في الأيام القادمة إلى مواقف جديدة للمجلس تستطيع أن تلفت الأنظار إلى دوره الذي من المفترض أن يضطلع به كشريك تشريع ورقابة لا ينقصه شيء.

وفي الجهة الأخرى، نخشى أن يستمر الحال بالمجلس النيابي على ما هو عليه من تأزيم الملفات لا حلحلتها. والأكثر من ذلك اتجاهه لمعاداة تطلعات الناس لا التوافق معها. البحرينيون وعبر 53 جمعية سياسية واجتماعية وحقوقية ومهنية صوتوا مع ربيع الثقافة، فهل يقوم السادة النواب بإعادة قراءة لخياراتهم الضيقة التي تبنوها ليصححوا وضعهم الذي لا يقف مقابل طموحات الشارع البحريني بالضد.

الخطر الكبير هو أن تستمر بوصلة المجلس النيابي على عكس عقارب الساعة مع الناس، وحينها سيكفر البحرينيون بالمجلس في فرصة إثبات الوجود الثانية، والتي تبدو الفرصة الثانية والأخيرة.

****

عن الهجمة الشرسة على ربيع الثقافة المعركة تاريخية بين المسدس ورقاب العصافير

سيد ضياء الموسوى

عجبي يزداد من كل هذه الهجمة الشرسة على ربيع الثقافة ومن كل الأطياف الدينية، وأرى أن بعضهم قادرون على اصطناع الغضب .
عشرات المواسم التي تقام في البحرين من كل هذه الأطياف على شتى أشكالها ،ويتم جلب عشرات الشخصيات المتوترة طائفياً ومن كلا الطرفين حتى نشهد معارك كلامية في البحرين وبعضها داخل في الجدل الطائفي على القنوات ولم يتحرك أحد ضد ما طرح.
لو فتشنا الأدبيات لوجدنا العشرات من الثغرات التي تشكل إشكاليات قانونية من حيث إثارة الطائفية، ومن حيث استعداء الآخر ولم نر مثقفاً واحداً استنكر ذلك ، محافل تصل إلى درجة السباب والشتم المتبادل ولم نقل شيئاً.
في فترة الانتخابات مورست الوصاية الدينية بكل أبعادها من ترهيب وتخويف، ومن أغلب الأطياف الدينية وصمتنا ولم نقل شيئاً رغم يقيننا ان مايطرح ليس من الإسلام، فالإسلام أكبر من داكين الفتن ومن الأحزاب العصابية ورغم ذلك صمتنا ، يحرضون الناس على أي رأي مستقبل ويتم تفخيخهم بالإشاعات ويتحول الإنترنت إلى شتائم وصمتنا ليس خوفاً وإنما حفاظ على جمالية مناخ الوطن ولم يقدر ذلك.
يتم جرجرة الشعارات من الخارج، والصورالسياسية ،وشهدنا صوراً لكل رموز الطرفين في المظاهرات وصمتنا.
بل نجد الاصطفاف بلغ أوجه بين مؤيد لشعارات إيرانية وشعارات أفغانية أو عراقية حتى وصلت العملية إلى مجلس النواب السابق في جرجرة الفلوجة والنجف إلى البرلمان، ومن جرجرأدبيات إيران إلى البلاد، ورغم ذلك صمتنا رغم خطورة وضع المنطقة وتوتر الوضع ولم نتدخل ولم نطالب قانونياً بأي موقف، أيهما أخطر على البحرين ربيع الثقافة أم ربيع الأدبيات الإيرانية والأفغانية؟ أيهما أشد خطراً على الأمن القومي في وضع إقليمي قابل للانفجار بين أمريكا وإيران.
الأمر قد يصل حتى إلى المناهج التربوية وتعليم الأطفال من كلا الطرفين في مخيمات ومعاهد ومدارس وإلخ وصمتنا .
عشرات القضايا التي تمر ونمررها لأننا نريد الخير للبحرين، ولم نقل شيئاً وبعد ذلك يتم الاصطفاف لأجل ذبح ربيع الثقافة على مسلخ الأيديولوجيا فهذا مالايمكن السكوت عنه.

من منطلق المسؤلية الدينية والثقافية نقول : لن نقبل إيقاف ربيع الثقافة ويجب عدم اختزال البحرين عند فكر خاص أكان سنياً اوشيعياً.
لكم أن تبدو كل تحفظاتكم على ربيع الثقافة، لكن أن يغتال المشروع بأكمله بحجة الخوف على الدين فهذا مالايمكن قبوله.
إن مثل هذه الأدبيات المغلقة هي التي فجرت العالم .
إن التشدد ومحاربة التعددية هو الذي ذبح العراق وراح الشباب المسلم يفجر إخوته في العراق بسبب اللغة المتشددة باسم الخوف على الدين.
لكم أن تبدوا آراءكم لكن أن تكمموا الأفواه، وتقطعوا الأصابع باسم الخوف على الدين فهذا مالا يقبل، على كل مثقف متنور ألا يسكت ولنبدأ بالكتابة وعدم السكوت فنحن أيضاً بحرينيون من حقنا أن نمارس حريتنا دون وصاية الجبة أو زعيق النكتاي.
الذي أضعف الإسلام هو التزمت ،هو التطرف هو العنف والإرهاب .
الذي أربك الواقع الإسلامي هو تعبئة الشباب سيكولوجيا ضد بعضهم البعض في احتكار الحقيقة وفي الشتم المتبادل للمقدسات حتى بات إسلامنا الجميل غريباً في هذا العالم .
نعم قولوا إن في ربيع الثقافة خطأ بنسبة 03 في المئة أو 04 في المئة لن نختلف معكم ،هذا حقكم. أما أن تلغوه بأكمله، فهذا مالا يمكن قبوله ، سيعود أدونيس للبحرين ليغرد على كتف المنامة كعصفور يحلم بعودة الربيع، سيعود مظفر النواب وأتمنى من جمعية وعد أن تتحفنا بزغردات مظفر، سيعود محمد أركون لنناقش معه مشاريعه ، نقبل بعضها ونرفض بعضها، لكن لنا أن نحترم معرفية الرجل وقيمته الأكاديمية ونتمنى من كل متحفظ أن يجلس معه على طاولة نقاش لا أن يشتم بالمنابر.
هناك من يروج ويرسخ في عقول الشباب ولاية الفقيه وصمتنا، وهناك من يروج لولاية الأمير في تورا بورا وعودة الخلافة وصمتنا ورغم ذلك يراد أن يذبح حتى هذا الصمت؟
نحن نرفض أي أدبيات لتقسيم المجتمع الجميل في البحرين .
نحن نقبل كل هذا الصياح وكل لجان التحقيق، لكن هل لنا ان نطالب بلجان تحقيق في مصروفات الخمس والزكاة ؟
هل من كشف حساب في ذلك؟هل لنا أن نعقد لجان تحقيق عن البوسترات لزعامات تدول بل ودعوات للاصطفاف؟
هل هذه الدول تقبل رفع صور زعماء من دول أخرى في بلادها؟
نرفض لبننة البحرين أو أفغنتها .
لا أحد يستطيع احتكار قرار البيت الشيعي أو السني في أشخاص.
حتى لايزايد عليّ أحد طالما كررت أن أتحفظ على أي خطأ اخلاقي إذا ماحدث في ربيع الثقافة، ولكن ليس لأحد ان يلغي كل المشروع لخطأ هنا أو هناك والسؤال:هل احتفالات المواسم الثقافية من قبل المحتجين بلا أخطاء ، الأرشيف موجود ولنا ان نقيم لجنة وسنكتشف حجم الكوارث ورغم ذلك صمتنا.للأسف كنا نتمنى لجنة للخبز والفقراء واذا بها تتحول الى لجنة لمحاكمة الثقافة! مسكين أيها المواطن الفقير طارت الطيور بارزاقها وكل سنة وأنت طيب، أدونيس أيها الشاعر الجميل ، إن معركة المسدس مع رقاب العصافير معركة قديمة، ولن تنتهي بسقوط العصفور، فلابد أن تنتصر الرقبة على المسدس ، وأن عصفوراً واحداً كأدونيس يغرد في صباح ربيع الثقافة في البحرين كفيل بعودة الربيع ، إن استدعاء محاكم التفتيش من التاريخ الكنيسي وزرعها في البحرين لن تميت البحر ولن تهزم الطوفان.

الوطن- 18 مارس

****

الدور المنتظر

سوسن دهنيم

منذ متى وأنتم أيها النواب ورجال الدين المتشددين تهتمون بالثقافة أو الفن حتى تتورطوا اليوم في قضية لا تعرفون تفاصيلها؟
هل حضر أحدكم العرض أم إنكم جميعا استندتم لصور ربما تكون مغلوطة أو إن قلنا بصحتها فهي تمثل عشر الحقيقة فكنتم كمن قرأ قوله تعالى: ''ولا تقربوا الصلاة'' دون أن يكمل الآية الكريمة؟
هل نسيتم أم تناسيتم أم أنكم تجهلون فعلا مشوار قاسم حداد ومارسيل خليفة ''النظيف'' الراقي الإنساني الملتزم، بخلاف مشوار البعض والذي يتواجد اليوم في أماكن أكبر من حجمه ومقامه؟
هل تقوم ثائرتكم اليوم وأنتم لم تسألوا أنفسكم ولو لبرهة: ما الذي يمكن تقديمه للثقافة، وكيف يمكنكم تدارك ما أخفق فيه النواب السابقون وما وقعوا فيه من تجاهل للثقافة والمشاريع الثقافية؟
بدلا من أن تحاربوا الربيع، قدموا - يرحمكم الله - اقتراحات لتطوير الثقافة وإنشاء مراكز وصالات ومسارح يلوذ إليها المثقفون، فكروا بتكريم المثقفين إذ أنه الأجدر بكم أن تقوموا أنتم بتكريم شاعر بحريني طالما نال التكريم من خارج موطنه الذي لم يعرفه كمبدع إلا في السنوات القليلة الماضية - رغم إبداعه - كقاسم حداد لا أن تحاربوه بعد أن كرمه البعض كما يرى.
نواب بعيدون عن الثقافة والمثقفين وكأن الثقافة اليوم بل وقبل الربيع هي رجس من عمل الشيطان، فطوال ترددنا على الأمسيات والمسرحيات والحفلات الموسيقية الراقية والندوات الفكرية المثمرة لم نجد أيا منكم يقدم الثقافة على منصبه بأي شكل من الأشكال، ويخرج من قمقمه وبرجه ليختلط مع المبدعين باختلاف ألوان إبداعاتهم.
لقد حولتم البرلمان إلى أضحوكة بما أردتم، لكنكم جمعتم قلوب المثقفين والمهتمين بالثقافة والصحفيين والصحافة على اختلاف مساراتها وتوجهاتها للتكاتف من أجل نصرة الثقافة، ربما يجدر بي هنا أن أشكركم لأنكم أتحتم لنا ذلك..!
حولتم البلاد إلى أضحوكة عندما لم تقرعوا الأبواب سلميا بسبب لقطات استمرت على المسرح لدقائق وتجاهلتم ثمار الأحاديث الودية التي كان من المتوقع منكم - قبل ما جرى - أن تلجأوا لها، فأبواب القائمين على المهرجان لن تغلق في وجوهكم إذ لم نعتد نحن - كبحرينيين - أن نغلق أبوابنا أمام أي كان، وصعدتم الموضوع منذ البدء بعد أن سمعتم أصوات الناعقين ونسيتم أصوات عقولكم.
أتمنى أن تتحول اللجنة التي تريدون من لجنة للتحقيق في ربيع الثقافة إلى لجنة لتطوير ربيع الثقافة القادم وتطوير الثقافة بشكل أوسع.

أقرأ أيضاً: