عبدالرحمن النعيمي
(البحرين)

يبدو أن البحرين ستشهد انقسامات اجتماعية وثقافية طبقية من طراز آخر يختلف عما أراد (تقرير البندر) ان يوصل البلاد إليه.
فمجنون ليلى الذي افتتح به قاسم حداد ومارسيل خليفة ربيع الثقافة في البحرين بات حديث الساعة، عنوان المعركة، الهاجس الأساسي لدى كثرة من القوى والجمعيات والفعاليات السياسية والدينية، حيث اعتبره (السيف البتار) وهو التعبير المفضل للنائب محمد خالد من زمرة المنبر الإسلامي، ربيع السخافة، أما نواب الشعب من الكتل الدينية، من الوفاق الى الأصالة والمنبر الإسلامي، فقد اعتبروا ان هذا المجنون أخطر بكثير من (البندر وتقريره) بل واخطر من تقرير (الرقابة المالية) ومن سائر الفضائح التي تزكم الأنوف بما في ذلك (تجميد التداول في العقارات في المحرق والحورة) لأسباب معروفة من الجميع لكنها مغطاة بحجة الحفاظ على المناطق الأثرية القديمة في هاتين المحافظتين أو ما تم اختزاله (منطقتين).. وبات الهم الأساسي للكتل الثلاث تشكيل لجنة للتحقيق في الشعر والأداء والعرض الفني الإبداعي، ويقول البعض بأن هناك من قرر إحالة (المجنون) الى النيابة العامة، في مشهد ذكرنا برقيب الكتب في احد الدول العربية الذي عرض عليه كتاب مايكل أنجلو وبه صور عارية، فطالب صاحب المكتبة بأن يطلب من الفنان ان يكون أكثر حشمة وان يستر عورات النساء في لوحاته!!
إنها الأخلاق التي يخاف النواب وزمرة الموالين ومن يسير في دبرهم ان تختفي من البحرين، وأية أخلاق؟ إنها أخلاق النفاق والرياء والدجل والمديح والتطبيل والتزمير لكهنة الأراضي والأسهم والعقارات والسلطة.. إنهم يخافون أن يصبح الناس مجانين، يحبون بعضهم الى درجة العشق الإلهي الذي عبر عنه الحلاج، يذوبون في بعضهم البعض، لا يعرفون المذهب ولا القبيلة ولا اللون، الى الدرجة التي يعود الاثنان (الرجل والمرأة) الى طبيعتهما الإنسانية كما خلقهما الله، حيث بدون الحب لا يمكن ان يحيا الانسان.. حبه للآخر أو لعمله أو للوطن أو للإنسانية، وإلا انتمى الى الفرقة البوشية (التي تريد تعميم ديمقراطية الصهاينة والذبح على الهوية في العراق) أو الفرقة الناجية التي تريد تصفية الآخر.. لتطهير البشرية من الجاهلية بما في ذلك جاهلية الحب والعشق والسمو الإبداعي..
على الجانب الآخر، وفي الوقت نفسه، يتزايد الحراك العمالي، في القطاعات الحكومية والشركات والقطاع الخاص، مطالباً بزيادة الأجور بالدرجة الأساسية، حيث يزداد البعض سمنة الى الدرجة لا يمكن تصورها في الوقت الذي لا يستطيع الكثير شراء السمك في بلاد البحرين حيث وصلت أسعار غالبية أنواعه الى درجة ستحول غالبية شعب البحرين الى نباتين، قبل ان يلاحقهم تجار الخضرة الذين يراقبون بدقة هذه التحولات ليرفعوا الأسعار أيضا في غياب عدم اهتمام حكومي الا من توزيع الوعود ومزايدة الأقطاب على بعضهم البعض، حيث يعد احدهم ببناء ألف وحدة سكنية في المحرق فيقوم الآخر بإطلاق وعد ببناء عشرة آلاف وحدة لحل مشكلة الإسكان، ليقوم مطبل آخر بالدعوة الى تسمية المولود باسم الفلتة التاريخية قبل الولادة!!
الحراك العمالي يوحد الطبقات المسحوقة في البحرين، من خلال النقابات العمالية والعرائض التي باتت الموضة التي نشاهدها في كافة المواقع.. فلا بد من زيادة الأجور، ولا بد من تثبيت العامل البحريني، ولا بد من البحرنة والتخلص من كثرة من المدراء والفنيين والعمالة الأجنبية، ناهيك عن التجنيس السياسي الذي يعبر عن تخبط السلطة في مواجهة المطالب المعيشية والسياسية لدى القطاعات الواسعة من المواطنين، فتهرب الى الأمام بتجنيس من هب ودب لتحقيق حلمها في التوازن الطائفي.. وقد تزايد الحراك العمالي في ذكريات مارس، حيث عرفت البحرين الانتفاضات السنوية والموسمية المتكررة العنيفة في هذا الشهر مطالبة منذ الثلاثينات من القرن المنصرم، بتحسين أوضاع العمال وزيادة الأجور، وحق العمال في تشكيل نقابات لهم.. ولا تزال المطالب مستمرة، حيث ترفض الحكومة السماح لعمالها - وهي رب العمل الأساسي في البلاد- تشكيل نقابات تدافع عن حقوق العمال والمستخدمين، مفضلة التعامل الفردي الطائفي العرقي في وزاراتها، حيث باتت بعض الوزارات مزدهرة بأرباب الفرقة الناجية والموالين والطائفيين والطبالين من مختلف الأعراق.

مجنون ليلى وبطله المحلي العربي العالمي، قاسم حداد، منذ بداية الربيع وللوقت الحاضر، يعيد رسم الخريطة السياسية والثقافية، والصراع السياسي في البلاد جنباً الى جنب مع الحراك العمالي الذي لا يمكن ان يرتكز على الطائفة أو العرق أو اللون أو الجنس (المرأة والرجل)، فحيث التقت كثرة من الأطراف الطائفية لمواجهة هذا الحب الذي قد يوحد الشعب.. ويعيد الاعتبار للإبداع والفن والموسيقى والحياة والضحك والعلاقات الإنسانية الراقية التي لا يمكنها الا ان تتطور بالاتجاه الثنائي (ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم).. فان هذه الهجمة المتخلفة التي عبرت عنها بعض الصحف والجمعيات السياسية والدينية وتداعى لها مجلس النواب ليشكل لجنة للتحقيق، باعتبار أن البلاد قد وصلت الى خطر كبير، يتجاوز (الصفوية، والوهابية، والتجنيس السياسي، والمؤامرات الإيرانية، والبندر.. الخ)، قد استنهضت في الوقت ذاته كثرة من المثقفين الحقيقيين والمبدعين والقوى السياسية التقدمية التي ترى بان الوجه الآخر للبندر قد تم التعبير عنه في هذا الحلف الذي يريد جر البحرين - دلمون الحضارة والتاريخ الى طالبان.. وفي الوقت الذي يعبر الفن وربيع الثقافة عن هذه الإبداعات التي تميز بها مثقفو البحرين، فان الطبقة العاملة التي وقفت طيلة القرن المنصرم عقبة حقيقية كبيرة في وجه الطائفية.. تشق طريقها، موحدة صفوفها لمواجهة الارتفاع الفاحش في الأسعار والتوحد في مواجهة الفقر وتدني الأجور والاستغلال الفاحش.. معبرة بذلك عن رفضها للوجه الآخر للبندر الذي أرادت السلطة ان توصل شعب البحرين إليه.. فإذا بالظلم الاجتماعي والاقتصادي والنهب والجشع لدى زمرة من الطفيليين والسلطة يوحد من يريد حياة حرة كريمة، وعملاً وتعليماً وخدمة صحية وإسكانا لائقاً ببني البشر في المحرق وبني جمرة وسترة وقلالي والرفاع وغيرها من قرى ومدن وأحياء البحرين دون تمييز طائفي أو عرقي.
دون الحب لا يمكن ان نؤسس حياة عائلية مستقرة..
ودون الحب وتجاوز الخلافات والصراعات الثانوية، والتركيز على المصالح المشتركة بل والتنسيق بين كل العمال والنقابات العمالية لا يمكن ان نؤسس لحركة نقابية وعمالية تواجه تنسيق الرأسماليين مع بعضهم البعض (فالرأسمالي لا يعرف الحب الا حب المال)..
ودون الحب الى مستوى مجنون ليلى لا يمكن للحركة السياسية التقدمية مواجهة كل البنادر وكل البوشات ناهيك عن من يبشر عباد الله بالحور العين والقصور وأنهار الخمر واللبن في الحياة الآخرة وهو في أحضان السلطان في الحياة الدنيا!!
راقبوا البحرين.. إنها تستحق من يقف معها في معركة الثقافة والكرامة.

03/20/2007

التجديد العربي- http://www.arabrenewal.org/
                      http://www.arabrenewal.org/articles/2150/1/NEiU-CaEPCYE-aeCaYPN-aeINiY-CaNoEU/OYIE1.html

****

فيما «جهة الشعر» تنشر نص الكتاب كاملاً

القاسمي ومنظمات عالمية يدافعون عن «المجنون»

خالد الرويعي

بدأت يوم أمس الأول أولى جلسات لجنة التحقيق البرلمانية في عرض ‘’مجنون ليلى’’ لقاسم حداد ومارسيل خليفة، حيث شكلت اللجنة برئاسة النائب إبراهيم بوصندل و6 آخرين من أعضاء المجلس، وبدا واضحاً على رئيس اللجنة تراجعه في عدد من التصريحات، إذ صرح لأحدى الصحف المحلية بأن العرض تضمن ‘’حركات خارجة عن نطاق المألوف’’ وهي عبارة لم يسبق لبوصندل قولها عندما تحدث عن العرض قبل بضعة أيام. وفيما تستعد لطلب شريط الفيديو من تلفزيون البحرين، لا تملك اللجنة سوى صور مبتورة من سياق العرض و’’بعض الأشعار المتنافية عن ثوابت الدين’’، وفق ما صرح به.
ومنذ تقدم ‘’الأصالة’’ بمشروع تشكيل لجنة التحقيق، تتواصل أصوات التأييد والدفاع عن شاعر البحرين قاسم حداد والفنان مارسيل خليفة، فيوم أمس الأول أهدت الشاعرة الإماراتية ميسون بنت صقر القاسمي والفنان محمد حداد (الابن) إحدى مشاركاتهما في مهرجان الدوحة الثقافي لمارسيل وحداد تعبيراً عن تضامنهما لما يتعرضان إليه.
وفي الوقت نفسه، بدأت منظمات ومؤسسات عالمية بالتنديد والاستنكار لما يتعرض إليه الواقع الثقافي في البحرين، فالمنتدى الثقافي اللبناني في فرنسا دشن عريضته أخيراً ‘’دفاعاً عن ربيع الثقافة.. دفاعاً عن ثقافة الحب والحياة’’ والتي وقع عليها عدد من أعلام الثقافة العربية والعالمية.
على صعيد آخر، بدأ تجمع ‘’فريميوز Freemuse’’ بتبني القضية وطرحها على وسائل الإعلام العالمية، حيث ينشط هذا التجمع في الدفاع عن المبدعين، وتوثيق الانتهاكات وإبلاغ وسائل الإعلام، ومنظمات حقوق الإنسان والناس عموماً.
وفيما تتواصل الاحتجاجات على تشكيل لجنة التحقيق بشأن نص ‘’اخبار المجنون’’ لقاسم حداد، تتناقل عدد من المواقع مقتطفات من نصوص الكتاب، وقد دشن موقع ‘’جهة الشعر’’ أخيراً نص الكتاب كاملاً، والذي صدرت منه طباعات مختلفة منه منذ العام ,1996 والذي لايزال محط اهتمام الباحثين والنقاد في الجامعات والأكاديميات العالمية.

الوقت
30 مارس 2007

****

محاكمة الضمائر في عهد الانفتاح

عبدالله الأيوبي

بالإجماع المثير للدهشة الذي خرج به مجلس النواب بقرار تشكيل لجنة تفتيش في تفاصيل ما احتوته فعاليات ربيع الثقافة من لقطات ومعزوفات موسيقية وحركات أرجل وأصابع وعيون وما تفوهت به الحناجر من كلمات شعرية، بهذا الإجماع تثبت الغالبية الساحقة من أعضاء المجلس أنهم يجسدون المعنى الحقيقي «للوحدة الوطنية« التي طالما بحت أصواتنا وأصوات غيرنا من أجل البحث عن سبيل ما للوصول إليها أو إيجاد آلية تمكننا من تسييجها ضد توجهات الخطاب الطائفي الذي يوجه يوميا سهام التفتيت لهذه الوحدة حتى باتت هذه الوحدة على كف عفريت جعلتنا في توجس دائم من اقتراب موعد انهيارها مع كل خطبة من خطب قضاة محاكم التفتيش الحديثة.
لم يكن دافع قرار مجلس النواب بأغلبيته، إنشاء محكمة تفتيش على فعاليات ربيع الثقافة، هو البحث عما إذا كانت بعض لقطات مجنون ليلى تنسجم أم تتنافى مع صورة المعزوفة البالية للعادات والتقاليد، فقد سبق لأصوات عدة تنتمي لنفس الخط العقائدي الذي قرر تشكيل هذه المحكمة، أن وصف ربيع الثقافة بعبارات بذيئة جدا (ربيع السخافة، ربيع الوقاحة) وبالتالي فإن التبرير الذي حاول بعضهم الدفع به لإقناعنا بأنهم ليسوا ضد الثقافة بمجملها، إنما هو قول تسقطه المواقف السابقة لانطلاق مجنون ليلى وغيره من الفعاليات التي صاحبت ربيع هذا العام. حقيقة يجب أن نكون على قدر من الوعي ومن الصراحة أيضا فيما يتعلق بهذه الهجمة الرجعية التي تقودها قوى الإسلام السياسي المجتمعة تحت قبة البرلمان والتي تقارعت وتبادلت الشتائم واللكمات بسبب بياني مجلس النواب السابق حول جريمتي قوات الغزو الأمريكية في مدينتي الفلوجة والنجف الأشرف العراقيتين حين طغى الانتماء الطائفي على الوطني لدى هذه القوى، أما بالنسبة إلى الثقافة والحداثة والإبداع وحرية الإنسان في اختيار ما يريد مشاهدته وسماعه وتذوقه، فالانتماءات الطائفية لا تأتي فعلها. فنحن الآن أمام مفترق لا يهدد حرية فئات تمثل مختلف شرائح المجتمع البحريني التي تمثلت في بيان ما يزيد على الخمسين مؤسسة اجتماعية حقوقية وسياسية بحرينية تعكس التركيبة الحقيقية لشعب البحرين، وبالمناسبة فإن الجمعيات الطائفية هي التي غابت عن ذلك البيان لتؤكد من جديد أنها تمثل الطائفة وليس الوطن، نقول إننا أمام مفترق لا يهدد حريات هذه الفئات فحسب وإنما يؤسس لسياسة الإرهاب الفكري التي عانت من ويلاتها شعوب كثيرة دفعت جراء ذلك ثمنا لم تستطع حتى الآن الخروج من تبعاته، ونعني به التخلف عن السير في ركب الحضارة العالمية بكل قاطراتها السياسية والثقافية والاجتماعية. فقوى الإسلام السياسي التي توحدت تحت قبة البرلمان في مشهد نجزم أنه لن يتكرر ما لم يكن الهدف هو وأد الثقافة وحرية الإبداع والتضييق على الحريات العامة والخاصة، قد أطلقت بإجماعها النادر شرارة البدء في تنفيذ أولى أجنداتها المتمثلة في مسعى يستهدف تكميم كل الأفواه التي لا تتفق ورؤية هذه القوى، سواء تعلق الأمر بالمفاهيم السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية وجاء توقيت إعلان تشكيل المحاكمة في نفس اليوم الذي نشرت فيه فئات صامتة كبيرة وكثيرة في المجتمع رأيها في الضجة التي افتعلت بشأن ربيع الثقافة في بيان أصدرته مؤسسات المجتمع المدني وضم كل أطياف المجتمع البحريني ليعكس صورة هذا المجتمع الحقيقية. ولقد أثبتت هذه القوى استعدادا قويا لفرض هيمنتها ووصايتها على الجميع من دون أدنى اعتبار لمبدأ التعددية الثقافية والسياسية متجاهلة تماما أن هناك فئات عريضة في المجتمع ترفض أن تملى عليها أنماط حياتها، فلم تكتف هذه القوى بتجاهل موقف المؤسسات الأهلية التي تجاوز عددها الخمسين والتي رفضت جميعها أي مس بحرية الرأي والإبداع الفني والثقافي، بل صبت جام غضبها على الصحافة لأن كتابها اختاروا الطريق الذي هم مقتنعون به وليس الطريق الذي يفرضه عليهم الآخرون. ثم أن التهديد باللجوء إلى منابر المساجد والجوامع لفرض الوصاية ما هو إلا تأكيد لما كنا نقوله باستمرار من أن هذه الأماكن المقدسة قد اختطفتها قوى الإسلام السياسي ووظفتها لبرامجها العقائدية والسياسية، بل إن هذه الأماكن وزعت بين فرقاء العمل السياسي «الإسلامي« واستخدمت إبان الانتخابات النيابية كمنابر للتشهير بالخصوم السياسيين كما تستخدم لإثارة النعرات الطائفية، وبالتالي فإن التهديد باللجوء إلى هذه المنابر ليس بالأمر الجديد ولا الطارئ على ممارسات هذه القوى ولا يثير أي استغراب بكل ما يؤكد عجز الدولة عن مواجهة مثل هذه القوى المتسلطة على حريات الناس وآرائهم، فهذه القوى إن كانت الظروف الموضوعية قد سنحت لها بأن تبسط هيمنتها على الشارع، فإن هذه الهيمنة لا تعطيها حق مصادرة رأي الآخرين والتعدي على حقوقهم بغض النظر عن نسبتهم في المجتمع.

اخبار الخليج

***

الأبواب الخلفية للتاريخ‮

عيسى الشايجي‮

هذا ليس اصطياداً‮ ‬في‮ ‬المياه العكرة،‮ ‬وليس تخريجة،‮ ‬وليس تملصاً‮ ‬أو فذلكة،‮ ‬وليس طعناً‮ ‬ولا ازدراءً،‮ ‬ولكنه سؤال مشروع‮ ‬يحق لنا أن نتداوله تحت أي‮ ‬تصنيف تريدون‮.‬ سؤالنا الذي‮ ‬نوجهه إلى السادة النواب هو‮: ‬لماذا لم‮ ‬يلتزم مجلس النواب ويتقيد بلائحته الداخلية التي‮ ‬تنص المادة‮ »١٦١« ‬منها من الفرع السادس،‮ ‬بند طلبات التحقيق،‮ ‬على ما‮ ‬يلي‮:‬ ‮»‬تتخذ الإجراءات المقررة في‮ ‬المادة السابقة بناء على طلب مكتب المجلس أو إحدى لجانه،‮ ‬أو بناء على اقتراح مقدم من خمسة أعضاء على الأقل‮.‬ ويختار المجلس اللجنة أو العضو الذي‮ ‬يقوم بالتحقيق بناء على ترشيح رئيسه،‮ ‬مع مراعاة التخصص والخبرة في‮ ‬الموضوعات التي‮ ‬يجري‮ ‬بشأنها التحقيق‮«.‬ وهنا نتساءل‮: ‬هل راعى مجلس النواب‮ »‬التخصص والخبرة‮« ‬عندما شكّل لجنة التحقيق في‮ ‬موضوع‮ »‬ربيع الثقافة«؟‮!‬ كيف تنصّبون محكمين وقضاة ومحققين في‮ ‬موضوع بعيد عن اختصاصاتهم التي‮ ‬يعرفها الجميع،‮ ‬في‮ ‬موضوع‮ ‬يتعلق بالوجدان والمشاعر والأحاسيس الإنسانية‮.‬ إن الثقافة ليست جسداً‮ ‬وليست حسابات بنكية وليست معادلات رياضية أو كيميائية‮. ‬إن الثقافة روح تسمو فوق كل ذلك،‮ ‬هي‮ ‬روح الحياة،‮ ‬فكيف ستحاكمونها ومن سيحاكمها؟‮!‬ لقد أعلنّا رفضنا لمحاكمة الثقافة بكل وضوح وصراحة،‮ ‬وبالمثل فإننا نرفض هيئة المحكمة التي‮ ‬شكلتموها لكي‮ ‬تُحاكم الثقافة من منطلق مبدئي،‮ ‬وأيضاً‮ ‬من منطلق ما تنص عليه لائحتكم الداخلية باعتبار أن لا أهل اختصاص بين أعضاء‮ »‬الهيئة‮«!!‬ هل لدى أعضاء هيئة المحكمة النيابية دراية كافية بالموسيقى أو الشعر أو فن الإخراج والتعبير،‮ ‬وهل فيهم أحد شاهد أو حضر عرض‮ »‬مجنون ليلى‮« ‬حتى‮ ‬ينصّبون أنفسهم قضاة؟‮!‬ كما أننا نريد أن نتعرف على طبيعة الأسئلة التي‮ ‬سيطرحونها أثناء التحقيق‮: ‬هل ستتعلق بالفن أو عن قيس وليلى والحب،‮ ‬وكيف كانت سياقات الموسيقى والشعر مع اللوحات التعبيرية،‮ ‬من سيتصدى لمثل هذه الأمور ومن سيستوعبها إذا لم‮ ‬يكن من أهل الاختصاص؟‮!‬ مرة أخرى نقول إننا لا نوجه اتهامات ولا نزدري،‮ ‬ولكن من حقنا أن نتساءل‮: ‬من سيحاكم الثقافة؟ لأنها ستكون محكمة ستخرجنا من الأبواب الخلفية للتاريخ بعد أن كنا دائماً‮ ‬ندخل التاريخ من أبوابه الأمامية ولا نخرج،‮ ‬وهذا وحده‮ ‬يكفي‮ ‬لكي‮ ‬نعرف من سيقودنا عبر هذه الأبواب،‮ ‬ونحن نداري‮ ‬وجوهنا خجلاً‮ ‬من الآخرين‮!‬

الايام

***

المبادئ ما تأكّل عيش

جيهان محمد عبدالله

ليس صحيحاً‮ ‬أن‮ ‬يكون ماتم عرضه في‮ ‬ربيع الثقافة قد عرض دون أن‮ ‬يمر على لجنة منظمة تندرج تحتها لجان فرعية تختار مايناسب مع عاداتنا وتقاليدنا وترفض وبكل جرأة ما‮ ‬يتعارض معه‮ .. ‬لا أعتقد أن الجهة المنظمة بهذه العجالة قبلت بكل العروض المقدمة دون أن‮ ‬يمر عليها شريط لهذه العروض على أقل تقدير ولوكان هذا صحيحاً‮ ‬لكانت هذه طامة كبرى أن‮ ‬يسمح بعرض كل ما‮ ‬يباع في‮ ‬الأسواق باسم الثقافة،‮ ‬فحتى العري‮ ‬ثقافة فهل نقبل بها لأنها جاءت على طبق من(ثقافة)؟‮!!‬
أجدني‮ ‬مجبرة على انتقاد الأسلوب الذي‮ ‬تناوله الكثير في‮ ‬التصغير من موقف النواب من القضية وتحريك القضية بشكل مبتور لايبين أبداً‮ ‬فهماً‮ ‬عميقاً‮ ‬وبعداً‮ ‬مستقبلياً‮ ‬للموضوع‮ .. ‬من قال بأن النواب احتجوا على مهرجان ربيع الثقافة برمته ومن قال بأنهم‮ ‬يطالبون بتكميم الثقافات وحجبها ومن‮ ‬يتصور له ذلك فإنه‮ ‬يحاول لف القضية فقط للاستخفاف بالنواب لا‮ ‬غير‮..‬واضحة‮ ‬ياجماعة مثل الشمس النواب‮ ‬يطالبون بمثل مانطالب به‮.. ‬نريد أن‮ ‬يتأدب ربيع الثقافة وأن‮ ‬يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الإسلامية دونما تجاوز وهذا لا‮ ‬يكون إلا عن طريق لجان منظمة تضبط المهرجان قبل وقوع الفأس في‮ ‬الرأس والدخول إلى دوامة التحقيق وغيرها‮.‬
مع‮ ‬احترامي‮ ‬الشديد لكل من انتقد موقف النواب فإن موقفهم بالنسبة لي‮ ‬هو مطلب شعبي‮ ‬كان‮ ‬يجب أن‮ ‬يصل إلى قبة الشعب الذي‮ ‬يمثلونه فالقضية أكبر من كونها تجاوزات في‮ ‬عروض‮ ‬ومضت ولكن القضية هي‮ ‬قضية تسيب في‮ ‬المعايير التي‮ ‬توضع على أساسها البرامج السياحية النظيفة وجيل في‮ ‬البلد نأتي‮ ‬له بأدوات الفساد إلى داره وإذا مضى الموضوع بسلام دونما محاسبة فمن‮ ‬يضمن عدم تكراره وكأن الموضوع عادي‮ ‬جداً‮ ‬ونحن البحرينيون نرضى بكل الثقافات مهما كانت بغض النظر عن كل المعايير الأخلاقية والعادات والتقاليد فباسم الثقافة تزول كل المحظورات‮.‬
وبدل أن تهمش القضية باسم مطالب الشعب لماذا لا نضمن القضية في‮ ‬المطالب الشعبية للسياحة النظيفة وتكون هذه ضمن سلسلة مشروع السياحة النظيفة الذي‮ ‬أعلنه وزير الإعلام وشرع في‮ ‬تنفيذه ولا أجد حقيقة من‮ ‬يشد على أيدي‮ ‬الوزير في‮ ‬المشروع‮ ‬أومن‮ ‬يسانده في‮ ‬خطواته المحمودة من أجل سياحة نظيفة في‮ ‬البلد‮.‬
يا جماعة ليس صحيحاً‮ ‬أن تبح أصواتنا للبحث عن تعديل الأوضاع المادية على حساب قيمنا وأخلاقنا ومبادئنا لأننا لسنا ممن‮ ‬يؤمن بأن(المبادئ ما تأكل عيش‮) ‬لكننا نؤمن بأن‮ ( ‬المبادئ تشكل جيش‮).

الوطن
23 مارس 2007

***

لا.. لثقافة الاكتئاب

علي سيار

يريدونها لوناً واحداً.. إمّا أبيض وإمّا أسود.. وفي العادة هم يختارون الأسود، ويرفضون كل ما عداه من الألوان! ولذلك هم شنّوا هجومهم على «ربيع الثقافة«.. فقط لأنهم يكرهون شيئاً اسمه الفرح، ويستطيبون بدلاً من الفرح، حالة الاكتئاب.... وربما تمنّوها لو تقيم بينهم إلى الأبد!
قد نغفر للبعض جهلهم بأبجدية الثقافة.. ولكننا لا يمكن أن نغفر لأناس يحتلّون مواقع في مجلس نيابي، يفكّرون بذات العقلية التي يفكّر بها عامّة العامّة من الناس، الذين تُؤدلج لهم الأمور وفقاً لمستويات حالة الكآبة عندهم... ولو قلت لأيّ من هؤلاء بأنّ السماء غائمة - وهي غائمة بالفعل - وأنها يمكن أن تمطر، فإنه - ومن باب الاختلاف المسيّس لا غير - سيقول لك بأن ذلك محض وهم، فلا غيم هناك والسماء لن تمطر.. بل وحتّى لو هي أمطرت ورآها رأي العين، وهي ترشّ وجهه وثيابه، فإنه سيظلّ على موقفه، وسيقول لك بأن ما تحسبه أنت مطراً، إن هو إلاّ من فعل الجن أو شيء من وهم! هؤلاء حبسوا الإسلام المنفتح والمتسامح في قفص ضيّق، وحبسوا أنفسهم فيه، فتراهم لا يلبسون إلاّ الثياب ذات اللون الواحد، ولا يتحدثون إلاّ بخطاب واحد، وربما هم لا يقرؤون إلاّ كتباً منسوخة من كتاب واحد! وإلاّ فما العيب في «ربيع الثقافة«، وقد كان واحداً من أجمل وأنجح المهرجانات الثقافية التي عرفتها مملكة البحرين، فقد كان أشبه بسلّة فواكه طازجة من كل لون ومذاق.. من الشعر، إلى الموسيقى، إلى الرقص الراقي، إلى الفن التشكيلي، إلى المسرح وبقية الفنون الأخرى! هذه السلّة العامرة بكل الألوان والمذاقات الثقافية، هي وحدها التي يعشقها المثقف البحريني الناضج.. وليس المكتئب

اخبار الخليج

***

ما نتمناه.. في هذه القضية!

لطفي نصر

قرار مجلس النواب بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية فيما يسمى بتجاوزات ربيع الثقافة ليس نهاية المطاف.. بل إنني أتوقع أن المسألة ستطول ولن تهدأ.. وقد يحمى وطيسها، وخاصة فيما تطورت إليه من نشوب معركة بين الصحافة والنواب.. ثم ان الأخبار التي ستصدر عن مسار نشاط اللجنة لابد أنها سوف تثير المشاعر والانفعالات والتوترات.
ربما تكون قد نشبت معارك خفيفة بين صحيفة ما أو كتلة ما أو بين بعض الصحفيين وبعض النواب.. ولكن معركة صحفية نيابية بهذا الاتساع وهذا الشمول فأعتقد أنها لم تنشب من قبل، وهذه المعركة لم نكن نتمناها أو نريدها، كما لا نريد لها أن تتطور الى ما تحمد عقباه. لذا فإن هذه القضية أو هذه المعركة في حاجة ماسة الى لملمة سريعة بتدخل ذوي الشأن أو أصحاب الحظوة والقبول لدى الطرفين ذلك أنه لن يستفيد منها أحد.. بينما من المؤكد أن الضرر وعدد المتضررين منها سيكون كبيرا.. فمجلس النواب لا يمكن له ان يستغني عن الإعلام على وجه عام وعن الصحافة على وجه خاص... فاذا كان مجلس النواب منبرا فإن الصحافة ذاتها هي من أقوى منابر النواب.. وما يدور من تحت القبة يبقى مبتورا ومحبوسا ما لم تتناوله الصحافة، وتعمل على إيصاله الى الناخبين بل وكل المواطنين في بيوتهم ومكاتبهم ومقار أعمالهم.. لذا فإن الصحافة هي الذراع الأقوى التي يتعامل مجلس النواب بمقتضاها لإيصال رسالته الى أصحاب الحق فيها.. وهذا هو ما نراه ونلمسه ونقرأه يوميا على صفحات الصحف من خلال علاقة السادة النواب بالصحافة والصحفيين. والحق يقال إنه لا غنى للصحافة أيضا عن مجلس النواب.. فالاثنان يتقاسمان معا مسئولية الرقابة الشعبية.. وتلقي أماني وتطلعات وأحلام المواطنين والتعبير عنها، والبحث عن معاناتهم وأوجاعهم وتسليط الأضواء عليها.. ثم إبرازها وتجسيدها كلها أمام السلطة التنفيذية المسئولة عن تحقيق الأماني والتطلعات، وحل وعلاج المعاناة والأوجاع والمشكلات بما تملكه هي وحدها من إمكانيات.. لذا فإن مقاطعة أي من المنبرين للآخر هو بكل تأكيد خسارة مشتركة.. وإن كانت خسارة النواب أكبر عندما يبقى ما يدور تحت القبة مشلولا طي الكتمان أو في حدود قنوات التوصيل التقليدية! المهم لا نريد أن نستطرد في هذه الناحية ذلك أنها لم تتأزم بعد.. ولا نريد لها إلا أن تكون مجرد سحابة صيف.. كما نريد لحمامات السلام أن تنشط في أقرب فرصة من أجل لملمة الموضوع كما أشرنا في البداية. ثم نتساءل: هل أن كل ما جرى كان يجب أن يجري؟.. أقصد هل ما حدث من السادة النواب كان في موضعه؟.. وهل ما فعلوه كان هو الصحيح؟ أرى أن هذه الضجة كان مبالغا فيها وبدرجة كبيرة.. وليس صحيحا ما قاله بعض النواب الذين قادوا هذه الضجة من أن هناك من المواطنين من هم قد اتصلوا بهم وضغطوا عليهم معبرين عن استيائهم من مشهد أو أكثر في مسرحية «مجنون ليلى«.. فمعروف عن هؤلاء الذين قادوا الضجة أنهم قد تعودوا أن يقيموا الدنيا ولا يقعدوها على أشياء بسيطة جدا باعتبار ذلك من صميم أعمالهم أو واجبهم.. أو كما قال بعضهم: هذه رسالتنا!! بالعكس إن كل من اتصلوا بنا نحن وأدلوا بآرائهم في هذه القضية.. أو التقينا بهم وصفوا هؤلاء بالغدر.. فكيف لهم أن يأخذوا هذا الموقف المتصلب والـمُستنكر من وزير الإعلام وهو الذي وقف معهم مراهنا على مستقبله السياسي بأكمله ومتصديا لأصحاب الفنادق والمسئولين فيها، معلنا قراره الذي لا رجعة فيه بغلق الصالات الفنية متحملا هذه الهجمة الشرسة ضده، وهذا الكم الهائل من المقالات التي هاجمته ومعلنا أمامهم أنه لن يتراجع عن قراره، ومطالبا إياهم بالوقوف الى جانبه.. ذلك ان البعض قد اتهموه بأنه يعمل في غير مصلحة الاقتصاد الوطني بغلق هذه الصالات وهي التي لا تعدو إلا أن تكون نشاطا فنيا بحتا يتواجد في معظم فنادق العالم. فماذا حدث؟. الذي حدث أنه بعد ثلاثة أيام وليس أكثر من رجائه لهم بالوقوف إلى جانبه شنوا عليه حملة شعواء بسبب مشهد أو مشهدين في مسرحية لا تمثل بأكملها أكثر من فعالية واحدة ضمن أربع وثلاثين فعالية أو نشاطا يشتمل عليها مهرجان ربيع الثقافة.. وكان يمكن لهم أن يسعوا الى الوزير لمعالجة الموقف، ويقيننا أنه كان لن يتأخر ولكنهم قطعوا عليه خط الرجعة بهذا التصعيد المفاجئ الذي لم يستفز الوزير وحده بل استفز الكثيرين غيره. لذا أليس من وصفوا هذه الحملة ضد الوزير بالغدر محقون في وصفهم؟! وهنا يرى العقلاء ان الدنيا لم تنته.. ولم تقم القيامة بعد.. والرجوع الى الحق فضيلة.. وليس عيبا البحث عن وسيلة لإعلان هذه اللجنة عن أنه يكفي ما حدث.. ثم توقف السير فيما يريد أنصار تعكير الأجواء السير فيه! شيء آخر وأخير أريد أن أتطرق إليه في عجالة ألا وهو استياء بعض النواب من توحد الصحافة والصحفيين ضدهم وشن حملة عليهم ــ كما قالوا ــ السؤال هنا هو لماذا هم قد توحدوا في هذه القضية كما لم يتوحدوا من قبل؟ أليس من حق الجسم الصحفي أو الإعلامي أن يتوحد هو الآخر.. ويصد عن نفسه هذه الإهانات التي صدرت عن البعض ضد الصحافة والصحفيين؟.. أحلال عليهم التوحد الذي نتمناه لهم على الدوام ثم حرام على غيرهم؟! الشيء الأهم في هذه القضية هو: أليس النواب هم عنوان الديمقراطية، وأداة تجسيدها كما يقال فهل من حقهم أن يمارسوها ويجسدوها.. ثم تضيق صدورهم عندما يمارسها غيرهم؟!.. أليس من حق الصحافة كلها أن تتوحد لصد عدوان يثار ضدها.. أو أن تقول كلمة حق في قضية ترى أنها قد استغلت في غير موضعها؟ أو أن البعض قد تمادى في تشويه قولة الحق فيها؟ أو أن أقلام رجالها تريد للسادة النواب ألا يهدروا أوقاتهم فيما لا طائل من ورائه.. وأن يعودوا لتكريس جل جهودهم في القضايا الحيوية التي تهم المواطنين؟!

اخبار الخليج
23 مارس

***

تمخض الجبل فولـد‮.. ‬فأراً‮..‬

لميس ضيف

كنا قد أجلنا الحديث عن‮ »‬ربيع الثقافة‮« ‬حتى تنتهي‮ ‬فعالياته،‮ ‬لنقدم ملاحظاتنا النوعية حول اختيار بعض العروض وتنوعها،‮ ‬وتواقيتها وملاءمة المواقع واسعار التذاكر‮.. ‬وكلها كانت ملاحظات نبتغي‮ ‬منها إثراء التجربة الرائدة في‮ ‬العام القادم وتطويرها بما‮ ‬يتناسب وأمزجة العامة لا النخب فحسب،‮ ‬ولكنّا‮ - ‬بعد وقفة النواب العنترية‮ - ‬ارجأنا عن تقديم النقد البناء خوفاً‮ ‬من أن‮ ‬يُستغل في‮ ‬المحاكمة الرومانية للمهرجان وبتنا مضطرين للإصطفاف أما مـع او ضد وتلك المواقف‮ ‬هي‮ ‬نتاج التشنج الذي‮ ‬خلقه النواب في‮ ‬غير موقعه‮..‬ وقبل الحديث عن أي‮ ‬شيء أريد أن أعلق على الرسائل التي‮ ‬وصلتني‮ ‬للتساؤل عن تفسير صمتي‮ ‬حول الموضوع،‮ ‬أهو رغبة في‮ ‬عدم معارضة موقف صحيفتي‮ ‬أو بصماً‮ ‬على كل ما‮ ‬يقال؟‮. ‬في‮ ‬هذا الصدد أقول إننا لسنا أعضاءً‮ ‬لننصهر في‮ ‬بوتقة رأي‮ ‬واحد،‮ ‬فلكلٍ‮ ‬منا توجهاته وقناعاته‮.. ‬ولكن صمتي‮ ‬لليوم نابع من قناعة من أن مسألة كتلك لا‮ ‬ينبغي‮ ‬ان تأخذ هذا الحجم‮ .‬ ‮ ‬نعم‮.. ‬تخلل عرض مشاهد لا‮ ‬يرتضيها ملتزم‮.. ‬خير إن شاء الله‮.. ‬هناك مئات المشاهد التي‮ ‬نراها في‮ ‬الطرقات ولا‮ ‬يرتضيها ملتزم‮.. ‬ولحماة حمى الإسلام أن‮ ‬يدخلوا السينمات ويعرجوا بين القنوات العربية ليشاهدوا كم القبل والتعابير الجنسية فيها‮.. ‬والأخطر والأمّر أن هناك بؤر فساد عديدة وسطنا لا تحاكم وأنتم على علم بما نقصد‮.. ‬وكان‮ ‬يكفي‮ ‬أن‮ ‬يتقدم النواب بملاحظة لوزير الإعلام والقائمين على المهرجان حول العرض المختلف عليه ليتم تدارك هذه الهفوات في‮ ‬المستقبل،‮ ‬وكنا في‮ ‬الصحافة‮ - ‬بعضنا على الأقل‮ - ‬سنقف معهم لنقول أنه‮ ‬يجب أن‮ ‬يوجه المشاركون في‮ ‬العام القادم لمزيد من المراعاة للطبيعة المحافظة في‮ ‬البلد‮.. ‬في‮ ‬الكويت على سبيل المثال‮ ‬يُطلب من الفنانات المشاركات في‮ ‬مهرجان هلا فبراير توخي‮ ‬الحشمة في‮ ‬مظهرهن لأن لا‮ ‬يتستفزن نواب الضجيج‮.‬ وعوضاً‮ ‬عن التعاطي‮ ‬المتوازن المتناسب مع حجم الزلة،‮ ‬رأينا النواب‮ ‬ينقضون على وزير الإعلام وكأنه من مثّل المسرحية،‮ ‬وقد تكون كنّة هذا الموقف أكبر وأعمق إذ‮ ‬يُبتغى من ورائها تصفية حسابات عالقة مع جمهور المثقفين‮ .. ‬وتوافقت الكتل‮ (‬الاصالة،‮ ‬المستقبل،‮ ‬الوفاق،‮ ‬المنبر الإسلامي‮) ‬على ترك مشاكل الوطن العالقة للتركيز على دقائق تخللت عرض أمر مثير للشفقة والإشمئزاز‮.. ‬وكم سنخجل لسنوات قادمة ونحن نقول أن أول لجنة تحقيق تمخض عنها البرلمان كانت من أجل موضوع بهذا الحجم‮.. ‬تركوا مسألة توقيف تداول العقارات في‮ ‬المحرق معلقة تلك التي‮ ‬تُبشر بشرخ لا‮ ‬يُعرف بعد مداه‮.. ‬تركوا مسألة التعيينات الفئوية في‮ ‬القطاع العام‮.. ‬بل وتركوا مسألة إيرادات الشركات الكبرى التي‮ ‬تساهم فيها الدولة دون لجان تحقيق لأن أقصى همنا على ما‮ ‬يبدو هي‮ ‬مشاهد إيحائية في‮ ‬مسرحية‮!!‬ وصدق الشاعر حين قال‮:‬ وتكبر في‮ ‬عين الصغير صغارها وتصغر في‮ ‬عين العظيم العظائم .

الوقت

***

ثقافة محاكم التفتيش بين جيلين

سعيد الحمد

في‮ ‬ذلك الصيف التسعيني‮ ‬الحار،‮ ‬عندما انطلقت الرصاصات الى قلب فرج فودة وأردته قتيلا في‮ ‬الحال،‮ ‬كان‮ »‬الحادث الجريمة‮« ‬فاصلا بين مرحلتين في‮ ‬تاريخ ثقافة محاكم التفتيش وهي‮ ‬الثقافة التي‮ ‬دفعنا ومازلنا ندفع ثمنها‮ ‬غالياً‮ ‬ومكلفاً‮.‬ ففي‮ ‬منتصف العشرينات ومشارف الثلاثينات من القرن الماضي‮ ‬وبرغم الوجود الفاعل لثقافة محاكم التفتيش،‮ ‬لم تصل الامور الى حد ارتكاب جرائم التصفية والقتل علنا او حتى سرا كما جرى في‮ ‬نهاية القرن وبدايات القرن الجديد،‮ ‬حيث تحولت ثقافة محاكم التفتيش الى جهات تنفيذ للاحكام التعسفية الصادرة من تلك المحاكم تجاه المثقفين والمفكرين المختلفين‮.‬ فالشيخ علي‮ ‬عبدالرازق صاحب المؤلف المثير للجدل‮ »‬الاسلام وأصول الحكم‮« ‬و د‮. ‬طه حسين ومؤلفه في‮ »‬الشعر العربي‮«‬،‮ ‬بالرغم مما تعرضا له من هجوم حاد وغير منطقي‮ ‬من ثقافة محاكم التفتيش الا انهما لم‮ ‬يتعرّضا الى محاولات اغتيال وتصفية وذبح كالتي‮ ‬تعرض لها فودة ومحفوظ وعشرات‮ ‬غيرهما اختلفوا في‮ ‬زمن بلغت فيه ثقافة محاكم التفتيش ذروة جنون انفلاتها بلا حدود وبلا قيود،‮ ‬فتجاوز طوفانها المدمر كل قانون وكل معقول وكل مقبول،‮ ‬بما‮ ‬ينبئ عن فوضى التدمير والتقتيل وبما‮ ‬يكشف حجم انتشارها ودرجة تنفذها اجتماعيا ووجدانيا وشعبويا‮.‬ والكارثة ان ثقافة محاكم التفتيش منذ نهاية العقد الماضي‮ ‬ودخول الالفية الجديدة،‮ ‬اصبحت لا تشكل محاسبا ورقيبا ومحاكما للمثقفين والمفكرين فحسب،‮ ‬بل انها فرضت سطوتها حتى على الرأي‮ ‬العادي‮ ‬والبسيط المتداول بين الناس كفكرة او مجرد سؤال‮.. ‬بما جعل الناس‮ ‬يترددون ويخافون ويرتعبون بأقصى درجات الرعب والرهبة من طرح رأيهم الخاص والتعبير عن مكنونات انفسهم خشية ان لا‮ ‬يُعجب محاكم التفتيش،‮ ‬فتنال منهم تشويها وهجوما‮.‬ هذه السطوة المرعبة من محاكم التفتيش هي‮ ‬هدف من مجموعة اهداف مشروع الهيمنة والاستحواذ‮.. ‬فعندما تصبح محاكم التفتيش وصية على الآراء وعندما تغدو سلطة بالمعنى الحقيقي‮ ‬للسلطة،‮ ‬فتسيطر على الرأي‮ ‬وعلى الثقافة وفق منهجيتها واستراتيجتها‮ ‬يصبح الوعي‮ ‬العام الجمعي‮ ‬والجماعي‮ ‬تحت مظلتها تماما بما‮ ‬يسهل عملية استغلاله واستخدامه كأحد اهم الاسلحة في‮ ‬اقصاء والغاء ومصادرة آراء الكتاب والمثقفين والمفكرين المختلفين بحيث‮ ‬يصبح الرأي‮ ‬العام الجمعي‮ ‬مؤيدا لاجراءات محاكم التفتيش ولأساليبها،‮ ‬واذا لم‮ ‬يؤيد علنا فلا أقل من تحييده سلبيا وتهميشه وكأن ما‮ ‬يجري‮ ‬للمثقفين المختلفين أمر‮ ‬يستحقونه لأنهم امتلكوا جرأة المخالفة التي‮ ‬لا تجوز مع ثقافة محاكم التفتيش،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فإن ما‮ ‬ينالهم من تنكيل وتدمير استحقاق طبيعي‮ ‬لأنهم‮ ‬غامروا برأي‮ ‬آخر‮.‬ من الناحية السوسيولوجية،‮ ‬ثقافة محاكم التفتيش فرضت وجودها وهيمنتها والاخطر انها فرضت فكرها‮.. ‬والمثقف المختلف مع هذه الثقافة اصبح مبذولا لكل انواع القهر والتشهير ولكل أشكال الهجوم‮.. ‬ولذلك فإن المثقف المختلف والمغاير متى ما خرج من دوائر النخب وواجه الجمهور فإنه معرض لابشع وأقذع اشكال الهجوم على شخصه وشخصيته،‮ ‬حيث ستنهال عليه اتهامات الصغار ثقافة وفكرا بشكل لا‮ ‬يليق وبشكل استفزازي‮ ‬واضح،‮ ‬ينم عن جهالة جديدة تحرض المثقف على صدام لايجيده ولا‮ ‬يريده‮.. ‬وهذا ما حدث مع اكثر من مفكر اقام محاضرة أو ندوة عامة استغل عموميتها جمهور ثقافة محاكم التفتيش،‮ ‬فجاءوا معبئين ومجيشين ومستعدين لاستفزاز هذا المفكر وجره بشتى الاساليب للدخول معهم في‮ ‬صدام‮ ‬يريدون أن‮ ‬يتطور الى اشتباك حقيقي‮ ‬بالايدي،‮ ‬بل وبكل ما تطاله الايدي‮ ‬من أدوات لعلهم‮ ‬يلقنونه درسا جسديا فيمتنع عن المضي‮ ‬في‮ ‬دربه وطريقه ويتراجع خوفا وخشية على حياته من أسلوبهم القائم في‮ ‬النهاية على الارهاب‮.. ‬ارهاب المثقف المغاير بالهجوم الشخصي‮ ‬عبر اتهامات التكفير والتأثيم،‮ ‬واذا لم تنفع ولم تدفع به الى التراجع لجأوا الى الهجوم وفتح معركة بالأيدي‮ ‬علها تجدي‮ ‬معه‮.‬ هل نفتح هنا السؤال الكبير عن دور الانظمة في‮ ‬ضبط انفلاتات وتطرفات اصحاب محاكم التفتيش،‮ ‬وقد بدأوا اللعبة المكشوفة في‮ ‬الخروج العلني‮ ‬وغير العابئ بالقانون الذي‮ ‬وضعته،‮ ‬وقامت على حراسته وتطبيقه الانظمة العربية‮!!‬ لعل السؤال‮ ‬يكشف عن طبيعة العلاقات وطبيعة التحالفات وطبيعة الاوهام التي‮ ‬استغرقت فيها الانظمة العربية نفسها عندما ظنت وبعض ظنها إثم وخطأ،‮ ‬أن قوى محاكم التفتيش هي‮ ‬التي‮ ‬ستحميها‮.. ‬فإذا بها تبدأ بالانقلاب على قوانينها بما‮ ‬يعني‮ ‬فيما‮ ‬يعنيه الانقلاب على النظام المدني‮ ‬بكامله‮. ‬الآن‮.. ‬محاكم التفتيش قطعت شوطا في‮ ‬مشروعها‮.. ‬فلها الهيمنة ولها القوة والسطوة أن تسقط مناهج في‮ ‬التعليم العربي‮ ‬وتفرض مناهجها أو تلك التي‮ ‬تخدم توجهاتها‮.. ‬ولها القوة والسطوة أن تسقط وأن تمنع مشاريع ثقافية رسمية وحكومية في‮ ‬اكثر من بلد عربي،‮ ‬وأن تحرك شارعها حتى تمنع وتسقط وتتوقف تلك المشاريع الفنية والابداعية والثقافية والفكرية التي‮ ‬تعترض عليها باسم الدين حيناً‮ ‬وباسم العادات والتقاليد احياناً‮ ‬وهي‮ ‬في‮ ‬الواقع تعترض عليها لأنها مختلفة عن برنامجها السياسي،‮ ‬وأجندتها الثقافية وتشكل عائقا لمشروعها الخاص‮.‬ محاكم التفتيش وثقافة محاكم التفتيش ليس أمرا طارئا وليس نزعة أو نزوة ثقافية واجتماعية‮.. ‬ولكنها تأتي‮ ‬في‮ ‬سياق مشروع ممنهج‮.. ‬هو بالاساس مشروع سياسي‮ ‬يسعى حثيثا لإقامة‮ »‬الدولة الدينية‮« ‬بديلا‮ »‬للدولة المدنية.

الايام
23 مارس

***

لجنة «ضرب الودع»

رضي الموسوي

أما وقد تشكلت لجنة تحقيق تفتش في ‘’ربيع الثقافة’’ بعد أن سمعنا كلاما أنها لا تشكل أولوية، فإن الوضع تغير الآن، فلم يكن النواب الذين شمروا سواعدهم يمزحون، ولكي يعطوا اللجنة قوة دفع أكبر تعبر عن ‘’الوحدة الوطنية’’ فقد وزع أعضاؤها على الكتل، في عملية استحضار تاريخية لحوادث حصلت قبل 1400 سنة.

راقبوهم جيداً على منابر رسول الله (ص) في المساجد والجوامع، وفي الجلسات الخاصة والعامة، سيفلت عقالهم، وسيرتفع صوتهم، فلا صوت يعلو على المعركة مع الثقافة والصحافة، وسيستميتون في تكميم الأفواه مستخدمين كل الوسائل لإخراس كل معارض لهذا التوجه الخطير. ألم يفعلها بعضهم إبان الحملات الانتخابية وسط فرجة رسمية فاقعة؟.
ألم يكفروا منافسيهم في الانتخابات؟ ألم يطل (راش) التشهير أحد المنافسين المعروفين للعامة بتقواه وورعه؟.

نعرف أنهم لن يهدأوا، فقد وجدوها بعد مئة وعشرين يوماً من دخولهم القبة، ولن يتركوها أبداً حتى وإن احترقت البلد، فقد جاءت الفرصة وسيمسكون بها بالنواجذ.

سيستخدمون حصاناتهم البرلمانية وغير البرلمانية ليفرضوا منطقهم، ولن يجادلوا بالتي هي أحسن، بل سيرغمون الجميع على تقبل منطقهم تحت يافطة الحق المطلق الخارج من تحت القبة!.

ويبقى الآخرون الذين رفضوا الهستيريا النيابية ومحاولة الانقلاب على ثقافة التسامح والتعددية. هؤلاء عليهم واجبات أخلاقية وأدبية وحضارية. فالأغلبية الصامتة، ومؤسسات المجتمع المدني التي طالبها بعض النواب بالاعتذار، عليها مأسسة العمل بطريقة مجدية للحفاظ على الحريات العامة والحريات الشخصية وتعزيز التسامح، والعمل للجم الفكر التكفيري الذي بدأ يخرج من قمقمه بطريقة قد تدمر كل ما هو جميل، وكل ما هو طيب.
يعرف الجميع أن اللجنة المشكلة غير مؤهلة لمناقشة كتاب فني، فكيف لها أن تحاكم الثقافة وربيعها؟

ويعرف كثيرون أن بعض أعضاء لجنة التحقيق يحتاجون للتدقيق في سيرهم ورد اتهامات تتعلق بالأمانة والأخلاق سبق أن وجهت لهم.
حتى لا يسرقوا الفرح والحب والتعددية الجميلة من حياتنا، لابد من إطلاق العنان للحناجر الجميلة وهي تلقي شعراً وتغني فناً راقياً.

الوقت
16 مارس 2007

أقرأ أيضاً: